|
|
|
الفيلم القصير بين
واقع الثقافة وحلم الإنتاج
رؤى -
محمد راشد بوعلي |
|
|
|
|
انتعشت في السنوات الثلاث الأخيرة في
البحرين والخليج العربي عموماً صناعة الأفلام القصيرة والتي غالباً ما يكون
المخرج هو منتجها وكاتبها في الكثير من الأحيان.
ويلاحظ أن أغلب العاملين في
هذا المجال هم من الشباب الهاوي الذي اتجه لصناعة الفيلم نتيجة عشق داخلي
بينه وبين السينما يعبر عنه بالاتجاه لصناعة الفيلم القصير نظراً
لضعف الإمكانات والتقنيات التي قد تذهب به لصناعة فيلم روائي
طويل أولاً، إضافة إلى ظهور مهرجانات خليجية وفي دولة الإمارات خاصة لتحتفي
بالأفلام القصيرة وتستقبل صانعيها وتكرمهم في
احتفالية كانت تعد حلماً من أحلامهم.
إلا أن أغلب صناع الأفلام القصيرة لا
يعون الفرق بين الفيلم القصير والطويل وقد يأخذهم عشقهم للسينما للقيام
بتقليد ما يشاهدونه في الأفلام الهوليودية خاصة أو تكرار بعض الأفكار
التي
يشاهدونها في المسلسلات في إطار أفلام قصيرة فقط لاستعراض مهارات وإمكانيات »انه يمكننا صناعة فيلم«، هذا الأمر يوضح لنا كثيراً سبب غياب الثقافة والمعالجة الصحيحة والمضمون في
كثير من الأفلام القصيرة المنتجة.
فصناعة الأفلام تحتاج
-بالإضافة إلى المتابعة والعشق الخاص بالسينما- تحتاج إلى ثقافة ومتابعة
وقراءة غزيرة لاتقتصر على مجال السينما الهوليودية فحسب بل في السينما
العالمية ككل، كما تحتاج لوعي بالفنون والألوان والبحث في معاني اللقطة
وحركة الكاميرا، في وقت يتجه يه الكثير من المخرجين للاعتقاد بأن الإخراج
هو كيفية إخراج حركة كاميرا جميلة أو جديدة، متغافلين إن الإخراج هو كيفية
خلق صورة تظهر معنى المشاعر والأحاسيس المراد إيصالها.
كما أن جوهر السينما الحقيقي
لا تستطيع أن تجده في الأفلام التجارية المنتشرة في صالات السينما، ولكنه
موجود في الأفلام المنتجة من قبل الدول التي يطلق عليها »أجنبية« والتي
أخذت تصنع سينما فنية خالصة استطاعت خلال السنوات الأخيرة جذب المثقفين
والسينمائيين والجوائز والمهرجانات العالمية تجاهها، كما يوجد حالياً في البحرين ما يقارب ٥١ مخرج للأفلام القصيرة
لكن عدد المقدرين والعارفين لهدف السينما القصيرة خاصة ولمفهوم صناعة
الفيلم السينمائي
عامة لا يتجاوزون الربع، الأمر الذي جعل الإنتاج العام للأفلام القصيرة ليس
بمستوى الطموح المنتظر خلال السنوات الماضية ماعدا في الآونة الأخيرة حيث
بدء رموز الثقافة السينمائية في البحرين بالاهتمام بالسينما القصيرة نتيجة
لما وجدوه فيها من تفريغ حلم انجاز الأفلام وصناعتها والمشاركة بها في
المهرجانات الخارجية، فشاهدنا أمين صالح يكتب فيلم »عشاء« لحسين الرفاعي، و
الناقد حسن حداد يستوحي عن نص الوحيد وحده للشاعر قاسم حداد سيناريو فيلم
»غياب« الذي أخرجته بنفسي وحصدنا على إثره جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان الفيلم العربي
بروتردام، والكاتب فريد رمضان يواصل تشجيعه وكتاباته للشباب حيث سبق قبل سنتين وان كتب
سيناريو فيلم
»الراية« لنزار جواد وحصل على شهادة تقدير في مهرجان أفلام الأمارات
وحاليا كتب نصين »عطر الموتى« و»ثلاث سمكات« قد يخرجهما كل من نضال بدر
وعبد الله سويد على التوالي.
نشاهد مما ذكرت توجه الكتاب للاهتمام بكتابة السيناريو للفيلم
القصير بعد ما شاهدوه من نشاط واهتمام من قبل صناع السينما القصيرة الشباب
الذين كانوا
يعملون بسيناريوهات من كتاباتهم الخاصة ولا أستثني نفسي فقد صنعت قبل فيلمي الأخير »غياب« للناقد حسن حداد فيلمين باسم
»بينهم« و »من الغرب« وكانا من تأليفي الخاص، لكن حالياً مع هذا التوجه
أتوقع نتاجاً أفضل وأعمق شكلاً ومضموناً خلال السنة القادمة لاشتراك عناصر
الخبرة فيها إضافة إلى اهتمام وزير الإعلام جهاد بوكمال وتوجيه مستشاره
الأستاذ صلاح أحمد للاجتماع مع صناع السينما القصيرة ومعرفة مطالبهم
لتوفيرها من أجل تشجيعهم لصناعة الأفلام وتطويرها،
الأمر الذي سيدفع بقية الكتاب والروائيين والشعراء بالاهتمام بهذه الصناعة
بعد مشاهدتهم لحصاد وتقدير هذه الأفلام في المحافل العربية والعالمية.
توصلت من تجربتي الأخيرة لقناعة أن الفيلم القصير ليس فيلماً
لاستعراض أدوات تقنية بقدر ما هو فيلم فكري
وفني بسيط وعميق توصل من خلاله فكرة وهدف تبقى في
العقل على الرغم من أن المدة التي شاهدها لا تتجاوز العشر دقائق.
الأيام البحرينية في في 19
يوليو 2008
|
|
|
|
|