«رؤية
سينمائية».. مجلة إماراتية للنقد ومواكبة المهرجانات
إنها مغامرة. إصدار مجلة سينمائية مغامرة محفوفة بتحدّيات ومخاطر، في
بلاد عربية لا تقيم وزناً لكلمة، أو لحماسة إبداعية. مغامرة كهذه هي، فعلاً،
ثلاث مغامرات في آن واحد: إصدار مجلة سينمائية في دولة عربية، بحدّ ذاته،
مغامرة أولى. إصدارها بنسخة ورقية، في زمن الانتشار الكثيف لمواقع التواصل
الاجتماعي، مغامرة ثانية. إصدارها في بلد لا يزال يعاني نقصاً فادحاً في البناء
السينمائي المتكامل، مغامرة ثالثة.
شباب إماراتيون التقوا في إطار الحماسة الواضحة لصناعة سينمائية في
بلدهم. أسّسوا، ذات مرّة، «الرؤية السينمائية للإنتاج الفني والتوزيع». محاولة
لحشد طاقات فردية في كيان جماعي، بحثاً عن وسائل متنوّعة للإنتاج السينمائي. لا
ادّعاءات ولا تصنّع. يُدركون المآزق الجمّة التي تواجه ولادة حقيقية لسينما لا
حدود لها إلاّ الإبداع، ولا قوانين تحدّد مساراتها إلاّ الجماليات المفتوحة على
الأسئلة كلّها. هذا صعبٌ. هذه مغامرة أيضاً. لكنهم مثابرون. يتدرّبون على
أنفسهم. يُشاهدون ويتواصلون. يسمعون ويقولون ويناقشون. يدأبون على تثبيت مكانة
لهم في المشهد السينمائي المحلي والخليجي أولاً. في المشهد السينمائي العربي
ثانياً.
الإنتاج والإخراج والاشتغالات السينمائية المتفرّقة هاجسهم. بعضهم
انتقل إلى الكتابة. أصدر مجلة أسماها «رؤية سينمائية». عنوانها: «مجلة إماراتية
شهرية تُعنى بشؤون السينما». أي أن ركيزتها الأولى كامنةٌ في تحويل النص النقدي
إلى حيّز لمزيد من النقاش والتواصل. أي أن نواتها جامعةٌ العمل الصحافي بالسجال
النقدي. العدد الثاني (كانون الأول 2012) يُساهم في توضيح الـ«رؤية» التي
يريدون. تزامن صدور هذا العدد مع إقامة الدورة التاسعة (9 ـ 16 كانون الأول
2012) لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي». تماماً كتزامن العدد الأول مع إقامة
الدورة السادسة (11 ـ 20 تشرين الأول 2012) لـ«مهرجان أبوظبي السينمائي». هذا
عمل صحافي. تخصيص حيّز بالمهرجان ضرورة ثقافية. المهرجان بات في عمر يتيح
نقاشاً جذرياً حول بناه وأهدافه وهويته. حول واقعه وتطلّعاته. لكن العدد لا يقف
عند هذا. المجموعة المعنية بإصدار المجلة (رئيس التحرير: عامر سالمين المري.
المدير العام: سعيد سالمين المري. سكرتير التحرير: محمد علي أحمد. هيئة
التحرير: حاتم يعقوب وعبد الله خميس) منفتحة على الحراك السينمائي الإماراتي
أيضاً. الخليجي والعربي يترافق وانفتاحاً كهذا. إنهم جزء من العالم. لهذا، يعثر
القارئ على شيء من سينماه. التنويع أساسيّ. التعاون مع صحافيين ونقاد عرب رسالة
مبطّنة إلى الرغبة الحقيقية في الانفتاح على أصوات مختلفة، لا بأس إذا كانت
متناقضة أيضاً. لا بأس إذا تحوّلت الصفحات الـ 116 إلى حلبة مناقشات. الحوار
موجود. الملفات. الترجمات. التعليقات.
هذا كلّه مهمّ. المغامرة مهمّة. الأخطاء الطباعية واللغوية موجودة
أيضاً. لكنها لا تمنع إقامة علاقة بمجلة همّها السينما. الطباعة أنيقة. الورق
المستخدم والألوان. التصميم محتاج إلى أشكال أخرى في بعض المواضع. لكن الـ«أناقة»
تعبيرٌ يتلاءم والمجلة. يتلاءم وطموحاتها المتواضعة. عباس كياروستامي إلى جانب
ألكسندر سوخوروف، ومعهما أفلام من الإمارات والسعودية والجزائر والبحرين.
حوارات وقراءات تطاول التقنيات (السيناريو مثلاً) والمواضيع (مهرجانا الدوحة
ودبي).
المغامرة في بدايتها. محتاجة هي إلى وقت كي تكتمل صورتها الأولى.
محتاجة إلى مواكبة نقدية، لتكون جزءاً من العمل السينمائي، الصحافي والنقدي،
داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها.
نديم جرجورة
السفير اللبنانية
27 ديسمبر 2012 |