زخرت ساحتنا الفنية في الفترة الأخيرة بأفلام سينمائية
قصيرة ومخرجين شباب مبدعين كان من بينهم مخرجنا محمد راشد بوعلي الذي ولدت
عنده
علاقة حميمة مع الكاميرا الإخراجية ورؤية إبداعية تخطت مخيلة
الموهبة واستقرت في
أحضان التميز وحصد الجوائز المحلية والخارجية،محمد راشد بوعلي مخرج شاب عرف
كأحد
الأسماء النشطة في الوسط السينمائي ، انتهى من فيلمه الجديد ''البشارة''، و
كان قد
قدم في عامي 2006 و2008 ثلاثة أفلام قصيرة سجلت حضوره على
الساحة المحلية وتوجها
فيلمه الثالث ''غياب'' بتسجيل حضوره على الساحة الخليجية والعربية
والعالمية، وذلك
بعد أن استطاع الوصول إلى العديد من المهرجانات ، واستطاع كسب إعجاب
الجمهور
والنقاد من خلال 10 دقائق قدمها في فيلمه ''غياب'' بكل بساطة
وشاعرية، حيث قال
الناقد صلاح السرميني : '' 'غياب' يعتقل الزمن في عشر دقائق و يسجل حضور
المخرج
بوعلي في المشهد السينمائي البحريني'' كما أضاف في مقالته النقدية '' إذا
كان الشعر
لا يحتاج إلى تفسيرٍ وشرح. فإنّ الفيلم ينساب في وجدان المتفرج وعقله بدون
إسهابٍ
وينفتح على كلّ المعاني المُحتملة''، وفي مقاله أخرى للناقد
المصري هشام لاشين قال:
10
دقائق هي عمر أحداث الفيلم البسيط لدرجة الروعة.. العميق لدرجة
الألفة.. تمر
كالعمر سريعة .. بطيئة في نفس الوقت.. و تكشف عن موهبة واعدة لمخرج شاب''
.
·
بدأت بفيلمين قصيرين وعرفت بعد ولادة فيلم ''غياب'' الذي شاركك في مهرجانات
وحقق لك
الجوائز كيف تصف ذلك*
-
في البداية لابد أن أوضح ان توجهي للأفلام القصيرة سواء
عبر فيلمي ''بينهم'' و''من الغرب'' وبعدها ''غياب'' لم يأت لهدف البحث عن
الجوائز
والمهرجانات، بل كانت نتيجة عشق للسينما وطريقة لتفريغ بعض
الأماني التي كانت أشبه
بالحلم صعب المنال بالنسبة لي، وما حققه فيلم ''غياب'' لم يأت إلا نتيجة
تعاون جهود
ومشاركة وتجربة دخلت أجواءها عن طريق فيلمي بينهم ومن الغرب إضافة إلى
الحصول على
نص رائع لقاسم حداد تم صياغة السيناريو من قبل الناقد حسن حداد
، ففي فيلم ''بينهم'' شاركت في أربع مهرجانات كما حقق
صدى طيبا لي في تلك الفترة أدى إلى عرض
الفيلم في قناة ''زيي أرابيا'' لعدة مرات، وفتح لي الباب
للتعرف على العاملين في
الوسط الفني والاحتكاك بصناع الأفلام القصيرة في البحرين والخليج مما فتح
أمامي
أبواب فكر وتوجها مختلفا تماما عما بدأت به..
·
كيف تم استقبال باكورة أعمالك
الإخراجية وكيف تنظر إليه وما النقد الذي حصلت عليه بعد إخراجك له*
-
فيلم
''بينهم'' تم استقباله برحابة خاصة وانه العمل الأول ودائما ما يتم
التعامل معه
بتعاطف بعيدا عن النقد الحقيقي، وتلقيت على أثر ذلك التشجيع والدعم من
العديد من
السينمائيين، ولكن كان أسلوب طرح الإعجاب بالتجربة وتشجيع كل من الكاتب
أمين صالح
وفريد رمضان هو الدافع لمواصلة التعمق في العالم العملي لصناعة
الفيلم القصير.
·
هل تجد أن هناك عوائق تصدك عن احتراف السينما*
-
من الصعب الحديث عن احتراف
السينما في الوقت الذي يكون هناك غياب للسينما، فلا يمكنني أن
أقول إني سوف أتفرغ
للصناعة السينمائية، فأنا لست في هوليوود ولا بوليوود، فلابد أن يكون هناك
واقع
ومنطق في تعاملنا مع الأشياء، لكن ذلك لا يمنع محاولة تطوير الذات وهو ما
أتمنى أن
أصل إليه عن طريق حضور دورات تدريبية أو دراسات في كيفية الصناعة
السينمائية
الحقيقة.
المشاكل.. العيوب
·
كيف تتعامل مع مشاهدتك لأفلامك والأخطاء التي
تقع فيها*
-
قبل عرض الفيلم لابد أن أكون قد حللته ووضعت أخطاءه ومشاكله
وعيوبه،
حتى عندما أتلقى النقد أو الأخطاء من قبل الآخرين لا تكون مفاجأة لي ولكن
أتعلم
وأحاول أن أنتبه وأتحاور مع الأشخاص الذي وجدوا من الأخطاء والعيوب
الموجودة في
الفيلم ما لم أنتبه لها، ففي فيلم غياب كانت الملاحظات متكررة
لكن نقاشي مع الأستاذ
عبد الله السعداوي مختلف عندما نبهني لنقطة شكلت خللا كبيرا في فكرة الفيلم
وكان
هذا الخلل بسبب كلمه واحدة قيلت في الحوار.
·
كيف تصف نفسك كمخرج.. وهل استطعت
تحقيق ما تريده في أفلامك*
-
بصراحة أضحك عندما يناديني أحد بالمخرج، خاصة عندما
أفكر في أسماء المخرجين العالميين الذين خلقوا معنى السينما، حيث أصبح لقب
المخرج
الآن سهل المنال في تفكير العديدين ، كما أن البعض يضع لنفسه
اسم المخرج القدير
والسينمائي بكل سهولة، لكن للإجابة على السؤال أستطيع أن أصف نفسي بأني
أحاول أن
أجتهد لكي أصل للقب المخرج لكن هل أستحقه لا أعلم بعد، هذا لا ينفي حبي
لصناعة
الأفلام، ولكن ما يحدد قدرتي على صناعتها وتحقيقي لتصوراتي
يجعلني انتظر قبل
التفكير بهذا اللقب.
·
كيف ترى المخرجين الشباب وكيف بإمكانهم تطوير أنفسهم
بناءا على تجربتك*
-
دعيني أعيد صياغة مرادف المخرجين الشباب بالمخرجين
المبتدئين في صناعة الأفلام والتي ننتمي إليها جميعا باستثناء بسام الذوادي
الذي
بدراسته وممارسته استطاع أن يتخطى هذه المرحلة، وعلى هذا النهج لابد أن نضع
خطواتنا
للتطوير بغض النظر عن الفكر أو الأسلوب الذي ينتهجه كل مخرج عن
الآخر، فلابد لنا من
الثقافة السينمائية والاجتماعية والفكرية قبل بدء التفكير في تطوير الصناعة
السينمائية، خاصة أن الصناعة السينمائية بالأساس ثقافة وليست كما يظن البعض
بأنها
وسيلة ترفيه، حيث لابد أن تكون لدينا رسالة وتوجه فكري يمثل من
خلاله فكر وصورة
مجتمع ورسالته، فأنت عندما تقدم فيلما يشاهده الغرب فهو يشاهد مجتمعك من
خلال
فيلمك، بغض النظر عن مدى قوة استعمال أدواتك السينمائية أو التقنية والتي
يظن
الكثيرون انه إذا قال ضع الكاميرا يمينا وضعها شمالا فهو مخرج.
·
ما هو أهم ما
قدمته لك السينما*
-
السينما قدمت لي الكثير، فهي ساعدتني في بناء شخصيتي وبناء
اسمي بين العاملين في القطاع الفني في البحرين والخليج، كما أنها أوصلتني
للتعامل
والعمل مع أشخاص أعتبرهم قدوة ورمزاً في البحرين خاصة وفي
الوطن العربي عامة، ولعل
أهم ما قدمته لي السينما هو شرف التواجد وعرض فيلم ''غياب'' في برلين مع
نخبة
المثقفين البحرينيين ضمن الفعالية الثقافية التي أقيمت على شرف زيارة عاهل
مملكة
البحرين الملك حمد بن سلمان آل خليفة إلى جمهورية ألمانيا، ففي
هذه الفعالية كنت
أشبه من يعيش حلما صعب التصديق.
محاكاة الحالة الانسانية
·
ماذا يعني البشارة
الفيلم الجديد*
-
البشارة فيلم قصير يحاكي حالة إنسانية وضع فريد رمضان لها
أساسا فكريا يمتد لوضع مجتمعي خاص كان قد بدا منذ الأربعينات ولا يزال
مستمرا، ففي
البشارة أشارك فريد بتقديم هذا الفيلم المختلف عن جميع ما
قدمته من ناحية أسلوب
الطرح لقضية مجتمعية وقضية إنسانية ممتزجتين معا، والبشارة بالنسبة لي هي
خطوة
كبيرة للأمام في عملية التدريب والتعلم على الصناعة السينمائية التي أتمنى
أن
أتوجها بفيلم روائي طويل، بالإضافة إلى ذلك إن البشارة حقق لي
حلم التعاون مع جميع
من كنت أتمنى التعاون معهم بداية بفريد رمضان وهو أول من يد العون الحقيقية
للدخول
في المجال الفعلي للسينما والفنانين القديرين عبد الله ملك ومريم زيمان
والذي أعتبر
قبول تمثيلهما معي شرفاً وفخراً بحد ذاته كونهما أحد أعمدة الفن في
البحرين، كما
كان لتواجد أهم فناني وفنين البحرين معي أمثال الماكيير ياسر
سيف و خالد العميري و
حمد الماجد ومحمد عبد الخالق، والفنان احمد عيسى وجمال الغيلان ، والموسيقي
محمد حداد بالإضافة لشرف تواجد صوت الفنان علي بحر
في الفيلم وغيرهم الذين أكن لهم قدرا
كبيرا من التقدير والعرفان بحد ذاته فخر وحلم تحقق.
الرؤية النقدية في
السينما
·
كونك لديك بعض الكتابات والرؤية النقدية في السينما، حدّثنا عن هذه
التجربة وعلى أساسها ما هو أهم ما يميز دور السينما المحلية وما تفتقر له*
-
يمتد عمر تجربتي في الكتابة والتحليل السينمائي لما يقارب
العشر سنوات وبدأت المجال
العملي في صناعة الأفلام منذ ثلاث سنوات كما أنني عملت بائعا للتذاكر في
إحدى
السينمات لفترة سنتين لأدرس توجه المجتمع السينمائي ، وعلى أثر هذه التجربة
أيقنت
أن هناك فرقاً بين النقد والصناعة و ما يريد الجمهور مشاهدته،
إلا أن ما يميز
السينما لدينا هو روح الاجتهاد وحب العمل والتواضع من قبل جميع الفنانين
لمحاولة
النهضة بالعمل السينمائي في البحرين، لكن ما نفتقده حقيقة هي الثقافة
السينمائية
سواء من العاملين في هذا القطاع أو الجمهور، خاصة مشاهدة تلك
الأفلام التي تقدم
أفلاما بتوجهات فكرية خاصة بمجتمعاتها والتي يجب أن نسير على نهجها وذلك عن
طريق
استغلال الفكر المحلي والحياة البحرينية إلى سينما تكون بها الروح
البحرينية التي
يفتقدها العديد من الأعمال.
·
هل أنت متفائل من مستقبل السينما المحلية* وما
رأيك في الكم الكبير من المخرجين السينمائيين الذين ظهروا في الفترة
الأخيرة*
-
إن الحركة السينمائية التي أحدثتها دولة الأمارات العربية
المتحدة من خلال مهرجان
أفلام من الإمارات أو مهرجان الخليج فتحت باب إمكانية المشاركة في
المهرجانات
وصناعة الأفلام، وكونها ظاهرة جديدة على المجتمع فسيكون هناك عدد كبير من
المتحمسين، ولكن في المستقبل سوف يسقط الكثيرون خاصة من يغيب
عنهم الوعي بمفهوم
السينما، وأما عن مستقبل السينما المحلية فلن تتطور في حالة غياب فرصة لعرض
الأفلام
في البحرين والمنافسة والتكريم الذي يخلق التحدي ويدفع للتطور مثلما حدث في
دولة
الإمارات نتيجة وجود مهرجانات سينمائية محلية ودولية، فأتعقد
إن من أهم خطوات تطوير
السينما المحلية وإعدادها هو وجود مهرجان سينمائي بحريني يقدر الأعمال
المنتجة.
·
ما رأيك في مستوى الدراما التلفزيونية البحرينية والخليجية وهل تفكر
بدخول هذا المجال*
-
بصراحة لقد توقفت عن متابعة الدراما المحلية منذ مسلسل ''نيران'' واتجهت للدراما والمسلسلات
الأمريكية والعالمية، خاصة أن بعد ذلك لم
أشاهد أو أجد ما يرضي الفضول بأن هناك شيئا مميزا سوف يتم
تقديمه.
أما دخول
مجال الدراما التلفزيونية لم أفكر به ولكنه مفتوح في حال وجود النص الذي
يستحق أن
يدخل مجال الدراما على أساسه.
التعامل مع النجاح والفشل
·
هل تتقبل النقد
البناء والنقد الجارح و كيف تتعامل مع النجاح أو الفشل*
-
بالتأكيد بإمكاني تقبل
النقد البناء والعمل على تطوير نفسي عليه، وأما النقد الجارح
فمكانه يبقى في فم
ناطقه، الفشل جميل والنجاح أجمل فالنجاح يجعلك تعيش جو من الفرح والنشوة
ولكنه يسبب
لك الضغوط التي يشكلها المحيط بك بضرورة متابعة النجاح، أما الفشل فهو درس
من دروس
الحياة التي لا يمكن تعلمها بسهولة ، كما ان النجاح والفشل
أمران طبيعيان فلا يوجد
هناك شخص يتربع على النجاح طول حياته.
·
ما هو ردك حول من ينتقد مشاركاتك في
المهرجانات وانك لا تستحق ما حصلت عليه*
-
إن جميع المشاركات كانت باجتهادات
ذاتية لا أعتقد من المنطق ان يتم انتقاد اجتهاد شخص يحاول ان
يطور من نفسه وينافس
بتجربته في اكبر عدد من المهرجانات، أما عن مسألة الاستحقاق فلست أنا من
اخترت أن
أفوز بالجوائز و غالبا ما تصلني دعوات للمشاركة في المهرجانات بعد اطلاعهم
على
التجربة إضافة إلى أن في كل مهرجان لجان تقييم وتحكيم مختلفة،
فإذا كانت قرارات
الجميع بالإشادة والتقدير فذلك يكفي للرد على المشككين.
·
ما هو جديدك بعد بشارة
*
-
الجديد هو محاولة المشاركة في المهرجانات بفيلم البشارة إضافة
إلى أن أول
ما بدأت به بعد الانتهاء من البشارة هو البحث عن نص لفيلم سينمائي قصير
جديد، كما
أن هناك فكرة مشروع فيلم روائي طويل ولكن لم تتضح معالمه بعد.
·
ما الدعم الذي
ترجوه*
-
لا يمكنني أن أرجو دعما أو أطلب شيئا غير الواقع الموجود لكني
أتمنى
أن يعي أصحاب القرار بضرورة التوجه للسينما كونها أقوى وسائل التعبير
وأهمها للوصول
للمجتمع وإيصال فكر المجتمع وبناء صورته.
الوقت البحرينية في
21/02/2009 |