بعض
الجرائم لا يمكن الوصول إلى فاعليها، فتظل عالقة في الهواء، لا القانون
استطاع أن يكشفها ولا الشهود توصلوا إلى الفاعلين. على رغم ذلك يبقى
الانتقام الإلهي قادراً، دون غيره، على تحقيق القصاص من المجرمين معدومي
الضمير، الذين ساعدتهم الظروف في الهروب من فخ القبض عليهم، ناسين أن
العدالة الإلهية لا تعرف عبارة «ضد مجهول».
لقيت جميلة جميلات شاشة السينما المصرية كاميليا مصرعها في
حادث طائرة غامض، حيث سقطت الطائرة بعد احتراقها فوق رمال صحراء الدلنجات
في محافظة البحيرة... وأثار مصرع كاميليا ضجة في العالم العربي بعدما حامت
الشبهات حول الحادث الذي أنهى حياة نجمة السينما الفاتنة مع ستة وأربعين
راكباً آخر... وأعاد الحادث إلى الأذهان علاقات كاميليا العاطفية التي وصلت
إلى القصر الملكي في نهاية المطاف حينما أعجب بها الملك فاروق بعدما طلق
الملك فريدة... وقدم الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل وصفاً رائعاً
وأدبياً للحظات الأخيرة في حياة ركاب الطائرة المنكوبة داخل مطار فاروق،
المسمى الآن بمطار القاهرة... وكيف كتب القدر النجاة لركاب لم يسافروا على
متن الرحلة وكان من بينهم الكاتب الصحافي أنيس منصور الذي اعتذر في اللحظة
الأخيرة فركبت كاميليا مكانه في الطائرة نجمة ميرلاند، الرحلة 903 التابعة
لشركة
T.W.A...
وكيف وقفت كاميليا على سلم الطائرة تطلب من المصدر أن يلتقط
لها صورة ثالثة، وحينما نبهوها إلى أن موعد الإقلاع قد حان صاحت فيهم {هو
يعني الدنيا هتطير!!}... ثم قدم هيكل نص الإشارات اللاسلكية بين أبراج
المراقبة في القاهرة وأثينا وروما والتي أثبتت جميعها أن قيادة الطائرة
نجمة ميرلاند لا ترد. وفي الخامسة صباحاً عثروا على حطام الطائرة في صحراء
الدلنجات...
وقبل أن تبدأ التحقيقات راح فريق كبير من السياسيين يؤكد أن
الحادث مدبر، وأن الذي دبره هو الملك فاروق ملك مصر. وقالوا إن لديهم
دليلاً قاطعا على ما يقولون. قال هؤلاء إن عدم اهتمام القصر أو السلاح
الملكي الجوي بالحادث وعدم إرسال خبراء هذا السلاح لمعاينة حطام الطائرة
ومحاولة الوقوف على أسباب الحادث على رغم اهتمام جميع وكالات الأنباء
العالمية به وتردد اسم مصر في كل خبر يذاع أو ينشر، هو أكبر الدليل على
تورط رجال القصر والملك في هذه المؤامرة، خصوصاً أعضاء { الحرس الحديدي}
المكلف بحماية الملك، وحرص الحرس على إبعاد الفنانة كاميليا عنه لسببين:
الأول غرامه بها حتى أشيع أنه سيتزوجها عرفياً... والثاني علاقتها بوكالة
المخابرات اليهودية التي أصبحت في ما بعد جهاز الموساد، ما قد يعرض أمن مصر
القومي لخطورة داهمة إذا ما تمكنت كاميليا من أن تحصل على المعلومات التي
تهم المخابرات اليهودية من جلالة الملك نفسه!
نفى الفريق الآخر من السياسيين تورط الملك في هذه المؤامرة
لأنه أحب كاميليا بجنون ومن دون أن يعبأ بافتضاح سر هذه العلاقة على رغم
حرصه على إخفائها... وادعى هؤلاء أن المخابرات اليهودية هي التي أرادت
التخلص من كاميليا بعدما أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الزواج من الملك، ما
قد يتسبب في أن تصارحه بالدور الذي أدته المخابرات اليهودية معها وضغوط هذا
الجهاز عليها لتمده بأخبار الجيش المصري في حرب فلسطين. ولهذا انتهى الأمر
بقرار تصفية العميلة الجميلة بوضع قنبلة داخل الطائرة تسببت في انفجارها.
وهكذا أصبحت علاقة النجمة السينمائية بملك مصر وغرامه بها
حكاية مثيرة لا تقل أهمية عن الحادث الأليم الذي ضاعت فيه أرواح عشرات
الأبرياء. واستباحت صحف العالم الخوض في أدق الأسرار الخاصة للفتاة الفقيرة
التي امتلكت قلب رأس الدولة المصرية ومن قبله كبار فنانينها وشعرائها
وسياسيها... إنها الفتاة التي كانت تلعب في حواري الإسكندرية بملابس رثة ثم
صارت بطلة أكثر الأخبار إثارة في وكالات الأنباء العالمية. لكن دعونا قبل
أن نفتح هذا الملف المثير لحياة كاميليا الخاصة، نتعرف مجدداً إلى بعض
النقاط المهمة جداً في التحقيقات...
لم يكن ثمة لغط على الاسم الحقيقي للفنانة القتيلة وهو:
ليليان ليفي كوهين... مواليد 13 ديسمبر عام 1919 في الإسكندرية. لكن ثار
لغط كبير حول خانة الديانة، فثمة من يؤكد أنها يهودية، وثمة من شاهد الصليب
حول عنقها ويؤكد أنها مسيحية كاثوليكية. إلا أن المحقق تجاهل خانة الديانة
واكتفى بخانة الجنسية التي لم تكن محل شك، فهي مصرية بلا منازعة.
وكعادة الصحافة والصحافيين فقد أجروا تحقيقات سريعة حول
الديانة المختلف عليها قبل أن تصرح النيابة بدفن الجثة، ووقتها سيعلم
الجميع ما إذا كانت الصلاة عليها ستكون في كنيسة أم في المعبد اليهودي حيث
يشترط قيام حاخام بالصلاة وعدد لا يقل عن عشرة رجال يهود حتى تكون الصلاة
صحيحة. هنا كتب الناقد الصحافي الكبير حسن إمام عمر المشهور بعلاقاته
الوطيدة بجميع الفنانين وعائلاتهم... وقال إن السيدة أولغا لويس أبنور، أم
كاميليا، مسيحية كاثوليكية إيطالية الأصول... وكانت تملك نزلاً في
الإسكندرية... وعشقت تاجر أقطان إيطالياً مسيحياً فحملت منه سفاحاً قبل أن
يهرب عائداً إلى بلاده بسبب خسارته في البورصة. وحينما وضعت حملها وكانت
بنتاً نسبتها إلى صديق يهودي لها كان يقيم في النزل واسمتها ليليان.
أما تقرير الطب الشرعي بالنسبة إلى كاميليا فقد أثبت أن سبب
الوفاة حروق شديدة وصدمة عصبية. لكن أغرب ما قاله شهود العيان في مسرح
الحادث عن جثة كاميليا فكان تميزها عن عشرات الجثث الأخرى! كيف؟ يقول
الشهود إن جميع الجثث كانت شبه متفحمة ويصعب تمييز أصحابها أو تحديد
هوياتهم، إلا جثة كاميليا فلم تتفحم ولم تأكلها النيران وإن كانت قد مست
أجزاء كثيرة من جسدها، إلا أنها تركت معالم الوجه والجسد ليسهل التعرف
إليها. وكما قال أحد الشهود، وهو مصور صحافي، إن كاميليا وهي على قيد
الحياة كان يمكن أن تميزها من بين ألف امرأة، وهكذا كانت وهي جثة، تميزت عن
كل ما حولها من جثث.
شاهد آخر كان مندوب مجلة {المصور}... قال:
{عندما
وصلنا إلى مكان الحادث كان المهندسون والمحققون والخبراء الأميركيون يقومون
بعملهم بين مجموعة من الخرائط والأشرطة والأوراق و}الترامس} وزجاجات البيرة
والصودا التي جاؤوا بها كمشروبات تكفيهم عدة أيام في تلك الصحراء
المجدبة... وكانوا يضعون لكل شظية من شظايا الطائرة رقماً، ثم يقيسون
المسافة بين مكانها ومكان الطائرة، ويصفون الحالة التي وجدت عليها. ثم
تجولنا بين حطام الطائرة نبحث وننقب، فوجدنا عدة أوراق متناثرة إلى مسافات
بعيدة في الصحراء... هذا جواز سفر مايكل بونامي وإلى جواره جواز سفر زوجته
وابنته، إنه تاجر لبناني قدم من أميركا في نزهة أمضاها في لبنان ومصر ثم
أراد العودة إلى أميركا. لكن السؤال المهم جداً كان: كيف تجمعت جوازات
السفر في مكان واحد بينما تفرقت الأجساد الثلاثة لأصحابها على مسافة نصل
ميل؟ كما عثرنا على كتاب عن نهرو وإهداه مؤلفه إلى المهراجا الهندي {باتي
شبنخ}، وكان مفتوحاً على الصفحة رقم 118. ووفقاً لدفتر ركاب في الطائرة فإن
مقعد الفنانة كاميليا كان مجاوراً لمقعد هذا المهراجا. وعن الأخير يقول
الناقد الصحافي الكبير حسن إمام عمر إن المهراجا كان صديقاً مقرباً من
كاميليا وأنه عرف بالنزيف الذي تعانيه ويسبب نفور الرجال منها، فحجز لها
على الطائرة بعدما حجز لها للعلاج لدى أحد كبار الأطباء في لندن. ويضيف أن
النزيف أصاب كاميليا بعدما {تعرضت لحادث اغتصاب جماعي على يد جنود
إستراليين تابعين لجيش الاحتلال البريطاني أثناء سيرها ليلاً في أحد شوارع
الإسكندرية إبان الحرب العالمية الثانية. لكن ثمة شبه إجماع على أن كاميليا
كانت تعاني داء السل وآلاماً في المعدة... وسفرها على متن هذه الطائرة كان
ذا هدفين: العلاج ثم التوجه لمقابلة الملك فاروق.
وعلى رغم التحقيقات التي قيل إنها مستمرة لكشف غموض الحادث،
خصوصاً بعدما أكد طاقم القيادة قبل إقلاعها أن كل شيء على ما يرام، فإن
النيابة صرحت بدفن جثة كاميليا فتمت الصلاة عليها في كنيسة القديس يسوف خلف
الانتكاخانة وسط حشد جماهيري كبير وحشد آخر من كبار الفنانين، في مقدمهم
تحية كاريوكا ومديحة يسري وباقي نجوم مصر... الجثث خرجت جميعها من مشرحة
مستشفى قصر العيني، وكان أهالي الضحايا يزدحمون بالملابس السوداء خارج باب
المشرحة، وكان بينهم أهل الطيار السابق كمال الدين فهمي وأرملة كابتن
الطائرة الكابتن {بوب}... لكن الذين كانوا في حالة انهيار تام هم أهل الفتى
الذي ركب الطائرة للمرة الأولى في حياته وهو أدوارد غرابيت نشاينان... كان
الفتى كما تروي أسرته بدموع لا تتوقف يمضي إلى مطار فاروق في قمة البهجة
والسعادة كأن له في هذه الطائرة حبيبة تناديه وتنظره. كان مسافراً إلى
سويسرا لينال دبلوم صناعة الساعات ويُمني نفسه بالنبوغ الذي سيتاح له بعد
أن يعود إلى مصر. لكنه عاد إليها جثة مشوهة أكلت النار بعضها... وقضت على
آماله وآمال أهله فيه قبل أن يتجاوز عامة الثالث والثلاثين. وكانت أمام
المشرحة أيضاً عائلة المضيفة الفرنسية الشقراء لورنزي، يتذكر أفرادها كيف
أمضت يومها الأخير في حمام سباحة مصر الجديدة تضحك وتلهو مع الجميع وحينما
طالبتها أمها بأن تخفف من هزارها قالت لها:
*
أنا حياتي كلها بين السماء والأرض... سبيني أضحك وأتمتع
بالدنيا. أنا ممكن أموت في لحظة.
كانت أم المضيفة تسترجع الساعات الأخيرة لابنتها قبل أن
تتوجه إلى مطار فاروق، ثم تجلس فوق الأرض تجهش بالبكاء. وكتب الصحافي
الكبير جمال بدوي يصف هذه المشاهد قائلاً:
{ولو
كان للنار قلب يحس، أو عين تنظر، أو أذن تسمع، لأعفت الفتاة الجميلة التي
تملأ الدنيا بهجة ومرحاً، والزوج الوفي الذي تنتظره زوجته، والأب البار
الذي ينتظره أطفاله... والشباب النضير الذي يمتلئ صدره بالأمل. ولكنه قضاء
الله... ولا مفر من قضاء الله!}.
أما الطائرة المنكوبة فقد جاء تقرير الخبراء يؤكد أن
النيران اشتعلت أولاً في أحد محركاتها فأراد قائدها أن يهبط اضطرارياً
وبسرعة، لكنه قرب الأرض فشل في إنزال العجلات فارتطمت، الطائرة بأرض
الصحراء وانفجرت.
دُفنت الجثث... لكن الحقيقة وراء الحادث لم تدفن بعد. ما
زال الغموض قائماً حتى الآن، وما زال الملك فاروق، ومعه المخابرات
اليهودية، داخل دائرة الاشتباه. ولهذا سنفتح هذا الملف الجديد بكل ما فيه
من أسرار خاصة عن علاقات كاميليا العاطفية التي ربما وهبتها السعادة يوماً،
ثم حرمتها من الحياة يوماً آخر. سنتابع حياة النجمة الكبيرة من حواري
الإسكندرية حتى حظيت بلقبي ملكة الإغراء، وكانت تنتظر لقب ملكة مصر غير
المتوجة... لولا ما حدث.
أول حب
كانت كاميليا، أو ليليان كوهين، واحدة من أجمل بنات
الإسكندرية وأكثرهن فقراً، نارية الجسد، عنيدة العقل... لكن أحداً لم
يكتشفها حتى جاوزت عامها السابع عشر من شبابها المتفجر. كانت تخرج كل صباح
لتبحث عن عمل... لا تملك غير أحلامها في ابن الحلال الذي يتزوجها وينتشلها
من محنة الفقر. لكن أين هو فتى الأحلام؟ تمنت أن يكون هذا الفارس صاحب
وظيفة تدر عليه راتباً شهرياً ستة جنيهات، يحملها فوق ذراعيه إلى عش
الزوجية لتكون سيدة منزل بدلاً من وضعها الحالي كبنت أقرب ما تكون إلى بنات
الشوارع المتسكعات. ذات يوم
فوجئت الفتاة الفقيرة بالدنيا تبتسم لها... لا أحد يعلم على
وجه الدقة إن كان الجمال هو الذي يجلب الحظ لصاحبته ذات الحسن المبهر. أم
هي قسمة القدر للفتاة التي ظلت أعواماً طويلة تتمنى فستاناً مما تراه في
واجهات المحلات الكبرى في الإسكندرية حيث تعيش مع أمها. قابلت هذه الفتاة
عصر ذلك اليوم وجهاً مألوفاً، وجهاً تعشقه النساء، وتدور حوله الكاميرات،
ويصفق له الآلاف، وتتسابق إليه الجرائد والمجلات. أنه النجم السينمائي
الوسيم أحمد سالم، دونجوان السينما المصرية. وفتى أحلام الحسناوات والنجمات
وفتيات الطبقة المخملية. وقعت عينا النجم الكبير على الفتاة الفقيرة. وقف
النجم اللامع أمام ليليان لا يصدق نفسه... لقد حشد الجمال نفسه من كل بقاع
الدنيا ليسكن هذه الحسناء الصغيرة ويوزع نفسه على جسدها شعراً وعيوناً
وقوامها... وأنوثة! ووقفت الشابة الصغيرة لا تصدق أن النجم الكبير يكتب
إليها بنظرات عينيه أحلى رسائل العمر وبرقيات الإعجاب. كل منهما لم ينطق،
فلغة المشاعر قد يفسدها الكلام. ولكن ترتقي بها العيون.
احترس من الذئب
عن هذا اللقاء الذي رتبته الصدفة بين فتاة من القاع ورجل من
القمة ننفرد بنشر جزء من مذكرات السيدة أولغا لويس التي كتبتها بعد مصرع
ابنتها. وفي هذا الجزء تحكي الأم قصة لقاء ابنتها كاميليا مع أحمد سالم
للمرة الأولى... تقول:
{وعلى
رغم أن المثل يقول {أن القرد في عين أمه غزال}، فإن ليليان لم تكن قرداً
على الإطلاق، وإنما كانت غزالاً... كانت حلوة، وموضع حسد الأمهات. كان
جمالها يثير دهشة كل من يراها. شعرها أصفر... عيناها عسليتان وشفتاها
كالكريز. وعندما تعلمت الكلام، كان ذكاؤها أكبر من سنها بعشرات الأعوام.
كانت تعرف ما تريد، وكانت دائماً تحصل على ما تريد. إذا قرأت صفحة من كتاب
مرتين، حفظتها عن ظهر قلب. وإذا وضعها إنسان فوق حصان، لا تمضي نصف ساعة
حتى تجري بالحصان كما لو كانت فارسة مدربة منذ سنوات. وكان فيها شيء آخر
عجيب، لم يتحدث إليها إنسان إلا وتعلق بها، ولم تضع على جسدها ثوباً إلا
وظهر كما لو كان قد صنع لأجلها فقط! والحقيقة أن ليليان عندما بلغت الرابعة
عشرة من عمرها وجدت نفسي أخشى وأخاف عليها أن تخرج وحدها إلى الشارع، لأن
أنوثتها كانت طاغية وجبارة. حتى عندما طلبت مني أن أعلمها على الآلة
الكاتبة لتجد عملاً أو وظيفة تساعد بها نفسي وتساعدني رفضت بشدة. وكان رفضي
لنفس السبب وهو أنوثتها الطاغية وجمالها الجبار. وعدنا ذات يوم من قبرص عام
1946 وكان الصيف قد زحم الإسكندرية بالناس، وقلت لها يوماً {تعالي نتفرج
على سباق الخيل}. وذهبنا فعلاً إلى السباق... وجلست أنا مشغولة بمتابعة
الجياد. فجأة، لمحت رجلاً يختلي بابنتي في ركن من الأركان. وقمت كالمجنونة،
فقد كنت أخشى عليها من الذئاب... وأنا التي أعرف جيداً هؤلاء الذئاب...
وصرخت فيها:
*
مين ده؟!
فقالت لي: مخرج كبير وبيقولي تحبي تشتغلي في السينما؟
ووجدتني أقول لها صارخة:
*
سيما... ده أنا أموتك. أدبحك.
وإذا بابنتي وللمرة الأولى في حياتها ترد عليّ بصوت مرتفع:
**
وفيها إيه السينما. كل حاجة مش عاوة... خروج مش عاوزة، شغل
مش عاوزة، سينما مش عاوزة... أنا مش ممكن أتحبس في البيت!
وفي هدوء قلت لها:
*
مين هو ده؟
ومدت ليليان يدها لي ببطاقة، وقرأت على ظهرها الساعة
العاشرة صباحاً في فندق وندسور... وعلى الوجه الثاني قرأت اسم صاحبة...
أحمد سالم.
إلى هنا ينتهي هذا الجزء الذي ننفرد به من مذكرات الأم التي
قد نعود إليها في مناسبة أخرى، فقد كتبت الأم مذكراتها بدعوة من مصطفى أمين
لترد بالمستندات على كل من اتهموها بإنجاب ابنتها من علاقة محرمة. المهم أن
الأم تؤكد أنها لم تكن مرتاحة لمقابلة كاميليا وأحمد سالم. لكنها لم تتوقع
أن حباً جنونياً سيملأ قلب هذا الرجل نحو ابنتها، وأنه سيكون مكتشفها، بل
وسيدفع بها إلى الشهرة والمجد والثراء... والموت أيضاً.
لكن ماذا حدث بعد لقاء وندسور؟ ولماذا افترق الحبيبان
كاميليا وأحمد سالم؟ وكيف ظهر ملك مصر في حياة الفنانة التي أصبحت نجمة
الإغراء في السينما المصرية؟ ليكون ظهوره هو بداية النهاية في حياة بنت
الشارع المرشحة لتكون ملكة مصر. وهل قتلها الحب الملكي أم علاقتها
بالمخابرات اليهودية؟
(البقية
في العدد المقبل)
الجريدة الكويتية في
23/07/2013 |