حسن حسني... جوكر السينما المصرية - الأخيرة
الممثل العملاق يودِّع جمهوره برصيد 500 عمل فني
كتب الخبر
أحمد الجمَّال
·
زوجة الفنان الراحل تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياته
·
«تميمة الحظ» في أعمال النجوم الشباب
·
عاشق التمثيل ينهي مشواره السينمائي في «قهوة بورصة مصر»
·
رامز جلال يقنع «العم حسن» بمشاركته «أحلام الفتى الطائش»
تتابعت رحلة الفنان حسن حسني، وشارك في أهم الأعمال الدرامية خلال
التسعينيات، وتعددت أقنعته بين "الرسام والجنايني والموظف البسيط" ولعب دور
"والد أم كلثوم" في المسلسل الشهير، وبعد غياب 37 عاماً التقى مرة أخرى
بسيدة الشاشة فاتن حمامة في مسلسل "وجه القمر". وتقمص للمرة الأولى دور
الجد في كوميديا "اللص الذي أحبه" وحقق انتشاراً غير مسبوق مع أجيال من
المخرجين والنجوم، وحتى رحيله في 30 مايو 2020.
تحوَّل مسار الفنان حسن حسني من أدوار الشر إلى الكوميديا، ومع بداية
الألفية الثالثة، صار "تميمة الحظ" للنجوم الشباب، وشارك عام 2002 مع محمد
سعد في فيلمه "اللمبي" الذي حقق وقتها إيرادات هي الأعلى في تاريخ السينما
المصرية، وفتح المجال لسلسلة من الأفلام الشبابية، وظهور نجوم جُدد في
الساحة الفنية، منهم محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأحمد حلمي وكريم
عبدالعزيز وغيرهم.
ويعد محمد سعد من أكثر الممثلين الشباب الذي شاركهم حسن حسني أعمالهم،
برصيد 12 فيلماً، منها "كركر" و"عوكل"، يليه هاني رمزي برصيد 9 أفلام، منها
"محامي خلع" (2002) و"غبي منه فيه" (2004)، ويأتي أحمد حلمي في المرتبة
الثالثة بـ7 أعمال، منها فيلم "ميدو مشاكل" (2003) و"جعلتني مجرماً"
(2006)، وآخرها فيلم "خيال مآتة" (2019).
واشترك حسني مع كريم عبدالعزيز في أربعة أفلام منها "الباشا تلميذ"، وكان
علاء ولي الدين من أوائل الوجوه الشابة التي ساعد في تقديمها، والتقى معه
في أعمال عِدة منها "عبود على الحدود" (1999) و"الناظر" (2000) و"ابن عز"
(2001).
وكان الفنان الراحل بمنزلة الأب أو العم لبعض هؤلاء النجوم، ومنهم الشقيقان
ياسر ورامز جلال، وكان الأخير في عمر سبع سنوات، عندما تعرف إلى صديق والده
المخرج المسرحي جلال توفيق، وبحكم عمله في المجال الفني، التقاه في أكثر من
عمل، سواء تلفزيوني أو مسرحي أو سينمائي، وظل يناديه بلقب "عم حسن" حتى في
الكواليس، وظلت تربطهما علاقة أسرية وطيدة، بحكم الصداقة العميقة مع والده.
وحين بدأ رامز مشوار الاحتراف الفني، جاءت لحظة حاسمة وفارقة بالنسبة إليه،
وأُسنِدت إليه بطولة فيلم "أحلام الفتى الطائش" (2007)، فاقترح على صنّاع
الفيلم الاستعانة بحسن حسني، لكنهم خافوا أن يرفض وألا يتحمس لرامز كبطل في
فيلم كوميدي.
وحكي رامز تفاصيل هذا الموقف، قائلاً: "أخذت سيناريو الفيلم وذهبت إلى
منزله بلا ميعاد، وقلت له بالحرف: (وحياة جلال توفيق ما تبيعني)، فضحك وقال
لي: (انت ابني)، واتصلت بأبي وأعطيته عم حسن، ودار بينهما حديث قصير، انتهى
بأن قال لي: (هات العقد بسرعة ماقدرش أقول لأبوك لأ)"، وتوالت الأعمال بعد
ذلك مع "العم حسن".
قطار العمر
وكان آخر ظهور سينمائي للفنان حسن حسني عام 2019، حين شارك في فيلم "قهوة
بورصة مصر" إخراج أحمد نور وبطولة رانيا محمود ياسين ومصطفى قمر ولطفي
لبيب، الذي عرض يوم 26 يونيو، وبعد شهر واحد عرض آخر شريط سينمائي له وهو
فيلم "خيال مآتة" للمخرج خالد مرعي وبطولة أحمد حلمي ومنة شلبي، وخالد
الصاوي.
وفي عام 2020 ودّع الممثل العملاق جمهوره بعد مشاركته بدور "عم تحسين" في
مسلسل "سلطانة المعز" للمخرج محمد بكير، وبطولة غادة عبدالرازق ومحمود
عبدالمغني ومحمود البزاوي، ودارت الأحداث في إطار درامي شعبي، حيث تقوم
سيدة تُدعى سلطانة وهي شخصية مؤثرة في شارع المُعز لدين الله الفاطمي
بالقاهرة وفي حياة أشقائها، بإدارة محلات ورثتها عن والدها، ولكن سرعان ما
تتغير حياتها تماماً.
المحطة الأخيرة
أدرك الفنان حسن حسني محطته الأخيرة، وترك الكثير من المواقف والذكريات
لأسرته وأصدقائه وزملائه في الوسط الفني، وبعد الرحيل كشف هؤلاء الجانب
الإنساني لهذا الممثل العملاق، وكيف كرّس حياته للتمثيل وترك بصمة متفردة،
وحضوراً يتجدّد مع مكتبة فنية حافلة بأكثر من 500 عمل بين مسرح وتلفزيون
وسينما وإذاعة.
وفي غمار تلك الرحلة الطويلة لقطار العمر، شهد الكثير من لحظات الحزن
والفرح، وطوى أحزان الطفل اليتيم بعيداً عن جمهوره، وبين حين وآخر يذكر
أفضال عمته التي رعته كأم، حتى اطمأنت على استقراره مع زوجته الأولى، لكنه
تعرّض في السنوات الأخيرة لصدمتين، الأولى حينما توفى الفنان علاء ولي
الدين، وظل لأكثر من 20 يوماً لا تتوقف دموعه، والثانية عندما توفيت ابنته
"رشا" عام 2013، متأثرة بمرضها بالسرطان، ومر بأقسى فترة حزن منذ وفاة
والدته وهو لا يزال طفلاً.
وحفلت حياة الفنان الراحل بجوانب إنسانية مميزة، انعكست في سلوكه مع زملائه
والمقربين منه، وسردت زوجته "الثانية" ماجدة حميدة مواقف وذكريات مع رفيق
عمرها، حينما منحها الناقد الفني طارق الشناوي فرصة الكتابة عن زوجها، في
كتابه "المشخصاتي" الذي قدّمه بمناسبة تكريم الدورة الأربعين لمهرجان
القاهرة السينمائي لحسن حسني عام 2018، ومنحه "جائزة فاتن حمامة
التقديرية".
وهذا التكريم أسعد الراحل كثيراً، ويبدو أنها كانت أمنيته التي انتظرها،
ووجه وقتها الشكر إلى المهرجان لكونهم كرموه وهو على قيد الحياة، ومنحوه
جائزة باسم فنانة يفتخر بالتمثيل أمامها في بداية مشواره السينمائي، وأيضاً
الشعور بالسعادة من المحبة الغامرة من زملائه وأصدقائه في الوسط الفني.
سردت أرملته ماجدة حميدة كيف التقت زوجها بالمصادفة، حينما كانا معاً في
إحدى المسلسلات عام 1995، وحينها كانت تعمل بالإنتاج وكان هو ممثلاً في
المسلسل، وظهرت اهتمامات مشتركة بين الثنائي، وكانت هناك كيمياء خاصة
تجمعهما فعرض عليها الزواج، ووافقت من دون تردد، ومن يومها لم يفرقهما سوى
رحيله، وخلال رحلة دامت 25 عاماً، كان زوجاً مثالياً، يعيش بين عمله ومنزله
وأسرته، وكان شعلة من النشاط داخل المنزل وخارجه.
كما تذكرت الأزمة المرضية التي مرت بها، واستدعت سفرها إلى الصين من أجل
العلاج، ولم يتركها زوجها في تلك المرحلة، بل إنه كان يسافر بين القاهرة
وبكين، مثلما كان يتحرك من منزله إلى منطقة "مصر الجديدة" (شرقي القاهرة)،
وظل يرعاها في أزمتها ويهون عليها الألم، كما حرص على تقديم أعماله الفنية
والوفاء بالتزاماته في مصر، واعتاد أن يزين غرفتها بالمستشفى في الصين ويضع
بها الزهور والأنوار كي يحتفل بها، حتى تم شفاؤها.
وكانت ماجدة الزوجة الثانية للفنان الراحل، وخلال رحلة زواجهما، تعلمت منه
التسامح لأقصى درجة، كما روت أنه كان يعشق المسرح، وهو ما كان يجعله يسهر
كثيراً، وهي على العكس منه كانت تحب النوم مبكراً.
وكانت تتوقع منه حينما يعود إلى المنزل مرهقاً أن ينام، لكنه على العكس من
ذلك كان يرغب في السهر أيضاً، وهو ما كان يغضبها، لذلك قالت له في إحدى
المرات "من حقي الإنساني إني أنام"، وهو الأمر الذي ظل يتذكره، وفي كل شجار
كان يقول لها: "حقك الإنساني... أوعي تنسي حقوقك الإنسانية"، ما يحوِّل
الشجار إلى فكاهة.
الأب الروحي
قدّم الفنان الراحل حسن حسني صورة مثالية لزوج الأم، وعوض أبناء زوجته عن
حنان وعطف الأب، فأعطى نموذجاً حياً للإنسانية بكل معانيها التي لا يغيرها
أي ظرف أو موقع يوضع فيه الإنسان، وكان خير مثال لتحطيم الصورة التقليدية
الراسخة عن "زوج الأم" في الأذهان.
وجسّد حسني شخصية الأب في التمثيل والحياة، وكان بالفعل أباً لجيل كامل من
الفنانين الشباب ساعدهم فى بداية مشوارهم وكان سنداً لهم حتى صعدوا سلم
النجومية، وكان في حياته يتعامل كأب لأبناء زوجته ماجدة من زوجها السابق
المخرج أشرف فهمي "مصطفى وإنجي" اللذين تربيا فى بيته وبين أبنائه، من
طفولتهما وحتى تزوجا، وظهر الفنان حسن حسنى كأب في فرح إنجي ابنة زوجته،
وكانت له مواقف فارقة في حياتهما.
أصداء الذكريات لاحقت مصطفى فهمي نجل أرملة الفنان حسن حسني، ورثاه بكلمات
مؤثرة:"شرفت بمعرفته منذ كان عمري عشر سنوات، وشاءت الظروف الطيبة أن يكون
الفنان حسن حسني، والدي الروحي الذي رباني، ويكون والدي الفعلي المخرج
الراحل أشرف فهمي، وهما اسمان ثقيلان جداً على كتفي".
وسرد الحفيد حسن هشام حسني، تفاصيل حياة جده والذكريات التي جمعتهما،
خصوصاً الأزمة الكبرى التي مر بها وسببت له ألماً كبيراً طوال حياته، وكيف
كان صديقاً لأحفاده الستة، وحينما كان أحدهم يريد أي شيء ويرفضه والده،
يذهب إلى جده فيحققه له على الفور.
وكانت النقطة الفاصلة في حياة حسن حسني، حين مرضت ابنته "رشا" بالسرطان
وكانت تتألم، ولم يستطع أن يخفي شعوره بالحزن البالغ، وعندما توفيت، أصبح
شخصاً مختلفاً تماماً عن الذي يعرفه من حوله، وظهرت عليه علامات السِن، حتى
التمثيل الذي كان مصدر السعادة الوحيد، تحوّل لأمر روتيني، وشعرت أسرته أنه
لم يعد لديه طاقة لتأديته.
وتراجع نشاط حسني في العامين الأخيرين من حياته، ورغم مقاومته الشديدة
للانهيار بعد رحيل ابنته، تمكن الحزن منه، وبات مُقِلاً في أعماله، حتى
تعرّض لأزمة قلبية مفاجئة، دخل على إثرها المستشفى قبيل وفاته في 30 مايو
2020، عن عمر ناهز 84 عاماً، قضى منها أكثر من نصف قرن في فضاء التمثيل،
وترك فراغاً هائلا في الساحة الفنية.
جوائز وتكريمات
نال الفنان الراحل الكثير من الجوائز والتكريمات خلال مشواره الفني، من
أبرزها ما يلي:
- اختيار خمسة أفلام اشترك فيها ضمن قائمة "أفضل مئة فيلم في ذاكرة السينما
المصرية"، حسب استفتاء النقاد عام 1996 وهي: "الكرنك" (1975) و"سواق
الأوتوبيس" (1983)، و"البريء" (1986)، و"زوجة رجل مهم" (1988)، و"ليه يا
بنفسج" (1993).
- حصل على جائزة من مهرجان الأفلام الروائية عن فيلم "دماء على الأسفلت"
عام 1992.
- فاز بجائزة أحسن ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1993، وفي
العام نفسه أيضاً فاز بجائزة أحسن ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائي
الدولي، عن دوره في فيلم "فارس في المدينة".
- حصل على خمس جوائز عن دوره في فيلم "سارق الفرح" عام 1995.
- كرمته الدورة الأربعون لمهرجان القاهرة السينمائي عام 2018، بمنحه "جائزة
فاتن حمامة التقديرية".
«مكتبة الجوكر» تحطم الأرقام القياسية في الدراما الإذاعية
ضمت مكتبة حسن حسني أعمالاً كثيرة يصعب حصرها، وأسهم في إثراء الإذاعة
المصرية بعدد كبير من الأعمال الدرامية المتميزة على مدار ما يزيد على
أربعين عاماً، ومنها المسلسلات "قشتمر" و"الجريمة المزدوجة" و"سلام لحضرة
الناظر" و"أبوعلي عامل أرتيست" و"سكر وعليوة" و"بمبة كشر" و"خلي بالك من
كلامك" وكل هذا الحب" و"رحلة إلى كوكب السعادة" و"العمر لحظة" و"فارس بني
مر" و"أشجع رجل في العالم" و"أغرب القضايا" و"عودة ريا وسكينة".
وشارك الفنان الراحل في مسلسلات "سيت كوم"، ومن بينها: "حرمت يا بابا"
و"شباب البومب" الجزء الأول والثاني، وأيضاً عدد كبير من مسلسلات الرسوم
متحركة ومنها "افهمني شكراً" و"فتفوتة" و"مغامرات لومة والمعلم سلومة"
و"سوبر هنيدي" الجزء الثالث والرابع، و"عائلة رمضان كريم" الجزء الأول
والثاني.
وبخلاف مشاركاته السابقة شارك أيضاً ببطولة بعض التمثيليات والسهرات
التلفزيونية ومنها "سواق التاكسي" و"حد الهاوية" و"بدون تحقيق" و"موقعة
المرتبة" و"الناس والخوف" و"أحلام صغيرة" و"دموع الإنسان الآلي" و"الوريث"
و"الخيط الأخضر" "وما زال الزواج مستمراً" و"وجهة نظر" و"مع خالص اعتزازي"
و"فندق النجوم الزرقاء". |