"الملائكة يموتون في التراب" قصة فتاة عراقية كردية تعيل والدها المريض عن
طريق بيع عظام الجنود الإيرانيين الذين إستشهدوا أثناء الحرب العراقية-الايرانية.
في أحد الأيام تصادفها في طريق عودتها الى البيت حادثة ارهابية تقع لأحد
الجنود الأميركيين وتحاول مساعدته.
بابك أميني مخرج فيلم "الملائكة يموتون في التراب". ولد في عام 1978 في
اقيلم كردستان الايراني. درس في طهران وتخرج في قسم الفلسفة. عمل عشر سنوات
مساعدًا للمخرج بهمن قباذي في أفلام "وقت للخيول السكرى"، "السلاحف يمكن أن
تطير" و "نصف قمر". اشترك في فيلم "الملائكة يموتون في التراب" في مهرجان
أرشيبلاغو السينمائي السادس عشر في ايطاليا، وفي مهرجان إيكوفيشن 2008،
بالاضافة الى الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان فسترويا السينمائي في
البرتغال، ومهرجان الفيلم الكردي في برلين، والدورة التاسعة لمهرجان سيؤول.
فاز فيلم "الملائكة يموتون في التراب" في مهرجان "بال سبرنغز" الدولي
للأفلام القصيرة 2008 بجائزة أفضل فيلم عالمي لسينما بلا حدود.
·
بيجان تهراني: كيف توصلت الى
فكرة "الملائكة يموتون في التراب"؟
بابِك أميني: أخبرني صديق لي ذات مرة عن عائلات عراقية تعيش في الحدود
العراقية الايرانية ينبشون الأرض بحثاً عن بقايا الجنود الايرانيين الذين
قتلوا في الحرب العراقية-الايرانية ودفنوا هناك خلال الحرب. ثم يبيعون
العظام الى العوائل عن طريق الصليب الأحمر ومصادر اتصالات أخرى. النقود
التي يحصلون عليها من هذه العملية قليلة جدًا. ولكي أكتشف الحقيقة التي
تتعلق بهذه القضية ذهبت الى الحدود وتأكدت من حدوث هذا الأمر، ولكن بدرجة
ضئيلة. وبينما أنا مستمر في بحثي توصلت الى تحويل هذه الفكرة الى فيلم.
واعتقدت أن اسناد هذا الدور الرئيس الى فتاة شابة ستكون فكرة عظيمة. أن
مهمة الحفر لستة أقدام تحت الأرض بحثًا عن العظام في ظروف قاسية من ذلك
الجزء من كردستان تعتبر مهنة ملائمة لرجل، أما أن تقوم بها امرأة فتلك
إثارة اضافية. وفي الوقت نفسه فإن فكرة القوات الأميركية التي تقاتل
الارهابيين في العراق كانت قضية أخرى مهمة بالنسبة لي، وأردت أن أعرف ماذا
سيحدث لو أن المرأة في فليمي تواجه الارهابيين الذين يحاولون قتل الجندي
الأميركي. أردت أن أكتشف ما هو رد فعلها. تساءلت مع نفسي أن الاتيان بجندي
أميركي هل سيسلب الواقعية من قصتي. ومن جهة أخرى، فإن الارهابيين يختطفون
ويقتلون جنوداً أميركيين ويصورون طرق اعدامهم، ويرسلون أشرطة الفيديو
المصورة أسبوعياً الى المواقع الأليكترونية والقنوات الفضائية. لذلك فقد
اعتقدت أن اضافة هذا الجانب الى قصتي سيكون اضافة كبيرة.
·
بيجان تهراني: أنت كردي ايراني
وتعمل منذ سنوات طوال كمساعد للمخرج الايراني الكردي الكبير والمعروف بهمن
قباذي. أرجوك اخبرنا عن هذه التجربة، وتحدث لنا عن السينما الكردية.
بابِك أميني: لدي عشر سنوات من التجربة في السينما الكردية كمساعد للمخرج
العالمي المعروف بهمن قباذي. عملت في أفلام قباذي مثل "وقت
للخيول السكرى"، "السلاحف يمكن أن تطير"و " نصف قمر". أثنان من أفلامه
صُورتا على الحدود العراقية-الايرانية، بينما صور فيلم "السلاحف يمكن أن
تطير" في داخل العراق. السينما الكردية غير معروفة للعالم لأنها محدودة
جداً ولا تزال في بدايتها. حاول بهمن قباذي أن يقدم السينما الكردية بقوة
الى العالم، ولكن حينما تكون لوحدك فان هناك الشيء القليل الذي يمكن أن
تفعله. ظروف العمل للمخرجين الأكراد صعبة جداً، باستثناء بضعة أفلام قليلة،
كما أنك لا تجد تلك اللغة التي تستطيع أن تجذب الجمهور العالمي للأفلام
الكردية. ليست هناك مدارس للسينما، ولا مختبرات للأفلام، ولا حتى كاميرات
سينمائية متطورة في كردستان، ولكن كردستان تنطوي على كنز من القصص غير
المروية والأفكار الممتعة. أنا نفسي، ولدت في الجانب الآخر من الحدود
الايرانية-العراقية، وكنت أعاني من حياة قاسية، ولكنني محظوظ لأنني سمعت
هذه الحكايات والقصص التي أحتفظ بها تحت جلدي. ولكنك حينما تريد أن تروي
قصصك تواجه دائمًا بالقيود والتحديات. وعلى الرغم من كل هذه المشاكل فإن
هناك قلة من المخرجين السينمائيين الأكراد الجيدين، وأن هناك القليل من
المهرجانات السينمائية الكردية التي تقام في بلدان مثل ألمانيا وانكلترا
والولايات المتحدة الأميركية.
·
بيجان تهراني: لقد قمت باختيار
جريء وشجاع حينما جلبت شخصية الجندي الاميركي المخطوف والجريح في فيلمك. ما
هو رد فعل الجمهور على هذه المسألة؟
بابِك أميني: لقد رأيت ردود أفعال مختلفة على هذا الفيلم، وخاصة على شخصية
الجندي الأميركي. ذات مرة كنت أشاهد "الملائكة يموتون في التراب" مع عائلة
فقدت اثنين من ابنائها في الحرب العراقية-الايرانية. الأم في تلك العائلة
كانت تبكي بينما كانت تشاهد الفيلم. لأنها ليست لديها تجربة مشابهة في
مشاهدة أفلام حرب نموذجية. هذه العائلة على، وجه الخصوص، لم ترَ جثماني
ولديها المفقودين، وقد تأثروا حينما عرفوا بأن هناك على الجانب الآخر من
الحدود أناساً يساعدون في ايجاد بقايا جثث الجنود الايرانيين الذين قتلوا
في العراق. وحينما كنت أسافر مع فيلمي الى أوروبا، التقيت بزوجين في مهرجان
للفيلم الايطالي واللذين بكيا كلاهما في أثناء رؤية المَشاهد التي تبين ذعر
الجندي الأميركي والفتاة الكوردية التي تساعده في البقاء على قيد الحياة.
في الجلسة الحوارية التي تبعت عرض الفيلم عرفت بأن هذين الزوجين لديهما ابن
يخدم في العراق. وهما قلقان عليه بشكل متواصل، ويريان ابنهما في شخصية
الجندي الأميركي في الفيلم.
·
بيجان تهراني: كيف وجدت الفتاة
التي جسدت الشخصية الرئيسة في الفيلم. لقد كان أداؤها عظيمًا. هل هي ممثلة
محترفة؟
بابِك أميني: كنت أبحث عن شخصية ما لديها فهم لهذا الجانب، شخصية ما جربت
الحرب ومآسيها. وقمت ببحث طويل في المنطقة التي حدثت فيها القصة ووجدت
الفتاة الشابة التي تفكك الألغام مع أخيها الاصغر. هذه الفتاة فقدت كل
عائلتها في الحرب ومن الصعب عليها أن تؤدي الأداء الصحيح. لم تكن تريد
الكلام لأنها اعتادت على أن تعيش بصمت. ولكن الأمور في النهاية مشت، أما
بقية الممثلين فهم من الأهالي.
·
بيجان تهراني: أنت خريج قسم
الفلسفة، كيف ساعدك هذا الاختصاص في مهنتك كمخرج سينمائي؟
بابِك أميني: كنت على وشك الالتحاق بمدرسة السينما حينما أخبرني قباذي
بأنني يمكن أن أتعلم الاخراج بوساطة العمل كمساعد مخرج، إلا أن دراسة
الفلسفة مهمة جداً للمخرج السينمائي. أن معرفتي بالفلسفة ساعدتني على أن
أجد طبقات جديدة في كل موضوع أتعامل معه.
·
بيجان تهراني: لقد تم اختيارك
للمشاركة في مهرجان "كان" لأنك كتبت سيناريو فيلمك الطويل الأول، هذا الأمر
يبدو عظيمًا!
بابِك أميني: يتضمن مهرجان كان السينمائي برنامجًا اسمه "
Cine
Foundation"
حيث يتم كل سنة اختيار ستة مخرجين للمشاركة في هذا البرنامج. يَرسِل
المخرجون أفلامهم القصيرة مرفقة بملخصات سيناريوهات أفلامهم الأولى الى
لجنة اختيار"
Cine Foundation" والى منتجي الأفلام الفرنسية، ثم يتأهل المخرج الى هذا البرنامج.
هذه السنة كانت هناك مداخل عديدة أتاحت اختيار عشرة مخرجين في الجولة
الأولى وكنت واحدًا منهم. وقد ذهبنا جميعًا الى فرنسا بهدف اجراء المقابلة
مع مدير مهرجان كان السينمائي الدولي ولجنة مؤلفة من خمسة أعضاء. وبعد أن
تمت المقابلة مع كل شخص على حدة حذف أربعة مخرجين من القائمة. وكنت محظوظاً
بما فيه الكفاية لأن أبقى مع الستة الذين تم اختيارهم. في برنامج "Cine
Foundation" الذي مضى على اطلاقه سبع عشرة سنة أنا المخرج السينمائي الايراني
والكردي الأول الذي أختير لحضور هذا البرنامج. إن حضور هذا البرنامج سوف
يغير اتجاه حياتي. وسوف تتاح لي الفرصة لأن أتعلم أكثر عن الاخراج
السينمائي الاحترافي وصناعة السينما في فرنسا. هذا البرنامج يبدأ بين
أكتوبر وفبراير في السنة القادمة في مقر مهرجان كان في باريس.
·
بيجان تهراني: هل هناك أفكار
جديدة تعمل عليها الآن؟
بابِك أميني: أريد أن أخرج المزيد من الأفلام القصيرة، ولكن الآن عليَّ أن
أذهب الى فرنسا لحضور برنامج "
Cine
Foundation" الذي سوف يفضي الى اخراج فيلمي الروائي الأول. أنا أعمل الآن على
فكرتين سينمائيتين، واحدة لبرنامج مهرجان "كان" وهي عن النفط في كردستان.
والأخرى هي فكرة فيلم روائي عن امرأة كردية ايرانية شابة جميلة تهرب من
ايران مع ولدها الصغير وينتهي بها المطاف أن تكسب عيشها في تركيا من خلال
مهنة التصميم. آمل أن أستطيع تنفيذ سيناريو الفكرتين معاً في فرنسا، ثم أجد
منتجين أميركيين وأوروبيين يرغبون في العمل على هذه المواضيع.
·
بيجان تهراني:هل صحيح أنك ستتقدم
بفيلم "الملائكة يموتون في التراب" لنيل جائزة الأكاديمية لأفضل فيلم قصير؟
بابِك أميني: بعد فوزي بجائزة "سينما بلا حدود" في مهرجان
Palm
Springs
السينمائي العالمي للفيلم القصير عام 2008، نصحني بعض الأصدقاء أن أتقدم
بهذا الفيلم لجائزة الأكاديمية، وسيكون عظيمًا إذا أتيح لفيلمي الفرصة
للمشاركة في جوائز الأوسكار.
إحالة: تمت الترجمة عن الإنكليزية من الموقع المدون أدناه:
http://www.cinemawithoutborders.com/news/127/ARTICLE/1714/2008-10-19.html
إيلاف في
13/08/2009 |