في الوقت الذي يشهد عودته إلى الدراما التلفزيونية بعد غياب أكثر من
عقد، تشهد إطلالته السينمائية تأجيلات كثيرة. عن سر تأجيلها وهل هي السبب
وراء حماسته للعودة إلى التلفزيون عبر مسلسل «خطوط حمراء» كان اللقاء
التالي مع النجم أحمد السقا.
§
ما تعليقك على تأجيل فيلم
«المصلحة» لأكثر من مرة؟
لا أملك تفسيراً واضحاً، لكن العملية إنتاجية في المقام الأول والمنتج
هو الذي يستطيع تحديد وقت طرح الفيلم المناسب لتحقيق إيرادات وأرباح، فلا
يخرج الفيلم من السباق من دون تحديد نتائج مرضية، خصوصاً أن ميزانيته كبيرة
للغاية ويضم كثيراً من النجوم، لذلك فتأجيله قد يكون في مصلحته لاختيار
الموعد الأنسب لطرحه.
§
هل الفيلم الذي تم الاتفاق عليه
سابقاً هو الفيلم نفسه الذي سيشاهده الجمهور؟
إنه الفيلم نفسه ولم يتغير به أي شيء عقب ثورة يناير، فوزارة الداخلية
لم تتدخل نهائياً في مضمونه، بل إنها اعترضت على مشهد النهاية ولكننا صممنا
عليه ولم نرضخ لأي ضغوط. أما ما يقال حول الفيلم وتغييراته فأعتقد أنها
دعاية مجانية وجيدة للفيلم، الذي أتمنى أن ينال إعجاب الجمهور.
§
هل تعتبر أن من الجرأة تقديم
شخصية ضابط شرطة عقب الثورة؟
كُتب الفيلم وبدأنا تصويره قبل الثورة، وحرصنا من خلاله على تناول
شخصية الضابط من الجوانب كافة كإنسان وليس كوظيفة فحسب. أما من يحسبون
الأمر من وجهة نظر أخرى، فأنا لا أتفق معهم نهائياً.
§
ماذا عن مشاركة أحمد عز في
الفيلم؟
المشاركة كانت مفيدة جداً بالنسبة إلي، فأنا وعز صديقان جداً على
المستوى الشخصي. كذلك سعدت بالعمل مع حنان ترك وعم صلاح عبد الله والمخرجة
ساندرا نشأت.
§
هل تساوى أجرك مع أجر أحمد عز؟
أنا وعز تنازلنا عن جزء كبير من أجرنا لأجل اكتمال الفيلم، لأن
اهتمامنا يصبّ في ماهية العمل ومدى جودته، كذلك تنازلت حنان ترك عن أجرها
لمصلحة العمل.
§
لكن قيل إن عز كان متردداً في
توقيع العقد؟
هذا كلام عار من الصحة، والحقيقة أنني تسلمت السيناريو قبل أحمد عز
وانتهيت من قراءته قبله، لكنني انتظرت أن نوقع العقد بشكل جماعي بصحبة عز
وعم صلاح، ما أظهر للناس أن عز تأخر في الموافقة على العمل. لكنه في
الحقيقة لم يكن قد قرأ السيناريو كله بعد وبمجرد انتهائه منه وقعنا العقد
معاً.
§
ماذا عن «بابا» الذي تصوره
راهناً؟
فيلم كوميدي خفيف أصوّر راهناً بعض أجزائه على مراحل متقطعة بمشاركة
درة وبقية الأبطال، وهو من تأليف زينب عزيز وإخراج علي إدريس، ونصوره بين
القاهرة ولبنان.
§
لكن الفيلم تأجل أيضاً كما حصل
مع «المصلحة».
كما ذكرت سابقاً، تحديد موعد العرض مهمة المنتج فحسب الذي يختاره
وفقاً لما يناسبه وما يتوافق وشروط السوق. فعلاً، تأجل الفيلم لفترة ولا
أعلم حتى الآن متى سيعرض.
§
قيل إنك لجأت إلى التلفزيون بعد
عناد السينما معك؟
سمعت كلاماً من هذا النوع، كذلك يقول البعض إن فشلي في السينما في
الفترة الأخيرة هو السبب الحقيقي وراء ذهابي إلى التلفزيون، وهو بالتأكيد
كلام عار تماماً من الصحة.
§
إذا ما هو السبب الحقيقي لنشاطك
التلفزيوني؟
أنا ابن التلفزيون في الأساس، وتهمني العودة إلى جمهور الشاشة الصغيرة
من خلال عمل درامي يعرض في رمضان، ولا أقبل أن يقول أحد إننا (أنا وزملائي)
«انطفينا» لذلك نعود إلى التلفزيون مجدداً.
§
لماذا اخترت «خطوط حمراء»
بالتحديد لتعود من خلاله؟
لأن القصة جذبتني، خصوصاً أنها تواكب الأحداث في مصر، إضافة إلى أن
الاسم متداول في الأوضاع الراهنة بشكل كبير. الشخصية الرئيسة ضابط متحول،
وأتمنى أن يُعجب الجمهور بالفيلم عندما يشاهده في رمضان المقبل.
§
هل عرض عليك فعلاً مسلسل «شمس
الأنصاري» الذي يؤدي بطولته محمد سعد عرض؟
نعم، عن طريق مكتب المخرج عمرو عرفة وبعرض من المخرج جمال عبد الحميد،
لكنني تحفظت على شخصية البطل الصعيدي، خصوصاً أنني قدمت هذه الـ{ثيمة»
سابقاً ولم أكن متحمساً لها في هذا التوقيت.
الجريدة الكويتية في
14/05/2012
فجر يوم جديد:
سوبر ستارز السينما… والثقافة
مجدي الطيب
غالباً، تولي إدارات بعض المهرجانات السينمائية، التي انتشرت على
الساحة العربية بشكل مكثف في الفترة الأخيرة، اهتماماً كبيراً بدعوة النجوم
الكبار، أجانب وعرب، وتذليل العقبات التي تحول دون موافقتهم على الحضور
وقبول الدعوة الرسمية، مهما كانت الكلفة ضخمة، وتُرهق كاهل موازنة المهرجان!
في المقابل، لا تُجهد هذه الإدارات نفسها كثيراً في توفير غطاء ثقافي
للمهرجان يمنحه بريقاً حقيقياً بعيداً عن «الشو الإعلامي»، الذي يعود عليه
من وراء التهافت على «السوبر ستارز» الذين كنت شاهداً على الممارسات
العجيبة لكثيرين منهم أثناء عضويتي في المكتب الفني لمهرجان القاهرة
السينمائي الدولي، وتنقلي بين المناصب المختلفة لمهرجان الإسكندرية
السينمائي؛ فأحدهم يشترط طائرة خاصة، والثاني يطلب حضور رفيقته وثلاثة على
الأقل من حراسه الخصوصيين، والنجمة المعروفة تأمر بإرسال تذكرة طائرة
لوالدتها، بينما يفاجئنا أحد المخرجين الكبار بتوفير تذكرة سفر وإقامة
لممرضته، فضلاً عن الدولارات الضخمة التي يتم التفاوض على دفعها مع الوكلاء
أو مديري الأعمال!
بالطبع ثمة استثناءات تتمثل في بعض الكتب والمطبوعات التي تصدر عن عدد
من المهرجانات السينمائية العربية في دوراتها المختلفة، لكنها قليلة بشكل
ملحوظ، ولا تحظى غالباً بالاهتمام المطلوب، وربما يتم توزيعها من باب «ذر
الرماد في العيون»؛ فالبند المخصص لها يحتل جزءاً ضئيلاً للغاية من
الموازنة مقارنة بالبند المقرر لدعوة النجوم، والذي يكاد يلتهم الموازنة
بالكامل. وكثيراً ما تجري محاولات لإقناع رجال الأعمال بتحمل مسؤوليته
لتخفيف العبء عن المهرجان بينما لم يحدث، مثلاً، أن تم إقناع رجل أعمال
واحد، أو تبرع من تلقاء نفسه، بتخصيص جزء من أمواله للإنفاق على الإصدارات!
من هنا، رصدت، بمزيد من الغبطة، إعلان أيوب الأنجري البغدادي، مدير
مهرجان «مرتيل للسينما المغربية والإيبيروأميركية» الذي سيقام في شمال
المملكة المغربية، خلال الفترة من 27 مايو الجاري إلى 2 يونيو المقبل، أن
الدورة ستشهد إصدار مجموعة من المطبوعات السينمائية، التي ستوزع على
الجمهور والضيوف، من بينها كتاب يتناول سيرة الأستاذ الجامعي والباحث
والناقد السينمائي الراحل محمد سكري، يشرف على إعداده الناقد السينمائي حسن
نرايس؛ فالمهرجان، الذي يُعد صغيراً ومغموراً مقارنة بالمهرجانات
السينمائية العربية الأكبر صيتاً وذيوعاً وشهرة، نجح أخيراً فحسب، وبعد 12
سنة من انطلاقه، في الحصول على الرعاية الملكية، وعلى رغم هذا بدا حريصاً
على وجهه الثقافي، منذ دورته الأولى لإدراك القيمين عليه أن السينما
والثقافة وجهان لعملة واحدة.
هل ثمة علاقة بين اهتمام أي مهرجان سينمائي بالجانب الثقافي ومكانة
رئيسه في الحركة الثقافية وتأثيره فيها أو حتى علاقته بها؟
تجربة الكاتب الكبير سعد الدين وهبة (4 فبراير 1925 ـ 11 نوفمبر
1997) أثناء إدارته لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في الفترة من عام
1985 حتى عام 1997، تُجيب عن السؤال بوضوح ومن دون مبالغة أو مجاملة للرجل.
فقد شهدت الأعوام التي تولى فيها رئاسة المهرجان زخماً ثقافياً لم يحدث
سابقاً، ولم يتكرر من بعد.
بالإضافة إلى الإصدارات السينمائية المتخصصة التي رصدت سير ومنجز رموز
ورواد ونجوم السينما المصرية والعربية، اتسعت الرؤية لتشمل الكتب التي توثق
التشريعات الرقابية للسينما العربية، وتسجل البيبلوغرافيا الشاملة للسينما
العربية، وهو الزخم الثقافي نفسه الذي يتكرر مع كل دورة جديدة من دورات
مهرجان دمشق السينمائي الدولي، الذي يديره الناقد السينمائي محمد الأحمد؛
فإصدارات كل دورة تصل إلى ما يقرب من 30 عنواناً تتناول مختلف مناحي
الثقافة السينمائية، وتسهم بشكل كبير في تكوين مكتبة نوعية ضخمة بالمقاييس
كافة، بينما يخلو بعض دورات المهرجانات العربية الأخرى من مطبوعة واحدة
تحمل عنواناً ثقافياً أو سينمائياً من أي نوع، نتيجة اهتمام إداراتها
بإرضاء «النجوم المدللين»، ومسخ الوجه الثقافي للمهرجان، وكأن ثمة تناقضاً
بين السينما والثقافة!
تختلط الأوراق وتتداخل التوجهات في المهرجانات السينمائية العربية،
وبدلاً من أن تراجع إداراتها المواقف وتُعيد النظر في الأولويات، تستسلم
لرغبات «سوبر ستارز» السينما ونزواتهم وتتجاهل الحد الأدنى للطلبات
المشروعة لـ «سوبر ستارز» الثقافة!
magditayeb@yahoo.com
الجريدة الكويتية في
14/05/2012
الشللية في السينما المصرية… داء استعصى على الثورة
كتب: القاهرة – الجريدة
يستعدّ المنتج أحمد السبكي لتصوير فيلمه الجديد «عش البلبل»، كذلك
يتحضَّر ابنه كريم السبكي لإنتاج فيلمه الجديد «السجن»… الخبر هنا ليس في
الإنتاجات الجديدة بل في فشل ثورة 25 يناير في تغيير آليات الصناعة
السينمائية في مقدمها الشللية، فتضاءلت معها الفرص أمام فنانين شباب
موهوبين يبحثون عن موطئ قدم لإبراز إمكاناتهم ومواهبهم، وتكررت الوجوه
نفسها على الشاشة.
يستعين المنتج أحمد السبكي في فيلمه الجديد بفريق عمل أفلامه السابقة
على رأسه سعد الصغير، دينا، بدرية طلبة وآيتن عامر التي انضمت إلى «شلة»
السبكي أخيراً، في تحدٍ واضح وصريح للانتقادات التي وجهت إلى أعماله
الفنية، وإصراره على الاستعانة بالمجموعة نفسها.
بدوره، يستعين ابنه كريم السبكي في فيلمه الجديد بفريق عمل أفلامه
السابقة (مثل «كباريه» و{الفرح») نفسه، وفي المقدمة: فتحي عبد الوهاب، مي
كساب، دنيا سمير غانم وسوسن بدر، من دون أي محاولة للتغيير أو الاستعانة
بوجوه سينمائية جديدة لمنحها فرصة للعمل، في ظل سيطرة الشللية على الصناعة.
الفيلم من إخراج سامح عبد العزيز الذي اعتاد كريم السبكي التعاون معه
في أفلامه الأخيرة. في هذا السياق، يشير عبد العزيز إلى أنه يحاول، في كل
فيلم، الاستعانة بمجموعة من الفنانين والنجوم المبتعدين عن الساحة الفنية،
للاستفادة من وجودهم الفني الذي يثري أي عمل فني على غرار: محيي إسماعيل في
فيلم «حد سامع حاجة»، كريمة مختار في فيلم «الفرح» وغيرهما.
لن يتخلى المخرج خالد يوسف أيضاً عن شلته السينمائية التي اعتاد
التعاون معها في الفترة الأخيرة وأبرز أفرادها: عمرو سعد وصبري فواز
والمنتج كامل أبو علي… وقد اتفق معهم على إنتاج فيلم جديد لم يحدد اسمه
النهائي بعد، بعدما استبعد غادة عبد الرازق لخلافها السياسي معه، وقبلها
سمية الخشاب لخلافها مع كامل أبو علي.
ثلاثية
تشهد الأيام المقبلة عودة شللية الثلاثي الشهير وحيد حامد وشريف عرفة
وعادل إمام وتنضم إليهم يسرا، ذلك في الجزء الثاني من فيلم «طيور الظلام»،
بعد مرور 20 عاماً على عرض الجزء الأول، في ردّ على الحكم بحبس عادل إمام
بتهمة ازدراء الأديان، وفي تحد واضح وصريح للجماعات الإسلامية… وقد تفكّر
هذه الشلة في تقديم مجموعة من الأفلام الجديدة.
كذلك تعود ياسمين عبد العزيز في فيلم جديد مع المخرج علي إدريس وصلاح
عبد الله ومجموعة من الأطفال، وهي الشلة التي تفضل العمل معها في معظم
أفلامها، أما في ما يتعلّق بالبطولة فهي تختار عادة نجوماً من الصف الثاني
أو الثالث على غرار سامح حسين أو نضال شافعي.
لغاية اليوم لم تستقر ياسمين على اسم الفيلم الذي اختارت له في
البداية «حظاظا بظاظا»، إلا أنها ما لبثت أن غيرته وهي تنكبّ على اختيار
اسم بديل.
المنتج محمد السبكي لم يغيّر الشلة التي يتعامل معها منذ أربع سنوات
في الأجزاء الثلاثة لفيلم «عمر وسلمى» ويحضّر معها اليوم الجزء الرابع وهي:
تامر حسني ومي عز الدين والطفلتان ملك وليلى أحمد زاهر، ما يغلق الباب في
وجه كثيرين للظهور على الساحة الفنية ونيل فرصة حقيقية، في ظل تمسك صانعي
السينما كل بشلته القديمة، وهي النظرة التي تخيل البعض أن الثورة ستقضي
عليها ولكن يبدو أن الواقع لم يتغير.
يشير تامر حسني في هذا السياق إلى أن «عمر وسلمى» له ظروف خاصة، فهو
فيلم مكون من أجزاء عدة ولا يمكن التعامل معه بمنطق الشللية، بالإضافة إلى
أنه ضد الشللية في أي صناعة «وعلينا أتاحة فرصة للجميع».
يوضح سعد الصغير أنه يستعين في كل فيلم بممثلين مختلفين عن شلة
السبكي، في هذا الإطار اقترح طارق الشيخ ومحمود الليثي ليشاركا في الغناء
في فيلم «شارع الهرم» إيماناً منه بموهبة كل منهما، وقال: «على رغم أن صوت
طارق الشيخ أفضل من صوتي إلا أنني لم أخف لأن الأرزاق بيد الله تعالى
وعلينا السعي كل في مجاله إلى إتاحة فرص للآخرين، فكلنا حلمنا بالفرصة
يوماً ما».
أخيراً، ترى مي كساب أن «الشللية تفقد أي صناعة قوتها وعلينا القضاء
عليها بإتاحة فرص للموهوبين ليشاركوا في أعمال فنية وهو ما أسعى إليه
بالطرق كافة».
الجريدة الكويتية في
14/05/2012
Best Exotic Marigold Hotel…
الخوف والصدمة الثقافية
كان الصباح حاراً ومليئاً بالغبار في عاصمة راجستان عندما أطلَّ ممثلو
فيلم Best Exotic Marigold Hotel
من باصات سياحية بالية اصطفت أمام فندق سيتي بالاس. وعلى رغم وجود
أشهر الممثلات والممثلين البريطانيين مثل جودي دنش، وبيل ناي، وتوم
ويلكنسون، وماغي سميث، إلا أنّ من خطف الأضواء فعلاً وجذب مئات المارة
المتجوّلين كان الشاب ديف باتيل الذي اشتهر في فيلم
Slumdog Millionaire.
يتناول فيلم
Best Exotic Marigold Hotel
قصة سبعة بريطانيين من الطبقة الوسطى قد دمجوا
مدّخراتهم مع الاقتصاد العالمي. فقد كانوا منجذبين لشبه القارة وموعودين
بتقاعد في ترف ميسور، لكنهم عوضاً عن ذلك، وجدوا أنفسهم وسط مزيج من
الحَرّ، والضجيج، والروائح والنكهات… إنها الهند. قبل انتهاء فترة التصوير
التي استمرّت 45 يوماً في الهند في شهر نوفمبر 2010، نشأت بلبلة حول مشهد
يُفترَض فيه ببيل ناي قيادة دراجة نارية حاملاً معه جودي دنش وهي في
السبعينات من عمرها.
ونظراً إلى عدم خبرته في قيادة الدراجات النارية، كان ناي متوتراً بعض
الشيء إذ خشي التعرّض إلى حادث أمام ذلك الجمهور كله. لذلك، تمّ استبعاد كل
من ليس له دور أساسي في التصوير.
بعد ساعة تقريباً، انتهى ناي من تصوير المشهد وكانت الابتسامة تعلو
وجهه. جلس على الكرسي وقال: «ارتحتُ الآن، لو حصل أي مكروه، لما كنت تمكنتُ
من العودة إلى إنكلترا. كنت سأكون الرجل الذي قتل دنش».
تجاوز المخاوف، وتحدّي الصدمة الثقافية والتأقلم مع الهند إلى حد ما،
هي المواضيع الرئيسة لشخصيات الفيلم. يتوقّع المتقاعدون حياةً مترفةً،
ومساكن غنية بالعشب والأشجار بسعر زهيد. لكنهم عوضاً عن ذلك، حصلوا على
واقعٍ يرغمهم على مواجهة شياطينهم الخاصة. وفي حين أنّ البعض أُنهك، نجا
البعض الآخر.
بالحديث عن دوره في الفيلم بشخصية دوغلاس الذي تقاعد من وظيفة لم
يحبها قط، يقول ناي: «إنّه يحبّ المغامرات، وما أفضل من السفر إلى الهند».
هجوم على الحواس
باشر طاقم الممثلين عملية الاكتشاف خلال إقامتهم في الهند التي دامت
ثمانية أسابيع. يقول المخرج غراهام برودبنت: «كل من لم يعرف الهند قد سافرَ
مسافةً طويلةً في هذا المشروع. الأمر أشبه بسفر شخص أميركي إلى العراق،
فإما أن تأخذ معك برغر من «برغر كينغ» أو تحاول أن تتأقلم».
قلّة منهم لم تتأثّر، وقد وجدت دنش ذلك أشبه بـ «هجوم على الحواس».
بعد استراحة الغداء، خرج طاقم الممثلين إلى الشارع لتصوير مشهد يجول فيه
عدد من الممثلين عبر زحمة جايبور في عربات ثلاثية العجلات اسمها «توك توك».
وبينما كان مساعدو المخرج يصرخون على عشرات المتفرجين الذين كانوا واقفين
تحت شجرة طالبين منهم الابتعاد، انحنى مدير التصوير «جون مادن» نحو
مُشرفَين على التصوير وقال لهما: «أعيدوا التصوير». كان يرتدي سروالاً
قصيراً وجزمةً ويخاطب المصورين الثلاثة من خلال سماعته: «ثمة مسافة كبيرة!
تتقدم عربة «توك توك» الأولى كثيراً عن الثانية. انتظروا بعض السير».
أثناء التصوير، فرضت مشاهد من الحياة التقليدية اليومية الهندية
نفسها، فترى بائعاً ينادي على الأناناس هنا، وشبّان يطبعون على الآلات
الكاتبة اليدوية على جانب الطريق، وقطيع بقر يطوف وسط الساحة. وعندما حاولت
بقرة تناول خيارة من عربة بائع الخضار، ضُربت بعصا فقفزت وهربت مسرعة حتى
إنها كانت تدهس ولدين في طريقها.
قال مادن وهو ينظر إلى المشرف على التصوير من جديد: «هذه البقر… إنها جيدة».
يُشار إلى أن الفيلم مقتبس من كتاب
These Foolish Things
لديبورا موغاش. لكن بدلاً من تصويره في بنغالور،
العاصمة الخارجية للهند والإطار الذي تدور فيه أحداث الرواية، نُقل الفيلم
إلى جايبور التي توفّر خلفية مذهلةً من الحصون والجِمال إلى جانب الفوضى،
والحياة والتنوع في الهند الحديثة.
في هذا الإطار، قال برودبنت: «وسط بنغالور الحديث أشبه بحديقة
تكنولوجيا في تكساس، وهو ليس بالتحديد ما يتوقعه المشاهدون». ونظراً إلى
الممثلين البريطانيين الكبار في الفيلم، كان التحدي الأكبر للمنتجين أن
يحرصوا على ألا تنحصر مشاهدة الفيلم بالمشاهدين البريطانيين وبأن تُقبل على
مشاهدته فئة الشباب من المشاهدين أيضاً.
وقد يكون هذا أحد الأسباب لتوسيع دور باتيل الذي يؤدي شخصية سوني،
صاحب فندق ماريغولد الذي أفرط ببيعه إلى المتقاعدين. لهذا السبب أيضاً،
ساهمت Fox Searchlight
في تمويل الفيلم بالتعاون مع Participant Media
وImage
Nation Abu Dhabi.
يُذكر أن القسم المختص في20th Century Fox
يملك خبرةً واسعة في تبني أفلام متواضعة نسبياً مثل
The Full Monty (1997)،
وLittle
Miss Sunshine (2006)
وSlumdog Millionaire (2008)
وإيصالها إلى عدد كبير من المشاهدين.
تجاوز القواعد
صحيح أنّ المتقاعدين في الفيلم يواجهون العنصرية، والحب غير المتبادل،
والعزلة، والزواج الفاشل وغيرها من مشاكل، إلا أن الفيلم يتناول أيضاً
الثقة المتزايدة للهند المتجسّدة في تفاؤل «سوني» الكبير، واستعداده لتجاوز
بعض القواعد. ويقول باتل: «إنه يسوّق الفندق وكأنه تاج محل».
الهدف الأول والأخير، على حدّ قول برودبنت وكاتب السيناريو أول باركر،
هو صنع فيلم بعيد عن الرؤية المُجمَّلة للهند أو عن ذاك النوع المسمى poverty porn genre
المرتكز على المهزومين الفخورين. وقد قال باركر: «على الآخرين أن يحكموا
إذا كنا قد نجحنا أو فشلنا. من المستحيل إرضاء الجميع. إنني أنتظر ردود
الفعل بسرور ورعب في آن».
يتناول الفيلم بعض القضايا الحساسة، مثل ميل الغرب إلى تهميش
المسنّين، والإحساس بأن الهند تسرق الوظائف من أوروبا ومن كافة أنحاء
العالم، ناهيك عن التنوع الديني، والثقافي والسياسي والاجتماعي في الهند.
ويقول «باركر»: «تدخل عالماً في منتهى الخطورة، وكأنه حقل ألغامن وما عليك
سوى المرور على رؤوس أصابعك بين الألغام».
أخيراً، أوضحَ «مادن» أنه أراد أن يشمل السيناريو مجموعة من
الانفعالات الصادرة عن الناس تجاه الهند، من الاشمئزاز إلى الدهشة. وفي
استراحة بين المشاهد، قال مادن: «أنظروا إلى هذه العربات في الشارع. إن
الهند بلد غير معقول ومليء بالمفاجآت التي لا يمكن لأحد توقعها، ولكنه
أيضاً بلد الذكاء والحيوية. كذلك إنه بلد المرح. فالشبّان يقودون دون أن
يعرفوا إلى أين هم ذاهبون».
وقد أجمعَ نجوم كثر على أنّ إحدى النواحي الفريدة في التجربة تكمن في
الصداقة التي تطورت بين الممثلين جرّاء عملهم المتواصل خلال هذه الفترة
الطويلة، وهذه إحدى الصدف النادرة في حياة ممثلين دائمي الانشغال. ويقول
برودبنت: «لم يكن أمراً سهلاً تعطيل جدول أعمال الجميع لمدة ثمانية أسابيع
متتالية… لكنّ الأمر كان بمثابة لقاء بينهم بما أنهم سبق أن عملوا معاً في
الماضي».
من جهتها، صرّحت دنش أنها أمضَت وقتاً رائعاً في الهند لن تنساه
أبداً، كذلك سجلت هذه التجربة في مذكراتها اليومية التي سيقرأها أحفادها:
«اللون، الجوّ، الفرق بين الثروة الطائلة والفقر المطلق في الهند، الروائح،
التوابل… كل ما تسمع عنه في الهند مضاعف 10 مرات».
الجريدة الكويتية في
14/05/2012 |