هل من الممكن أن نتحوَّل فى لحظة إلى تماثيل خرسانية بلا قلوب تنبض فى
الصدور ولا دماء تتدفق فى الشرايين، نصبح فى لحظة أجهزة آلية؟ هذا هو
تفسيرى الوحيد لما قرأته منسوبا إلى نقيب الممثلين أشرف عبد الغفور فى أكثر
من جريدة، وهو يؤكد أنه لن يسدد مصاريف علاج الفنانة الكبيرة لأنها لم تعد
عضوا بنقابة الممثلين ولا تسدد الاشتراك السنوى ولا تتردد على النقابة
وأنها لا تعمل ولا تتواصل مع أحد.
هل طلبَت مثلا شادية المساعدة فى تحمُّل مصاريف علاجها؟ هل حاول مثلا
أحد أصدقائها أو أقاربها ذلك؟ تكتشف أن شيئا من هذا لم يحدث، وأن كل ما
تردد فى هذا الشأن مجرد سؤال صحفى جاءت إجابة النقيب عنه بليدة جدا كأنه
يخشى أن يحسبها عليه أحد.
شادية اعتزلت منذ نحو ربع قرن، ابتعدت فقط عن الشاشة والميكروفون،
ولكنها اقتربت أكثر من القلوب، فهى حاضرة فى الوجدان ولم تغادر أبدا
مكانتها، وهى لا تنتظر مساعدة من أحد، ولم ولن يحدث، بل أنا أعرف وغيرى
يعرف أكثر أنها لم تتوقف يوما عن منح يد المساعدة لعشرات من الفنانين وغير
الفنانين المحتاجين. شادية عندما تعلم أن فنانا مريضا تسارع إلى زيارته،
ولو كان بحاجة إلى مساعدة مادية تدفع، ولكنها لا تعلن أبدا عن ذلك، وكم
فعلت هذا وأكثر دون أن يشعر أحد، فهى تعوّدت أن تمد يدها بالعطاء للجميع،
ولكن النقيب كان يبدو مثل مرشحى رئاسة الجمهورية وكل منهم يجيب عن السؤال
فيفكر ألف مرة ما رد فعل الآخرين على تلك الإجابة.. وأقول للنقيب: حتى فى
تلك الحسبة كنت بليدا.
قلوب الملايين التى تعلقت بشادية مستعدة أن تقدم لها ما تريده لو كانت
تحتاج، ولكن الحقيقة هى أن شادية هى التى كانت ولا تزال تمنح.
قبل بضعة أيام قرأنا هذا الخبر: «شادية على جهاز التنفُّس الصناعى»،
فتوجهنا جميعا بالدعاء أن ينعم عليها المولى عز وجل بالشفاء، نعم عطاؤها
الفنى تَوقَّف طوال تلك السنوات، ولكننا لا نزال نعيش على هذا الرصيد، فهى
قد عقدت حالة من التواصل تتجدد مع كل أغنية تشاهدها أو تسمعها ومع كل فيلم
تبثه الفضائيات.
هناك دائما جديد يعلن عن نفسه فى كل ما تقدمه شادية، إنها منحة خاصة
جدا أن تكتشف فى كل مرة أنك لم تكتفِ أبدا بهذا القدر وأنك لم ترتوِ بعد،
وتردِّد: أَعِد.
شادية فى مشوارها الفنى كانت حالة استثنائية وبعد الاعتزال ظلت تحتفظ
دائما بهذا التفرد الخاص، فهى لم تلعن الفن مثل أخريات ولم تتنكر لما
قدّمته لنا، بل حرصت ولا تزال على أن تحتفظ بكل تقدير لهذا التاريخ المضىء.
هناك من عُدْن لممارسة الفن بالحجاب ومن خلعن الحجاب، وكانت شادية هى
الأروع بين كل هؤلاء حتى إنها رفضت أن تتحول حياتها إلى عمل درامى ورفضت
الملايين التى تُعرض عليها لتُطِلّ على جمهورها فى برنامج.
لم تنتظر شيئا ماديا من أحد، ولو أرادت لحصلت -وهو من حقها- على أى
رقم تريده لو أنها قالت: سوف أوافق على الوقوف أمام الكاميرا.
لماذا لم يفكر النقيب فى لحظة أن يبحث عن إجابة لا تخدش عشاق شادية،
وأظنه واحدا منهم؟ هل من الممكن لدولة بحجم مصر حتى لو كان يحكمها العسكر
أن تسمح بأن تنتظر سماع طلب من شادية، أم تعرض وبإلحاح أن تتكفل هى بمصاريف
العلاج؟
شادية لم ولن تطلب شيئا، ولكن كان ينبغى على الدولة لا النقابة فقط أن
تعرض، وتمنحها حق الاعتذار.. سألَتنى إحدى المحطات الفضائية عن شادية فى
جملة، قلت إنها الفنانة التى ما إن تستمع إليها أو تسمع عنها أو مجرد أن
يتردد اسمها تشعر أن الحياة تستحقّ أن تُعاش، إنها مضادّ حيوى أرسلته
العناية الإلهية لمواجهة كل مشاعر الإحباط والاكتئاب التى نعيشها!
أتمنى أن لا تقرأ شادية كلمات النقيب وأن لا تقرأ حتى كلمتى عنها، فهى
نسمة عاشت ولا تزال بيننا «يا حبيبى عُدْت تانى»!
مصر «بعد الموقعة»!!
طارق الشناوي
May 15th, 2012 9:48 am
«أنا أقدم واحد فى المهرجان ده».. عبارة تصورت أن من حقى إعلانها بعد
ساعات قليلة فى مطار القاهرة وأنا فى طريقى إلى مهرجان «كان» السينمائى
للمرة رقم «21».. المهرجان يبلغ هذا العام الـ«65» من عمره المديد، أى أننى
حضرت قرابة 30% من دوراته.. إلا أننى وأنا أدرب أحبالى الصوتية على هذا
الهتاف تذكرت أننى سوف ألتقى فى «كان» مع الشيوخ والعُمد الحقيقيين
للمهرجان الذين تجاوز رصيدهم ضعف سنواتى مثل الصديقين يوسف شريف رزق الله
وسمير فريد.. وكان قبل أعوام قليلة فقط معنا فى «كان» الكبار أمثال أحمد
الحضرى، ورفيق الصبان، ومارى غضبان، وأحمد صالح، وبخبرة تقترب من 40 دورة
فى المهرجان ولكنهم استطاعوا أن يتخلصوا من حالة الإدمان التى لا تزال
تستبد بى فى منتصف شهر مايو من كل عام؟!
لماذا مهرجان «كان»؟ سؤال، حقيقة لم أعثر له على إجابة منطقية قاطعة..
إنه واحد من أهم ثلاثة مهرجانات فى العالم، الاثنان الآخران «فينيسيا» وهو
الأقدم، و«برلين» الأحدث.. لماذا لم أحاول أن أتجه بالبوصلة فى البداية صوب
إيطاليا أو ألمانيا؟ هل لأننى تعودت أن أقرأ تغطية الزملاء الكبار عن «كان»
ويتضاءل كثيرا بجواره أى مهرجان آخر فى الدنيا. لا يتلقى أى صحفى مصرى دعوة
رسمية من المهرجان، أى أننا نتحمل دائما نفقات السفر والإقامة. الجنيه
المصرى دائما ما يبدو ضعيفا يعانى قلة حيلته وهوانه فى سوق العملة، كان
يترنح قبل 9 سنوات أمام الفرنك الفرنسى وبعد ذلك خرّ صريعا أمام اليورو..
حاولت أن أُشفَى من جنون الذهاب السنوى إلى «كان» دون جدوى.
هذا العام وفى هذه الأيام تشهد مصر أهم حدث ديمقراطى فى نصف القرن
الأخير وهو اختيار أول رئيس جمهورية بإرادة الناس.. سوف نحاول طبقا لما
قاله لى المخرج يسرى نصر الله أن نبحث عن مَخرج قانونى يتيح لنا أن ننتقل
إلى «مارسيليا» وهى الأقرب إلى «كان» وبها قنصلية للإدلاء برأينا فى اختيار
مرشح الرئاسة.. لا أدرى هل ننجح أم أن ذلك يتعذر من الناحية القانونية،
ولكن فى كل الأحوال أنا أعلم أن الانتخابات التى تشهدها مصر سوف تنتقل لا
محالة إلى المعركة النهائية فى الشهر القادم وأن الجولة الأخيرة بين عمرو
موسى وأبو الفتوح، وهى التى سوف تحدد مصير مصر فى السنوات القادمة.. ما
نتابعه الآن هو فقط للتسخين وبعدها يدرك كل مرشح حقيقة وجوده فى الشارع.
فكرت كثيرا فى السنوات الأخيرة أن لا أذهب إلى «كان» ولكنى لم أستطع،
عقلى يقول لى لا تذهب ولكن قلبى لا يطاوعنى.. أكتب هذه الكلمة وأنا فى
طريقى إلى المطار، الشوارع خاوية لأننا فى الصباح الباكر وبعد ساعتين أستقل
الطائرة التى تذهب إلى ميونخ ومنها إلى نيس، وبمجرد أن أهبط إلى مطار «نيس»
متجها بالأوتوبيس إلى «كان» أتحول إلى كائن سينمائى يشاهد فى اليوم خمسة
أفلام.. يصحو فى السادسة صباحا ولا ينام قبل الواحدة صباح اليوم التالى..
أنتقل من أفلام المسابقة الرسمية إلى قسم «نظرة ما» ومنه إلى أسبوعى
المخرجين، وأعرّج إلى أسبوع النقاد، ولا أنسى قبل النهاية أن أشاهد التجارب
الجديدة لأفلام طلبة معهد السينما والأفلام الروائية القصيرة بالإضافة إلى
التسجيلية!
هذا العام لنا وجود حقيقى فى المهرجان داخل المسابقة الرسمية بفيلم
يسرى نصر الله «بعد الموقعة»، الذى يُعرض ظهر الخميس بعد أن كانت آخر
مشاركة رسمية لنا فيلم «المصير» ليوسف شاهين قبل 15 عاما.
فى العام الماضى كانت هناك حفاوة خاصة بالسينما المصرية لها أسبابها
السياسية من خلال فيلمى «18 يوم» و«صرخة نملة».. الوجود هذه المرة رغم أن
الفيلم يتناول الثورة فإنه يستند إلى قيمة سينمائية.
السينما المصرية وقفت على حدود «كان» فى الأعوام الأخيرة بتعضيد من
المخرج مارتن سكورسيزى، الذى اختار فى قسم تكريم السينما العالمية فيلمَى
«المومياء» و«الفلاح الفصيح» لشادى عبد السلام، وكان بالفعل حضورا لافتا من
خلال شادى الذى صار أيقونة مصر السينمائية.
مصر فى «كان» تنتظر أن تقتنص جائزة لفيلم «بعد الموقعة» وتنتظر بعد
موقعة الانتخابات أن تحقق الجائزة الكبرى فى معركتها الديمقراطية!!
«توك
شو» جبهة الإبداع!
طارق الشناوي
May 8th, 2012 9:38 am
يجرح الموقف الوطنى أن يختلط بالموقف السياسى.. الوطن مطلق فى مشاعره،
بينما السياسة نسبية فى وسائلها.
قبل نحو شهرين كان انطلاق واحد من التجمعات التى كانت نتاج ثورة يناير
وهى جبهة الدفاع عن حرية الإبداع. جاء تشكيل الجبهة كرد فعل مباشر لحالة من
الخوف انتابت الوسط الفنى والثقافى بعد سيطرة الإسلاميين على مقاعد
الأغلبية فى مجلسى الشعب والشورى، مع انتشار تصريحات هنا وهناك تُنذر
بمستقبل ضبابى ينتظر الإبداع فى مصر.. كانت زاوية الرؤية وقتها تنحاز فقط
إلى الدفاع عن الحرية.
وأعلنت الجبهة عن وجودها الشرعى فى نقابة الصحفيين التى لا يمكن لأحد
أن يغفل دورها فى الذود عن الحرية طوال السنوات الأخيرة وسلم النقابة شاهد
إثبات على الكثير من تلك المواقف الشريفة.. الهدف الوحيد الذى من أجله
أنشئت الجبهة هو الحرية التى لا تختار طريقا سياسيا محددا للتعبير، ولكنها
تفتح مظلتها للجميع ومن كل الاتجاهات، وهكذا جاءت كلمات القَسم الذى ألقاه
«محمود يس» فى نقابة الصحفيين وردده وراءه كل المجتمعين.
كان للجبهة أكثر من موقف عملى فى الدفاع عن الحرية.. مثلا دعمت عادل
إمام من باب دفاعها أساسا عن الحرية، ولم يكن يعنيها من قريب أو بعيد مواقف
عادل إمام الداعمة لمبارك والمبشرة بالتوريث قبل الثورة.. الهدف الأسمى هو
الحرية وليس عادل إمام.. أيضا تتابعت مواقف الجبهة لملاحقة كل من يعتدى على
حرية التعبير مثل تلك التى تعرض لها المخرجان أحمد عبد الله وكاملة أبو
ذكرى.. إلا أن ما سوف يأتى ذكره بعد ذلك أحالها من جبهة للدفاع عن الحرية
إلى مجرد برنامج توك شو فضائى، وذلك فى ظل إصرار عدد من أعضاء الجبهة على
أن تدخل طرفا فى معركة اختيار رئيس مصر القادم.
أنا مثلا أضم صوتى إلى البيان الذى طرحته الجبهة، مؤكدة أنها تعتبر أن
كلا من عمرو موسى وأحمد شفيق من الفلول ولا يجوز لمصر القادمة بعد الثورة
أن تمنح صوتها لأى منهما، نعم هما من الفلول وتقدُّم كل منهما لانتخابات
الرئاسة يحمل فى عمقه تطاولا على الثورة، ولكن فى نفس الوقت أرى أن الجبهة
لا ينبغى أن تتحول إلى حزب سياسى يعلن تأييده لمرشح ما ويطالب الأعضاء فى
نفس الوقت بالالتزام بهذا الاختيار.. دور الجبهة هو أن تظل بمنأى عن اللعبة
السياسية حتى لا تتفتت قراراتها ما بين مؤيد لرئيس ورافض لرئيس، وبالتالى
سوف ينشق عن الصف.
الجبهة كما هو معلن بعد استبعاد موسى وشفيق حائرة بين حمدين صباحى
وعبد المنعم أبو الفتوح، مثلا خالد يوسف ومحمد العدل يؤيدان حمدين، ولكن
ماذا لو أن هناك أعضاء آخرين لديهم قناعات مغايرة ولديهم أسبابهم للحماس
إلى مرشح آخر؟ لماذا تتفتت إرادة الجبهة فى لعبة السياسة؟ دور الجبهة
القادم أراه أخطر، ومن صالحها أن لا تتورط فى مثل هذه الخلافات المجانية،
وهى تفاضل بين مرشح وآخر ثم إنه ما المقصود من تلك اللقاءات التى من
المنتظر إقامتها تحت إشراف الجبهة للمفاضلة بين المرشحين؟ أن يعلن مثلا كل
مرشح أنه سيمنح الحرية للفنانين ولن يسمح للرقابة بالتدخل. سوف يعلنها
أغلبهم بمن فيهم الفلول، فلا يعتقد أحد أن شفيق أو موسى لو وجدا فى هذا
الاجتماع، فليس إلا أن يزايد كل منهما على الحرية المطلقة للإبداع من أجل
الحصول على أصوات الفنانين، وذلك لما يمثله الفنان باعتباره قائد رأى
يستطيع أن يضيف إلى كل منهما أصواتا أخرى من معجبيه.
لا أدرى من الذى حرك المؤشر بعيدا عن القضية المصيرية التى تتبناها
الجبهة؟ وكيف يوافق الأعضاء المؤسسون على أن يوجهوا إليها تلك الطعنة
القاتلة؟
هل هو الإحساس بأن هذه هى الحالة العامة التى تسيطر الآن على مصر، حيث
إن السؤال لمن تمنح صوتك فى الانتخابات بات هو السؤال الدائم، بل ويكاد
يكون هو السؤال الوحيد الذى لا تستمع لغيره فى الشارع وانتقل بدوره إلى كل
الفضائيات، فقررت الجبهة أن تغير نشاطها الوطنى وتتحول إلى برنامج «توك شو»
سياسى يتبادل تقديمه خالد يوسف ومحمد العدل.
«صليب»
حنان ترك!
طارق الشناوي
!May 2nd, 2012 9:17 am
تواجه حنان ترك بهجمة شرسة على «النت»، كل ذلك لأنها وافقت على أداء
دور «الأخت تريزا» الراهبة، وارتدت الصليب وقرأت بعض آيات من الإنجيل فى
المسلسل الذى كتبه بلال فضل، ويخرجه حسام الجوهرى.. ووصل الأمر إلى
تكفيرها، وما أدهشنى وأسعدنى فى نفس الوقت أن حنان لم تتراجع ولم تختر
المهادنة لهذا التيار الذى يبدو لى وهو يحاول أن يقيّد الفكر والفن وينظر
بعين قاسية وقاصرة لا ترى سوى ما تحت قدميها ولا تعرف حقيقة الدين ولا قيمة
ودور الفن.. جزء منهم كان مصفقا ومشجعا لحنان ترك عندما ارتدت الحجاب ورفضت
التمثيل بغيره، ووجد فى تلك المواقف ما يعضد نظرته التى تُحرّم الفنون
كلها، واعتبر أن حجاب حنان خطوة على الطريق.
حنان بطبعها لا تتخذ قرارها فى العمل الفنى إلا بعد أن تطمئن أولا إلى
مشروعيته الدينية وكثيرا ما صرحت بأسماء الشيوخ الذين تستنير بآرائهم فى
مثل هذه الأمور، ورغم أننى أختلف مع حنان فى إصرارها على تلك المرجعية
الدينية، لأنه فى أحوال الدنيا يكفى أن تستفتى قلبك.
فى العام الماضى حدث شىء مشابه، أدت حنان دور مأذونة فى مسلسل «نونة
المأذونة» وبعد أن ارتدت العمامة ونُشرت الصور فى الجرائد كان هناك من همس
فى أذنها، لكى تتوقف عن ارتداء هذا الزى واعتبروه يحمل سخرية بما لا يليق
بالإسلام، وهكذا تخلصت حنان من «العمّة» فى أثناء تصوير الحلقات، وإن كانت
الصورة التى استقرت فى الأرشيف الصحفى والتليفزيونى وظلت هى الدلالة
المباشرة على «نونة» هى ملامحها بزى المأذونة الشائع الذى رسخت له أفلام
الأبيض والأسود.. لم أتحمس لهذا المسلسل، ولا إلى الحالة الكوميدية
المفتعلة، ولا حتى إلى أداء حنان، ولكن هذه قصة أخرى.. المؤكد طبقا لطبيعة
حنان أنها قبل أن تؤدى دور الراهبة «تريزا» سألت وحصلت على المباركة
الدينية مثلما فعلتها فى «نونة» إلا أنها لم تتحمل الانتقادات، فخلعت زى
المأذونة ولكنها هذه المرة مع «تريزا» قررت أن تواجه ولم تخضع للابتزاز،
وظلت محتفظة بالصليب على صدرها وهى تقرأ آيات من الإنجيل.
حنان هى الوحيدة بين النجمات المحجبات التى تسند إليها أدوار البطولة
المطلقة فى الأعمال الدرامية.. صابرين بالطبع تحتل مكانة مميزة، وهى مثلا
تلجأ إلى حل درامى يبدو مضحكا عندما يتطلب الأمر خلع الحجاب، فهى تضع
باروكة على الحجاب، ورغم ذلك فإن صابرين قد تشارك فى بطولة مسلسل، ولكن
طبقا لقواعد السوق الدرامية لا تصنع لها مسلسلات.
حنان من الواضح أنها اختارت «تريزا» لتقدم شخصية راهبة قبطية، وفى ظل
ما نراه من قراءة خاطئة للدين عند البعض الذى يعتقد أن اعتناق الإسلام يعنى
رفض كل من يؤمن بدين آخر، رغم أن الإسلام أكثر رحابة فى تقبل كل الأديان من
بعض من يعتنقون الإسلام.
هل نُخضع الفن إلى تلك النظرة المتطرفة التى بات عليها البعض، حيث
يحكمون على العمل الفنى وعلى الفنان من منطلق دينى.. أغلب الناس فى تعاطيها
مع الفنون لا أتصور أنها تضع خانة الديانة مؤشرا على الحب، أو أن الحجاب
على الرأس يؤدى بالضرورة إلى مزيد من الجماهيرية، والدليل أن القطاع الأكبر
من الفنانات اللاتى تحجبن، أو من يرفع شعار الالتزام لم يتغير موقعهن على
الخريطة، تستطيع أن تجد أن ذائقة الناس لا تزال تضع الفن والإبداع أولا.
الرهان أراه الآن على الناس، أو القاعدة العريضة منهم هى التى سوف تحدد
الموقف.. نعم الدراما تتردد عندما تقترب من الشخصية القبطية.. المشاهد سواء
أكان مسلما أم قبطيا يتعامل بشىء ما من الحساسية، وهناك فى ما يبدو قدر من
التحفظ المشترك، نظرا إلى غياب الأقباط القسرى عن الشاشة على مدى سنوات
بعيدة.. المؤكد أننا هذه المرة بصدد شخصية تفرض الدراما طبيعتها المثالية،
ولكن بالطبع هذا لا يكفى لكى نتعاطف مع المسلسل، الأهم أن يصدقه الناس على
الشاشة.
حنان ترك تضرب هذه المرة مثلا لفنانة تعرف ربها ودينها ودورها فى
المجتمع، ولهذا أنتظر بشغف الراهبة «تريزا».
التحرير المصرية في
02/05/2012 |