يرى
المخرج السوري غسان شميط أن فيلمه الجديد «الشراع والعاصفة» قد ظلم نقدياً،
لأنه لم ينل حظه في العرض جماهيرياً بحكم الظروف التي تمر فيها البلاد.
وكان للعرض اليتيم في صالة «كندي دمر» في العاصمة السورية قبل فترة أثر
عكسي على الصعيد النقدي، فهذا أفسح في المجال أمام كثر – كما يقول شميط –
للاكتفاء بما كتب عنه عبر الأنترنت من قلة قليلة أمكنها مشاهدته، وتجميع ما
كتب في مقالات نشرت هنا وهناك من غير أن يرف لأصحابها وناشريها جفن لجهة
استسهال الأحكام النقدية وإطلاقها كيفما اتفق.
شميط الذي يعتقد أن شخصية بطل فيلمه، الطروسي (جهاد سعد) ما زالت
شخصية راهنة، وأن في وسع صاحبها الانطلاق من رموز خاصة به من المقهى الشعبي
الذي يملكه على شاطئ اللاذقية وفي خضم أحداث عاصفة تمر فيها البلاد عشية
الحرب العالمية الثانية، ليقوم بعملية انقاذ مركب الرحموني الذي هبت عليه
عاصفة مماثلة سبق له وعاشها وأضاع فيها مركبه حين لم يهب إلى نجدته أحد من
أبناء جلدته.
الفيلم لم يبتعد كثيراً عن أحداث الرواية التي كتبها حنا مينة، ولكنه
اكتفى بما بدا للمخرج أنه يمثل له الشيء الكثير على صعيد اللغة السينمائية،
ولم يضع الخيط الأساسي، وإن بدا أن العاصفة البحرية التي ستهب في أحد
استوديوات اوكرانيا ستكون خاتمة الفيلم عند تلك الشخصيات التي تنتظر عودة
الطروسي سالماً لتقول كلمة مختلفة على هذا الصعيد. هنا حوار مع المخرج شميط
يؤسس لقول جديد – «كما آمل من الحوار» - بعد انقضاء العاصفة في الفيلم على
الأقل:
·
هناك العاصفة في البحر، والعاصفة
في البلاد، إلى أي مدى نجحت في التوفيق بينهما حتى يمكن القول إن فيلمك فيه
«مذاق» اللحظة الراهنة؟
- العاصفة البحرية التي حدثت عشية الحرب العالمية الثانية كانت الغاية
الأساسية منها اعطاء فكرة عن الروح الوطنية الموجودة عند شخصيات الرواية،
والفيلم. فعندما ألمّت المصاعب بهذه الشخصيات وجدنا أنها قد تناست المشاكل
اليومية هي التي هبّت للوقوف في وجه هذه العاصفة، التي يمكن أن تهب في أي
زمان وأي مكان.
·
في رأيك، ألم يزد الفيلم هنا من
جرعة الموعظة الأخلاقية، وهو يبتعد من «المذاق الراهن» في وقائع السرد؟
في الحقيقة إن زمن صدور الرواية يختلف عن الواقع الحالي الذي نعيشه
الآن. ما حدث في ذلك الزمن يعتبر مهماً، وتناولته الأقلام بكثرة، وبخاصة
تلك الأحداث المتعلقة بالصراعات السياسية السائدة في تلك الفترة المعروفة
بزمن الايديولوجيا. الآن يبدو لي أن مشاهد السينما لم يعد يتقبل هذه
الأفكار بتلك البساطة. نحن حاولنا قدر الامكان الاعتماد على روح الرواية،
واستلهمنا الحكاية الأساسية، وهي قصة الطروسي، وبنينا عليها.
وكما هو معروف، فإن أهم حدث في الرواية هو هبوب العاصفة. وفي رأيي
الشخصي أن أحداث ما بعد العاصفة هي سياسية لها علاقة بالتغيرات التي حدثت
على الساحة السورية في تلك الحقبة. من هنا كان ضرورياً انتهاء الفيلم عند
عودة الطروسي من العاصفة وقد أنقذ الرحموني، لأن الأحداث التي دارت بعد هذا
الحدث الكبير ليست مهمة في السياق السردي للفيلم. وهنا يكمن في رأيي هذا
المذاق الذي تتحدث عنه. فنحن سهل علينا التغني بعاصفة تبدو بحرية للوهلة
الأولى، ولكنها تدور في الرؤوس أيضاً.
الزمن الحاضر البعيد
·
نلحظ دائماً أنه عندما يتحدث
المخرج السوري عن سورية إن كان فيلمه يعاين مسألة تاريخية، حتى لو كانت من
التاريخ القريب نسبياً، يبقى الزمن الحاضر بعيداً عن مجرى حديثه؟
- نحن لم نغيّب الزمن الحاضر في فيلم «الشراع والعاصفة» ولا في أية
لحظة من اللحظات إن كنت تقصد ذلك. السينما في رأيي مهمتها إسقاط ما يحدث في
الواقع الراهن على زمن مضى واندثر إن كان الفيلم مبنياً على حدث تاريخي،
فالعاصفة التي هبت في تلك الفترة يمكنها أن تحدث في أزمنة وأمكنة مختلفة،
ولا تقتصر على ساحل اللاذقية في تلك الحقبة الزمنية فقط. والناحية المهمة
هنا أننا حاولنا أن نسقط أحداث الفيلم على الأمور الدائرة حالياً بطريقة
غير مباشرة عبر أحداث درامية يمكن المشاهد أن يتأثر من خلالها باللحظة
الآنية التي تدور فيها هذه الأحداث ويستخلص منها ما يشاء.
لا تبرير للانكسارات
·
نشاهد في الفيلم انكسارات في
بناء الأحداث ونمو الشخصيات على هذا الصعيد، اذ لا تبدو متمسكاً هنا برموز
تدلل عليها، كما قد يستشف من اجابتك؟
- لست في وارد تبرير ما تسميه انكسارات هنا، كما أنه ليس ضرورياً أن
أشاركك رأيك، فالفيلم على هذا الصعيد كان يعكس انسيابية مدروسة وواضحة في
رواية الحدث للمشاهد. وكل تلك الزوائد السردية التي تمثلها روحية ونوعية
الأدب الذي استلهمت منه فيلمي نأيت بنفسي عنها معتقداً أن روحية السينما
مختلفة تماماً. وما أشعته من رموز تدلل على نمو درامي صحيح لهذه الشخصيات
كان كافياً وواضحاً، ويمكن قراءته قراءات مختلفة، فهو حمّال أوجه ويبعث على
التفسير والتأويل.
·
هل صحيح أن غسان شميط «مزّق»
الشراع في العاصفة؟
- دعنا نتفق هنا أولاً على صفات الناقد السينمائي قبل الشروع بالاجابة
هنا. الناقد السينمائي كما يتوجب عليّ أن أعرفه، يقوم بتحليل الفيلم من
ألفه إلى يائه. كما يقوم الناقد الأدبي بتحليل القصيدة الشعرية أو الرواية،
وبذلك يفيد القارئ، أو يعيده على الأقل إلى مربع التأمل والتدقيق في اللغة
والآفاق المتاحة أمامها في اعادة صوغ العالم من هذا الباب بالتحديد.
في حالة الناقد السينمائي عندنا في سورية - تحديداً - تبدو الأمور
أكثر تعقيداً حين يكتفي هذا الناقد بالحدوتة فقط ويتلهى بالواقع الانتاجي
عمداً، وينسى أو يتجاهل عن سوء نية أو جهل، الحركة ووقائع السرد اللذين
يقوم عليهما هذا الفيلم. وما لاحظته من خلال ما كتب عن فيلمي أن البعض كان
غير موضوعي ووجد من خلاله امكانية تسويق نفسه على حسابي، فهو إما يكيل
المديح من غير ضوابط أو يقوم بالنقيض، وفي كلتا الحالتين أنا لست موافقاً.
وهناك بالطبع فئة ثالثة لا تشاهد الفيلم وتكتب عنه، وعناصر هذه الفئة
يجمعون من الأنترنت كل ما كتب حوله ويقومون بإعادة تدويره، كما يعاد تدوير
«القمامة»، بغية استخلاص ما هو مفيد لجمهور استهلاكي لم يعد يتمتع بذائقة
خاصة به على هذا الصعيد. وأنا لا أريد ذكر أسماء بعينها، فليست هذه غايتي،
لكن عناوين البعض تشي بذلك دائماً. ومن يرَى أن غسان شميط قد مزّق شراع
العاصفة، فهو قد مزق شراع النقد حين شرع بإعادة تدوير ما كتبه البعض، وقد
تراكم عبر الأنترنت، وأصبح في متناول الجميع. ولم يعد ممكناً إخفاء القص
واللصق الذي يقوم به هذا البعض. ولهذا لا أعتقد بإمكانية «اجتراح» معجزة من
خلال أقاويل الآخرين في هذا الشأن.
·
هل تعتقد أن الأزمة السورية
الراهنة قد أطاحت حظوظ عرض فيلمك جماهيرياً، وبخاصة أنه ليس هناك أمل بعقد
دورة جديدة من مهرجان دمشق في ظل الوضع الحالي؟
- نحن لم نعرض الفيلم عرضاً جماهيرياً لهذه الأسباب، ولكن أملنا كبير
أن تنتهي هذه المحنة في وقت قريب، وسنقوم حينها بعرضه في كل صالات الكندي
الموجودة في المحافظات السورية، حتى يستطيع المشاهد المقارنة بين عاصفة
الطروسي والعاصفة التي مرت من هنا، من فوق رأسه تماماً.
·
هل هناك أمل بمشاركة الفيلم في
مهرجانات عربية مع معرفة أن هناك شبه اجماع على مقاطعة الانتاج الحكومي؟
- بالفعل هناك بعض المهرجانات وفي شكل غير معلن تقاطع أفلام المؤسسة
العامة للسينما، ولكن أنا أعتقد أن الجمهور يهمنا أكثر من عرض الفيلم في
هذا المهرجان أو ذاك. وهذا لا يعني بالطبع أنه توجد مهرجانات مهمة تفوق
بأهميتها تلك التي تقاطع، ونحن نعول عليها في عرض هذا الفيلم.
الحياة اللندنية في
20/07/2012
«مرسيدس» توثيق الذاكرة
بيروت – محمد غندور
في
ثاني تجاربه الروائية الطويلة، قّدم المخرج المصري يسري نصرالله «مرسيدس»
(1993) وهو فيلم ناقش قضايا عدّة منها التغيرات السياسية والإدمان وتجارة
المخدرات والتطرف الديني والشذوذ والفساد. عرض نصرالله آنذاك وجهة نظر خاصة
بما يدور في مصر، أوائل تسعينات القرن الماضي، من خلال قصة شاب قضى فترة
شبابه في مصحة عقلية، ليخرج ويكتشف التناقضات.
لكن «مرسيدس» (2011) للمخرج اللبناني هادي زكاك، تختلف كثيراً عن ذلك.
أرادها أن تروي سيرة بلد، وتنبش الذاكرة الجماعية، وتفكك نسيج المجتمع
اللبناني.
في فيلمه الوثائقي (68 دقيقة)، ينطلق زكاك من أواخر فترة خمسينات
القرن الماضي، حين وصلت سيارة المرسيدس من ألمانيا لتستقر في لبنان، فتحوّل
بعضها إلى سيارات أجرة، فيما اقتنتها فئة من الميسورين لأناقتها وفخامتها.
جالت السيارة بسلام في المدن، وشهدت فترة الازدهار في الستينات، لكن
بداية الحرب الأهلية (1975) خيّبت آمالها، فقصفت في الاجتياح الإسرائيلي
(1982) وتعرضت للرصاص من قبل نيران عدوة وصديقة، ونقلت الجرحى والقتلى إلى
المستشفيات تحت القصف. كما شهدت المرسيدس وقف إطلاق النار (1990)،
والانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان (2000)، وبكت على اغتيال الحريري
(2005)، واستشهدت في حرب تموز (2006).
بعدما لمس زكاك التركيبة الطائفية في عمليْه «أصداء شيعية من لبنان» و
«أصداء سنية من لبنان»، بحث عن شيء ما ، قادر على أن يخبر الحكاية، ولكن من
دون سرد، بل من خلال الصورة فقط. استعان المخرج الشاب بالمرسيدس، بعدما
رافقت تاريخ لبنان منذ نشأته، وعاصرت حروبه وآفاته ومشاكله.
تأقلمت سريعاً مع العادات والتقاليد اللبنانية، ونسيت جذورها
الألمانية، وتزيّنت بأمور تدل على طائفة السائق، وصور وشعارات مذهبية، كما
راحت تمشي عكس السير، وتركن في أماكن غير مخصصة للوقوف. وحملت المرسيدس
الطبقة الكادحة، وأوصلت المقاتلين لقتل شركائهم في الوطن، كما أقلت أمراء
الحرب إلى كراسي البرلمان والوزارات.
هذا النقد الشامل الذي يقدمه زكاك للوضع اللبناني من خلال الاستعانة
بسيارة المرسيدس، محاولة لبناء ذاكرة جماعية للأجيال الجديدة، كما أنها
محاولة للتصالح مع الماضي وفهمه، علّ الاستعادة تمنع حروباً مقبلة.
ويحاكي زكاك الوضع العام من خلال هذه السيارة الألمانية، فالتي فقدت
عيناً في الحرب أو أصيبت نجدها اليوم، لا تزال بلا عين، والتي خُطفت
وفُجّرت، لا تزال تقبع مكانها. أما التي ساعدت في السرقة والنهب والقتل على
الحواجز، فنجدها اليوم في أبهى حلة، مصفحة ضد الرصاص، نظيفة جداً ولا
تستقلها إلا الطبقة الحاكمة.
هذه المقاربة السينمائية، تفتح أفق التخيل للمشاهد لإسقاط الصور
المناسبة على أي حدث أو فعل قام به أحد السياسيين بعد انتهاء الحرب. كما
يقدّم زكاك موقفاً سوريالياً تدور أحداثه في العام 2020، حين يصبح لعائلة
المرسيدس مجلس شيوخ، وينخرط أبناؤها في الأحزاب والطوائف اللبنانية.
أعطى المخرج البطولة المطلقة لسيارة المرسيدس، لما تخزنه من قصص
وروايات، ومشاركتها الدقيقة في تفاصيل الحياة اللبنانية. كما منحها بعض
فترات الحب والسلام، من خلال مشاهد مركبة جمعتها بصديقاتها وكأنها تمثل
حالات وفاق بين الطوائف.
لم نسمع في الفيلم سرداً بشرياً، أراد المخرج معالجة الذاكرة
اللبنانية الجماعية والفردية من زاوية مبتكرة. دخل إلى تفاصيل جديدة في
التاريخ اللبناني من خلال سيارة، لا من خلال وجهة نظر مواطنين يتأثرون
بفرضيات زعمائهم ورواياتهم. والتقط زكاك تفاصيل صغيرة زيّنت المرسيدس من
عين زرقاء حامية من الحسد إلى شعارات دينية وكتب سماوية، وأوشحة سياسية
وحزبية. وأراد المخرج القول من خلال هذا المشهد وبشكل غير مباشر، أن
السيارة تجمع تناقضات المجتمع اللبناني، وتكشف أسراره، وتعرض الموروث
الاجتماعي، والآراء السياسية المتضاربة.
كما عرض صاحب «بيروت وجهة نظر» (2000) مشاهد كانت فيها السيارة،
عنصراً أساسياً كمشاركتها في عمليات البيع والشراء وعرض الخضروات والأسماك،
والتهجير وحملات الدعم الانتخابي والتأييد الحزبي، والمشاركة في أعياد
رسمية. ويستند الفيلم إلى عملية بحث هائل واضح في لملمته للتفاصيل، والعودة
كثيراً إلى صور الأرشيف.
الحياة اللندنية في
20/07/2012
مهرجان لأفلام الموبايل في مصر
القاهرة - «الحياة»
أعلنت الفنانة والمنتجة إسعاد يونس، انها ستنظّم أول مهرجان لأفلام «الموبايل»
في مصر، وذلك «تشجيعاً للمواهب الشابة على تقديم رؤيتها للعالم من خلال
تقديم أفلام يتم تصويرها بكاميرا الهاتف المحمول». ومن المفترض ان يستمر
المهرجان لمدة 3 أسابيع توزّع في ختامها الجوائز، وسيكون موعد المهرجان شهر
أيلول (سبتمبر) المقبل.
ويأتي هذا المهرجان الجديد من نوعه، في مصر على الأقل، بعدما بدأت
أفلام «الموبايل» في الظهور كوسيط جديد لهواة السينما والمهتمين بالتوثيق
البصري، في طفرة حدثت لتقنية التصوير بالهواتف المحمولة، حيث أصبح في قدرة
الهاوي أو المحترف أن يصور فيلماً من خلال تليفونه، بل وضعه بشكل مباشر على
الإنترنت على قنوات الفيديو المعروفة ليشاهده العالم أجمع في اللحظة ذاتها.
ويخصَّص المهرجان، الذي يتم تنظيمه بالتعاون مع إحدى شركات توزيع
الهاتف المحمول، لتقديم أفلام قصيرة أو تسجيلية قصيرة، على ان يكون الحد
الأقصى لمدة أي فيلم 20 دقيقة.
اذاً، ينطلق هذا المهرجان من خلال استخدام التقنيات التي أتاحت لكل من
يهوى السينما ولا يمتلك القدرة أو الإمكانات الإنتاجية، صنْعَ فيلم غير
مكلف، شرط ان يكون مبنياً على فكرة مبتكرة وصورة جديدة الهوية، من النوع
الذي قد لا يتشابه أو يتنافس مع صورة السينما، ولكنه يستطيع أن يخلق وسيطًا
بصرياً جديداً مختلفاً ليصبح لدينا عالم لانهائيّ من الصور المتحركة. من
جانبها، قالت إسعاد يونس: «لطالما سعيت وتمنيت أن يتم تنظيم مثل ذلك
المهرجان، لقناعتي القوية بأن أصحاب المواهب الجديدة هم المستقبل، وأن
التكنولوجيا المتطورة تمثل أداتهم في صياغة ذلك المستقبل المبهر، ولذلك كان
المهرجان بمثابة حل للمعادلة، حيث إنه يجمع بين المواهب الجديدة
والتكنولوجيا». وأعربت يونس عن أملها في أن يستفيد من المشاركة بالمهرجان
أكبر عدد ممكن من مبدعين شبان يحبون أن يحققوا ذاتهم من خلاله.
وقال المنتج حسين القلا، رئيس المهرجان، إنه يأتي ترجمة للتطورات
التقنية المتقدمة والمتسارعة خلال السنوات العشر الماضية في مجال تصوير
الأفلام، والتي وصلت إلى ما نراه من استخدام تقنيات جهاز الهاتف المحمول
ليقوم بتلك المهمة، سواء بالنسبة للهواة أو المحترفين، ما سيكون له تداعيات
إيجابية دون شك على صناعة الفيلم السينمائي في العالم وفي مصر». ومن جهة
أخرى، اشار المخرج أمير رمسيس، المدير الفني للمهرجان، إلى أن صناع هذا
النوع من الأفلام ليسوا فقط المحترفين، ولكن الهواة أيضاً ومحبّو الفن
السابع، أو كما يحلو لنا أن ندعوه «عالم التدوين البصري أو المدونات
البصرية»، فالمدونات مَنحت لعدد كبير من الجمهور المتابع آفاقاً جديدة في
عالم الكتابة، وقدمت كتّاباً أصبحوا معروفين الآن... ولهذا نأمل من خلال
هذا المهرجان أن يقدم تشجيعاً موازياً لهذا العالم ولكن على المستوى
البصري».
وأضاف: «كما سيقدم المهرجان مجموعة من اللقاءات المصورة مع مجموعة من
صنّاع السينما المحترفين من الأجيال المختلفة، والتي ستكون متاحة للجميع
على موقع المهرجان كنصائح أولية للمتسابقين أو للمهتمين بالسينما عامة،
وتخص أساسيات صناعة الفيلم المختلفة، ودعماً لتلك التقنية الجديدة كأحد
وسائل التعبير التي فرضت نفسها على الساحة عالمياً كي تنال المساحة نفسها
في مصر، موضحًا أنه سيتم قريباً الإعلان عن باقي تفاصيله».
الحياة اللندنية في
20/07/2012
أوليفر ستون:
أفلامي عن الناس الذي يصلون إلى
تعريفات أخرى لأنفسهم
ترجمة: نجاح الجبيلي
إن فيلم أوليفر ستون الجديد
"متوحشون" المقتبس من رواية بالاسم نفسه لـ"دون ونسلو" يتركز على تهريب
الماريجوانا
والنزاعات الدموية التي تثار بسببها. لكن صانع الفيلم يعتقد أن الفيلم ليس
حكاية
كلاسيكية عن الجريمة مثل فيلمه "قتلة بالفطرة" – 1994 أو فيلم "الندبة" –
1983 الذي
كتبه ستون للمخرج برايان دي بالما
عن فيلم قديم. ولا هو ، كما يقول ستون، حكاية عن
المخدرات مماثلة لفيلم "قطار منتصف الليل" – 1978 الذي كتبه
للمخرج آلان
باركر.
يقول ستون:"ثمة العديد من أفلام المخدرات والعديد
أيضاً من أفلام العصابات. لذا فمن المهم أن تخلق النشاط ولقد كانت الرواية
مفعمة
بالحيوية جداً. إنها لا تناسب جنسا واحدا فقط. وكان الأمر حقاً أني صنعت
شيئاً لم
أصنعه من قبل. إنه طريق- ذلك الأمر الأسهل الذي يمكن أن يقال-
ولا تعلم ما الذي
يحدث لاحقاً".
يتتبع فيلم "متوحشون" أثنين من المقاولين الناجحين من "لاغونا
بيتش" في ولاية كاليفورنيا وهما تشون (تيلور كيتش) عسكري سابق و بن (آرون
جونسون)
المحب للسلام والتي تشمل تجارتهما الناجحة
زراعة الماريجوانا وبيعها. وبفضل
مزارعهما المهجنة يحتكر الثنائي سوق الماريجوانا الفاخرة فيكون الخبر غير
سار
بالنسبة
لكارتل المخدرات المكسيكي السادي الذي تديره امرأة متوحشة تدعى إلينا
(سلمى
حايك) التي تستمد قوتها الأمريكية من لادو ( بينشيو دل تورو).
حين
يخطف الكارتل تشون وصديقة بن "أو" ( بليك ليفلي) لإجبارهم على الصفقة فإن
الرجلين
يقرران مواصلة الكفاح بدلاً من الاستسلام. والنتيجة أن بن يعيد اعتبار
نزعاته في
الباسفيك ويسحب عميل غير نزيه لإدارة مكافحة المخدرات إلى داخل
مؤامرة سرعان ما
تتحول إلى دامية ( يصنف الفيلم ضمن نطاق
(R )
بسبب عنفه القاسي). وكما تقول لفلي في
صوت خارجي في بداية الفيلم :" إن روايتي لهذه القصة لا يعني
أني سأبقى حية في آخر
الفيلم".
على الرغم من أن ستون يصف الفيلم كونه " خيالاً افتراضياً وموقفاً قد
يحدث" ويقول أنه لم "يقصد أبداً أن يجعله من أفلام التجارة
بالمخدرات إذ نقوم
بالتعليق على حرب المخدرات" إن المخرج – الذي يفضل تشريع الماريجوانا –
يأمل بأن
القضايا التي سيثيرها الفيلم هي واقعية وتستدعي التفكير.
يقول ستون إنه مأسور
بأنواع الألوان الساحلية البراقة التي يوحي بها فيلم "متوحشون" – فلا يوجد
حديد
أملس ولا كونكريت داكن مثل ما ورد في أفلامه التي تدور في نيويورك مثل "برج
التجارة
العالمي" -2006 و "وول ستريت: المال لن ينام أبداً" – 2010
.
لكن "متوحشون" يعكس
بعضاَ من ثيمات ستون المتكررة – عن التغير الشخصي وأحياناً الإصلاح. يقول
ستون الذي
يبلغ الخامسة والستين من عمره:" غالباً ما تكون أفلامي عن الناس الذين
يصلون إلى
تعريفات أخرى لأنفسهم- إنها ثيمة كلاسيكية".
إنه فيلم ليس من السهل بيعه. يقول
ستون عن أولئك الذين رفضوه:" يقولون بأنه كان عسيراً جداً ومحفوفاً
بالمخاطر وفيه
الكثير من العنف".
لكن شركة "يونيفرسال" ترى الفيلم فرصة معتقدة بأنه" يستدعي
أفلام ستون الأولى المثيرة للجمهور".
تقول دونا لانغلي مساعدة مدير الشركة :"
نعتقد أنه يذكرنا ببعض أحسن أفلام أوليفر مثل " قتلة بالفطرة والندبة
وسلفادور. أنه
يمتلك مجازات فيلم العصابات لكن القصة لا تروى من خلال شخصيات كاريكاتيرية
بل من
خلال شخصيات حقيقية. نعتقد بأنه فريد من نوعه".
ستون الذي يعترف بصراحة أنه دخن
الماريجوانا يأمل أن الناس سيشاهدون فيلم "متوحشون" ويفكرون بالحرب على
المخدرات
والعنف الناتج عنها وبالأخص في المكسيك. يقول أن تشريع الماريجوانا هي
الخطوة
الأولى الجيدة. ويضيف:" إن التحريم لن ينجح – سواء أكان جنساً
أم مخدرات أو كحولاً
لذا دعونا نسيطر عليه من خلال الطب لا من خلال القتل".
عن صحيفة لوس أنجلوس
تايمز
المدى العراقية في
20/07/2012
لينين: الايــــــام الاخيــــرة في حيـــــاة
الزعيــــم
فراس الشاروط
في مدخل بالغ الثراء والأهمية سنجد
صداه لاحقا في سيرورة الفيلم ،لينين الزعيم، المنظر الكبير والأب الروحي،
المؤسس
للدولة العظمى، يصحو مفزوعا من نومه في الصباح، الصمت يلف ما حوله، وحيدا
وعاريا،
أنهكه المرض والعزلة، بعيدا في بيته النائي الكبير بضاحية
غوركي ،مشهد يحيلنا فيه
المخرج الروسي الكبير الكسندر سوكوروف إلى الضعف والإحباط والانعزالية التي
وصل
إليها الزعيم في أواخر حياته.
هذا هو الفيلم الثاني في رباعية الشر التي يتناول
فيها الفيلسوف والمخرج الروسي أهم الشخصيات التي غيرت تاريخ القرن العشرين،
قرن
الاضطرابات والحروب والموت البشري، فقد سبقه فيلم (مولوخ) عن اليوم الأخير
في حياة
الدكتاتور أدولف هتلر، وبعده اخرج فيلم (الشمس) عن إمبراطور اليابان هيرو
هيتو، ثم
فيلم (فاوست) كتتمة لرؤية الشر النابع في الروح الإنسانية
،ويبدو لأول وهلة أن
العناوين عند سوكوروف لا تحمل أسم الشخصية مباشرة –باستثناء فيلم فاوست -
فالمهم
عنده هو ما تحمله من دلالات حول الشخصية ومصيرها.
مولوخ تعني في الموروث الديني (سيد
النار) أو المعلم، وفي اللغات القديمة تعني (الشر)، ومن تحليل العنوان نصل
إلى
موقف سوروكوف من الشخصية وتاريخها المغلف بالنار والشر، في
فيلمه هذا عن زعيم
الثورة البلشفية التي أنهت حكم القياصرة وأقامت جمهوريات الاتحاد السوفيتي
حتى
تفككه عام (1991) فقد حمل اسم (توروس) وهي كلمة تعني في اللغات القديمة
(الثور)
ويمكن أن نجد صداها في لغتنا العربية عند حذف الحرفين الأخيرين من الكلمة
(تور)،
وتعني أيضا في لغات أخرى أوربية ما معناه (الوحيد) أو (المنعزل)، ومرة أخرى
من
العنوان ومن مدخل الفيلم الافتتاحي ندرك موقف سوروكوف من الشخصية التي
يعالجها
ورؤيته لها فالفيلم رحلة في الأيام الأخيرة من حياة الزعيم
الذي أسس أيديولوجيا
ثابتة سارت عليها أجيال وأجيال في بلده وخارجه.
لينين في فيلم سوروكوف ليس شخصية
أثرت سياسيا في مجرى التاريخ فحسب بل لينين الإنسان الذي يرتبط بعلاقات
معقدة مع من
يحيط به ومن يوازيه على السلطة، لينين في أيامه الأخيرة من عام (1923) بعد
نجاته من
الجلطة الدماغية الأولى التي أصابته قبل عام من التاريخ يقع
تحت لعنة الجلطة
الثانية التي شلت جزءا من جسده وأصبح عاجزا عن العمل، يحيط به بعض أفراد
عائلته
وزوجته (ناديا) وعددا من حراسه الذين باتوا جواسيسَ عند الرجل القوي
(ستالين) في
بيت بضاحية غوركي بعيد ونائي، يقدم سوكوروف رؤيا لشخصية لينين
المعقدة السياسية
والنفسية عن سيناريو ممتاز كتبه (يوري ارابوف) والاضطرابات التي مرت به، عن
نشوء
نظرية وبناء دولة والتغاضي عن انهيار حلم.
في واحد من أبرع وأجمل مشاهد الفيلم
وربما هو المفصل الأكثر أهمية حيث اللقاء بين الزعيمين ستالين ولينين في
شرفة
القصر، والعلاقة التي وصلت بين الطرفين لمرحلة خطيرة وعصيبة وانعدام الثقة
بينهما
فيما أصبح موضوع السلطة الشغل الشاغل عند العامة وأطراف الحزب،
ستالين يقبض على
السلطة بيد من حديد والرجل الأقوى صاحب القرار على الحزب وأجهزة الدولة
،يقف امام
الأسطورة ، التاريخ - لينين- حيث الحوار المهم الذي وضعه ارابوف ليس مجرد
كلام منمق
من ستالين بل يحمل في طياته تلميحات يفهمها لينين ويرد عليها وكأنه ما زال
هو رجل
المرحلة، مدركا في قرارة نفسه أنه لم يعد كذلك وان كل الخيوط
قد أفلتت من يده،
بأداء مذهل يبقى راسخا في وعي المتلقي من الممثل الروسي (ليونيد مزغوفوي)
معبرا عن
لحظات الانهيار النفسي والذهني للزعيم وهو يرى أحلامه التي وضعها في
نظرياته تسحق
بالأقدام، لحظات يتخيل فيها انه ما زال صاحب الكلمة العليا ،
يصغي باهتمام إلى
مبررات ستالين غير المنطقية عن عدم اتصال أعضاء الحزب به، ليرد عليه بأنهم
مرضى وان
الهاتف في الوزارة لا يعمل، يدرك جيدا انه مخدوع مع ذلك يشعر في قرارة نفسه
بأنه ما
زال رجل السلطة الأول ،السلطة التي لم تعد سوى حلم في مخيلته وأمام الخدم
الذين
يحيطون به.
التفاتات (ليونيد) والتلاعب بعضلات وجهه وحركة العينين تؤكد انهيار
الرجل حتى في اللحظة التي يتساءل فيها: من هذا الرجل الذي
زارني؟؟ آه أنه الشخص
الذي عينته في منصب بالحزب !!!
اختار سوكوروف كما في فيلمه السابق مولوخ ألوانا
خاصة ،باهتة للإيحاء بالزمن الذي تجري فيه الأحداث ولتكون
الصورة اقرب إلى الوثيقة
وكأنها أخذت فعلا أيام تلك المرحلة من تاريخ روسيا
.
مشهد النهاية هو الأكثر
تعبيرا عن عنوان الفيلم وارتباطه بمشهد الافتتاح عندما رأينا لينين وحيدا
وعاريا،
يتكرر المشهد ونراه وحيدا عاجزا على كرسيه المتحرك بعد أن
تركته ناديا لترد على
اتصال هاتفي من اللجنة المركزية ، تغيب ناديا وكأن غيابها دهرا، الشمس تنحو
نحو
الغروب، والضباب يتبخر بلحظة، الصمت يعم المكان من جديد، لا يكسره سوى نداء
لينين
في العدم، لا احد يرد عليه سوى خوار ثور بعيد، يندمج الصوتان
ولا نعرف من الذي
يخور، ومن هو الثور؟
توروس فيلم يقرأ فيه سوروكوف تاريخ بلده عن الشر المتأصل في
النفس البشرية حتى يغدو غولا ،عن الإنسان عندما يخسر كل شيء
ويصبح وحيدا منبوذا
يائسا كثور جريح يخور ولا يرد عليه أحد.
سوكوروف مخرج آخر من طينة العظام الروس
الذين ارسوا دعائم السينما نظريا وفكريا، مخرج يبعثه لنا القدر ليتم طريق
تاركوفسكيوباراداجانوف.
المدى العراقية في
20/07/2012
احتفاء بمئوية أنتونيوني ولقاء سينمائي بين غرب
أوربا وشرقها
قيس قاسم ـ السويد
خبرته الطويلة لما يزيد على
أربعة عقود، كرسته مهرجاناً عالمياً وأوربياً، جمع سينمات شرق وغرب قارة
حيوية
الإنتاج والتنوع، كانت الطليعة في صناعتها ولها فضل ديمومة
استمرارها وكارلوفي فاري
كان واحداً من المهرجانات التي عكست حضورها، بأكثر تجلياته، وتفاعلت في
داخله
الكثير من تياراتها وجديدها. ظل المهرجان أميناً خلالها لقيم الفن السابع،
الذي
يشترط وجوده كمهرجان معني بالسينما، رغم صراعات وحروب ساخنة
وباردة مرت عليه، وظل
يُغَلِب الفني على السياسي في ظروف تاريخية كان يبدو مثل هذا "التحييد"
مستحيلاً، وربما لهذا السبب يحظى اليوم بكل هذا التقدير
والاهتمام. وينحو كارلوفي فاري لتكريس الفن السابع على المستويين الاحترافي
والشعبي، متميزاً عن أخرى تغلب جانباً على آخر، وبهذا المعنى ينظر إليه
كواحد من
المهرجانات التي تراعي في خيارتها بين النخبوي والعام، بين جلب
أفضل ما معروض في
مهرجانات تسبقه زمنياً مثل "كان" وغيره وبين انتقاء لجديد سينما شرق أوربية
وعالمية
دون كثير تركز على العروض العالمية الأولى أو الأسماء الكبيرة،
كهدف بقدر محاولته
توفير فرص جيدة لجمهوره ليتذوق حلاوة أحدث الأفلام مع إبقاء
الاهتمام بكل ما له
علاقة بتاريخ السينما وتياراتها قائماً، والاحتفاء بالذكرى المئوية لميلاد
المخرج
الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني يشير إلى هذا الميل.
فَضَلت الدورة الاحتفاء
بمنجز أنتونيوني عبر وثائقياته، التي مثلت خلال أربعينيات القرن الماضي
خروجاً، على
المستوى الفني، عن سابقاتها وبشكل خاص القصيرة منها، مثل: "ناس وادي بو"
(1947)، "منظفو
المدينة" (1948) و"أكاذيب الحب" (1949). في هذه الأفلام وغيرها اعتمد
أنطونيوني على التعبير البصري، وسيلة لتوصيلها، مقللاً والى حد كبير من
التعليق
المصاحب لها، ولهذا جاءت أقرب إلى الصامتة منها إلى الوثائقية العادية مع
تركيز
شديد على اللقطة وزواياها، والتي بعمقها وغناها تولد إحساساً
عميقاً بدرامية المشهد
وعلاقته بالوسط المصور فيه. فـ"منظفو المدينة" ليس عن حياة زَبالّي روما
فحسب بل عن
المدينة نفسها، عن الحياة فيها عبر صلة ناسها في ما بينهم وبين مدنيتهم،
وما يتركون
من أشياء خلفهم يأتي المنظفون ويجمعونها من أجل الحفاظ على جمال مدينة
تلفظهم
بطريقة قاسية، جسدها أنطونيوني من خلال تصوير تفاصيل حياتهم
اليومية. فالفقر الذي
يعيشونه يعكس مناخ ايطاليا المهزومة في الحرب العالمية الثانية، وحياة
الناس ولا
أباليتهم تعبير عن روح إذلال أمة لا تعرف ماذا ينتظرها في الغد، تماماً كما
صوره في
"ناس وادي بو" فعلى ضفاف النهر كانت تتجمع الأحلام، والرغبة في الوصول
مع القوارب
والعَبارات إلى البحر المفتوح الآفاق. كان البحر وليس النهر وقواربه
المحملة
بالبضائع ما يدفع الناس للهرولة في استقبالها، كانت رغبتهم في الإبحار معها
إلى
مكان ثانٍ، ربما فيه الحياة أفضل من واديهم ونهرهم العظيم؟ هي
من يحركهم لمتابعة
مسارها حتى حدود البحر الذي لم نره! من نتاجه الطويل سيعرض جزءين من فيلمه
الوثائقي
عن الصين الشعبية "صين تشونغ ـ كو " (1972) والذي صور بموافقة حكومة ماو ثم
منعت
عرضه بعد الانتهاء من إنتاجه بحجة معاداته للشيوعية. عَرْض 16 وثائقي
لأنتونيوني
ستعطي صورة واضحة عن جانب من إبداعه ربما لا تتوفر للجميع فرصة
التعرف عليها دفعة
واحدة كما توفرها الدورة الحالية (29 يونيو إلى 7 يوليو) إلى جانب ما تقدمه
من
وثائقيات كثيرة قاربت الخمسين، ستشترك ستة عشر منها في مسابقاتها الرسمية،
بزيادة
عن المسابقة الروائية حيث سيتنافس على جوائزها 12 فيلماً من
بينها الإيراني "الخطوة
الأخيرة" لعلي مصفا والتركي الإخراج النمساوي الإنتاج "جمالك لا يعني شيئاً
" لحسين
تاباك وتدور أحداثه حول الصبي فيسيل، الذي جاء إلى فيينا من تركيا مع
والديّه، وظل
يشعر فيها بأنه غريب، فلا اللغة كان يفهمها في المدرسة، التي دخل إليها
حديثاً، ولا
وضع عائلته يوحي له بالاستقرار. وجود زميلته آنا في مدرسته خفف عليه شعوره
بالعزلة
إلى جانب جارهم جيم، الطيب القلب المفتول العضلات، والذي ساعده على التنقل
بين
الحلم والحقيقة، بين الإحساس العالي بالرومانسية وبين ضغط
الحياة والتهديد الدائم
بالرحيل من البلد الجديد. وفيما وقع الاختيار على فيلم ليسا باروس سا "اهتزارت
جيدة" لافتتاح الدورة تقرر أن يُنهيها وودي ألن بفيلمه الجديد "إلى روما مع
الحب"
في الوقت الذي أدرج فيه فيلم ستيفن سودربيرج "سحر مايك" خارج المسابقة.
وعلى
المستوى العربي سيشاهد الجمهور ضمن خانة "منتدى
المستقلين" فيلم المغربي محسن
البصري "المغضوب عليهم"
وفيه يقدم رؤيته الخاصة لمفهوم الإرهاب الملتبس عبر قصة
تدور حول مجموعة صغيرة من الإسلاميين المتطرفين تخطف ممثلين
مسرحيين بالمغرب
وتحتجزهم كرهائن لديها.
وكتقليد سنوي يمنح المهرجان شخصيات سينمائية مهمة
جائزة تقديرية لمجمل نشاطه الإبداعي في حقل السينما وفي هذا العام ذهبت
"كرة
الكريستال" الى الممثلتين؛ البريطانية هيلين ميرين والأميركية سوزان
ساراندون
تكريما لمنجزهن الكبير ومساهمتهن المهمة في السينما العالمية وشعبيتهن
الواسعة.
وستحضر هيلين ميرين حفل الافتتاح وتقوم بتقديم فيلمها "الباب" من إخراج
الهنغاري
استيفان زابو إلى جمهور المهرجان مباشرة، فيما ستَستلم الممثلة سوزان
ساراندون
جائزتها التقديرية خلال حفل الاختتام وستحضر بنفسها عروض الفيلم الذي لعبت
بطولته
"جيف الذي يسكن في المنزل" خلال أيام المهرجان.
من بين المحتفى بهم والمستعادة
أفلامهم هذا العام المخرج التركي ريها أرديم الذي درس السينما في فرنسا
وأخرج
العديد من الأفلام من بين ما اختير منها: "الأزمنة والرياح"،
"القمر"
و"كوزموس"،
إلى جانب الفرنسي جان ـ بيير ميلفل (1917 ـ 1973) الذي كثيراً
ما يوصف بعراب الموجة
الفرنسية الجديدة، ويعترف الكثير من مبدعي السينما بتأثرهم بأفكاره وأسلوبه
من
بينهم مارتين سكورسيزي، وما زال النقاد يشيدون عند التطرق لأعماله بفيلمه
المدرج
ضمن عروض الدورة "جيش الظلال". كما سيُقدم ضمن احتفاء خاص فيلم
المخرج التشيكي
الشهير ميلوش فورمان "كرة رجل الإطفاء" (1967).
وفي استذكار للمثل التشيكي جوزيف
سومر سيشاهد الزوار فيلمه المهم "المزحة". وعلى غرار دورات سابقة ستحتشد
الكثير من
الأفلام المنتجة في دول شرق أوربا ضمن خانة "شرق من غرب" إلى جانب الأفلام
التشيكية
القصيرة، لتوفر فرصة نادرة للتعرف على أهم ما أنتج حديثاً في هذا الجزء من
القارة،
إلى جانب مختارات من بقية قارات العالم.
المدى العراقية في
20/07/2012 |