يشهد حقل العلاج بالدراما تطورا واتساعا
ملحوظين، فبعد أن بدأت به زينة دكاش- المعالجة بالدراما- في إطار معالجة
السجناء،
اتسع الاهتمام بالعلاج، وبدأت تعتمده العديد من مراكز الخدمات الاجتماعية
التي تعنى
بالمتشردين والمدمنين والمنحرفين وأصحاب الصعوبات الاجتماعية والنفسية، وما
شابه.
فالمعروف على المستوى العام أن دكاش أنجزت
أول عمل للعلاج بالدراما في سجن رومية، بتدريب السجناء فيه على مسرحية "12
لبناني
غاضب"، ثم بعمل ثان للنساء السجينات في سجن بعبدا في مسرحية "شهرزاد ببعبدا"
وهي
تتنقل اليوم بين مراكز اجتماعية مقدمة الخدمات العلاجية بطريقة
العلاج بالدراما،
وتخطط لخطوات أخرى في إطار السجناء، وعلى
مستويات أخرى أيضا.
وفي سبيل إلقاء الضوء على مسارها، وماهية
العلاج بالدراما، وما أنجزته، وما تخطط إليه، التقت "الجزيرة الوثائقية"
بدكاش في
الحوار التالي:
·
ما المقصود بالعلاج بالدراما؟
العلاج بالدراما
هو الاستخدام المُتعمِّد لأساليب الدراما
و/أو المسرح لتحقيق أهداف علاجية. يجمع
هذا النوع من العلاج بين الأهداف والتقنيات
التي تقوم عليها الدراما/المسرح من جهة،
والعلاج النفسي من جهة أخرى، ممّا يعطي المستفيد من العلاج دوراً فاعلاً
خلال
علاجه
في جوّ سليم وآمن.
يتميّز العلاج بالدراما بالأنشطة والتمارين التجريبية
والعملية التي تُمكِّن الفرد أو المجموعة المشاركة فيها من البوح بقصصهم
الشخصية
وتحديد أهدافهم وحلّ مشاكلهم والتعبير عن مشاعرهم أو تحقيق "الكثارسيس".
من
خلال العلاج بالدراما يُمكن تغيير السلوك
وبناء المهارات وتحقيق التكامل العاطفي-
الجسدي والنمو الشخصي.
·
كيف تعرفت على العلاج بالدراما؟
ومتى؟
عام 2005، اكتشفت أن
ما كنت أقوم به منذ 2001 في جمعية "أم
النور" لمعالجة المدمنين، كان شبيها بالعلاج
بالدراما، الحقل الذي يُدَرَّس في جامعات أميركا، فقررت ان أطوِّر معرفتي،
وذهبت
إلى الولايات المتحدة سنة 2006 لأدرس هذا الاختصاص.
·
كيف تطورت خطواتك نحو الانخراط
في هذه الطريقة، متى بدأت؟ وكيف
توسعت؟
سنة 2001، بدأت أول ورشة عمل بالمسرح
في جمعية "أم النور"
واستمررت حتى 2006. وبعد إنهاء دراستي في الولايات
المتحدة سنة 2006، عدت إلى لبنان
وأسست مركز "كثارسيس" سنة 2007. وأعتقد أن هذا المركز هو الوحيد من نوعه في
لبنان،
والعالم العربي أيضا.
·
ما المقصود ب"كثارسيس" وهل
المركز مبادرة فردية أم
عامة؟
كاثارسيس كلمة يونانية تعني التطهر أو التنقية، أي تطهير العواطف
أو تنقيتها من خلال الفن.
والرابط بين الكاثارسيس والعلاج بالدراما هو أن التطهر
يحدث عند الاستفادة من العلاج بالدراما.
·
هل يمكن أن تعرفينا على مركز
كثارسيس، متى تأسس؟ كيف؟ وما
عمله؟
كاثارسيس، هو أول مركز للعلاج بالدراما في لبنان والمنطقة
العربية. هو مؤسسة مدنية لا تتوخى الربح تأسست في الـ2007 للمعالجة
بالدراما
المُسجلة لدى الجمعية الوطنية للعلاج بالدراما في الولايات المتحدة NADT.
يعمل
مركز كثارسيس على تعزيز العلاج بالدراما
وتوفيره للأفراد والمجموعات من خلال
استخدام أساليب المسرح والفنون. يُقدّم
كثارسيس خدماته وبرامجه في الأطر الاجتماعية
والتعليميّة والعلاجية المختلفة كمراكز إعادة التأهيل للإدمان على
المخدرات، ومراكز
العناية بالصحة العقلية والنفسية
والمستشفيات والسجون والعيادات الخاصة
للأطفال
والراشدين والمدارس والمسارح والشركات.
في سياق العمل مع الشركات، يُقدّم
كثارسيس مجموعة متنوّعة من البرامج ومنها بناء فريق العمل، ومعالجة
الإجهاد، وتعزيز
التواصل. على صعيد آخر، يعمل مركز كثارسيس مع الأفراد الراغبين بتخطي مشاكل
خاصة
وتحسين نوعية حياتهم.
·
هل المركز مؤسسة ربحية، أم
عمل تطوعي، خيري؟
كثارسيس مؤسسة لا تبغي الربح، وتعتمد على تمويلات
أجنبية خصوصا من الاتحاد الأوروبي، والسفارة الإيطالية، ودروسوس، الذين
يدعموننا
بمشاريعنا. ونتطلّع إلى مجتمع متناغم يتشارك قيم التعاطف. نتطلّع إلى رؤية
أفراد
يكتسبون أساليب عيش صحية جديدة ويكشفون عن ميزاتهم المخبأة ويتبنون رؤية
جديدة
لخياراتهم من خلال النشاط الفني العلاجي.
·
هل من رسالة له؟ وكيف تترجم؟
رسالتنا هي حلّ المشاكل،
وتعزيز النمو والرفاه لدى الأفراد
والمجموعات، بدمج الدراما والفنون التعبيرية مع
العلاج بطريقة فعّالة، وقناعتنا أن الفنون تسمح ببناء الجسور بين الثقافات
وفئات
المجتمع المختلفة . ونؤمن كذلك
بأن استخدام الدراما لأهداف علاجية يَمنح
الفرد
دوراً فاعلاً
خلال علاجه في جوّ سليم وآمن يقبله ولا
يحكم عليه ويسمح له بالتعبير
عن نفسه.
تَكمُن رسالتنا في تقديم خدمات العلاج بالدراما للمجتمع وفقاً
للمعايير
الأخلاقية المعتمدة في العلاج بالدراما، من خلال توفير وسيلة
فعّالة للتعمّق في
الصعوبات والتعامل مع المعاناة المحدّدة
لدى مجموعة متنوعة من المستفيدين من
العلاج، بمن فيهم الأكثر عُزلة وحرماناً.
·
كيف يحقق المركز رسالته؟ وما
البرامج التي يقدمها؟
لتحقيق
رسالته، يعمل مركز كثارسيس على بناء
القدرات المحترفة في مجال العلاج بالدراما،
ويُقدِّم التدريب والتوجيه للراغبين بالعمل في هذا المجال في لبنان
والمنطقة
العربية.
أما برامجه فيمكن تعداد بعضها:
•
العلاج بالدراما للمجموعات
المهمّشة: يعمل مركز كثارسيس بشكل مُستقل أو بالتعاون مع مُنظمات أهلية
أخرى مع
المجموعات المهمّشة والمحرومة والجماعات التي تعاني من الأزمات، كالناجين
من
الصدمات والمدمنين على المخدرات والمساجين والأفراد الذين يعانون من أمراض
عقلية و
نفسية واللاجئين والناجين من أعمال العنف و الاعتداءات والمسنّين والشباب
المعرّضين
للخطر.. إلخ.
•
العلاج بالدراما للأفراد والمجموعات: الراغبين في البحث في
مراحل انتقالية في
حياتهم وكيفية التأقلم مع التغيُّرات
وغيرها من
التحديات التي تعترض نمو شخصيتهم،
بُغية تحسين نوعية حياتهم.
•
التدريب
المُحترِف على العلاج بالدراما للأفراد
الراغبين في مُمارسة مهنة
العلاج بالدراما. يُقدّم مركز كثارسيس
عدداً من الدورات والورشات التدريبية،
بالإضافة إلى خدمات التوجيه والإشراف التي
تؤهّل المعالجين بالدراما للتسجل
رسمياً.
•
ورشات علاج بالدراما للشركات التي ترغب بزيادة إنتاجية موظفيها
ومساعدتهم
على التخفيف من إجهادهم
وتطوير مهاراتهم في مجال العلاقات الشخصية والتواصل
وإشراكِهم في أنشطة تُعزّز العمل ضمن مجموعة
لتحسين بيئة العمل.
ما أبرز إنجازات "كثارسيس"؟
•
القيام بورشات علاج
بالدراما/ مسرح منذ العام 2007 ، للشباب المعرّضين للخطر والنساء
اللواتي
يُعانين
من العُنف الأسري، والمَرضى القابعين بمستشفيات الأمراض العقلية والنفسية
والسجناء
واللاجئين والأفراد الراغبين بخوض العلاج الفردي والمُدمنين على المخدرات
في مراكز
التأهيل.
•
إطلاق العلاج بالدراما كبرنامج تأهيلي رائد داخل السجون
اللبنانية منذ العام
2008.
•
إنتاج المسرحيات والأفلام الوثائقية للمُناصرة والتوعية
بمشاركة المجموعات
المستهدفة.
• "أني"، فيلم
يُسلِّط الضوء على مجموعة نساء من جنوب لبنان و تجربتهن المعبّرة
في العلاج بالدراما بعد حرب تموز2006
.
• “12
لبناني غاضب - المسرحية"، قدمّتها مجموعة من سُجناء سجن رومية
عام 2009.
كانت
المسرحية بمثابة حملة توعية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، وساهمت في
تنفيذ
قانون "تنفيذ العقوبات" الذي ينصّ على خفض العقوبة للمحكوم عليه.
• “12
لبناني غاضب - الوثائقي"، الحائز على 8 جوائز عالمية. تمّ عرضه
على جماهير
واسعة في حوالي30 مؤسسة محلية و50 مهرجان
سينمائي دولي.
•
مسرحية "شهرزاد ببعبدا"
من تمثيل سجينات بعبدا 2012. وتم عرضها أيضا خارج السجن بحضور الممثلات
اللواتي
خرجن من السجن.
كما نقوم بتوفير التدريب المُحترف للراغبين
بإمتهان العلاج
بالدراما في لبنان والمنطقة العربية منذ العام 2010. وغالباً
ما يدعو مركز كثارسيس
أخصائيين دُوليّين في العلاج بالدراما
لتقديم التدريب في لبنان. وكذلك نساهم في
تدريب السجناء داخل سجن رومية على المِهن المُتعلقة بالفنون والحِرف منذ
العام 2010
لاكتسابها
كمصدر للدخل. ثم نؤهل مُعلمي المدارس على استخدام الدراما والمسرح في
التعليم وكيفية تقديم الدروس بشكل تفاعُلي لتحقيق أعلى مستويات الاستفادة
لدى
الطلاب. هذا إضافة إلى تقديم أنشطة علاج بالدراما/ مسرح للشركات المحلية
والدولية.
تقديم جلسات علاج بالفن
(Art Therapy)
لمجموعات مُختلفة وفقاً لاحتياجاتها. يعمل
مركز كثارسيس كمنبَر في خدمة العلاج بالدراما وقاعدة للمعلومات والموارد
لممارسي
العلاج بالدراما في لبنان والمنطقة.
·
هل تكتفي الطريقة باعتماد تقنية
فنية كالمسرح؟ أم تضعون نصب أعينكم
إنتاجات فنية مسرحية، أو سينمائية، أو ما
شابه؟
في بعض الحالات، يُمكن
أن تُؤدي جلسات العلاج بالدراما إلى عمل
فني- كالمشروع المسرحي الرائد "12 لبناني
غاضب"
الذي قدّمه عدد من سجناء سجن روميه
سنة 2009\2010 - يكون بالنسبة للمجموعات
الخاصة
وسيلة
للمُناصرة و لتعديل واستحداث القوانين وتغيير السياسات والممارسات
بحقهم،
وبالتالي يُمَكِّنُهم من إيصال رسالتهم إلى المجتمع وصانعي القرار.
·
كيف تغطون نفقات أعمالكم؟
في إطار تحقيق رسالتنا التي
تستهدف المجموعات المهمّشة، نعتمد على الدعم المالي المقدّم من الجهات
المانحة
والأفراد.
كما نعتمد على إيرادات الخدمات التي نوفّرها للشركات والمؤسسات،
فضلاً عن مبيعات المركز
لمنتجات المشاريع المختلفة التي ينفّذها(DVDs
وCDs،إلخ.)
*
الاتحاد الأوروبي من خلال جمعية ADDL
والسفارة الأسترالية في بيروت والمجلس
الثقافي البريطاني في لبنان ومؤسسة Drosos
والمُنظمة الدولية للهجرة ومكتب التعاون
الايطالي للتنمية/السفارة الإيطالية في بيروت وبرنامج الأمم المتحدة
الإنمائي.
تعريف:
من هي زينا دكاش:
هي
المؤسِّسَة و المديرة التنفيذية لكثارسيس-
المركز اللبناني للعلاج بالدراما و تعمل
كمُعالجة بالدراما ضمن
أطر مختلفة.
حائزة على
شهادة بكالوريوس في الدراسات المسرحية وعلى
شهادة ماجستير في علم
النفس السريري. مُعالجة بالدراما مُسجّلة
لدى الجمعية الوطنية للعلاج بالدراما في
الولايات المتحدة
NADT.
تُؤمن زينا بقدرات العلاج بالدراما المُحرِّرة والشافية. فهي تُمارس
العلاج
بالدراما في لبنان والشرق الأوسط منذ العام 2006، وقد حصدت
العديد من الجوائز
لمساهماتها المتميّزة في مجال الخدمات والمبادرات الاجتماعية.
وفي 2012 حصلت على
جائزة أفضل عرض ناتج عن جلسات العلاج
بالدراما من الجمعية الأميركية للعلاج
بالدراما.
الجزيرة الوثائقية في
05/08/2012
قراءة في مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية
خريبكة - رامي عبد الرازق
دكتاتورية عسكرية، هجرة غير شرعية، تفسخ انساني وانهيار اجتماعي هذه
هي الملامح المشتركة التي يمكن قراؤتها عبر الأفلام الإثني عشر التي شاركت
ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة لمهرجان خريبكة للسينما الافريقية والذي
تستضيفه عاصمة الفوسفات المغربي او قلب المغرب النابض كما يطلقون عليها.
مهرجان خريبكة هو اقدم مهرجان مغربي مستمر حتى الآن حيث تأسس عام
1977عبر لقاء محلي بين النادي السينمائي لمدينة خريبكة والجامعة الوطنية
للاندية السينمائية بالمغرب – حين كانت السبعينات العصر الذهبي للاندية
السينمائية في المغرب العربي كله- على اعتبار انه حلقة دراسية في السينما
الافريقية ثم تطور الملتقي ليضيف مسابقة رسمية ويصبح مهرجان حقيقي عمره
الأن 34 عاما.
والفارق الزمني بين عدد الدورات وعدد سنوات المهرجان سببه ان دورات
المهرجان كانت تنظم في البداية كل خمس سنوات ثم كل سنتين إلى ان اصبح مؤخرا
ينظم بشكل سنوي وتشكلت له مؤسسة خاصة باسم مؤسسة مهرجان خريبكة للسينما
الافريقية برئاسة الناقد السينمائي المغربي نور الدين الصايل رئيس المركز
السينمائي المغربي وتحت الرعاية المباشرة للملك محمد السادس.
يمنح المهرجان جوائز تصل إلى ربع مليون درهم مغربي موزعة على سبع
جوائز وتصل قيمة الجائزة الأولى المسماة على اسم السينمائي الأفريقي
الكبير"عثمان سمبين" إلى 70 الف درهم (ثمانية آلاف دولار) تليها جائزة لجنة
التحكيم 50 الف درهم (ستة آلاف دولار) كذلك يمنح المهرجان جوائز أحسن إخراج
وسيناريو ودور نسائي اول ورجالي أول ودور ثان نسائي ورجالي.
شارك في هذه الدورة اثنا عشر فيلما من11 دولة افريقية حيث تشارك
المغرب – الدولة المنظمة- بفيلمين هما "موت للبيع" إخراج فوزي بن سعيد،
و"الأندلس مونامور" إخراج محمد نضيف والذي سبق عرضه بالدورة الأولى لمهرجان
الأقصر للسينما الأفريقية في فبراير الماضي، بينما تشارك بقية الدول بفيلم
واحد. وتأتي مصر والمغرب وتونس والجزائر لتمثل المشاركة العربية حيث تشارك
مصر بفيلم "كف القمر" إخراج خالد يوسف وتشارك تونس بفيلم "ديما براندو"
إخراج رضا الباهي بينما تشارك الجزائر بفيلم المخرجة فاطمة الزهراء زمزم "قديش
اتحبني".
ومن وسط وجنوب افريقيا تأتي مشاركات مالي بفيلم "خيوط العنكبوت"
للمخرج ابراهيما توري ورواندا بفيلم "مادة رمادية" إخراج كيفو روهوراهوزا
ومن بوركينا فاسو "الوطن" إخراج بيير ياميكو ومن انجولا فيلم "الكل على ما
يرام" للمخرجة بوركاس باسكوال ومن الغابون المخرج هنري جوزيف كومبا فيلمه
"قلادة ماكوكو" ومن السنغال تأتي تجربة آلان جوميز"اليوم"، وأخيرا من
جمهورية الكونغو يشارك المخرج دجو توندا وامونكا بفيلم"فيفا ريفا".
وتحرص إدارة المهرجان على أن ينعكس تنوع الثقافات الأفريقية على لجان
التحكيم حيث يرأس اللجنة هذا العام الناقد المغربي "محمد دهان" وبعضوية
المنتجة والكاتبة المغربية "نفيسة السباعي" إلى جانب الممثلة التونسية
"ليلى واز" التي عرفها الجمهور المصري من خلال مهرجان الأقصر عند عرض فيلم
المخرج عبد اللطيف بن عمار"النخيل الجريح"، ومن فرنسا تأتي الاعلامية
الفرانكفونية "اوزنج سيلو كييفر، اما من وسط وجنوب افريقيا يأتي الناشط
السينمائي "ارديوما سوما من" بوركينا فاسو والممثل الكاميروني "جيرار
ايسومبا" والمخرج والممثل الأيفواري " سيديكي باكابا".
يجب الاعتراف بأن مهرجانات السينما الأفريقية تواجه مشكلة كبيرة في
الاستمرار عاما بعد عام نتيجة ضعف إنتاج السينما الأفريقية وذلك بأستثناء
مصر والمغرب حيث تنتج الأولى حوالي ثلاثين فيلما بينما صعد الإنتاج المغربي
مؤخرا إلى خمسة وعشرين فيلما، وبالتالي فإن اشتراك اثني عشر فيلما في
المسابقة هو رقم جيد بالمقارنة لعدد الأفلام الأفريقية القليل، حيث تنتج
أفريقية الجنوبية حوالي15 فيلما في العام وباقي الدول الأفريقية مجتمعة 15
فيلما وذلك على حد الاحصائية التي افتتح بها رئيس المهرجان نور الدين
الصايل حديثه خلال الندوة الرئيسية التي عقدت في اول ايام المهرجان تحت
عنوان "آفاق السينما الأفريقية بأفريقيا".
وقد قارن الصايل بين اجمالي عدد الأفلام المنتجة في افريقيا كلها وعدد
الأفلام المنتجة في دولة واحدة وهي فرنسا (240 فيلم) اي ان دولة واحدة تنتج
ضعف عدد الأفلام الذي تنتجه قارة غنية بموضوعاتها ومبدعيها مثل افريقيا.
وتعتبر الندوة الرئيسية احد اهم الفعاليات التي تشهدها دورات المهرجان
وقد شهدت الدورة السابقة انطلاق مشروع التعاون السينمائي جنوب/ جنوب
للإنتاج المشترك والذي افرز هذا العام تجربتين هامتين الاول من إنتاج
جزائري مغربي "قداش تحبني" والثاني بوركيني مغربي "الوطن".
وعلى مستوى التكريمات، كرم المهرجان هذا العام المخرج الموريتاني عبد
الرحمن سيساكو الذي كان رئيس لجنة تحكيم المسابقة الطويلة بمهرجان الأقصر
للسينما الأفريقية في دورته الأولى إلى جانب المخرج الأيفواري "روجي كنوان
مبالا" وتعكس التكريمات عادة توجهين اساسين الأول هو الأفريقي / الدولي
والثاني هو المحلي حيث تكرم هذا العام الممثلة المغربية منى فتو وهي أحد
ابرز الوجوه التمثيلية في السينما والتليفزيون والمسرح المغربي.
واكثر ما يميز المهرجانات المغربية تحديدا خاصة الدولي منها هو الحرص
على اقامة فعالية محلية سينمائية موازية للفعالية الدولية حيث تقام على
هامش المهرجان بانوراما للفيلم المغربي الطويل تعرض اربعة افلام تعكس
التنوع النوعي لأنتاج السينما المغربية.
ويضم برنامج البانوراما الفيلم الكوميدي "الطريق إلى كابول" والذي
يحقق الان اعلى ايرادات في شباك التذاكر المغربي من إخراج ابرهيم شكيري،
والفيلم الاجتماعي"كلاب الدوار" إخراج مصطفى الخياط والفيلم السياسي"الرجال
الأحرار"للمخرج اسماعيل فروخي وإخيرا الفيلم الفانتازي "نهار تذاد طفا
الضو" لمحمد الكغاط.
ويأتي الحرص على اقامة بانوراما للفيلم المغربي بسبب وجود عدد من
الضيوف الدوليين والصحافة الدولية التي يصبح لديها فرصة متابعة الإنتاج
السينمائي المحلي من خلال هذه الفعالية الموازية.
أفريقيا وازمات سينمائية متكررة
لا شك ان السينما الأفريقية مثل كل سينمات العالم تحاول أن تعكس هموم
وازمات المجتمعات التي تنطلق منها ولكن ثمة شعور بأن هناك حالة من النمطية
تمثل خطرا على افاق التعبير السينمائي لدى السينمائيين الأفارقة وتحديا
حقيقيا يجب أن يواجهوه ضمن العديد من تحديات الأنتاج والتوزيع وقلة عدد دور
العرض وسيطرة الفيلم الغربي وضعف قنوات التمويل.
نلاحظ من خلال الأفلام الإثني عشر التي عرضت خلال مسابقة مهرجان
خريبكا للسينما الأفريقية في دورته الخامسة عشرة أن ثمة تكرار لتيمات
بعينها خلال معظم الأفلام حيث تأتي تيمة سيطرة الدكتاتورية العسكرية على
رأس التيمات التي نراها في الفيلم المالي "خيوط العنكبوت" والفيلم
البوركيني "الوطن" الذي حصل على الجائزة الكبرى (عثمان سمبين) للمخرج بيير
ياميكو وذلك رغم اختلاف المستوى الانتاجي بينهم فالأول فقير انتاجيا مصور
بكاميرا ديجيتال ويحاول من خلال عملية ترميز واضحة ان يوزاي بين الفاشية
العسكرية والفاشية الأجتماعية للتقاليد البالية حيث تسجن فتاة شابة بسبب
رفضها الزواج من رجل يكبرها بالسن في مقابل رجل سياسي يتم اعتقاله بسبب
افكاره الرافضة لحكم العسكر في بلاده ويلتقي الأثنان في المعتقل ليواجان
التعذيب ويقرران قيادة انقلاب ضد سلطة المعتقل الذي يرمز إلى البلد كلها
اما الوطن فيعالج قصة الفوضى التي اعقبت الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو
من خلال سيدة تتعرض للاغتصاب على يد الجنود وتواجه خطر التيه والموت في ظل
الفاشية العسكرية.
ثاني التيمات هي تيمة الهجرة الغير شرعية والتي نراها في افلام
الانجولي "الكل على ما يرام" للمخرجة بوكاس باسكوال والذي فاز يجائزة اول
دور نسائي منصافة ما بين بطلتيه المراهقتين"شيلا ميلا" و"كيوماريا موريس"و
الفيلم المغربي "الأندلس مونامور" للمخرج محمد نضيف والذي فاز بجائزة أحسن
أخراج والتونسي"ديما براندو" للمخرج رضا الباهي والحاصل جائزة احسن
سيناريو، حيث نتابع في الفيلم الأنغولي رحلة فتاتين في سن المراهقة بعد ان
وصلا إلى البرتغال في انتظار حصول امهم على اذن للخروج من انجولا وحجم
المخاطر التي يتعرضون لها سواء من خلال استغلالهم من قبل امرأة انجولية
تسخرهم للعمل لديها بلا مقابل ثم تعرض احدهم للاستغلال الجنسي من قبل شاب
يوهمها انه يحبها ومحاولة مهاجر اخر الحصول على شقتهم إلى ان ينتهي بهم
الحال إلى ان تقرر أحداهن الهجرة إلى فرنسا بينما الاخرى تعود إلى انجولا
لتبحث عن سبب مقتل امها على يد العسكر المسيطر على البلاد- وهي اشارة ايضا
للفاشية العسكرية المتفشية في افريقيا- والفيلم كله مرثية لتفسخ الأجيال
الجديدة ما بين مهاجر غير شرعي ومحارب في حرب اهلية.
اما في"الأندلس مونامور" فنرى كيف يستغل احد رؤساء البلدة الصغيرة
الشباب الراغب في الهجرة عبر ايهامهم انسوف يقوم بتهريبيهم لكي يعملون في
اسبانيا بينما هم يقيمون على جزيرة قبالة السواحل المغربية يزرعون الحشيش،
وفكرة الفيلم مقتبسة من الفيلم البوسني الشهير"تحت الأرض" للمخرج امير
كوستوريتشا بكل ما فيها من كوميديا سوادء وقام المخرج المغربي بموائمتها مع
واقع الهجرة الغير شرعية التي تعتبر أحد الأحلام الرئيسية للشباب العربي/
الأفريقي ولكنه لم يفلح في تطوريها بشكل جاد وأنما وقع في فخ الهزلية
الكوميدية ورغم ذلك حقق إلى جانب جائزة الأخرج شهادة تقدير عن أحسن صورة
سينمائية.
وفي فيلم "ديما براندو" يسيطر حلم الهجرة إلى امريكا على الشاب انيس
نتيجة الشبه الكبير بينه وبين مارلون براندو فيقع في علاقة شاذة مع ممثل
امريكي يوهمه أنه سوف يصنع منه نجما في هوليود ثم يتركه ليحاول الهجرة بشكل
غير شرعي ويموت في عرض البحر بينما حبيبته التي باعت جسدها من اجل ان يحصل
على اموال السفر تنتظره على الشاطئ وهي صورة ميلودرامية متكررة في كل افلام
الهجرة الغير شرعية (الحبيب الغارق والحبيبة الواقفة منتظرة على الشاطئ).
ثالث التيمات هي التفسخ الأسري والأجتماعي الذي يواجه المجتمعات
الأفريقية والعربية على حد سواء والذي يظهر في افلام "قديش تحبني"من
الجزائر للمخرجة فاطمة زموم و"كف القمر" لخالد يوسف و"موت للبيع" للمخرج
فوزي بنسعيدي من المغرب ففي قديش تحبني يعاني الطفل عادل من شعوره بقسوة
العالم نتيجة الأنفصال بين والديه واقامته مع جده وجدته حيث يكتشف تدريجيا
حسابات عالم الكبار وضرورة أن يتخلص من براءة الطفولة كي يواجه الحياة
بمفرده في النهاية ورغم كل الحب الذي تحيطه به جدته إلا ان غياب ابويه بشكل
قسري ورفضهم العودة لكيان الأسرة يصيبه بالصدمة والحمى.
وفي "كف القمر" نجد حالة الأنيهار الأسري التي تصيب الأخوة الخمسة
ابناء قمر الذين يمثلون الكف نتيجة انفراط عقدهم بعيدا عن بيت العائلة
والتباس الحق بالباطل على كبيرهم حيث تتفرق بهم السبل ويشق كل منهم طريقه
في الحياة إلى ان يجمعهم نداء قمر مرة أخرى قبل أن تموت كي يجتمعوا من جديد
متناسين خلافاتهم القديمة وجراحهم الحية.
وفي موت للبيع يقدم فوزي بنسعيدي حالة التفسخ من خلال علاقة مالك أحد
ابطال الفيلم الثلاث بأمه وأخته وزوج أمه وكيف أن انهيار المجتمع يبدأ من
انهيار الوحدة الاولية له وهي الأسرة حيث نرى أن ضعف مالك الشديد امام
المال والسلطة المتمثلة في مفتش البوليس الذي يستغله للعمل كمرشد للشرطة
سببه الرئيسي هشاشة الخلفية الأسرية لدى مالك وغياب قيم الحب الأنساني
والحميمية والأستئناس بقرابة الدم, وينعكس هذا ايضا على تورط مالك في علاقة
مع أحد العاهرات التي يحبها بجنون حب شهواني جسدي ثم تسرقه في النهاية
لينقلب عالمه كما نراه في المشهد الأخير من الفيلم عندما يقوم المخرج بقلب
الكادر ليبدو مالك امام تلال تطوان معلقا من ساقيه في السماء ورأسه مدلاة
على الأرض.
ورغم تكرار التيمات في افلام المسابقة إلا أننا نجد ان ثمة تجارب
افريقية تهتم بكسر النمطي والخروج عن التقليدي سواء من خلال تيمات فلسفية
او اقتباسات اجنبية مثل فيلم "اليوم" للمخرج السنغالي آلان جوميز هو فيلم
فلسفي سياسي عن شخص يقضي اليوم الاخير له في الحياة بعد ان يعلم انه سيموت
وقد فاز الممثل"سول ويليامز" بجائزة احسن دور رجالي في المهرجان عن دور
الرجل الذي ينظر إلى الحياة بعين المغادر ليعيد تقييم علاقاته وتفاصيل
دنياه.
اما فيلم قلادة ماكوكو للمخرج الكونغولي هنري جوزيف كومبا والذي حصل
على جائزة احسن دور رجالي ثان للممثل يوناس بيرو مناصفة مع الممثل التونسي
سيفان شعري من فيلم ديما براندو, فأنه يأتي في اطار الاقتباس المعالج
فلكلوريا وحداثيا حيث يحيلنا الفيلم للملحمة الشهيرة"نارنيا" خاصة انه يدور
حول الأسود والأسد هو البطل الرئيسي في سلسلة افلام "نارنيا" بينما هنا
يحاول المخرج من خلال الاطار البوليسي التشويقي أن يخلق منه رمزا للمستويات
الثقافية والأقتصادية التي تعيشها الكونغو الديموقراطية الأن عبر ثلاث
حكايات متوازية عن ولد تربي مع اسد في سيرك متنقل وعالم يريد أن يعود
بالأسود إلى قرتيه القديمة وملكة شعبية تقرر أن تبحث عن قلادة اسطورية كي
تستقيم الأمور في بلدتها وكلها رموز للأتجاه نحو الثقافة المحلية ومحاولة
احياء التراث من أجل المستقبل بعيدا عن سيطرة الثقافة الغربية التي استعمرت
الكونغو طويلا ومسخت هويتها.
عين على السينما في
05/08/2012
تطلّعات وآمال مؤجّلة
الظلامية و«الثورجية»في مواجهة السينما
زياد عبدالله
تتموضع الأحداث التاريخية في الأعمال الفنية لدى البعض بوصفها أحداثاً
فقط لا غير، ويجري تصنيف أي عمل فني وفق مروره على حدث بعينه بوصفه فيلماً
عن هذا الحدث، مهما كان ما يتناوله هذا الفيلم أو الكيفية التي يقدمها فيه،
وعليه فإن من يقرأ هذه الأعمال وفق تلك المقاربة يشبه تماماً القول عن فيلم
إنه عن الثورة الفلانية، لا لشيء إلا لاحتواء الفيلم على بضعة مشاهد من
اعتصامات، أو أن أحدهم صرخ فجأة ومن حيث لا ندري بصرخة حرية، وما عدا ذلك
فإن الرداءة مغتفرة، في تتبع للحمى «الثورجية» التي تحمل صبغة «البرستيج»،
والمسعى السطحي لمقاربة تلك الأعمال ووضعها تحت عناوين أكبر منها بكثير.
الفن العربي عموماً، والسينما تحديداً، تواجه تحديان كبيران يتمثلان
أولاً بهول ما شهده العالم العربي من ثورات ومنعطفات لها أن تكون بمثابة
فتح الباب على مصراعيه أمام شتى أنواع المخاضات والتغيرات، مع الانفتاح
أيضاً لما له أن يكون حركة نكوص أو تقدم وما بينهما، وليس ما شهدته بلدان
عربية كثيرة إلا بداية الطريق، والتعامل مع المنجز بوصفه متحققاً هو ضرب من
الحماقة، سواء في البلدان التي توحي بذلك وقد انتخبت أو تلك التي تعيش
مخاضات تحدها أنهار الدماء من كل جانب، فنحن أمام صيرورة تاريخية لا يمكن
ايقافها بـ«الكليشهات» والعبارات المعلبة التي ينطلق مطلقها من خفة شعوره
امتلاك الحقيقة. أما التحدي الثاني فآتٍ تماماً من إدراك ما تقدم، والبحث
على صعيد إبداعي وفني عن أشكال جديدة تكون حاملاً للأفكار الجديدة التي
عليها أن تولد من رحم التغيير، والتي لم تولد إلى الآن، كون الحراك الشعبي
العربي كان عبارة عن انتفاضات عفوية ضد الاستبداد أوجدت أثناء اندلاعها
آليات تنظيمية سرعان ما انقضت عليها الحركات الاسلامية، وأخذت الحراك إلى
الخلف باستبدال العسكري بالسياسي الديني -سياسي وديني صفتان لا تجتمعان -
أو إيجاد صيغة لتحالف العسكري مع الديني، وعلى مبدأ تبديل الطربوش فقط لا
غير.
ولتوضيح ذلك سينمائياً، فإن كل ما انتج إلى الآن عن الثورة المصرية من
أفلام ليس إلا فعلاً توثيقياً، مثلما هو الحال «تحرير 2011: الطيب والشرس
والسياسي» لتامر عزت وآتين أمين وعمرو سلامة، المندرج تحت «الأسبقية» في
تقديم توثيق للثورة، وهذا يمتد أيضاً ليشمل «18 يوم» الروائي الذي يحمل
أفلام 10 مخرجين مصريين، وهو يقدم الرواية الموازية، وقصص بشر ومصائرهم
بالتناغم مع الحدث الأكبر ألا وهو ثورة 25 يناير.
اكتفي بالمثلين السابقين، وهناك عشرات الأمثلة عن أفلام كثيرة وثقت
لتلك الثورة، ولن يكون آخرها فيلم يسري نصر الله «بعد الموقعة» الذي كان في
المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» هذا العام، والاكتفاء ذلك قادم من مسعى
لتوضيح المقصود بالحامل الفكري للثورات التي تؤدي إلى طرح أفكار جديدة تطال
الشكل والمضمون الفنيين، وذلك بتوضيح الثورة الفنية التي ترافقت و«ثورة
أكتوبر»، وتحول الأفلام التي وثقت لهذه الثورة أو ولدت من رحمها إلى
أيقونات سينمائية لا تمتلك قيمتها الإبداعية فقط من كونها تتناول أحداثاً
تاريخية أو تعبر عن مرحلة بعينها، بل قدمت خروقات ابداعية واضافات فنية على
المستوى العملي والنظري، فثورٍة أكتوبر، سواء أعجب بها المرء أم لم يعجب،
فإن أسماء مثل ايزنشتين وبودفكين وفيرتوف ودفنجكو، وهناك أسماء أخرى كثيرة
قدمت مقترحات جمالية لا يمكن تجاوزها أو المرور عليها مروراً عابراً في
تاريخ السينما، وهي على ارتباط كامل مع الحوامل الفكرية لثورة أكتوبر، حيث
يمكن للديالكتيك أن يجد لدى ايزنشتين نزع الصفة التركيبية للمونتاج بوصفه
لصقاً للقطة بالتي تليها واستبدال ذلك بالتعارض والتقابل، إضافة للمونتاج
المتوازي، وغيرها من مفاهيم وأدوات حملتها أفلامه وأكدها في كتاباته، حيث
التعارض مقابل للديالكتيك بجعل تركيب اللقطات على شيء من التناقض، وإحداث
خلخلة لحواس المتفرج الغافل وهزه بما يدفع لمستويات جديدة للفهم، وكل ذلك
في سياق المونتاج المتوازي، وخير مثال على ما نقصده في ذلك هو فيلم «اضراب»
،1925 ونقتبس هنا من كتاب «السينما التدميرية» لأموس فوغل، ترجمة أمين صالح
«في المشاهد المتعاقبة الشهيرة التي تضم الرأسماليين الأربعة الجالسين
باسترخاء في إحدى الغرف يدخنون ويشربون، بينما يتباحثون في كيفية مواجهة
إضراب العمال. مع هذه اللقطات تتداخل لقطات أخرى للعمال المضربين. عن طريق
القطع المتوازي نرى: العمال يعقدون اجتماعاً سرياً / الرأسمالي يضع ليموناً
داخل العصّـارة / العمال يناقشون مطالبهم/ مقبض العصّـارة ينقضّ على الثمرة
ليسحقها/ الشرطة الخيّـالة يهاجمون العمال فجأة / المدير يقول / كتابة:
«إسحق بشدة ثم أعصر». / الشرطة يضربون العمال / قطعة من الليمون تقع على
حذاء الرأسمالي المصقول جيداً، يشمئز ويمسح حذاءه بالورقة التي تحتوي على
مطالب العمال.
بالانتقال إلى فيرتوف وأيقونته «الرجل ذو الكاميرا السينمائية» ،1929
فإننا هنا سنقع على أعتى تجليات الواقعية في مسعاه لأن يتخلص من الحبكات
الدرامية الملفقة والدراما البرجوازية الملفقة، من خلال تصويره يوماً في
مدينة والكاميرا لا تتوقف لتلتقط أنفاسها من لقطة إلا لنكون في لقطة أخرى
تليها، ولسان حاله يقول لنا تماما ما عبر عنه فيرتوف كتابة: «أنا العين
السينمائية. أنا العين الميكانيكية. أنا الآلة التي تعرض عليكم العالم كما
أراه وحدي، ولا يمكن لأحد غيري أن يراه. إنني أحرّر نفسي، منذ اليوم وإلى
الأبد، من السكون البشري. أنا في حركة دائمة. أدنو وأبتعد عن الأشياء. أزحف
تحتها. أصعد فوقها. أتحرك موازياً لرأس حصان يعدو. أندفع بسرعة فائقة بين
الجموع. أنطلق أمام الجنود الراكضين. أنبطح على ظهري. أرتفع مع الطائرات.
أهبط وأحلق في انسجام مع الأجسام الهابطة والمحلّقة». الطموح من خلال ما
تقدم توضيح ما يمكن أن تحدثه الثورات على الصعيد الفني حين تكون مبنية على
حامل فكري، إذ إنها تقود لا محالة إلى ثورة فنية أيضاً، لكن حسب
السينمائيين العرب والمصريين خصوصاً، صراعهم الآن مع القوى الظلامية،
ومجابهة الازدراء، ويسري نصر الله يقول في «كان» إن بلاده «تعاني ازدراءً
للثقافة والسينما في ظل قيود دينية وعسكرية» مع الإبقاء دائماً على أمل ما،
في اجتراح أفكار تكون بديلاً عن هذا النكوص إلى الوراء، فصحيح أن البشر
يصنعون تاريخهم، لكنهم لا يصنعونه دائماً كما يريدون، ذلك أن «ميراث
الأجيال السالفة وتقاليدها تثقل بوزنها أدمغة الأحياء. انهم يستجيرون
بالماضي وبأرواح الماضي في خوف، مستعيرين أسماء الماضي وشعاراته وقيمه».
الفيلم الثوري
هناك فارق كبير بين أن يكون الفيلم ثورياً أو أن يكون فيلماً عن ثورة،
فالثورية في الفن هي إحداث خروقات في الشكل والمضمون، وبالتأكيد سيكون
الشكل ثورياً حين يكون المضمون ثورياً، أما فيلم يتناول ثورة فهناك مئات
الأفلام التي تناولت الثورات حول العالم دون أن يمنحها ذلك صفة الفيلم
الثوري، وفي هذا السياق يمكن اعتبار «المواطن كين» فيلماً ثورياً مع أنه لا
يتناول أية ثورة، كذلك الأمر مع فيلم ألفريد هيتشكوك «سايكو» التشويقي
وأفلام أخرى مفصلية في تاريخ السينما، وبهذا المعنى فإن الأفلام الثورية
التي ارتبطت بثورة كانت ميزة روسية بامتياز أو سوفياتية للدقة، ويمكن ربط
ذلك أيضاً بأفلام «الموجة الجديدة» في فرنسا، وعلاقتها العضوية بثورة 1968
الطلابية.
الإمارات اليوم في
05/08/2012
الظلامية لن تلوّث إلهام شاهين
محمد عبد الرحمن / القاهرة
خلال اليومين الماضيين، تفاعلت الأزمة التي سبّبتها تصريحات الشيخ عبد
الله بدر ضد إلهام شاهين على أكثر من مستوى، وباتت صالحة للتحول إلى قضية
رأي عام بعدما شغلت الملايين، سواء المؤيدون للشيخ أو المعارضون للممثلة
المصرية والمتعاطفون معها، رغم اختلافهم سياسياً وفنياً. من جهة، واصل بدر
ظهوره الإعلامي وسط انتقادات طاولت برامج الـ«توك شو» التي تصنع من أسماء
مغمورة نجوماً لجذب الجمهور. لولا موقع يوتيوب، ما عرف كثيرون عبد الله بدر
الذي كان ظهوره محصوراً بالقنوات السلفية.
لكنّ مقطع هجومه على إلهام شاهين واتهامه لها «بالزنى والفجور» في
أفلامها، دفعا برامج أخرى في مقدمتها «الحقيقة» على قناة «دريم» إلى
استضافته مجدداً. هنا، تراجع بدر عن بعض تصريحاته في البداية، وقال إنّه لم
يتهمها بالزنى، وخصوصاً بعدما خرج شيوخ من الأزهر يطالبون بـ«إقامة الحجة
على بدر؛ لأن اتهام أي سيدة بالزنى يستدعي حسب الشرع وجود 4 شهود». وقال
بدر إنّ معنى كلامه أنّ ما «يفعله الممثلون هو بدايات الزنى وتشجيع على
الوقوع في الخطيئة». ثم امتدت نيرانه لتطاول الممثلة الشابة آيتن عامر
ومشهد «احبوش» الشهير في مسلسل «الزوجة الرابعة». هذا المشهد تعرض
لانتقادات حادة من الجمهور في رمضان الماضي، لكنها كانت انتقادات ساخرة في
المقام الأول. أما بدر فقد قال إنّ مشاهد مماثلة تجعل الشباب يكررونها في
الشوارع، فتنشأ عن ذلك مشاجرات ومشاحنات. وصمّم على أنّه مستعد لإحضار
أفلام لإلهام شاهين كي يثبت صحّة كلامه من بعض مشاهدها. هكذا، صار بدر أول
شيخ يرتدي عباءة الرقيب ويكون مستعداً لعرض مقاطع من أفلام سينمائية توصف
بـ«الساخنة» كي يؤكد أنّه لم يظلم إلهام شاهين عندما قال إنّها «لن تدخل
الجنة».
على الجهة الأخرى، علّقت إلهام شاهين لأول مرة بعد عودتها من مصر على
تصريحات عبد الله بدر في حلقة مساء الاثنين من برنامج «ناس بوك» الذي
تقدّمه هالة سرحان على قناة «روتانا مصرية». لكن المفاجأة الأهم في الحلقة
أنّ شاهين لم تكن قد شاهدت تصريحات بدر إلا عندما عرضت لها سرحان جزءاً
منها على الهواء مباشرة. هنا، انهارت شاهين وكادت تبكي قبل أن تهدئ سرحان
من روعها. وقالت شاهين خلال الحلقة إنّ المقرّبين منها ادعوا أنّهم لم
يجدوا مقطع الفيديو الشهير كي لا تشاهده، وبالتالي سمعت عنه من دون أن
تراه، ما جعلها تنفعل وتقول بعنف: «إيه القرف ده» وتطالب الرئيس المصري
محمد مرسي والأزهر بالتدخل لحماية كرامة مواطنة مصرية تعرضت للإهانة من شخص
يدّعي أنّه عالم دين ويهاجمها بهذه الفجاجة. وذكّرت شاهين بإغلاق قناة
«الفراعين» بسبب إهانتها للرئيس، متسائلة: هل باقي المواطنين ليس لهم كرامة
حتى يتعرضوا للإهانة بهذه الطريقة؟ فيما أجرى عضو مجمع البحوث الإسلامية
عبد الله النجار اتصالاً بالبرنامج قدم فيه اعتذاراً غير مباشر لإلهام
شاهين، مؤكداً أنّ أفلامها «تحذّر الناس من عواقب الوقوع في الرذيلة»!
الأخبار اللبنانية في
05/08/2012
أعلنت اعتزالها على الهواء
هل تتراجع حنان ترك عن قرار اعتزالها؟
القاهرة - أ ش أ:
تمر على بعض الفنانات لحظات هى الأصعب والأكثر تأثيرا في حياتهن,
وأحيانا تكون سببا في تغيير طريقهن الفني، واتجاههن لاعتزال التمثيل
وارتداء الحجاب.
ولوحظ أن جميع الفنانات أخذن بعض الوقت - طال أحيانا - لكي يعلن
قرارهن بالاعتزال؛ ويأخذن منهجا جديدا في أسلوب الحياة وطريقة التفكير.
وهذا ما حدث مع الفنانة حنان ترك التي فاجأت الجميع بإعلان اعتزالها
الفن في مداخلة تليفزيونية؛ وأعلنت اعتزالها رسميا العمل الفني منذ تلك
اللحظة؛ وأن مسلسل "أخت تريز" هو آخر أعمالها الفنية ولن تقدم أي أعمال
فنية أخرى مستقبلا.
وأكدت أن قرارها هذا اتخذته نتيجة لصراع نفسي بدأ يراودها منذ عودتها
للفن مرة ثانية ؛ حيث قالت إن كونها تمثل بالحجاب تصبح فتنة أكبر من ذي
قبل.
وأوضحت أنها لن تعود ثانية وقررت التفرغ لوالدتها وأبنائها ومشروعها
في الكارتون فقط.
وشهدت الساحة الفنية في السنوات الماضية اعتزال عدد من الفنانات بعد
ارتدائهن الحجاب أمثال الفنانة حلا شيحة بعد نجاحها في أداء دورها المميز
مع محمد سعد في فيلم "اللمبي" ؛ وأعلنت حلا ودون مقدمات اعتزالها التمثيل
وارتداء الحجاب في بداية عام 2003 تأثرا بوفاة زميلها علاء ولي الدين.
ولكن سرعان ما تراجعت حلا عن قرارها هذا بعد شهرين فقط مفضلة إكمال
مشوارها الفني لتعود بدورها مع الفنان عادل إمام في فيلم "عريس من جهة
أمنية" ثم جاء قرارها للمرة الثانية وبدون مقدمات، بالاعتزال وارتداء
الحجاب.
وأثيرت قضية الاعتزال بشكل كبير في وسائل الإعلام في أعقاب القرارات
المتتالية لبعض الفنانات الشابات اللواتي مازلن في بداية مشوارهن الفني،
باعتزال الفن وارتداء الحجاب ثم عدول بعضهن عن الحجاب والعودة إلى التمثيل.
وأشهرهن غادة عادل وميرنا المهندس؛ والأخيرة أشار البعض إلى أن تعرضها
لعملية جراحية خطيرة كان وراء قرار ارتدائها للحجاب، وبمجرد نجاح العملية
تراجعت وكأن شيئا لم يكن.
وفسر البعض اعتزال الفنانات على أنه حملة تقودها بعض الجهات الأجنبية
حتى يتم ضرب سمعة الفن المصري؛ إلا أن هذه التهم لم تلق قبولا لدى الشارع
المصري، ولم تروج لها المعتزلات بعدم ردهن عليها.
ولم يكن الإعلام فقط هو مصدر الانتقاد للفنانات المعتزلات؛ بل طالتهن
حملة واسعة من النقد والهجوم على يد مجموعة من الممثلين الذين اعتبروا أن
بعض الفنانات ينظرن إلى الحجاب كوسيلة للشهرة وللظهور الإعلامي المكثف، في
حين كان عليهن الاقتداء بما فعلته شادية أو شمس البارودي بالاعتزال في صمت
وبلا ضجيج.
وتعد الفنانة المعتزلة شادية من أشهر الفنانات المحتجبات في مصر،
تليها الفنانة الراحلة هدى سلطان والممثلة عفاف شعيب التي مازالت تقدم
أعمالا درامية وكذلك منى عبدالغني وعبير الشرقاوي؛ وكل منهن عادت لتقدم
أدوارا من خلال بعض الأعمال الإسلامية، علاوة على ظهورهن في بعض الأعمال
الدرامية الهادفة، بالإضافة إلى الفنانات شهيرة ، نورا ، سهير رمزي ، هناء
ثروت ، شمس البارودي.
والفنانة هالة فؤاد التي لم تكد ترتدي الحجاب حتى لقيت ربها ومثلها
مديحة كامل.
أما سهير البابلي التي تركت العمل الدرامي؛ فقد اشتهرت كداعية بعد أن
تفرغت للعبادة ودراسة القرآن والسيرة النبوية، ثم عادت مرة أخرى بعد غياب
10 سنوات عن الوسط الفني من خلال الحلقات التليفزيونية "قلب حبيبة"؛وكذلك
الفنانة الشابة ميار الببلاوي التي تفرغت للدراسة وعملت كمذيعة تقدم
البرامج الدينية والموضوعات الهادفة من خلال قناة "اقرأ".
الوفد المصرية في
05/08/2012 |