بعد سلسلة مشاركات فى المهرجانات الدولية حصل فيلم «بعد الموقعة»
للمخرج يسرى نصرالله على الجائزة الخاصة بمهرجان «مونز السينمائى الدّولى»
للأفلام العاطفيّة ببلجيكا قبل أيام، وهى الجائزة الدولية الأولى التى
ينالها الفيلم.
الجائزة مثلت دفعة كبيرة لنصرالله، الذى قلل من أهمية الهجوم على
الفيلم، معتبرا أن من هاجموه لمجرد أن بطلته متحررة «يفكرون بطريقة الإخوان
المسلمين، كاشفا أن فيلمه المقبل لا علاقة له بالثورة أو السياسية.
·
متى تبدأ تصوير رواية «كلوت بك»؟
ــ لن أقدم الرواية فى عمل سينمائى، وكل ما كتب فى هذا الصدد غير
صحيح، ولم يكن من المطروح فى الأساس تحويلها إلى السينما.
·
وما مشروعك السينمائى القادم؟
ــ أعمل فى مشروعى الجديد مع عباس أبوالحسن عن فكرة الأب وعلاقته
بالابن فمجتمعنا أصبح أكثر عصبية والناس قلقة على المكاسب التى حققناها وهى
مهددة الآن.
·
هل سنجد ما يسمى بتيمة كسر سلطة
الأب فى هذا الفيلم؟
ــ لا لا.. أنا لا أبحث عن كسر لسلطة أبوية أو أى إسقاطات لهذه
العلاقة.. أبحث عن صراع أزلى بينهما، وأعد أنه لن يكون فيلما تقليديا لهذا
الصراع حيث يتشاجر الأب والابن طوال الفيلم حتى نصل للنهاية التى تكون
دائما مشهد صلح وسط سعادة وفرحة من الجميع، أسعى إلى أن يكون فيلمى عن
الصراع الانسانى نفسه بلا أى جوانب سياسية أو علاقة بالثورة، وننتظر اكتمال
عناصر العمل كى نبدأ التصوير.
·
وهل حملة الهجوم التى تعرض لها
فيلم «بعد الموقعة» دفعتك إلى تناول قضايا إنسانية؟
ــ كنت أتوقع هذا الهجوم، فأنا لست ساذجا وأعرف عمن أصنع أفلامى، ومنذ
فيلمى «صبيان وبنات» الذى صورته بمنطقة نزلة السمان وأعرف أنهم ليسوا
بلطجية، بل كانوا يعيشون مأساة حقيقية منذ بناء الجدار حول منطقة
الأهرامات، وكيف كانت السلطة إجمالا تحاول قطع أرزاقهم وطردهم من المنطقة
والفيلم حول تيمة ثابتة فى كل أعمالى وهى طرد الناس وكانت مفاجأتى أن ينزل
هؤلاء ضد الثورة فى موقعة الجمل.
·
وكيف تنظر إلى جائزة الفيلم فى
هذا التوقيت؟
ــ الجوائز دائما تبعث السعادة على قلب أى فنان.
·
ألا تعتقد أنه كان من الممكن
صناعة فيلم عن الثورة دون الاقتراب من تلك المنطقة الخلافية؟
ــ أكثر شعارات الثورة جذبا لى هو شعار «الكرامة الإنسانية»، وهى
تنطبق بشكل كبير على سكان نزلة السمان، فأثناء تصوير الفيلم التقينا الشباب
الذين هاجموا ميدان التحرير ورأينا كيف أن جيرانهم المتعلمين يتهمونهم
بالجهل والغباء بسبب ما فعلوه، وكان واضحا لى أن بداية الحل فى اعترافهم
بمسئوليتهم عما فعلوه.
·
وماذا عن الذين هاجموا الفيلم
لمجرد أن بطلته فتاة متحررة؟
ــ رد ضاحكا: لم أتوقع أن يكون الهجوم على الفيلم لأن بطلته الفتاة
الثورية متحررة، وأول ما تبادر إلى ذهنى حينها أن من يهاجموننى بهذه
الطريقة يتحدثون مثل الإخوان المسلمين، ويفكرون بطريقتهم، وخصوصا أن الثورة
بها فكرة التجاوز وكسر التابوهات، كما أن من هاجم تلك الرؤية لن يتوقف عن
الهجوم حتى لو قدمت البطلة قديسة.
·
بعد مرور أكثر من عامين على
الثورة.. هل تشعر بنفس مخاوف البعض من المستقبل؟
ــ خوفى الوحيد هو أن نفقد إحساس النشوة والحرية الذى اكتسبناه من
الثورة، فطيلة الـ18 يوما التى أسقطت مبارك عشنا حالة مواطنة حقيقة، واليوم
وصلنا للخوف من أن يسرق منا هذا ونعود لكآبة وإحباط ما قبل الثورة، فاليوم
هناك من يهاجم المرآة بعنف، وهناك أيضا من يفتى بقتل المعارضين، وكل هذا
يمكن أن يأتى فى نفس السياق بما صدر من فتاوى من قبل بقتل فرج فودة ونجيب
محفوظ.
وأضاف: الحقيقة أننا أمام واقع ثقافى مروع، وخطاب مبنى على كراهية
الآخر.. وحكومة فاشية وجاهلة مثل التى تحكمنا وتحاول ــ كى تحمى نفسها ــ
تحميل المسئولية للمعارضين وكل من يختلف معها.
وحتى خطاب الثوريين نفسه أصبح فى بعض عناصره يحمل الكراهية للطرف
الآخر، فأنا لا أطالبهم بمحبتهم ولكن أطالب أن نقاوم عيوبنا ونتقبل الآخر.
·
وهل تشعر بنفس الخوف على مستقبل
الفن؟
ــ هناك مخاوف مشروعة وأنا معها ولست معها فى الوقت نفسه، وإن كنت
أراها اقتصادية فى المقام الأول، فالرقابة موجودة طوال الوقت وتدربنا على
تجاوزها، والتكنولوجيا تغيرت فأنت تستطيع صناعة فيلم جيد بكاميرا زهيدة
السعر، لكن ما هو العائد منها، ومن أين أكسب عيشى؟!، لكننى لست متشائما أو
متفائلا أنا أعيش وفق مصطلح العيش بكرامة وكيف تجد طريقك عندما يهينك بعضهم
تمسح إهانته وترد الإهانة وتكمل طريقك، فما حدث مع حمادة من سحل أنا سعيد
به.
·
كيف تكون سعيدا بسحل مواطن؟
ــ لأن الواقعة جعلت الناس أكثر قربا من بعضها البعض وتكسبهم جرأة فمن
قام بالسحل هو الأكثر جبنا، وبالمثل من قام بالتحرش هو الشخص غير النظيف
والتصور القديم أن مثل هذه الأفعال تعتبر تلويثا للشخص هو خطأ، فعندما يلتف
30 شخصا حول شخص واحد ويسحلونه مثلما شاهدنا فهذا لا يعنى إهانة لحمادة
بالعكس هى إهانة لمن فعل هذا.
·
هل تعتقد أن هناك استهدافا للفن
والفنانين؟
ــ بكل أسف خلال الثورة وبعدها وحتى قبلها كانت هناك محاولات مستمرة
لتنفير الناس من الفنانين والمثقفين، وهى طريقة متبعة منذ أيام عبدالناصر
وحتى أيام مرسى وكان ناصر أذكاهم عندما عين المثقفين جميعا فى الأهرام وسار
السادات على نهجه وعندما عارضوه هاجمهم وألقاهم فى السجون، والنظام الحالى
يسير على الطريق نفسه.
·
هل من الممكن أن يتم أخونة الفن
والثقافة؟
ــ هناك من سيحاول فعل ذلك، وحتى فى أحلك أنواع الديكتاتوريات هناك
طريقة للتمرد مثلما فعل يوسف إدريس ونجيب محفوظ أيام عبدالناصر ويفعل
السينمائيون الإيرانيون حاليا، وعموما من يروج لأى سلطة سينتهى قبل أن يبدأ.
لكن المشكلة الأكبر هى التغير فى اقتصاديات الصناعة فى كل العالم
ولهذا ظهرت تقنية الثلاثى الأبعاد لجذب المشاهد لقاعات السينما وهناك حالة
ضخمة تغير فى طريقة التوزيع ومعايير المكسب والخسارة، والإنترنت سيتحول
لوسيلة فى توزيع وعرض الأفلام ولهذا فلن يستطيع أى شخص ــ مهما كانت درجة
قوته ــ أن يحظر رأى.
نيلي كريم:
«كآبة السياسة» جعلتنى أهرب إلى«الكارتون»
كتبت ــ تاميران علي
«اكتئابي من الأخبار السياسية جعلنى أقْدِم على مشاهدة أفلام الكارتون
مع أولادي»، بهذه الكلمات عبرت الفنانة نيللي كريم عن برنامجها اليومي،
للتعامل مع الأحداث الراهنة التي تمر بها البلاد.
وقالت كريم، خلال استضافتها في برنامج «واحد من الناس» مع عمرو الليثي،
إنها تشعر بالاكتئاب من الأحداث السياسية الساخنة في البلاد، وحالة
الانقسام التي يعيشها الشارع.
حتى إنها كلما تابعت نشرة الأخبار شعرت بالحزن والغضب على حال البلاد.
وعن مصدر الأمان في حياتها، قال: «الأمان بالنسبة لي حاليًا هو بيتي
وزوجي وأولادي»، متمنية عودة الاستقرار إلى مصر من جديد.
وتحدثت عن تفاصيل دورها في مسلسل «ذات»، الذي يحكي عن الأحداث التى
مرت بها مصر منذ ثورة 1952 حتى ثورة 25 يناير، مرورًا بكل الرؤساء الراحلين
وحتى الدكتور محمد مرسي، قائلة: "إن شخصية ذات لا تهتم بالظروف التي تمر
بها البلاد بل تهتم بالأحوال والظروف التي تمر بها أسرتها فقط".
وأوضحت أن هذا المسلسل مأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للروائي صنع
الله إبراهيم، والمسلسل يشارك في بطولته باسم سمرة، وسيناريو وحوار مريم
أبو عوف، وإخراج كاملة أبو ذكرى.
كما أعربت عن حلمها بخوض تجربة الإخراج، لأنه عبارة عن صناعة، من وجهة
نظرها، كما أبدت كذلك استعدادها بالعودة إلى تجربة الفوازير مرة أخرى .
الشروق المصرية في
03/03/2013
بين الواقع والمقابلات
عدنان مدانات
حضر لعندي مخرج شاب يطلب مساعدتي بشأن فيلم يعمل عليه، وكان بحاجة إلى
مقاطع من أفلام وثائقية كلاسيكية تتضمن مشاهد مصورة لحركة الناس في الشوارع
يريد أن يضمنها فيلمه. سألته عن موضوع الفيلم فذكر لي أنه عن الحياة كما
تتمظهر في حركة الناس في شوارع العاصمة. بدت لي الفكرة مهمة بحد ذاتها
فأعطيته فيلمين من تاريخ السينما التسجيلية الصامتة متوفرين لدي، احدهما
فيلم" الرجل والكاميرا السينمائية"( 1929)، لدزيغا فيرتوف، والثاني فيلم"
برلين سيمفونية المدينة الكبيرة"( 1927)، للمخرج والتر روتمان، وهما فيلمان
مصوران بأكملهما في شوارع المدن، والفيلمان يعتبران من أهم الأفلام في
تاريخ السينما التسجيلية.
رجع إلى هذا المخرج بعد فترة وجلب معه النسخة ما قبل النهائية من
فيلمه وطلب مني مشاهدة الفيلم وإبداء الملاحظات عليه وخاصة حول إمكانية
اختصار مدته الزمنية إذ يبلغ طول النسخة التي أعدها ساعتين من الزمن وهو
يخشى أن يكون هذا الطول مرهقا بالنسبة للمشاهدين، سألته عن الاسم الذي
اختاره للفيلم فقال لي" حكايات الشارع". ومع أن المهمة التي يريد مني
مساعدته فيها غير سهلة إلا أن العنوان بحد ذاته أثار فضولي واهتمامي و
شجعني على وعده ببذل جهدي لمساعدته في ما طلبه.
ما الذي كان يعنيه بالنسبة لي عنوان" حكايات الشارع"؟. كان العنوان
يعني أن ترصد و تغوص الكاميرا في مظاهر الواقع ممثلة بما يحدث في الشارع
وأن تتمكن من الوصول إلى استنتاجات حول الواقع انطلاقا من متابعة و توثيق
حركة الناس في الشارع من مارة عابرين ومتسكعين و متسوقين و متسولين وأصحاب
محلات و باعة متجولين ورجال سير وسائحون أجانب وغيرهم من أنواع البشر
المتواجدين خاصة في الشوارع الموجودة في وسط المدينة، أو قاعها، كما يحلو
للبعض أن يصف وسط المدينة، حيث يوفر الاكتظاظ البشري وتنوعه و تنوع مظاهر
حركته لعين وعقل وخيال المخرج إمكانية واسعة لتركيب حكايات، أو في أقل
تقدير، حالات و مظاهر و أحداث صغيرة لكن تستحق الملاحظة والتوثيق والتعميم،
وهذا ما فعله، على سبيل المثال" مخرجا الفيلمين التسجيليين الكلاسيكيين"
الرجل والكاميرا السينمائية" و"برلين سيمفونية المدينة الكبيرة" في زمن
كانت فيه السينما تستكشف مظاهر الواقع صامتة و لا يعكر صمتها صوت المعلق أو
حديث أثناء مقابلة مع شخص ما، كما صار يحصل في الأفلام اللاحقة زمن السينما
الناطقة التي صارت فيها الأفلام التسجيلية وحتى الروائية تكثر من الثرثرة.
أصابتني مشاهدة الفيلم بخيبة أمل، فما كانت توجد فيه أي صور، أو
مشاهد، لحركة الواقع تثير الاهتمام بصريا أو ذات دلالة، وكان الفيلم
بالمقابل، يحتشد بمقابلات مع أشخاص مختلفين، جرى التقاط معظمهم بصورة
عشوائية أثناء وجودهم في الشارع، و أضاف المخرج إليهم مقابلة مطولة عرضت
على فترات متقطعة أثناء الفيلم مع شخص تم تقديمه على أنه باحث اجتماعي.
من هم هؤلاء الأشخاص الذين يتحدثون في الفيلم، ولماذا جرى اختيارهم
بالتحديد وما أهمية أو مصداقية أو فائدة الكلام الذي يتفوهون به، وهل ما
قالوه نتج عن تفكير مسبق بموضوع الفيلم أم، وهذا هو الأغلب، قالوا فقط ما
خطر على بالهم للتو وبدون أن يبذلوا جهدا للتفكير و للتعمق فيه؟ ينطبق هذا
أيضا على المقابلة مع من جرى تقديمه على أنه أكاديمي في مجال علم الاجتماع.
هناك أيضا تساؤل إضافي: ما الذي أراده المخرج من الفيلم وهل انطلق من
فكرة أو فرضية مسبقة أراد البرهنة عليها من خلال الفيلم، أم لاحظ مظاهر
بصرية و وقائع لفتت انتباهه ورغب في تعريف الناس بها؟
لاشيء من هذا كله كان في الفيلم، وبالتالي لا شيء في الفيلم يستدعي
الكتابة عنه، لولا أنه يعكس ظاهرة في السينما التسجيلية المعاصرة التي يلجأ
مخرجو أفلامها للحلول السهلة المتمثلة في المقابلات وذلك بغض النظر عن
قيمتها أو جدواها وصلاحيتها داخل الفيلم أو سينمائيتها.
ينقسم المخرجون بعامة إلى قسمين، قسم يهتم بإخراج الأفلام التسجيلية و
قسم آخر يهتم بإخراج الأفلام الروائية. لكن هذا التقسيم في الحقيقة لا يعبر
عن واقع الأمر، إذ أن الأمر لا ينحصر في الميول الشخصية والرغبة، كما لا
ينحصر في الفرص المتاحة للمخرج، بل يتعلق الأمر في جوهره بنمط التفكير
الإبداعي ومنطلقه، فالتفكير التسجيلي شيء والتفكير الروائي شيء آخر ولكل
منهما متطلباته، وهناك مخرجون مخلصون للسينما التسجيلية و متفرغون لها،
وهناك مخرجون يخرجون الأفلام التسجيلية بانتظار فرصة التحول للأفلام
الروائية عندما تتاح لهم الفرصة، وقليلون، في الحقيقة، المخرجون المخلصون
للسينما التسجيلية والذين يفكرون تسجيليا، ولهذا، على الأغلب، لم نعد نرى
في السينما المعاصرة أفلاما تسجيلية يمكن عدها من الروائع إلا فيما ندر
وهذا لا ينفي وجود أفلام تسجيلية جيدة بل وحتى ممتازة.
الجزيرة الوثائقية في
03/03/2013
قراءة في: "الفاتيكان: الدّين والدّولة"..
"أعط
ما لقيصر للّه وما للّه لقيصر
"أو
درس الفاتيكان في جدل الدّين والسّياسة
د. العادل خضر - تونس
تعلّمنا دروس الوسائطيّة (أو الميولوجيا) العامّة أنّ أيّ خطاب دينيّ
أو سياسيّ أو فنّي... هو بداياته ثوريّ ناريّ حالم مثاليّ متبخّر زائل، أو
آيل إلى زوال إن لم يتصلّب ويتجمّد ويتثلّج بمؤسّسة تعمل على استمراره
ودوامه بإعادة صياغة خطابه وصناعته وتنظيمه على نحو يخالف محتوى الرّسالة
الأولى في معظم الأحيان. يكفي أن نتابع فيلم "الفاتيكان: الدّين والدّولة"
بشيء من الانتباه حتّى نقف على صدقيّة هذه الحقيقة الأنتروبولوجيّة
السّياسيّة. فمنصب البابا الّذي حظي طوال قرون مديدة بقداسة تضاهي قداسة
المسيح لا وجود له في الأناجيل، ولا يوجد نصّ واحد يلمّح لوجود البابا في
صورته القديمة أو الرّاهنة. فتاريخ المسيحيّة العريق يذكر أنّ البابوات
الأوائل كانوا أشخاصا من غمار النّاس، حتّى أنّ كلّ شخص يولد مسيحيّا يمكنه
أن يكون بابا إذا انتخبه مجلس الأساقفة بصفتهم ممثّلي الكنائس الكاثوليكيّة
في العالم.
وإذا كان البابا لم تلده الأناجيل فقد ابتدعته المسيحيّة بوصفها ديانة
من أهدافها الكبرى الانتشار الواسع النّطاق في مختلف أرجاء المعمورة. ولأجل
ذلك كان التّبشير من أقدم الوظائف الّتي اضطلعت بها الكنيسة منذ بداياتها،
واستمرّت إلى اليوم مع الفاتيكان بأشكال جديدة كبناء المستشفيات والمدارس
الّتي يختلف إليها الكثير من الشعوب ومنهم المسلمين دون إكراههم على اعتناق
المسيحيّة.
يمثّل اليوم البابا رئيس دولة الفاتيكان. ويؤكّد الفيلم في أكثر من
مناسبة أنّ الفاتيكان هو أصغر دولة في العالم (تبلغ مساحتها حوالي نصف كلم
مربّع) توجد في قلب روما عاصمة إيطاليا. وهي على صغر مساحتها تعدّ من أغنى
دول العالم بفضل عائداتها السّياحيّة والاستثمارات البنكيّة. وهذه الأموال
تصرف لأمور عديدة منها تمويل البعثات التّبشيريّة، وصيانة الكنائس
والعقّارات التّابعة لها ونفقات الأساقفة... وربّما يفسّر ثراء دولة
الفاتيكان بكثرة أتباع الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم، إذ تقدّر بعض
الإحصائيّات أعدادهم بمليار وخمسمائة مليون مسيحيّ كاثوليكيّ. وهو عدد يزيد
وينقص لا ينافسه سوى عدد المسلمين في العالم، وهو يقدّر تقريبا بنفس
النّسبة.
وقد ارتبط تاريخ هذه الدّولة بتاريخ المؤسّسة البابويّة في العالم
المسيحيّ الكاثوليكيّ. وهذا الارتباط عريق جدّا لا يُفهم إلاّ بالعودة إلى
الذّاكرة التّاريخيّة أيّام الاضطهاد الرّومانيّ لأوائل المسيحيّين.
لقد اكتسبت هضبة الفاتيكان شهرتها لا بصفتها عاصمة للكنيسة
الكاثوليكيّة، وإنّما بسبب رمزيّتها التّاريخيّة. فقد كانت هذه الهضبة
تمثّل المكان الّذي صلب فيه القدّيس بطرس عام 67 م، زمان الاضطهادات
الواسعة الّتي شنّها الإمبراطور نيرون على أوائل المسيحيّين. وقد جاء على
لسان أحد المختصين في الشأن المسيحي، في الفيلم أنّه في إحدى التّلال
الصّغيرة الّتي كانت تسمّى الفاتيكان، دفن الكثير من الضّحايا المسيحيّين،
من بينهم القدّيس بطرس. ولمّا اعترفت روما بالدّيانة المسيحيّة الّتي أصبحت
دين الإمبراطوريّة الرّسميّ، أصبحت مقبرة الشّهداء الأوائل مكانا مقدّسا
شيّدت فوقه كنيسة صغيرة تحمل اسم القدّيس بطرس. ثمّ على أنقاضها بنيت
كاتدرائيّة القدّيس بطرس في القرن السّادس عشر. ولم ينتقل البابوات وقيادة
الكنيسة إلى الفاتيكان إلاّ بعد القرن 14م. ومنذ ذلك الانتقال بدأت رقعة
الفاتيكان تتّسع بكثرة المباني والمتاحف والحدائق المحيطة بالقصر البابوي.
في الفيلم تفاصيل تاريخيّة تبيّن أنّ اتّساع رقعة الفاتيكان
الجغرافيّة السّياسيّة كان رهين عمق الإيمان في ضمير الإنسان الأوروبيّ،
الّذي بدأ يتقلّص شيئا فشيئا مع ظهور الملوك والدّول العلمانيّة الّتي فصلت
الدّين عن الدّولة أو الّتي استولى ملوكها على سلطة البابا الرّوحيّة،
واستخدموها في إضفاء الشّرعيّة المقدّسة على ملكهم. وما استعارة "الملك ذو
الجسدين" الّتي تعمّق المؤرّخ البريطانيّ إرنست كنتوروفيتش
Ernest Kantorowicz
في دراستها في كتابه الشّهير "جسدا الملك Les deux corps du roi"
سوى استعارة سياسيّة ظهرت في أوروبا في القرون الوسطى. وقد نشأت في إطار
الأنظمة الملكيّة الأوروبيّة الغربيّة المسيحيّة بين القرنين العاشر
والسّابع عشر الميلاديين، مستنسخة، بل مستحوذة على سلطة البابا الرّوحية
والزّمانيّة. فإذا كان تاريخ المؤسّسة البابويّة قد بدأ بالفصل الحادّ بين
ما هو سياسيّ زمانيّ عمّا هو روحيّ دينيّ، فصلا ترجمه القول المأثور
الشّهير "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، فإنّ تاريخ الفاتيكان الطّويل
قد بيّن أنّ هذا الفصل لم يكن ممكنا لأنّ "ما لقيصر" هو نفسه "ما لله"،
وأنّ "ما لله" هو نفسه "ما لقيصر". وهذا التّداخل كان من إبداع المسيحيّة
الأعظم في أبجديّات السّياسة وتاريخها، بل إنّ هذا التّداخل هو ما كان
يجسّمه البابا في شخصه وبشخصه. فهو من النّاحية الرّوحية يعني الأب في
اللّسان اليونانيّ، وهو معصوم من الخطأ لأنّه نائب المسيح والقدّيس بطرس،
وهو ممثّل عقائد الكنيسة الكاثوليكيّة، ولكنّه من النّاحية الزّمنية هو
أسقف روما، ورئيس دولة الفاتيكان ينتخبه مجلس الكرادلة مدى الحياة، ويتمتّع
بسلطة تشريعيّة وتنفيذيّة.
إنّ هذا التّداخل ضروريّ في ديناميكيّة الأديان الكبرى الّتي كان نشر
رسالتها على أوسع نطاق من أوثق أركانها. يمكن للرّسالة الأولى الّتي كان
يبشّر بها المسيح أتباعه، أو الّتي كان رسول الإسلام ينشرها بين صحابته
وأنصاره، أن تؤسّس أمّة متماسكة، ولكنّ إعلامها أو ذيوعها وانتشارها سيظلّ
ضعيفا جدّا. وحتّى يقوى انتشار الرّسالة وجب على الأمّة الأولى أن تنتشر
على الأرض للدّعوة أو التّبشير، للأسلمة أو التّنصير. وهذا الانتشار قد
اقتضى من الجماعة الأولى أن تتحوّل إلى أمّة واسعة الوجود السّياسيّ أيضا
بأن تعيد هيكلة تنظيمها حتّى تستمرّ الرّسالة وتتّسع رقعة تأثيرها الرّوحيّ.
هذا الدّرس الّذي يعلّمنا أنّ الدّين قبل أن يكون إيمانا ينير الأرواح
وتطمئنّ به القلوب، إنّما هو في جوهره تنظيم من طبيعة سياسيّة تيولوجيّة
يمثّل الفاتيكان أنموذجه القويّ في تاريخ الأديان وتاريخ الدّول السّياسيّ.
الجزيرة الوثائقية في
03/03/2013
بعض الأفلام النرويجية المشاركة في "اورودوك
"
اعداد: نضال حمد
بين الثالث عشر والسابع عشر من شهر مارس - آذار القادم تنطلق أعمال
مهرجان الفيلم الوثائقي - أورودوك- في سينماتيك. وسوف تعلن اللجنة المنظمة
والمشرفة على المهرجان رسميا عن برنامج القسم الدولي من المهرجان في بداية
مارس - آذار القادم.
مهرجان الفيلم الوثائقي الأوروبي الذي تشرف عليه مؤسسة سينماتيك في
دورته الثانية عشرة هذا العام سوف يقدم مجموعة غنية من الأفلام الوثائقية
الأوروبية والنرويجية في أجواء رائعة وبحضور شخصيات وضيوف عالميين بحسب ما
وعد به القائمون على المهرجان وما أعلنوا عنه مؤخرا.
جدير بالذكر ان فيلم " 5 كاميرات محطمة" كان فاز في دورة المهرجان
لعام 2012 بالجائزة الأولى.
فيلم: بنك الجدات
من الأفلام النرويجية التي ستعرض في هذا المهرجان " بنك الجدات " وهو
فيلم وثائقي عن سيدات نرويجيات كبيرات وطاعنات في السن أسسن منظمة جدات
لأجل السلام، ونشطن وعملن في النرويج على مدار سنوات طويلة لأجل مساعدة
ومساندة النساء الفلسطينيات وبالذات في قطاع غزة المحاصر. بطلة الفيلم هي
السيدة "ماريت ميهلي" البالغة من العمر 80 عاما والتي أرادت الاحتفال بعيد
ميلادها الثمانين لأول مرة في فلسطين ومع النساء الفلسطينيات، فذهبت الى
غزة لأول مرة وفي أول زيارة، لكن جيش الاحتلال قام في نفس اليوم بمهاجمة
قطاع غزة وقصفه قصفا عنيفا. خلال زيارة غزة كانت الكاميرا ترافق السيدة
ماريت ميهلي في رحلتها. جدير بالذكر أن السيدة ميهلي تقوم بالتبرع بنصف
مرتبها الذي تتقاضاه من مؤسسة التقاعد النرويجية وذلك لتمويل مؤسسات
فلسطينية تخدم المرأة في فلسطين المحتلة، في حين أن القسم الأكبر من المبلغ
يذهب الى مؤسسات في غزة.القائمون على الفيلم وعلى رأسهم المخرج والمنتج
كارل اميل ريكاردسن يرافقون السيدة ميهلي على مدار اربع سنواتو يعبرون حدود
غزة معها لتسجيل هذا الفيلم الجدير بالمشاهدة.
فيلم: بناز .. قصة حب
هذه قصة تهز الإنسان وتحرك المشاعر حيث أنها تروي قصة حب بطلتها اسمها
بناز محمود قتلت وهي شابة. قتلت بناز بطريقة عنيفة من قبل عائلتها. وذلك
لأنها لم تستطع تحمل الانتهاكات والاعتداءات التي كان يقوم بها زوجها بشكل
دائم. وكان زواجها من هذا الرجل ليس باختيارها بل غصبا عنها حيث أجبرت من
قبل عائلتها على الزواج من هذا الشخص. قصة الفيلم تحكي ان بناز قتلت لانها
أرادت ان تحيا حياتها كما تريد ولأنها أحبت الرجل الخطأ. فيلم بناز يقدم
قصة حب مؤلمة وموجعة. بنفس الوقت يقدم هذا الفيلم الوجع والتضحية والشجاعة
والحب والأمل بقالب إنساني جميل. الفيلم من إخراج وإنتاج ديه.
فيلم: اختار بنفسك
فيلم كرتوني وثائقي قصير يتحدث فيه الأطفال عن كيفية الحياة عندما
يكون الوالدين او احدهم في السجن. فيلم قصير ولكن رائع، عن الحزن والأمل.
طفل حقيقي قدم صوته للفيلم وتحدث عن قصته. وبهذه الطريقة يقدم الأطفال
أفكارهم بعمق. الفيلم من إخراج كاجسا ناس وإنتاج ليسي فارنلي..
فيلم: ترام الى اوشفيتس
فيلم وثائقي عن معاناة وقصة حياة اليهودي النرويجي ساممي ستاينمان
البالغ اليوم من العمر اكثر من ثمانين عاما والذي يعتبر آخر اليهود
النرويجيين الذين عايشوا معسكر اعتقال وتجميع اليهود الأوروبيين من قبل
القوات النازية في معسكر اوشفيتس ببولندا. يوم اعتقل ستاينمان مع شقيقه من
قبل النازيين كان يبلغ من العمر 16 عاما. وضع في معسكر الاعتقال المؤقت
بمدينة طونسبيرغ النرويجية ثم تم نقله مع الآخرين بحرا على متن السفينة دي
اس دوناو يوم 26 نوفمبر 1942من هناك الى اوشفيتس . الفيلم من إخراج السا
كفامي وإنتاج غودني هوميلفول.
فيلم: فاتا مورغانا
في ميناء طنجة المغربي تعيش الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليهاالشباب
الإفريقي الذي يحلم بالسفر الى أوروبا للعمل وكسب المال. الهدف أو الحلم هو
العبور والوصول الى اسبانيا. بالرغم من المخاطر الكبيرة على صحة وحياة
هؤلاء الشباب لأنهم قد يتعرضوا لخطر الموت على متن القوارب والمقطورات التي
تعبر وتبحر الى اسبانيا. الفيلم يتحدث عن هذا العالم السري والمغلق. وهو من
اخراج زورادشت أحمد وانتاج تور فادسيث ومونا ستيفينسن.
فيلم: صور عائلية
يعالج هذا الفيلم من خلال السؤال الموضوع التالي: متى يريد الإنسان
وضع الماضي وراء ظهره؟
وكيف يستطيع الإنسان القيام بذلك عندما يجد أن لا احد في العائلة يوما ما
تكلم عن ذلك.
مخرجة الفيلم ايفوننا توماسين تحاول تجميع العائلة - عائلتها- كي تقوم
بأخذ صورة لها. وتواجه برفض العديد من أفراد العائلة لفكرتها تلك معتبرين
أنها فكرة غير جيدة. مع العلم ان بقاء العائلة على ترابط وتجميعها كان من
أهم الأشياء بالنسبة للجدة، ولكن اليوم ليس كل أطفالها أو أفراد العائلة
لهم علاقة مع بعضهم البعض.
من خلال نبش الماضي بحثا عن أسئلتها تجد المخرجة ردودا كثيرة غير
منتظرة.
الجزيرة الوثائقية في
03/03/2013
صوت المرأة السعودية يفاجئ جماهير السينما
!
خيرية البشلاوى
لا مكان للكوابح ولا التابوهات في عصر الإنترنت واليوتيوب !
داخل المملكة السعودية لا يشاهد الناس السينما في دور العرض.. الأفلام
تأتيهم حتي دورهم عبر الأقمار الصناعية والأقراص المدمجة "دي في دي" وقليلة
جداً الأفلام التي تنتجها "المملكة" سنوياً. معظمها أفلام تسجيلية قصيرة
أما الأفلام الروائية الطويلة فهي نادرة.
فيلم "كيف الحال" 2006 للمخرج ايزادور مسلم يعتبر العمل الروائي
الطويل الأول وقد تم تصويره في الإمارات. وبطلته هند محمد ممثلة أردنية وقد
أثار عرضه في بلاد غير بلاده جدلاً كبيراً في الأوساط المحافظة داخل
المملكة.. فالفيلم يعالج حياة أسرة يتمزق أفرادها بين التقاليد والحياة
المدنية.
الفيلم التسجيلي القصير بعنوان "500 كيلو متر" يصور الوضع السينمائي
السعودي ببلاغة.. عنوان الفيلم يشير إلي طول المشوار الذي قطعه بطل الفيلم
الشاب للوصول إلي البحرين لكي يدخل السينما ويري الفيلم في "دار" خاصة بعرض
الأفلام السينمائية. والفيلم شهد عرضه الأول في الإمارات.
مرحلة السبعينيات تعتبر الأكثر تساهلاً مع هذا الفن المحرم رسمياً. في
هذه الفترة تعددت دور العرض في "المملكة" ولم تعامل السينما كنشاط معاد
للدين الإسلامي رغم الموقف الصارم منها بالنسبة للإسلاميين المتشددين.
فترة الثمانينات عرضت بعض الصالات السينمائية في مدينتي جدة ومكة
وكانت معظم الأفلام مصرية وهندية وتركية وكانت تعرض ــ حسب بعض المصادر ــ
من دون تدخل الحكومة وتم اغلاق جميع هذه الصالات بسبب الاعتراضات المتواصلة
من قبل المتشددين المحافظين وكنوع من التهدئة السياسية أمام تزايد النشاط
"الإسلامي" وما جري من حصار وعدوان عام 1979 الذي دفع الحكومة إلي اغلاق
جميع دور السينما وصالات العرض.
ومن المفارقات الكبيرة جداً أن القنوات السعودية العربية فضلاً عن
مجموعة قنوات روتانا التي يملكها الأمير السعودي وليد بن طلال تعتبر
النوافذ السينمائية المفتوحة علي نشاطات سينمائية عربية فضلاً عن الأفلام
العالمية التي تصل إلي "الدور" العربية في كل مكان بمن فيهم سكان المملكة
العربية السعودية.. الأمير وليد لديه حالياً أرشيف غني جداً من الأفلام
المصرية وكذلك المستثمر الشيخ كامل السعودي صاحب قنوات ايه ارت تي
"ART)
الذي اشتري جزءاً من ميراث السينما المصرية التي لعبت دوراً رئيسياً
في حياة الشعوب العربية.
صوت المرأة
وفي عام 2012 فاجأت هيفاء المنصور جمهور العالم بفيلم سعودي يحمل اسم
امرأة "واجدة". الفيلم يعالج قصة تدور أحداثها في السعودية وبطلتها فتاة
صغيرة تثور علي التقاليد القادمة للمرأة في هذه المنطقة من العالم. مخرجة
الفيلم سعودية نالت قسطاً جيداً من التعليم وسافرت إلي الخارج واشتبكت
فكرياً مع الثقافة الغربية وتفاعلت مع هموم المرأة العربية التي لا يسمح
لها بأن تتصرف في حياتها كما تريد فضلاً عن التابوهات الكثيرة التي تعوق
حريتها.
ومن الطبيعي أن تكون أسرة هيفاء متحررة نوعاً من التقاليد الصارمة
التي تفرضها الحياة علي المرأة في المملكة السعودية ومن المتوقع أيضاً أن
يتعرض والد هيفاء لضغوط كبيرة لم ينصاع لها..
وفي حديث لها مع قناة الــ
CNN
الأمريكية تقول هيفاء التي تعيش خارج بلادها. إنها حين تزور المملكة
تشاهد الأفلام علي أقراص مدمجة. حيث ترسل سائق سيارتها بقائمة من عناوين
الأفلام إلي المحلات المتخصصة لشرائها. فالنساء ممنوعات من التعامل مع هذه
المحلات ولكن ذلك "لم يمنعني من مشاهدة الأفلام وإنما شجعني وملأني بالرغبة
أن أريهم بأنهم لا يمكنهم أن يعاملونا علي هذا النحو.. أردت أن يكون لي صوت
مسموع".
وحسب قناة العربية يوجد 12 مليون مستخدم لشبكة الإنترنت في السعودية
"تعداد السعودية 27 مليون تقريباً" وهناك 90 مليون متصفح يومياً علي
اليوتيوب وهذا الانتشار المدهش والسريع في استخدام الإنترنت يمكن تفسيره
بسبب منع دور العرض السينمائية. حيث صارت شبكة التواصل الاجتماعي التي
يستخدمها المخرجون السعوديون الوسيلة المتاحة لإيصال أفلامهم إلي الجمهور.
محمد مكي
Makki
من المخرجين الذين يستخدمون عن عمد وسيط اليوتيوب لعرض أفلامه وعرض
حلقات المسلسل الذي قام باخراجه بعنوان تاكي
"Takki).
وقد أعلنت وكالة انترناشونال بيزنس تايمز
"IBT)
في تقرير لها أن الحلقة الأولي شاهدها أكثر من مليون شخص علي اليوتيوب
في غضون ثلاثة أشهر والحلقة الثانية والثالثة حققت 700 ألف متفرج لكل حلقة
وذلك خلال شهر.
والمسلسل "تاكي" يتابع حكاية مجموعة من الشباب اثناء قيامهم باخراج
فيلم في جدة علي شاطئ البحر الأحمر إنه عمل يتكون من حلقات محدودة ويتناول
الصعوبات الكبيرة التي تواجهها النساء في السعودية.
وقد تعمد صناع المسلسل أن يخالفوا بعض القواعد اثناء تصويره ومنها عدم
تصوير النساء والرجال معاً حتي لا يتعرضوا لجماعات "الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر" أي إلي الشرطة الدينية.
يقول المخرج: لقد قدمنا موعد التصوير. ولم نتوقف لكي نحصل علي تصريح
رسمي لأن ذلك يستغرق وقتاً طويلاً.
ويري بعض الكتاب أن هناك اتجاها لدي المخرجين الشبان في دول الخليج
لاستخدام الإنترنت كوسيلة سريعة لعرض أفلامهم من دون اللجوء إلي الحكومة
للموافقة علي عرض أفلامهم في دور العرض.
السينما المحلية في المملكة السعودية ليس لديها سوي نصير واحد فقط
يساندها ويفتح أمام بعض السينمائيين من ابنائها نوافذ للتواصل عبر الأفلام
إنه الوليد بن طلال الذي يمتلك قنوات روتانا. وهو الذي شارك في تمويل فيلم
"واجدة" الذي قامت باخراجه هيفاء المنصور بالمشاركة مع ألمانيا والسويد.
ويري البعض أن وجود الوليد كرأسمالي واسع الثراء مؤمن بالسينما وداعم
لها. يشكل أملاً أمام السينمائيين السعوديين وبأن السينما سوف تصبح نشاطاً
مقبولاً في السعودية بعد سنوات قليلة وهناك اشاعات قوية تؤكد أن دور العرض
في السعودية سوف يعاد فتحها.
فرصة عظيمة
تقول هيفاء المنصور لمجلة "سكرين ديلي": أشعر أن السينما سوف تتقدم في
المملكة وأن ثمة فرصة عظيمة أمام الشعب لاستقبال مفاهيم جديدة في المجتمع
تفتح الباب لمسار مختلف في تاريخ المملكة السعودية.
ولم يعد من الممكن بعد التطور المتلاحق للتكنولوجيا ووسائل الاتصال أن
تستطيع قوة مهما بلغت أن تلغي المتعة البصرية التي توفرها الفنون ومنها
السينما ولا يوجد بيت سواء في المملكة "مرتع التزمت الديني" أو في أي بقعة
أخري فوق كوكب الأرض يستطيع أن يمنع ابناءه من الفرجة علي منتجات العالم من
فنون السينما بعد أن صار العالم صغيراً. وصارت الأجيال الصغيرة التي تفتحت
مداركها علي انجازات الدول المتقدمة وأصبحت تستهلك أحدث منتجاتها من وسائل
الترفيه والتواصل. صارت من عشاق السينما ومن المتطلعين إلي الضلوع في
نشاطاتها..
كاميرات التصوير الرقمية المتقدمة صارت في يد جميع الشبان في دول
الخليج.. والهواة موجودون داخل كل بيت. والأفلام المستقلة البعيدة عن كوابح
الرقابة تنتشر في السعودية بين الشباب والصبيان..
إن الكوابح إلي زوال والسينما سوف تتقدم وبدون رقابة. فقد عرف الشباب
كيف يتحايلون ويسجلون بكاميراتهم الخفية والظاهرة كل أشكال النشاط الإنساني
ومنها ما تمارسه قوي الكبح والقمع والتعذيب بحجة الحفاظ علي الدين والتشبث
بأعناق وعقول البشر ورغم البوليس "الديني". والشرطة "الأخلاقية" وجماعات
"الفضيلة" ورغم التحريم والتشدد عموماً. سوف يعلو صوت الإنسان وصوت المرأة
في المقدمة..
رنـات
"فانتيـن"
الأم القديسـة
خيرية البشلاوى
الممثلة الأمريكية آن ماثواي "30سنة" وهي تتسلم جائزة الاوسكار في
الحفل الذي أقيم 24 فبراير الماضي متفوقة بذلك علي الممثلة سالي فيلد التي
كانت مرشحة لنفس جائزة احسن ممثلة مساعدة قالت وقد غلبها الانفعال: أتمني
ان تكون التعاسة وسوء الحظ الذي عانت منه "فانتين" قاصرة فقط علي القصص
الروائية وليس في الحياة الواقعية.
و"فانتين" اسم الفتاة الشقية التي أبدعها الروائي الفرنسي فيكتور هوجو
في روايته "البؤساء" التي اشتهرت جدا واعتبرها النقاد أهم وأشهر روايات
القرن التاسع عشر.. وكذلك صارت "فانتين" من أشهر النساء اللاتي تحولن إلي
نموذج يعاد انتاجه في كثير من الاعمال الفنية. واعني نموذج "المومس
الفاضلة" أو "الأم القديسة".
ومن فيلم البؤساء في طبعته الموسيقية الاخيرة قامت الممثلة آن هاثواي
بدور هذه السيدة التي دفعتها قسوة الحياة والمجتمع وغلظة قلوب بعض البني
آدمين إلي ان تبيع شعرها وأسنانها حتي اضطرت أن تبيع جسدها لكي تنفق علي
ابنتها.
وصف فيكتور هوجو "فانتين" بأنها المرأة التي تمتلك الذهب واللؤلؤ
كعطية "قهر" لمن يتزوجها ثم قال شارحا: الذهب في عقلها واللؤلؤ في فمها.
وأنها جميلة بطريقين.. وجاهة الشكل ورشاقة الحركة..
عرفت هذه المرأة الحب وقاست من الخداع. هجرها من أحبته ووثقت به بعد
ان ترك لها طفلة في أحشائها. وحين عهدت الطفلة إلي أسرة خدعتها وأستحلت
الاموال التي كانت ترسلها بعدكد وكفاح مريرين أنكرت "فانتين" احتياجاتها
الضرورية وعاشت بأقل القليل حتي أصابها الهزال والمرض ثم ماتت فقدت وظيفتها
كعاملة في المصنع ودفعها الفقر أن تبيع نفسها إلي من لايرحم حتي تواجه
طلبات الاسرة التي تربي ابنتها ولعبت الممثلة آن هاثواي دور "فانتين"
باقتدار ومهارة تمثيلية فائقة وقبل ان تشرع في أدائه اضطرت لعمل نظام غذائي
يفقدها الكثير من وزنها حتي تقترب من هذه الشخصية.
المرأة التي تتفاني حتي الموت بينما تواجه أقسي الظروف المعيشية
وتعاني من أسوأ الخصال البشرية لاتجد من يخفف عنها في ظروف مجتمع يعاني
بدوره من التفكك والفساد والاستبداد السياسي ويتأهب شبابه لثورة أصبحت من
اشهر الثورات في التاريخ وأعني الثورة الفرنسية هذه المرأة لاتوجد فقط في
الحكايات الخيالية مثلما تمنت الممثلة التي فازت بالاوسكار عن ادائها لهذا
النموذج.. وإنما فتش عن "فانتين" في العشوائيات سوف تجدها بالالاف. وفتش
عنها في المستشفيات الحكومية ولن تغلب في العثور علي شبيهات "فانتين" لقد
قاومت الفقر ولم تقو علي المرض وماتت. هزمها الجميع. المجتمع والناس. ولن
تهزم أمومتها. لقد ضحت بكل شي تملكه.. الجسد والكرامة والكبرياء والجمال من
أجل توفير حياة آمنة لابنتها. وتحولت "فانتين" إلي نموذج انتشر في أدب
القرن التاسع عشر وظهرت شبيهات لها في كتابات لوستيوفسكي وتولستوي وفي أدب
شارلز ديكنز وقدمها أوسكار وايلد كامرأة زادها العذاب جمالا ووصفها كثيرون
بأنها المرأة التي أذلتها الظروف من دون ان تنل من نقاء روحها وفقد واجهت
الكراهية والقسوة بالحب والعمل والتفاني.
ومن أكثر المشاهد تأثيرا في فيلم "البؤساء" تلك التي صورت موت "فانتين"
بعد مشوار صعب مع الحياة.. والصعوبة هنا تأخذ اشكالا متنوعة من المهانة
والاذلال والضعف.. فلو "كان الفقر رجلا لقتلته" ولو سكنت القسوة والترويع
والظلم المجتمع الذي نعيش فيه. إذن فلا مفر من الثورة حتي تنهار اركانه
ويعاد بناؤه علي العدل والكرامة والانتصار للإنسان.
المساء المصرية في
03/03/2013 |