ندى أبو فرحات نجمة الخشبة والشاشتين، في رصيدها مجموعة كبيرة من
الأعمال الناجحة، نالت جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “تحت القصف” من
إخراج فيليب عرقتنجي . ظهورها المسرحي الأخير (reasons to be pretty
) أكد براعتها على الخشبة، حيث شاركت في برنامج “الرقص مع النجوم” على
شاشة “إم تي في” وكان هذا الحوار .
·
كيف ترين مشاركتك في “الرقص مع
النجوم”؟
- مشاركتي في البرنامج أفادتني كثيراً أطللت على
جمهوري بصورة جديدة لم يختبرني بها بعد . أردت أن يرى الناس هذا الجانب
الفني لديّ، ومن الجيد أنني خضت أجواء المنافسة، حيث تضاعف حماسي .
·
هل انتابك شعور الخوف؟
- كلما ازداد التحدي في البرنامج يتسلل الخوف إلى
قلبي أكثر فأكثر، لكن من الجيد أنه لم يؤثر في أدائي أو علاقتي مع
المشاركين .
·
هل أصبحتِ تجيدين فنون الرقص
اليوناني والإسباني وغيرها؟
- نعم، أنا أتعلم وأخصص ساعات كثيرة من وقتي
للتمارين المكثفة، وهذا يفيدني لمسرح استعراضي راقص سيكون من ضمن مشاريعي
للعام الحالي .
·
يبدو أننا أمام مشروع جدّي
وقريب؟
- سأرقص وأغني من خلال التمثيل، اخترت الفن الشامل
وأردت أن أقدم خلطة أضع فيها كل طاقاتي، وأعبّر من خلالها عن ولعي في هذه
الفنون، خاصة أن الجمهور أحبني في كل ما قدمته .
·
شاركت في عرض مسرحية (reasons
to be pretty)
بالتزامن مع “رقص النجوم”، كيف وفقت بين الاثنين؟
- تعرضت لضغط كبير جداً، ولكن كممثلة اعتدت على
الضغوط المهنية، عندما أشعر بالتعب آخذ قسطاً من الراحة .
·
هل أنت مع التصفيات الفنية ومنح
الألقاب أو التسميات الخاصة بكل فنان؟
- أنا مع التصنيف المطابق للواقع، أرى أن من حق كل
فنان أن يستحوذ على الألقاب وفقاً لإنجازاته .
·
هل تستفزك تسمية فنانة صاعدة ب
“الستار” أو “النجمة”؟
- هذه الظاهرة انتشرت مؤخراً في ال “شو بيزنس” وهي
ليست خطأ أو منافية للقانون، وتتلخص بإقدام الفنانين على شراء الألقاب
والجوائز أيضاً، لكن برأيي يبقى حكم الناس هو الأهم، فهم الذين يتوجون هذا
الفنان نجماً أو يرفضونه .
·
وماذا عن ظاهرة امتهان المغني
التمثيل؟
- كل إنسان يمتلك الحواس الخمس ومندفع باتجاه
التمثيل يحق له أن يعيش هذه التجربة ويأخذ دور بطولة أيضاً، شرط أن يبرهن
صدقه أمام الكاميرا حتى يتقبله الناس .
·
هل أنت جريئة في آرائك كما في
أدوارك؟
- نعم، أعبّر عما يجول في خاطري، ولا أساير أو
أجامل بل أحكي قناعاتي، كذلك حالي في التمثيل فقد اخترت سلسلة منوعة وغنية
من الأدوار عبر مسيرتي الفنية، وجريئة بتمثيلي وأدائي وأعرف أنني كريمة في
مشاعري التمثيلية، وأتماهى كلياً مع الشخصية التي ألعبها، وأرى أن التمثيل
من دون جرأة “صفر” .
·
قدمتِ أدواراً تمثيلية تعكس وجهة
نظر سياسة معينة، هل أنتِ مع تعبير الفنان عن رأيه السياسي؟
- إطلاقاً، أنا ضد أن يعبر الفنان عن رأيه السياسي
أو الديني، وإذا أراد ذلك فليحققه عبر كتابته لأعماله وليس عبر المشاركة في
عمل ليس له .
·
أحياناً يأتي هذا التعبير في
سياق لقاء إعلامي؟
- يبدو أن الوقع في لبنان وصل إلى مرحلة لم يعد
الهروب من السياسة أمراً سهلاً، بالنسبة لي مازلت أهرب من التعبير عن آرائي
السياسية وعدم انتمائي لأي طرف خاصة أنني لا أحب أن أصبغ بأية صبغة سياسية
.
·
ماذا تقولين عن ظاهرة ترشح
الفنانات إلى البرلمان، وهل أنت مع خوض المرأة المعترك السياسي؟
- أؤيد فكرة ترشح المرأة، ولكن أسأل أية امرأة هي
المرشحة؟ أشارك حالياً في حملة إعلامية بجمعية “امرأة في المقدمة” وهي
جمعية لبنانية تشجع المرأة على خوض المعترك السياسي بطريقة مشرّفة ومتقنة .
·
ماذا تخبئين للعام الحالي؟
- لديّ جملة من المشاريع سينمائياً ومسرحياً
وتلفزيونياً سأصور فيلماً من إخراج إيلي كمال، ومسلسلين أحدهما سيعرض في
شهر رمضان، إضافة إلى عمل مسرحي سينجز في النصف الأخير من هذا العام .
للمناسبة سوف يشاهد الجمهور أخيراً فيلمي “طالع نازل” للمخرج محمود حجيج،
وأؤدي فيه دور راقصة تانغو تتعدد علاقاتها العاطفية .
الخليج الإماراتية في
04/03/2013
"تنغير
– القدس:
أصداء الملاح" فيلم بثنائيات متعددة
أحمد بوغابة - المغرب
ينص الفصل 25 من الدستور المغربي الجديد في فقرتين على أن: "حرية
الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في
مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة" (صدر في الجريدة الرسمية
بتاريخ 30 يوليوز 2011)
انطلقنا من الاستشهاد بهذا الفصل من الدستور المغربي لأن الضرورة
تفرضه في النص التالي. فعادة ما تفرض الكتابة النقدية السينمائية بالدخول
في صلب تركيبة الفيلم لدراسته وتحليله. لكن، أحيانا، تدفعك عناصر موازية
للبقاء في البداية خارج الفيلم قبل ولوجه لاعتبارات وأسباب مختلفة تكون
موجودة في الفيلم نفسه وأحيانا أخرى تخلقها بعض الأجواء المحيطة به أو
بالظروف التي سيُعرض فيها. فيلم "تنغير – القدس: أصداء الملاح" أثار جدلا
في المغرب بعد سنة من إنتاجه وعروضه.
1- من خارج الفيلم:
"تنغير – القدس: أصداء الملاح" هو فيلم وثائقي في أول تجربة
لمخرجه الشاب كمال هشكار الذي يمتد على 86 دقيقة إلا أن هناك نسخة منه
مختصرة في 52 دقيقة تعرضها بعض القنوات التلفزيونية. وقد سبق عرضه في إحدى
القنوات العمومية المغربية منذ سنة تقريبا. وعُرض أيضا في عدد من المعاهد
الثقافية الفرنسية المنتشرة في المغرب بشكل عادٍ. ومن المقرر أن يُعرض
تجاريا في القاعات المغربية في غضون الشهور المقبلة حسب ما صرح لي به أحد
الموزعين المغاربة الذي يناقش مع صاحب الفيلم برمجته في شبكة التوزيع. وقد
عُرض الفيلم طبعا في كثير من المهرجانات المحلية المغربية من بينها المهتمة
بحقوق الإنسان وكذا بالمهرجانات الدولية المعروفة والشهيرة حيث نال من
بعضها جوائز أو تنويهات. وآخر جائزة حصل عليها كانت من المهرجان الوطني
للسينما المغربية المنعقد في بداية الشهر الماضي (فبراير) بمدينة طنجة
جائزة أول عمل. وحصل في السنة الماضية على الجائزة الكبرى من مهرجان
السينما وحقوق الإنسان بالرباط وتحمل الجائزة اسم الراحل إدريس بنزكري
الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وسيتم عرضه في مدينة تنغير
نفسها في شهر يونيو القادم.
كان الفيلم، إذن، يتجول بشكل عادٍ ويلتقي بالجمهور ويناقشه. فماذا حصل
في الطريق مؤخرا لكي تعترضه حواجز تريد منعه من المرور عند الناس؟ وبأي حق
سيتم منعه؟ وهل حقق المجتمع المغربي جميع مطالبه الضرورية والأساسية في
المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولم يبق أمامه إلا فيلم ينبغي
الإطاحة به لتحقيق الرفاهية؟ وهل الفيلم يستحق كل تلك التعبئة (ولو قليلة
العدد) وكل ذلك المجهود العضلي في الصراخ والأعصاب؟ أم أن في الأمر "إنّ"
لإثارة الأنظار إلى "الآنا" التي عجزت عن تقديم حلول للمشاكل الحقيقية على
الأرض؟ ولماذا حواجز المنع قبل مشاهدته أصلا ليكون الحكم مبنيا على أسس
ورؤية ووجهة نظر لتبيان نواقصه الفنية والفكرية ومحاورة صاحبه مباشرة
لتصحيح أخطائه أليس من وَضَعَوا الحواجز هم الذين تعرضوا من قبل للمنع
ومصادرة حق التعبير في زمن قريب جداً؟ أليس منع عمل فني ممارسة قروسطية وضد
ميثاق حقوق الإنسان العالمية؟ لماذا لم نصل بعد إلى مستوى قبول الحوار
والتحاور والإقناع والاقتناع؟
إن الحجة الأساسية لدعاة منعه وسحبه من التداول هو أنه يدعو للتطبيع
لكون المخرج صور في إسرائيل. لكن يتساءل المرء لماذا لم يحضر الفلسطينيون
المقيمون في المغرب الوقفة الاحتجاجية المُنظمة ضد الفيلم منهم من كان
يواكب المهرجان نفسه حيث فضلوا مشاهدة الفيلم عوض المشاركة في الاحتجاج.
ولم يحضر ولو شخص واحد من السفارة الفلسطينية بالمغرب لدعم من يدعمهم من
المغاربة ضد التطبيع. حضرت فقط فئة محدودة من المغاربة رفعت شعاراتها لمدة
ساعة تتهم الفيلم بالصهيونية ثم أخْلَت المكان بعدما أخذت حقها من عدسات
المصورين وتصريحات للصحافة التلفزيونية بالاعتراف جهرا بعدم مشاهدتهم
للفيلم
!!
وهذا الفيلم حصل على دعم من شخصيات عليا منها السيد أندري أزولاي
مستشار الملك في الشؤون الاقتصادية وهو مغربي من الطائفة اليهودية وأيضا من
الراحل سيمون ليفي مؤسس المتحف اليهودي المغربي بالدار البيضاء. كما حصل
الفيلم على دعم مالي من مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج.
وأيضا من شخصيات ثقافية مسؤولة في عدد من المؤسسات الرسمية. أسفر كل هذا
على عرائض ضد الفيلم وأخرى تضامنية مع المخرج.
بعد هذه الجولة الاضطرارية التي حامت حول الفيلم يمكننا الآن طرق بابه
للدخول إليه متخلصين من هذه الشوائب.
2- عتبة
الفيلم:
لنبدأ بالملصق الذي يحتوي على صورة فوتوغرافية لجانب من المدينة
المغربية التي توجد على جنوب شرق جبل الأطلس الكبير في الطريق بين مدينتي
ورزازات والراشيدية حيث الملصق ينقسم إلى ثنائية بوجود المدينة في أسفله
وجزء من جبل الأطلس في النصف الأعلى منه. وهذا في حد ذاته يعطينا قراءة
لكون تلك المدينة الصغيرة جدا والمنسية والغارقة على هامش الأطلس الكبير
الضخم المرتفع إلى السماء حيث الوصول إليه صعب جدا لكنه يتيح لك مشاهدة
بالعين المجردة جمالية الأمكنة تتغير بتغير تقدمك في الطريق من خلال
إلتواءات الجبال وصعودها وهبوطها وفي الآن ذاته تلعب الشمس دورها في إضاءة
الأمكنة أو الاختفاء عنها وانعكاس زرقة السماء أو لقاء اللونين الأحمر
بالأزرق فتتشكل بالتالي ظلال الجبال على بعضها لوحات فنية حقيقية وكأن
المسافر فيها يشاهد فيلما سينمائيا تحضر فيه لغتها في تشكيل إطار اللقطات
(داخل/خارج) أو بالفرنسية
Champ/Contre champ.
وهذه الثنائية موجودة حتى في وضع العنوان على الملصق (نناقش
هنا العنوان بالفرنسية وغير متوفر بالعربية) باعتبار أن واضعه وضع كلمة
المدينة "تنغير" (بالفرنسية) واقفة بشكل عمودي على امتداد صومعة المسجد
بينما كلمة "القدس" مكتوبة بشكل طبيعي ممدودة (أفقيا) في اتجاه اليمين
وكأنها متوجهة نحو الشرق. وقد كُتبت بحجم أقل من الجزء الثاني للعنوان
"أصداء الملاح" فهذا بحجم كبير وأخذ حيزا مهما في الملصق. وتعمد بدون شك
الفنان الذي أنجز الملصق باعتماده على كسر حروف "الأصداء" وكأنها "أصوات"
خارجة من المدينة بينما كلمة "الملاح" مكتوبة عادية.
وعليه فإننا نفهم جيدا أن منطلق الفيلم هو مدينة "تنغير" نحو "القدس"
بالبحث عن "أصداء" اليهود الذين قطنوا هذه المدينة في تاريخ سابق (الملاح
هو الإسم الذي يُطلق على الأحياء التي كان يسكنها اليهود المغاربة حيث أغلب
المدن العتيقة بالمغرب بها هذه الأحياء). و"الأصداء" في الجبال يكون لها
إيقاع موسيقي خاص جدا حيث تتردد بمختلف السلالم الموسيقية وكأن الجبال تشكل
كورال Chorale
بحكم اختلاف تموجاتها وحجمها والفواصل الموجودة بينها التي تفرق بعضها
والفترة الزمنية من اليوم لأن صدى الأصوات يختلف إيقاعه بين
الصباح والمساء والليل. هذا التعدد الطبيعي هو انعكاس للتعدد الثقافي
والاجتماعي في المغرب.
ونقرأ في أسفل الملصق توقيع المخرج وحده متحملا مسؤوليته المطلقة وليس
كما هو الشأن في الفيلم الروائي المتخيل حيث تكون المهام المتعددة.
3- داخل الفيلم:
وحتى حين ندخل إلى داخل الفيلم فهو يضعنا منذ لقطاته الأولى في
الثنائية المُشار إليها سابقا سواء من خلال توظيف الكاميرا بتركيب مشاهد
على مستويين، المستوى الأول (اللقطات الأمامية
premier plan )
أو المستوى الثاني (لقطات العمق
deuxième plan)
وأيضا من خلال الشخصية الرئيسية في الفيلم – وهو المخرج نفسه –
الذي يحكي لنا قصة حياته الشخصية بالقول/الكلام من خارج إطار اللقطات voix-off
فهو لم يحكها لنا مباشرة على الإطار بالحديث إلينا نحن المشاهدين بل على
هامشها رغم أنه يظهر في المشاهد التي يصبح فيها الحاكي هم الشخصيات التي
إلتقى بها. فهناك حياته الخاصة التي نسمعها ولا نشاهدها والتي هي مجرد حجة
ومرجع في الفيلم وحياة الآخرين المُجسدة أمامنا بشخصياتها وبأقوالها
(تصريحاتها وحديثها) التي تشكل كنه الفيلم. كما أن المخرج لم يعتمد في سفره
في اتجاه واحد بل ذهابا وإيابا بين "تنغير" و"القدس" (حيفا في لحظات معينة)
على إيقاع أسفاره هو الشخصية بين فرنسا والمغرب طيلة 33 سنة من عمره.
يبدأ الفيلم إذن بالسفر، سفر حقيقي وواقعي مُجسد على الشاشة ومُعلن
عنه بالواضح بالصوت الخارجي للمخرج من جهة ومن جهة أخرى سفر داخلي، في ذات
المخرج وفي التاريخ، أو جزء من التاريخ، حتى نبقى دائما في الثنائية التي
بنى المخرج فيلمه بها.
ففي الوقت الذي نشاهد على الشاشة جبال الأطلس الحمراء تتحرك أمامنا ثم
يظهر لنا رجل شاب يسوق سيارة بصمت لكننا نسمع في نفس اللحظة صوتا خارجيا
رجاليا يتحدث بالفرنسية يُعرّفنا بهويته وطفولته وعلاقته بمدينته "تنغير"
ندرك باللغة السينمائية أنه السائق نفسه، هو صاحب الرحلة بكل تجلياتها.
رحلة البحث كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
يقول بأنه ينتمي إلى مدينة تنغير التي غادرها صحبة أمه وهو مازال
رضيعا لم يتجاوز 6 شهور من عمره لكي يلتحقا معا بوالده العامل المهاجر في
فرنسا منذ سنة 1968. وأنه منذ ذلك الوقت لم يتوقف سفره بين فرنسا والمغرب
(بالضبط إلى تنغير) عند حلول العطلة السنوية في فصل الصيف، متسائلا نفسه
بأنه لم يكن يعرف هل هو من "هنا" أو من "هناك" (وهنا تظهر لنا صور الأرشيف
لباخرة تعبر مضيق جبل طارق ومطبوع فيها تاريخ التصوير والساعة: وهي الساعة
12 و16 دقيقة بتاريخ 31/8/1994) وهذا التقابل (الثنائي) بين التساؤل عن
مكان الانتماء ووجوده في الباخرة وسط البحر بمضيق جبل طارق وسط قارتين
(الأوروبية والإفريقية) هو نوع من الضياع ليضيف مؤكدا (دائما بالصوت
الخارجي) "إن الشيء الوحيد الذي أعرفه أني آت من اللامكان وبأنه يحمل هوية
متعددة" قائلا: "إنني مغربي – فرنسي – أمازيغي – مسلم". ثم يخبرنا في نفس
السياق بأن هذه الهوية المتعددة يعيشها بالأساس أطفال المهاجرين.
هذه البطاقة لهوية المخرج التي قدمها لنا في بداية الفيلم قد جاءت قبل
ظهور الجنريك الأول وكأنها دعوة لنتعرف عليه أولاً لكي نفهم اختياره في ما
بعد عندما أدخلنا إلى عمق فيلمه ولفهم دوافعه أيضا.
وفي مدينته، التي كان يزورها وهو طفل كل صيف مع أسرته، سيكتشف فيها
منازل كثيرة مهجورة وبعضها آلية للسقوط وأخرى لم يبق منها إلا الرميم فيسأل
عنها والده حين كبر فيجيبه بأنها كانت لليهود وعندئذ سيعلم بأنهم كانوا
يقطنون المدينة وهجروها بينما كان دائما يعتقد بأن سكان المغرب يتكونون من
المسلمين فقط. وبما أن المخرج هو في الأصل أستاذ التاريخ في باريس ويهتم
كثيرا بموضوع الهجرة لذا أراد أن يخرج عن النمطية. فعوض أن يتناول بدوره
هجرة سكان الجنوب إلى أقطار الشمال التي تمت معالجتها بمختلف الأشكال من
طرف باحثين آخرين من قبله فهو ارتأى أن يتناول هجرة اليهود المغاربة من
مدينة تنغير بالضبط (وليس من المغرب) إلى إسرائيل. علما أن المخرج – كما
سبق أن ذكر عن ذاته – أنه مهاجر ابن مهاجر وهذا الأخير كان همه هو العودة
إلى البلد.
وما شجعه على البحث في هذا الموضوع هو أنه كان يسمع في فرنسا أن
التعايش بين المسلمين واليهود مستحيلا لذا "أردت – يقول المخرج في فيلمه
ولا تنسوا أنه يتحدث دائما من خارج الإطار ب
voix-off–
أن أعرف كيف كان اليهود والمسلمين يعيشون مع بعضهم في البلاد والخوض
في هذه الذاكرة المنسية".
وعندما دخل إلى مدينة تنغير وتعمق داخل أسواقها وأزقتها واحتك بسكانها
بدأ الحوار معهم بالأمازيغية، لغة الناس اليومية في حياتهم وبين بعضهم
والمخرج يتحدث بها أيضا. وهذا البناء الفيلمي جميل بحيث أننا كنا نسمعه في
البداية يتحدث باللغة الفرنسية (هو القادم من فرنسا التي عاش فيها حياته
كلها ومازال ودرس بتلك اللغة. إذن هي لغة الآخر من وراء الجبال والبحر ومن
قارة أخرى والتي نسمعها ولا نرى من يتكلم بها) ليستعمل لغة الناس المحلية،
وصورها طبعا، فهو سفر لغوي وازدواجية في حياة المخرج نفسه ضمن تركيبة
الثنائية في الفيلم. وإلى جانب اللغة الفرنسية التي هي خارج إطار الصورة
وظف حديثه عن اليهود بصيغة الماضي باعتبارهم كانوا هنا وبالتالي فهم خارج
الإطار أيضا لأن سكان تنغير يتحدثون عنهم بضمير الغائب "هُمْ".
يتجول مع بعض شيوخ وعجائز المدينة وهو ينبش في التاريخ عبر الأمكنة
التي تحيله شهادات هؤلاء الناس إلى زمن ماض. لقد حدد المخرج موضوع فيلمه
منذ العنوان الذي تطرقنا إليه في البداية، موضوع واضح ومحدد ولم يخرج عليه
إطلاقا بالبحث عن سبب هجرة اليهود. فمنهجيته أن يسائل التاريخ وما جرى فيه
عن مواطنين مغاربة من ديانة يهودية كانوا يعيشون في وئام مع مواطنيهم
المسلمين. ما هي الأسباب والعوامل والعناصر التي أنتجت تلك الهجرة بشكل
منظم في بداية الستينات من القرن الماضي بعد أكثر من 14 سنة على تأسيس دولة
إسرائيل.
وبما أن الأجوبة في تنغير كانت مُقتصرة على التأكيد بوجودهم في
المدينة من خلال البيوت والأسواق والملاح والاحترام القائم بين الطائفتين
باحترام لكل واحدة منهما لدين الآخر بينما لا يمكن التفريق بينهم باللباس
المشترك هو نفسه لعامة المواطنين. والإشارة إلى محاولة الاستعمار الفرنسي
التفريق بينهما دون جدوى. وذكر بعض الشيوخ بأن اليهود المغاربة الأمازيغ
غادروا المدينة وهم يبكون، كل هذا لم يجد الجواب عن سبب هجرتهم المغرب نحو
إسرائيل. ولكي يجده ذهب المخرج عندهم باحثا عنهم فيها.
سيتمكن من الوصول عند بعضهم حاملا معه السؤال الجوهري: "لماذا غادرتم
أو هجرتم المغرب نحو إسرائيل؟" وكان المخرج ذكيا بربط المسافتين للمكانين
بإعادة سفره كما بدأ فيلمه وكأنه لم يغادر المنطقة ليدخل مباشرة في الجزء
الثاني من الفيلم بالإيجاز في الزمن (هنا ذكاء المونتاج طبعا) وهي إشارة
ذكية لأن الشخصيات التي التقى بها في إسرائيل مازالت مرتبطة عاطفيا بالمغرب
وتحمل نوعا من نوستالجا له خاصة وأنها مازالت تتحدث الأمازيغية والعربية
واحتفظت ببعض العادات التي تُذكّر المخرج في أمه وجدته. كان الحديث مع
اليهود المغاربة في إسرائيل يتم بثلاث لغات: الفرنسية والأمازيغية والعربية.
سنتعرف نحن المشاهدين على شخصيات يهودية من أصل مغربي وبالضبط من
مدينة تنغير تقوم بالبحث عن جذورها المغربية من خلال الوثائق التي في
حوزتها وتشكيل شجرة العائلة الممتدة إلى الأجداد بالمغرب وأن منهم من يعتبر
نفسه مثلما قال لنا المخرج في بداية الفيلم بأنه منزوع من جذوره وليس له
مكان أو متعدد الأمكنة والهوية. فأغلبهم لهم هذا الإحساس (ركز المخرج على
المسنين وعلى الذين هجروا مع أسرهم وهم مازالوا أطفالا أو شبابا) وأحسن
مثال هو المغني والموسيقي الذي اشتهر بأغنية يرددها الجميع حول قريته بجبال
الأطلس التي غادرها وهو في سن الخامسة ولن يعود إليها إلا لما أصبح في 57
سنة.
سيجد المخرج أجوبة مختلفة على سؤاله. فإمرأة تقول له بأن ذلك مكتوبا
في التوراة، يعني العودة إلى أرض الميعاد بينما يقول له آخر بأن هجرة
اليهود المغاربة بدأت في الستينات مع انتشار القومية العربية بصعود جمال
عبد الناصر وتأثير فكره على بعض السياسيين المغاربة فيما يقول باحث آخر بأن
الأمر كان مدروسا مسبقا من طرف المؤسسة اليهودية للمساعدة على الهجرة التي
كانت تعمل على استقطاب ووعدهم بحياة أفضل. التقى المخرج بمعلم القرية
اليهودي الذي كان يقوم بهذا الدور بالإحصاء والتسجيل والإجراءات الأخرى
لتسهيل تهجيرهم إلى حد أن هذا الشخص اتهم الحكومة المغربية بالتواطؤ وأن
الولايات المتحدة الأمريكية بدورها ضغطت على المغرب. وتطرق البعض الآخر
للظروف المزرية التي هجّروهم فيها ومعاناتهم عند وصولهم إلى إسرائيل وجدوا
أنفسهم أنهم من الدرجة الثانية ولم يكونوا يملكون أوراقهم الرسمية التي تم
تدميرها حتى لا يعودون من جديد.
وكان المخرج يركز في لقطات كبيرة - وأحيانا مكبرة – على وجوه شخصياته
حين تتحدث عن تاريخها بالمغرب وحين تنطق بمعطيات هامة وكأنه يشدد عليها حتى
نستمع جيدا لشهادات تاريخية في غاية الأهمية لأنها مجهولة عند العامة. وهنا
يُدخلها في عمق الفيلم بعد أن كانت "غائبة" في الجزء الأول من الفيلم لأن
الحديث عنها كان بصيغة الماضي وهم غير موجودين. ليعود من جديد إلى تنغير
بنفس الذكاء للمونتاج موظفا آلة الغزل التي اشتراها أحد اليهود الذين زاروا
المدينة لنكتشف أن "السفر" قائم بزيارات موسمية بين حين وآخر. وأن بعضا
منهم لم يقطعوا أواصرهم مع مسقط رأسهم.
حين سأل المخرج كمال هشكار أحد اليهود من أصل مغربي اسمه إسحاق "هل
أنت عربي أو أمازيغي أو إسرائيلي؟" فاجابه إسحاق "أنا أعيش هنا ولا أعرف
هويتي.. ربما الذين وُلدوا هنا سيحسون بالانتماء الكلي لأنه ليس لديهم ما
يحكوه عن المغرب أما أنا فلدي بلدان"
أكد بعضهم أنه لم تكن في المغرب ممارسات ضد السامية كما كان الحال في
أوروبا خاصة في بولونيا وألمانيا. كانت بعض المناوشات بين المسلمين واليهود
التي هي من يوميات الحياة العادية ليذكر آخر بأن النضال ضد الاستعمار
الفرنسي جمع اليهود والمسلمين معا كمواطنين مغاربة.
كما توقف الفيلم أيضا عند نقطة مهمة متخذا بعض النساء نماذج له للحديث
عن الحياة لليهود المغاربة الذين هجروا إلى إسرائيل إن وجدوا ما تم الوعد
به عند تهجيرهم من المغرب لنطّلع على عنصرية إسرائيل تُجاه مواطنيها حيث
تميز بين أصولهم في العمل والسكن وغير ذلك مما عبرت عنها المرأتان المسنتين
بأغنية مباشرة في لغتها عن مآسي العنصرية. وقد تم أداء الأغنية بآلات شبيهة
بالتي نجدها في المغرب.
إن الفيلم – يقول المخرج – يتطرق للهجرة وخاصة هجرة اليهود من مدينة
تنغير الذين تم اقتلاعهم من أرضهم وبلدهم المغرب وليس حول فلسطين وإلا
سيكون الموضوع مختلفا وشكل تناوله أيضا وبطبيعة الحال بإخراج مغاير.
الجزيرة الوثائقية في
04/03/2013
رئيس الرقابة على المصنفات الفنية:
«معندناش» محاذير.. والرئيس ليس فوق النقد
لا يعنينى وجود تيار دينى على قمة السلطة.. ولو طبقنا
القانون لن ننتج سينما
حوار أميرة
عاطف
الجالس على كرسى الرقابة كالقابض على الجمر، فهو محاصر دائماً بين
إبداع يسعى للتمرد على الواقع، فى مواجهة قوانين صماء، لكن الدكتور
عبدالستار فتحى، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، يسعى لتطبيق روح
القانون، لأن غير ذلك ربما يتسبب فى توقف الإنتاج تماما. ويدخل فتحى فى
منطقة الألغام، ويكشف لـ«المصرى اليوم» عن رأيه فى تعرض رئيس الجمهورية
للنقد، وإمكانية إلغاء جهاز الرقابة.
■
هل ما يحدث فى الشارع السياسى يمكن أن ينعكس على قرارات الرقابة؟
- «معندناش محاذير»، وكل الموضوعات قابلة للطرح، ولا يعنينى من الذى
يقدم الفيلم، وليس هناك شىء محظور إلا بالمقاييس الفنية، وأى عمل فى إطار
فنى أيا كان موضوعه سأقف معه لآخر مدى، والمشكلة ليست فى الموضوع الذى
يتحدث عنه، بعيدا عن الأشياء التى قد تثير التقزز لدى الرجل العادى، فمثلا
لن نصرح بعرض فيلم يحرض على الشذوذ أو الإلحاد، وما دون ذلك كل شىء قابل
للطرح فى إطار قيمنا المتعارف عليها، ونحن لدينا قوانين قديمة نتمنى أن
نتخلص من أغلبها، وأنا أتعامل بروح القانون، وأتمنى ألا تكون هناك رقابة،
لكن الرقابة موجودة فى كل دول العالم، وأمريكا نفسها فيها رقابة منتجين،
ومن الممكن أن يمنع «البنتاجون» عرض فيلم لو وجد أن به حساسية سياسية،
وفرنسا فيها رقابة محليات، وليس هناك دولة تخلو من الرقابة، وأتمنى أن نصل
لرقابة التصنيف العمرى، بحيث يتم تصنيف الفيلم حسب سن المشاهدين الذين لهم
حق مشاهدته.
■
لكن كثيراً من المبدعين يطالبون بإلغاء الرقابة؟
- أنا فى الأساس كاتب، وأتمنى إلغاء الرقابة، لكن الشارع فيه تيارات
كثيرة، ولو واجه كاتب الشارع مباشرة تخيلوا ما الذى يمكن أن يحدث، فمن
الممكن أن نواجه حالات ترصد من المتطرفين مثل التى حدثت لنجيب محفوظ أو فرج
فودة، فالرقابة هنا حماية للمبدع وللناس، لكن لو واجه الكاتب الشارع دون
رقابة فمن الممكن ان يتم ذبحه فى ميدان التحرير، والرقابة دورها مهم، ليس
لمراقبة الإبداع، ولكن لتحديد القنوات الشرعية، وهى عملية تنظيمية، ونسميها
إدارات فحص، وأنا شخصيا ضد الرقابة على الإبداع، ومع الحرية الملتزمة التى
نقبلها، والرقابة لا تسعى لحماية الإبداع، ولكنها تحمى المتلقى، صحيح أنها
كانت تحمى النظام، ومع الوقت أصبحت تحمى المتلقى، فلماذا لا تكون حماية
للإبداع فى نفس الوقت؟، والرقيب هو المشاهد الأول لأى عمل، ولكنه يختلف عن
المشاهد العادى، لأن عينه مجردة، لكنه فى النهاية مشاهد.
■
كمبدع هل ترى أن الرقابة فيها قيد على الحرية؟
- لو طبقنا قوانين الرقابة كما هى لن ننتج سينما، فهناك قوانين كثيرة
مكبلة للحريات، ويختلف تطبيقها من رقيب لآخر أو أى شخص يتعامل بروح
القانون، لكن نص القانون فى حد ذاته من الممكن أن يغتال الإبداع، وعلينا أن
نفعل روح القانون.
■
هل وجود تيار دينى على قمة السلطة قد يجعلك تسعى لإرضائه؟
- هذا لا يعنينى إطلاقا، ويهمنى فقط النص الموجود أمامى، فأنا لا
أتعامل مع نظم فى الشارع، وهذا النظام لم يصلنى بعد، وأتعامل مع قوانين
رقابية، ولدى أسس، وأرفض التجريح والسب والقذف سواء كان لرئيس أو خفير،
وليس هناك شخص فوق النقد، ولكن كيف ننقده، ومشكلتى ليست فى القضية التى
يطرحها العمل، ولكن فى كيفية مناقشتها.
■
معنى هذا أنك قد توافق على عمل ينتقد جماعة الإخوان المسلمين؟
- ينتقد كيفما يشاء إذا كان ذلك بشكل موضوعى، فليس لدينا مقدسات إلا
المقدس الدينى، أو شخص فوق النقد، وأى شخص فى وظيفة عامة معرض للنقد.
■
الرئيس السابق كان يواجه بعض الانتقادات فى الأفلام بشكل غير مباشر، هل من
الممكن السماح بتوجيه انتقادات للرئيس محمد مرسى؟
- أسمح بذلك فى إطار الموضوعية، فلماذا لا ننتقد الرئيس، أليس بشراً
يخطئ؟
■
ماذا عن مساحة الحرية فى نقد الرئيس بعد الثورة؟
- لم يتم تعديل قوانين الرقابة، ولم تتم إضافة قوانين جديدة، وأنا
أتعامل مع النص المكتوب وفقا للقوانين، ولا يهمنى اتجاه الكاتب أو الجماعة
التى ينتمى إليها، وهناك حرية مادام لا يتم حدوث ضرر للآخرين أو إساءة لشخص
بعينه، ومن المقبول تناول الشخص فى إطار وظيفته ومسؤوليته، لكننا لا نسمح
بالشخصنة، وأدعى أنه ليس لدينا أشياء مكبلة للإبداع، فالرقابة عملية
تنظيمية.
■
هل هناك جهات عليا تتدخل فى عمل الرقابة؟
لدينا جهات سيادية مثل الجيش، وإذا تعرض النص لأسرار الجيش، فإننى
أعرضه على القوات المسلحة، وأنتظر الرد بالموافقة أو بالرفض، وأحيانا ألجأ
لجهات مثل الأزهر أو الكنيسة، لو كان هناك مثلا شخصيات دينية ممنوع عرضها
على الشاشة، ويظل رأى هذه الجهات استشارياً، لكن القرار النهائى يصدر من
الرقابة، وهذه الجهات مختصة بمجالها فقط، ولا ألجأ إليها إلا إذا شعر
الرقيب بالحيرة.
المصري اليوم في
04/03/2013
قال إن السينما رسالة وليست تسلية
خالد يوسف: مقاطعة الانتخابات هي الأمل الأخير
حوار- حمدي طارق:
منذ وصول الإخوان للحكم تلقي المخرج خالد يوسف العديد من الهجمات
العنيفة بشتي أنواعها من «السب والاعتداء بالأيدي» نتيجة تصديه الدائم
لمحاولاتهم، لاحتكار الساحة السياسية والسيطرة علي مصر لجعلها إحدي الدول
التابعة للجامعة، بالرغم من ذلك قال:
إنه غير متخوف من أي نوع من الإرهاب.. وأكد خالد أن مقاطعة الانتخابات
البرلمانية القادمة هي الأمل الأخير في القضاء علي احتكار جماعة التخريب،
في حوار «الوفد» تحدث خالد يوسف عن الهجمات المستمرة التي يتعرض لها علي يد
الجماعة.
·
<
في البداية حدثنا عن تكرار الأزمات بينك وبين الجماعة أو النظام الحالي؟
-
هذه الأزمة ليست بيني وبين الجماعة، وليست بين الجماعة وخالد
يوسف علي وجه التحديد ولكن القائمين علي الفكر السياسي حالياً يريدون تكميم
أفواه كل من يحاول المطالبة بحقوقه أو بحقوق الشعب، وينظرون إلي مصر وكأنها
مكسب كبير لدولة الجماعة، ولذلك فهم يحاولون بشتي الطرق انتهاك ثقافة
الشعب، ويرفعون الأسعار ويوقفون الأعمال تحت ستار الوقفات الاحتجاجية
المستمرة من المعارضين أو التيار الشعبي الذي يريد تحقيق مطالب الثورة،
التي يدعون أنهم أصحابها لتحقيق مطامعهم الشخصية، ولكن ما أشعر به كواحد
أحلم دائماً بنهضة بلدي، وعبرت عن آلام الطبقة الفقيرة والمتوسطة أن واجبي
الآن مع كل من قام بالثورة هو تخليص مصر من الخطأ الذي أوقعناها فيه بحلول
هذا النظام الذي يريد القضاء عليها وما يخيفني هو كراهية بعض طوائف الشعب
للثورة نتيجة تراجع الحالة الاقتصادية للعديد من الطبقات الشعبية ولذلك
سأستكمل المشوار ولن يرهبني شيء.
·
<
من وجهة نظرك هل يمكن تحقيق ما تقوله بالرغم من وجود فئة من الشعب
تساند الفكر الحالي.. وهو ما تؤكده الاستفتاءات؟
-
الجماعة لها سياستها الخاصة، تنحاز دائماً إلي الطبقة المعدومة
تقريباً الذين يعانون من البطالة وضعف الحالة الاقتصادية ويوفرون لهم بعض
احتياجاتهم أثناء الاستفتاءات وجميعنا نعلم أن هذه الطبقة هي الغالبية
العظمي من الشعب ولكنهم أغلبية وسط التيار الذي يحاول إنقاذ مصر من
ديكتاتورية الفكر الحالي إلي جانب الطبقة التي لا تريد المشاركة في الواقع
السياسي الذي تعتبر هذه الأغلبية الكبيرة التي تسببت فيما وصلنا إليه الآن
ولكن مع ما يحدث الآن وتأثير أفعال النظام الحالي علي جميع طبقات الشعب
اعتقد أن القادم سيكون أفضل وسيصب الشعب بأكمله علي النظام الحالي وسيخلصون
مصر من الفساد مثلما حدث في ثورة يناير عندما تحالف الشعب بأكمله للقضاء
علي طغيان نظام فاسد استمر طغيانه أكثر من ثلاثين عاماً.
·
<
هل تؤيد مقاطعة الانتخابات البرلمانية؟
-
بالطبع.. لأن هذه الانتخابات أصبحت الأمل الأخير للقضاء علي
احتكار الفكر في هذه المرحلة ولكن ما لا أعلمه هل الجماعة ستفهم رسالة
الشعب؟.. بعد محاولات كثيرة لتوضيح رفضهم لهذا الحكم، أم ستستمر كالعادة في
أساليبها، وكأنه لم يحدث شيء، ولكن بشتي الطرق من المستحيل أن تحقق الجماعة
أغلبية في هذا البرلمان، لأن البرلمان الذي لا يعبر عن الشعب.. باطل.
·
<
البعض يري أن المقاطعة ستكون فرصة لاستحواذهم علي البرلمان؟
-
أعتقد أن معظم طبقات الشعب، يشعرون بحالة من الغليان، نتيجة
الفوضي والظروف الصعبة التي تعاني منها مصر، ولذلك لابد أن يعلموا أن
المقاطعة هي الأمل الأخير، لأن السلطة التشريعية إذا انضمت لقوائمهم ستغيب
شمس الحرية عن مصر لسنوات طويلة.
·
<
ولكن ألم تشعر أن استمرار اشتعال الساحة السياسية سيؤدي بمصر إلي مصير
مظلم؟
-
من يحاولون تحرير مصر من الفساد يتمتعون بقدر عال من الثقافة،
وحب كبير لمصر، ومن المؤكد أننا نعلم جيداً كيف نحافظ علي بلدنا، ومن
المستحيل أننا سنسمح بالقضاء علي حضارة تعتبر أولي حضارات العالم ولكن لابد
من التصدي الدائم لمحاولات تحويل مصر إلي «عزبة» يمتلكها الإخوان لأن مصر
للمصريين، وليست للجماعة، خاصة أنهم يحاسبون كل من يحاول التعبير عن رأيه
من خلال عمله دون اللجوء إلي الاحتجاجات والمظاهرات، فيحاسبون الكاتب علي
ما يكتبه والفنان علي ما يقدمه في أعماله، فهل من الممكن أن نصمت علي نظام
يريد تحويلنا إلي قطيع من الغنم نسير علي حسب أهوائهم ونري ونقول ما
يريدونه فقط، أعتقد أن استمرار أفعال النظام الحالي هي المصير المظلم الذي
ينتظر مصر.
·
<
هل كانت أفلامك السينمائية بمثابة إنذار للقائمين علي الحياة السياسية بما
يحدث حالياً؟
-
دائماً أري السينما ليست للترفيه فقط أو نزهة للعائلات في
الأعياد، لكن السينما رسالة ثقافية كبيرة لها شأن كبير في توجيه ثقافة
الشعوب، وهذا ما علمته جميع الدول المتقدمة التي ليست علي قدر حضارتنا،
لكنها في المقدمة حالياً، ولذلك قمت بتسليط الضوء علي المستقبل الذي أراه
نتيجة قيام النظام السابق بتغييب الوعي الثقافي للشعب، وأن الجهل والفقر
سيكون لهما عامل كبير في انتشار الفوضي والقضاء علي المجتمع المصري، وعرضت
الصورة كاملة في فيلم «دكان شحاتة» وأصبحت التنبؤات حقيقة في هذه المرحلة
الصعبة ولكن أتمني أن ننجح في عبور هذه المرحلة وتحقيق الديمقراطية والعدل
التي قامت من أجلهم الثورة.
·
<
من وجهة نظرك كيف سيكون وضع الفن في ظل هذه الظروف؟
-
لابد من استمرار رسالة الفن في تنمية ثقافة الشعب لأنها رسالة
مهمة ولها أثر كبير علي حضارتنا ولكن من المؤكد أن الأعمال الفنية ستتأثر
بعض الشيء نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر حالياً، ولكن
واجبنا كفنانين أن نستمر بدون النظر إلي أي شيء وفي أصعب الظروف لأن
أعمالنا الفنية هي رسالتنا الأساسية للشعب ودورنا الحقيقي الذي لابد أن
نقوم به.
الوفد المصرية في
04/03/2013
نقاد: «على جثتي» أقل أفلام أحمد حلمي فنياً وجماهيرياً
علي أبوشادي: الفيلم مقتبس من «بابا أمين» ليوسف شاهين
القاهرة - أحمد الجندي
اختلفت آراء نقاد صناع السينما وجمهورها حول تجربة احمد حلمي في فيلمه
الأخير «على جثتي» فمن الناحية الجماهيرية لم يحقق الفيلم الإيرادات
المنتظرة أو النجاح المتوقع على شباك التذاكر ولا يمكن مقارنته على الإطلاق
بأي فيلم سابق لحلمي حتى ولو بأقل أفلامه نجاحا سواء على المستوى المادي أو
الجماهيري ويكاد يكون هو الفيلم الوحيد لهذا النجم الذي لم نر الزحام
المعتاد أمام دور العرض التي يعرض فيها الفيلم.. ويتوقع الكثيرون عدم وصول
إجمالي إيرادات هذا الفيلم إلى نصف إيرادات أفلامه السابقة بل وبعض
المتشائمين قال إن الإيرادات لن تصل إلى الربع.
أما على المستوى الفني فقد تباينت ردود أفعال نقاد السينما وصناعها في
مصر حول الفيلم فالبعض رأى انه من اقل أفلامه السينمائية على الإطلاق بينما
رأى البعض الأخر أن الفيلم جيد والتجربة في حد ذاتها جديدة وجيدة لكنها
أيضا لا ترقى إلى مستوى أفلامه وتجاربه السينمائية في الفترة الأخيرة..
وكعادته دائما لم يعلق احمد حلمي على أفلامه سلباً أو إيجابا ويرى أن
ذلك ليس من مهامه بل هي مهمة النقاد والجماهير لأنهم أصحاب الرأي في مستوى
الفيلم أو الإبداع عموماً لذلك كان الرأي والتعليق لمؤلف الفيلم تامر
إبراهيم ومخرجه محمد بكير..
في البداية أكد المؤلف الذي يعد الفيلم تجربته الأولى في الكتابة
للسينما وفي الدراما عموما، انه سمع وشاهد ردود الأفعال المختلفة
والمتباينة حول الفيلم وقال اعترف بأن الظروف التي تم تصوير الفيلم فيها لم
تكن مستقرة وهو ما جعل الفيلم يخرج بعدد من المشكلات كان يمكن تلافيها لو
كان هناك وقت أطول وظروف أفضل لتصوير الفيلم , لافتا إلى أن الدعاية
القليلة أو شبه المنعدمة للفيلم أثرت إلى حد كبير على النجاح والإقبال
الجماهيري وهي كلها أمور خارجة عن إرادته كمؤلف وأيضا خارجه عن إرادة صناع
الفيلم لأن ظروف البلد نفسها ليست مستقرة.
وحول النقد الذي وجه لسيناريو الفيلم وانه ضعيف المستوى قال إبراهيم:
السيناريو كان يمكن أن يكون أفضل من ذلك ولكنها تجربتي الأولى وبصراحة
شديدة كنت اعرف انه ستكون هناك ملاحظات على السيناريو والشخصيات.
وعما إذا كانت التنقلات من جانب أحمد حلمي قد أثرت عليه أثناء كتابة
السيناريو أجاب «إبراهيم» عن هذا التساؤل قائلاً: الحقيقة أن حلمي لم يكن
له تدخل في السيناريو بالمعنى المعروف بل جمعتنا جلسات عمل مطولة وعملنا
معا على السيناريو .. وأشار إلى أن السيناريو في شكله المبدئي كان به
الكثير من مناطق الكوميديا لكن أثناء جلسات العمل مع «حلمي» طلب عدم
التركيز على الضحك والأفيهات, والاهتمام بالرسالة التي يسعى الفيلم
لتوجيهها.
وحول ما كتبه الناقد علي أبو شادي قال إن الفيلم مقتبس بشكل كامل من
فيلم «بابا أمين» أول أفلام المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين, أكد إبراهيم
انه سمع هذا الكلام لكن لم يكن في ذهنه هذا الاقتباس على الإطلاق عندما
أتته فكرة الفيلم , لافتا إلى أنه لا يوجد أي عيب في استخدام أي تيمة
درامية طالما أن التناول مختلف ومن خلال قصة مختلفة.
من جانبه علق المخرج محمد بكير بكلمات مقتضبة عن كل ما يثار حول
الفيلم وعدم تحقيقه للنجاح الجماهيري والفن المتوقع مثل سائر أفلام أحمد
حلمي قائلا: أقدر كل الآراء لكن بعض النقاد الذين هاجموا الفيلم كانوا
بعيدين عن المهنية في هذا النقد وهذا الهجوم لان المفروض على الناقد أن
يعرض لوجهات النظر المختلفة ويتناول الفيلم من جميع جوانبه وليس من خلال
رؤية أحادية بأن الفيلم كله قليل المستوى فلا يوجد فيلم كل عناصره سيئة
بالتأكيد تكون هناك مناطق أو عناصر جيدة واقل جودة أو سيئة في أي فيلم.
وأضاف بكير لكن رغم ذلك أرى أن الفيلم لم يفشل جماهيريا والدليل إقبال
الجمهور عليه, مؤكدا أن الجمهور فهم «الفاتنازيا» التي دارت أحداث الفيلم
في إطارها, مشيرا إلى انه تعمد أن يذهب في أول أفلامه التي يقدمها في
السينما إلى عالم الفانتازيا وكان اختيارا صعبا لأن عالم الواقعية أسهل
بكثير من هذا العالم. وأشار إلى أن الفيلم يحمل من خلال هذه «الفانتازيا»
دلالات ورموزا تسقط على الحالة السياسية التي تعيشها مصر في الوقت الحاضر
فهو يشير إلى حالة الديكتاتور المغيب الذي لا يتعامل مع شعبه بالحب
والتفاهم وأيضا هناك دلالات ترمز إلى غياب السلطات التي من المفروض أن تحمل
الشعب مثل السلطة القضائية وغيرها من العناصر والدلالات الرمزية التي تسقط
على مشكلاتنا الحالية.
وحول الاختلاف في السينما عن الدراما التلفزيونية التي اخرج من خلالها
العديد من الأعمال كان آخرها مسلسلي «مواطن اكس» و«طرف ثالث» قال «بكير»,
الفنون كلها متشابهة ومرتبطة ببعضها البعض والاختلافات تكون قليلة ويمكن
استعمال الأساليب الفنية المتعددة من كل مجال فني داخل مجال فني آخر فالمهم
هو المضمون وما يقوله العمل بصرف النظر عن الطريقة أو الأسلوب.
النهار الكويتية في
04/03/2013 |