حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المجتمع المغربي ينحدر إلى التطرف من دون مقاومة

«يا خيل الله» لنبيل عيوش.. النظر بعين واحدة

محمد بنعزيز (المغرب)

 

بعد «مكتوب» (1999) و«علي زاوا» (2000) و«لولا» (2007)، عاد المخرج المغربي نبيل عيوش بفيلم جديد عنوانه «يا خيل الله»، الذي عُرض في إطار الدورة السابعة (15 ـ 24 آذار 2013) لـ«أيام بيروت السينمائية»، والذي فاز بجائزة السيناريو في «مهرجان واغادوغو» (2013). فيلم بعيد عن الملهى والماخور. نكتشف فيه فضاء الأحداث دفعة واحدة، من خلال «ترافلينغ»، تتقدّم الكاميرا ببطء مريح لعين المتفرّج، تطارد الأطفال الهاربين من المعركة، ثم ترتقي إلى الأعلى. بذلك نحصل على مشهد بانورامي رهيب للحي الصفيحي، حيث نتعرّف إلى أربعة أصدقاء يلعبون الكرة، أبرزهم الشقيقان طارق وحميد. هؤلاء يعتبرون أن كرة القدم ستنقذهم من بؤسهم. لا أثر للمدرسة وبقية مؤسّسات الدولة في الحيّ، وفي حياة الأطفال. لا يرون من السلطة إلا الزيارات المفاجئة للشرطة.

ما إن نتعرّف الى «الزمكان» والشخصيات، حتى يقوم المخرج بقفزة زمنية. شكّل موت الحسن الثاني مؤشّراً سياسياً لموقعة القصة في تاريخ المغرب. نحن في صيف 1999. كبر حميد، ودخل السجن، فبقي طارق وحيداً يهان بسهولة. بعد عامين، خرج حميد من السجن شخصاً مختلفاً تماماً. وجد أصداء وتبعات تفجيرات 11 أيلول في الحيّ. تجري تحوّلات في حياة الشبان، الذين استقبلهم الشيوخ باعتبارهم «حُدثاء في الإسلام». كانوا ينامون متأخرين جداً، ويستيقظون بعد العاشرة صباحاً. صار عليهم أن يناموا باكراً، ليلحقوا صلاة الفجر. انضمّوا إلى أهل التوحيد، ورفعوا شعار الولاء لله الواحد القهّار. لتطهير «الكاريان» (حي عشوائي)، تمّ ترحيل بائعات الهوى. يقع طارق في حبّ جارته غزلان. لكن شخصاً تقدّم لخطبتها، ولديه «بيت»، وهذه حجّة لا تُردّ. بذلك، احترقت الزوارق كلّها التي تربط طارق بالحي. ما عاد لديه ما يجعله يلتفت إلى الخلف والماضي. هكذا ارتمى في المجهول. ارتكب جريمة. أبان السلفيون عن فعالية هائلة في طمسها. تدخل حميد لينقذ طارق، وكان هذا ديناً في عنقه. لتسديده، انضمّ إلى جماعة الشيخ أبي الزبير.

هكذا، رصد الفيلم تقدّم السلفية في فضاء الحيّ بواسطة تقنيات استقطاب فعّالة. الفيلم مقتبس من رواية «نجوم سيدي مومن» لماحي بنبين، يتناول التفجيرات الإرهابية التي هزّت الدار البيضاء في 16أيار 2003

ما الذي يجعل شخصاً يقوم بعملية جهادية انتحارية؟ 

يصنّف إميل دوركايم سلوك الكاميكاز ضمن «الانتحار الإيثاري»، الذي يتمّ من أجل مصلحة عليا، هي هنا إعلاء كلمة الله. ويفسّر هذا السلوك بأنه نوع من التضامن الآلي. بينما يفسّر الفيلم التوجّه إلى الإرهاب بما وقع في الطفولة. إذ يتأسّس «يا خيل الله» على فرضية في علم الاجتماع مفادها أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يتعرّضون للعنف والإيذاء الجنسي يصيرون جانحين. وقد اتخذ الجنوح هنا شكل تشدّد ديني.

لتقديم سرد مقنع، خصَّص المخرج ساعة كاملة لطبخ التحوّل الذي سيجري في مصير الشخصيات. أهم شيء هو التحوّل وكيف يتمّ، أما ما يتبعه فليس مهما. هذا التحوّل الإيديولوجي من خصائص «الفيلم الأطروحة» (Film A These)، الذي يقدّم الأطروحة ونقيضها ليخلص للتركيب. هذا ضروري كي لا يسير السيناريو على قدم واحدة. لكي لا يعرض الفيلم وجهة نظر واحدة، وبذلك يفقد الجدل. هذا هو الخلل الذي حصل لفيلم عيوش: غاب الصراع، فبدا كأن المجتمع المغربي ينحدر إلى التطرّف بلا مقاومة. أما لماذا صنع عيوش فيلماً أحادي الرؤية؟ فلسببين: الأول، تفسير سوسيولوجي يفترض أن العنف وانحطاط الوضع الاقتصادي يترتب عنه انحطاط الوعي وهشاشته أمام كل استقطاب. الثاني، لصدّ كل تهمة متوقعة له بإساءة الفيلم إلى الإسلام.

السفير اللبنانية في

25/03/2013

 

زوم 

أفلام مصرية لم يتجدَّد  عرضها رغم ضخامتها

بقلم محمد حجازي

بدءاً من أواخر هذا الشهر لا يعود التلفزيون المصري صاحب حق بعرض ما يُقارب من مئتي فيلم مصري، اعتادت إدارته الاتصال بأصحاب الحقوق من المنتجين والموزّعين لها، لدفع بدل البث لفترات مُقبِلة، كما جرت العادة سابقاً، وهي أفلام متنوّعة في زمن تصويرها، كما هي متنوّعة في انتهاء مدة خدمتها على الهواء بموجب عقود رسمية موقّعة، مع التلفزيون المصري، مثلما هي الحال مع باقي مرجعيات العرض الفضائي ومنها قناة روتانا كلاسيك المتخصّصة ببث عشرات الأفلام تباعاً وهي تدفع البدل المطلوب.

المشكلة في التلفزيون الرسمي أنّ العدد المطلوب تجديد عقود عرضها مرتفع ويحتاج إلى ميزانية مادية مرتفعة، ليس وزارة الإعلام حالياً في وارد سدادها، فيما أجواء رصد ميزانيات لتصوير المسلسلات شبه معدومة، لا بل هناك مناشدات عديدة تحذر من مغبة حصول إفلاس علني في ميزانية التلفزيون يدفع ثمنها الجميع: فنانون وموظفون، وبالتالي فإن أفلاماً ستغيب لاحقاً عن البرمجة المعتادة، وعن فترات عرض الفيلم العربي، لأنّ هناك عشرات الأفلام ينتهي وقت دفع بدل عرضها تباعاً بدءاً من آخر الشهر الجاري وحتى آخر أشهر السنة كانون الأول/ ديسمبر المقبل.

الأفلام تعود لـ عبد الحليم حافظ (حكاية حب، أيامنا الحلوة) فاتن حمامة (إبن النيل) شادية (المرأة المجهولة) نجلاء فتحي (اسكندرية ليه) محمود المليجي (الأرض) عمر الشريف (صراع في الوادي) أحمد مظهر (الناصر صلاح الدين) أحمد السقا (شورت وفانيلة وكاب) أنور وجدي (بين نارين) رشدي أباظة (أنا بريئة) وغيرها من أفلام الدرجة الأولى حيث لن يعود قانونياً عرضها إذا لم يتم تجديد عقودها ودفع الرسوم المطلوبة.

محطة خاصة تدفع الرسوم ولا مشكلة.. محطة رسمية لا تريد إحراجها بأي مدفوعات في وقت غير ملائم لرصد مال إضافي على المصاريف المعتادة خصوصاً المرتّبات لجيش جرّار من الموظّفين في مبنى الإذاعة والتلفزيون بـ«ماسبيرو» وعددهم يفوق الأربعة آلاف وخمسمئة موظف..

والسؤال: لماذا تصل حال التلفزيون الأضخم والأعرق في العالم العربي إلى هذه الدرجة من الإحراج؟، حتى ولو كانت هناك ظروف سياسية وأمنية مختلفة وموجعة فلماذا لا يتم النأي بهذا القطاع عن كامل المناخ المتوتر من حوله، وحمايته؟ خصوصاً أن موسم رمضان على الأبواب، والكارثة في جمود واحد من أهم موارد مصر بالعملة الصعبة من خلال المسلسلات والبرامج التي تُنفّذ من خلال قطاع الإنتاج في التلفزيون.

وكيف يتم الرضى عن وجود منتجين مستقلين من مصريين وعرب يعملون وينجزون عدداً من المسلسلات (خيبر ونقطة ضعف) غير عائبين بالحال السائدة ليتأكد أنّ المشكلة مادية وليست غير ذلك.

نعم مشكلة جمود الإنتاج الرسمي تعود إلى المال، رغم أنّ هناك مَنْ يقول: إنّ السلطة لا تريد دعم أعمال فنية لا تقدّم في شيء ما هو مفيد للمجتمع والدولة في مصر، وبالتالي فإنّ الأحوال السائدة هي مجرد شماعة لا غير لتبرير ما هو حاصل على الأرض من قصور فني، يعني فليصرف من المال ما شاء أصحابه على الفن، لكن خزينة الدولة لن تساهم في شيء مما لا يُفيد، والمواجهة باتت واضحة من خلال الفيلم الأول المدعوم من السلطة و«الإخوان» من ورائها بعنوان: «تقرير»، والذي منعت عرضه أكاديمية الفنون في قاعة سيد درويش.

الأفلام التي يتجدّد عرضها ورغم أهميتها الفنية، فإن الإدارة المشرفة على التمويل والصرف عندما تعلم بأنّ هناك آلاف الأفلام المصرية غيرها تعرض ولا مشكلة مادية حولها، عندها لن يهتز أحد لغياب مئتي فيلم فقط عن البرمجة للعرض في المناسبات لأهميتها

عروض

«كيدمان» تفعل الكثير للفت الانتباه في The Paperboy دون فائدة

The Croods من استوديوهات «دريم ووركس» في ٩٨ دقيقة:

كرتوني يتجاوز إنتاجات ديزني ويحمل رسالة إنسانية عظيمة

أحببنا كثيراً هذا الفيلم، لا بل تمتّعنا بمشاهدته وشعرنا بأنّ ستيفن سبيلبرغ عبر شركته «دريم ووركس» (أحد ثلاثة من أصحابها) تجاوز في إنتاج The Croods للمخرجين كيرك دي ميكو، وكريس ساندرز، ما تستطيعه شركة ديزني في مجال الصور المتحرّكة، عبر نماذج ظهرت في الأعوام الأخيرة.

فيلم رائع وجاذب ولا يمل متابعه من نهل الصور والأفكار على مدى ٩٨ دقيقة لشريط باشرت الصالات الأميركية بعرضه منذ ٢٢ الجاري ولأوّل مرّة تتولى «فوكس القرن العشرين» توزيع فيلم من إنتاج «دريم ووركس»، ربما لأنّها أُعجِبَتْ جداً بالمنتج الجديد الذي يستند في هيكليته الأساسية على أحد أبيات الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:

ومَنْ لم يتعوّد صعود الجبال            يعش أبد الدهر بين الحُفر

الأصوات الرئيسية تولاها: نيكولاس كايج (غريغ) وهو بالمناسبة مثّل بالصوت أكثر ممّا يستطيع بجسمه وصورته، ومعه: إيما ستون (آيب)، ريان رينولدز (غاي) وكاترين كينير (أوغا)، والقصة تتناول حياة عائلة استطاعت الحفاظ على حياتها في مناخ وحشي مرعب، حيث ماتت وقُتِلَتْ معظم العائلات التي تجاورهم من هجمات شنّتها وحوش ضارية قضت عليهم، أما عائلة كرووز التي يحميها وينظّم حياتها ويمنع عنها الأذى ويقودها غريغ الذي لم يكن يفعل سوى النأي بعائلته على الدوام من أي مخاطر، بإدخالهم إلى أحد الكهوف وسد المدخل بصخرة عملاقة تمنع أي مهاجم أياً كان من تحقيق غرضه في التهامهم.

أفراد العائلة من الجدة إلى الزوجة إلى الأبناء وصولاً إلى أصغرهم يخرجون معاً للصيد في أوقات محدّدة ويفوزون بما يقتاتون به بشق الأنفس لكثرة الذين يسعون للفوز بقوتهم من الوحوش، وكم كان جميلاً التطاحن على بيضة عملاقة لإوزّة ثم استطاع غريغ الفوز بها وتوزيع سائلها على عائلته، وهو بالكاد فاز بقسط يسير منها.

ويحصل أنّ تطوّرات جيولوجية تُجبِر العائلة على مغادرة الكهف وحياته، لأنّهم باتوا معرّضين للخطر الحتمي، عندها ولأول مرة خرجوا من كهفهم بحثاً عن مكان إقامة بديل، وعندها عرفوا لأول مرة معنى الحرية، والجرأة في تحدّي الصعاب، وضرورة مواجهة الأخطار وجهاً لوجه بدل الاختباء منها، لذا راحوا يواجهون معاً جميع الاحتمالات، وصولاً إلى اضطرار الأب لأن يدفع بأفراد عائلته إلى المقلب الثاني من أرض هي على وشك الانهيار والتفتت، وحين بقي وحيداً واجه مصيره بشجاعة، فالأرض مادت من تحته، ثم حصلت انكسارات عملاقة، لكن غريغ استطاع بفضل إصراره على النجاة والوصول إلى الضفة الأخرى ولقاء عائلته، والسير بسلام بحثاً عن مكان إقامة جديد، لكن بسعادة وانطلاق بعيداً عن السجن  الذي جعلهم لفترة لا يعرفون شيئاً عن الدنيا من حولهم، لذا راحوا يتداولون أحاديث عن أهمية ما قاموا به لجهة الخروج الآمن، لكن المهم هو التعرّف إلى الطبيعة والتعامل معها، بنباهة وقوة، ولا يبقى بعدها سوى ما تحمله الأقدار.

النص والقصة للمخرجين، والإنتاج لـ كريستين بيلسون وجين هارتويل، وتولى صياغة الموسيقى ألان سيلفستري، وأدار التصوير بونغ داك جون وأشرف على المؤثّرات المشهدية فريق يقوده جف بودسبرغ.

The Paperboy

لـ لي دانيالز عن نص له مع بيتر وكستر بالاستناد إلى رواية للثاني، مع مجموعة من الأسماء الأولى: نيكول كيدمان، ماثيو ماكونوغي، زاك إيفرون، جون كويزاك وسكوت غلين.

هذه الكتيبة الخماسية من الممثلين لم تستطع الجذب إلى شريط مليء باللامبالاة والعبثية وشراهة كيدمان في دور شارلوت بليس، للجنس.

كيذمان في دور ليس لها، لأنّه لا طعم له وما من حضور محوري لها من خلاله، في فيلم سادي لا يريد من مادته سوى إثارة اللفظ من خلال شخصية الزوج السجين الذي يستحضر زوجته إليه للاستمناء بينما أصدقاؤه لا يرفرونها في فترة سجن زوجها.

التصوير تم في لوس انجلوس بميزانية ١٢ مليون دولار، وجاءت النتيجة ١٠٧ دقائق غير مؤثّرة رغم كثرة الأكشن والمطاردات والجنس الرخيص

اللواء اللبنانية في

25/03/2013

 

إليان الراهب تزرع الكاميرا في جراح الذاكرة

 روي ديب 

بعد شريطها «هيدا لبنان»، تواصل المخرجة اللبنانية مقاربة الحرب الأهلية. هذه المرة، تضع الجلاد في مواجهة الضحية، بوصفها خطوة ضرورية للشفاء من آثار تلك المرحلة وانعكاساتها المستمرة حتى اليوم

«ليالٍ بلا نوم» فيلم وثائقي جمعت فيه إليان الراهب بين أسعد الشفتري ومريم السعيدي. الأول هو مسؤول المخابرات السابق في «حزب القوات اللبنانية»، شارك في الحرب الأهلية ويبحث اليوم عن تكفير ذنوبه وتوعية الأجيال الجديدة عن مخاطر الحرب. أما مريم السعيدي، فهي أمّ فقدت ابنها (ماهر) المقاتل في الحزب الشيوعي أثناء اقتحام «القوات» لفرع العلوم في الجامعة اللبنانية في منطقة الحدث عام 1982. الاثنان يعيشان ليالي بلا نوم. يغوص الشريط في حياة كل منهما، ثم يجمعهما في مواجهات عدة.

الفيلم الذي عُرض ضمن «أيام بيروت السينمائية» التي اختُتمت أمس، تكمن أهميته في فضح الطريقة التي أغلقت فيها الدولة اللبنانية ملف الحرب الأهلية عبر إصدار عفو عام، بينما اعتمدت الدول التي شهدت حروباً مماثلة مبدأ العدالة الانتقائية القائم على المصارحة، وإعادة سرد وقائع الحرب، وفتح المقابر الجماعية، والأهم تكريس أطر لمجابهة الجلاد بالضحية كخطوة نحو التصالح والمسامحة. داخل هذا التصور، تحاول الراهب أداء الدور الغائب للدولة اللبنانية من خلال نموذج مصغّر للعدالة الانتقالية. هكذا، أجرت مواجهة بين أحد الجلادين (أسعد الشفتري) وإحدى الضحايا (مريم السعيدي). فتحت مجالاً لكليهما كي يخبرا قصتيهما، ويقدما الوقائع التي بحوزتهما، مع تحفظ الشفتري على بعض المعطيات التي قال إنه لا يمتلك حق فضحها بما أنها تطاول أشخاصاً آخرين. كذلك نشهد مواجهة بين أسعد ومريم، وبينه وبين المطران غريغوار حداد الذي كان أسعد مكلفاً مراقبة تحركاته خلال الحرب بوصفه عدواً لـ«المشروع المسيحي».

اختارت صاحبة «هيدا لبنان» محورين أساسيين: تعقب الحقائق، وحميمية الحياة الشخصية لمريم وأسعد. أظهر محور تعقّب الحقائق (راجع الكادر)، ضعفاً في بنية الفيلم عبر إصرار الراهب على استنباط معلومات جديدة من أسعد الشفتري. فيما كان أسعد مصراً على عدم تقديم معلومات جديدة غير تلك التي قدمها سابقاً في مقابلات صحافية، ما أوقع الوثائقي في رتابة أسئلة تحفّظ «القواتي» السابق عن الإجابة عليها. وبقي السؤال الأبرز عن الدوافع «الحقيقية» لتوبته، غير مستكشفة في الفيلم. دوافع لم تتوقف المخرجة بما يكفي عندها، وهي تكمن على الأرجح في المرحلة التي تلت الهزيمة في «فندق قادري الكبير» في زحلة، وفي معلومة يسردها الشفتري عن وعود خائبة بمنصب في السلطة عقب الحرب. المحور الثاني يعيد الثقل إلى الفيلم عبر الغوص في حميمية شخصيات الفيلم. تُدخلنا الراهب إلى بيتي مريم وأسعد. يرافق المتفرج الكاميرا وهي تلتقط لحظات وحدتهما، وتعرّفنا إلى زوجة أسعد وابنه وأهله. لحظاتٌ ترينا عائلته التي ترى في الانتداب الفرنسي عصراً مجيداً للبنان، وتظهر خلفيات التخوف من الآخر المسلم والفلسطيني، وجذور الفكر النخبوي المسيحي. كذلك، نرافق زوجة أسعد وابنهما في رحلة استكشاف جوانب أخرى من شخصيته زوجاً وأباً. في المقابل، رفضت مريم أن تزجّ بخصوصيات عائلتها في الفيلم، لكن الأخير لم يخلُ من لحظات إنسانية وشخصية معها. نجحت المخرجة في اختيار مشاهد تقول الكثير عن الصراع الذي تعيشه مريم يومياً، سواء في مشاهد نرافق فيها مريم في وحدتها، أو عندما تنتفض في وجه أسعد، والحزب الشيوعي، وحتى في وجه المخرجة. هكذا نجحت الراهب في تقديم فيلم يثبت أنّنا ما زلنا نعيش آثار الحرب الأهلية، محاولةً رسم الطريق عبر الفن نحو مجتمع معافى. ونجح «ليالٍ بلا نوم» في تعريفنا إلى شخصيتين تمثلان شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني الذي لا يزال مهدداً بشبح الحرب. قصة يجب أن لا نتوقف عن التفكير فيها، علنا نطوي صفحتها يوماً ما.

* «ليالٍ بلا نوم» ابتداءً من حزيران (يونيو) ــ «متروبوليس أمبير صوفيل» ــ 01/204080

مقبرتان جماعيتان

في «ليالٍ بلا نوم»، استطاعت إليان الراهب الحصول على اعتراف من أسعد الشفتري، ومحارب آخر في «القوات» بوجود مقبرتين جماعيتين: الأولى في الكرنتينا، والثانية خلف فرع العلوم في الجامعة اللبنانية في الحدث. اعتراف مسجل وموثّق، يُعَدّ بلاغاً للدولة التي يجب أن تتحرك لضم تلك المواقع إلى لائحة المقابر الجماعية التي اعتُرف بها عام ٢٠٠٠، وتعين حارساً لحمايتها، ثم المباشرة في التنقيب عن جثث المفقودين. وفي اتصال مع رئيسة لجنة أهالي المخطوفين، أكدت وداد حلواني أنهم سيتابعون القضية مع محامي الجمعية والدولة اللبنانية.

رانيا ورائد الرافعي: ذات ربيع في بيروت

روي ديب 

في فيلمهما الوثائقي الطويل الأول «٧٤ ــ إستعادة نضال»، يعود رانيا ورائد الرافعي إلى لبنان السبعينيات الذي كان مفعماً بالنضالات، علهما يجدان في التاريخ أملاً في التغيير. إنّه عام ١٩٧٤، عشية الحرب الأهلية، حيث لبنان يعيش غلياناً سياسياً وأمنياً وفكرياً، والتظاهرات الطلابية تعمّ البلاد. في «الجامعة الأميركية في بيروت»، واحتجاجاً على قرار رفع رسوم التسجيل، اندلعت إضرابات واحتجاجات تطورت إلى احتلال الجامعة من قبل الطلاب لمدة ٣٧ يوماً بين آذار (مارس) ونيسان (أبريل) ١٩٧٤.

إختار المخرجان بناء شريطهما الذي عُرض ضمن «أيام بيروت السينمائية»، حول إعادة سرد هذه الحادثة في عمل يمزج بين الأسلوب الوثائقي والسردي. حددا زاوية تغطية الحادثة في مكتب مدير الجامعة المحتل من قبل الطلبة، بينما يمتد زمن الفيلم ليغطّي الأيام التي دامت فيها الحادثة. هكذا، نتابع ما جرى من غرفة واحدة. لا تخرج الكاميرا إلى مباني الجامعة الأخرى، ولا إلى التظاهرات في الشوارع، بل نعلم بجميع الأحداث على لسان أعضاء مجلس الطلبة. ومعهم نشهد اجتماعات اتخاذ القرارات، ومناقشة خطط التظاهرات. كما نمضي معهم اللحظات الشخصية، وسهرات المغنى والتسلية، والخوف والتردد. حصر شخصيات الفيلم ومكانه ليس المداخلة الوحيدة التي أجراها المخرجان. بدلاً من اللجوء إلى مواد الأرشيف المصوّرة لإحتلال الجامعة، وإجراء المقابلات مع الأفراد الذين شاركوا في تلك الحادثة، قرّرا إعادة تمثيل الواقعة. اختارا العمل مع ناشطين شباب لإعادة تشكيل مجلس الطلبة. ورغم المحافظة على الإطار العام، والحوادث الرئيسة بتاريخها الحقيقي، إلا أنّهما فتحا مجالاً للممثلين في إرتجال الحوارات والنقاشات، ما أضفى بعداً سردياً على الفيلم. هكذا بدلاً من التقيد بسرد الوقائع الحقيقية بتفاصيلها كما يحدث في الأفلام الوثائقية، إختارا أن يقدما قصة نضال تلاميذ الجامعة الأميركية في قالب معاصر. فتحا مجالاً للممثلين ليعكسوا وجهة نظرهم المعاصرة حول أمور لم تتغير منذ السبعينيات. ورغم أن مشاهد النقاشات كانت ضعيفة في فحواها وإيقاعها البطيء، إلا أنّها إستطاعت أن تعكس تباين الأفكار والديناميكية الحيّة بين أعضاء مجلس الطلبة القائد لعملية الإحتلال. أما المشاهد الأقوى، فتبقى في الخيار الفني الذي إتبعه المخرجان طوال الفيلم وتمثَّل في فصل كل شخصية على حدة من وقت إلى آخر، ومواجهتها بالكاميرا وأسئلة المخرجين. لحظات أضفت بعداً بريختياً على الفيلم، وأسهمت في دعوة المشاهد إلى الإقتراب من الشخصيات، والتماس دوافعها وكيفية تشخيصها لكل ما يحدث حولها. يختم الفيلم على الليلة الـ ٣٧ التي شهدت دخول الجيش اللبناني إلى داخل حرم الجامعة، وإعتقال عدد كبير من الطلاب وضربهم. وصمة عار في تاريخ علاقة الدولة اللبنانية بالإحتجاجات الطلابية.

فؤاد عليوان: عصفورية اسمها لبنان

 فريد قمر 

في باكورته الروائية الطويلة التي عُرضت ضمن «أيام بيروت السينمائية»، يقارب المخرج المعروف «الحالة» اللبنانية من خلال بناية قديمة في منطقة الصنايع كانت شاهدة على الحرب ثم مرحلة ما سمّي «إعادة الإعمار» أو حقبة «تدمير الهوية»

ليست هناك مدينة مجنونة بقدر بيروت. ليس هناك شعب يتقن فن التدمير الذاتي بقدر أهل بيروت، تلك المدينة التي سرقت من فؤاد عليوان جزءاً أساسياً من ذاكرته ليحاول اليوم استرجاع ما فقده فيها ذات حرب. «عصفوري» هو باكورة فؤاد عليوان الروائية الطويلة، وتغريدته الأولى خارج فضائه الذي عج بالشرائط الوثائقية والروائية القصيرة التي شكّلت هويته السينمائية الخاصة من خلال أفلام أنجزها بعد عودته من غربته في كاليفورنيا. لكن هل كان عليوان فعلاً جاهزاً لخوض هذه التجربة؟ هل استطاع بلورة أفكاره الكثيرة عن المدينة وناسها في أطر واضحة ومحددة قبل أن ينقلها الى شريط سينمائي؟

«عصفوري» الذي عرض ضمن «أيام بيروت السينمائية» يشي بالكثير مما يدور في خلد عليوان. يبدو ناقماً على ناسها بقدر حكامها. نراه يقدم محاكمة أخلاقية لبيّاعي التاريخ والسماسرة، والتافهين واليائسين، ولكل الجنون الذي يجعل لبنان «عصفورية» يصعب فهمها على من لم يدرك عقلية شعبه ولغته ورموزه. لكن عليوان نفسه يعاني من عدم قدرته على استيعاب كل تلك التناقضات. تأتي أفكاره مبعثرة وفوضوية تماماً كأحداث بيروت التي يتحدث الشريط عنها في حقبات ثلاث: بداية الحرب في السبعينيات، منتصف الحرب ومرحلة الاجتياح الإسرائيلي، ومرحلة اعادة الإعمار.

يتحدث الشريط عن الشاب كريم (وسام فارس) الذي يعود من الغربة بعد 20 عاماً ويقرر استكمال مشروع ترميم بناية أبي عفيف حيث تربى ورسم ذكريات طفولته. وهي إحدى الأبنية القديمة في منطقة الصنايع، تشكّل محور قصته. هي الشاهدة على تحولات المدينة والتهجير منها واليها، ثم حقبة «تدمير الهوية» وسرقة أملاك الناس بحجة اعادة الإعمار. البناية نفسها ستكون شاهدة على علاقته المجنونة بمايا (زلفا سورا) التي تناضل على طريقتها ضد طمس هوية بيروت الحقيقية تحت الأبراج التجارية. وليست سرقة الأبنية وتغييرها القضية الوحيدة في الشريط، بل يقدم تحليلاً عميقاً للشخصية اللبنانية وما يشوبها من انفصام وعناد وتهور وخيانة في مقابل النوستالجيا الى الأماكن، والتعلق بالوطن والقيم والذاكرة.

استطاع عليوان أن يقدم نجمين جديدين (وسام وزلفا) برعا أمام نجوم أمثال مجدي مشموشي، وليد العلايلي وعمر الشماع ويارا أبو حيدر وكارولين حاتم وغيرهم. لكن مشكلة الشريط ليست في ممثليه ولا تصويره بل في الحبكة الرئيسية بأزمنتها الثلاثة. يُدخل عليوان كماً هائلاً من الاحداث العرضية غير المبررة في سياق الحبكة الرئيسية، فيشعر المشاهد بالفوضى التي تسكن مخيلة عليوان ونظرته الى بيروت، ويبدو الفيلم فسيفساء من الاحداث والمواقف المتكدسة المحشوة في غير سياقها (منها مثالاً إدخال عملية الـ «ويمبي» من دون تسميتها في أحداث الفيلم). لم يتقن عليوان التمييز بين الحقبات الزمنية التي اختارها، لا على صعيد التصوير ولا الأزياء ولا المكياج فضلاً عن هفوات صغيرة في ظهور أمور في غير زمانها.

لكن يحسب لصاحب «شوق مريض لوطن مريض» أنّه قدم فيلماً لبنانياً بالكامل بهمة المنتجة المغامرة روزي عبده وشركة «360» التي حازت امتياز «دولبي» في الشرق الأوسط ما وفّر كلفة السفر لتسجيل الصوت في استوديوات أوروبية. خطوة «عصفوري» هذه من شأنها التأسيس لصناعة سينمائية محلية. يبقى أنّ «عصفوري» سينتقل الى العرض التجاري ابتداءً من 23 أيار (مايو)، فهل سيكسب إعجاب جمهور «صعب» كما وصفه عليوان نفسه؟

«عصفوري»: بدءاً من 31 أيار (مايو) في الصالات اللبنانية

هالة العبد الله: فيلم سوري طويل

حسين بن حمزة 

في فيلمها التسجيلي «كما لو أننا نمسك كوبرا»، اشتغلت هالة العبد الله بمنطق الريبورتاج الذي يبدأ من فكرة أولية تتمثل في رصد فن الكاريكاتور في مواجهة الرقابة. لكن المادة التي أنجزتها المخرجة السورية المقيمة في باريس تعرضت لانعطافة مع اندلاع الثورات العربية. بدلاً من أن يفقد الفيلم وهج فكرته، سارعت صاحبة «هيه لا تنسي الكمون» إلى استثمار اللحظة الراهنة.

كأن الفيلم الذي عُرض في «أيام بيروت» عثر على بداية ثانية. كانت المخرجة قد صورت لقاءات مع الرسامَيْن السوريين علي فرزات، وحازم الحموي الأصغر سناً، ثم انتقلت إلى مصر لتقابل الفنان محيي الدين اللباد، وعدداً من تلامذته. تتعقب الكاميرا رسوماتٍ منشورة وغير ومنشورة، بينما يروي فرزات محطات من مسيرته مع الرقابة، ويتحدث الحموي بنبرة أقل استعراضية عن فكرة الموت بسبب الرأي السياسي. اللباد يعود إلى تواريخ أقدم مثل هزيمة يونيو وتشجيع السلطة على النكتة في الكاريكاتور. المونتاج يربط مشاهد الفيلم بتدخّلات المخرجة التي تصبح راوية له وشخصية من شخصياته، لكنها واقفة وراء الكاميرا. فرزات يعود بعد حادثة الاعتداء الشهيرة عليه، ويروي جانباً من التجربة بتقنية السكايب، بينما تطلب المخرجة من الحموي أن يوافيها في القاهرة لاستكمال التصوير مع اندلاع الأحداث في سوريا. في القاهرة، سيكون اللباد قد توفي قبل أن يعلق على الثورة المصرية. تصور المخرجة لقاءات مع رسامين في صحف القاهرة. تعقد لقاءً بين الحموي والرسام الشاب مخلوف، ودعاء العدل التي سنراها برفقة زميلها قرب ضريح اللباد. ما يحدث في سوريا يأخذ حصة أكبر في الفيلم مع حضور الكاتبة سمر يزبك التي طوَّع الشريط حضورها بكونها معارضة للنظام. مزْجُ المخرجة بين هويتها كمواطنة سورية، وبين مادة الفيلم وأمزجة شخصياته، منح الفيلم نوعاً من الحميمية، اختلطت مع تقطيعه بأغنيات مؤثرة بدت كفواصل منشّطة لجمهورٍ أضجره طول الفيلم (117 د) الذي كان ممكناً أن يحظى ببعض الرشاقة لو حُذفت بعض المشاهد واختُزل بعضها الآخر.

الأخبار اللبنانية في

25/03/2013

 

السماح بعرض فيلم وثائقي عن يهود مصر بعد إثارته جدلا واسعا في البلاد

مخرج العمل: ينطلق الأربعاء بعد الحصول على تجديد التصريح الخاص به

القاهرة: محمد عجم 

بعد أن أثار جدلا واسعا وأزمة فنية على مدار الأسبوعين الماضيين، تبدأ دور عرض سينمائي بالقاهرة والإسكندرية عرض فيلم وثائقي مصري يحكي عن تاريخ اليهود المصريين بعنوان «عن يهود مصر»، بعد اتهام القائمين عليه الرقابة الفنية وأجهزة أمنية بالتسبب في وقف عرضه الذي كان مقررا في 13 من مارس (آذار) الحالي.

وقال مخرج الفيلم، أمير رمسيس، إن الفيلم سيعرض على شاشات السينما يوم الأربعاء المقبل، بعد الجدل الواسع الذي أثاره ومنعه من العرض بسبب تعليمات جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) الذي قرر مشاهدة الفيلم أولا رغم حصوله على تصريح مسبق من الرقابة على المصنفات الفنية، لافتا إلى أن الحملة الإعلامية وإعلان صناع الفيلم ونقابة السينمائيين بأنهم سيذهبون إلى القضاء بعد الرفض السابق بعرض الفيلم، ربما هو ما جعل الجهات المعنية تتراجع عن موقفها.

وأضاف رمسيس في بيان نشر على الصفحة الخاصة بالفيلم على موقع «فيس بوك»: «يسعدنا أن نخبركم بأن الفيلم قد حصل أخيرا على تصريح العرض بعد تعطيله بناء على طلب من جهاز الأمن الوطني بحسب ما صرح به السيد رئيس جهاز الرقابة في وسائل الإعلام».

كان منتج الفيلم قد صرح قبل أسبوعين بأنه تقدم في بداية عام 2010 بسيناريو الفيلم للحصول على تصريح من الرقابة على المصنفات الفنية كإجراء قانوني اعتيادي، وأنه استوفى الإجراءات الخاصة بكل من نقابات المهن السينمائية والتمثيلية والموسيقية، ثم عرض الفيلم بعد إنتاجه على الرقابة التي أجازت عرضه، وشارك الفيلم في الدورة الخامسة لبانوراما الفيلم الأوروبي بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2012.

ويتناول الفيلم خلال 90 دقيقة أوضاع اليهود الذين عاشوا في مصر في النصف الأول من القرن العشرين وحتى خروجهم من مصر ما بين عامي 1956 و1958، من خلال لقاءات مع مؤرخين مصريين ويهود يعيشون حاليا خارج البلاد. ويسعى الفيلم بحسب القائمين عليه إلى إزالة الخلط بين اليهودية كديانة والصراع العربي - الإسرائيلي، والتأكيد على مفهوم الهوية المصرية، التي أصبحت تختلف عما كانت عليه في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، حيث كان مفهوم الهوية أكثر رحابة من الآن.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أمس، عن رمسيس قوله: «أردت أن أصنع فيلما يصحح تلك الصورة عن الديانة اليهودية التي انتمى إليها عدد من أبناء مصر يوما ما ورفض كثير منهم الكيان الإسرائيلي وناضلوا ضد وجوده، فقررت أن أقتحم عش الدبابير وبدأت مشروع الفيلم الذي حلمت به منذ بداية الألفية عن المناضل المصري اليهودي هنري كورييل ليتحول إلى فيلم تسجيلي».

وأكد المخرج أنه بعد هذا العناء في إنتاج الفيلم ومحاربته مع الرقابة والأمن القومي قرر في النهاية إهداء هذا الانتصار وهذا العرض للراحل المبدع يوسف شاهين الذي تعلم منه يوما أن يثابر حتى النهاية دفاعا عن أفلامه والذي كان السبب أيضا في فكرة هذا العمل، كما وجه تحية لنقابة السينمائيين وعدد من الفنانين والإعلاميين لمساندتهم أسرة الفيلم في أزمته.

الشرق الأوسط في

25/03/2013

 

"الأمل" في "حق السينما" هو "واجب وطني" بتطوان

أحمد بوغابة / المغرب 

نقرأ في الكتاب الرسمي (الكاتالوغ) لمهرجان تطوان الدولي التاسع عشر لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط بعض الكلمات الافتتاحية الموقعة بأسماء المسؤولين عنه والتي أكدوها أيضا على المنصة عند انطلاق فعالياته يوم السبت 23 مارس 2013 على أن هذه الدورة هي استثنائية على جميع المستويات لما يشهده القطاع السينمائي بالمغرب من تطور وتغييرات في هياكله القانونية وأنها تنعقد في ظروف التحول الإيجابي لهذا عَنْوَنَ مدير المهرجان السيد أحمد الحسني كلمته ب"الأمل" المتجدد على الدوام خاصة وأن هذه التظاهرة في السنة الحالية تواكب المستجدات التقنية الحديثة في العرض السينمائي وحفاظ المهرجان على هويته التي أَمَلَهَا عند انطلاقه منذ أزيد من رُبع قرن. ليأتي السيد نبيل بنعبد الله، رئيس مؤسسة مهرجان تطوان، يستعير رحيق الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحق...المهرجان" مؤكدا على "حق السينما للاحتفاء بالحريات والرغبات النبيلة والأحلام الجميلة... لتخرجنا من الظلمات إلى النور" ليؤكد السيد رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس جهة طنجة/تطوان بدوره على أن يتحمل الجميع الواجب الجميل  للدفاع على السينما والمهرجان مؤكدا على أن "ما ضاع حق وراءه طالب أصيل". 

كل ما قِيلَ قَبْل انعقاد المهرجان وعند افتتاحه يعكس الحراك الثقافي في مجال السينما والتعبير عن صيغها المختلفة المتداولة الآن في المغرب. فالنقاش يصاحب الأفلام وكذا حظيرة القاعات السينمائية التي ينبغي أن تكون في مستوى رفيع من العرض الاحترافي إلى جانب القضايا السينمائية الأخرى والتي لا تتجزأ.

لقد استقبلتنا مدينة تطوان بالمطر الغزير عندما دخلنا يوم السبت 23 مارس 2013 إلا أن عيوني أنا شخصيا كانت حريصة على معاينة مكان مُجسم مهرجان تطوان الذي أشرت إليه في النص الماضي حيث كان قد تعرض للتخريب ثم إزالته من مكانه... إلا أنني سعدت بعودته إلى استقبال زوار المدينة كما سمعت في اليوم نفسه أن رئيس الجماعة الحضرية لتطوان قد قبل بصرف الدعم المُقرر قانونيا للمهرجان. فنتمنى أن تكون هذه الهداية بمثابة الخطوات الأولى للصلح مع فنون السينما والمهرجان.

يقولون عن المهرجان...

ارتأيت أن أفتح المجال للمساهمة إلى جانبي في هذا النص لبعض الأقلام التي واكبت المهرجان وتابعته عن قرب في كثير من دوراته وتكونت لديها رؤيتها الخاصة. هذه شهادتها للاستئناس وغنية في محتواها.

نبيل حاجي/ صحفي وناقد من الجزائر:

أعتقد أن مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، من المهرجانات القلائل في منطقة العربية والمتوسطية الذي يحمل خصوصية هذا الحوار السينمائي بين سينماءات البلدان المطلة على المتوسط من خلال جمعه بين الأفلام الناطقة بلغات هذه المنطقة الغنية ثقافيا وحضاريا وأيضا بحميمته وروحه التي حافظ عليها منذ نشأته قبل ثلاثة عقود، من خلال "جمعية أصدقاء السينما" بتطوان ..الذي يتقاطع مع انسجام هذه المدينة المطلة على المتوسط  ومع روح السينما المنفتحة على الحياة والجمال وسحر الأزرق.. مهرجان تطوان الذي يعتني في خيارته البرامجية في مختلف الأقسام ( الطويلة والقصيرة والوثائقية) على أفلام حديثة يتيح لنا في كل دورة إكتشاف سينماءات وأسماء ومخرجين جدد مغمورين في زحمة السينما التجارية.. ويتيح لنا هذا الموعد السنوي فرصة اللقاء والنقاش حول راهن وتحولات السينما في هذه البلدان وما تحمله من هموم وانشغالات جمالية فكرية وإنتاجية .. ومهرجان تطوان هو تظاهرة أيضا تسمح لنا من خلال مختلف الندوات الموضوعاتية التي يقيمها حوار ثقافي عن السينما يحيلنا على أسئلة التلقي والتفكير في الصورة .. التي يزيدها زخما صدور هذه المداخلات والمحاضرات في طيات مجلة "وشمة" الشاهدة على تاريخ طويل من هذا الحراك الفكري .. ومهرجان تطوان هو أيضا هذه القاعات الجميلة والعريقة كـ"أفينيدا" و"إسبانيول" خاصة التي تؤمنا كل يوم مع الجمهور التطواني لمتابعة سحر السينما.

إن صمود وإستمرارية مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط طيلة هذه السنوات وتحديه للصعوبات المالية والتنظيمية، يؤكد أن مؤسسيه و القائمين عليه، وخاصة الأستاذ أحمد حسني مدير المهرجان، يؤمنون بأهمية هذه التظاهرة المتميزة في خريطة المهرجانات والمواعيد السينمائية المقامة في المغرب، وهو أيضا انحياز جمالي ونضالي تجاه السينما ذات خصوصية إبداعية ...

إن الحرص الدائم للقائمين على المهرجان واحتفائهم الإنساني بالمدعوين ،هو جزء من خصوصية مهرجان تطوان التي جعلت منه طيلة هذه الأعوام فضاء حقيقي وحميمي لسينمائي المتوسط في مدينة يتعانق فيها الجمال والإبداع في سماء تطوان الأزرق و سحر المتوسط .

ناجح حسن/ كاتب وصحفي وناقد من الأردن:

امر يدعو الى البهجة والسعادة عندما يرى المتابع هذا التنوع في مهرجانات السينما بالمغرب والتي تكاد نعطي كل مدينة او منطقة في المغرب 

لكن لمهرجان تطوان الدولي للفيلم المتوسطي له حضوره الخاص كونه ينجز كل عام - بعد فترة من  الزمن كل عامين - بجهود نخبة من الاصدقاء عشاق الفن السابع وهم من احرص الناس على ديمومته رغم ما قد يواجه المهرجان من عقبات وتحديات مادية او ما يتعلق في العثور على الافلام المناسبة التي تتوافق مع رؤيا ورسالة المهرجان في التعريف بسينما بلدان البحر الابيض المتوسط  وثقافات بيئته الاجتماعية والسياسية المتنوعة .

خلال السنوات القليلة الماضية بدأت مسيرة المهرجان تأخذ منحى ايجابيا متصاعدا حيث بدا في التركيز على اختياراته التي سبقت غيره من المهرجانات الكبيرة في تكريم قامات سينمائية رفيعة مثلما نجح القائمون على المهرجان في توسيع رقعة مشاهديه والتفاعل معهم وتنويرهم بأساليب صناعة الافلام الجديدة وكلاسيكياتها الرفيعة وتذوق لغة خطاب جمالياتها الدرامية والفكرية وذلك عبر تخصيص مناظرات وندوات وحوارات تجمع بين طلبة جامعات تطوان وطنجة مع نقاد وصناع افلام لهم بصماتهم على مسيرة الابداع السينمائي .

كما عملت ادارة المهرجان على تنويع لجان تحكيم المهرجان بتخصصات تعدت النظرة التقليدية التي كانت ترى في المخرجين اساسا للتحكيم 

لكن المهرجان وهو ما زال يشق طريقه في المعرفة وتنشيط الثقافة السينمائية ان يهتم في تقديم المزيد من ادبيات السينما التي توثق لكتابات نقاد منطقة المتوسط (ترجمة أو تأليفا) وهي تؤرخ لمسيرة السينما في بلدانهم، مثلما تعاين ايضا جماليات وتيارات صناعة الافلام هناك، فضلا عن هموم وامال صانعيها.

عبد العزيز الطريبق/ صحفي محترف وكاتب من المغرب:

للحديث عن مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط عدة مداخل، وسأتناوله من مدخل علاقته بمحيطه المحلي العام. يمكن الجزم بأن المهرجان كبر وعِشق السينما كبر معه، لكنه يحمل معه هشاشة المحيط العام الذي يتواجد داخله. مع مطلع السبعينيات من القرن الماضي كان هناك ناد للسينما جمع بعض المهووسين من عشاق السينما حول فكرة النادي ومناقشة الأفلام بعد المشاهدة... لم ينطلقوا من فراغ، لأن تطوان كانت تملك تقاليد سينمائية عريقة يعكسها تواجد سبع قاعات للسينما (وثامنة تشتغل صيفا بدون سقف) توفر مجتمعة ما يفوق 3000 مقعد لمدينة لم يكن عدد سكانها يتجاوز100000 نسمة... ثم تطورت الأمور في الثمانينات، مع جمعية أصدقاء السينما، لينطلق مهرجان تطوان السينمائي وليتحول إلى صيغته المتوسطية بالاعتماد على حماس عشاق السينما من "الأصدقاء" ومن مناصريهم. لكن الأمر لم يكن سهلا، لأن فترة نمو التجربة صاحبها نمو "متوحش" للمدينة بحيث تحولت تطوان، والمنطقة، في غفلة من نخبها الأصيلة ونخبها الجادة والمتفتحة، إلى بؤرة للنشاط "الاقتصادي" غير المهيكل، سواء في صيغته الخفيفة (تهريب السلع) أو في صيغته الخطيرة (تهريب المخدرات). وقد أنجب هذا نخبا سياسية "على قد المقام" تتحكم في دواليب الشأن المحلي. من الواضح والحالة هذه أن يلقى المهرجان مقاومات شتى، وقتها، أبسطها إغلاق صنابير الدعم أو التقتير في فتحها. لكن المهرجان قاوم وشق لنفسه طريقه وسط استحسان فئات واسعة من السكان...

الآن يواجه المهرجان خطرا أكبر ضدا على كل منطق: قدوم حزب العدالة والتنمية لإدارة الشأن المحلي، عن طريق تحالف هجين وغير منطقي!  وقد أبان مسؤولوه  المحليون، منذ البداية، عن رغبة واضحة في وأد المهرجان تحت مبررات (واهية) مختلفة وصلت حد التهجم على عرض الفنانات والمنظمين وغير ذلك من الترهات... وتعدى الأمر ذلك إلى قطع المنحة المالية المتفق عليها، باتفاقية رسمية، بين إدارة المهرجان والجماعة الحضرية، خلال السنة الماضية مما أثار احتجاجات واسعة للعديد من الفعاليات المحلية والوطنية... هذا هو أكبر خطر يواجه المهرجان الآن الذي يعتبر نشاطا حضاريا هاما يجلب اهتمام فئات واسعة من الناس، ويعود بفائدة كبيرة على المدينة من خلال تلميع صورتها وطنيا ودوليا مع ما لأهمية الصورة في خدمة الجانب الاقتصادي في منطقة تسعى بها الدولة، في السنوات الأخيرة، للنهوض والخروج من الاقتصاد الهامشي وغير القانوني...

الجزيرة الوثائقية في

25/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)