حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«شمس ١» فى مواجهة الظلام

بقلم   سمير فريد

٢٤/ ٣/ ٢٠١٣

 

سافرت يوم الأحد الماضى إلى أبوظبى عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لوضع برامج مهرجان أبوظبى الدولى الأول لأفلام البيئة «٢٠-٢٥ إبريل ٢٠١٣» بوصفى المستشار الفنى للمهرجان الذى يعتبر الأول من نوعه فى العالم العربى وفيما يسمى الشرق الأوسط.

تنظم المهرجان شركة «ميديا لاب»، إحدى شركات الشيخ أحمد بن حمدان آل نهيان المعروف باهتمامه الكبير بالطبيعة وحماية البيئة، ورئيس تحرير مجلة «بر، بحر، جو» الشهرية، وعنوان المجلة يكفى للدلالة على اهتماماته. ويرأس المهرجان الزميل الصحفى محمد منير، وهو أيضاً مدير تحرير المجلة، والذى عرفته عن قرب عندما كان يتولى إدارة المركز الصحفى فى مهرجان أبوظبى السينمائى الدولى فى دورتيه الأولى والثانية عامى ٢٠٠٧ و٢٠٠٨.

ورغم أن مهرجان أفلام البيئة يقام تحت رعاية الشيخ حمدان بن زايد، وفى دولة من أكثر دول العالم محافظة على البيئة الطبيعية والدعوة إلى حمايتها، إلا أن المهرجان يواجه مصاعب عديدة بسبب المفاهيم التى أصبحت سائدة عن مهرجانات السينما الدولية، خاصة فى عالمنا العربى، فلا يوجد تقدير أدبى أو مالى للمهرجانات المتخصصة مثل المهرجانات العامة لكل أنواع وأجناس الأفلام، والهم الأكبر بسبب قنوات التليفزيون التجارية الافتتاح والختام ونجوم السجاجيد الحمراء، فما بالك بمهرجان عن أفلام البيئة، وأغلبها تسجيلية.

وبعيداً عن المهرجان، وإن لم يكن بعيداً عن حماية البيئة، تصادف يوم وصولى مع افتتاح الشيخ خليفة بن زايد، رئيس دولة الإمارات، أولى محطات مشروع توليد الطاقة الشمسية «شمس ١» فى أبوظبى، والذى يغطى فى مرحلته الأولى ٢٠ ألف منزل، ويعتبر الأكبر من نوعه فى العالم.

ومن المصادفات التاريخية أن يتم افتتاح «شمس ١» يوم الأحد، وتبدأ يوم الاثنين محاكمة أعضاء التنظيم السرى لـ«الإسلاميين» فى الإمارات. وأكتفى هنا بعناوين الصفحة الأولى من جريدة «الإمارات اليوم» عدد الثلاثاء، وهى: «بدأ التنظيم العملى عقب (الربيع العربى) للتحضير لأعمال تهدف إلى الاستيلاء على السلطة»، «التنظيم أسس هيكلاً، يحاكى الدولة بكامل هياكلها داخل الدولة»، «التنظيم يعمل فى العلن على الدعوة من أجل صلاح المجتمع، وفى السر للاستيلاء على الحكم».

وهكذا بدت «شمس ١» فى مواجهة الظلاميين الذين يعيشون فى عالم بداية الدعوة الإسلامية قبل ألف وأربعمائة سنة، وهل هناك ظلام أكثر من الانفصال عن الواقع إلى هذه الدرجة، أو ليست هذه هى الرجعية بكل معنى هذه الكلمة؟

 

من هنا وهناك

بقلم   سمير فريد

٢٣/ ٣/ ٢٠١٣

الزميل أحمد عاطف من أكثر نقاد السينما فى مصر والعالم العربى اهتماماً بالسينما الأفريقية، لكنه أخطأ عندما نشر فى «الأهرام» أن مهرجان «واجادوجو» للسينما الأفريقية الذى بدأ عام ١٩٦٩ أعرق مهرجانات أفريقيا، وأعرق من كل مهرجانات العالم العربى، فالمهرجان الأعرق هو مهرجان قرطاج فى تونس، الذى بدأ عام ١٩٦٦ دولياً، وخصص مسابقته للأفلام العربية والأفريقية منذ عام ١٩٦٨، بل إن قرار إنشاء «واجادوجو»، وإنشاء اتحاد أفريقيا للسينمائيين اتخذ فى قرطاج ١٩٦٨.

أعلن أن تركيا أصبحت ثانى أكبر مصدر لمسلسلات التليفزيون فى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وقد وصلت هذه المسلسلات إلى دول شمال أوروبا، التى تتصدر دول العالم فى التحضر، من حيث نسبة الفساد التى تكاد تقترب من الصفر فى بعض السنوات.

مسلسلات التليفزيون التى تسمى بالإنجليزية «سوب أوبرا» أى «شوربة» درامية هى أدنى أنواع الدراما من ناحية القيمة الفنية والقيمة الفكرية، رغم أنها أكثر رواجاً. وقد كان لمسلسلات تركيا دور فى إنعاش السياحة التى أصبحت تدر نحو مليارى دولار أمريكى شهرياً على تركيا، لكن المسلسلات وحدها لا تأتى بالسياح، إنما مراعاة المقاييس الدولية فى كل ما يتعلق بالسياحة من المطارات إلى التاكسيات والفنادق.

من المؤشرات التى تتزايد كل يوم على عظمة الثورة الثالثة فى تاريخ الإنسانية، بعد الثورة الزراعية والثورة الصناعية، وهى الثورة التكنولوجية، المنافسة الأمريكية الألمانية على عمليات زرع عيون إلكترونية تهدف إلى إعادة البصر لبعض المكفوفين نتيجة أمراض معينة، وقد وافقت الوكالة الأمريكية للأدوية أخيراً على تسويق العين الإلكترونية «أرجوس ٢» بسعر ٧٣ ألف يورو، وصدق من قال: «إن مداد العلماء يوزن بدماء الشهداء يوم القيامة».

يحدث هذا فى العالم، ونحن فى مصر التى شهدت أول وأكبر نهضة علمية فى التاريخ منذ آلاف السنين، نفكر فى عودة الكتاتيب، وهل صوت المرأة «عورة» أم ليس «عورة»، لكن من بين الأخبار التى تبشر بالخير تعاون مكتبة الإسكندرية بإدارة الدكتور إسماعيل سراج الدين مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على استقدام حاسوب «كمبيوتر» فائق التطور من النوع المسمى تقنياً «سوبر كمبيوتر»، وهو المشروع الذى بدأ عام ٢٠٠٦، وحيث يمكن إنجاز ما يزيد على بليون عملية حسابية فى الثانية.

 

دفاعاً عن أول أفلام شركة سينما النهضة الإخوانية

بقلم   سمير فريد

٢٠/ ٣/ ٢٠١٣

نشرت جريدة «الوطن» تقريراً للزميلتين رضوى هاشم ووفاء بكرى فيلم «تقرير» إخراج عز الدين دويدار، وهو فيلم روائى متوسط الطول «٤٥ دقيقة»، وأول إنتاج لشركة «سينما النهضة» التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، ويقوم بالدور الرئيسى فيه الممثل محمد شومان.

جاء فى التقرير أنه كان من المقرر أن يعرض الفيلم فى قاعة سيد درويش بأكاديمية الفنون بسعر مائة جنيه للتذكرة، وأن رئيس الأكاديمية أوقف العرض لعدم وجود ترخيص الرقابة، وأن مدير الرقابة قال إن الشركة لم تقدم الفيلم إلى الرقابة، وتم إنتاجه دون علمها، وبالتالى لن يحصل على الترخيص بالعرض.

ليس من الواضح هل كان هذا العرض «خاصاً»، أى عرضاً واحداً لمدة يوم واحد، أم عرضاً عاماً يستمر لمدة أسبوع على الأقل؟ وإذا كان خاصاً فكيف يكون بتذاكر؟ فضلاً عن سعر التذكرة الذى يصل إلى ضعف أعلى سعر لتذكرة فى سوق السينما، ولكن الواضح أن الشركة اعتبرت نفسها فوق القانون مثل الجماعة التى تمثلها، وليس من الواضح كيف تفكر شركة سينما النهضة فى عرض فيلم مدته ٤٥ دقيقة عرضاً عاماً فى السوق بتذاكر، ولكن الواضح أنها مثل كل شركات مشروع «النهضة» المزعوم للإخوان، فوق الواقع، وليس فقط فوق القانون.

ورغم ذلك فننى أدافع عن حق أى شركة فى إنتاج أى فيلم دون موافقة الرقابة على السيناريو قبل التصوير، وعن الحق فى الحصول على ترخيص العرض العام لأى فيلم بعد إنتاجه، وعن الحق فى أن تكون العروض الخاصة دون تذاكر ودون ترخيص من الرقابة، لأن الترخيص حسب القانون للعرض العام فقط، وليس لأى عرض خاص. الحرية لا تتجزأ، ومن يوافق على منع فيلم من إنتاج الإخوان لا يملك الحق الأخلاقى فى الاعتراض على منع فيلم ضد الإخوان.

ويلفت النظر فى التقرير المذكور تصريح دعاء إبراهيم، المتحدث الإعلامى باسم الشركة أن الهدف من إنشائها «إنتاج أفلام بمعايير أخلاقية على غرار النموذج الإيرانى»، وكأن كل أفلام العالم تنتج بمعايير غير أخلاقية ما عدا الأفلام الإيرانية، وهذا محض هراء.

لقد بدأت الثورات الشعبية ضد أنظمة الحكم الاستبدادية فيما يعرف فى الشرق الأوسط بثورة الشعب الإيرانى ضد استبداد حكم نظام آيات الله فى إيران عام ٢٠٠٩، وسوف تنتصر الحرية يوماً.

 

الأمن الوطنى ويهود مصر

بقلم   سمير فريد

١٩/ ٣/ ٢٠١٣

أعلن عن بدء عرض الفيلم التسجيلى المصرى الطويل «يهود مصر» إخراج أمير رمسيس فى دور العرض يوم الأربعاء الماضى، وكان الإعلان يعنى أن كل الإجراءات القانونية للعرض العام قد انتهت بما فى ذلك موافقة الرقابة فى وزارة الثقافة، ولكن الرقابة فى آخر لحظة أوقفت العرض، وقال مدير الرقابة إن الفيلم لابد أن يعرض على جهاز الأمن الوطنى، وأن يوافق على عرضه.

المشكلة هنا مزدوجة، فهى من ناحية مشكلة ألا يكون تصريح الرقابة كافياً، بينما هى جهة سيادية تملك حق الضبطية القضائية بحكم القانون، ولا ينص قانونها على تدخل أى جهة أخرى فى عملها، ومن ناحية أخرى لماذا تأخر قرار مدير الرقابة بعرض الفيلم على الأمن الوطنى حتى آخر لحظة، وبعد الإعلان عن موعد بدء العرض فى دور السينما؟

لماذا وكيف لم يدرك مدير الرقابة أن سحب الترخيص بالعرض العام بعد منحه يعنى حق شركة التوزيع فى رفع دعوى قضائية ضد الرقابة ووزارة الثقافة، وهو ما حدث بالفعل. ولماذا وكيف لم يدرك أن منح الترخيص ثم سحبه بخصوص فيلم عن يهود مصر يتحول إلى «خبر» دولى بامتياز، ويعنى عملياً منع الفيلم من العرض، ووضع الحكومة المصرية فى مأزق جديد وسط المآزق العديدة التى تواجهها.

لم أشاهد الفيلم حتى الآن، ولكنى أتحدث من حيث المبدأ. ولا أدرى كيف يعتبر فيلم عن يهود مصر، بغض النظر عن مضمونه، من قضايا الأمن الوطنى فى مصر، وماذا لو كان الفيلم عن الجالية المصرية فى إسرائيل، والمكونة من عشرات الآلاف من المسلمين والمسيحيين؟ وماذا لو كان الفيلم عن يهود مصر الذين هاجروا إلى إسرائيل، أو عن اليهود العرب فى إسرائيل بصفة عامة. وإن لم تتناول الأفلام، خاصة التسجيلية مثل هذه الموضوعات المسماة «شائكة»، فهل تظل مقصورة على تلك الأفلام التى لا يشاهدها أحد!

لقد فرحت وكل نقاد السينما فى مصر بأن تعرض الأفلام التسجيلية عروضاً عامة فى دور العرض بتذاكر مثل الأفلام الروائية والأفلام التشكيلية «التحريك»، وكما يحدث فى كل الدول المتحضرة، وكان أول فيلم تسجيلى مصرى طويل عرض عرضاً عاماً «التحرير ٢٠١١» العام الماضى. ثم هل مازال من الممكن منع أى فيلم من العرض حقاً فى عالم الأقمار الصناعية والفضائيات!

 

اليوم افتتاح مهرجان الأقصر ومرحباً بضيوف مصر الأفارقة

بقلم   سمير فريد

١٨/ ٣/ ٢٠١٣

يفتتح اليوم فى الأقصر مهرجانها السينمائى الدولى المخصص للسينما الأفريقية فى دورته الثانية، وهو المهرجان الذى تنظمه جمعية شباب الفنانين المستقلين بدعم من محافظة الأقصر ووزارات الثقافة والسياحة والخارجية، يحضر المهرجان عدد من كبار صناع السينما الأفارقة سواء من المقيمين فى بلادهم أو فى المهجر فى أوروبا وأمريكا، وعدد من كبار نقاد السينما ومنهم الأمريكى جيه ويسبيرج الناقد فى «فارايتى» أعرق وأهم صحف صناعة السينما فى العالم.

من تونس تأتى المخرجة الكبيرة مفيدة التلاتلى التى تشترك فى عضوية لجنة التحكيم، وكانت أول وزيرة للثقافة بعد الثورة فى تونس، ومن موريتانيا عبدالرحمن سيساكو أكبر مخرجيها وأشهرهم فى العالم، والذى يعمل مستشاراً لرئيس الجمهورية فى بلاده، ومن مالى شيخ عمر سيسكو وسليمان سيسى أكبر الرموز الدولية للسينما فى أفريقيا السوداء، والذى يكرمه المهرجان كما يكرم سينما مالى، ومن البرتغال آلان جوميز، ومن السنغال موسى تورى، ومن كندا كيم فوجين الذى يعرض فيلمه «ساحرة الحرب» فى الافتتاح اليوم، وهو الفيلم الذى وصل إلى التصفيات النهائية لأوسكار أحسن فيلم أجنبى الشهر الماضى. ويهدى المهرجان دورته الثانية هذا العام إلى اسم الطاهر الشريعة الأب الروحى للسينما التونسية، وإلى اسم المخرج المصرى الكبير عاطف الطيب.

تشارك فى المهرجان أفلام من معظم أنحاء العالم فمن أفريقيا يشارك السودان وجنوب السودان إلى دول المغرب العربى تونس والجزائر والمغرب، وليبيا، وموريتانيا، ومن إثيوبيا وأوغندا ودول حوض النيل إلى السنغال ونيجيريا وزيمبابوى وجنوب أفريقيا، ومن أمريكا اللاتينية تشترك المكسيك، ومن أمريكا الشمالية الولايات المتحدة وكندا، ومن أوروبا صناعاتها السينمائية الكبرى فى فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا إلى جانب بلجيكا والنمسا والبرتغال، وليس هذا حصراً بكل الدول التى تعرض منها أفلام المهرجان أو يأتى منها ضيوفه.

وبمناسبة الاحتفال بـ٥٠ سنة على استقلال الجزائر وبداية السينما الوطنية فى الوقت نفسه يقيم المهرجان معرضاً للصور الفوتوغرافية عن ٢٠ فيلماً تمثل العلامات الكبرى فى تاريخ هذه السينما منذ عام ١٩٦٧، حتى عام ٢٠١٠، وتبدأ بفيلم «رياح الأدراس» إخراج حامينا الذى فاز بجائزة أحسن مخرج فى فيلمه الطويل الأول فى مهرجان كان عام ١٩٦٧، وتتضمن «وقائع سنوات الجمر» للمخرج نفسه، والذى فاز بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان عام ١٩٧٥، وكان ولايزال الفيلم الوحيد الذى فاز بالسعفة فى تاريخ المهرجان.

 

هل يدفع شباب الفنانين المستقلين ثمن مواقفهم السياسية والثورية؟

بقلم   سمير فريد

١٥/ ٣/ ٢٠١٣

تبدأ يوم الاثنين القادم عروض مهرجان الأقصر الثانى للسينما الأفريقية، الذى تعلن جوائزه ٢٤ مارس، ويعرض أكثر من مائة فيلم طويل وقصير، ويحضره نحو مائتى ضيف، منهم مائة من مصر، ومائة من أفريقيا وأوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك. انظر «صوت وصورة» فى «المصرى اليوم» عددى ١ و٢ فبراير الماضى عن برامج المهرجان.

المهرجان الذى تنظمه جمعية شباب الفنانين المستقلين يقام بدعم من محافظة الأقصر، ووزارات الثقافة والخارجية والسياحة، لكنه دعم محدود إلى درجة الاعتذار لعدد من الضيوف، والتفكير فى إلغاء القيمة المالية البسيطة لجوائزه، التى تبلغ ٢١ ألف دولار أمريكى!

وفى ظل أزمة السياحة الخانقة، وحادثة المنطاد والاعتصامات والإضرابات فى الأقصر، فإن ألف باء المنطق دعم المهرجان بقوة، وماذا لو قدمت له «مصر للطيران» طائرة خاصة من القاهرة إلى الأقصر، وماذا لو خصصت له وزارة السياحة فندقاً كاملاً، فضلاً عن أنه فعل حقيقى لتمتين العلاقات مع دول حوض النيل والدول الأفريقية عموماً، ودول أفريقيا السوداء خصوصاً، وميزانية المهرجان كلها لا تتجاوز ربع ميزانية مهرجان دربان فى جنوب أفريقيا، لكن المنطق البسيط غائب تماماً عن الحكومة القائمة فى مصر.

ترى هل تدفع جمعية شباب الفنانين المستقلين ثمن اشتراكها فى ثورة ٢٥ يناير، ومواقفها المتعددة طوال العامين الماضيين ضد الثورة المضادة، التى تستهدف بقاء حكم الحزب الواحد فى مصر مع تغيير اسم الحزب، وتغيير أزيائه ومكياجه من الأزياء المدنية إلى الأزياء الدينية، ومن حلق اللحى إلى إطلاقها، أم يدفع مهرجان الأقصر فى دورته الثانية ثمن تخصيص جائزة باسم شهيد الصحافة المصرية الحسينى أبوضيف لأحسن فيلم فى مسابقة خاصة عن أفلام الثورات العربية؟

وتاريخ الدورة رسمياً من ١٥ إلى ٢٤ مارس، حيث تبدأ اليوم الورشة التى يشرف عليها فنان السينما الإثيوبى العالمى الكبير هايلى جريما مع عدد من مساعديه، ويشترك فيها ٣٠ طالباً من أفريقيا، وتنتج عشرة أفلام قصيرة تعرض فى حفل الختام يوم ٢٤ مارس.. هل كان من العسير على معهد السينما أو غرفة صناعة السينما أو كليهما التكفل بميزانية هذه الورشة، وبها عشرة من الطلاب المصريين؟!.. تحية إلى هايلى جريما فى مصر الأفريقية ولو كره الكارهون. 

 

ويبقى الاسم والذكرى العطرة

بقلم   سمير فريد

١٢/ ٣/ ٢٠١٣

حال حضورى مهرجان برلين بينى وبين المشاركة فى وداع الكاتب والمترجم والناقد السينمائى حسين بيومى «١٩٤٣ – ٢٠١٣»، الذى كان من الأصدقاء الأعزاء، ومن أحب الناس إلى قلبى : جمعنا حب السينما وحب الأدب والوقوف على يسار أى نظام للحكم، ورغم اختلاف الموقف السياسى، فموقفى اليسار الليبرالى، وموقفه اليسار الشيوعى، أو بالأحرى الماركسى الذى ظل على إيمانه العميق به حتى اللحظات الأخيرة من حياته.

عندما يتوحش المرض، ويصبح الموت قاب قوسين أو أدنى، أحاول دائماً أن تظل الصورة الأخيرة لمن أحب هى صورته شامخاً قبل أن يغير المرض من هذه الصورة، ولكن زوجة حسين – السيدة كوكب – وهى نموذج للمرأة المصرية النبيلة – قالت لى إنه يريد اللقاء معى، فلم أستطع إلا أن أذهب، وهناك وجدته وقد نقص وزنه، وأصبح جسده أقرب إلى جسد طفل صغير، ولكن وجدته شامخاً فى مواجهة الموت يتحدث بنفس القوة والحماسة محتفظاً بكل طاقته العقلية وكأننا نلتقى على مقهى، ومهموماً بما يحدث فى الواقع بعد ثورة يناير وكأنه يستعد للعودة إلى ميدان التحرير فى أى لحظة، إنه واحد من هؤلاء المثقفين المصريين الحقيقيين الذين عاشوا وماتوا يناضلون من أجل الحرية والعدالة، بالكلمة والفعل، وليس بالشعارات الزائفة التى لا علاقة لها بالحرية ولا بالعدالة.

كنت دائماً أحلم بترجمة موسوعة «أفلام ومناهج» لمحررها بيل نيكولز، ولا أجد الوقت لترجمتها، وكنت قد قرأت ترجمة حسين بيومى لكتاب برميلوف «دوستوفيسكى وعالمه الروائى»، التى صدرت عام ١٩٩٦، وعندما عرضت على حسين ترجمة الموسوعة، وقدمت نسختى إليه، لم يتردد، وصدرت فى أكثر من ألف صفحة من ٢٠٠٥ إلى ٢٠٠٧، وأصبحت مرجعاً لا غنى عنه لكل سينمائى وناقد عربى.

وبعد وفاة الزميل الغالى لمدة أربعين سنة فى جمعية نقاد السينما التى تأسست عام ١٩٧٢، صدرت ترجمته لكتاب مالك خورى «المشروع القومى العربى فى سينما يوسف شاهين»، وفى تقديمه للكتاب – وهى آخر ما كتب – يقول عن فيلم «شاهين» الأخير «هى فوضى»، الذى اشترك فى إخراجه تلميذه خالد يوسف : إنه «يعد شهادته الأكثر جرأة على الديكتاتورية والقمع وتفشى الفساد على غرار العصر المملوكى فى نظام مبارك، علاوة على نبوءة الفيلم بالثورة الشعبية ضد هذاالنظام فى ٢٥ يناير مطالبة بالحرية واسترداد الجماهير كرامتها وتحقيق العدل الاجتماعى». وجمعية النقاد مطالبة بإصدار مجلد أو أكثر يجمع مقالات ودراسات حسين بيومى الكاملة، فالجسد يفنى، ويبقى الاسم والذكرى العطرة.

 

محمد على باشا «السفاح»!

بقلم   سمير فريد

١١/ ٣/ ٢٠١٣

مفهومى للنقد يقوم على أساس أن عمل الناقد تحليل كيف عبر الفنان عن وجهة نظره، وليس وجهة نظر الناقد، وإلى أى مدى كان الشكل هو المضمون ذاته، أى الأسلوب، وليس إلى أى مدى إعجاب الناقد بهذا الأسلوب، أما وجهة نظر الناقد فتبدو من خلال منهجه، ومن خلال الأعمال التى يختارها لتكون موضوعات لنقده.

ومن ممارستى نقد الأفلام عقوداً، وبهذا المفهوم الذى تبلور عبر الممارسة، أصبحت أقرأ بالمفهوم نفسه، ولذلك مثلاً أتابع كتابات صافيناز كاظم بشغف لقوتها فى التعبير عما تؤمن به، وجمال أسلوبها، رغم اختلافى الكامل مع أفكارها السياسية.

وفى أحد مقالات الكاتبة المصرية الكبيرة فى جريدة «الوطن»، وصفت محمد على باشا، مؤسس الأسرة العلوية التى حكمت مصر منذ ١٨٠٥ حتى ١٩٥٣، بأنه «سفاح»، وذلك فى إطار هجومها الضارى على الحداثة المصرية، وباعتباره أول من وضع أسس هذه الحداثة، التى تراها متعارضة مع ثقافة المجتمع الإسلامية.

وتصف الكاتبة محمد على باشا بهذا الوصف، لقيامه بمذبحة القلعة الشهيرة ضد المماليك حتى ينفرد بالحكم، وكاتب هذه السطور، كتلميذ شكسبيرى متواضع، لا يلفت نظره فى مذبحة القلعة غير رفض زوجة محمد على معاشرته بعد ارتكابه هذه المذبحة ضد المماليك، لأنه كان قد وجه إليهم الدعوة للعشاء، أى أنهم كانوا ضيوفه، وقد ظلت زوجته على موقفها حتى ماتت بعد سنوات طويلة.

أما المذابح فى الصراع على السلطة، ورغم أنها مدانة بكل المقاييس ومهما كانت الدوافع والأهداف، فهى أكثر من «عادية»، حتى يمكن اعتبار التاريخ كله سلسلة متواصلة من المذابح، واعتبار كل الحكام بدرجة أو أخرى من السفاحين. ومرة أخرى، نتذكر شكسبير، وكل مسرحياته «التاريخية» عن عدد من الملوك السفاحين، وتعرف صافيناز كاظم جيداً المذابح التى قتل فيها ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأربعة، وتعرف المذبحة التى عُرفت باسم الفتنة الكبرى فى تاريخ الإسلام السياسى، ومذبحة السكان الأصليين فى الأمريكتين، وأستراليا فى تاريخ المسيحية السياسى، والمذابح المتكررة فى تاريخ اليهودية السياسى، وأحدثها المذبحة القائمة ضد الفلسطينيين.

لقد نال محمد على باشا عقابه الدنيوى على ذبح ضيوفه من أقرب الناس إليه وهى زوجته، ولم يكن عقابها برفض معاشرته يعنى حرمانه من الإشباع الجنسى، وإنما حرمانه من الاطمئنان النفسى، وحرمانه من نسيان مذبحته، لكن «التاريخ» يضع المذبحة جانباً، ويتذكر بناء القناطر الخيرية.. وخلاصة «التاريخ» كما قال يونان لبيب رزق «ويل للمغلوب».

 

تجديد الشباب بعد الستين

بقلم   سمير فريد

١٠/ ٣/ ٢٠١٣

أتابع منذ سنوات بالإعجاب الشديد نشاط الأب بطرس دانيال، مدير المركز الكاثوليكى المصرى للسينما، الذى ينظم المهرجان السنوى للسينما والراديو والتليفزيون، وهو المهرجان الأعرق من نوعه، حيث أقام دورته الواحدة بعد الستين الأسبوع الماضى، وقد سعدت بتكريم المهرجان لشخصى، وقلت بعد تسلم الجائزة كلمة مرتجلة، أعيد صياغتها هنا مكتوبة.

كنت فى الثانية والعشرين من عمرى عام ١٩٦٥ عندما تخرجت فى المعهد العالى للفنون المسرحية بالزمالك، وتعرفت على فريد المزاوى، مؤسس المركز ومدير مهرجانه، بواسطة زميلى وصديقى يوسف شريف رزق الله، الذى أفتقد وجوده إلى جانبى اليوم، وأتمنى تكريمه فى الدورة المقبلة للمهرجان.

كنت فى بداية حياتى صحفياً وناقداً للأفلام، ولم أكن قد سمعت عن هذا المركز من قبل، سألت «المزاوى»: ماذا يعنى إنشاء الكنيسة الكاثوليكية هذا المركز.. ولماذا لا توجد مراكز مماثلة إسلامية ولطوائف مسيحية أخرى؟!، فقال لأننا نهتم بالسينما، وبالطبع لا نمنع أحداً من إنشاء مراكز مماثلة، وسألته: هل يعنى هذا تقييم الأفلام بمعايير دينية؟ فرد: بل قل بمعايير أخلاقية تتفق عليها كل الأديان والطوائف، قلت: ولكنى مع تقييم الفنون والآداب بالمعايير الفنية فقط، فسألنى: هل أنت شيوعى أم من أنصار الفن للفن؟ قلت: لا هذا ولا ذاك، ولكن تطبيق المعايير الفنية يخدم الفن والحياة والمجتمع معاً.

وقد ارتبطت بالأستاذ المزاوى ـ وكان أستاذاً بحق ـ ارتباطاً وثيقاً بعد ذلك حتى إنه كان يقول «أنا لم أنجب، وبعض الناس يتصور أنك ابنى، وهذا يسعدنى كثيراً». وبعد أن مارست النقد عام ١٩٦٥ فى جريدة «الجمهورية» حيث كنت أعمل، اختارنى الأستاذ عضواً فى لجنة تحكيم المهرجان عام ١٩٦٦، فقلت له ولكنى شاب فى بداية ممارستى للنقد، وكان رده: ولهذا بالضبط أريد وجهة نظرك مع المخضرمين فى لجنة التحكيم.

وبعد وفاة فريد المزاوى، تولى الأب يوسف مظلوم إدارة المركز والمهرجان، وارتبطت به ارتباطاً وثيقاً بدوره، وأتمنى له الشفاء من كل قلبى. ولا أنسى أبداً عند وفاة والدى عام ١٩٨٢، وكان رحمه الله صحفياً من مؤسسى النقابة، واستقر فى «الأهرام» عقوداً طويلة، ما قاله لى الأب يوسف مظلوم وهو يواسينى «لقد صليت صلاة خاصة من أجل راحة روح والدك»، وكان بالطبع يعلم أننى ووالدى من المسلمين.

الآن يواصل الأب بطرس دانيال مسيرة الأستاذ المزاوى والأب يوسف مظلوم، ويجدد شباب المركز والمهرجان بعد الستين.

 

«ديكورات» وزارة الثقافة

بقلم   سمير فريد

٩/ ٣/ ٢٠١٣

«الديكور» فن كامل رغم إلغاء أوسكار أحسن ديكور فى الجوائز الشهيرة، ووضعه ضمن جائزة أحسن تصميم إنتاج! ولكن ظلال الكلمة فى اللغة العربية الدارجة، وهى ليست كلمة عربية، أصبحت تعنى ما يمكن الاستغناء عنه، أو الحلية الشكلية.

واللجان ومجالس الإدارات فى الحكومة المصرية أصبحت «ديكورات» بهذا المعنى الدارج فى ظل تفاقم البيروقراطية والفشل الإدارى الشامل، فالمدير أو الرئيس المسؤول عن القطاع أو المركز أو أى مؤسسة أو جهاز فى الحكومة هو صاحب القرار، وهو أولاً وهو أخيراً، ولا يعترف عملياً بأى قواعد قانونية أو عرفية. وأقول ذلك من واقع تجاربى مع وزارة الثقافة، والتى كانت تنتهى دائماً بالاستقالة.

كنت أقبل لأن الواجب الأخلاقى على كل مواطن أن يضع خبرته فى خدمة العمل العام أياً كانت هذه الخبرة، كبرت أم صغرت ورغم أننى فى المعارضة المستقلة وليست الحزبية، فقد قبلت فى الوزارة الحالية عضوية مجلس إدارة المركز القومى للسينما، وعضوية لجنة مهرجان القراءة للجميع فى الهيئة العامة للكتاب، وعضوية الهيئة الاستشارية للمركز القومى للترجمة، ولكن حان الوقت لاستقالتى منها جميعاً، وأعلنها من هنا، وقبل تقاضى أى أموال من أى منها.

كل من لجنة مهرجان القراءة للجميع والهيئة الاستشارية للمركز القومى للترجمة لم تجتمع ولا حتى مرة واحدة، وبالتالى فهما من «الديكورات» رسمياً وفعلياً، ولكن مجلس إدارة المركز القومى للسينما اجتمع مرتين.

وافقت على عضوية المجلس حتى أدافع عن مبدأ عدم تنظيم مهرجانات للسينما بواسطة وزارة الثقافة، وإنما بواسطة مؤسسات المجتمع المدنى بدعم من الوزارة، وللدفاع عن المهرجانين الوحيدين اللذين أقيما بعد الثورة، وحققا هذا المبدأ، وهما مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، ومهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، ويواجه كل منهما مشاكل متعددة بسبب عدم قناعة كبار موظفى الوزارة بالمبدأ، وتفضيل إقامة المهرجانات بواسطة الوزارة.

بحكم القانون يختص مجلس إدارة المركز دون غيره بكل ما يتعلق بالسينما بما فى ذلك المهرجانات. ولكن وزير الثقافة شكل لجنة تسمى المهرجانات، وقررت هذه اللجنة أن تنظم الوزارة ثلاثة مهرجانات هى مهرجان القاهرة لأفلام الأطفال ومهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة والمهرجان السنوى للأفلام المصرية، ولا تسأل عن الأسباب، ولكن المؤكد أنها تحول المجلس إلى «ديكور» جديد.

 

مهرجانا الإمارات فى أبوظبى ودبى من مهرجان برلين إلى الأوسكار

بقلم   سمير فريد

٧/ ٣/ ٢٠١٣

أن تعرض ثلاثة أفلام عربية من مهرجان أبوظبى فى مهرجان برلين، وأن يفوز فيلم افتتاح مهرجان دبى «حياة باى» إخراج آنج لى بأكبر عدد من جوائز الأوسكار لفيلم واحد منها أحسن إخراج يعنى أن الخطة التى وضعت لتكون الإمارات العربية المتحدة دولة حديثة قد نجحت، فالسينما هى أهم مظاهر الحداثة، ومن دون السينما لا تكون أى دولة قد دخلت العصر الحديث.

العالم العربى يمتد من المحيط «المغرب» إلى الخليج «الإمارات»، وفى القلب منه أو المركز مصر. وقد سيطر المركز طوال القرن العشرين الميلادى أو قرن السينما، ولكن السيطرة انتقلت فى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين من المركز إلى الأطراف أو بالأحرى إلى الطرفين، وهما المغرب والإمارات، ولا يعنى هذا أن القلب قد توقف، ولكن المريض فى العناية المركزة.

هناك نهضة سينمائية بكل معنى الكلمة فى المغرب، وإن كانت دور العرض السينمائى تعانى من أزمة كبيرة فى المغرب، ولكن توجد «خطة» لتجاوزها. وهناك نهضة سينمائية بكل معنى الكلمة فى الإمارات، وإن لم تزل فى بداية الطريق بالنسبة للإنتاج المحلى من الأفلام الروائية الطويلة، ولكن توجد «خطة» لدعم المشروعات واكتشاف المواهب والتطوير الحقيقى المتدرج من المجتمع القبائلى المحافظ إلى المجتمع العصرى المنفتح. سُئل بورقيبة ما الفرق بينك وبين الغنوشى؟ فقال ألف وأربعمائة سنة.. وهذا هو جوهر المشكلة فى العالم العربى، أى الفشل فى التوفيق بين الدين والدنيا، وفى التفرقة بين الدين والسياسة، وفى صنع العلاقة الصحيحة بين الماضى والحاضر، وبين الهوية الثقافية الخاصة والهويات الثقافية الأخرى فى العالم الكبير الذى أصبح «قرية صغيرة» فى إطار الثورة التكنولوجية، أو الثورة الثالثة فى تاريخ البشرية بعد الثورة الزراعية والثورة الصناعية.

ويتوقف مستقبل أى بلد فى العالم العربى على مدى مقاومة هذا الفشل، وما ثورات الربيع العربى إلا مقاومة لذلك الفشل، وما الثورات المضادة إلا تأكيد له، وتعبير عن الصدام بين التيارات التى تعيش الحاضر والأخرى التى تعيش منذ ألف وأربعمائة سنة. وهناك مقاومة شاملة وعميقة من دون ثورة فى الإمارات والمغرب وكل الدول العربية الملكية، وأخرى ثورية وعنيفة فى الدول التى حاولت أن تكون جمهورية وظلت ملكية، ولكن بالقوة، ومن دون شرعية الملوك.

 

هذا السؤال من دانييل داى لويس

بقلم   سمير فريد

٦/ ٣/ ٢٠١٣

نشر إبراهيم العريس فى جريدة «الحياة» العربية التى تصدر فى لندن عدد الجمعة الماضى مقالاً عن دانييل داى لويس بمناسبة فوزه بجائزة أوسكار أحسن ممثل عن دوره فى فيلم «لينكولن»، وتضمن المقال حواراً بين الناقد اللبنانى الكبير وبين الممثل الأيرلندى العالمى فى لقاء عابر ثم فى الطائرة القادمة من مراكش إلى باريس عام ٢٠٠٥ عقب مشاركتهما فى مهرجان مراكش السينمائى الدولى.

وفى هذا الحوار قال دانييل داى لويس إنه يدين بالفضل لنجاحه إلى ولعه بالأدوار التى كتبها شكسبير فى مسرحياته، ثم سأل العريس: هل تعرفون شكسبير فى بلادكم؟ وقبل أن يجيب عليه الزميل العزيز، أعلن قائد الطائرة أنها بدأت الهبوط فى مطار باريس.

وقد أفزعنى هذا السؤال من فنان بحجم دانييل داى لويس، فلاشك أنه يعرف أن أعمال شكسبير ترجمت إلى أغلب لغات الدنيا، وخاصة كل اللغات الكبرى الحية، فهل لا يعرف أن العربية من هذه اللغات، أم أن لديه صورة ذهنية عن العرب تجعله يرى تعارضاً بينهم وبين معرفة شكسبير. ومع افتراض حسن النية هل هذا السؤال تقصير منه أم من العرب.

كل فنان، بل وكل إنسان، واجبه أن يسعى إلى المعرفة، ومادام دانييل داى لويس شكسبيرياً فقد كان عليه أن يعرف أن شكسبير يترجم إلى العربية منذ مائة سنة ويزيد، وكان السؤال الأصح الذى يسأله كيف تقدمون شكسبير فى بلادكم. ولكن العرب من ناحيتهم مقصرون، أو بالأحرى السفارات والمؤسسات العربية المعنية بالاتصال مع العالم وإتاحة وسائل التعريف بالفنون والأدب فى العالم العربى.

عندما سألنى المايسترو شريف محيى الدين، وكان يدير مركز الفنون فى مكتبة الإسكندرية عن كتاب «هدية» يقدم إلى الحاضرين فى افتتاح المكتبة من ملوك ورؤساء العالم، اقترحت ترجمة كتاب رمسيس عوض الممتع والفريد «شكسبير فى مصر» إلى الإنجليزية، ووافق إسماعيل سراج الدين، مدير المكتبة، على الفور، وهو شكسبيرى بدوره، وله كتاب مهم عن أعماله صدر بالإنجليزية والعربية. وسوف أحاول العثور على نسخة من ترجمة كتاب رمسيس عوض وتوصيلها إلى دانييل داى لويس ليعرف كيف نقدم شكسبير فى بلادنا.

 

«جانجو طليقاً» فى كل مكان ما عدا فى مصر الإخوانية!

بقلم   سمير فريد

٥/ ٣/ ٢٠١٣

كوينتين تارانتينو من أهم مخرجى هوليوود والعالم فى السينما المعاصرة منذ عقدين ويزيد من الزمان، وقد رشح أحدث أفلامه «جانجو من دون قيود» حسب الترجمة الحرفية للعنوان، أو «جانجو طليقاً» كما أفضل بالعربية، لـ٥ جوائز أوسكار منها أحسن فيلم، وفاز بجائزتين عن أحسن سيناريو أصلى كتبه مخرجه، وأحسن ممثل فى دور مساعد لذلك العبقرى الذى اكتشفه تارانتينو فى تحفته «القتلة الأوغاد» وهو كريستوف واتنر.

ومن حسن حظ جمهور السينما فى مصر عرض الفيلم الجديد للفنان ولكن من سوء حظه أنه يعرض فى زمن الرقابة الإخوانية على السينما والفنون بعد فوز الإخوان المسلمين برئاسة الجمهورية، وفى إطار محاولتهم أخونة كل شىء فى مصر من ناحية، وتطوع بعض الوزراء وكبار الموظفين بالأخونة للاحتفاظ بمناصبهم.

وقد قرأت فى «المصرى اليوم» عدد ٢٣ فبراير الماضى حواراً أجراه الزميل محسن حسنى، مع المخرج السينمائى داوود عبدالسيد، وفى هذا الحوار الذى جاء شاملاً وممتعاً، يؤكد «عبدالسيد» مكانته الكبيرة كفنان سينمائى لا يتمتع فقط بالموهبة الأصلية، وإنما أيضاً بالفكر العميق، وبالموقف السياسى الوطنى الصلب الذى تجلى بوضوح فى ممارسته العمل السياسى أثناء ثورة ٢٥ يناير، وطوال العامين الماضيين بعد الثورة.

ومما كشف عنه داوود عبدالسيد فى ذلك الحوار قوله إن الرقابة حذفت من فيلم تارانتينو الجديد «قبلة ومشهداً حوارياً كاملاً»، وحذفت من فيلم أجنبى آخر إدمان إحدى الشخصيات لاحتساء الخمر، وهى شخصية رئيسية فى الفيلم، مما يعنى أن الفيلم لم يعد هو الفيلم الذى صنعه مخرجه.

والأفلام الأجنبية فى أى سينما فى العالم هى جزء من السينما فى كل بلد وأى بلد، بل إن تعبير «السينما» المصرية أو الأمريكية أو الهندية، يعنى علمياً ما يعرض من أفلام فى البلد وإن أصبح يعنى أيضاً السينما المحلية، وجمهور السينما فى كل بلد وأى بلد هو جمهور الأفلام المحلية والأفلام الأجنبية معاً، وذائقته الفنية تصنع من مشاهده كل ما يراه.

والحذف من الأفلام فى عصر الفضائيات وشرائط الفيديو والأسطوانات الرقمية أصبح «نكتة» بكل معنى هذه الكلمة، وربما يكون «المنع» أفضل من الحذف عند البعض، ومنهم كاتب هذه السطور، والحذف من «جانجو طليقاً» أو «جانجو من دون قيود» يعنى أنه طليق وبلا قيود فى كل مكان ما عدا فى مصر الإخوانية.

 

ليلة الأوسكار : مزيج من موسكو السوفيتية وجوائز العالم الثالث

بقلم   سمير فريد

٤/ ٣/ ٢٠١٣

من بين ٢٤ فيلماً تنافست على ١٨ جائزة أوسكار للأفلام الروائية الطويلة فازت ٩ أفلام بـ١٩ جائزة مع تقاسم فيلمين إحدى الجوائز.

الأفلام الفائزة حسب ترتيب عدد الجوائز هى «حياة باى» إخراج إنج لى «٤» أحسن إخراج وأحسن تصوير وأحسن مؤثرات ضوئية وأحسن موسيقى، و«أرجو» إخراج بن أفبيك «٣» أحسن فيلم وأحسن سيناريو عن أصل أدبى وأحسن مونتاج، و«البؤساء» إخراج توم هوبر «٣» أحسن ميكساج صوت وأحسن ماكياج وأحسن ممثلة فى دور مساعد، و«لينكولن» إخراج ستيفن سبيلبيرج «٢» أحسن ممثل وأحسن تصميم إنتاج وتشمل الديكور، و«جانجو طليقاً».. إخراج كوينتين تارانتينو «٢» أحسن سيناريو وأحسن ممثل فى دور مساعد، و«السقوط من السماء» إخراج سام مينديس «٢» أحسن مونتاج صوت وأحسن أغنية.

وفاز بجائزة أوسكار واحدة «إشراق الأمل» إخراج دافيد أو. روسيل «أحسن ممثلة»، و«آنا كارنينا» إخراج جو رايت «أحسن ماكياج»، و«ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل» إخراج كاترين بيجلو «أحسن مونتاج صوت». وفاز بجائزة أحسن فيلم أجنبى النمساوى «حب» إخراج ميشيل هانكى.

ولأن جوائز الأوسكار انتخابات بين أعضاء الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية التى تنظمها، وبالتالى تتوقف على ما يأتى به «الصندوق»، لا توجد علاقة بين الحصول على أكبر عدد من الترشيحات «١٢ لفيلم لينكولن» وبين الجوائز حيث لم يفز سوى بجائزتين، ولا توجد علاقة بين الترشح لأحسن فيلم وثلاث جوائز أخرى كما حدث مع «وحوش البرية الجنوبية» إخراج بن زيلتين وعدم الفوز بأى جائزة ولكن 8 من الأفلام العشرة الفائزة باضافة «حب» رشجت لأحسن فيلم ما عدا «السقوط من السماء» و«أنا كارنينا».

وبسبب «الصندوق» أيضاً، ومرة أخرى لا يكون أحسن فيلم هو أحسن إخراج، وهو التناقض الأكبر. واللافت عدم فوز أى فيلم بأكثر من ٤ جوائز، بينما رشحت الأفلام الـ٥ الأولى فى ترشيحات أحسن فيلم لـ١٢ و١١ و٨ و٨ و٧ جوائز، مما يعنى عدم وجود الفيلم الذى يحقق الإجماع أو القريب من الإجماع، والأهم فوز دانييل داى لويس بجائزة أحسن ممثل عن دور إبراهام لينكولن فى «لينكولن» ليصبح أول ممثل يفوز عن الدور الرئيسى ثلاث مرات فى تاريخ المسابقة الشهيرة.

يذكر فوز «أرجو» وهو من أفلام الدعاية السياسية، والإعلان عن الجائزة من البيت الأبيض بواسطة زوجة الرئيس الأمريكى أوباما، بما كان يحدث فى مهرجان موسكو السوفيتية أثناء الحرب الباردة، بل وبعض مهرجانات العالم الثالث.

 

مهرجانات السينما والشفافية فى الإعلان عن الميزانيات

بقلم   سمير فريد

٢/ ٣/ ٢٠١٣

عندما توليت إدارة مهرجان القاهرة الدولى لأفلام الأطفال عام ١٩٩٨، أعلنت فى مؤتمر صحفى عشية الافتتاح عن ميزانية الدورة بالتفصيل، وتم توزيعها على الصحفيين مطبوعة. والمقصود بالتفصيل ذكر كل مصادر التمويل بالأرقام مثل ٢٧ ألف جنيه من قناة إيه.آر.تى للأطفال، وهكذا، وذكر كل بنود التكاليف مثل تذاكر الطيران وإقامة الضيوف والمطبوعات، وذكر الأجور بما فى ذلك أجر مدير المهرجان، وكان ١٥ ألف جنيه.

كانت هذه هى المرة الأولى فى تاريخ كل مهرجانات السينما، بل كل المهرجانات فى مصر التى تعلن فيها الميزانية، ومع الأسف كانت أيضاً المرة الأخيرة حتى اليوم، وقد دعوت بعد الثورة لعدم تنظيم أى مهرجان للسينما بواسطة وزارة الثقافة أو أى من أجهزتها، ودعوت إلى أن تقوم جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالسينما بإقامة هذه المهرجانات، ودعوت إلى أن تدعمها وزارة الثقافة وتشجع إقامة مهرجان فى كل مدن مصر للسينما الأفريقية والسينما الآسيوية والسينما الأوروبية وسينما أمريكا اللاتينية، وللأفلام الخيالية والسياسية والأدبية والمسرحية وغيرها من أنواع الأفلام، ولا أقول حتى تصبح مصر فى هذا مثل فرنسا وألمانيا، وإنما حتى تصبح مثل الإمارات والمغرب.

مهرجانات السينما فى المدن الصغيرة بعيداً عن القاهرة والإسكندرية- لا تنعش الحياة الثقافية فقط، وإنما الحياة الاقتصادية فى المدينة أيضاً، وذلك عن طريق إنعاش السياحة وشغل الفنادق وحركة البيع والشراء لضيوف المهرجان من خارج المدينة. بل تؤدى إلى إقامة فندق كبير لائق إذا لم يكن فيها مثل هذا الفندق.

وقد كان أول مهرجان يقام خارج القاهرة والإسكندرية فى كل تاريخ مصر - مهرجان بلطيم القومى للأفلام الروائية الطويلة الذى أقيم عام ١٩٧٠، وحضره كل نجوم السينما من آسيا إلى سعاد حسنى، وكان من بين ضيوفه الشاعر الفلسطينى محمود درويش، وفيه فازت تحفة يوسف شاهين «الأرض» بجائزة أحسن فيلم.

كان من المقرر أن يقام المهرجان كل سنة فى مدينة مختلفة غير القاهرة والإسكندرية، ولكن الفكرة أجهضت مع الأسف بعد الدورة الثانية للمهرجان، التى أقيمت فى جمصة عام ١٩٧٣، وتوقف المهرجان تماماً. ومن الضرورى لإعادة إحياء هذه الفكرة وإقامة مهرجانات دولية فى كل مدن مصر - الشفافية الكاملة فى الإعلان عن ميزانية كل مهرجان بالتفصيل، كما تفعل البنوك والشركات، فلا توجد أسرار عسكرية تستوجب سرية ميزانية مهرجان السينما.

المصري اليوم في

02/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)