حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أغرب الأفلام المقتبسة عن الرواية

"سنو وايت" تعبير برغر عن غرامه بالسينما الصامتة

محمد رضا

 

جمهور المهرجانات والصالات المتخصصة في دبي وبيروت ربما تعرّف مؤخراً إلى أغرب فيلم مقتبس عن الرواية الكلاسيكية “سنو وايت” كما وضعها الألمانيان ولهلم وجاكوب غريم قبل مئتي سنة (1812)، فهي كانت محط اهتمام السينما من العام 1913 في فيلم أمريكي قصير ثم فيلمين متوسطي الطول سنة 1916 ثم توالت الأفلام متتابعة إلى أن برز من بينها “سنو وايت والأقزام السبعة” الذي أنتجته شركة “وولت ديزني” كرسوم متحركة سنة 1937 . وفي العام الماضي أقدمت “هوليوود” على تحقيق فيلمين مستوحيين عن الرواية ذاتها “مرآة مرآة” للمخرج تارسام سينغ داندوار وبطولة جوليا روبرتس في دور الملكة المستبدّة التي تريد قتل الأميرة سنو وايت (ليلي كولينز) . الثاني كان “سنو وايت والصياد” لروبرت ساندرز والدور الأول مُنح لتشارليز ثيرون، بينما لعبت كرستين ستيوارت دور الأميرة .

الفيلم الغريب هو إسباني للمخرج بابلو برغر وسبب غرابته هو أنه الوجهة المختلفة تماماً عن الحكايات الترفيهية التي سادت معظم الإنتاجات السابقة . إنه التضاد الخلاّق حين يكون قصد الفنان إنجاز اقتباس يمهره بتوقيعه وليس بتوقيع الجمهور الباحث عن التسلية .

وما سبق  ليس الاختلاف الوحيد، بل هو  يختلف أساساً في أنه استوحى القصّة في مكان طبيعي جدّاً زماناً ومكاناً ولم يعمد إلى أي من المؤثرات البصرية . ونقل القصّة إلى الجنوب الإسباني تبعاً لإعجاب المخرج بالمكان وثقافته .

وعلى نحو مواز في أهميّته، حرص المخرج على تحقيق فيلم صامت علاوة أيضاً على أنه بالأبيض والأسود . بذلك هو ثاني فيلم صامت في العامين الماضي والحالي بعد “الفنان” لميشيل هازانافيزيوس الذي نال “أوسكار” أفضل فيلم في مطلع هذه السنة .

“سنو وايت” ليس تقليداً . برغر قبل سنوات حضر مهرجان “سان سابستيان” الإسباني وشاهد فيلم أريك فون ستروهايم “جشع” الذي كان صامتاً بالضرورة كونه أنتج سنة ،1924 أي قبل ثلاث سنوات على نطق السينما، لكن منذ ذلك الحين وبرغر واقع في غرام السينما الصامتة .

وعلى نحو طبيعي، يختلف فيلم برغر عن ذاك الذي حققه هازانافيزيوس “الفنان” . واحد من الاختلافات أن فيلم المخرج الفرنسي كان يصرخ لافتاً الأنظار إلى صمته، عامداً إلى دعاية غير مسبوقة لفيلم صامت وبالتالي منجزاً نجاحاً كبيراً . أما “سنو وايت” الإسباني فنحا بعيداً مستوحياً وضعه من رغبته في أن يكون شبيهاً كاملاً بالأفلام الصامتة بعيداً عن فعل إقحام العمل في حديث عن تلك السينما .

نقل المخرج حكاية فيلمه إلى عالم مصارعة الثيران في الأندلس . نجم الألعاب أنطونيو (دانيال جيمينيز كاشو) يفوز بإعجاب متابعيه في ذلك الميدان، لكنه يخسر حياته حين يعاجله الثور الهائج . يتم نقله إلى المستشفى حيث تعمل الممرضة إنكارنا (ماريبال فردو) وهو في حالة خطرة . في الوقت ذاته تدخل زوجته (إينما سيسيتا) المستشفى لكي تضع طفلهما . تموت بعد الوضع ويقرر أنطونيو عدم الاعتراف بطفلته وذلك حزناً على رحيل زوجته . هذه فرصة سانحة لإنكارنا لكي تتزوّج منه، وهو الذي أصبح مشلولاً مدى الحياة، لكي تسيطر على أمواله وثروته الكبيرة بما فيها قصر كبير خارج المدينة . حين تصبح ابنته كارمنسيتا (صوفيا أوريا) كبيرة يتم نقلها لكي تعيش في ذلك القصر فتعاملها الزوجة الجديدة بقسوة في الوقت الذي أدرك فيها والدها مدى خطئه . إدراك متأخر فهو يموت وهي تتعرّض لمحاولة قتلها قبل أن ينقذها سبعة أقزام فتنضم إليهم إلى أن تصبح نجمة الرياضة ذاتها أيضاً . هذه ليست كل الحكاية، فهناك تفاصيل كثيرة ونهاية رائعة تليق بعمل درامي ورومانسي جيّد تزيّنه موسيقا من ألحان ألفونسو دي فيلالونغا . كذلك جيّد ذلك القدر المناسب من التصاميم الفنية سواء في الملابس أو في الديكور أو في باقي التفاصيل الزمنية والمكانية .

في الوقت الذي يحقق فيه المخرج عملاً أميناً أكثر من سواه للرواية الأصلية، ينطلق ليمنح عمله هذا هوية مستقلة في الوقت ذاته . يبتعد المخرج عن الإبهار بصنعته طالباً الإمعان في تجربته كما هي وكما كانت قبل نطق السينما .

حب السينما الصامتة ليس وقفاً على هذين المخرجين وفيلميهما . هناك العديد من الأفلام التي اختار أصحابها لها الصمت ظهرت في السنوات العشرين الأخيرة . سنة 1990 تم تحقيق فيلم بعنوان “حكايات الممشى” وفي العام 1999 قام المخرج الفنلندي آكي كوريسماكي بتحقيق فيلم “جوها” مديناً للسينما الصامتة ومختاراً أصوات الحياة إنما من دون حوارات . وكذلك فعل المخرج الهندي كمال حسن قبله عندما قدّم سنة 1988 فيلماً بعنوان “بوشباك” . والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين شهد أفلاماً كثيرة من بينها (وأوّلها فعلاً) “ظل مصاص الدماء” الذي احتفظ بالجو الصامت والمخيف في حكايته التي تعيد سرد واحد من كلاسيكيات سينما الرعب الصامتة “نوسفيراتو” (1922) .

ليس من الهيّن مطلقاً تحقيق فيلم صامت، إذ على صانعيه أن يجدوا المبرر والموضوع المناسب والمعرفة الكاملة بخصائص وجوهر السينما الصامتة وكيف تختلف عن الناطقة، ثم، وبعد كل ذلك، عليهم إيجاد التمويل الذي عليه أن يقتنع أن هناك جمهوراً كافياً لإنجاح فيلم من هذا النوع .

الإسباني بابلو برغر كان محظوظاً أن وجد هذا التمويل وفيلمه يفتتح هذا الأسبوع في الولايات المتحدة، لكن ماذا عن فيلمه المقبل؟ هل سيستطيع إعادة الكرّة؟

أسماء في تاريخ الفن السابع

جينا لولوبريجيدا

نعم هناك صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي وسيلفانا مانجانو بين أكثر ممثلات السينما الإيطالية شهرة، لكن لا تنس جينا لولوبريجيدا . الممثلة التي ولدت قبل 85 سنة . في الخمسينات من القرض الماضي وُصفت، وربما عن حق، بأنها “أجمل امرأة في العالم” . وهي سبقت هذا اللقب بعمل حثيث من العام 1946 عندما شاركت ببطولة فيلم عنوانه “عودة الصقر الأسود” . ثم ثابرت في العمل فإذا بها تضطلع ببطولة الأفلام من سنة 1950 وصاعداً  وأحد أفلامها الأولى كان دراما ناجحة تجارياً اسمها “ألينا” وآخر بعنوان “مس إيطاليا” . سنة 1953 استعان بها المخرج جون هيوستون لبطولة “تغلّب على الشيطان” وطلبها البريطاني كارول ريد لبطولة “ترابيز” (1956) وبقيت مشغولة حتى نهاية الستينات .

الآن لا تظهر كثيراً وآخر فيلم لها كان “مقاس كبير” للفرنسي أرييل زيتون سنة 1997 .

شاشة الناقد

كن لوتش يتوهج سياسياً

**** The Spirit of 45 

مايكل مور في أمريكا وكن لوتش في بريطانيا يتشابهان في أنهما يمارسان النقد السياسي في أفلامهما . الأول قدّم أعمالاً لا مجال للغوص فيها هنا تتناول قضايا التأمين الصحي والوضع الاقتصادي والسياسة الخارجية وغير ذلك من مسائل مهمة بالنسبة للمواطن الأمريكي، والثاني تناول سابقاً مثل هذه المواضيع وفوقها قضايا الاتحادات العمّالية والفقر والعنف بين الناشئة وسواها من القضايا .

في فيلمه الجديد “روح 45”، يجمع كن لوتش الكثير مما سبق له أن تناوله سابقاً إنما في كيان موحّد وثابت . على العكس من مور، لا يرغب لوتش في تقديم الموضوع الجاد في معالجة تحمل الترفيه . أكثر من ذلك لا يعمد إلى تزيين خلفيات وجوانب هذه المقابلات . الأماكن (حجرات غالباً) متقشّفة وبلا زينة من أي نوع، والإضاءة طبيعية ولا شيء يأخذ من فعل مواجهة الكاميرا لمتحدّث إليها والاستماع إليه .

الفيلم يعتمد على عنصرين مهمّين في السينما التسجيلية الكلاسيكية والملتزمة هما المواد الأرشيفية (وهو جمع الكثير منها وكله جيّد يفتح العين على أحداث ومواقع زمنية أساسية) والمقابلات . في هذا الشأن الأخير، عمد لوتش لعدد كبير من المقابلات (كل الفيلم بالأبيض والأسود ما عدا لحظاته الأخيرة) لرجال ونساء يدلون بشهاداتهم عما كانت الحال عليه آنفاً وما هي عليه اليوم . هؤلاء أناس عاديون في غالبهم (أي باستثناء توني بن العمّالي المتقاعد) . ينظرون إلى التاريخ ويتحسسون فرحته الغابرة وآلامه أيضاً .

ينطلق “روح 45” من نهاية الحرب العالمية الثانية (ثم يعود قليلاً لذكر ملابسات وأوضاع ما قبلها) حيث استقبلت بريطانيا الجنود العائدين من تلك الحرب والباحثين عن مستقبل عائلي . بريطانيا كلّها كانت تريد النهوض وتأسيس مرحلة نمو جديدة، لكن مع وجود فقر منتشر واستغلال عمّال وبطالة وكساد وأوضاع سكنية بائسة، أقدم حزب العمّال على مشروع نهضوي جديد مفاده تأميم المتطلّبات الأساسية للمواطن البريطاني مثل التأمين الصحي والمناجم والبريد ونظام المواصلات وإنشاء المجمّعات السكنية . فيلم كن لوتش هو احتفاء واضح بتلك الإنجازات الاشتراكية التي أثرت المجتمع البريطاني وجعلته أكثر انفتاحاً على تجارب وثقافات أخرى، بالنتيجة، وهو يكمل ليظهر كيف يحاول حزب المحافظين قضم كل هذه الإنجازات وذلك منذ أن فازت مرغريت تاتشر برئاسة الوزراء في مطلع التسعينات من القرن العشرين. ثم ينقض، عبر محدّثيه، على حزب العمّال الجديد بوصفهم تخلّوا عن المباديء التي قام عليها الحزب سابقاً .

أوراق ومشاهد

أم روسية

**** Mother (1926)

**** Solyent Green (1973)

معظم الحركات والمدارس السينمائية غير الهوليوودية، إن لم يكن كلّها، هي نتيجة ظروف حتّمت على السينمائيين البحث عن وسائل أخرى للإنتاج والعمل، فالمدرسة الواقعية الإيطالية هي نتيجة لجوء روسيليني وعدد من سينمائيي الأربعينيات من القرن العشرين إلى التصوير خارج الاستديوهات، لأن هذه كانت معطلة نتيجة الحرب . والسينما العربية البديلة في سوريا كانت ثمار رغبة السينمائيين بالاستقلال عن نظام المؤسسة، وما شابه ذلك نجده في السينما المصرية في السبعينيات والمدرسة الروسية في مطلع القرن العشرين . هذه الأخيرة كان ينقصها الكاميرات وأشرطة الخام فاعتمدت على المونتاج لحل النقص . لا يعني أنها كانت مجرد حلول، لكن اضطرارها للاعتماد على المونتاج خلق هوية جديدة له لم تكن متوفّرة من قبل .

أستاذ تلك المدرسة كان المنظّر والمعلم ليف كوليشوف وأحد أنبغ تلامذته كان  المخرج زيفولود بودفكن الذي حقق فيلم “الأم” عن رواية ماكسيم غوركي . حكاية أم تخشى على ابنها (بطبيعة الحال) ولا تعرف السبب الذي من أجلها يخاطر بحياته بنشاطاته السياسية المناوئة للقيصر عبر الاتحاد العمّالي . وخشيتها في محلّها، إذ يُلقى القبض عليه ويحكم بالأشغال الشاقّة نتيجة نشاطاته . هنا تدرك ما كان ابنها يحارب من أجله وتنطلق للاشتراك بتظاهرة عمّالية كبيرة معادية للنظام .

إيمان بودوفكين بالمونتاج وقدرته على صنع الفيلم الدعائي سياسياً يختلف عن إيمان أيزنشتاين كما يلحظ كل من يرى “الأم” وفيلم أيزنشتاين “البارجة بوتمكين” الذي سبق هذا الفيلم بعام واحد (وسبق أن قدّمناه في هذه الزاوية) . أيزنشتاين كان يؤمن بإحداث الصدمة ومعاداة استرسال المشاهد في متابعة قصّة . بودوفكين كان يراعي المسألة السردية على نحو أكثر سلاسة . ومع أن اعتماده على التوليف كان أساسياً إلا أنه نفّذه على نحو يفضي إلى رسم شاعري للعواطف والأحداث ما زال له تأثيره لمن يشاهد الفيلم اليوم .

م .ر

Merci4404@earthlink.net

الخليج الإماراتية في

31/03/2013

 

 

هوليوود تذهب بعيداً في طروحاتها

«سقوط الأولمبيوس».. كوريا الشمالية تدمر أميركا!

عبدالستار ناجي 

بعد سنوات من حضور العرب والمسلمين كنموذج للارهاب والتطرف والحظر المحيق من وجهة نظر السينما الاميركية وهوليوود على وجه الخصوص، فإننا في فيلم «سقوط الأولمبيوس» نتلمس وجهة نظر جديدة حيث تذهب هوليوود بعيدا في طروحاتها، لتقدم وللمرة الاولى، وجها جديداً للشر والارهاب، تتمثل بكوريا الشمالية. وهذا ما يمثل نقلة جديدة في طروحات السينما الاميركية،وموقفها تجاه الارهاب ورموز الشر، مشيرين الى ان رموز الشر في السينما الاميركية مزيج، فمن الهنود الحمر الى اليابانيين مرورا بالروس والمخلوقات الخارجية وصولا الى العرب والمسلمين.. واليوم فإن رمز الشر والارهاب والخطر الداهم يتمثل في خلايا كوريا الشمالية التي ستدمر الولايات المتحدة الأميركية في فيلم «سقوط الاولمبيوس» الذي يتوقع ان يكتسح صالات العرض في جميع أنحاء العالم.

أمام الكاميرا، عدد بارز من نجوم هوليوود يتقدمهم النجم الأسمر مورغان فريمان ومعه في الفيلم جيرارد بوتلر ارون ايكهارت وانجيلا باسيت وميلسا ليو وكم آخر من الأسماء.

والآن، ما هي حكاية هذا الفيلم، الذي سيمثل نقلة في تقديم شخصية الشر، وايضا التلويح بالخطر الداهم الجديد الذي يهدد أمن الولايات المتحدة.

تبدأ الحكاية مع سيطرة جهات ارهابية كورية شمالية على النظام الامني المسمى «الاولمبيوس» والذي يسيطر على الأمن في البيت الابيض والولايات المتحدة، عندها يتم السيطرة على البيت الابيض واخذ الرئيس الاميركي كرهينة، لتبدأ المفاوضات عندها للسيطرة على الولايات المتحدة والعالم بأسره.

عندها يتم اكتشاف وجود احد عناصر الامن السري، بل المرافق الشخصي للرئيس الاميركي داخل البيت الابيض، والذي يبدأ مهمته، من أجل مواجهة ذلك الاحتلال وتلك الخلية الارهابية الكورية الشمالية. خلال تلك اللحظات، وحينما يسقط الرئيس ونائبه في الأسر، ويتحولون الى رهائن، يقوم بمهمة الرئيس الاميركي رئيس الكونغرس الأميركي ويجسد الشخصية النجم مورغان فريمان. وما بعد ذلك.. هو كمية من المغامرات.. التي تحبس الانفاس.. والتي تنتهي على طريقة السينما الاميركية بالفوز الاميركي المبجل.. ولكنه يظل يفتح الباب على عدو جديد.. وخصم جديد.. وكأن السينما الاميركية لا تعيش الا بخصوم تقوم بابتكارهم.. ومواجهتهم.. وتدميرهم.

ورشة عمل السيناريو تتطلب عمل لمدة ثلاثة اعوام، شارك با كريتون روثبنرجر، وكاثرين بندكت (وهي كاتبة ايسلندية معروفة).

وفي الاخراج انطوان فوكا الذي قدم العديد من الأعمال السينمائية المهمة ومنها «يوم التدريب» 2001 و«شوتر» 2007 و«الملك آرثر» 2004 و«دموع الشمس» 2003 بالإضافة لسنوات طويلة في العمل كمخرج للفيديو كليب. وهذا ما نلمسه في عدد من المشهديات، في هذا الفيلم وغيره.

ومن أبرز المشاهد التي صنعت بعناية، مشهد سقوط العلم الاميركي الممزق.. والمحروق، من أعلى البيت الابيض، بعد ان يقوم بإنزاله مجموعة من الارهابيين الكوريين الشماليين.. ليسقط على الأرض.. وهو مشهد ذو دلالات ومعان كبيرة، نفذ بعناية وصور بالحركة الشبه بطيئة.

خلف العمل الكبير مدير تصوير محترف هو «كونارد هيل» الذي صور الكثير من التحف وفاز بالاوسكار، ومن ابرز اعماله «سبعة» و«الجمال الاميركي» و«نادي القتال» و«بدون حدود» و«الغرباء» وغيرها. صاغ الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقار الكندي ثريفور موريس الذي يحمل ملفه كما كبيرا من الافلام «تدروس» 2007 و«جحيم العيون» 2007 وأكبر كمية من المسلسلات في كندا والولايات المتحدة.

في الفيلم أداء رفيع المستوى لنجوم العمل، بالذات مورغان فريمان، بدور رئيس الكونغرس الذي يتسلم قيادة الولايات المتحدة في ظل غياب الرئيس الاميركي ونائبه، إثر اختطافهما.

وتتألق ايضا النجمة السمراء العائدة انجيلا باسيت وهنا تقدم دور مسؤولة الدفاع السري، والتي تقوم بدورها بتكليف العميل السري الموجود في البيت الأبيض بعد احتلاله من قبل الارهابيين الكوريين الشماليين بأن يقوم بمهمته.

مشهديات مهاجمة البيت الابيض نفذت بعناية تجعل المشاهد يبدو مشدوها.. للحرفية السينمائية والاستخدام المتطور للمؤثرات الخاصة.

وعلى الصعيد النقدي، شخصياً، أرى في الفيلم مساحات من التكرار من افلام سابقة مثل «داي هارد» و«تيكن» و«رامبو» ولهذا يفتقد الريادة والخصوصية الا في شيء واحد.. وهو أن يكون الارهابي كوريا شماليا.

الفيلم بلغت كلفته 40 مليون دولار، نصفها ذهب الى الكلفة المرتفعة للعمليات التقنية والفنية والمؤثرات، ومدته 120 دقيقة، وهو من انتاج «ميليميوم فيلمز» و«ني ايميج فيلمز» وكم آخر من الشركات التي تعاونت من أجل تحقيق هذا العمل الكبير.

ويبقى أن نقول..

نحمد الله ان هوليوود التفتت الى صناعة وجه جديد للارهاب.. بعد أن شبعت من العرب والمسلمين تنكيلا.. وتشويها.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

31/03/2013

 

سوسن بدر:

أنا محظوظة وأخذت حقى «تالت ومتلت» 

أميرة عاطف 

تسكن الموهبة فى كرات دمها البيضاء، فتمنحها مناعة ضد تقديم أدوار تقليدية، أو أعمال لا تحمل رسالة للجمهور، لذلك لم تكن سوسن بدر مجرد رقم فى سجل الفنانين المصريين، لكنها رمز للممثلة صاحبة الرؤية والموهبة.

سون بدر التى تواصل حاليا تصوير دورها فى مسلسل «الوالدة باشا» تمهيداً لعرضه فى شهر رمضان المقبل، قالت لـ«المصرى اليوم» إنها لا تشغل نفسها بالبطولة المطلقة بقدر ما تهتم بالرسالة التى يحملها العمل.. وإلى نص الحوار:

ماذا عن تجربتك فى مسلسل «الوالدة باشا»؟

- هى تجربة رائعة بكل المقاييس، لأن العمل يحمل رسالة مهمة، والمسلسل من تأليف محمد أشرف وإخراج شيرين عادل، ويشارك فى البطولة صلاح عبدالله وآيتن عامر وأحمد مراد وعبير صبرى، وأجسد من خلاله شخصية «الوالدة باشا» وهى أم تتحمل مسؤولية أسرتها وتواجه الحياة بمفردها بعد وفاة زوجها، وتتعامل مع أبنائها باختلاف شخصياتهم واحتياجاتهم، فلديها ابن لم يكمل تعليمه فتقف بجانبه، بينما الابن الذى يستكمل تعليمه ينحرف عن الطريق الصحيح فتحاول تقويمه، فهى رمز للأم المصرية التى «تحابى على أولادها».

ما سر حماسك لدور الأم فى «الوالدة باشا»؟

- تعودت ألا أبحث عن دور فردى، وعندما قررت تقديم «الوالدة باشا» كان قرارى نابعاً من إعجابى بالقصة ككل، وبالرسالة التى تريد تقديمها والفكرة التى تطرحها.

هل يتعرض المسلسل للأحداث التى تعيشها مصر حاليا؟

- المسلسل يدور فى إطار اجتماعى، ولا يمكن فصل الواقع السياسى عن الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية، وإذا تطرقنا إلى أى نقطة ستصل بنا إلى الأخرى دون قصد.

لماذا تحرصين على التواجد فى الدراما التليفزيونية بشكل دائم؟

- لأننى لا أستطيع أن أتخيل موسم رمضان بدون وجودى فيه، فأنا أحب المشاركة به، وأشعر بالسعادة لأن كل بيت فى مصر عندما يفتح التليفزيون يجدنى بداخله، بمعنى أننى «برمضن معاهم».

لماذا تأخر تقديمك للبطولة المطلقة على الشاشة الصغيرة رغم أهمية أدوارك التليفزيونية؟

- لا أعرف معنى البطولة، هل هى أن أقدم مسلسلاً من «الجلدة للجلدة» بمفردى، ومع ذلك قدمت أدوار بطولة مع الفنان نور الشريف فى «الدالى» ومع عمر الشريف فى «حنين وحنان»، أما إذا كان المقصود هو أن يكتب العمل باسمى، فهذا الموضوع ليس له أهمية بالنسبة لى، لأن ما فائدة أن يكون العمل باسمى ويفشل، فالأهم أن يقدم الفنان دوراً له معنى يترك بصمة فى مشواره الفنى.

إذن ما مقاييس اختيارك لأدوارك؟

- يهمنى العمل بأكمله، وما يريد تقديمه للناس، ومدى أهمية فكرته ومضمونه، وهل هو مفيد للمجتمع حتى لو كان كوميديا، فعلى سبيل المثال مسلسل «عايزة أتجوز» كان يناقش قضية العنوسة وارتفاع سن الزواج وهى قضية مهمة جدا، كما أننى عندما أتلقى دوراً جديداً، أسأل نفسى: هل قدمت هذا الدور من قبل أم لا، وما الجديد الذى سيضيفه لى وأضيفه له؟

هل هناك دور لاتزالين تحلمين بتقديمه؟

- كنت أحلم بدور شجرة الدر، وحاليا أقدمه على خشبة المسرح فى عرض «المحروس والمحروسة»، لكنه ليس الحلم الوحيد أو الدور الأخير الذى أتمنى تقديمه، لكننى حالياً لا أعرف ما هو الحلم القادم.

هل ترين أن الممثل الموهوب قليل الحظ؟

- إطلاقا، فأنا أرى نفسى ممثلة محظوظة، وأخذت حقى «تالت ومتلت»، وأعتقد أن الاجتهاد أهم من الحظ، خاصة أننى لا أؤمن بمقولة «حظى سيئ»، فهذه شماعة المتكاسلين بدليل أن إتقان الممثل لمشهد واحد قد يجعله دور عمره.

المصري اليوم في

31/03/2013

 

موت الجنة

قراءة في فيلم "الغاضبون" للمخرج توني جاتليف

الأقصر-رامي عبد الرازق 

في عام 2012 عرض في افتتاح الدورة الرابعة عشر لمهرجان سالونيك الدولي للأفلام التسجيلية الفيلم الفرنسي"الغاضبون" للمخرج الفرنسي من أصل جزائري توني جاتليف والمستوحى من كتاب المفكر الفرنسي الكبير"ستيفان هيسل" وقتها كانت اليونان في ذروة الاحتقان الشعبي والمظاهرات المحتجة على سياسة التقشف التي فرضها الأتحاد الأوربي على الدولة المتعثرة, ومن اليونان اشتعل فتيل الأزمة في اكثر من دولة اوروبية وكان الربيع العربي آنذاك لا يزال مفعوله في شاشات الأذهان التي تابعت الأنتفاضات العربية المتوالية ضد الفساد السياسي والتردي الحضاري.

وسط الأجواء الأنفعالية وقتها بدا الفيلم وكأنه احتفاء بالأنتفاضة الغربية ضد الرأسمالية في حين أن المتعمق في قراءة دلالات الفيلم واشارته يكتشف أنه اقرب لضحكة ساخرة من الانف تتهكم على تلك المظاهرات وتتنبأ بأنها لن تغير شئ لأن الأزمة اكبر من مجرد القرارات الأقتصادية والمشاكل المالية ولكنها ازمة حضارية متجذرة في اوروبا كلها.

من هنا تأتي أهمية اعادة عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته الثانية(15-24 مارس) وذلك بعد عام كامل من عرضه الأول وكأنه تأكيدا على كونه نبوءة تحققت ونظرة سودواوية لعالم لا يتغير بالكلمات الساخطة.

جاء الفيلم ضمن 18 فيلما هم مجموع افلام المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة بالمهرجان والذي لا تصنف لائحته الأفلام على اساس النوع ولكن على اساس المدة الزمنية وقد حصد جائزة احسن فيلم التونسي"مانموتش" للمخرج نوري بو زيد بينما حصلت مصر على جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلم"الخروج للنهار" إخراج هالة لطفي في اولى تجاربها.

كائن فيلمي

الوقوف على التصنيف النوعي لاي فيلم هو أولى مفاتيح قراءته رغم رفض العديد من النقاد لفكرة النوعية, صحيح ان ثمة افلام تستعصى على التصنيف النوعي خاصة مع تعدد الأنواع بداخلها بل واحتقارها لفكرة النوع من الأساس إلا أن تحديد النوع يشبه في كثير من الأحيان تحديد جنس المولود.

هنا نحن امام كائن فيلمي وهو ليس تصنيف معترف به نوعيا لكنه اقرب للتوصيف, فجاتليف لا يرتكن إلى شكل سينمائي محدد أو صارم, يتعامل داخل اطار الصورة بحرية تكاد تكون اقرب للفوضى الخلاقة أو الأصرار على دمج المتغير بالثابت والطازج بالنمطي وما بعد الحداثي بالكلاسيكي والتاريخي في نفس الوقت.

يعرف الناقد الفرنسي أولييفه بارلييه في ورشة النقد التي اقيمت على هامش مهرجان الأقصر والتي كان فيلم الغاضبون احد الأفلام التي تناولتها بالدراسة, يعرف الفيلم على أنه "مقال سينمائي يميل للتجريببة" ولكننا اميل لمصطلح"الكائن الفيلمي" نظرا لانه يحتوي على اشارة لوجود روح حية بالفيلم ونمو واضح ومطرد رغم امتلائه بالأكلاشيهات التي تحد من بريقه.

شاطئ الجنة 

الموت هو بوابة الجنة, كيف ندخل الجنة دون أن نموت! يأخذنا جاتليف في المشهد الأول من فيلمه لتوصيف ساخر لفكرة الموت من أجل دخول الجنة, عبر البحر والغرق تصل المهاجرة الغير شرعية السمراء, واللون والوصف هما ما يحددان الأبعاد الأساسية للشخصية الوحيدة المؤلفة بالفيلم, والتي نتصور في البداية أنها البطلة-بالمفهوم الكلاسيكي-ولكننا ندرك مع استطراد الأحداث انها مجرد متفرجة مثلنا ولكنها تشاهد الفيلم من داخله.

الجنة المقصودة في المشهد هي اوروبا اما الموت فنراه متلخصا في لقطة طويلة تتابع عدد كبير من الأحذية مختلف الأشكال والماركات يلقيها اليم بالساحل, أحذية ميتة هي أخر ما تبقى من اصحابها المهاجرين الغير شرعيين الذي يلقون بأنفسهم في الجنوب إلى البحر علهم يصلون إلى جنة الشمال اوروبا.

هنا تتجلى اولى اساليب الفيلم التعبيرية , المجاز البصري واللقطة الطويلة المشحونة بدلالات كثيرة نابعة من موتيفة واحدة لكنها شديدة القوة والحضور.

عندما تصل الفتاة إلى الشاطئ تجري سريعا عبر حقول ذهبية واسعة تريد أن تهرب من  رصدها عبر خفر السواحل او حراس الشاطئ, لقطات واسعة لجريها وسط الحقول وصوت لهاثها المضطرب الخائف والغير واثق حتى الان من بلوغها"الجنة"يحتل شريط الصوت, اخيرا تسقط ارضا وتغطيها اعواد الشعير الذهبية واشعة الشمس التي تضوي في قوة.

أهمية المشهد الأول في اي فيلم هو انه يمثل غالبا اما الكود الذي يفك شفرة الصور الفيلمية اللاحقة له بأكملها او الفخ الذي ينصبه صانع الفيلم للمتلقي كي يستدرجه إلى افكاره, كأن يضع أحدهم صورة في ذاكرتك كلما تقدمت في رحلتك تعددت تأويلاتها واختلفت زوايا النظر إليها عبر تفاصيل الرحلة خطوة بعد خطوة.

الكاميرا العليمة ونصف المتلقي

في الفصل الأول من الفيلم أذا ما كان ثمة فصل أول بالمعنى الكلاسيكي يستخدم جاتليف الرمز والمجاز في شكلهم الحداثي ويضعنا أمام تصوره الخاص عن المهاجرة السمراء, تستعرض لنا الكاميرا في لقطات ثابتة اماكن كثيرة في العاصمة اليونانية حيث يقبع ويسكن وينام ويلتحف الفضاء المهاجرين الغير شرعيين, اننا لا نراهم في الكادر ولكننا نستوعب تفاصيلهم المتمثلة في اماكن النوم ومستلزمات حياة الشوارع وغياب المآوي في توازي فكري وبصري مع فكرة الأحذية الميتة الملقاة على الشاطئ.

ويزيد المخرج على ذلك بأن يكتب على الشاشة اسم كل شخص فوق موضع نومه بالأضافة إلى عمره, لنكتشف اننا امام شعوب بأكملها تتراوح اعمارها ما بين العام والسبعين عاما, يكثف لنا الأسم سواء كان عربيا أو فارسيا او لاتينيا أو اسيويا طبيعة الجنسيات المهاجرة ويكتمل التجسيد بذكر العمر كي ندرك في تلك اللقطات المجازية حجم مآساة الهجرة الغير شرعية, والتي تصورها سينما الأكلاشية على انها مجرد هجرة من شباب يريدون المال والنساء والحرية في اوروبا.

ونتوقف هنا لنتساءل, من الذي يستعرض تلك الأماكن ولمن؟

 من هو المرسل ومن هو المستقبل!

في الحقيقة فأن وجهة النظر الذاتية التي ترصد بها الصورة شرائح المهاجرين ليست وجهة نظر المهاجرة السمراء لسبب بسيط وهو أن المعلومات الواردة على الشاشة هي معلومات من المستحيل أن تكن على دراية بها, انها معلومات"الكاميرا العليمة"والتي توازي الراوي العليم في الرواية, أما المُستقبل فأنها المهاجرة السمراء نفسها والتي تلخص نموذج المهاجرين الغير شرعيين من وجهة نظر المخرج.

نلاحظ أنها"سوداء"افريقية بكل ما يحمله"السواد"من دلالات الجنوب والعبودية والفقر وبقايا الكولونيالية وتوحش الرأسمالية, وهي لا ترتدي سوى ملابس واحدة طوال الفيلم رغم مرور الأيام وخروجها من بلد لبلد ليس فقط لانها مهاجرة فقيرة ولكن لأنها في مستواها التجريدي نصف انسان نصف متلقي

هنا تكمن تحديدا أحد ازمات الفيلم, فالفيلم الجيد هو ما يمنح مساحة للمشاهد كي يباشر فيها حرية التلقي على حد قول سارتر وكلما اتسعت المساحة دون اغتراب او عدم فهم كلما وجد المشاهد نفسه في حالة تعاطي مستمر مع افكار الصورة وعمقها, ولكن جاتليف هنا يقرر أن يختصر جزء من المساحة المتفرض منها للمشاهد لكي يختص بها المهاجرة السمراء, فكأنه لا يرينا فقط ما ترصده عدسته أو يعتمل في ذهنه ولكنه يشركها معنا ايضا في تلك الرؤية, فهي اذن نصف المتلقين في الفيلم ونحن النصف الأخر.

عند هذه النقطة يمكن أن ندرك لماذا اصابتنا تلك الفتاة بالتشوش, لماذا لم نشعر أن لها دور حقيقي سواء في رصد الاحداث أو التعاطي معها! لماذا شعرنا انه من السهل الأستغناء عنها دون ان تؤثر على تفاصيل الفيلم؟ لانها باختصار ليست شخصية بداخله بل هي متلقي مثلنا كل ميزتها أنها حاضرة امام الكاميرا وليس خلفها.

ثعلب ايزنشتاين

بعد أن يفرغ جاتليف من عرض نظرته حول المهاجرين الغير شرعيين ينتقل في الفصل الثاني من فيلمه إلى الازمة الحقيقية التي يريد أن يتحدث عنها أو المقدمة المنطقية بلغة الدراما الكلاسيكية والتي يمكن أن نطلق عليها أزمة"موت الجنة".

فأوربا من وجهة نظر جاتليف لم تعد هي الجنة التي يسعى إلى بلوغها بالموت –كما في المشهد الأول- انه عالم يعاني من حالة ابوكاليبسية فاضحة(انيهار العالم كما نعرفه), يبدأها المخرج بمشهد تلصص المهاجرة على راقصة فلامنكو غجرية تضرب الأرض بقوة وسط قصاصات كثيرة ملونة من الورق تتساقط حولها في بيئة كرنفالية غريبة, يركز المخرج في شريط الصوت على ضربات الراقصة فوق ارضية الرقص الخشبية وعلى ملامحها الصارمة وحركاتها العنيفة المتقنة, ثم ينتقل إلى المظاهرات التي هزت اليونان عقب اعلان خطة التقشف والأعتراضات الشعبية التي تتخذ من الغناء والرقص والموسيقى الحماسية اطار لها.

هذا الأنتقال هو بداية ظهور اسلوب المونتاج الذهني او التكنيك الكلاسيكي المعروف الذي اسس له المخرج الروسي الكبير سيرجي ايزنشتاين والذي يختلف تماما عن الأسلوب الشعري أو الرمزي المكثف والمتجسد داخل اللقطة الذي بدأ به المخرج فيلمه.

يقول الباحث السينمائي ممدوح شلبي في مقاله عن ايزنشتاين منهجة واسلوبه والمنشور في الموقع المصري عين على السينما(اسس أيزنشتاين اسلوب مونتاج جديد، ذلك المعروف باسم المونتاج الذهنى او الدعائى او التحريضى، وهو الاسلوب الذى يقول بضرورة الاختيار القصدى للقطات بمعزل عن سياق الحدث، ضمن خلق كل ما من شأنه احداث التأثير النفسى فى ابلغ صوره) ويدلل الباحث على هذا الاسلوب بمثال من أعمال ايزنشتاين(فى فيلم "اضراب" الذى يعيد تجسيد عملية القمع التى مارسها جنود مدينة سار على المضربين، مزج ايزنشتاين بين لقطات للعمال يتساقطون تحت نيران المدافع وبين لقطات لذبح الخراف فى المذبح)

هنا قام توني جاتليف بعملية مونتاج متوازي بين رقصات الغجرية وبين المظاهرات التي هزت اوروبا- ولا ننس ما للغجر من دلالات لها علاقة بالخروج عن المألوف والمعتاد والقاعدة-

ثم يستمر المخرج في هذا الاسلوب فيقدم لنا مشهدا –مدرسيا- حول ثعلب يدخل إلى عشة فراخ فيلتهم احداها, ويخرج من المشهد على المظاهرات التي تندد بالرأسمالية والازمة الأقتصادية وهكذا.

هنا تتجلي أيضا ثاني مشكلات الفيلم وهو ان التعبير عن الثورة او الاحتجاج عبر استخدام شكل كلاسيكي يفقدنا الشعور ببهجة السرد الطازج وقوته, والسؤال هو : ما الذي يدفع المخرج للعودة إلى هذا الأسلوب في فيلمه/كائنه السينمائي؟؟

هل هي رغبة في اشعار المتفرج أن ثمة حالة ارتداد إلى الوراء وانهيار للحضارة الغربية عبر اعادة إنتاج نفس الأسباب التي ادت قبل قرن كامل إلى انهيار دول واختلال موازيين القوى والحروب العالمية!!

هل هي تلك النظرة التشاؤمية التي تحدثنا عنها حول لا جدوي ما حدث وأن الرأسمالية والفساد الأقتصادي لا سبيل للخروج منهم بالمظاهرات الراقصة والأغاني الحماسية وبالتالي يقدم المخرج ذلك بشكل كلاسيكي/مدرسي على اعتبار أنه امر واضح وبديهي ولكن لا أحد يريد أن يتقبله!!

ثمة قراءات متعددة لأستخدام أسلوب المونتاج الأيزنتشتايني ولكنها بلا شك لا تمثل نقطة قوة في صالح الفيلم, خاصة مع الطول النسبي لمشاهد المظاهرات ثم اعادة تأويلها مونتاجيا عبر استخدام احالات مصورة كما ذكرنا في مشهد الثعلب وعشة الفراخ.

موت الجنة

يجب ان ننبه إلى أن الفيلم تم تصويره من داخل المظاهرات التي شهدتها اوروبا خلال عام 2011 اي ان اغلب المادة التي ظهرت على الشاشة هي مادة وثائقية بحتة لكن المخرج يضيف لها عنصر"موكيومنتري"اي وجود عنصر تمثيلي داخل السياق الوثائقي وهي الفتاة السمراء, وفي خروج عن السياق الذي ارتسمه لها كمشاهدة للاحداث يقدم جاتليف مشهد شديد الدلالة فكريا وسياسيا ليخدم به فكرته الأساسية عن"موت الجنة"حين يجعل تلك الفتاة اثناء أحد المظاهرات في البرتغال تمد يدها بتفاحة- ونلاحظ هنا دلالة التفاح وارتباطه بفكره الخروج من الجنة- إلى احد المتظاهرات الشابات في مظاهرة راقصة.

في هذا المشهد أكثر من دلالة واضحة, أولها ان المهاجرة هي التي تعطي التفاحة للمواطنة ساكنة البلاد وليس العكس, العطف هنا والتعاضد يأتي بشكل عكسي تماما من الوافد للمقيم وليس من المقيم للوافد لأن المقيم صار بحكم الأزمة والأنهيار تماما كالوافد في بطالته وحلمه بالأفضل الذي لا يتحقق.

ان المهاجرة السمراء تقضم من التفاحة ثم تعطيها للفتاة ثم تشاركها الهتاف الراقص دون أن تعي اللغة ولكنها تجد نفسها مضطرة إلى ذلك كي تصبح جزء من واقع هذا البلد وتلك الجنة.

لقد حاولت أن تتعايش كمهاجرة تبيع الماء بثمن بخس من أجل لقيمات قليلة لكن لم يجد هذا في بلاد اعلنت افلاسها وفقد الآلاف موارد رزقهم, فما كان منها إلا أن قررت أن تندمج وسط المظاهرات للمطالبة بتحسين احوال"الجنة" كي تعيش حلمها بعد أن اكتشفت زيف الواقع وموت الأمل.

تحذير أخير 

يختم جاتليف فيلمه بمشاهد واسعة لمدينة تحت الأنشاء خالية تماما من البشر, ومشاهد المدن الخالية من البشر هي اشهر مشاهد تيمة الأبوكاليبس(نهاية العالم),ان تتابع المشاهد منذ اشتراك المهاجرة السمراء في المظاهرات والذي يبدو بارقة أمل من أجل التغيير أو الأفضل ثم اتباعها بمشاهد المدن الخالية ثم المهاجرة السمراء تسير فيها بمفردها يقودنا إلى تلك الذروة العدمية التي يريد بنا أن نصل لها, في لقطة واسعة تجلس الفتاة تحت احد رسوم الجرافيتي المكتوبة بخط عريض ومفادها أن الاوهام والزيف اصبحوا هم المسيطرين على العالم, تجلس الفتاة اسفل تلك الجملة يائسة وكأنها ادركت الأن فقط أن ما هربت منه في بلادها لم تجد حالا افضل منه هنا.

لا ننس أن المخرج وباستخدام المونتاج المتوازي خلال الفيلم لم يخف علينا نظرته التشاؤمية خاصة انه عقب كل مشهد من مشاهد المظاهرات كان يقدم لنا رسمة الجرافيتي الشهيرة لملاك الأمل الذي يضع وجهه بين يديه يائسا, وكأنه يقول لنا لا تسعدوا بتلك الأحتجاجات ولا تأملوا من ورائها التغيير فحتى ملاك الأمل اصابه اليأس لأنه أدرك اللاجدوي التي تنتظر حماسة الجميع.

في المشهد الأخير وبعد ان تركن الفتاة إلى النوم في أحد الأماكن الخالية في المدينة التي تحت الأنشاء وبينما هي تردد في ذهنها عبر شريط الصوت"ان كل شئ سوف يكون على ما يرام" تنطلق صفارات الأنذار لتعلن عن اغلاق الموقع, وفي لقطة واضحة الدلالة بالكادر الواسع تغلق بوابة سلكية ضخمة منفذ الخروج امام الفتاة لتجد نفسها محبوسة داخل قفص كبير تطرق الباب بشدة ولا من مجيب, وتستمر الطرقات عالية قوية, مصحوبة بجملة الفتاة بأن كل شئ سوف يكون على ما يرام.

ولكننا لا نعد نراها بل ينتهي الفيلم على المدينة وهي خالية من البشر وقد تحولت إلى قفص كبير احتجزت فيه الفتاة التي جاءت مهاجرة من أجل أن تتحرر فوجدت نفسها في سجن جديد فالجنة صارت خالية وتحولت إلى قفص هائل لا سبيل للفكاك منه بينما الجملة التي ترددها الفتاة يعيد المخرج تكرارها وكأنه يسخر منها! فكيف بعد كل ما رأيتيه بعينيك خلال تجوالك في اوروبا يمكن أن تعتقدي ان كل شئ سوف يكون على ما يرام! لقد سعيت إلى الفخ بقدميكِ وها أنت تدركين أن الجنة ماتت وأن الأمل أنتهى.

يبق فقط أن نربط الجملة الأخيرة التي تقولها الفتاة بتلك التي تبدأ بها خطابها إلى ذويها واهلها في بلدها الجنوبية البعيدة بمجرد أن تطأ اقدامها الشاطئ في بداية الفيلم, وهي تجري وسط الحقول نسمعها تكتب ذلك الخطاب إلى اهلها وحين ندرك عبر الفيلم أنها ليست البطلة بل مشاهدة مثلنا ندرك أن هذا الخطاب موجة من المخرج إلى كل من هم على شاكله الفتاة من المهاجرين الحالمين بجنة اوروبا, انه يحذرهم من القدوم إلى هذا العالم الذي ينهار ولم يعد فيه أمل ولا فردوس أرضي أو سماوي.    

معسكرات اعتقال الغجر:

تاريخ منسي يُعاد وثائقيا

قيس قاسم 

من منا لا يعرف ما تعرض له اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية من اضطهاد على أيدي النازيين؟ ومن منا لم يسمع بمعسكرات اعتقالهم وما لاقوه من امتهان في "أوشفيتز"، المعسكر، الذي لكثرة ما تردد في كتب التاريخ وما نقلته الفنون وبشكل خاص السينما من قصص مروعة جرت فيه، اقترن اسمه مباشرة بالهولوكوست اليهودي، بل وصار رمزاً لبشاعة النازية وقسوتها ضدهم. هذا كله جزء من تاريخ كان لابد من أن يُحكى، ليتذكره العالم، من أجل منع تكراره ثانية، لكن المفارقة الكبرى ان التاريخ لا ينصف الضحايا دوماً، بل ينسى في مرات كثيرة تراجيديات بشرية، فينساها العالم بدوره، ان لم يكن هذا العالم يريد طمسها من ذاكرته بتعمد، كما هو حال الغجر في أوربا آبان الحرب العالمية الثانية، الذين أراد الفرنسي الكسندر فرونتي انصافهم واعادة كتابة جزء من تاريخ اضطهادهم بصرياً في وثائقي حمل عنوان "مونتريل ـ بيلاي معسكر اعتقال الغجر المنسي" وعاد فيه الى سنوات اعتقالهم في المعسكرات النازية عام 1940 وراجع أوضاعهم قبلها عبر عملية "اعادة خلق" كتبت بالأبعاد الثلاثية وجسدت، تعويضاً عن الخامة الوثائقية، صورة الأمكنة التي اعتقلوا فيها وبشكل خاص معسكر "مونتريل ـ بيلاي" القريب من قرية ساومور الفرنسية، والذي لم يبقى منه أثر بعد هدمه بسنوات قليلة على انتهاء الحرب.

لابد من الاشارة، بدءاً، الى أن مرجعية الكسندر فرونتي في وثائقيه الجديد تعود الى منجزات المخرج الفرنسي الغجري توني غاتليف صاحب مجموعة أفلام عدة عن أبناء جلدته من بينها رائعته؛ "غاديو ديلو ـ الغريب" و"الحرية"، الذي استعان فرونتي بما تضمنه من تفاصيل عن حياة الغجر في معسكرات الإعتقال النازية وضمها الى وثائقيه، دون أن يقلل ذلك من طليعيته كونه من القلة التي عالجت سينمائياً موضوعاً حساساً يخص مجموعة بشرية لم يعالجها وثائقي على غرار ما  عالجه "مونتريل ـ بيلاي معسكر اعتقال الغجر المنسي"، بمنظور تاريخي اجتماعي يحيط بمرحلة طويلة تتجاوز كثافة فيلم "الحرية" وبتناول مختلف فرضته طبيعة النوع الذي اشتغل عليه، مضافاً اليه تعامله مع المخرج غاتليف نفسه كواحد من شخصيات وثائقيه الرئيسة ومن لهم الفضل في تعريف المجتمع الفرنسي بما عاناه الغجر على أيدي النازيين، وكأنه بهذا يزاوج بين الروائي والوثائقي أخلاصاً لمنجزه وأمانة له.

التمييز العنصري ضد الغجر في فرنسا سبق اعتقال النازية لهم في معسكرات بعقود، ولهذا وحين طلب المحتل من السلطات المحلية الفرنسية تولي عمليات سجنهم داخل مناطق سيطرتهم، تلقوها بترحاب وقاموا بمهتهم خير قيام. خلال مراجعته التاريخية لأحوالهم يتبيَّن حقيقة الموقف منهم، على المستويين الشعبي والرسمي. ففي عام 1912 أصدرت السلطات الفرنسية قراراً أجبرت فيه الغجر أو "الرُحل" كما كانوا يسمونهم، على حمل جواز عبور غرباء، يبرزونه للسلطات ورجال الشرطة  كلما أرادوا عبور منطقة ما الى أخرى. كان هذا قبل اصدار الهويات الشخصية وبعد عقدين من الزمن أصدرت فرنسا أمراً جديداً منعوهم بموجبه من السفر بين الدول وتوجته في عام 1940، خلال الحرب العالمية الثانية، بقرار اقامتهم الاجبارية في مخيماتهم تحت ذريعة "خيانتهم" للوطن وأن تحركاتهم وانتقالاتهم المستمرة يشكلان خطراً على الأمن القومي، ولذلك حين جاء الألمان والزموهم معسكرات اعتقالهم لم يتغير الأمر عليهم كثيراً إلا مقدار الصعوبات الجديدة التي أضافوها لهم، وأشدها تطويقهم خلف أسوار عالية. لقد طوقوا "شعب الريح"! تصوروا كيف للريح أن تحجز.

أكثر ما كان يغيض الغجر اتهامهم بالخيانة، وشهادات من التقى بهم الوثائقي تصرخ بالغضب، لكونهم عُرفوا ولقرون بأنهم لم يتدخلوا في السياسة وأنهم لم يبيعوا أحداً، وانهم فرنسيون لم يخونوا بلدهم فلماذا يتهمهم "أخوانهم" بالخياة. سيدرك لاحقاً الغجر الفرنسيون بأن ادعاء سلطاتهم كان ملفقاً وانهم استغلوا طلب الألمان ليوغلوا في كراهيتهم لهم، وان ادراتهم لمعسكرات اعتقالهم كانت مبعث سعادة لهم، بل أن فعل الاعتقال كان يعبر عن مكنوناتهم ويفضح موقفهم الاجتماعي منهم. حتى الناس كانوا ينظرون اليهم عبر أسلاك المعسرات وكأنهم مخلوقات ناقصة ويشيرون اليهم همساً وكان بعضهم بصوت مسموع "تعالوا وأنظروا اليهم لم يعد بمستطاعتهم سرقة دجاجاتنا بعد اليوم!. كان سجنهم في المعسكرات يعني موتهم مرتين. أولاً لجهلهم سبب اعتقالهم فيها، وهم الذين لم يرتكبوا جرماً ما ليعاقبوا عليه؟. كان السؤال هذا يؤلمهم بل ويُدفنهم وهم أحياء، فحجز "الرُحَل" كان يعني موتهم ثانية، موت ثقافتهم المتأصلة على الرحيل. لقد تجسد الموت لبعضهم لحظة خروجوهم من المعسكرات وصطدمتهم بالفراغ. فراغ مخيف شعروا به حين لم  يجدوا لا عرباتهم ولا خيولهم في انتظارهم. لقد فقدوا معنى حريتهم الحقيقة في المعتقل وخارجه، وعن هذا عبر أحد شهود تراجيدتهم "المنسية" حين سألوه لماذا يعيش حتى اليوم داخل عربة على أطراف مدينة حديثة، قال "ولدت في عربة وسأموت داخل عربة!". 

شهادات السجناء وبمساعدة الصور المعادة رسمها للمعسكرات نفسها والمأخذوة عن علو بالطائرة، كتبت تاريخاً طويلاً من العسف لم يُدرس في المدارس الفرنسية ولم يوثق في كتب تاريخها، ومن هنا سنفهم لماذا سمح مخرجه بعرضه على طلاب المدارس ولماذا سبقه  توني غاتليف بطلب مشابه من منتجه للسماح له بعرض فيلم "الحرية" مجاناً للغجر، حتى يطلعوا على جزء من تاريخهم المنسي أو الذي يريد كُثرٌ تناسيه، كما يرى المؤرخ جاك سيغو المساهم المهم في التعريف بثقافتهم وكشف الموقف السلبي الاجتماعي والسياسي منهم، على غرار وثائقي الكسندر فرونتي الذي جاء كشهادة صارخة ووثيقة سينمائية حية عن معسكرات اعتقال نُسيَّت ظلماً

الجزيرة الوثائقية في

31/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)