حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جائزة الطبطبة !!

طارق الشناوي

30/3/2013 2:37 ص

 

فى كل المهرجانات تظل العصمة بيد لجنة التحكيم، وتبقى مسؤولية المهرجان فى اختيار المحكمين، ليتحدد عن طريق توجهاتهم إلى مَن ينحازون، وعبرت لجنة تحكيم مهرجان الأقصر أن هناك توجها للسينما التقليدية فى بنائها، عندما منحت الجائزة الكبرى للفيلم التونسى «مانموتش» وجائزة لجنة التحكيم لفيلم «نيروبى نصف حياة»، وعلى سبيل «الطبطبة» فقط لا غير حصل «الخروج للنهار» لهالة لطفى على شهادة تقدير.

كان هذا الفيلم واحدا من أفلام قليلة منحتنا بصيصا من نور لسينما قادمة، تضع مصر فى المكانة التى تستحقها.

تفاصيل دقيقة لواقع الحياة الذى يتجاوز حدود الفقر إلى الانسحاق أمام القدر، ورغم ذلك ومهما اشتدت قتامة الصورة يبقى هناك انفراجة قادمة.

ما تراه على الشريط يتجاوز ما يمكن أن نطلق عليه الصدق، إنها الحياة التى تمر رتيبة على تلك الأسرة المكونة من أب عاجز مشلول غير قادر على التواصل مع الحياة، وأم تعمل ممرضة بالمستشفى صنعت حولها سياجا من البرودة فى المشاعر، وابنة لا تجد حتى بقايا الحياة لتعيش عليها.

الأب على السرير غير قادر على رعاية نفسه، الابنة تبدو أشد اقترابا للأب. الحوار شحيح يكاد تفلت منه بين الحين والآخر، مجرد شذرات هنا أو هناك، الصمت يسكن هذا البيت، ولكن بلاغة التعبير السينمائى هى الوجه الآخر للسكون. فى هذا البيت الصغير ترى مصر الآن، لا أتحدث عن مصر قبل أو بعد الثورة، ولكن مصر التى تعيش الحياة، بينما هى فى الواقع تموتها.

السرير كان هو البطل، والمرتبة الطبية الرخيصة نسبيا الكورية الصنع كانت هى الأمل الذى سعت الابنة لشرائها لأبيها، ولو بالتقسيط، وينتهى الأمر فى المشهد الأخير ونحن نرى الأم وهى تقوم يدويا بتنجيد المرتبة وتُخرج القطن العطن، بينما تسأل الابنة عن مكان دفن الأب. لم يجدوا لهم مكانا على الأرض، فهل يعثروا على مكان تحت الأرض.

الصورة القاتمة التى تنضح بالتلقائية فى الأداء تتجاوز الواقع إلى معنى الحقيقة، تذوب تماما على الشاشة كل المفردات السينمائية وكأنك لا تراها، كسرت المخرجة الحاجز الدرامى لتُقدم لنا قطعة من الحياة، ولهذا فإن الإضاءة تكاد تختفى تماما، ولا تشعر أنك بصدد ممثلين أمام الكاميرا، وتلمس ذلك بقوة فى أداء الممثلات دنيا ماهر الابنة، وسلمى النجار الأم، بينهما حالة من التناغم فى الأداء، وكأنها مباراة تنس طاولة، تتحرك فيها الكرة برشاقة ولا تسقط أبدا.. الأب أحمد الشرف لم ينطق بكلمة واحدة، ولكن كانت عيناه تصرخ بالاستسلام للقدر الوشيك القادم لا محالة، واستوقفتنى ممثلة قدمت مشهدا رائعا فى الفيلم وهى دعاء عريقات.

المنزل هو الساحة الرئيسية للأحداث، يبدو قطعة مصرية تشم فيه رائحة الناس، نتابع الفتاة وهى تُمسك بالقليل المتاح لها، تحاول أن تتزين عند الكوافير، إنها لا ترتدى الحجاب، وعلى الفور وفى الميكروباص تعتقد جارتها فى المقعد أنها مسيحية، هذه الفتاة تؤدى دورها، دعاء عريقات لم تتزوج بعد وتعانى من حالة كبت أدت بها إلى نوع من الهلاوس، فتذهب إلى الشيوخ لإخراج الجن، وعندما تبوء محاولاتها بالفشل تستجير بالقسيس، إنها الطبيعة المصرية العميقة فى العلاقة مع الأديان.

البطلة مرتبطة بشاب لا نراه، ونكتشف أنه يتهرب منها، اختيارات عبقرية لأماكن التصوير، الوصول للحدود الدنيا فى استخدام الإضاءة. الأماكن التى تجرى فيها الأحداث تكاد تتحول من مساحة جغرافية إلى ملامح خاصة لكل من وما تراه على الشاشة.

لم تستخدم المخرجة موسيقى تصويرية، لأن الشاشة بتفاصيلها كانت تكفى، فما الذى من الممكن للموسيقى أن تلعبه، ثم إنها فى سياق هذا الفيلم تحديدا من الممكن أن تُخرجنا عن الإحساس الدرامى، ولكننا نتعايش فى الأحداث مع أغنية لأم كلثوم «أنا وأنت ظلمنا الحب»، ودويتو غنائى «طال انتظارى» لمحمد عبد الوهاب وليلى مراد.

الحكاية التى يرويها الفيلم تبدو متكررة آلاف وربما ملايين المرات، ولهذا ليست هناك حكاية، ولكن حالة نعيشها على مدى ساعة ونصف الساعة على الشاشة.

هل بطلة الفيلم تستسلم للواقع أم تتحايل عليه. لا يقدم الشريط موقفا ثوريا نتبناه أو نرفضه ولا يعنيه أيضا أن توافق أنت على هذا المنطق الذى تحمله الشخصيات، ليس هذا هو هدف الفيلم، ولكننا فقط نرى مصر ومصريين.

سينما لا تخضع إلا لصدق الإحساس، حقيقة الحياة هى تلك التى عشناها على الشريط السينمائى، ورغم ذلك كان للجنة التحكيم ونصف عددها من المصريين رأى آخر ومنحوه جائزة على سبيل «الطبطبة»!! 

أحمد زكى أمسك الشمس!!

طارق الشناوي

29/3/2013 4:02 ص

من يعرف أحمد زكى يستطيع أن يدرك أنه كان يكتمل فقط أمام الكاميرا.. أحمد قبل وبعد التصوير حروف غير متتابعة لا تستطيع أن تتبين منها شيئا، فهى لا تشير إلى كلمة محددة ولا تشى بمعنى ظاهر أو كامن هو القائل عن نفسه أنا بعيد عن الاستوديو مجرد «شخبطة ع الحيط»، لهذا فأنت لا تستطيع أن تُطل على أحمد وتراه على حقيقته إلا وهو مسكون بحالة إبداعية تحيله إلى حقيقته.. إنه الصورة فى الحياة والواقع أمام الكاميرا، كان أرسطو يقول لتلاميذه تكلم حتى أراك أما أحمد فأنت تقول له قف أمام الكاميرا حتى أراك.

هذا النوع الاستثنائى من الفنانين يتجاوزون بقدرتهم الإبداعية حدود مساحات عقلهم الواعى فى التخطيط والتفكير، ولهذا عندما يتدخل الوعى المباشر فى اختياراتهم يتراجعون خطوات عما أنجزوه بعقلهم اللا واعى، كلما سيطر عليه نداؤه الداخلى اقترب من الحقيقة وأمسك الشمس بيديه.. هم لا يدرسون الشخصية الدرامية التى يشخصونها بمنطق الورقة والقلم، لكنهم يعيشون معها أو بتعبير أدق هى تعيش داخلهم فى أثناء التصوير وأحيانا تظل لها الكلمة العليا بعد انتهاء التصوير.. كلما تعمقت هذه الشخصية فى خيالهم يحدث نوع من التوافق فى المشاعر، التفاصيل الخاصة تُصبح هى تفاصيلهم ويصلون من خلالها إلى مرحلة التوحد.. قرأت أن ماريون كوتيار الممثلة الفرنسية التى حصلت على أوسكار أفضل ممثلة لأدائها دور المطربة الأسطورة أديث بياف فى فيلم «الحياة الوردية»، سألوها عن أسلوبها فى التقمص قالت إنها ظلت عدة أشهر وهى تعيش مثل بياف لم تستطع أن تدخل فى أحاسيس أى شخصية أخرى حتى ماريون لم تعد ماريون. أحمد زكى فى العديد من أفلامه عاش مثل هذه المواقف.. لقد أصيب بآلام حادة فى القولون وشخص الطبيب تلك الآلام بأنها مشكلات صحية لم يعان منها أحمد زكى، ولكنها آلام هشام ضابط أمن الدولة الذى أدى أحمد زكى دوره فى فيلم «زوجة رجل مهم»، كان هذا الضابط يتحرك على لسعات النيران بين فقدانه لمنصبه وعشقه للسلطة.. عانى أحمد زكى كثيرا على المستوى العضوى والنفسى وهو يؤدى هذه الشخصية فانتقلت إليه أعراضها فأصابته، ولم يكن فقط «زوجة رجل مهم» هو الحالة الاستثنائية، بل هناك العديد من الشخصيات الأخرى فى أفلام مثل «أرض الخوف»، و«الهروب»، و«الحب فوق هضبة الهرم»، و«موعد على العشاء»، و«طائر على الطريق»، و«البرىء»، و«أحلام هند وكاميليا» وغيرها وغيرها، كان عاطف الطيب يقول لى إنه دائما ما يحلم بأن يمنحه الممثل درجة من التعبير أمام الكاميرا، ولكن أحمد زكى يتجاوز من فرط صدقه كل أحلامه، كان الوحيد القادر على إدهاشه رغم أنه المخرج.

فى فيلم حليم عندما أصيب قبل أن يبدأ التصوير بسرطان الرئة وبدأ يعانى الضعف والهزال كان يقول أنا مريض وأؤدى دور مريض، ورغم أن هذا الأمر لم يكن فى صالح الشخصية لأن المريض يحتاج إلى إنسان فى كامل صحته لتقمص الدور، ولكن هذه حكاية أخرى، كان أحمد فى كل مراحل مرضه ينظر إلى المرآة ويبحث عن أوجه الشبه بينه وبين شخصيات درامية كان يحلم بها، فصارت تقترب منه على المستوى الشكلى ويرى الوجه الآخر للمرض، محققا عن طريقه أحلامه الفنية المستحيلة!!

أحمد زكى يلعب إبداعيا فى مساحة أخرى ليست هى تلك التى ترى فيها أغلب النجوم. إنه فنان التشخيص الأول فى السينما العربية وبلا منازع.. نعم لدينا نجوم قادرون على الأداء المبهر ويمسكون بالتفاصيل الخاصة بالشخصية ولديهم كاريزما وتواصل وجماهيرية، أذكر مثلا نور الشريف، محمود عبد العزيز، محمود يسن، ومنهم من حقق إيرادات أعلى من أحمد زكى فى أفلامهم مثل عادل إمام، إلا أن أحمد زكى فى تاريخنا السينمائى يحلق فى سماء أخرى يصعب مقارنته بالآخرين حتى إن نور الشريف كان يقول فى فن الأداء أنا أستحق 7 من 10، وأحمد زكى هو الوحيد من جيلنا الذى أمنحه بلا تردد 10 من 10.

إنه الممثل الأول والأهم والأروع بين نجوم التمثيل بشهادة العديد من زملائه.. «الألفة» فى حياته ولا يزال فى نفس المكانة بعد رحيله فهو الوحيد الذى أمسك الشمس! 

آخر ليلة!!

طارق الشناوي

28/3/2013 5:39 ص

فى جلسة خاصة جمعتنى بالمخرج الجزائرى المعروف أحمد راشدى فى إحدى ليالى مهرجان «وهران» قبل خمس سنوات حكى لى تفاصيل الليلة الأخيرة فى حياة عبد الحليم حافظ ليلة 29 مارس حيث مات عبد الحليم صباح اليوم التالى مباشرة عام 1977 لم يشأ أحمد راشدى من قبل أن يروى للإعلام أو للصحافة عن تلك الليلة، فلقد ارتبط راشدى بعبد الحليم فى مطلع عام 70 وذلك بعد أن وقع اختيار عبد الحليم عليه لإخراج قصة «لا» للكاتب الكبير مصطفى أمين.. كان مصطفى يكتب هذه القصة وهو لا يزال قيد الاعتقال، وكان حلقة الوصل بين عبد الحليم ومصطفى أمين الكاتب اللبنانى سعيد فريحة الذى كان يزوره فى السجن بحكم اقترابه من رجال الحكم فى مصر فى تلك السنوات ويحصل منه على القصة مكتوبة ورقة بعد ورقة -على الوجهين- وهذه الأوراق طبقا لما قاله لى راشدى لا تزال بخط يد مصطفى أمين فى بيت راشدى بالجزائر!!

كتب سيناريو وحوار الفيلم حسن فؤاد والذى سبق له أن كتب سيناريو وحوار «الأرض» المأخوذ عن رواية عبد الرحمن الشرقاوى إخراج يوسف شاهين، ولأول مرة كانت رغبة عبد الحليم أن يمثل فقط، بينما أغنياته يستمع هو إليها -خارج الكادر- وكأنها تعلق على الأحداث وتمت كتابة السيناريو طبقا لرؤية حليم.

فى الليلة الأخيرة خرج عبد الحليم حافظ من المستشفى بلندن والتقى فى أحد الفنادق مع راشدى الذى جاء من باريس إلى لندن تلبية لدعوته، حيث كان عبد الحليم -على حد قوله- فى صحة جيدة لا يعانى إلا من جلطة فى الساق وكان الاتفاق بينهما أن يبدأ التصوير مباشرة بعد حفل شم النسيم حيث أعدّ عبد الحليم لتلك المناسبة لحن الموسيقار محمد عبد الوهاب «من غير ليه».. واتفق عبد الحليم مع راشدى على أنه قبل أن يعود إلى القاهرة سوف يقضى معه أسبوعا فى باريس ليلقى حليم نظرة على السيناريو.. كان عبد الحليم مقبلا على الحياة وطلب من راشدى أن يشترى له عربة «ستروين» صغيرة مقابل 3 آلاف دولار كما كانت لديه ساعة يد ذهبية أهداها إليه أحد الأمراء وكان رباطها الذهبى أكبر من أن يضبط على معصم يد عبد الحليم لهذا طلب من راشدى أن يتولى مهمة تصغير الرباط وعاد راشدى فى تلك الليلة إلى باريس سعيدا باقتراب اللقاء الفنى مع عبد الحليم، فى الصباح جاءه الخبر الحزين وعلى الفور ذهب إلى القاهرة وأخبر العائلة بتفاصيل الثلاثة آلاف دولار والساعة الذهبية.. الكل اعتبر نفسه صاحب الحق الوحيد فى الاستحواذ على كل شىء يخص عبد الحليم، حتى إن مجدى العمروسى قال له إن لديه وصية بخط يد عبد الحليم يفوضه فيها بالحصول على كل شىء يخصه بعد رحيله.. لكن مجدى لم يظهر هذه الوصية أبدا رغم أنه عاش قرابة ربع قرن بعد رحيل العندليب.. أشقاء عبد الحليم وابن خالته شحاتة الكل اتصل به مدعيا أنه فقط صاحب الحق فى الحصول على كل شىء.. ولهذا ترك راشدى الساعة والدولارات فى القاهرة لدى محامى مصرى يتولى هو هذه المهمة؟!

فى تلك الأثناء فكر راشدى فى أن يقدم إلى صديقه عبد الحليم فيلما تسجيليا حيث كان يصحبه دائما فى سنواته الأخيرة فى لندن وباريس والقاهرة ومعه كاميرا سينمائية تسجل لقطات حية لعبد الحليم حافظ كان من المنتظر أن يتضمنها فيلم «لا».. وبدأ راشدى فى الإعداد للفيلم التسجيلى «أغنية الوداع» 90 دقيقة الذى يتناول بعض لمحات من حياة عبد الحليم وأراد أن يحصل على تسجيل صوتى لعبد الوهاب داخل الفيلم!!

كان عبد الوهاب أكثر مباشرة قال له إن التليفزيون الجزائرى سبق أن أجرى معه تسجيلا مقابل 100 ألف دولار.. ولم يزد وفهم بالطبع راشدى أن عبد الوهاب يريد نفس الرقم للحديث عن عبد الحليم وتعطلت بينهما لغة الكلام وعرض الفيلم التسجيلى من دون تسجيل عبد الوهاب؟!

أحمد راشدى قال لى إن فيلم «لا» تتابع على الترشح لبطولته بعد عبد الحليم عزت العلايلى الذى أخرج له بعد ذلك «الطاحونة» ثم عادل إمام، لكن راشدى لم يستطع أن يتخيل أحدا فى «لا» سوى عبد الحليم حافظ.. قلت لراشدى قدم يحيى الفخرانى هذا الدور فى مسلسل تليفزيونى قبل 25 عاما إخراج يحيى العلمى.. قال لى لم أشاهد المسلسل حتى الآن ولكنى لا أرى سوى عبد الحليم حافظ!! 

سعاد حسنى واللقطة الأخيرة!!

طارق الشناوي

26/3/2013 4:26 ص

حفظ التحقيقات فى قضية انتحار سعاد حسنى وبراءة الشريف والعادلى من الملاحقات القضائية باتهامها من قِبل جانجاه شقيقة سعاد حسنى باغتيالها قرار وضع لقطة النهاية وأغلق تماما هذا الباب، حيث إن ورثة سعاد حسنى وتحديدا شقيقتها جانجاه كانت تطالب النائب العام بتشريح جثة شقيقتها!!

منذ 12 عاما احتل ورثة سعاد وفريق المحامين المدافع عنها المانشيت الرئيسى فى الجرائد وأغلفة عدد من المجلات، بالإضافة إلى القنوات الفضائية، الكل كان يحرص على الغوص فى هذه القضية بحثا عن الجديد، والحقيقة أنه لا جديد بعد أن أثبتت التحقيقات أن سعاد انتحرت ولا توجد شبهة جنائية، فلم يقتلها أحد هذا هو ما انتهت إليه المحكمة البريطانية قبل نحو عشرة سنوات، إلا أن أسرة سعاد يحلو لها بين الحين والآخر أن تعيد فتح ملف القضية.. الأسرة حتى تضمن الاهتمام الإعلامى، فإنها كثيرا ما تزج بأسماء بعض المقربين من سعاد مثل نادية لطفى، رغم أن نادية نفت تماما أن لديها أخبارا أو معلومات خاصة عن سعاد، وتحديدا حقيقة علاقتها بالمخابرات، وهى القضية التى يصر ورثة سعاد على أن المخابرات لعبت دورا محوريا فى اغتيالها، والحقيقة أن الشاعر أحمد فؤاد نجم لديه قصة متكاملة من وجهة نظره بالطبع تؤيد هذا الادعاء ذكرها بمجرد انتحار سعاد أو اغتيالها كما يعتقد!!

يرى نجم أن صفوت الشريف الرجل القوى فى نظام مبارك، والذى كان فى شبابه خلال الستينيات أحد أفراد جهاز المخابرات لعب دورا فى هذا الاتجاه عندما حاول تجنيد سعاد، ومع مرور الزمن نما إلى علم المخابرات أن الإعلامى عبد اللطيف المناوى سجل فى إذاعة «بى بى سى» البريطانية حديثا مع سعاد باحت فيه بالكثير من تفاصيل علاقتها بالمخابرات، وأنه لم يسلم هذا الشريط إلى الإذاعة البريطانية، ولكنه باح بتفاصيله إلى صفوت الشريف، ولهذا تم اغتيالها وحصل بعدها عبد اللطيف على الثمن، وأصبح مذيعا فى التليفزيون المصرى ثم رئيسا لقطاع الأخبار قبل أن تتم الإطاحة به بعد ثورة 25 يناير.. كان صفوت الشريف فى النصف الثانى من الستينيات هو الضابط المكلف بإنجاز مهمة تجنيد سعاد واسمه الحركى موافى، كعادة الأجهزة تبدأ فى السيطرة على المطلوب استخدامه للعمل لحسابها، وتم تصوير سعاد سينمائيا فى وضع خاص جدا بترتيب من جهاز المخابرات، وحاول صفوت استقطاب سعاد بعد تهديدها بفضحها -ملحوظة شمس بدران وزير الحربية الأسبق «الدفاع الآن» والرجل القوى فى تلك السنوات ذكر فى حديث له أن عبد الناصر كان يشاهد هذا الشريط وأتصور أنها مجرد ضربات تحت الحزام- كان المطلوب هو أن تقدم سعاد إلى المخابرات تفاصيل ما يجرى فى الوسط الفنى والحقيقة أن سعاد رفضت، علاقة سعاد بجهاز المخابرات قد انتهت منذ ذلك الحين، والحكاية كما تبدو بتفاصيلها ليس من صالح أى طرف أن يتناولها لا سعاد ولا صفوت، ومن يعرف سعاد وأنا كنت أعرفها والتقيت بها كثيرا لم نكن بالمناسبة أصدقاء ولكن كان بيننا قدر من الود، أقول إن من يعرف سعاد يعلم تماما أنها لا يمكن أن تذكر شيئا من هذا القبيل، خصوصا أن الكلمات سوف تتناثر هنا وهناك والكثير من الممكن أن يجرح فى جانب كبير منه سعاد!!

آخر ورقة لعبوا بها هى حسين فهمى، قالوا إن لديه تسجيلا لسعاد يحوى أسرارها، هؤلاء استندوا إلى أن حسين فهمى كان الواد التقيل الذى شاركها بطولة «خاللى بالك من زوزو» وأن زوزو حرصت على أن تخبره بكل شىء قبل أن يغتالوها، وأودعت لديه هذا الشريط ولم يجب أحد لماذا لم يتحدث حسين فهمى عن هذا الشريط طوال السنوات الاثنتى عشرة الماضية؟ والمعروف أن علاقة حسين بسعاد فى سنوات الغربة وعلاجها فى لندن لم تتجاوز هذه الواقعة، وهى أن حسين كرم سعاد فى مهرجان القاهرة الدولى السينمائى عندما كان رئيسا للمهرجان عام 98، وأرسلت له سعاد شريطا صوتيا تشكر فيه إدارة المهرجان على التكريم أذاعه حسين على الجمهور؟ إنها مع الأسف لعبة لشغل وقت الصحافة والقنوات الفضائية بحادثة مثيرة تخترعها كل عام شقيقتها جانجاه ولدغت القنوات الفضائية والصحافة من نفس الجُحر حتى الآن عشرات المرات حتى جاء قرار النائب العام ليضع حدا لتلك الترهات! 

حين ميسرة!

طارق الشناوي

25/3/2013 6:07 ص

أكد سيد فؤاد رئيس مهرجان الأقصر، قبل ساعات قليلة من إعلان جوائز المهرجان أنه سوف يكتفى بمنح شهادات تقدير إلى الفائزين فليس لديه سيولة تسمح بدفع القيمة المادية للجوائز رغم أنها فى مختلف الأقسام لا تتجاوز 150 ألف جنيه مصرى.

العقد شريعة المتعاقدين، وكل مهرجانات الدنيا عندما ترسل لائحة تلتزم بها ومن حق كل من شارك فى المهرجان طبقًا لتلك الشروط أن يعود قانونيا عليه، الأهم أن هناك بالتأكيد ثمنًا سوف يدفعه المهرجان من مصداقيته التى تتحقق من خلال التزامه باللائحة التى وضعها ولم يجبره عليها أحد.

الحقيقة التى لامستها عن قرب هى أن أغلب صُناع الأفلام الأجانب تفهموا تمامًا المأزق الذى يعيشه المهرجان ولكن هذا لا يعنى أن نتقاعس عن تنفيذ التزاماتنا تجاه الآخرين.

أعلم بالطبع أن المهرجان تعرض أكثر من مرة للإلغاء وأن رئيس المهرجان كان يحارب طواحين الهواء وفى أكثر من جبهة واعتصم على باب وزير السياحة قبل المهرجان بعدة أيام حتى يتم صرف نصف قيمة تذاكر السفر طبقًا لاتفاقه مع الوزير، وأنه يواجَه بحالة برودة من وزارة الثقافة، حيث إن وزيرها صابر عرب لديه أجندة محددة هى إثبات أن المجتمع المدنى فاشل فى إقامة أنشطة فنية لكى تسيطر الدولة على الحياة الثقافية بيد من حديد ولهذا لم يسدد سوى 30% مما أقره فى محضر رسمى تجاه المهرجان، ووزارة الشباب قالت «لسنا طرفًا فى هذه اللعبة وما دخل الشباب بالسينما».

رئيس المهرجان قرر أن يبدأ بنفسه ولم يحصل على أجر لا هو ولا أغلب الفريق المعاون له، والذى أعلمه أيضًا أن الفنان خالد صالح دفع من جيبه الخاص دعمًا ماديًّا يتمثل فى ثمن تذاكر العديد من صُناع الأفلام الذين جاؤوا من إفريقيا ولكنى لست فى حِلّ من ذكر الرقم، وقال صالح إنه يدعم مهرجان سينمائى ينتمى إليه لأنه يدافع عن مصيره كفنان. عدد من النجوم المصريين جاؤوا إلى المهرجان على نفقتهم الخاصة ورغم ذلك فإن الأزمة المادية أحاطت بكل فاعلياته، ولا مجيب.

نجح المهرجان فى هذه الدورة فى تقديم أكثر من ورشة للتدريب على النقد السينمائى والرسوم المتحركة والتحريك، كما أصدروا أربعة كتب تناولت فى أغلبها السينما الإفريقية، وتم تكريم الناقد العزيز سمير فريد والفنانة يسرا والمخرجة شويكار خليفة والمخرج المالى سليمان سيسيه ومصطفى الحسن مخرج الرسوم المتحركة من النيجر، وأُهديت هذه الدورة إلى روح المخرج عاطف الطيب رائد الواقعية الحديثة فى السينما المصرية كما وصفه بحق نجيب محفوظ والناقد التونسى الراحل طاهر الشريعة مؤسس مهرجان قرطاج، أقدم مهرجان عربى إفريقى حيث أنشئ عام 1966 بمبادرة من الشريعة وهو يحمل عنوان «أيام قرطاج السينمائية» وحدوده الجغرافية تُطل على العالَمين العربى والإفريقى، واستحدثت إدارة مهرجان الأقصر هذه الدورة لجنة تحكيم باسم «الحريات» لتمنح جائزة لشهيد الصحافة والوطن المصور الحسينى أبو ضيف، كنت أنا والزميلان علا الشافعى وياسر محب أعضاء بلجنة التحكيم وكلفتنى نقابة الصحفيين بتوجيه الشكر إلى إدارة المهرجان على تلك المبادرة فلقد كان الحسينى شهيدًا بل وقودًا للحرية ودفع حياته ثمنًا لتلك القيمة الغالية.

ويبقى الحديث عن إلغاء الجوائز المادية، الحقيقة أن سيد فؤاد سارع بالإعلان قبل ساعات من توزيعها ولكن مهرجانَى القاهرة السينمائى الدولى والأقصر للسينما المصرية والأوروبية أعلنا عنها ولم يسددا قيمتها إلى حين ميسرة، وهو بالطبع ما يضع المهرجانات المصرية على المحكّ فى كل المحافل الدولية. مهرجان القاهرة يواجه -لو لم يسدد- عقوبة الشطب من لائحة المهرجانات الدولية لأن هذا يعد خطأ جسيمًا فى عُرف الاتحاد الدولى للمنتجين الذى يتبعه مهرجان القاهرة، بينما مهرجانا الأقصر بشقّيه الأوروبى المصرى والإفريقى يتعرضان بالطبع لحالة من تراجع المصداقية، ويبقى البحث عن المسؤول؟

لو سألت أيًّا من وزراء السياحة والثقافة والشباب بل ومحافظ الأقصر سوف يقولون لك ماذا نفعل ونحن نواجه تراجعا فى الميزانيات وأمامنا جيوش من الغاضبين يتساءلون عن أحقيتهم فى الحوافز وبعضهم لم يحصل على راتبه.. فكيف أدعم مهرجانا سينمائيا؟

الانطباع السائد هو أن تلك المهرجانات أنشطة زائدة عن الحاجة من الممكن التخلص منها فى أى لحظة للتوفير فى الميزانية. الدولة الإخوانية ترى أن السينما لهوٌ وعبث وبعضها يعتبرها رجسا من عمل الشيطان جدير بأن يجتنبوه، ولكِ الله يا مصر!! 

عبد الحليم فوق الشجرة!!

طارق الشناوي

24/3/2013 3:45 ص

ما هى الدوائر التى يعيش فيها الفنان الآن؟ عندما تتسع النجومية يكثر عدد المتسلقين والمستفيدين من وهج النجوم إنهم يصحبون مثل الأعشاب الضارة.. أغلب نجوم الطرب صارت دوائرهم لا تتجاوز تلك الأعشاب ولهذا لا يسفر الإبداع إلا عن الهزال الذى نراه يشغل الحيز الأكبر من الصورة!!

لا يعيش الفنان بمعزل عن الحياة ولا عن البشر فهو بقدر ما يأخذ منهم يمنحهم.. كما كان يقول أحمد شوقى «إنه يمتص رحيق الزهور ليعطى عسلا شهيا» والزهور فى حياة الفنان هم الأصدقاء المقربون الذين يتحولون إلى أشرعة يطل من خلالها على الدنيا.. كان الشيخ الملحن أبو العلا محمد ثم الشاعر أحمد رامى هما شباك الثقافة الذى أطلت منه أم كلثوم على ثقافات الدنيا وقال لى الموسيقار كمال الطويل إنه فى بداية التقائه مع أم كلثوم كانت تحرص على أن يأتى إلى فيلتها ومعه كوكبة من كبار المبدعين من شباب جيله مثل فتحى غانم وصلاح جاهين وأحمد بهاء الدين لأنها تسعى لكى تُصبح دائما على موجة الزمن.

وكان أحمد شوقى دليل عبد الوهاب فى بداياته مع مطلع العشرينيات من القرن الماضى وبعدها كان يحرص على أن يفتح نوافذه للأجيال التالية أنيس منصور ومصطفى محمود وصولا إلى محمود عوض الذى كتب عنه «عبد الوهاب الذى لا يعرفه أحد». ومن الواضح أن عبد الحليم حافظ قد استفاد من تجربتى أم كلثوم وعبد الوهاب ولهذا اتسعت دائرته فى الثقافة لتشمل العمالقة من الجيل الأكبر كامل الشناوى ومصطفى أمين وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعى وصولا إلى جيله.

هذه الكوكبة من المفكرين لم يسع إليها عبد الحليم لأنه يريد أن يجمل صورته أمام المجتمع، ولكن من خلالهم أدرك أن عليه تذوق الكلمات والألحان وأيضا الأقوال.. لو أنك مثلا تابعت العديد من إجابات عبد الوهاب المسموعة والمرئية والمقروءة سوف تعتقد أنك بصدد أديب كبير لأنه كان دائما حاضر البديهة متوقد الذهن وهو فى حضرة الكبار، ولهذا كان يلتقط منهم بعض التعبيرات ليعيد استخدامها منسوبة إليه.. عبد الحليم كان أيضا يسير على نهج أستاذه عبد الوهاب!!

هناك دائما بين الفنان وجمهوره جسر وهو وسيلة الإعلام التى تقدم عنه صورة ذهنية، حتى إن أغلب المطربين لكى يضمنوا تعاطف الجمهور كانوا يقدمون فى أفلامهم قصة كفاح لمطرب يبدأ من السفح حتى يصل إلى القمة ويضحى ولا يتنازل.. كل ذلك حتى يتم تثبيت هذه الصورة ليس فقط من خلال أحاديثهم، ولكن عبر الأفلام بعدها يحدث توحد بين الفنان فى الواقع وتلك الصورة التى صدرها فى العمل الفنى، وإذا كان الزمن قد منح الجمهور قدرة على أن لا يترك نفسه نهبا للصورة الدرامية فإنه على الجانب الآخر ترك المجال لكى نرصد الفنانين من خلال إبداعهم وأيضا طريقة تسويقهم لهذا الإبداع والإعلان عنه والأسلوب والتوقيت.

بعد تعدد الفضائيات صار الناس يتعرفون على الفنان من خلال اللقاءات التليفزيونية وكثيرا ما يسىء مطربو هذا الجيل استخدام هذه الوسيلة واسعة الانتشار!!

من البديهى على سبيل المثال أن يأتى الفنان لكى يقدم رؤية مغايرة لما سبق ولا توجد قدسية لأى عمل فنى ولا لفنان هناك فقط حق احترام التجربة السابقة.. أنا لا أوافق على أن نظل فى حالة تقديس لكل ما هو ماضى.

الاحترام يتيح لنا إمكانية الاختلاف، لكن القدسية لا تعرف إلا الخضوع والإذعان ولهذا فأنا عندما أقرأ أن أحد نجوم الغناء الآن انتقد أغنية أو مطربا ممن تعودنا أن نطلق عليهم فنانى الزمن الجميل لا أنزعج وأعتبرهم خارجين عن «الملة» الغنائية.

فى صفحات حياة عبد الحليم بالتأكيد مواقف سلبية بعد أن امتلك النجومية الطاغية تمرد على رفقاء الطريق مثل الطويل والموجى شعر كل منهما أن عبد الحليم صار زعيما.. قال لى الطويل إنه فى أثناء بروفات أغنية «بالأحضان» لاحظ أن عبد الحليم يوجه الفرقة الموسيقية فى حضوره وغضب وكانت بداية توتر العلاقات بينهما ثم صالح الموجى وعاد إليه فى «رسالة من تحت الماء» واتفق مع الطويل على أن يغنى له عاطفيا من شعر الأبنودى «ولا كل من ضحكت عينيه عاشق»!!

وقف عبد الحليم مغردا على شجرة الغناء ولا يزال فى ذكراه التى تحل بعد بضعة أيام فى أعلى وأغلى أغصان الشجرة!! 

تصالُح المهرجانات وتخاصُم الجمهور!!

طارق الشناوي

23/3/2013 3:54 ص

لم يعد أمام السينما المصرية للوجود بالمهرجانات سوى تلك التى نُطلق عليها السينما المستقلة، وهو تعبير فى حقيقة الأمر لا تستطيع أن تجد له توصيفا جامعا مانعا ينطبق على كل الأفلام التى ترفع راية الاستقلال عالية خفاقة.

فى كل الأحوال لن أضيع وقت القراء فى البحث عن تعريف، ولكنى أبدأ معكم من آخر فيلم مستقل شارك فى مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية فى دورته الثانية ممثلا للسينما المصرية «الخروج للنهار» لهالة لطفى فى أول تجربة روائية لها، وكان قد سبق وحصلت على جائزة أفضل مخرجة عربية فى مهرجان «أبو ظبى» وبعدها على برونزية «قرطاج» وذهبية «وهران» وشاركت فى «برلين» خارج التسابق، وأنتظر أن تقتنص جائزة من الأقصر عند إعلان الجوائز ظهر غدا.

هل هذه هى فقط السينما التى من الممكن أن نجدها بالمهرجانات السينمائية بعد أن صارت السينما التقليدية خارج نطاق الخدمة؟ هل تكتفى السينما المستقلة بالمهرجانات؟ السينما تُصنع من أجل الجمهور.. فأين هذه السينما من الجمهور؟ الحقيقة هى أن أغلب التجارب التى أتيح لها العرض الجماهيرى فى مصر خاصمها الجمهور بقدر ما صالحتها بالجوائز العديد من المهرجانات.

إنها سينما محدودة التكاليف لم تستقر بعد على مدلول لفظى، وبالطبع فإن كلمة «مستقلة» تاريخيا أطلقت على الأفلام التى ظهرت فى أمريكا منذ الثلاثينيات وهى خارج إطار شركات هوليود الضخمة الإنتاج التى تعتمد على الميزانيات الكبيرة وتسند البطولة إلى كبار النجوم الذين تقطع من أجلهم تذاكر الدخول للسينما وهكذا بدأت هذه السينما المستقلة فى أمريكا كنوع من الاحتجاج الفكرى والفنى والاقتصادى على تلك الأفلام فجاءت موازية لها وليست بديلا عنها.. أما فى مصر هذه الأفلام لم نعرفها إلا فقط قبل 6 سنوات وكانت البداية مع المخرج إبراهيم بطوط بفيلمه «إيثاكى».. أغلبها تصور بكاميرا «ديجيتال» بغرض التوفير وأيضا لأنها لا تعتمد على نجوم الشباك، بل تتم الاستعانة غالبا بوجوه جديدة بعضها يقف لأول مرة أمام الكاميرا، ولهذا تعبر عن أفكار وومضات مخرجيها، لا شطحات نجومها وفى العادة هناك درجة ملحوظة من التلقائية يمارسها المشاركون فى هذه الأفلام تتيح لهم ارتجال أجزاء كبيرة من الحوار.. المخرج يقدم أفكاره بحرية. هذه الأفلام تجد بالتأكيد صعوبة فى العرض الجماهيرى داخل مصر، رغم حصولها على جوائز مهمة فلم يستطع الجمهور أن يتذوقها حتى الآن.

عرض جماهيريا قبل ثلاثة أعوام فيلما «عين شمس» لإبراهيم بطوط و«هليوبوليس» لأحمد عبد الله ولم يحققا إيرادات.. وعرض يوم 25 يناير 2011 «ميكرفون» لأحمد عبد الله، ولكن الجمهور من الشباب كان قد ذهب للمشاركة فى الثورة، ولم يحقق الفيلم بالطبع أى نجاح، ولا تستطيع أن تصدر حكما قاطعا على مدى تقبل الجمهور لـ«ميكروفون».

ويبقى أنه فى عز الأزمة التى تعيشها ولا تزال السينما المصرية كان ينبغى أن يبرق ضوء أبيض أراه دائما فى تلك التجارب التى تخرج عن النمط الإنتاجى السائد.. تحاول أن تعثر على بديل لا يفرض شروطا على صانع العمل الفنى.. السينما المصرية هى ابنة السوق التى تفرض على المخرجين الانسحاق أمام النجوم -لا أتحدث بالضرورة عن النجم عندما ينتج- ولكن كل النجوم Super Star يقدمون أفلامهم وليست أفلام المخرجين، فهم الذين يتحكمون فى كل التفاصيل.. كان جيل الثمانينيات مثل خان، وداوود، والطيب، وبشارة لديه أحلام أخرى ساعده على تحقيقها أن هناك بطلاً مثل أحمد زكى مثلما أضافوا له ألقا ووهجا أضاف لأفلامهم دائرة جماهيرية أوسع، ونتوقف أمام نور الشريف رغم أنه بدأ مشواره فى نهاية الستينيات، لكنه توافق مع أحلام جيل الثمانينيات، فلقد كان أحمد ونور نجمين ملتزمين بأفكار هؤلاء المخرجين وبنسبة كبيرة كانا حريصين على الذوبان الفنى فى تلك المشروعات التى تعبر عن مخرجيها.. أما هذا الجيل من المخرجين فكيف يحقق أحلامه وأمامنا النجوم الجدد يسيطرون على مفردات الفيلم السينمائى؟ بعض المخرجين الشباب اعتقد أن الحل فى الاستعانة بالوجوه الجديدة، ولكننا فى أغلب هذه الأفلام لم نعثر على شىء يحمل بصمة خاصة.

السينما المصرية التى عانت كثيرا فى السنوات الأخيرة من سيطرة شطحات النجوم تشهد بارقة أمل جديدة، ويبقى على صُناع هذه الأفلام كما صالحوا المهرجانات أن يصالحوا الجمهور!! 

«فبراير الإسود» خيال كسيح!

طارق الشناوي

21/3/2013 2:50 ص

محمد أمين واحد من السينمائيين الذين لمعوا فى العقد الأخير وهم يحملون شيئًا صادقًا وحقيقيًّا، ومنذ أول انطلاقه فى «فيلم ثقافى» ثم «ليلة سقوط بغداد» وصولًا إلى «بنتين من مصر» وهو يؤكد أنه يمتلك هذا السحر والسر الخاص لحالة التفرّد فى الرؤية، ولهذا ترقّبت فيلمه الجديد «فبراير الإسود»، فهو مخرج لديه قدرة على التأمل الداخلى يسمح لخياله دائمًا أن ينضج على نار الإبداع الهادئة، وأنا لدىّ انحياز مسبق إلى هذه السينما.

مع اللقطات الأولى للفيلم، أطل علىّ لا شعوريًّا فيلم داوود عبد السيد «مواطن ومخبر وحرامى»، كان داوود قبل نحو عشر سنوات قد رأى أن الخطر الأكبر الذى عاشته مصر يتجسّد فى زواج السلطة برأس المال بأدعياء الدين.. هذه المرة نحن بصدد دائرة قريبة أو تنويعة درامية على نفس «التيمة»، الرؤية التى تبنّاها المخرج تشير إلى أن النظام يقصى رجال العلم، ولكنها تقف على الحياد من رجال الدين رغم أنهم يشكّلون الخطر الأكبر بعد ثورة 25 يناير.

نقطة الانطلاق تبدأ من خلال رجل العلم خالد صالح، الذى يكتشف أن الدولة تفرض حماية فقط لرجال الأمن والقضاء وأصحاب رؤوس الأموال.. يلجأ أمين إلى «الفانتازيا» الإغراق فى الخيال، وهو منهج يتّبعه منذ «فيلم ثقافى» ووصل للذروة فى فيلم «سقوط بغداد»، كنت ألاحظ أحيانًا قدرًا من الغلظة فى التعبير اللفظى والحركى، ولكن إجمالًا كنت أقف على نفس الشاطئ.. فى فيلمه «فبراير الإسود» كانت لديه فكرة رائعة، ولكن الحالة نفسها فى التعبير السينمائى على مستوى كتابة السيناريو لم تحقّق أى وهج، حتى أبطاله أراهم مطفئين، خالد صالح الذى كانت له أعمال فنية عديدة، يمنحها قدرًا من الخصوصية، وتشع ضوءًا، هذه المرة كان هناك شىء من الظلام يغلّف ليس فقط الأحداث، ولكن الشخصيات حتى فى المشاهد التى كان من المفروض أن تبعث على الضحك، لم تثر فى الكثير من الأحيان سوى النفور.

بطلة الفيلم ميار الغيطى، ابنة خالد صالح، هى الحافز لاكتشاف رغبة بطل الفيلم فى توفير الحماية، فهو فى بداية الأحداث يضيع هو وأفراد عائلته فى الصحراء عندما كان فى طريقه إلى الواحات بسبب عاصفة رملية، ويكتشف أن الدولة لا تهتم سوى بإنقاذ رجل أمن الدولة ورجل القضاء ورجل الأعمال، هؤلاء هم الذين تضعهم السلطة الحاكمة فى نِنّى العين، أما العلماء أمثال بطلنا فهم خارج الحماية، ولا تنقذه هو وعائلته سوى الكلاب، ولهذا يقرّر أن يفسخ خطوبة ابنته ميار من أحد العلماء الشباب، ويبحث لابنته عن عريس من أمن الدولة، وعندما يترك الخدمة ينتقل إلى المستشار، وعندما يختلف مع الدولة يتركه بحثًا عن حماية ثالثة المؤكد ستكون من رجل الأعمال، نصل بالفيلم زمنيًّا إلى فبراير 2011 الذى تمت الإطاحة فيه بمبارك، ولكنه اعتبره الأسود، وهو ينهى الفيلم بعلامة استفهام كبيرة، حيث لا ندرى على وجه الدقة أين يتّجه الوطن. الفيلم مكتوب بعد الثورة والمخرج يعيش بالتأكيد نفس الهواجس التى تسكننا كمصريين يشعرون بأن فريقًا بعينه يسرق الثورة ويريد أن يلوّن المجتمع، وينسى أن الإنسان المصرى ضارب فى عمق التاريخ، لا يمكن إعادة صياغته، إنه مثل البعض منا يبحث عن وطن بديل بعد أن تنكّر له وطنه وفى مشوار البحث لم ينسَ المخرج أن يقدّم تنويعة عن تواطؤ الإعلام من خلال فبركة المكالمات التليفونية وبالطبع هو متأثّر بأشهر مكالمة فى أثناء ثورة يناير لتامر بتاع غمرة، كما أنه يضيف إلى الأحداث قدرًا من السخرية من خلال انحياز مبارك لكرة القدم ونجومها.

السينما المصرية قدَّمت قالب «الفانتازيا» منذ الأربعينيات، حيث تجد إرهاصات للمخرج عباس كامل، وجاءت نقطة فارقة مع الكاتب والمخرج رأفت الميهى، فى «الأفوكاتو»، كما أن بدايات شريف عرفة والكاتب ماهر عواد منذ فيلم «الأقزام قادمون» كانت تسير فى نفس الاتجاه.

الجمهور بالطبع قال رأيًا سلبيًّا فى الفيلم من خلال تلك الإيرادات الضئيلة التى يحقّقها، أقصد لم يحقّقها، الفيلم بالطبع يتحمّل القسط الأكبر من حالة البرودة الجماهيرية.

إنه فيلم جاد ولا شك، ولكن ينبغى أن لا نعتبر أن مجرد الإخلاص فى التناول هو ما يدفعنا لتأييد الفيلم الذى يفتقر إلى حالة الوهج، نعم هو خيال درامى، ولكنه يبدو على الشاشة خيالًا كسيحًا! 

الحنين إلى زمن عاطف الطيب

طارق الشناوي

20/3/2013 2:36 ص

هاجس الحرية والرغبة فى تحطيم القيود هو الذى كان يحرك شحنة الإبداع لدى المخرج عاطف الطيب، ولأنه كان صادقا فى انفعاله فإن روحه أيضا تحررت مبكرا من قيود الجسد.

مَثّل المخرج الراحل عاطف الطيب، ولا يزال، نقطة فارقة فى تاريخ السينما المصرية، فلقد كان يسابق الزمن ليترك له رصيدا من الأفلام تعيش بعده وتحمل اسمه، حيث إنه لم ينجب أطفالا، جاء تكريم مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية فى دورته الثانية للطيب لنستعيد من خلاله عبق ذاك الزمن.

رحل الطيب عام 1995 وبعدها بعام أعلن مهرجان القاهرة السينمائى نتائج أول استفتاء لأفضل مئة فيلم فى تاريخ السينما المصرية، ليأتى فيلم «سواق الأوتوبيس» فى المرتبة الثامنة، ويصبح عاطف الطيب هو المخرج الوحيد فى جيله الذى وصل إلى تلك المكانة، وجاء أيضا فيلمه «البرىء» فى المرتبة 28 و«الحب فوق هضبة الهرم» 68، ولا أدرى لماذا سقط فيلمه «الهروب» من القائمة؟ والمؤكد أن فيلم «ليلة ساخنة» لو لم يعرض بعد الاستفتاء لكان ضمن تلك الأفلام المئة، أى أننا نتحدث عن خمسة أفلام للطيب تستحق مكانة أفضل مئة فيلم فى تاريخنا السينمائى الروائى الذى يربو على 3 آلاف فيلم.

كانت نقطة الانطلاق لهذا المخرج الاستثنائى عبر معالجة عصرية لعطيل شكسبير بعد أن جمع القليل من الأموال لإنتاج هذا الفيلم الذى وضع من خلاله بطاقة التعارف الأولى بينه وبين جمهوره، وحمل كل حِرفية عاطف الطيب كمخرج، وإن لم يحمل كل أفكاره وطموحاته التى شاهدناها بعد ذلك فى أفلامه التالية.

فيلمه الثانى «سواق الأوتوبيس» انطلق بالطيب ليضعه فى مقدمة صفوف المخرجين الكبار، ووصل إلى الذروة بأكثر من جائزة عالمية!!

لم يكن عاطف الطيب هو أسبق أبناء جيله زمنيا، سبقه المخرجان محمد خان وخيرى بشارة. ولم يكن فيلمه «سواق الأوتوبيس» هو أول فيلم يتناول الانفتاح الاقتصادى والمتغيرات التى حدثت فى المجتمع المصرى، ولكن لا شك أن الطيب كان هو أغزر أبناء جيله، ولا يزال بعد رحيله، فى عدد الأفلام التى قدمها، 21، ولاحقه فقط مؤخرا محمد خان.

فى مجمل أفلام الطيب تستطيع أن ترى أنه يقدم السينما كما يريدها وبشروط لا تتناقض مع السوق، تختلف أعماله أحيانا مع السائد، ولكن بدرجة لا تصل إلى حد التناقص. جاء فيلمه «سواق الأوتوبيس» متصدرا سينما هذا الجيل ومعلنا، ليس فقط عن اسم عاطف الطيب، ولكن أيضا عن جيل جديد من المخرجين باتجاهات مختلفة.

كانت القفزة الثانية للطيب بمعالجة سينمائية لمصطفى محرم عن قصة نجيب محفوظ «الحب فوق هضبة الهرم»، وشارك بهذا الفيلم فى «أسبوعى المخرجين» بمهرجان «كان» السينمائى. وقال صاحب نوبل عن الفيلم «لقد قدمت لى السينما العشرات من الأفلام، ولكنى أعتقد أن (الحب فوق هضبة الهرم) من المعالجات السينمائية الجيدة التى لم تستغل الأصل الأدبى لأسباب لا تمت إلى الأدب أو الفن بصلة، إنما حوّل القصة الأدبية إلى شكل سينمائى متميز، جعل منها بالفعل علامة مهمة فى تطور السينما فى مصر، وجعل من مخرجها بحق عميدا للخط الواقعى فى السينما المصرية الحديثة».

الفيلم كما يراه الطيب، كالطفل يمر بمرحلة حمل وحضانة وطفولة ومراهقة حتى يصبح قادرا على التنفس مع الناس، ولهذا فإن كل التفاصيل الدقيقة التى تسبق ولادة الفيلم يعيها الطيب ليجسدها لنا بعد ذلك على الشاشة.

ومن أفلامه الاستثنائية «البرىء» الذى تجرى أحداثه من دون تحديد الزمان والمكان، ورغم ذلك يحمل جرأة كبيرة تفضح تسلط الدولة وديكتاتورية الحكم، الفيلم يقدم البراءة فى قفص الاتهام، حيث يصبح السجين هو السجان وتختلط جدران السجن بحدود الوطن، وعندما يتحرر الإنسان من داخله يستطيع أن يحرر أيضا الوطن، لأن الوطن ليس هو مساحة الأرض التى نعيش عليها بقدر ما هو إحساس الكرامة الذى نحياه!!

كانت الحرية والرغبة فى تحطيم القيود هى الهاجس الذى يحرك شحنة الإبداع داخله، ولأنه كان صادقا فى انفعاله فإن روحه أيضا تحررت مبكرا من قيود الجسد، لكن أوتوبيس الطيب السينمائى لا يزال منطلقا، أراه دائما كلما لمحت عملا سينمائيا ينضح بالجمال والصدق والإبداع على الفور، أتذكر أنه كان يعيش بيننا قبل 17 عاما عنوانا مضيئا للجمال والصدق والإبداع. 

الحرية لا تعرف إخوانيًّا أو ليبراليًّا!

طارق الشناوي

19/3/2013 4:20 ص

سألَتنى مذيعة تليفزيون «بى بى سى» عن حرية الإبداع بعد الثورة فى ظل منع الرقابة عرض فيلمى «تقرير» عز الدين دويدار، و«عن اليهود فى مصر» أمير رمسيس، وأضافت أن مخرج «تقرير» يستشعر أن لا أحد دافَع عن حقه فى العرض بينما الكل يقف فى نفس الخندق مع فيلم أمير رمسيس، هل لمجرد أنه محسوب عند البعض على أنه إخوانى نناصبه العَداء؟!

إجابتى كانت ولا تزال وفى كل العهود لا للمنع أو المصادرة وأنه من حق كل فنان أن يعرض مصنفه الفنى للجمهور مهما اختلفت معه فنيا أو فكريا.

أتذكر أن إيناس الدغيدى بعد عرض فيلمها «مذكرات مراهقة» قبل نحو 12 عامًا وكنت قد كتبت رأيًا سلبيًّا فى الفيلم تعالت الأصوات فى مجلس الشعب تطالب بالمصادَرَة وبعضها استند إلى ما كتبته وقتها فى مجلة «روزاليوسف» فكتبت على صفحات جريدة «القاهرة» مقالًا عنوانه «أرفض الفيلم مرة والمصادَرة ألف مرة». وقبل نحو عام كان البعض فى نقابة الصحفيين يطالب بمنع فيلم «على واحدة ونص» لأنه يقدم حياة صحفية قررت أن تصبح راقصة ورغم رداءة الفيلم فلقد وقفت على الجانب الآخر تمامًا من تلك الأصوات وطالبت بأن يتاح للفيلم فرصة العرض وقلت إنه لا النقابة ولا الصحفيون على رأسهم ريشة، ومن حق أى عمل ينتقدهم أن يرى النور.

الأمر هذه المرة مختلف، كل المؤشرات تؤكد أن فيلم «تقرير» تنتجه شركة سينمائية اسمها «النهضة» وكل التفاصيل منذ اختيار البطل محمد شومان والبطلة المحجبة تشير إلى أننا بصدد فيلم مصنوع طبقًا للشريعة، قد أختلف فنيًّا مع الفيلم عندما أراه ولكن فى كل الأحوال لا يمكن أن أطالب بمصادرته، إلا أن القضية هى أن الدعوة للفيلم حملت شيئا من الاستفزاز غير المبرَّر منها أن الثمن 100 جنيه وقيمة التوصيل سبعة جنيهات ورغم ذلك فإن من حقهم أن يقيّموا البضاعة التى يقدمونها كما يحلو لهم إلا أن ما ليس من حقهم أن يحطموا كل القواعد ويتقدموا بالفيلم لعرضه تجاريًّا فى قاعة سيد درويش التابعة لأكاديمية الفنون دون إذن مسبق، لو عرضوه على الرقابة ورفضت التصريح كنت وقفت بالتأكيد مع صُناعه مؤيدًا حقهم فى العرض مهما كانت مساحة الخلاف الفنى أو الفكرى، ولو أن المخرج أقام عرضًا خاصًّا دون شباك تذاكر لعدد من المهتمين بالسينما قبل أن يعرضه على الرقابة لتغير الموقف تمامًا لأنه لا يعتبر من الناحية القانونية عرضًا عامًّا، لم يتخذ المخرج أى موقف يتيح لنا الدفاع عن حقه فى عرض مصنفه الفنى. ورغم ذلك فأنا مسبقًا مهما كان رأيى فى الفيلم -عندما يتاح لى مشاهدته- أدافع عن حقه فى العرض العام على شرط أن يتقدم للدولة وعندما تتعنت نقف ضدها. بينما الفيلم التسجيلى «عن اليهود فى مصر» عُرض فى مصر ثلاث مرات فى بانوراما الفيلم الأوروبى قبل خمسة أشهر، بعد حصوله على موافقة الرقابة، والذى حدث بعد ذلك أن وزير الثقافة هو الذى دفع به إلى الأمن الوطنى -أمن الدولة سابقًا- لكى يصادره ولا أحد يعرف لماذا تراجع وزير الثقافة، الفيلم شاهدناه فى مصر وحصل على تصريح بالعرض فى الداخل والخارج، الأمر لم يكن يستحق حالة التوجس والخوف التى سكنت الوزير فأصابته تلك الرعشة التى تنتاب كبار موظفى الدولة عندما يخشون من ضياع الكرسى.

إنها من المرات القليلة التى تُعرض فيها أفلام تسجيلية للجمهور المصرى، قبل أقل من عامين عُرض الفيلم التسجيلى «الطيب والشرس والسياسى» ولاقى نجاحًا متوسطًا ولكن التجربة تستحق المغامرة. الفيلم يقدم يهودًا بعضهم عاش فى مصر وبعضهم رفض الهجرة لإسرائيل فى بداية إنشائها وهو فى الحقيقة يقدم «تيمة» التسامح مع كل الأديان، فهو يرى أن الإنسان إنسان أولًا إلا إذا كان للنظام الإخوانى رأى آخر.

نحن بصدد قضيتين مختلفتين ومبدأ الدفاع عن الحرية لا يتجزأ ولا يعرف نوعا ولا فصيلا سياسيا دون آخر فلا يمكن أن نؤيد حق ليبرالى فى التعبير وننكر نفس هذا الحق على إخوانى، ولكن هل قضية «تقرير» هى الحرية أم أنه يريد أن يعيش دور ضحية الحرية؟ 

الذين يشوِّهون الثورة السورية!!

طارق الشناوي

18/3/2013 6:52 ص

هل هى خطة شريرة لتشويه الثورة أم أنها أخطاء بل خطايا أقدم عليها من هم محسوبون على الثوار؟

على مواقع التواصل الاجتماعى ستجد صورة والد رغدة الذى قبض عليه فيلق عسكرى نسب نفسه إلى الثوار وشهَّروا به انتقامًا منها بسبب مواقفها المؤيِّدة لبشار وأجبروه على أن يحمل علم الثورة، رغدة أكدت أن والدها المسنّ يعانى من فقدان ذاكرة، فأين هى الثورية فى ما يفعله هؤلاء المنتمون إلى الثورة؟ هل هم فعلًا ثوار أم أن هناك مندسين يريدون تشويه الثورة السورية؟ الثورة بطبعها فعل نقى رومانسى، فلصالح مَن يضعون على ثوبها الأبيض كل هذه الأدران السوداء؟! قبلها واجهت سلاف فواخرجى تهديدًا باختطاف أولادها فأبعدتهم إلى مكان آمن، سلاف مثل رغدة من أكثر الأصوات فى الوسط الفنى السورى الذين جهروا بتأييدهم لبشار ورغم ذلك فلا يمكن تبرير أى فعل انتقامى.

لا أتصور أن هؤلاء من الممكن أن يصنَّفوا باعتبارهم ثوارا بل لدىّ قناعة أن الثورة الممتدة فى سوريا على مدى عامين بطبعها سوف تسمح بأن ينضم إليها من هنا وهناك من يريدون تحقيق أى مكاسب سواء أكان الطريق للوصول إليها هو فى الانضمام إلى الثورة أو فى مناصبتها العداء، أغلب الفنانين والمثقفين السوريين صاروا يفضلون الصمت منعًا للتأويل وأصبح التصريح الذى يتناقلونه فى ما بينهم هو أنهم مع الشعب السورى وضد سفك الدماء ولكن لا يحددون بالضبط هل هم مع الثورة أم بشار.

نعم هناك دائمًا تجاوزات ستحدث بين القوى الثورية فلا يمكن أن تتفق كل الأطياف على الحل بكل تفاصيله، حيث إن المشارب تتعدد والوسائل قد تتعارض وهو ما يراهن عليه الأسد، كلما طال الأمد طالت أيضًا مساحات الخلاف، صحيح أن شرعيته كرئيس تآكلت بل إنه فى حقيقة الأمر لم يعد يسيطر على كل الأراضى السورية، ومؤيدوه يتناقصون ولا يملك سوى أن يشهر سلاحًا واحدًا وهو أن بقاءه فى سدة الحكم هو الضمان لوحدة سوريا وأنه سوف يحمى الأقليات من توحش الأغلبية السنية، رهان الأسد ليس على سوريا بقدر ما هو على الزمن ليصبح التقسيم هو الورقة الأخيرة التى يلعب عليها، فهو فى معركة حياة أو موت، فهو يعلم أنه ينتظره مصير القذافى ولهذا يترقب الأيام والشهور لسيتنفد طاقة الثوار، إلا أنه على الجانب الآخر تتبدد أيضًا طاقته وليس أمامه سوى معونات عسكرية تأتيه من إيران، إنه يستند ليس فقط إلى طائفته العلوية ولكن الدائرة تتسع لتشمل كل من ارتبط بمصلحة مع الأسد ويصبح بقاؤه فى هذه الحالة هو الضمان الوحيد لاستمرارهم فى البؤرة، الدائرة تضم بين أطيافها سنة ومسيحيين وأكرادا وغيرهم، عندما أمسك حافظ الأسد بالسلطة قبل أكثر من 40 عامًا كان حريصًا على تمكين الطائفة العلوية وأن ترتبط بمن هم خارجها عن طريق الاستقطاب والمصالح فى النهاية تتصالح، الجانب الآخر من الصورة أن الثوار أنفسهم معرَّضون لكى نرى بينهم درجات من التطرف الدينى التى تعلن عن نفسها وهو ما ينشر الخوف بين السوريين عندما يعقدون مقارنة بين الماضى بكل ما يحمله من استبداد وقمع بينما القادم يحمل رؤية ضبابية خصوصا أن الدول التى سبقت سوريا فى الربيع تونس ومصر وليبيا تعانى من هذا الفصيل الذى يتدثر بالإسلام ويطل عليها متوعدًا بتلوين الحياة كما يريد، الثورة فى سوريا مثل تونس ومصر كان وقودها هؤلاء الذين تطلعوا لكى يروا بلدهم يعيش فى حرية ولا يمكن أن يستبدلوا بقمع الأسد قهرا دينيا يعيدهم أحقابًا إلى الخلف دُرّ.

هل هناك من يغتال النقاء الثورى؟ نعم من يشهرون سلاح الدين فى وجه المخالف فى الرأى، من يتصور أن المعركة مع رغدة أو سلاف أو دريد لحام هؤلاء يقزّمون الثورة العظيمة، لا يمكن أن تنجح ثورة من خلال مطاردة رجل عجوز يُطلَب منه أن يرفع علم الثورة انتقامًا من ابنته، أنا أختلف بالطبع مع مواقف رغدة ودريد وسلاف ولا أجد حتى عذرًا للقسط الوافر من الفنانين السوريين الذين يقفون فى تلك المنطقة الرمادية بين الثورة والأسد ولكنى فى نفس الوقت أرى أن أى محاولات لتصغير الموقف الثورى بالخطف أو التهديد يجرح الثورة ويصيبها فى مقتل. 

سينما النهضة.. استرها يارب!

طارق الشناوي

16/3/2013 2:03 ص

لم يكتفِ أصحاب النهضة مما يحدث فى ربوع مصر من نهضة اقتصادية وفكرية وأمنية، فقرروا أن يحيلوها أيضًا إلى نهضة سينمائية.

أمس، كان من المفروض أن يُعرض فيلم «التقرير»، باكورة إنتاج أفلام النهضة فى قاعة سيد درويش التابعة لأكاديمية الفنون، البعض اعتقد أن القضية هى فى كيف يسمح بتداول فيلم قبل موافقة الرقابة، وهو ما فتح الباب إلى تأكيد انحياز السلطة إلى صبغ مصر بكل ألوان الطيف الإخوانية، سعر الدعوة وصل إلى 100 جنيه، والتوصيل بسبعة، أثارت العديد من التساؤلات، هل من الممكن أن يدفع مواطن مصرى هذا الرقم فى فيلم يلعب بطولته محمد شومان، ومعه عدد من الفنانات الصاعدات المحجبات، كل ما سبق ذكره بالطبع يستحق الاهتمام، ولكن فى الحقيقة ما توقّفت عنده هو تلك التقسيمة القادمة بين سينما إسلامية مقدّمة طبقًا للشريعة، وأخرى ليبرالية مقدمة طبقًا للمعايير الفنية. مثلما استطاع الإخوان بغشومية زرع الفرقة فى ربوع الوطن بين مَن لديه لحية إخوانية أو سلفية أو مَن تضع الحجاب والنقاب، ومَن يؤمن أن الله لا ينظر إلى وجوهنا ولكن إلى قلوبنا.

ما أراه فى هذه الأعمال الفنية، أنها تسعى إلى تأكيد تلك الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، حيث يصبح كل شىء يسير فى اتجاهين متعارضين، مجتمع يرنو إلى الحرية ويريد أن يبنى من جديد دعائم المواطنة على أسس مدنية، بينما دولة من خلال فصيل واحد تسعى لكى تُقسّم الوطن بين ذقن ولحية وحجاب ونقاب، فتقدّم لهم سينما على مذاقهم.

لم أشاهد الفيلم، ولكن من السهل جدًّا أن تكتشف من خلال حجاب الممثلات على الأفيش، كيف أن هناك مَن يرى الأمر على هذا النحو، تطبيق معايير دينية صارمة على الشاشة، ولن أتعجّب مثلًا إذا شاهدت الفيلم، ولم أجد به موسيقى وترية، حيث إن بعض المتزمتين حرموا الوتر وأحلوا الدُف، أى أنهم حرموا النغم وأبقوا فقط على الإيقاع. معادلة بالطبع لا تستقيم، ولكن هكذا عشنا مع هؤلاء الذين لا يرون أبعد من أقدامهم، فهم يعتبرون أن هذا هو موقف السلف الصالح، وهم حريصون على الاقتداء بمن سبقهم دون مراعاة لفروق التوقيت وحدود الجغرافيا. أنا أنتظر فى الحقيقة ما تسفر عنه التجربة، عندما يشاهدها الناس ونعثر وقتها على الإجابة: هل من الممكن أن نرى عملًا فنيًّا بتلك المعايير الصارمة.

لا أخشى على الفن بقدر ما أخشى وأتحسّب من تلك الحالة من الاستقطاب الحادثة بين كل الأطراف المتصارعة، والتى من الممكن أن تُسفر عن تباين فى وجهات النظر تؤدّى إلى فرقة أبناء الوطن الواحد، بينما مرسى ورفاقه سوف يعتبرونها ورقة ضغط لصالحهم.

لست ضد أن تقدّم أعمالًا إبداعية من خلال شركات تضع أمامها مبادئ متحفّظة، ولكنى ضد إطلاق تعبير شرعى وإسلامى، لقد حاولوا أن ينحتوا من قبل تعبيرات أدب إسلامى وموسيقى إسلامية ومسرح إسلامى، وغيرها، والصحيح هو أن تقول إبداعًا أو لا إبداع، سوف نكتشف أن قسطًا وافرًا من الفنانين فى الحقيقة لا يعنيهم أن يُقدّموا أعمالًا فنية بقدر ما يستوقفهم فقط أنهم مطلوبون فى السوق، كثير من الفنانين سوف نشاهدهم وهم يرقصون على إيقاعين مختلفين فى نفس الوقت، مثلًا فى 2007 كان يُعرض فيلمى «علىّ الطرب بالثلاثة»، و«كامل الأوصاف»، الفيلم الثانى بطولة حلا شيحة، كان يدعو لارتداء الحجاب، ويقدّم المرأة المحجبة باعتبارها هى النموذج، بينما كان الفيلم الأول يتباهى بسيقان ورقص دينا، أخرج الفيلمين أحمد البدرى، عدد من فنانينا هم هذا الرجل الذى من الممكن أن يقدّم العمل الفنى الذى ترضى عنه جهة الإنتاج، أما قناعات الفنان فهى خارج نطاق الخدمة.

«التقرير» من الممكن أن يُصبح هو بداية الغيث الإخوانى من خلال فرض أفكارهم ولا بأس من أن تجد مَن يبدأ فى شن حملات ضد مَن يقف على الشاطئ الآخر، وسوف نرى أننا لسنا بصدد عمل فنى، ولكن توجه صارم يرى فقط أنه الحق ويصادر حق الآخرين فى الاختلاف. تفاصيل عديدة تشير إلى أن «التقرير» فيلم متواضع فنيًّا، وعندما يفكر صنّاعه فى استثماره التجارى، فهذا يعنى أنه مجرد «بلوف» درامى، أنتظر عرضه، سأشاهده باعتبارى مواطن فى دار العرض، حتى لو قرر صناعه أنه ممنوع الدخول إلا لأصحاب اللحى، سأضع واحدة وأنتزعها بعد نهاية العرض. 

الأمن القومى يمنع «اليهود فى مصر»

طارق الشناوي

14/3/2013 3:47 ص

جهاز المخابرات «الأمن القومى» قرر فى اللحظات الأخيرة منع عرض الفيلم التسجيلى «اليهود فى مصر» عرضا تجاريا.

أيدى وزير الثقافة المرتشعة هى التى أرسلت الفيلم عن طريق الرقيب إلى المخابرات للحصول على الموافقة على العرض، الفيلم سبق عرضه فى مصر فى بانوراما الفيلم الأوروبى قبل أقل من ستة أشهر كما شارك وبموافقة الدولة فى عديد من المهرجانات ، ولكننا عدنا كالعادة للخلف دُر حيث إن الرقابة كانت دائما ما ترسل الأفلام إلى وزارة الداخلية أو الأمن القومى المعروف باسم «سكة اللى يروح مايرجعش».

الفيلم مغامرة لأنه يسير على الأشواك، ومجرد التفكير فى عرضه تجاريا مغامرة أخرى، فلم يتعود الجمهور المصرى أن يقطع تذكرة السينما إلا للنجوم، والفيلم التسجيلى لا يقدم سوى بشر عاديين، فما بالكم لو كان العدد الأكبر منهم يهودًا؟

خيط شائك أن تدافع عن حق اليهود الذين عاشوا فى مصر أو لأحفادهم فى الوجود على أرضها مجددا بعد أن غادروا أرضها بغير رجعة حيث تم إجبارهم على التنازل عن الجنسية المصرية مقابل السماح لهم بالهجرة، ولكن لا يعنى ذلك من قريب أو بعيد أن الفيلم يتضمن دعوة للتطبيع مع إسرائيل.

هل كانوا مصريين يهودًا أم يهودًا مصريين؟ أيهما تسبق الأخرى، الهوية الدينية أم الوطنية؟ المخرج أمير رمسيس طرح فى فيلمه التسجيلى الطويل «عن اليهود فى مصر» جانبا واحدا فقط من الصورة، هو جانب اليهود الذين تمسكوا بمصريتهم.

تاريخيا كانت مصر هى مرفأ الأمان لليهود، وبمراجعة الأسماء التى نجحت فى مصر على المستوى الثقافى والفنى فقط فى الزمن المعاصر تدرك أن مصر فتحت ذراعيها للجميع، يعقوب صنوع فى الصحافة والمسرح وتوجو مزراحى فى السينما وعائلة مراد فى الموسيقى والغناء الأب زكى وابنيه ليلى ومنير، وقبلهم الموسيقار داود حسنى، ولدينا فى التمثيل راقية إبراهيم ونجوى سالم وسامية رشدى ونجمة إبراهيم، وعرفت مصر وزراء يهودًا وتجارًا كبارًا، ولا تزال المحلات الكبرى تحمل أسماءهم: «بنزايون» و«شيكوريل» و«صيدناوى» وغيرها.

عدد اليهود فى مصر تجاوز قبل عام 48 رقم 900 ألف يهودى، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا فى مجتمع متسامح.. ثُلث هذا العدد عاش فى مدينة الإسكندرية التى كانت واحدة من أشهر مدن «الكوزموبوليتان» فى العالم حيث تتعدد الأعراق والأجناس والأديان.

توترت العلاقة مع بداية الأطماع الإسرائيلية فى فلسطين وبدأنا نحصى عدد اليهود ونفتش عن ولائهم.. يوسف درويش وهارون شحاتة وهنرى كورنيل وغيرهم، أسماء ترددت كثيرا فى فيلم أمير رمسيس كان ولاؤهم المصرى ليس محل شك.

العلاقة بين ثورة يوليو واليهود حملت قدرًا من التوجس.. من الواضح أن اللواء محمد نجيب كانت لديه نظرة سياسية ثاقبة، وذكر الفيلم أنه عندما احترق الدقيق الذى يُستخدم فى المعابد اليهودية لصناعة الخبز كطقس دينى كان حريصًا كأول رئيس لمصر على الحفاظ على هذه الشعيرة اليهودية وأصدر قراره باستيراد الدقيق باعتبارهم جزءًا من نسيج الوطن، بل إنه طبقا لما ذكره الفيلم طلب من الشيخ الباقورى أن يتراجع عن تصريح له يحمل شيئا من البغضاء لليهودية كديانة.

عبد الناصر أيضا كان منحازا إلى مبدأ المواطنة رغم أنه فى حرب 56 انقسم اليهود فى مصر حول طبيعة الولاء لمصر ولإسرائيل.

لم يتعرض الفيلم لأرقام تؤكد أسباب الهجرة هل كانت بسبب الخوف من الاضطهاد أم أن اليهود فضلوا مع سبق الإصرار الهجرة إلى إسرائيل.. هناك مجموعة من اليهود ارتبطوا بالمنظمات الشيوعية واليسارية فى مصر ولاؤهم المصرى واضح، هؤلاء شريحة ضئيلة لا تعبر عن كل اليهود، إلا أن السؤال عن موقف اليهودى الذى يعيش على أرض مصر وليس منخرطا أو مغموسا فى السياسة، ما مشاعرهم الحقيقية تجاه مصر؟!

لا نعادى اليهودية كديانة.. رسالة مهم أن تصل إلى العالم، ولكن ليس كل يهودى عاش على أرض مصر أحب مصر، ومن أحبها هل توقن أن أبناءه وأحفاده أيضا انتقل إليهم هذا الحب؟! الفيلم فى عمقه يرفض التمييز الدينى أو العرقى أو اللونى، قضيته هى المساواة بين الجميع. ويبقى السؤال: هل من الممكن أن يُقبِل الجمهور على فيلم تسجيلى وأبطاله يهود؟ وقبل أن نعرف الإجابة عن هذا السؤال كانت الدولة قد تدخلت من خلال جهاز الأمن القومى ومنعت العرض التجارى، ولأن الدولة خارج الزمن لم تدرك أن كل مواقع التواصل الاجتماعى أخرجت لسانها لقرار المنع وعرضت الفيلم بكثافة مشاهدة منقطعة النظير، فلقد منحوا «اليهود فى مصر» أكبر دعاية لم يكن يحلم بتحقيقها. 

ضحكة سعاد وشجن فريد!

طارق الشناوي

13/3/2013 2:55 ص

دائمًا ما يستقر عمل فنى واحد فقط فى وجدان الناس، ليصبح هو عنوان المناسبة، وتموت بجواره كل الأعمال الفنية الأخرى.. مثلًا عيد الأم والذى نحتفل به فى الأيام القادمة، لا يتبقى سوى «ست الحبايب»، شعر حسين السيد وموسيقى محمد عبد الوهاب، وبصوتى فايزة أحمد وعبد الوهاب.. فى احتفالات السد العالى «قلنا ح نبنى وادى احنا بنينا السد العالى» لأحمد شفيق كامل وكمال الطويل وعبد الحليم.. لو عدت إلى أرشيف الإذاعة لاكتشفت وعلى أقل تقدير أن السجلات تحتفظ بعشرات من الأغانى قُدّمت فى عيد الأم لكل من صباح وفوزى ونجاة وشادية ووردة وعلى الحجار وغيرهم.. وللسد العالى غنّى كل المطربين، على رأسهم عبد الوهاب وفريد ونجاة وفايزة، أم كلثوم لها قصيدة من شعر عزيز أباظة وتلحين رياض السنباطى، والتى تقول فى أحد مقاطعها «يفتح الرزق وهو سد فينساب جنوبا فى أرضنا وشمالا».. كما أن عبد الوهاب محمد كتب لها أغنية أخرى لحّنها رياض السنباطى، تقول كلماتها «حوّلنا مجرى النيل يا سلام على ده تحويل»، لم تعش فى الذاكرة أى من هذه الأغنيات، ولكننا كلنا لا ننسى عبد الحليم وهو يردّد «ضربة كانت من معلم خلّى الاستعمار يسلم»!

أرى دائمًا أننا نميل إلى اختصار الموقف الوطنى أو الاجتماعى أو السياسى فى أغنية واحدة، حتى فى مناسبة مثل الربيع، فإنها قد صار لها عنوان واحد «ربيع فريد الأطرش»، وكأنه ارتباط شرطى، الربيع يساوى فريد، والتى يطلق عليها فى الشام أغنية «الفصول الأربعة»، لأن شاعر الأغنية مأمون الشناوى، كان يكتب عن تغيّر الحب بين فصول العام الأربعة، وليس للربيع فقط «وادى الشتا يا طول لياليه ع اللى فاته حبيبه.. يناجى طيفه ويناجيه ويشكى للوجود تعذيبه».. حتى جاءت أغنية كمال الطويل وصلاح جاهين «الدنيا ربيع والجو بديع قفّلى على كل المواضيع.. مافيناش كانى ومافيناش مانى، كانى مانى إيه ده الدنيا ربيع» من فيلم «أميرة حبى أنا» لحسن الإمام عام 74، ومنذ ذلك التاريخ صارت للربيع أغنيتان نشعر فى ترديدهما بقدوم نسماته!

سر «الدنيا ربيع» أن جاهين والطويل وسعاد قدّموا وجهًا ضاحكًا ينضح بالتفاؤل والشقاوة، بينما مأمون وفريد قدّما وجهًا تسكنه ومضات الشجن.. ولا يحدث ذلك فقط فى مجال الأغنية، ولكن فى السينما أيضًا يتكرر نفس الموقف، مثلًا بعد فيلم «الكرنك» لعلِى بدرخان، الذى صار يعبّر عن تكثيف للوجه القمعى لزمن عبد الناصر لما كان يُعرف فى منتصف السبعينيات بسينما مراكز القوى والتعذيب.. قُدمت تنويعات عديدة من الأفلام على نفس التيمة، كلها تسعى إلى زيادة مساحات التعذيب والاغتصاب أكثر، لأنهم توقّعوا أنها سوف تحطّم الإيرادات تحطيمًا، ولكن ما حدث هو أن الناس نسيت كل هذه الأفلام ولم يتبقَّ سوى «الكرنك»، وفيلم «رد قلبى» لعز الدين ذو الفقار 58، بين عشرات من الأفلام يحتل مكانة مميزة، فهو فى صدارة أفلام ثورة يوليو، والناس تعارفت على أن الأميرة «إنجى» مريم فخر الدين، والبرنس «علاء» أحمد مظهر، وضابط الشرطة «حسين» صلاح ذو الفقار، وضابط الجيش «علِى» شكرى سرحان، ابنى الباشجناينى حسين رياض، والسفرجى الأسمر «إدريس»، صاروا أبطال أحداث الثورة.. لا شك أن كل الأفلام التى قدّمت بعد ذلك سارت على نفس الدرب، ولكن «رد قلبى» هو فقط الفيلم الذى يحمل ختم النسر.. فى عيد الربيع ننسى كل الأغنيات وظل ربيع «فريد الأطرش» متربعًا على العرش، وعاشت الربيع 30 عامًا ملكة متوّجة حتى ظهر منافس آخر موازيًا لها فى النجاح، لأن صلاح جاهين وكمال الطويل قدّما وجهًا متفائلًا ضاحكًا يقفز منتشيًا بقدوم الربيع، ويقفّل على كل المواضيع!

النجاح كان تتويجًا لهذا التوافق اللا شعورى بين لحن كمال الطويل وكلمات صلاح جاهين وسحر صوت سعاد حسنى الذى عبّر عن حالة البهجة بهذا الرنين الخفى الذى يتسلّل بنعومة لمشاعرنا.. «الشجر الناشف بقى ورور والطير بقى لعبى ومتهور واحنا ح نصيف إمتى أمّال دلوقتى ولّا فى سبتمبر».. بينما فريد لا يزال يحتل مساحته فى وجداننا وهو يقول «وغاب عنى لا طمّنى ولا قال إمتى راح أشوفه وأقول يمكن ح يرحمنى ويبعت للربيع طيفه»! 

سرقوا «الآى باد» وأكلتُ النَّبق!!

طارق الشناوي

12/3/2013 4:00 ص

فى شارع المنيل وفى عز الظهر وعلى مرأى ومسمع من الجميع فوجئت بموتوسيكل يستقلّه ثلاثة وينزعون من يدى بعنف جهاز «الآى باد».. مرت لحظة صمت من هول المفاجأة، وفى ثوانٍ استوعبت، حاولت أن أطاردهم وصرخت ولم يساعدنى أحد كانوا قد نجحوا فى تنفيذ خطتهم التى من الواضح أنهم يمارسونها وكأنهم يحتسون كوب الشاى، لأن الموتوسيكل يستطيع أن يتسلل بين العربات ولن يلحقه أحد. اكتشفت فى ما بعد أن هذا المشهد صار ثابتا ومتكررا فى ربوع من نطلق عليها المحروسة. إنه السطو بالإكراه الذى يتم فى ظل غياب الشرطة وتوقُّف اللجان الشعبية عن المساعدة التى كانت هى الطابع المميِّز للشارع المصرى بعد الثورة، من الواضح أن كل المكبوت من العنف قد وجد طريقه الآن، لأن الفوضى تنجب تنويعات من الفوضى، لقد علمتُ من أمين الشرطة الذى حرر الواقعة أنه يوميا يتلقى بلاغات فى حوادث مماثلة لأشقياء يمارسون السطو على كل شىء من كاوتش عربة إلى موبايل أو «آى باد»، والقسط الأكبر منهم ليسوا مسجلى خطر أى أنهم عناصر إجرامية جديدة مما يجعل مسؤولية الشرطة أكبر والإمساك بهم أقرب إلى المستحيل، خصوصا أننا لا نحتفظ عادة برقم الجهاز الذى من الممكن تتبعه، وإلقاء القبض على من وصل إليه حتى لو لم يكن هو السارق.

هل تستطيع الشرطة المصرية أن تؤدى وظيفتها وهى منكسرة، اختيار انطلاق الثورة 25 يناير تحديدا كان رسالة مقصودة فهو عيد الشرطة والاحتفال بالثورة فى هذا اليوم رسالة واضحة لا تحتمل الشك، تؤكد أن الناس قررت أن تمحو للأبد زهوة الشرطة رغم الأهمية التاريخية لاختيار هذا اليوم والذى كان تخليدا لذكرى موقعة الإسماعيلية التى راح ضحيتها خمسون شهيدا وثمانون جريحا من رجال الشرطة المصرية على يد الاحتلال الإنجليزى فى 25 يناير، بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزى.

الجراح أراها غائرة، وربما الشرطة فى جزء منها ترى أن المصريين الذين تمردوا على الشرطة يستحقون ما حاق بهم من انفلات ليدفع رجل الشارع الثمن.

لم تكن المرة الأولى التى أتعرض فيها للسرقة، ولكنها الأولى التى أرى فيها السطو بالإكراه، لقد قال بعض المارة بعدها إنه من حسن حظى أننى لم أتشبث بجهاز «الآى باد» وإلا كان تم سحلى فى أثناء التنفيذ وبعدها سيحصلون أيضا على الجهاز.

البعض يعتبر أن مثل هذه التصرفات الصغيرة لا يمكن أن تعبر عن طبيعة المصريين، وهذا حقيقى، ولكن تكرارها يشير إلى أن تلك الرغبة كانت كامنة تتحين الفرصة ووجدت أخيرا فرصة للتنفيس. أتذكر قبل أربع سنوات أن تعرضت لحادثة سرقة فى مهرجان «كان» وتم السطو على جهازَى الموبايل واحد مصرى والثانى فرنسى، وهكذا وجدت نفسى معزولا وكل وسائل الاتصال مستحيلة، ورغم ذلك قاومت فى لحظات وأكملت رحلتى وتابعت الأفلام وأرسلت مقالاتى إلى جريدة «الدستور»، حيث كنت أنشر يوميا مقالين، الثانى فى الصفحة الأخيرة.

السرقة فى فرنسا اعتمدت على خفة يد، كنت فى إحدى المكتبات أتابع بعض صفحات فى جريدة واضعا أمامى ما أحمله من كتب وتليفونات فامتدت يد مدربة واستحوذت عليهما، وتعاملتُ مع واقعى الجديد، وأنجزت واجبى فى المشاهدة والقراءة والكتابة.

الصحفى صار بينه وبين «الآى باد» علاقة خاصة ولا يمكن الاستغناء عنه، لم تعد هناك ملفات إلا على الجهاز بعد أن انتهت فى السنوات الأخيرة علاقتى بالتسجيل على الأوراق.

من حسن الحظ أن أغلب مقالاتى أحتفظ بها على جهاز «لابتوب» وصرت أخشى أن أمشى فى الشارع إلا وأنا أحتضن اللاب كما أنك ينبغى أن تسير فى شارع اتجاهين وتختار الاتجاه الذى يتيح لك أن ترى كل القادمين رغم أن الضربة قد تأتى إليك من موتوسيكل يسير عكس الاتجاه. الإحساس بالخوف هو الذى يسيطر على كل من تعرض للسرقة ولكن علينا أن لا نستسلم، بعد الواقعة مباشرة وجدت فكهانيا يحدثنى عن وصول فاكهتى المفضلة «النبق» ولم أردّ حتى على ندائه، ولكنى رجعت إليه بعد دقائق معدودة لكى أشتريه فلقد سرقوا «الآى باد»، ولكنهم لن يسرقوا حبى للنبق، نعم صرت أحتضن المحمول و«اللابتوب» بيدٍ وأتناول بالأخرى حبات النبق. 

فضيحتان والثالثة مجانا!!

طارق الشناوي

10/3/2013 2:36 ص

بينما تعيش ربوع الوطن فى حريق وتتبدد أوصاله، اتجه عدد من النجوم للهروب من الدراما بعد أن ضاقت الفرصة إلى البرامج. هل هو مورد رزق جديد أم أنه وسيلة لإثبات الحضور أم لعله فرصة ذهبية لتصفية الحسابات.. أعتقد أنه كل ذلك!!

قليل هم الفنانون الذين يعبرون عن حقيقة آرائهم وما يجيش فى أعماقهم، والأغلبية يبحثون عن مزيد من الأموال، حتى ولو كان الثمن هو بيع مزيد من الفضائح، بل بعضهم صار يردد من أجل إقناع الزبون «اشترِ ثلاث فضائح بثمن اثنتين».

تقلص عدد المسلسلات الدرامية المنتجة هذا العام بسبب ضبابية سوق التوزيع، وكثيرا ما قرأنا أن أكثر من مسلسل تراجع صُناعه عن تصويره بعد أن دفعوا العربون للنجوم خوفا من خسارة وشيكة. وعلى الفور لم يرضَ أغلب النجوم بالوقوف فى انتظار ما لا يأتى، وهكذا انتعش على المقابل سوق البرامج التى يقدمها الفنانون وشاهدنا جحافل منهم وهم يتزاحمون عبر القنوات، وعندما ضاقت بهم الشاشات، صار الوجود فى البرامج الرمضانية واحدا من الأهداف الاستراتيجية التى يسعون لتحقيقها.

كنا نتابع تلك البرامج من خلال نغمة ثابتة تتكرر وهى العزف على وتر الانقلابات السياسية ما بين الثورة والفلول كان هو -التيمة- الرئيسية بعد ثورات الربيع العربى، هذه المرة عاد الحنين مرة أخرى لبرامج النميمة، عدد منها يجرى تصويره فى القاهرة وبيروت ودبى وتفوح من كواليسها الآن تلك الرائحة.

الكل يعلم أن الفنان يأتى لتلك البرامج من أجل حفنة آلاف من دولارات، مقابل أن يجرؤ على فتح النيران على نفسه وزملائه، وكلما فتح أكثر نجح البرنامج أكثر وفى نفس الوقت وجد أنه مطلوب فى قنوات مماثلة وبمبالغ أكبر!!

إنه نوع من «البيزنس» التجارى مهما غلفه البعض بشعارات مثل قول الحقيقة العارية، وأنه لا يريد أن يكتم شيئا فى قلبه ولا يعلمه جمهوره الحبيب، وأنه يبغى الحق ولا شىء غير الحق. وبعدها تنفلت ماسورة الكلمات المتجاوزة ضد كل الفنانين وعبر كل الفضائيات ولا شىء من الممكن أن يتصدى لحالة الانفلات اللفظى إلا بمزيد من الانفلات اللفظى.

بالتأكيد لا أحد فوق التقييم والانتقاد، أم كلثوم تعرضت فى حياتها تصريحا وتلميحا لهذا الاتهام وهو أن أغنياتها سبب هزيمة 67، وعلى صفحات الجرائد قال وقتها الموسيقار محمود الشريف «إن أغانيها أسهمت فى انتشار المخدرات فى مصر»، وأن هذا هو سر النكسة التى منيت بها مصر قبل نحو 46 عاما!!

وجمال سلامة قال فى الثمانينيات من القرن الماضى إن المطرب الشعبى الريس متقال قناوى متقال لديه ثقافة موسيقية أكثر من الموسيقار محمد عبد الوهاب.

صباح تخصصت فى الحديث عن عديد من أزواجها الذين خانوها، وألمحت إلى خيانتها لبعضهم. مريم فخر الدين تكرر هجومها ضد فاتن حمامة.. تُطل مريم عبر الفضائيات لتقول لا، لسنا جوارى حتى تُصبح فاتن حمامة هى سيدة الشاشة.

نجوم هذا الجيل ملعبهم الأساسى هو بيع أدق أسرار حياتهم الشخصية: حب وخيانة وشيكات دون رصيد وتعاطى مخدرات، ولا يمكن أن تعتبرها أسلوبا فى العلاج النفسى أو التطهير الداخلى عن طريق البوْح، لأن الحقيقة هى أنهم يبوحون ولا يتطهرون، والدليل ستجده فى العام التالى عندما يذهبون إلى برنامج مماثل ويكررون نفس الحكايات مع إضافة نكهة مختلفة وطعم «سبايسى»!!

عدد قليل جدا من الفنانين يحرصون على أن لا يورطهم أحد فى أحاديث شخصية، مثل فاتن حمامة ويحيى الفخرانى ومحمود عبد العزيز، يرفضون تلك النوعيات من البرامج، بينما فيروز تغلق تماما هذا الباب مهما كان الإغراء المادى حتى البرامج التى تتناول التاريخ الفنى دون أن تتطرق إلى الجانب الشخصى مرفوضة أيضا.

مثل هذه البرامج تنعش المحطات الفضائية التى تتهافت على شرائها لما تحققه من كثافة إعلانية.. ولا ألوم المذيع الذى ينقب ويعثر على الفضائح.. ولكن ألوم على الفنان الذى يوافق على هذه الصفقة فهو يقبض المبلغ الذى يساوى فضيحته، ويبقى فى الجعبة نوع آخر وهو برامج المقالب التى يشارك فيها الفنانون، وهم يعلمون أنهم بصدد لعبة مكشوفة، والجمهور من الوهلة الأولى يدرك أنها مكشوفة، إلا أنهم وحتى تكتمل الشروط يصدّرون للجمهور كم هم سُذج والدليل أنهم لم يكتشفوا المكشوف، وكله بثمنه فى مزاد الفضائح العلنى!! 

خذوا الحكمة من ميشيل هانكة!!

طارق الشناوي

8/3/2013 4:11 ص

بعد انتهاء حفل توزيع جوائز الأوسكار كان السؤال عن فيلم العام الذى حصد القسط الأكبر من الجوائز؟

صعد على الفور اسم فيلم «حب» للمخرج النمساوى ميشيل هانكة الذى بدأت رحلته مع الجوائز مبكرا عندما اقتنص فى البداية سعفة «كان» فى شهر مايو الماضى، ومرورا بجوائز مسابقة أفضل فيلم أوروبى ثم «سيزار» الفرنسية التى تقابل «الأوسكار» الأمريكى، ثم تم تتويجه بجائزة أفضل فيلم أجنبى بالأوسكار، ورغم ذلك عندما سألوه عن شعوره أجابهم بأنه بالتأكيد فى حالة نشوة، ولكن يظل إقبال الجمهور على الفيلم هو أهم جائزة ينتظرها فى حياته.

لا يزال تعبير «أفلام مهرجانات» يتردد بين الجمهور وأيضا النقاد على اعتبار أن هناك بالفعل أفلاما يحرص صناعها على أن يقدموها إلى المهرجانات من دون أن يعنيهم الجمهور لأن عينهم على المهرجان!!

الأمر به قدر لا ينكر من الصحة، خصوصا عندما يخذل الجمهور الفيلم يقولون إنهم ينتظرون حكما آخر هو تقدير المهرجانات ومقالات النقاد، مما أدى إلى أن نجد أنفسنا أمام خط فاصل و«بون» شاسع بين أفلام الجمهور وأفلام المهرجانات.

ولو تتبعت منهج المسؤولين عن الاختيار فى أكبر المهرجانات مثل «كان» فى العقد الأخير، ستكتشف أن نسبة غالبة للأفلام المشاركة داخل مختلف التظاهرات سواء فى المسابقة الرسمية أو الموازية مثل «نظر ما» أو فى قسم «أسبوعى المخرجين» أو «أسبوع النقاد» ستكتشف أنها تتمتع أيضا بالحس الجماهيرى!!

المسافة تقلصت أو فى طريقها لكى تنتهى تلك الفجوة، ثم من قال إن أفلام الجوائز تخلو من الحس الجماهيرى؟! لديكم مثلا فيلم «تيتانيك» أو «مليونير العشوائيات» الحائزين على الأوسكار 98 و2009 كما أن فيلم «حب» حقق نجاحا فى العروض التجارية التى أتيحت له فى أكثر من دولة أوروبية وخليجية وعربية، وبالطبع العرض التجارى فى مصر محفوف بالمخاطر ولكن هذه قصة أخرى!!

فى تاريخنا السينمائى عدد من الحكايات المثيرة وهى الأفلام التى ناصبها الجمهور العداء، بل ورشق دار السينما بالحجارة، بينما انتصر لها بعض النقاد وبعض المهرجانات، أتذكر على سبيل المثال «باب الحديد» ليوسف شاهين، عندما لمح الجمهور اسم فريد شوقى على أفيش السينما اعتقد أنه بصدد فيلم بطولة وحش الشاشة ثم اكتشف على الشاشة أن البطل هو يوسف شاهين الذى لعب دور «قناوى»، بينما فريد شوقى «أبو سريع» كان بطلا مساعدا.. حدث هذا عام 1958 ومع مرور السنوات أصبح «باب الحديد» فيلما جماهيريا عندما يعرضه التليفزيون ينتظره الملايين، بل إن هذا الفيلم -الأبيض والأسود- عرض قبل عدة سنوات فى فرنسا وحقق أرباحا وصلت إلى 100 ضعف ميزانية إنتاجه. «شىء من الخوف» لحسين كمال عند عرضه عام 68 لم يحقق أى إيرادات تذكر ثم صار بعد ذلك إحدى علامات السينما المصرية والعربية والنداء الشهير «جواز عتريس من فؤادة باطل» أصبح إحدى المقولات الشعبية التى ترددت بقوة بعد ثورات الربيع العربى!!

أذكر الفيلم الاستثنائى فى تاريخنا وأعنى به «المومياء» لشادى عبد السلام عام 69 حقق هذا الفيلم للسينما العربية وجودا فى كل المحافل السينمائية الدولية، حتى إن معهد العالم العربى بباريس أطلق اسم شادى عبد السلام على إحدى قاعات العرض، وفى إطار مهرجان «كان» قبل ثلاث سنوات شاهد العالم «المومياء» مجددا فى قسم «سينمات العالم» المتخصص فى اكتشاف الأفلام المؤثرة عالميا، وألقى المخرج مارتن سكورسيزى محاضرة عن إبداع شادى.. لكن الجمهور لم يقبل على «المومياء» لأنه يقدم لغة سينمائية مغايرة لما تعود عليه بتراثه السينمائى التقليدى.

السينما بطبعها أداة تواصل شعبية، والمخرج يقدم فيلمه إلى الناس ولا بأس من أن يجمع الفيلم بين الحسنيين.. أقصد بين النجاح الجماهيرى والنقدى!!

المسافة التى كانت شاسعة بين أفلام المهرجانات وأفلام الجمهور باتت أو كادت تنحصر فى تلك التجارب التى تحمل روحا تجريبية، والمهرجانات من ناحيتها أصبحت تضع هذه الأفلام فى إطارها على هامش المسابقة الكبرى لأن الأفلام صنعت من أجل الجمهور «قاطع» التذكرة لا الجمهور الذى «يقاطع» الأفلام. خذوا الدرس من المخرج ميشيل هانكة وفيلمه «حب» الذى ارتفع رصيده من الجوائز وأيضا رصيده من الإقبال الجماهيرى رغم أنه يتناول قصة حب لعجوزين فى الثمانين!! 

إنهم ينتظرون الشيكولاتة!

طارق الشناوي

4/3/2013 4:00 ص

مَن تسبق الأخرى؟ قالت داليا أنا، وقالت أنغام أنا. فى النصف الأول من حلقات مسلسل «فى غمضة عين» تصدّرت أنغام التترات، وكتمت داليا مشاعر الغضب فى النصف الثانى.. تصدرت داليا ولم تهدأ أنغام.

من الواضح أن داليا استندت إلى شروط تعاقدها مع شركة الإنتاج الذى يقضى بأن تسبق الجميع ولهذا سارعوا فى النصف الثانى بالتغيير لصالحها، لقد أصبح الموقف بين النجمتين يبدو كأنه يسير على إيقاع أغنية المطرب الشعبى الكبير أحمد عدوية «حَبّة فوق وحَبّة تحت»!!

كثيرًا ما تثير كتابة الأسماء على التترات معارك بين النجوم تتجاوز فى سخونتها الصراع الدرامى على الشاشة خصوصا عندما يعتقد كل منهم أنه هو الذى يترقبه الجمهور ولهذا ينبغى أن يتصدر المقدمة.. فى عديد من المسلسلات ذات النجم الواحد تحسم المعركة فهذه مسلسلاتهم ولكن الأزمة تشتعل عندما تشترك مثلًا كل من فيفى عبده ونبيلة عبيد معًا مثلما رأينا فى «كيد النسا» وكُتب اسم فيفى فى البداية ولكى يرضوا نبيلة وجدوا الحل أن يُكتب فى النهاية ويسبقه هذا اللقب الأثير لديها «كل هؤلاء النجوم يلتقون مع نجمة مصر الأولى» نبيلة عبيد. وكأنهم يلقون لها بقطعة شيكولاتة!!

فى مسلسل «طرف ثالث» تساوَى فى الجاذبية الثلاثى عمرو يوسف ومحمود عبد المغنى وأمير كرارة وهكذا تصدروا معًا التترات ولا تستطيع أن تحدد مَن الأول.. فى مسلسل «مع سبق الإصرار» حُسم الأمر لصالح غادة عبد الرازق فهى صاحبة المسلسل ولكن هناك ماجد المصرى وطارق لطفى أيهما يسبق الآخر؟ وكان الحل أن يُكتب اسم طارق لطفى فى نهاية التترات يسبقه لقب «مع النجم» قطعة أخرى من الشيكولاتة.

كتابة الاسم على الأفيش والتترات كانت وستظل تشكل مأزقًا للجميع، المنطق الذى يحكم مثل هذه الأمور «هات مِ الآخر» والآخر هو الأجر مَن يحصل على أجر أكبر يسبق الثانى، بالتأكيد إنه الأكثر جاذبية لدى الجمهور.. بالطبع لا يمكن التعامل بهذه البساطة ولا بكل هذا الوضوح.. هناك دائمًا ممانعة مبدئية تحول دون الاعتراف بذلك، حتى الأجر كثيرًا ما يتشككون فى اعتباره مقياسًا لجاذبية الفنان الجماهيرية لأن هناك أيضًا التاريخ، إنه يظل أمرًا محيرًا.. الواقع فى نهاية الأمر يفرض قانونه وهو أن النجم الذى يتم البيع باسمه هو فقط الذى يملى شروطه ويأتى اسمه سابقًا الآخرين وهو الذى يملك أن يتنازل لو أراد عن هذا الحق.. مثلًا هانى رمزى فى فيلمه «ظاظا رئيس جمهورية» الذى أصرت الرقابة المصرية على أن يصبح اسمه فقط «ظاظا».. هانى طلب أن يسبقه فى التترات الراحل كمال الشناوى ولو لم يصرّ على ذلك فلا يمكن أن تستجيب شركة الإنتاج.. أتذكر أننى سألت عمر الشريف كيف وافق على أن يتقدمه فى التترات اسم عادل إمام فى فيلم «حسن ومرقص» قال لى إنه هو الذى اقترح ذلك على شركة الإنتاج وأضاف «لاحظت أن عادل يريد أن يسبقنى وحيبقى مبسوط أنا مش حتفرق معايا، ثم هو أيضًا له جمهوره فى مصر ولهذا قلت لهم اسمى بعد عادل».. ببساطة وأستاذية تعامَل عمر الشريف مع قانون السوق المصرى.. النجوم الكبار أمثال جاك نيكلسون، لا يتشبثون بأن يسبقوا على الأفيش نجوما مثل ليوناردو دى كابريو أو توم كروز أو براد بيت!!

من المعارك الشهيرة فى كتابة الأسماء فيلم «عمارة يعقوبيان» لأن البطولة جماعية تتابعت الصور على الأفيش ولكن ظل لاسم عادل إمام خصوصية.. كان نور الشريف يشارك عادل البطولة فى السبعينيات وكان اسمه يسبق عادل فى كل اللقاءات المشتركة بينهما ولكنه كان يقول إنه «منذ الثمانينيات صار اسم عادل أعلى فى التسويق ولهذا يسبقنى على الأفيش». نور تعامل مع الخريطة السينمائية باحترافية ولكن ليست هذه هى القاعدة.

الكل يعتقد أن المشاهد يدقق فى ترتيب الأسماء، والحقيقة أن المتفرج بعد نهاية العرض يعيد ترتيب أسماء النجوم وفقًا لإجادتهم على الشاشة، لا أعتقد أن مسلسل «فى غمضة عين» سوف ينهى ببساطة تلك المعركة حتى لو وجد الحل السحرى المؤقت فى اللجوء إلى قانون تبادُل المواقع بين النجمتين «حبة فوق وحبة تحت» لا تزال أنغام تنتظر قطعة الشيكولاتة! 

«التت» وأخواتها!!

طارق الشناوي

2/3/2013 4:05 ص

بينما يدور فى الكواليس الحديث عن ميثاق الشرف الإعلامى المزمع إعلانه خلال أسابيع، وهو بالتأكيد لم يعد يخص دولة عربية واحدة بعد أن اخترقت الفضائيات حاجز الحدود بين المصرى والخليجى والمغربى.. بدأت السلطات المصرية بتوجيه ضربة استباقية لتمنع قناة «التت» ولم يدركوا أن كل فقراتها صارت متوفرة وبكثرة على «النت»، والأهم أن أخوات «التت» منتشرات بقوة فى عديد من الفضائيات.

إنها قناة متخصصة فى الرقص الشرقى وكانت تحظى بنسبة مشاهدة عالية نافست من خلالها برنامج باسم يوسف «البرنامج».

لا أحد يصدق أن المقصود بإغلاق القناة هو التجاوز الأخلاقى، خصوصا أن عشرات الفضائيات تعرض رقصات على الميمنة والميسرة من تردد «التت» بمعدلات اهتزاز أكثر، الرقص ليس فقط فى ارتداء بدلة تحية كاريوكا أو سامية جمال، ولكن هناك بالتأكيد من يرقص بالأفكار ويوزع الهزات هنا وهناك.

لم أرتح إلى هذا القرار، رغم أنى لا أتابع القناة، إلا أن المشاهد أصبح محاصرا بأخبار قتل ودمار ومولوتوف وقنابل مسيلة للدموع وأخرى فاقئة للعيون وخرطوش ورصاص مطاطى وحى، وغيرها من المفردات التى صارت تشكل الوجه الدائم للحياة فى عديد من دول الربيع العربى.

أدار المشاهدون المؤشر إلى «التت» يطلبون هدنة مؤقتة لعل وعسى، قد يعتقد البعض أن الرقص مطارد مع سيطرة التيارات المتشددة على الحُكم وكل مفاصل الدولة، بدليل مثلاً أن رئيس مجلس الشورى أحمد فهمى سبق أن احتج قبل شهر على عرض فيلم «امرأة زوجى» على خطوط شركة «مصر للطيران» بادعاء أن مشاهدة نيللى تُثير غرائزه. الواقع والوقائع تؤكد أن هذه لم تكن المرة الأولى التى يعلو فيها هذا الصوت، بل إن فوازير نيللى التى كانت تقدمها فى السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات كثيرا ما كنا نقرأ عمن يريدون مصادرتها.

قبل نحو 15 عاما كان التليفزيون المصرى يحذف الرقصات من الأفلام القديمة، ولو راجعنا الأرشيف السينمائى سنكتشف أن 90% على الأقل من أفلامنا لا تخلو من مشهد رقص أو اثنين، سواء أكان الفيلم بطولة «عالمة» رقص أم عالمة ذَرة!!

هل «التت» بداية؟ فى ظل حالة التوجس التى نراها بين نظام الحكم الإخوانى وقسط كبير من الإعلاميين والمثقفين، كل المؤشرات تؤكد أننا سنترقب معركة حياة أو موت بين النظام والقوة الناعمة، وفى البداية وكعادة السلطات القمعية تبدأ الطلقة الأولى بادعاء الحفاظ على قيم المجتمع وبعدها تفتح على الرابع.

السلطة ترى أن تطهير الإعلام هو الوسيلة المثلى للسيطرة على روح مصر الرافضة لحكم الإخوان، ولهذا تشكلت لجنة إعلامية تابعة للدولة لرصد ما يجرى وانتهت إلى أن هناك تضليلا متعمدا تمارسه القنوات الخاصة المصرية، وأن الضلال انتقل إلى «ماسبيرو» المعقل الرسمى للإعلام، وطالبت اللجنة الإعلاميين الحكوميين بأن لا يستدرَجوا إلى تلك المصيدة وأن يظلوا وحتى اللحظة الأخيرة دروعا للنظام.

هل صحيح أن الرأى العام فى مصر خاضع لهذه الفضائيات التى لا تتوخى الحقيقة ولا يعنيها سوى نشر الضلال؟ هل مذيعو «التوك شو» أصبحوا يسيطرون على توجهات الناس ويتحملون هم مسؤولية تهييج الرأى العام ضد مؤسسة الرئاسة، أم أن الحقيقة هى أن عشوائية القرارات الرئاسية لعبت دور البطولة فى هذا الشأن؟

هل العالم الواقعى صار تابعا للعالم الافتراضى؟ أم أن المنطق يقول إن ما يجرى على أرض الواقع لو أرضى الناس فسوف يرفضون ما تبثه تلك الفضائيات التى تُعكر صفوَهم، تحميل الإعلام مسؤولية الغضب الشعبى هى حجة البليد.

المنع سلاح فى يد الدول ولكنه مع الزمن فقد كثيرا من فاعاليته، مثلاً القضاء المصرى أصدر قرارا بإغلاق موقع «اليوتيوب» لمدة شهر بسبب فيلم «براءة الإسلام» المسىء للرسول عليه الصلاة والسلام فهل تم تنفيذه، الحقيقة أنه ظل حُكما على الورق. إغلاق قناة «التت» التى تبث إرسالها من خلال قمر «نايل سات» التابع للدولة لن يمنع القناة من أن تُطل على الجمهور من قمر آخر. التعامل مع الفضاء العصرى يطرح على الأنظمة المتحجرة أسلوبا مغايرا لاكتساب المشاهد إلى صفها بما تحققه من إنجازات على أرض الواقع، يبدو أن النظام الإخوانى هو الذى يرقص الآن على «واحدة ونص»!! 

أُم ماليا وأُم أحمد!

طارق الشناوي

1/3/2013 4:11 ص

كانت مفاجأة غير متوقعة عندما أعلنت سيدة أمريكا الأولى ميشيل أوباما مع جاك نيكسون اسم الفيلم الفائز بجائزة مسابقة الأوسكار 85، التى كانت من نصيب المخرج بن أفليك بفيلم «أرجو»، نافست سيدة أمريكا الأولى كل النجوم والنجمات فى الحضور والتألق، الأوسكار ليس مجرد احتفال لتوزيع الجوائز ولكنه يشهد فى العادة معارك جانبية عن الأكثر جاذبية بين كل هؤلاء اللامعين ومنحت مسز أوباما بتلك الطلة التليفزيونية فى حفل الأوسكار للأوسكار أوسكار!!

ماذا لو تخيلنا -مجرد تخيل- أن السيدة الفاضلة نجلاء محمود زوجة رئيس الجمهورية التى تحمل لقب سيدة مصر الأولى قررت المشاركة فى إعلان اسم الفائز فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أو حفل فنى أو ثقافى آخر، «افرض مثلاً.. مثلاً يعنى» أن هذا هو ما تناقلته الفضائيات على الهواء، لا شك أن هناك ثمنا لا يقدر بثمن لو حدث ما تخيلناه ونضرب عصفورين أو أكثر بحجر واحد، الدولة التى يؤكد رئيسها أنها دولة مدنية لن يحتاج رئيسها إلى أن يجرى حوارات مضروبة تؤدى عادة إلى زيادة مساحات الغضب والرفض، كما أنه سيرحم أهله وعشيرته من الانتظار حتى الثانية فجرا وهم فى حالة ترقب لما يسفر عنه اللقاء، والذى لا يجيب فيه عن شىء، عندما ترى السيدة نجلاء التى يحرص الرئيس على أن يطلق عليها «أم أحمد» وهى تعلن الجائزة سوف تخرس كل الألسنة التى تحاول التشكيك فى نيات الرئيس تجاه مدنية الدولة خصوصا فى تلك اللحظة التى يشاهدون فيها مسز مرسى تعتلى المسرح.

البعض حاول البحث عن تفسير سياسى لإعلان «أم ماليا» أقصد ميشيل أوباما تحديدا عن فوز فيلم «أرجو» الذى يمنح المخابرات الأمريكية «CIA» كل تلك البطولة، فى نفس الوقت يهاجم الثورة الإيرانية، لا أتصور الأمر على هذا النحو بل إن ميشيل أوباما لم تكن تعرف حتى لحظة فتح الظرف اسم الفيلم الفائز، ولكنها تفاعلت مع حدث يشاهده الملايين فى أنحاء المعمورة، وهو أهم حفل سينمائى فى العالم أجمع، ولهذا قد تجد مثلا أن فى تعريف نجم سينمائى ربما لا يذكرون الجوائز التى حصدها مثل «سعفة كان» و«دب برلين» و«أسد فينسيا»، ولكنهم لا يغفلون أبدا أنه كان مرشحا للأوسكار، الترشيح فقط وليس الحصول على الجائزة يمنح صاحبه قيمة أدبية تعيش معه طوال مشوار حياته.

ليس لدينا أى أحداث ثقافية تقترب من الأوسكار، ولكن فى الحد الأدنى لدينا أيضا تظاهراتنا وحفلاتنا، لا نريد زوجة الرئيس أن تعيد إلينا سيرة سوزان مبارك التى كان لديها نهم إعلامى حتى إنهم قبل نحو عشر سنوات أقنعوها بأنها تصلح لتقديم حكايات تليفزيونية للأطفال، والكثير من الوزراء كانوا تقربا لها وخوفا منها يحرصون على أن تفتتح أى حدث وتقص أى شريط، هذا النمط لا نريده ولكن أيضا الأمر لا يمنع أن نرى زوجة الرئيس فى حدث ثقافى أو فنى أو اجتماعى بين الحين والآخر.

هل يقبل تنظيم الإخوان والسلفيون أن تلعب سيدة هذا الدور؟ مثلا كانت المرشحة السلفية لمجلس النواب المنحل غير مسموح لها أن تنشر صورتها، وهكذا شاهدنا مرشحات منتقبات وبعضهن نشرن فى الدعاية صورة الزوج وأخريات المتفتحات منهن نشرن صورة وردة.

الرئيس مثلا فى أول معرض دولى للكتاب يلغى لقاءه مع الأدباء والإعلاميين والصحفيين والفنانين وهو لقاء سنوى كان مبارك يحرص عليه قبل آخر خمس سنوات، وبرغم أن كل شىء كان خاضعا للانتقاء ولكن فى الحد الأدنى كان مبارك يعقد اجتماعا، إنجاز مرسى الوحيد أنه تمكن من إلغائه.

مصر لكل المصريين ولكل الأذواق لا أرى أى تعارض بين أن ترتدى زوجة الرئيس الحجاب أو الشادور أو النقاب ونشاهدها فى مهرجان سينمائى، كل إنسان حر أن يختار ثيابه يترك لحيته أم يحلقها لا يوجد تعارض بين أن ترتدى ما تشاء وتعيش الحياة كما تشاء.

هل التيارات المتشددة ستتقبل الأمر ببساطة؟ الغضب العارم سوف يسيطر على هؤلاء وأولهم المرشد سيعتبرها غلطة لا تغتفر، عندما يبث عبر الأقمار الصناعية مشهد مسز مرسى وهى تعلن عن جائزة الفيلم الفائز.. فهل تفعلها السيدة نجلاء محمود الشهيرة بـ«أم أحمد»!!

التحرير المصرية في

01/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)