حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

صلاح عبدالله:

الواقع مخيف والثورة لم تكتمل

حوار - أحمد عثمان

 

ممثل حتي النخاع، وأحد رواد مدرسة الضحك والكوميديا التي اختفت مؤخراً في مصر، استطاع أن يصنع لنفسه مكاناً متميزاً بين أبناء جيله ونجح في أن يعيد تشكيل موهبته في أدوار متنوعة ينفذ من خلالها لقلب جمهوره سواء في دور الطيب أو الشرير، فكلاهما يحمل روح الكوميديا التي يتميز بها ومشواره الفني مليء بالأدوار المهمة الناجحة وربما يكون أروعها دوره في مسلسل «الملك فاروق» في شخصية النحاس باشا والتي نجحت في أن تختصر مسافة التاريخ للأجيال التي لا تعرف هذا الزعيم ورأيناه مثالاً حياً وأحببنا النحاس بكل صفاته من خلال الدور الذي أداه باقتدار مثل كل أدوار الفنان صلاح عبدالله.. الذي يجسد الآن بطولة مسلسل «الوالدة باشا» في دور يراه قريباً من حياة الغالبية العظمي للشعب المصري.. وفي حوار خاص لـ«الوفد» كشف عبدالله عن استيائه من الادعاء والتطاول علي الزعيم مصطفي النحاس وكذلك عن حال الواقع الصعب الذي تعيشه مصر والشعب وقال: أري الغد مخيفا والواقع «ملخبط» وأن الثورة للأسف لم تحقق أهدافها حتي الآن.. لكن في وسط الظلام هناك بصيص من النور سيأتي والأمل لن يغيب لان الشعب المصري صبور ومتفائل بطبعه رغم كل الظروف.. وكان الحوار.

·     < في البداية كيف تري هجوم «أبوإسلام» بالباطل علي زعيم مثل مصطفي النحاس الذي عشقناه من خلال دورك له؟

- رغم أنني لم أشاهد هذا التطاول ولم أسمعه بأذني، لكن الواقع يؤكد أن النحاس ربما يكون أهم زعيم في تاريخ الوطن ويراه كثير من الوفديين أنه لا يقل قيمة وقامة عن الزعيم سعد زغلول.. ومندهش بشدة من التطاول علي هذه القيمة والتاريخ، وأضاف: عندما عرضت عليّ شخصية في مسلسل «فاروق» لم أكن أعرف عنه الكثير ولكن بفضل ورق المؤلفة «لميس جابر» عشت الشخصية وعاشت بداخلي ولمست فيها الاحترام والتقدير لهذا الرجل احترمت فيها وطنيتها ودافعها المخلص عن بلدها ووجدت إشادة عظيمة من كثيرين لأدائي لهذا الدور، خاصة الجيل الذي لم يحضره وأضاف: أري والله أعلم أن النحاس من أهم الشخصيات التي يجب وضعها في مقدمة الزعماء الذين أعطوا وأخلصوا للبلد.

·        < أليس هذا التطاول يعد تطاولاً علي تاريخ مصر ورموزها؟

- بكل تأكيد لكن إذا كان البشر لم يتفقوا علي الخالق فهل يتفقون علي مخلوق.. هذه آراء عندما نعطيها أهمية أكثر مما يجب نكون غير منصفين لانها للأسف فيها «خرق» وخروج علي المألوف وظهرت هذه الآراء بكثرة في الفترة الأخيرة وهي غير حقيقية وأري في بعضها إساءة للإسلام العظيم العبقري الجميل السمح الذي نعرفه بأنه دين المحبة والوسطية وللأسف هناك من يلبسون الإسلام لباساً من القسوة والانتقام والتشويه، وهو ليس كذلك. وأضاف في النهاية أنا مسلم حتي لو كنت مقصراً وأغير علي ديني من قبل هذه الآراء وأتمني أن يحسن الله ختامي.. لكن بصراحة هذا التطاول أغضبني بشدة وغير متصور أن يجرح أحد هذا الزعيم بهذا الشكل وللأسف شارك المتطاول بدون وعي في تشويه تاريخنا وهذا يشوه وعي أطفالنا حول تاريخهم وهذه أكبر جريمة. الملك فاروق قالوا عليه «بتاع نسوان» والحقيقة انه ضعيف جنسياً وقالوا عنه إنه «بتاع قمار» وكان هذا شيئا عادياً في عهده وهذه التطاولات تشويه للتاريخ ممكن أكره الشعب في سلبيات الحاكم نفسه لكن لا أشوه الحاكم بالافتراء.

·        < البعض يعتبر هذه الآراء هجوما مضادا علي فشلهم في الحكم؟

- حتي هذه المنطقة تزعجني.. وأنا ضد الهجوم علي الرئيس مرسي ووصفه «النحس» ممكن اختلف معاه كثيراً لكن وصفه وسبه أعتبره تطاولا أيضاً لكن أقبل نقده مثلاً في برنامج الـ 100 يوم، المهم كما قلت والكلام لعبدالله عدم التطاول علي الحياة الشخصية إنما عادي جداً نقد أسلوب حكمه وأخطائه في الحكم وسلبياته وإيجابياته.

·        < وكيف تري صورة الواقع وبكرة في مصر؟

- الواقع مخيف ومليء بالعك واللخبطة.. وهذا يجعلنا لا نعرف إلي أين نحن ذاهبون، وكاذب من يدعي معرفة ذلك ولا أصدقه، فنحن نري مشاهد لم أكن أتوقعها في مصر ولم أحب رؤيتها، وهذا يجعلني أري أن بكرة للأسف مش حلو.. أيضا مثل الواقع الذي نعيشه، خاصة أن الثورة التي راح فيها شهداء كثيرون لم تحقق أهدافها.. لكن من حلاوة وطيبة الشعب المصري أنه متفائل بطبعه في عز لحظات التشاؤم.

·        < وفي رأيك من أوصلنا لهذه النتيجة الصادمة؟

- قال: أتحفظ علي هذا السؤال.

·        < ماذا تقول لجمهورك في رمضان القادم من خلال مسلسل «الوالدة باشا»؟

- هذا العمل هو الوحيد الآن الذي أعمل فيه ولم أرتبط بغيره ومعي نخبة من النجوم «سوسن بدر وعبير صبري وباسم السمرة وآيتن عامر، إيناس عز الدين»، تأليف محمد أشرف وإخراج شيرين عادل، وهذا الدور أحببته، ولم أقدمه من قبل في مشواري الفني لذلك أبذل جهداً كبيراً في محاولة للاختلاف، وهو شخصية من الشخصيات المفروض نبحث عنها في المجتمع ونساعدهم لانهم أحق الناس بالمساعدة ولا يشكون لغير الله لما يملكونه من «عزة نفس» وهي شخصية رجل صنيعي - ابن بلد طيب، عطوف لكن عنده ثغرات في حياته يتزوج من فتاة أصغر منه «إيناس عز الدين» وتحاول أن تستغله نتيجة ظروفه، والعمل يرصد حياة الطبقة الشعبية التي مازالت تمتلك صفة «الجدعنة» وأتمني ألا نفقدها في مصر مهما حدث ويملكون كرامة ويرفضون الثراء بطرق غير شرعية والعمل رغم جديته لكنه يجنح قليلاً للكوميديا، لكن ليست هي الأساس إنما محاولة لإعادة الضحك من قلبنا لأنه أصبح عزيزا في هذه الأيام.

·        < ولماذا غابت الكوميديا في رأيك من خريطة الدراما؟

- بصراحة قلت جداً وبدأ ضياع الدراما والاستغناء عنها بمسلسلات «الست كوم» وأصبح هناك اعتقاد بأن الميلو دراما ينجح أكثر ومازالت السينما تحاول في الضحك وإيراداته أعلي.. وللأسف هذا خطأ درامي لانه ليس من المعقول أن نشاهد 60 عملاً ليس من بينها عمل كوميدي.

·        < وهل تتوقع موسماً درامياً قبل العام الماضي؟

- العالم الماضي شهد أكبر إنتاج وأكبر تأجيلات بسبب الظروف وهناك محاولات أتمني أن تتم علي خير لان الظروف صعبة ولذلك سيقل العدد ويغيب الكثير من النجوم وإن كنت اعترض علي وصفي بكلمة نجم لانني أحب تصنيفي كممثل بينما النجم موال تاني.

·        < وهل تري أن تراجع الكم في هذا الموسم الدرامي مؤشر خطر؟

- بالتأكيد لأن التخوف مما هو آت والنتيجة كم الأعمال التركية التي تعرض علي الفضائيات وهي أعمال في منتهي الخطورة وتحصر الإنتاج الدرامي المصري في رمضان فقط فهذا شيء يخوف لكن أعتقد أن ما يحدث ممكن يبقي موضة وستحدث حالة تشبع لكنها في الوقت الراهن يشكل حالة خطورة كبيرة ورسالة لكل القائمين علي الإنتاج المصري بالاهتمام والتركيز لتجويد المنتج الدرامي أكثر مما هو واضح من التطوير الحالي وتعود الدراما المصرية هي الأساس وتخطي عقبات الإنتاج الحالي.

·        < هل اكتفي صلاح عبدالله بإشباع موهبته في الدراما بعيداً عن السينما والمسرح؟

- المسرح أنا توقفت عنه من 10 سنوات لانه لم يعد فيه مسرح إلا بعض المحاولات القليلة.. بينما السينما أحاول الاستمرارر وتواجدت الحمد لله بقوة في بعض مشاركتي في أفلامها مثل «المصلحة، وحلم عزيز، وبعد الموقعة، وبنات العم» وأسعي دائماً لكل دور مهم يضيف لمشواري دون النظر لمساحته لأننا أصبحنا بحاجة لأعمال سواء دراما ناضجة نسخر فيها من مشاكلها وواقعنا ونشغل دماغنا حتي لو بعيداً عن الكوميديا لأن المصريين دمهم عسل ولو لم يجدوا الكوميديا في الفن سيسعون لإطلاق النكت والسخرية علي «النت والفيس بوك».

·        < وماذا عن مشروع نجيب الريحاني؟

- بصراحة مفيش مشروع لي عن الريحاني فسخت التعاقد وأعدت العربون ولن أغضب من قيام أي زميل بالدور ومنذ 5 سنوات كنت غير موافق علي الدور لكن بعض أصحابي أقنعوني به فقبلته لكن مشاكله جعلتني أعتذر، وبالمناسبة أتمني عمل دور من ريحانات الواقع عن الموظف البسيط المقهور الذي يعثر علي رزقه بالعافية وبصراحة حققت نجاحا اشبعني في النحاس الذي ظل الناس ينادونني «بدولة الباشا» وعملت دور عبدالناصر الذي زرع في ثقافة الثورة وعملت شخصية أبوالسعود الإبياري وأتمني للريحاني أن يري النور لان محمد الغيطي كتبه بعبقرية وعجبني جداً وقتها لكن الخوف من المقارنة سبب بعدي عنه.

الوفد المصرية في

31/03/2013

 

هاشم النحاس.. عطاء متجدد

على أبوشادى

فى عام ١٩٧٢، يقدّم المخرج هاشم النحاس فيلمه «النيل أرزاق» ليفتح -مع فيلم «حصان الطين» لعطيات الأبنودى- صفحة جديدة فى تاريخ السينما التسجيلية المصرية.. فى «النيل أرزاق» يُصوِّر «النحاس»، بحس شاعرى عذب، مجموعة من «الغلابة» اختاروا الماء سبباً للحياة ومورداً للرزق، اختلفت مِهَنَهم وجمع بينهم الكد والعناء والشقاء!

تتميز سينما «النحاس» بأسلوب خاص يتسم بالعشق للإنسان والمكان («الناس والبحيرة» ١٩٨١/ «البئر» ١٩٨٢)، الإنسان المصرى البسيط «المنسى» كما يحب أن يسميه، الذى يبنى الحياة ويحقق نوعاً فريداً من البطولة، الإنسان العادى الذى يعمل وينتج رغم قسوة الظروف.. تنشغل كاميراته برصد التفاصيل.. الوجوه المكدودة والأيادى الخشنة والأقدام العارية («النيل أرزاق» ١٩٧٢/ «أيادٍ عربية» ١٩٧٥/ «فى رحاب الحسين» ١٩٨١)، ويتابع فى معظم أعماله، رحلته مع هؤلاء البسطاء فى حياتهم اليومية، كلهم فى حالة عمل، ينسجون ملحمة البقاء («الخيامية» ١٩٨٣/ «أبوأحمد» ١٩٨٣).. ونلمح فى أفلامه ذلك الاقتراب الحميم من هؤلاء البشر، يحتضنهم، ويحنو عليهم، يبرز ملامح قوتهم فى مواجهة قسوة الواقع.. يقول هاشم النحاس عن منهجه فى التناول: «لا أحب أن أركز على مرارة الواقع.. المرارة الحقيقية فى نظرى أن يفقد الإنسان ذاته، والإنسان المصرى لم يفقد ذاته حتى الآن رغم كل الحصار المضروب وكل الإعصارات التى تجتاحه.. وأملى أن أقف بجانبه فى صموده بالكشف عن مواطن قوته.. أريد أن أُطلع الناس على أفضل ما فيهم.. أن أؤكد أن الإنسان العادى الذى لم يذهب صيته بين الناس، المغمور، والمنسى هو بطل يستحق أن تُخرج عنه الأفلام».. كما يكتسب المكان عنده خصوصية وخصوبة («توشكى» ١٩٨٢/ «سيوة» ١٩٨٦) تكشفان عن عمق العلاقة بين البشر والأرض وتُفصح أعماله عن رؤية اجتماعية متقدّمة تجنح إلى رصد الواقع ووصفه فى محبة وألفة، وحساسية فائقة، وقد حظيت معظم هذه الأفلام بالتقدير، وحصدت عشرات الجوائز من المحافل المحلية والعربية والدولية.

ربما لا يقل تأثير هاشم النحاس النقدى والثقافى عن دوره المرموق ومكانته الرفيعة فى مجال السينما التسجيلية، فقد أثرى المكتبة السينمائية بالعديد من الكتب مؤلفاً ومترجماً وباحثاً، وأسهم بفعالية فى نشاطات المجتمع المدنى، مشاركاً فى تأسيس أهم الجمعيات السينمائية فى مصر منذ عام ١٩٦٠ ميلاد «جمعية الفيلم» أقدم وأعرق جمعيات السينما، مروراً بـ«جماعة السينما الجديدة» و«جمعية نقاد السينما المصريين» و«اتحاد السينمائيين التسجيليين والعرب».

منذ أربعة أيام، وفى السابع والعشرين من هذا الشهر (مارس) أكمل هاشم النحاس عامه السادس والسبعين -متّعه الله بالصحة والعافية وأضاء نور عينيه- أمضى منها ما يزيد على الخمسين عاماً فى محراب السينما متذوّقاً رهيفاً وناقداً قديراً ومخرجاً مبدعاً ومترجماً دقيقاً وباحثاً دؤوباً وأستاذاً أميناً ومفكراً سينمائياً رصيناً، ونموذجاً مُشرِّفاً فى لجان التحكيم بالمهرجانات على المستوى الوطنى والقومى والدولى، وقوةً دافعةً لأجيالٍ تالية، مع خُلق رفيع وأفق رحب، وتواضع جم، متسماً بسماحة الصدر وهدوء الأعصاب وإيمان بحق الاختلاف واحترام الرأى الآخر.

هاشم النحاس واحد من البنائين الكبار «الشقيانين» كأبطال أفلامه التى سوف تظل مكتسبة أهميتها -إلى جانب قيمتها الفنية- لارتباطها الدائم، بتصوير البسطاء الكادحين، ملح الأرض -لا المشاهير- وتقديم صورتهم على الشاشة، مُعلياً من شأن العمل، وهو يتابع رحلة كدّهم، وهم ينشدون نشيد الحياة. 

الوطن المصرية في

31/03/2013

 

 

أمل رزق:

دورى فى "فبراير الأسود" يترجم حال الشعب..ولا تظلموا الإخوان

كتب - عمرو صحصاح 

قالت الفنانة أمل رزق لـ«اليوم السابع» إن دور زوجة خالد صالح الذى جسدته ضمن أحداث فيلم «فبراير الأسود» يحمل العديد من الإسقاطات على حال الشعب المصرى الآن، حيث جسدت دور المرأة البسيطة التى ترحب وتشجع زوجها للحصول على جنسية بلد آخر والهجرة حتى يستطيع أن يحصل على حقه العلمى فى أى دولة أجنبية تقدر العلم وترحب بالعلماء بدلاً من التجاهل الذى يعانيه أصحاب العلم فى مصر، وهو حال العديد من أبناء الشعب المصرى الذى أصبح يشعر بالاكتئاب والإحباط والرغبة فى الهجرة من البلاد حتى يحصل على فرصة عمل خارج مصر بعدما تملكه اليأس بسبب عدم القدرة على تحقيق أحلامه وأهدافه داخل وطنه.

وأكدت أمل رزق أن تجربة «فبراير الأسود» الذى يعرض حالياً فى السينمات كانت مميزة ومتكاملة العناصر بالنسبة لها، لتجسيدها دور البطولة النسائية أمام نجم له جمهوره مثل خالد صالح، ووقوفها أمام كاميرا مخرج مميز مثل محمد أمين دائماً يحمل العديد من الرؤى الهامة فى أفلامه، ودائماً يقدم القضايا التى يعانى منها المجتمع المصرى لذلك لم تتمالك نفسها من الفرحة عندما أبلغها أمين بأنها مرشحة لتجسيد بطولة فيلم جديد له، موضحة أنها كانت ترغب فى العمل منذ فترة سواء مع خالد صالح أو مع محمد أمين وهو ما تحقق من خلال هذا العمل، الذى تعتبره من أهم الأفلام التى تقدم الآن نظراً لأهمية القضية التى يطرحها، موضحة أن كواليس «فبراير الأسود» من أمتع الكواليس التى عاشتها نظراً للحب والتكاتف الذى جمع كل ممثلى الفيلم، خاصة أن تصويره امتد على مدار عام ونصف بسبب كثرة التوقفات التى شهدها بسبب الأحداث.

وعن اختفائها عن الدراما التليفزيونية بعد دورها المميز فى مسلسل «آدم»، للنجم تامر حسنى، والذى أشاد النقاد والجمهور به، أوضحت أنها بالفعل مقلة فى الأعمال التى تقدمها، لأنها لا ترغب فى التمثيل لمجرد التواجد ولكنها تريد أن تقدم أدواراً تستحق المشاهدة والمتابعة، وهو ما جعلها ترفض العديد من الأعمال التى عرضت عليها خلال الفترة الماضية، بعدما اكتشفت تهميشها ضمن السياق الدرامى لهذه الأعمال، مؤكدة أن لها مسلسلا بعنوان «أرواح منسية»، من بطولة صابرين وعزت العلايلى، لا تزال تنتظر استئنافه بعدما توقف منذ فترة، لافتة إلى أنها تظهر من خلاله أيضاً بدور جديد ومختلف عن سابق الأدوار التى جسدتها.

وانتقدت رزق جميع الأقاويل والتى وصفتها بالمبالغ فيها، وهى أن هناك تضييقا على الفن من قبل جماعات الإخوان بعدما تولت زمام الأمور فى مصر، مؤكدة أن العام الماضى كان فى ظل حكم الإخوان وعلى الرغم من ذلك كان الإنتاج غزيرا ووصل عدد الأعمال المقدمة فى الموسم الرمضانى إلى أكثر من 70 مسلسلاً، مشيرة إلى أن الرغبة فى الإنتاج والتواجد على الساحة من عدمه تكون من قبل المنتجين وصناع الدراما فقط، وأكدت رزق أن هناك أيضاً حرية فى طبيعة الأعمال التى تقدم وليس هناك تقييد على هذه الحرية، بدليل الألفاظ الخارجة والتى سمعناها فى العديد من مسلسلات رمضان الماضى، على حد تعبيرها.

يذكر أن فيلم فبراير الأسود يعد من أهم الأعمال الفنية التى عرضت خلال الفترة الحالية لأهمية وقيمة موضوعه كعادة أفلام المخرج المتميز محمد أمين، ويقوم ببطولته خالد صالح وطارق عبدالعزيز وميار الغيطى وإدوارد وأحمد زاهر وسليمان عيد وأنعام سالوسة والراحل نبيل الهجرسى، والذى يعد الفيلم آخر أعماله، الفيلم من إنتاج وتوزيع الشركة العربية للسينما.

قدمت أمل رزق العديد من الأعمال الفنية، خصوصا فى مجال الدراما التليفزيونية التى تعشقها حيث قدمت أدوار هامة فى مسلسلات ناجحة منها "العنيدة" بطولة ميس حمدان وأشرف زكى وأحمد ماهر وأحمد سعيد عبدالغنى، ومسلسل "أدم" مع تامر حسنى، وأيضا "سامحنى يا زمن" و"القطة العميا" و"مذكرات سيئة السمعة"، ومن أبرز مسلسلاتها أيضا "أسمهان" الذى جسدت فيه دور أمينة البارودى، وأيضا قامت بتجسيد دور الفنانة الراحلة راقية إبراهيم فى مسلسل "أنا قلبى دليلي" الذى تناول قصة حياة المطربة الراحلة ليلى مراد.

أما فى السينما فقد شاركت أمل رزق فى عدد من الأفلام السينمائية لكنها قليلة منها فيلم "جيم أوفر" بطولة يسرا ومى عز الدين، وفيلم "85 جنايات" بطولة حسين فهمى ورغدة، و"الشرسة" بطولة عزت العلايلى وصفية العمرى.

اليوم السابع المصرية في

30/03/2013

 

أحمد زكى..النجم الذى قاد ثورة تمرد شخوصه على السيناريو لتصبح أيقونات حياة

علا الشافعي 

لم أنس يوما عندما أمسك النجم الراحل أحمد زكى سيناريو فيلم "سوق المتعة" والذى كان مرشحا له، قبل أن تسند بطولته للنجم محمود عبدالعزيز، وقتها كنا نجلس فى أحد فنادق القاهرة، حيث يقوم الكاتب وحيد حامد مؤلف الفيلم بكتابة أعماله وقام أحمد زكى بتمثيل أحد مشاهد الفيلم، وتحديدا المشهد الذى يحاول فيه بطل الفيلم الجلوس على "التواليت" بعد خروجه من السجن فيفشل، لأنه لم يعتد على ذلك فى السجن الذى قضى به معظم سنوات شبابه، وقتها حول أحمد زكى المساحة الصغيرة التى نجلس إليها إلى موقع تصوير يصول ويجول فيه، ولم نملك سوى أن نصفق لتلك العبقرية والتى كانت قادرة على تحويل أى شخصية على الورق إلى شخصية حية من لحم ودم تنبض بالحياة، وأيضا روى المخرج محمد خان كيف كان يعمل أحمد زكى على شخصية الحريف _ والتى كان مرشحا لها أيضا قبل النجم عادل إمام ولكن خلافه مع خان جعله يبتعد عن الدور _ ويحكى خان كيف كان زكى مغرما بالشخصية ويعمل على وضع خطوطها العريضة وملامحها النفسية والشكلية وارتأى هو أن بطل الفيلم يجب أن يقوم بحلاقة شعره، فى حين أن خان كان يريد البطل طويل الشعر قليلا، خان كان يروى ذلك ليؤكد على الطريقة التى كان يعمل بها أحمد زكى وفى محاولة لتلمس سر عبقرية ذلك الفنان وكيف كان يعشق عمله إلى درجة لا ينافسه فيها الكثيرون، وكيف كان يتعامل مع الشخصية كعجينة يشكلها ويضيف إليها، وهو ما جعل كل الشخصيات التى لعبها ارتبطت به لدرجة أن المتلقى لا يستطيع أن يتخيل فنان آخر مكان عبقرى التمثيل وبلغة أهل السينما "كان يقفل الشخصية التى يقدمها حيث لا يستطيع أحد الاقتراب منها مرة ثانية".

تلك الموهبة جعلت من بعض الشخصيات التى جسدها الفنان الراحل أيقونات فى تاريخ السينما، والأخرى صارت موضة اجتاحت البلاد فى تسعينات القرن الماضي، وبات الشباب يقلدها على مستوى الشكل والأداء ومنها شخصية "حسن هدهد" والتى انعكس تأثيرها على شرائح كبيرة من المجتمع المصرى والتى جسدها الراحل فى فيلم كابوريا من إخراج خيرى بشارة، "ومستطاع" "فى البيضة والحجر" للمخرج على عبد الخالق و"عبدالسميع" فى "البيه البواب" للمخرج حسن إبراهيم، و"محمد" فى النمر الأسود للمخرج عاطف سالم و "صلاح" فى "مستر كاراتيه" للمخرج محمد خان.

كل واحدة من تلك الشخصيات تستحق 

أن يفرد لها مساحات عريضة من المقالات النقدية حول تأثيرها فى شخصية المجتمع المصرى عامة والشباب خاصة، فبعد تجسيد زكى لدور "مستطاع" طالب الفلسفة ودارس العلوم الإنسانية، والذى يعجز عن إيجاد فرصة عمل وتحوله الصدفة إلى شيخ يحضر الأرواح ويفك الأعمال، حاول البعض تقليد تلك الشخصية وتلبسته روح مستطاع والتى قدمها أحمد زكى بذكاء شديد، على مستوى الشكل والروح والتحولات، والتناقض بين مستواها العلمى وما ارتضته لنفسها بحكم الواقع الحياتى الصعب، أما "عبد السميع" فى البيه البواب فصار نموذجا للبواب الطموح والذى يحاول بكل الطرق أن يستفيد من الفرص المتاحة أمامه ويقتنصها لتصب فى مصلحته، ويتحول من مجرد بواب إلى صاحب أملاك وصارت أغنيته "أنا بيه أنا بيه " تغنى فى المقاهى والأفراح ويرددها الشباب فى كل مكان.

ولم يكن الأمر مجرد صدفة أو حظ فنى عابر، بل إنه نتيجة لموهبة واجتهاد من أحمد زكى، فشخصية محمد التى جسدها فى النمر الأسود صارت نموذجا للشباب الراغب فى الهجرة والتحقق، ورغم أن الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لأحد الشباب المصريين إلا أن أحمد وضع بصمته الخاصة على الشخصية لذلك صارت نموذجا.. وصارت جملة: "علمنى عربى موهمد وعلمك ألمانى"، يرددها الشباب فى سياقات مختلفة

وفى عام 1989 بدأ المخرج خيرى بشارة مع زكى مرحلة فنية جديدة بفيلمهما(كابوريا)، حيث تمرد خيرى على الواقعية الجديدة التى قدمها فى السابق، وخرج معه أحمد زكى إلى منطقة جديدة من الأداء والشعبية وقدما كوميديا غنائية تسخر من تناقضات الواقع الاجتماعى، وهو الفيلم الذى استقبله بعض نقاد السينما فى مصر بهجوم، بينما أقبل عليه الجمهور المصرى بحماس شديد، فحقق إيرادات مرتفعة لم تسجلها سوى أفلام قليلة وقتئذ، وبإتقان شديد جسد أحمد شخصية "حسن هدهد" الشاب الفقير الملاكم والذى يحلم مع صديقيه محمود ومصطفى فى الوصول إلى الأوليمبياد، ويعجز عن تحقيق هذا الحلم ويكتفى بإقامة منافسات ملاكمة فى الحى الشعبى الذى يقطن به، كما يفشل فى إقناع والد الفتاة التى يحبها بالزواج منها، ويتصادف مرور حسن وأصدقائه أمام عوامة المليونير سليمان، فتدعوهم زوجته حورية للمشاركة فى مباريات للملاكمة فى قصرهما المنيف مقابل مكافآت مالية مغرية فى الوقت الذى تخضع فيه مباريات حسن هدهد مع منافسيه من الشبان الآخرين لمراهنات خيالية بين حورية وسليمان، يحقق حسن انتصارات مبهرة ليحصل على أموال طائلة وينتقل للإقامة بقصر سليمان، حيث تسعى حورية لإغرائه لكنه يرفضها فتلفظه وتقرر الآثار لكرامتها، ويكتشف حسن أنه صار دمية يعبث بها سليمان وزوجته، فيلقى بما كسبه من مال فى وجه حورية ويهجر الثراء والقصر ليعود إلى الحى الشعبى الذى يقيم فيه، يبدأ من جديد فى جولات جديدة من الملاكمة مكتفيا بنظرات محبوبته الوادعة.

وصار حسن فى قصة شعره والنظارة التى كان يرتديها، والقمصان التى ظهر بها موضة بين الشباب وصلت إلى حد الهوس، وأيضا أغنية "أزأز كابوريا "تحولت الى أغنية الشارع ومازالت تغنى حتى الآن لدرجة أن مطربى المهرجانات أوكا وأرتيجا أعاد غنائها بطريقتيهما.

رحل أحمد زكى وترك أفلاما وشخصيات تصنع حياة كاملة وتعيش لأجيال قادمة وذلك هو الفن والفنان الحقيقى الذى لا يفكر سوى فى العطاء ويعطى من روحه، وهو الفن الذى لم يؤثر فقط فى جيله الذى عاصره، بل إلى الجيل الحالى الذى يستشهد بجملته الحوارية فى فيلمه "حب فوق هضبة الهرم" تأليف نجيب محفوظ والتى يقول فيها "كلهم كدابين وكلهم عارفين إنهم كدابين وكلهم عارفين إننا عارفين إنهم كدابين.. وبرضوا مستمرين فى الكدب"، ليضع الشباب تلك المقولة على صورة زكى إسقاطا على الوضع السياسى الحالى.

الخروج للنهار..

السينما التى تعرف جمهورها ولا يعرفها

كتب أحمد شوقى 

فى إطار المسابقة الرسمية لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية أقيم العرض المصرى الأول لفيلم "الخروج للنهار" للمخرجة هالة لطفى، بعد أن حصد جوائز مهرجانى أبو ظبى وقرطاج بجدارة، ليكون عرض الأقصر هو أول لقاء حقيقى بين الفيلم والجمهور الذى تقصده المخرجة وتعرف عنه الكثير، جمهور مصر التى قدمتها هالة لطفى بصورة مغايرة تماما عما اعتادت الأفلام المصرية على فعله.

لا أزعم أن الفيلم قد نال إعجاب الجميع، بل كان هناك الكثير ممن وجدوا مسافة بينهم وبينه لم يتمكنوا من اجتيازها، ولكن هذه سمة أى عمل فنى يمتلك شخصية واضحة لا تحاول الموائمة ولا اللعب داخل حيز المضمون، تماما مثل المخرجة الشابة التى أصرت أن تنجز فيلمها بالكامل بتمويل ذاتى، لتحرر إبداعها من كل قيود الإنتاج والتوزيع وحسابات الجماهيرية وشباك التذاكر.

طريقة تمويل الفيلم ليست إنجازا فى حد ذاتها، فكم من فيلم مستقل إنتاجيا هو أكثر إخلاصا للمنظومة من أفلام أنتجت بالطرق التقليدية. ولكن الإنجاز الحقيقى فى "الخروج للنهار" هو أنه فيلم يعيد الاعتبار للمصرين وللسينما ذاتها، فهو فيلم صادق يتعمق داخل التكوين النفسى لشريحة كبيرة من الشعب المصرى بدلا من أن يسعى لتغييبهم، وهو فيلم مخلص للفن البصرى يعلم صناعه أن سؤال "ماذا تقول؟" صالح لتقييم أى عمل فكرى، بينما "كيف تقوله؟" هو السؤال الأصح الذى ينبغى طرحه عندما نتحدث عن فن كالسينما.

وعى المخرج ومتعة النقد

وعى المخرجة الكبير بالخصائص الحقيقية للصورة السينمائية وإدراكها لأدوات المخرج الأصيلة تجعل من التعرض النقدى لفيلمها أمر ممتع حتى ولو اختفلت معه. فعلى العكس من المخرجين الذين يعملون وكأن دورهم هو تقديم معادل بصرى لحكاية مكتوبة، فيجبرون الناقد على تقييم أفلامهم طبقا لقواعد الحكى التى تنتمى للمسرح أكثر من انتمائها للسينما، فإن المخرجين أمثال هالة لطفى يدفعون النقاد للعودة إلى الأراضى السينمائية، الأراضى التى لا يساوى فيها الفيلم حكايته، فالفيلم الحقيقى لا يمكن تلخيصه أو سرد أحداثه مهما أفردت من مساحة لذلك

الفيلم الحقيقى هو كل لقطة من لقطاته، وكل قطع بين هذه اللقطات، وكل نظرة من عينى ممثل أو انطباع على وجه ممثلة أو لحظة صمت بينهما. و"الخروج للنهار" فيلم حقيقى مصنوع بوعى كامل، ليلعب كل عنصر من عناصره دورا فى توصيل تلك الحالة الشعورية التى تسيطر على المشاهد منذ اللحظة الأولى، لتحرك ذهنه تدريجيا ليطرح الكثير من الأسئلة محاولا العثور على إجابات تملأ الفراغات المتروكة فى العلاقة بين الابنة وأمها ووالدها القعيد، الفراغات التى تجعل عالمها هشا، تماما كعالم كل من يشاهد الفيلم فيجده يمس شيئا داخله حتى لو لم يتمكن من تحديد هذا الشىء.

عن الإيقاع وسلاح الملل

طريقة التلقى الخاصة التى يحتاجها الفيلم والتى يشترك خلالها المشاهد نفسه فى تكوين الحكاية عبر إسقاط جزء من هواجسه وأحلامه ومخاوفه على ما يراه على الشاشة هى طريقة غير معتادة فى السينما المصرية التى عوّد صناعها الجمهور، على أن يكون "متلقيا" يصله كل شىء بشكل واضح، وهو الاختلاف الذى جعل البعض يزعم أن إيقاع الفيلم يعانى من بطء يسبب الملل.

هذا الاتهام يرد عليه المخرج التشيلى الراحل راؤول رويز الذى تحدث عن نفس القضية فقال أن "الملل هو أحد أسلحة السينما البديلة"، وهو تصريح صادم وضع به المخرج الكبير يده على اختلاف جوهرى يميز السينما التى تنتمى لها هالة لطفى عن التراث السينمائى التقليدى سواء فى هوليوود كما كان رويز يقصد أو فى مصر كما نقصد نحن.

فالشكلين الأكثر وضوحا فى غالبية الأعمال التقليدية المنتمية لمنظومة الصناعة تدور فى فلك نوعين من السرد هما الميلودراما والهايبردراما. ففى الأعمال التراجيدية التى تعتمد على الميلودراما يكون هدف صانع الفيلم هو خلق حالة توحد بين أبطاله وبين المشاهد بحيث يجعل الأخير ينسى واقعه مؤقتا ويعيش مع الأبطال أزمتهم. أما أعمال الهايبردراما كأفلام الأكشن والخيال العلمى وبعض الكوميديا فإن الشخصيات تكون وسيلة أو وعاءا يصب فيه المخرج حكايته، ويقوم المشاهد عادة بتفهم دوافع الشخصيات والتعاطف معها، ولكنه لا يتوحد كليا مع أزمتها ويحتفظ دائما بمقعد المشاهد.

أما السينما البديلة التى ينتمى لها فيلم "الخروج للنهار" فتعمل ذهنيا بطريقة مغايرة تماما، طريقة يقوم فيها طول اللقطات مع لحظات الصمت بفرض تلك اللحظات التى قصدها رويز بكلمة الملل

فبمقاييس السينما السائدة هى لحظات لا يحدث فيها شىء ينبغى حذفها من زمن الفيلم، ولكن ما يحدث فيها فى السينما البديلة هو دفع ذهن المشاهد للتوحد مع الشخصيات ولكن ليس على طريقة الميلودراما، فالمشاهد لا يتوحد مع الأبطال ليعيش أزمتهم بل ليعيش أزمته، ولا ينسى خلال هذا التوحد واقعه بل ينغمس أكثر فيه ويراه بشكل أكثر تأملا، ليخرج من الفيلم بقيمة حقيقية تضاف لوعيه، حتى لو لم تذكر هذه القيمة داخل الفيلم على طريقة الأفلام السائدة!

أهمية التجربة كخطوة للمستقبل.

كل ما سبق يوضح سر اعتقادى بأن الفيلم يعيد الاعتبار للسينما المصرية ويفتح آفاقا حقيقية لمستقبل صناعة مغايرة، ليس لأنه أنتج بشكل مستقل، ولكن لأن صانعته تفكر بشكل مستقل، بشكل يتخلص من كل قيود السرد الشفاهى المتجزرة فى أفلامنا، لتأخذ خطوة واسعة نحو فن السينما الأكثر رحابة

وكأى عمل فنى طليعى يصعب تصور تحقيق "الخروج للنهار" لأى نجاح تجارى، لأنه وإن كان فيلما يعرف مشاهديه جيدا فإنهم أنفسهم لا يعرفونه، وخبراتهم المتراكمة مع الأفلام التجارية ستجعل التعرض للفيلم تجربة ليست بهذا الإمتاع، ولكن قياسا على قدر وعى هالة لطفى الواضح فى فيلمها فمن المؤكد أنها تعرف هذه الحقيقة، وتعرف أنها تلعب الآن دورا شديد الأهمية فى إعادة تشكيل وعى المصريين لجعلهم أكثر انفتاحا على سينما حقيقية تخلص لهم ولا تغيبهم، وتفعل ذلك دون ركاكة أو خطابة أو مباشرة.

اليوم السابع المصرية في

31/03/2013

 

بعد مرور‏36‏ غاما علي رحيله عبد الحليم حافظ الغائب الحاضر

كتبت:ناهد خيري 

يأتي‏31‏ مارس كل عام حاملا معه ذكري رحيل العندليب الأسمر الذي غيبه الموت بعد معاناة طويلة مع المرض تاركا خلفه تراثا كبيرا من الغناء والفن الأصيل الذي نعيش عليه حتي الآن‏.‏

كانت رحلته الفنية مليئة بالصعاب بدأها بالالتحاق بمعهد الموسيقي العربية قسم تلحين عام‏43‏ وبعدها التحق بفرقة الإذاعة عازفا علي آلة الأبواه عام‏50,‏ وقد اكتشفه الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي سمح له بعد ذلك باستخدام اسمه ليكون عبد الحليم حافظ الذي ذاع صيته ليلقب بعد ذلك بالعندليب الأسمر‏.‏

يري العديد من المطربين والملحنين أن حليم حالة فريدة ولن تتكرر فهو حكاية شعب‏..‏ رغم أن مصر ولادة ولا تنضب ولكن للعندليب صفات قلما تواجدت في فنان آخر ولهذا قالوا عنه لقد رحل حليم بجسده ولكنه سيظل حيا بيننا بأعماله الفنية

ويتذكر الأبنودي أغنية المسيح التي جمعته بحليم وبليغ حمدي‏,‏ قائلا‏:‏ ذهب حليم بهذه الأغنية للأزهر الشريف لإجازتها ورفضت الذهاب معه وقلت له إنني حاد وقد أصطدم بأحد منهم فتمنع الأغنية بشكل نهائي وطلبت منه تبليغي بملاحظاتهم وبالفعل طلبو تعديل بعض الكلمات واستطعت إقناعهم بالبعض‏,‏ أما جملة صلبوه نفس اليهود فأصروا علي تعديلها فبدلتها بخانوه نفس اليهود‏,‏ وبالفعل أجيزت الأغنية ولكن بشرط ألا تغني إلا في الحفل الذي سيقام في لندن وبالفعل لحنها بليغ حمدي وغناها حليم علي مسرح آلبرت هول بلندن وطلبوا العرب من المستمعين إعادتها ثلاث مرات‏,‏ وبالفعل نفذ حليم طلبهم وأعاد غناءها رغم صعوبتها‏,‏ وقد تعرض حليم لحادثة اغتيال من يهودي بسبب هذه الأغنية‏,‏ وبعد مرور الزمن كسرت هذه الأغنية أدراج سجنها وخرجت للناس ونستمع إليها الآن ومازلت أعتبرها مع أغنية موال النهار من أفضل ما أنشدنا أنا وبليغ وحليم‏,‏ عبد الحليم كان شابا وطنيا مخلصا صادقا في عواطفه الوطنية والوجدانية‏,‏ وكان دائما يقول لنا هذه الأغنيات سنتباهي بها في المستقبل ولن أنسي مواقفه معي وانا في المعتقل وكيف كان لي الصديق والأخ وكثيرا ما أغضب من نفسي لأنني أغضبطته كثيرا‏,‏ بل وربما أشقيته بملاحقتي لمحاولة اقتطاف أكبر عدد من نصوصي ليغنيها‏.‏ رحم الله حليم رحمة واسعة‏.0‏ قال الإعلامي وجدي الحكيم إنه قبل رحيله بيومين اتصلت به للاطمئنان عليه وكان يشعر برحيله عن الدنيا فطلب مني أن أسلم علي مصر وأهلها جميعا ومازلت أتذكر هذه المكالمة وكأنها كانت بالأمس مستكملا كنت أتمني أن يكون بيننا الآن ليري بنفسه شعبيته التي تزيد كل عام بمعدل كبير ولكنه رحل وترك خلفه ثروة كبيرة للأجيال التي تلته‏,‏ وحب الشباب له بكل هذا القدر يعني أن حليم كان يغني ليس لجيله وحسب وإنما غني أيضا للأجيال التي تلت جيله ونري هذا واضحا في الأغاني الوطنية الني نسمعها في كل المناسبات التي مررنا بها وكأنها كتبت الآن وأضاف الحكيم أري بارقة أمل كبير في الغناء بسبب حب الأجيال الجديدة لأغاني عبد الحليم وأشعر في الفترة المقبلة أن الغناء سوف يستعيد مكانته بفضل التاريخ الذي تركه حليم للأجيال تتعلم منه كيف يكون الغناء بحق‏.‏

أما الملحن محمد سلطان الذي حرمه القدر في اللحظات الأخيرة من التعامل مع حليم فيقول‏:‏ جاءني حليم عام‏76‏ ومعه كلمات أغنية أحلي طريق في دنيتي مسجلة علي شريط كاست وطلب مني تلحين هذه الكلمات وأصر علي أن ابدأ التلحين أمامه وبالفعل لحنت مقطعا من الأغنية وهو معي وعندما سمعه أبدي إعجابه الشديد بها وأكد أن استكمل تلحينها بالكامل وقال لي عندما أعود من لندن سأغنيها وبالفعل سافر ومن هناك كان يتصل ويتابعني ولكن القدر وقف حائلا دون غنائه لأحلي طريق ورحل حليم عنا وهو في لندن وبعدها بسنتين طلبت مني فايزة أحمد أن تغني هذه الأغنية وبالفعل أدخلت عليها بعض التعديلات لتناسب صوتها كامرأة وخرجت الأغنية بصوتها ويضيف سلطان عبد الحليم حافظ مطرب غير عادي وحتي يتكرر نحتاج لخمسين عاما فهو مدرسة صار في ركبها العديد من المطربين ولكن إلي الآن لا يمكن أن ينافسه أحد من الأصوات الموجودة‏,‏ كان حليم صاحب موهبة شاملة‏,‏ لقد درس الموسيقي بالإضافة إلي كونه موهوبا موهبة كبيرة منحها الله إياها وكان حريصا علي تقديم الفن الراقي ولم يكن هدفه أبدا جمع الأموال علي حساب الفن وأشار سلطان إلي أن حليم أحد أعلام عناصر الفن الجميل الذي جمع بين أم كلثوم وعبد الوهاب وفايزة أحمد ووردة ونجاة وغيرهم ممن حملوا راية الفن الجيد علي عاتقهم لرفع رايته عالية ثم رحلوا جميعا ورحل معهم زمن الفن الجميل مستكملا لقد رحل حليم في سن صغير وفقدته الساحة الغنائية مبكرا وكان خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها بسهولة‏.‏

ومن جانبة ذكر فاروق البابلي مدير فرقة التراث للموسيقي العربية حادثة قديمة مازال يتذكرها حدثت عام‏70‏ وقال كنا نجري بروفات يومية لأغنية رسالة من تحت الماء بالقاعة الكبيرة بجامعة القاهرة وفي أخر يوم بروفة خرجنا جميعا من القاعة وقام حليم بغلق الباب بالمفتاح خلفنا حتي يتأكد من سلامة المكان ويتأكد من أن كل شيء سيظل في مكانه كما هو مثل أماكن الميكروفونات والكورال والكراسي وفي اليوم التالي هو بنفسه الذي فتح الباب‏,‏ وأعتقد رجل يهتم بعمله مثل حليم كان لابد وأن يصل إلي ما وصل إليه من شهرة وحب الجماهير ومن المنطقي أن يصل لقلوب جماهيره ويظل كل هذه السنوات متربعا علي عروش قلوبهم بلا منازع‏,‏ سيظل حليم علي عرش الغناء لسنوات طوال ومهما وصل صيته وزاعت سيرته لأجيال وأجيال فسوف يكون هذا أقل من حقه‏,‏ حليم أحد الأهرامات الغنائية الموجودة في مصر مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وهو علي الصعيد الإنساني دءوب في عمله ويعشقه وأعتقد مصر مليئة بالمواهب والأمل موجود ورغم هذا أظن أنه ظاهرة لن تتكرر وحتي تتكرر لابد وأن تعود موسيقي وألحان وكلمات وجمهور جيل الخمسينات والستينات الذي احترم الفن وقدره حق تقديره‏,‏ حليم أسطورة لن تتكرر‏.‏

ويري المطرب محمود درويش صاحب فرقة كنوز ونجم دار الأوبرا المصرية أن حليم الأول دائما في كل جيل غنائي يظهر‏,‏ لأنه يمتلك موهبة لم يمتلكها غيره من المطربين من حيث التكوين الحسي والعزوبة الصوتية‏,‏ ومن الناحية الإنسانية كان يتفرد بالحضور الطاغي‏,‏ أشعر بسعادة بالغة عندما أحيي حفلا في ذكري حليم وأشعر بعلاقة روحية بيني وبينه لأنه يستحوذ علي كل مشاعري بأغانيه‏.‏ واضاف درويش تمتع حليم بجانب موهبته بقدر من الحظ الذي وضع في طريقه عظماء مثل محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي مما ساعده علي اختيار الكلمات بعناية فائقة وكل هذه عوامل ساعدت علي وصوله لجمهوره واستمراره كل هذه السنوات في المقدمة وعن نفسي أعتبره المعلم الأول لي وللمشاعر والرومانسية والحب وللحق ورغم أننا نعيش مع أغانيه ونسمعه في كل مرة وكأنها المرة الأولي التي نسمعه إلا أننا نفتقده كثيرا ولكن هكذا هي الحياة‏.‏

أنا أول من غني جبار علي خشبة المسرح‏,‏ هذا ما أكده المطرب أحمد إبراهيم الذي قال أن حليم غني هذه الأغنية في الفيلم وحسب ثم أتاه الحظ ليكون أول مطرب يتغني بها علي خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية في أحد مهرجانات الموسيقي العربية مضيفا من غني لحليم أو سمعه يعرف جيدا أن ألحانه بها شجن وحزن وجماليات قلما تواجدت في أغان أخري‏,‏ ومن خلال الحفلات التي أقدمها عرفت أن حليم مطرب لكل الأجيال لا يختلاف عليه‏,‏ كما أن أغانيه قماشة جيدة يمكن من خلالها أن يظهر أي مطرب يغني له مساحات صوته الحقيقية‏.‏

الأهرام المسائي في

31/03/2013

 

شتاء الغضب مازال مستمراً..!

الثورة شعبية وأفلامها ليست جماهيرية

خيرية البشلاوى 

يعتبر فيلم "الشتا اللي فات".. للمخرج ابراهيم البطوط العمل السينمائي الأهم بين الأعمال التي تناولت ثورة 25 يناير.

الفيلم يتجاوز بأسلوب صياغته الفنية ومادته الموضوعية جميع هذه الأعمال سواء كانت روائية أو تسجيلية.. وسوف يل شهادة قوية من وجهة نر جيل عايش الحدث التاريخي الجلل وشارك فيه وكان ضمن ضحاياه علي القمع البوليسي وممارسات أمن الدولة في النام السابق وعلي زخم الثورة الشعبية التي اقتلعت رأس النام.

من بين الأسباب المباشرة للثورة شيوع الاحساس باللم الاجتماعي وبشاعة القبضة الحديدية للدولة البوليسية التي كانت من بين الأسباب الدافعة للغضب والقيام بالثورة واختيار يوم 25 يناير باعتباره عيداً للشرطة كمناسبة للتعبير عن رفض السياسات الأمنية وأساليب التعذيب التي يتعرض لها الشباب المعارض في أقسام البوليس وزنازين الاعتقال.

ومن بين أسباب قوة الفيلم وتأثيره خصوصاً في المحافل الدولية التي شارك فيها اصطياده لجوهر هذه السياسات ولروح الثورة من خلال تصويره لأجواء التجربة التي خاضها بطل الفيلم "عمرو" "عمرو واكد" الذي اقتيد الي الاستجواب والاعتقال قبل الثورة عام 2009 أثناء الحرب علي غزة دون جريمة محددة واقتيد مرة ثانية مع عشرات غيره من شباب الثورة عام 2011.

في نفس السنة 2009 اقتيد الشيخ "ميدو" الرافض للحرب علي غزة ومشاهد استجوابه أمام ضابط أمن الدولة "عادل" نفس الشرطي الذي استجوب عمرو. ويعتبر هذا المشهد وحده من أجمل المشاهد التي صورت ماهر القسوة وأساليب التعذيب غير المألوفة التي تصل بالشيخ الي ان يتبول علي نفسه وذلك بعد تناول كم كبير من السوائل قصراً وبأمر "الباشا" أو تجنباً لزعل "الباشا" ثم حرمانه عمداً من الذهاب الي دورة المياه.. انه مشهد وحيد للشخصية ولكنه غير منفصل عن السياق العام وعن الموضوع المسيطر "الاستبداد" وأيضا عن مفهوم التعذيب المعنوي الهادف الي هدم الاحساس بالكرامة الإنسانية.

توقيت العرض

أهمية الفيلم تتجدد في هذا التوقيت حيث السياق الاجتماعي والسياسي والبوليسي القمعي بعد انقضاء عامين علي الثورة دون ان تختلف الممارسات ولا السياسات ولم تغير الشرطة من عقيدتها. ولا من أساليبها مع المتاهرين الذين يتم اعتقالهم.

وتكتسب مشاهد التعذيب في الفيلم مصداقية كبيرة صورة وصوتاً. فالأصوات التي تأتي من خارج إطار الكادرات أصوات معذبة وكاشفة لوحشية هذه الممارسات وتحمل تعليقات لا تختلف بالقطع عن تلك التي يجهر بها الذين يعايشون تجارب قمع مماثلة.. والأغلب ان كتاب السيناريو فضلاً عن المخرج استوحوا تجربة "الشتا اللي فات" من تجارب حقيقية لشباب عايشوها. وأعادوا بعث الأساليب التي تتبع في تنفيذها والايحاء بحجم التدمير النفسي والمعنوي الناتجة عنها.

أشكال الزنازين العشوائية. والمساحات التي تستخدم كمعتقلات تبعث شتي المشاعر السلبية التي تشيع جواً من العتمة المادية والنفسية أي عتمة المكان. وكآبة الايحاءات التي تولدها التفاصيل المبعثرة فضلاً عن الجراح وآثار الكدمات وبقع الدماء ومع هذه الماهر التي تصور القوي غير المتكافئة بين الجلاد والضحية حرص المخرج علي "صيانة" روح الغضب. والبذور الثورية في صدور الشباب. مثلما حرص ضمناً ومن دون مباشرة علي عدم تسلل الروح الانهزامية الي أي من الشخصيات التي تشكل الخيوط الأساسية في دراما الفيلم. حتي "رجل الأمن" الجلاد. انتهي الفيلم وهو يقضي اجازة علي شاطئ البحر في العين السخنة مع أسرته.. إذن المعركة مستمرة.

كثيرة هي المعاني التي يمكن استخلاصها من بين السطور. ولعل أكثرها تأثيراً مشاهد الجموع الرهيبة التي احتشدت في ميدان التحرير. واللقطات العامة التسجيلية التي تختزن جلال الحدث. وتذكر بامكانية تكراره خصوصاً وأحوال الوطن الآن ونحن نرقب الفيلم توحي بأن ثمة احساس بالغضب والثورة يموج داخل نفس هذه الملايين التي شاركت يوم 25 يناير.

من بين عناصر الفيلم الجيدة الأداء المثقل بالهموم ومشاعر الحزن وبالقسوة اللاآدمية والمشاعر يتم التعبير عنها بمستويات متباينة بدءاً من شهادة المصور العسكري الذي صور حروب البوسنة وجاء الي القاهرة وشارك في ثورتها وتعرض للتعذيب والتي هرت علي شاشة كمبيوتر "عمرو".

هنا لغة الوجه تلعب دورها في تويف الملامح للتعبير عن كم العذاب وكذلك المعاناة علي وجه المهندس الذي يتابع داخل حجرته وقائع هذه الشهادة بينما يدخن سيجارته ويسرح.

ثمة احساس منذ بداية الفيلم يتطور بنفس الخامة الشعورية المعجونة بالحزن والاحباط. والمدعومة بقوة الإيحاء وبالأداء العفوي. وقد وصل هذا الاحساس الي الذروة في المشهد الذي عبر من خلاله عمرو واكد عن حزنه الي درجة البكاء بصوت عال حزناً علي أمه.

مهندس الكمبيوتر شاهد آخر. شاب عادي ابن أسرة عادية ليس ثورياً كلاسيكياً ولكنه لا يختلف عن الشباب الذين أشعلوا شراره الثورة. هذا الشاب الذي يستدعي العوالم التي يعيشها عبر شاشات الكمبيوتر. يجد نفسه ذات يوم معتقلاً وأمام ضابط أمن دولة ويتم نقله داخل صندوق سيارة الأمن التي تدلف الي عمق صالة معتقل سري عبر ممر غير مرئي.

أيضاً الجلاد رجل عادي صحيح انه يحمل رتبة ويعيش حياة بورجوازية يمتلك أدوات الحياة السهلة. ولديه أسرة وأبناء ومنزل أنيق وشاليه علي البحر وخادمة آسيوية لكنه تدرب علي التعذيب. يتناول وجباته أثناء مراقبته لما يدور داخل الزنازين. يعرف كيف ينهش لحم ضحاياه بهدوء ودم بارد وأحياناً "بحنان" مصطنع.

الشخصية تم رسمها بقوة ملاحة. وحسب دراسة لتفاصيل ممارساته المنهجية وقد أداها الممثل بفهم واستيعاب فجاءت مقنعة.

الضحية والجلاد يتلاقيان في الفيلم أكثر من مرة. قبل الثورة وبعد حدوثها. فما بين 2009 و2011 تمر أحداث ويملئ الشريط الصوري بعشرات المعتقلين. وشباب المقاومة الشعبية ونماذج من البلطجية ومن رجال الشرطة المكلفين باستجواب المتاهرين. فالمشهد حاشد والأحداث ملحمية تاريخية.

أماكن التعذيب وأشكال الجلادين. وأصوات الصرخات تنفذ بتأثيرها وتبدو صورة طبق الأصل من حكايات زمن لم ينته بعد.

عمرو يعيش مع أمه ولكننا لا نراهما معاً أبداً. الابن يغيب والأم تبحث عنه في أقسام البوليس. وصورة الأم ورحلتها اليومية التي غالباً ما تعود منها محبطة لا تختلف أبداً عن الصورة الذهنية التي تتراءي للمتلقي في كل مرة تطل أم علي شاكلتها علي شاشة التليفزيون تحكي عن الابن الشهيد أو الابن الغائب في غياهب المجهول.. والمفارقة ان نفس هذه الصورة مازالت حاضرة بعد الثورة وكأن الفيلم يحكي عما كان يحدث سراً دون ان نراه. وكان سبباً في نشوب الثورة ثم أصبح واقعاً يتم أمام أعيننا طوال العامين من 2011 وحتي 2013.

الممثلة التي لعبت دور أم عمرو المصابة بالسكر والتي عاشت بلوعة الحزن علي ابنها الغائب وماتت قبل خروجه من الاعتقال قدمت هذه الشخصية في مشاهد قليلة ولكنها مؤثرة ولم أملك كمتلق إلا أن اصدقها مثلما صدقت جارتها "أم مالك" "سهام عبد السلام" وأدت دورها الزميلة سهام في أول هور لها علي الشاشة. أدت شخصيتها وبنفس مهرها وربما بنفس قميص النوم الذي ترتديه وبنفس الحوار الذي يمكن ان تنطق به في موقف مشابه.

كانت تسأل من شرفتها: لماذا لا نري الذي نراه في الواقع علي شاشة التليفزيون؟! في اشارة الي التضليل الإعلامي الذي أفرد له صناع الفيلم جزءاً من السيناريو.

فالعفوية التلقائية والحوار المرتجل عناصر أضفت علي الشخصيات والأحداث مصداقية كبيرة. أيضاً عنصر المنار وديكورات الشقق التي سكنت فيها الشخصيات عكست بدورها المستوي الاجتماعي والمادي وكذلك كان دور الملابس والمهر الواقعي والطبيعي غير المنمق ما عدا شخصية المذيعة فرح.

فرح والإعلام

لعبت فرح يوسف دور المذيعة في جهاز إعلامي اجتهد من أجل تزييف وقائع الثورة وكذلك قدمت صورة للمرأة التي لعب دوراً عاطفياً محورياً في حياة "عمرو" مهندس الكمبيوتر ومن خلال التطور الذي يحدث للشخصية أثناء الأحداث يقدم كاتباً السناريو "جابي محمد مسعود- ياسر نعيم" ومعهما المخرج تأثير الثورة علي الفرد المشارك فيها وتراجع الطموحات الشخصية أمام الطموح الجمعي الساعي الي الخلاص من الاستبداد وصولاً للحرية.. فالتجربة بمقدورها ان تطهر الجميع وتصهرهم في بوتقة واحدة وان كان هذا لم يتحقق إلا لفترة محدودة.

ورغم تشعب السيناريو وطموح صناع الفيلم وتطلعهم الي تقديم تجربة جماعية لنماذج وأجيال مختلفة. وفي نفس الوقت انجاز عمل يمتلك المقومات الفنية الجديرة بتجربة علي هذا القدر من الأهمية توثق لعمل تاريخي وثورة ليست مسبوقة في تاريخ المنطقة. رغم هذا كله يل فيلم "الشتا اللي فات" أو "شتاء الغضب" حسب الترجمة الانجليزية عملاً غير جماهيري من وجهة نر الشباك. مثله مثل فيلم "بعد الموقعة" ليسري نصر الله.. ويل عمل. ينتمي الي سينما أخري ليست تقليدية ولكنها جديرة بشعب خاض ثورة 25 يناير.

في نهاية الفيلم يبقي عمرو وفرح صورة ثابتة لاثنين من شباب هذا الجيل المغامر المتحول الذي اكتسب وعياً جديداً وشهية للتغيير وقدرة علي مواجهة التحديات.

ومع نزول العناوين الأخيرة نقرأ هذه الاحصائيات المستمدة من مؤسسات متخصصة رسمية.. فقد خلفت الثورة 2286 شهيداً. 371 فقدوا أعينهم. 8469 جريحاً. 12 ألف معتقل. و27 ناشطة سياسية تعرضن للاغتصاب ولكشف العذرية.

رنات

دراما الموت

خيرية البشلاوى

في الثقافات الشعبية يشكل الموت عنصرا أساسيا وفي حكايات الأفلام يحتل مساحات تكبر أو تتضاءل.. 

وفي نسبة كبيرة من الإنتاج السينمائي الروائي بأنواعه المختلفة يحوم شبح الموت. نجده في أفلام الكوارث. أو أفلام الرعب وأفلام الخيال العلمي. وفي الملاحم الشعبية والحروب والحكايات الرومانسية. وأفلام المغامرات.. والأفلام الواقعية.. الخ.. 

حياة الإنسان تشكل مصدرا أساسيا يستمد منه الكتاب والشعراء والروائوين وكتاب المسرح أفكارهم ورؤاهم وفلسفتهم وإلخ.. ولا يوجد أقوي من الموت موضوعا للتأمل.. 

بعض الأفلام الجيدة تطرح اسئلة جدلية حول "النهايات" الخاصة تجاه الإنسان.. ومنها: هل يمكن أن يتصالح الإنسان مع فكرة الموت لو قدر له أن يصاب بمرض لا فكاك منه؟ وسؤال آخر أكثر قيمة: هل قيمة الحياة في طولها أم في مضمونها؟ بقول آخر: الكم أم الكيف؟؟.. فماذا يفيد المرء لو عاش طويلا ومات من دون أن يترك أثرا فيمن حوله. وبالنسبة لأعضاء أسرته. أو في مجال عمله؟ وما قيمة الحياة نفسها إذا لم تتحقق فيها أحلامه وعاش ومات كريشة في الهواء تتقاذفها الريح لا يراها ولا يشعر بها أحد.. فحياة قصيرة تجديه. نافعة مثمرة أقوي واطول أثرا

في الأفلام يمنح الموت خلودا لبعض الشخصيات ببساطة لانها تركت في أعماقنا حزنا دفينا. تأثرنا وبكينا وشعرنا بالخسارة وفداحة الفقدان

العلاقة العاطفية النبيلة التي جمعت بين اثنين فرقهما الموت أو الرباط المقدس الذي ربط حياة اثنين لم تستمر طويلا ولكن أماً وابنها. أو والدا وولده. وصديق وصديقه كلها موضوعات اثيرت وان كانت حزينة

ولو بحثنا عن الأفلام التي ناقشت فكرة الموت سنجد أن القليل منها فقط هو الذي يخلو من هذه الحقيقة الوحيدة المطلقة حقيقة أن الفراق قدر والموت حق

بعض الأفلام تجد نفسك مشدودا للفرجة عليها حتي لو كنت شاهدتها عشرات المرات ولو سألت نفسك لماذا؟ ثم دققت في الإجابة ستجد انك كنت اسيرا لفكرة يطرحها الفيلم في ثنايا الحكاية واكثر الافكار إثارة للحزن والفراق

أفلام مثل "أيامنا الحلوة" ومثل "قصة حب" أو مثل "تايتانك" أو "جسور ماريسون كاونتي" أو حتي "الأب الروحي" و "غادة الكاميليا" و "نهر الحب" ستجد الموت كامنا وفيه الكثير من العات

هناك أعداد مذهلة من الأفلام الجادة التي تتأمل فكرة نهاية الحياة. ومنها ما يدور حول نهاية الحياة البشرية إذا ما استمرت عدوانية الإنسان بالارهاب. بالإنتاج المتزايد لأسلحة الدمار الشامل بالعنف الدموي. بالموت الجماعي المجاني من اجل الانتصار لايدولوجية دينية سياسية سلطوية.. إلخ.. ومن اجل شهوة الحياة

بعض الأفلام صورت الموت كشيء قبيح وقاس وأخري عالجت هذه النهاية الحتمية للإنسان كأمل جميل وبعيد المنال إذا كان المكتوب علي المرء حياة طويلة ولكنها شقية ومليئة بالعذاب

وتتنوع أشكال النهايات وطرائق الموت وتختلف ردود الأفعال من حيث الحدة ومقدار الحزن ولا تختلف إذا جاء الموت في غير أوانه لان اللوعة والاسي ووجع القلب مشاعر لا مفر منها

في ثقافتنا العربية لا يوجد ما يسمي "موت مبكر" أو في غير أوانه لانه لا أحد يموت قبل الأوان فلكل أجل كتاب حتي لو جاءت النهاية في عز الشباب وفي ذروة العطاء ومن دون إنذار ولا مقدمات!! 

في ثقافتنا العربية بصورة خاصة يسكن الموت مكانا جليلا وله قداسة ورهبة. وفي لحات نهاية الحياة تهر علامات يؤمن بها الناس تشير إلي حيث يسكن في جنة الله والنعيم المقيم.. وقد يهر هذا ليس فقط في الأفلام وإنما في الأشعار وفي الروايات وفي الذاكرة الجمعية للناس.

في ذكري رحيلهمــا محاولات العثور علي خليفة لأحمد زكي.. فشلت

كتب - زكي مصطفي

تحتفل الأوساط والهيئات الثقافية والفنية هذه الأيام بالذكري السابعة لرحيل النجم الأسمر أحمد زكي الذي انتقل إلي جوار ربه عام 2005.. وأيضا بالذكري الأولي للفنان الدكتور سيد عبدالكريم الذي اشتهر جماهيريا بالمعلم "زينهم السماحي" الشخصية التي جسدها في أشهر أعماله الفنية.. ملحمة أسامة أنور عكاشة واسماعيل عبدالحافظ "ليالي الحلمية" التي عرضت في 5 أجزاء.. بالنسبة لأحمد زكي يري الكتاب والنقاد وأهل الفن استحالة ظهور من يحل مكان هذا العملاق الذي خسرته السينما المصرية التي تعاني من ندرة وجود مثل هذه النوعية من الممثلين أصحاب الموهبة الفزة والتي تنتمي لمدرسة فن التمثيل..عن اتجاه هيثم أحمد زكي للعمل بالتمثيل فلا شك أنه موهبة متميزة تستحق الرعاية والمساندة.. وأي محاولات لتقديم نسخة ثانية للراحل أحمد زكي من رابع المستحيلات.. وبإجماع الآراء.. فإن كل من ظهروا بعد رحيله وشبههم البعض به.. فياليت كل فنان يحاول ان تكون له شخصية ولاداعي للتقليد والتكرار

أما د. سيد عبدالكريم والذي ودعنا في مثل هذا اليوم "31 مارس" عن عمر يناهز 76 عاما بعد ان ترك لنا تراثا فنيا لا يقدر بثمن ولن نستطيع أن ننسي أدواره التي أكد من خلالها أنه فنان قدير علي الرغم من عدم تفرغه للفن فقد كان أستاذا جامعيا وعضوا في حزب التجميع.. ولكن.. كيف استطاع ان يحافظ علي التوازن بين الفنان والسياسي والأستاذ الجامعي خلال رحلة تزيد علي الـ 30 سنة.. أجاب بنفسه علي هذا السؤال قبل رحيله موضحا.. حبي للفن لم يمنعني من ممارسة دوري كأستاذ جامعي بنفس الدرجة.. زملائي في الجامعة كانوا يعتبرونني أستاذا جامعيا بدرجة فنان.. في نفس الوقت كان زملاء الحقل الفني يتعاملون معي كفنان بدرجة أستاذ جامعة.. وهذا الإحساس كان كفيلا بأن يخلق داخله التوازن الذي يريده ويدفعه للاستمرار في كلا المجالين دون تداخل بينهما.. ولم يشعر يوما بالتأثير السلبي للتمثيل عليه كأستاذ جامعي وسط تلاميذه

أكد د. سيد عبدالكريم رحمه الله.. أنا كأستاذ جامعي أقوم بواجبي كاملا عندما أدخل حرم الجامعة أنفصل تماما عن التمثيل وأتعامل كأستاذ لمادة "مقاومة الآفات" فقط.. إلي جانب الجامعة والفن كانت تجربته مع السياسة من خلال عضويته لحزب التجمع المعارض في عام 9841 ورشح لعضوية مجلس الشعب علي قائمة الحزب في شمال القليوبية في انتخابات نفس العام وللأسف كانت التجربة مريرة فقد سقط جميع أعضاء الحزب في الانتخابات بسبب التزوير وقرر منذ هذه التجربة تجميد عضويته في الحزب ولم يفكر في الانضمام إلي أي حزب آخر.. حتي رحيله.

المساء المصرية في

31/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)