مرت أمس الذكري الأولي لرحيل' وردة الغناء العربي', وعلي الرغم من
مرور12 شهرا علي هذا الرحيل المر فمازال شذاها يفوح عطرا في حياتنا,
وكل يوم يمر وهي بعيدة عنا يزيدها تألقا وجمالا, فصوتها مثل طائرا بجناحين
طليقين يجوب بلادنا بالحب ويدفعنا إلي الأمام بنبراتها وحسها العاطفي و
الوطني الحماسي, وعبر عشرات الأغنيات التي مايزال صدها يتردد من حولنا
ليقودنا إلي نور الحرية, وإلي أزهارالأمل المتفتحة في غد أكثر بهجة وإشراقا.
وردة تستحق منا صفحات وصفحات لكن نظرا لضيق المساحة نكتفي ببعض
الأسرار البسيطة من حياتها ومشوارها الحافلين بالعديد من الأسرار التي
سنكشف لقرائنا الأعزاء بعض تفاصيلها خلال السنوات القادمة بإذن الله.
كان عبدالحليم حافظ يحب السينما, ويعشق مشاهدة الأفلام, وكان صاحب ذوق
خاص في الأفلام التي يفضلها, حيث كان يحب اللون الرومانسي أكثر, وفي ظلام
دور العرض كان حليم يعيش مع الأحلام ويهرب من متاعب الحياة, وكانت بيروت
ولندن هما أفضل الأماكن التي يذهب فيها للمشاهدة, وفي إحدي المرات شاهد
فيلم' فتاة مرحة' لصديقه الفنان العالمي'عمر الشريف, وباربرا سترايسند',
وفي هذا الفيلم بهره الإخراج في آخر مشاهد الفيلم حيث يظلل السواد معظم
الصورة, وتبقي البطلة وهي تؤدي آخر مقاطع الأغنية والضوء مسلط عليها مثل
نجم يسطع بالنور, لذا طلب أن يقتبس هذا المشهد لفيلم' كان يما كان' إخراج
حسن الإمام, وبطولة وردة والذي أنتجته شركة' صوت الفن' التي كان يملكها مع
الموسيقار محمد عبدالوهاب, وبالفعل اقترح علي المخرج حسن الإمام ووردة فكرة
اقتباس المشهد, ورحبا بالفكرة, وقبل أن يغادر الاستديو قال لهما ما رأيكما
لو أصبح اسم الفيلم' حكايتي مع الزمان' بدلا من' كان يما كان' لأن الاسم
الأخير يدعو للنوم, ويناسب الأطفال الصغار أكثر, فهلل كل الموجودين ورحبوا
بالاسم الجديد المقترح.
فيلم لم يكتمل
في بداية الثمانينات قررت وردة العودة إلي السينما بفيلم قوي بعد
النجاح الكبيرالذي حققه فيلمها الأخير' آه يا ليل يا زمن', ووقع اختيارها
علي سيناريو فيلم' قضية حب' لتعود به إلي السينما مع النجم محمود ياسين,
وبالفعل بدأ التصوير, لكن بعد مرور نحو شهر علي دوران الكاميرا, وبعد أن
قطعوا شوطا كبيرا في تمثيل الفيلم توقف التصوير بسبب خلاف بين منتج الفيلم
فؤاد جمجوم ومصوره رمسيس مرزوق لأن المادة الخام التي قدمت للمصور
لاستعمالها كانت موضوعة في أحد المخازن ما جعلها غير صالحة للتصوير.
اختلف المنتج والمصور حول مكان تحميض ما تم تصويره من الفيلم, حيث
اقترح مرزوق أن يتم التحميض في معامل باريس ضمانا للجودة, ولأن معامل باريس
تعتمد علي أحدث التقنيات آنذاك, لكن المنتج تجاهل هذا الأمر, وبدأ تحميض ما
صور في القاهرة فانسحب مرزوق من الفيلم, وقدم شكوي ضد المنتج, وتوقف
استكمال تصوير الفيلم نهائيا, وقدمت وردة أغنياته بعد ذلك في الحفلات
العامة, أبرز هذه الأغنيات' لازم نفترق' و'أهلا يا حب' كلمات حسين السيد,
ألحان محمد الموجي,' الحلم' كلمات عبدالوهاب محمد,ألحان حلمي بكر.
إهداء لسميرة سعيد
بدأت الفنانة سميرة سعيد مشوارها الفني وهي صبية صغيرة في نهاية
السبعينات, وبعد تقديمها لأغنية' الحب اللي أنا عيشاه' كلمات محمد حمزه,
ألحان محمد سلطان, أهداها الموسيقار بليغ حمدي مجموعة كبيرة من الأغنيات
مثل' بنلف, فراق غزالي, سيدي يا سيدي', ورائعة عبدالحليم حافظ' تخونوه', مع
أغنيات أخري حملها ألبومها الأول الذي حمل إسم' سميرة سعيد تغني من ألحان
بليغ حمدي', والطريف أن كل هذه الأغنيات كانت وردة قد سجلتها بصوتها
وصورتها في برنامج' جديد في جديد' الذي قدمه بليغ حمدي لحساب قناة أبوظبي
قبل أن تغنيها سميرة سعيد بسنوات, ولم تقتصر إعادة سميرة سعيد علي هذه
الأغنيات فقط, فبعد اعتذار وردة عن تكملة فيلم' قضية حب' أحضر منتج الفيلم
فؤاد جمجوم سميرة لتصوير الفيلم بدلا منها, وبالفعل سجلت أغنية' الحلم',
لكن تصوير الفيلم تعثر ولم يخرج للنور, لكن الأغنية وعلي مسئولية الموسيقار
الكبير حلمي بكريحتفظ بها الموسيقار هاني مهني.
آخر أقوال وردة للأهرام
إحساسي هو مستشاري الأول في التعبير عن مشاعر الناس وآمالهم وأحلامهم.
الوحيد الذي كان يمكن أن أعيد له الجملة اللحنية أكثر من مرة هو بليغ
حمدي لأن جمله كانت صواريخ عابرة للقارات.
الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب استغل كل إمكانات صوتي, وبصراحة كان'
بيفسحني' بين النغمات.
المطربة التي جعلت من جنسيتها اسما لها
كتب: محمود موسى
قبل عام بالتمام والكمال وفي ليلة الخميس17 مايو2012 رحلت السيدة
وردة, وقادتني الأقدار إلي منزلها وسط مجموعة من المحبين والمقربين منها,
وما زال عالقا في ذاكرتي من هذه الليلة شيئان فقط: هما' القرآن والدموع',
فصوت الشيخ' عبدالباسط عبدالصمد' يأتي مذكرا برحمة الله وسط دموع تتساقط
وحزن يلف الوجوه والمكان.
وردة التي تربينا علي عذوبة صوتها وكلمات أغانيها الرومانسية والوطنية
والروحية والتي جعلت من اسمها رمزا وقيمة, فهي الوحيدة التي جعلت من
جنسيتها الجزائرية إسما لها, وجعلت من أغانيها نشيدا للعاشقين والمحبين.
في هذه الليلة الحزينة رأيت أمامي' نجاة' هذه السيدة التونسية التي
بدأت علاقتها بالفنانة كمعجبة فأصبحت' وردة' بعد ذلك كل حياتها, ووهبت لها
نفسها حبا في'المدام' كما كانت تناديها, وكانت' نجاة' تلك في حالة من
الذهول فهي لا تصدق وتقول:' المدام ماتت علي إيدي', يبدو عليها الانهيار,
دموعها لا تتوقف, وفي داخلها أسئلة من نوع' ماذا أفعل من بعدك؟', تبكي ثم
تتحدث لمن بجوارها:' المدام ذهبت أمس لشراء بعض الأشياء من مول كبير, وماتت
دون أن تفتح الأكياس'!.
أما المخرجة' ساندرا' التي اقتربت إنسانيا وفنيا من وردة وأخرجت لها
فيديو كليب' اللي ضاع من عمري' إحدي أغنيات ألبومها الأخير, وقد كنت معها
أيضا في تلك الليلة حين قالت متأثرة والدموع تتساقط من عينيها قائلة:' كانت
بني آدم وإنسانة.. للأسف اللي بيموتوا هما الناس الحلوة' ثم غرقت في البكاء.
وفي أثناء جلوسي توقفت عند عدد من الصور التي تزين جدران حوائط
المنزل, والتي تجمعها بنخبة من عمالقة السياسة والفن, فهذا هو الزعيم
الخالد جمال عبدالناصر, وهذا عبدالحليم, وهنالك صور أخري لها, وفي تلك
اللحظات في يوم وفاتها جال بخاطري أسئلة مثل: ماذا لو أن الفنانة وردة
توفيت في عهد آخر وزمن آخر عندما كانت فيه مصر بحق الشقيقة الكبري, أوعندما
كانت مصر الزعيمة التي تحتضن الجميع, ولكن شاء القدر أن ترحل وردة عندما
شاخت مصر, فلم يعد للقمم قيمة, ولم يعد للوطنية مكان, وهذا ما جعل من دول
في حجم الأكشاك تنهش في شعب البطولات, ماذا كان سيفعل القادة أو مسئولو
الدولة الرسمية؟.
من المؤكد كان سيتم تخصيص طائرة خاصة لنقلها, ولن ننتظر وقتها لمجئ
طائرة جزائرية تنقل جثمانها الذي وقف علي تراب مصر شامخا يغني للانتصارات
وللأبطال وللعروبة والسلام, أن مصر التي كانت كبيرة كان قادتها يقدرون قيمة
العظماء من الأشقاء, ويدركون قيمة الفن والفنان, ولكن للأسف نحن نعيش في
زمن طالت فيه الذقون وسيطر فيه الكذابون من كارهي الفن والحياة.
واليوم نتذكرها ونقدم لها باقات من الورد والوفاء والعرفان والتقدير
بقدر حبها لكل العرب, ونؤكد أن صوتها سيبقي خالدا يصدح لكل الأجيال التي
تملك قلوبا عاشقة للحياة والوطن.
الجزائر البداية والنهاية
بدأت الفنانة وردة مشوارها الفني في نهاية الخمسينات بأغنية وطنية
بعنوان' كلنا جميلة' ألحان الموسيقار اللبناني محمد محسن, وكانت أول أغنية
خاصة بها وتتحدث عن المناضلة الجزائرية' جميلة بوحيرد', وللمصادفة إنها
قدمت قبل رحيلها بأيام قليلة أغنية وطنية للجزائر أيضا بعنوان' مازلنا
واقفين' بمناسبة الذكري الخمسين لاستقلال الجزائر, وكان من المقرر أن تغني
أغنية وطنية لمصر أيضا بعنوان' الربابة لسه بتغني' تستكمل من خلالها
أغنيتها الشهيرة' وأنا علي الربابة باغني', ومن المصادفات أيضا أنها زارت
باريس التي شهدت طفولتها وصباها قبل أيام قليلة من رحيلها,وكأنها تلقي
عليها بنظرة وداع أو نظرة أخيرة!.
المكالمة الأخيرة
بعد عرض كليبها الأخير' زمن ماهو زماني' أحببت أن نجدد لقاءنا بوردة
مرة أخري ونجري لها حوار طويل' تفضفض' من خلاله ببعض أسرار عن مشوارها
الفني الطويل, واتصلت بوردة علي تليفونها الخاص أكثر من مرة لكنها لم ترد,
وفي المساء وجدت' نجاة' مديرة أعمالها والجندي المجهول في مسيرتها تتصل بي
من باريس وتسألني:' عايز أيه يا أحمد عشان المدام ــ علي حد تعبيرها ــ
وكانت قلقة وخائفة أن يكون قد حدث مكروه لأحد من الأصدقاء الفنانين', وبعد
طمأنتها سألتني عن رأيي في كليب المدام الخليجي الجديد' زمن ما هو زماني'
الذي يعرض علي الفضائيات, وعندما أثنيت عليه, قالت لي بإبتسامة ودودة' طب
خد التليفون وطمن المدام لأنها قلقانة من عدم فهم الشعب المصري للهجة
الخليجية'.
وجاءني صوت ورده الحنون وهي تسأل بلهفة:' حقيقي الكليب عجبك, طب
المصريين فهموا الكلام الخليجي؟', وبعد أن طمأنتها مبديا إعجابي وإعجاب كل
الناس سألتهاعن جديدها قالت:' لما أنزل مصر هقولك كل حاجة,وهخلي نجاة تتصل
بك ونعمل حوار, وعندما ألححت قالت إنها أنهت علاقتها بشركة روتانا وخلال
الفترة المقبلة ستغني أربع أغنيات كلمات وألحان الملحن اللبناني بلال الزين,
منهما اثنين باللهجة اللبنانية التي بدأت مشوارها بها, كما ستتعاون مع
الملحن وليد سعد, ولديها مسلسل بوليسي من تأليف' أجاثا كريستي', لكنها لم
تستقر عليه بعد, ونظرا لعدم اكتمال المعلومات لم ننشر الخبر, وأكتفيت
بوعدها بعمل حوار قريبا لكن الموت كان أسرع!!.
فى موسم الصيف السينمائى..
أفلام يتيمة لصناعــة تحتضــر!
تحقيق: أحمد سعد الدين
حديث السينما الآن بات حديثا ذو شجون, يحمل في طياته ارتعاشة صناعة
توشك علي الاحتضار وإبداعا في وقت ما عاد يقدر إلا بشاعة الواقع,
فبعد أن كان موسم الصيف عيدا ينتظرة صناع السينما بكل
ما هو جديد وجميل قتلت فرحته, تماما كما تبعثرت كثيرا من أحلام السينما
التي يفترض أنها مرآة المجتمع, فموسمنا السينمائي الحالي بفيلميه اليتيمين
انعكاس واضح لمدي ما أصاب واقعنا الثقافي والإبداعي من' كوارث', هذا ما
اتفق عليه كبار النقاد الذين عبروا عما يشعر به المشاهدون دون أن يجدوا
كلاما لتوصيفه, لكن ماذا قال هؤلاء النقاد عن مستوي السينما المصرية
وانخفاض عدد أفلامها في الموسم الحالي وطبيعة ما وصل إليه حال هذه الصناعة
العريقة؟, هذا ماتجيب عنه سطور هذا التحقيق..
الدكتور رفيق الصبان الناقد الفني يري أننا في زمن العجائب, فقد وصلنا
إلي درجة الانحطاط الفني الذي يقبع في القاع, وهو هنا يقسم رؤيته الفنية
لموسم الصيف إلي قسمين, الأول أن عدد الأفلام التي نزلت حتي الآن تدق ناقوس
خطر لم تمر به السينما المصرية من قبل, ويرجع ذلك إلي هروب المنتجين الكبار
الذين استفادوا من السينما في عصرها الذهبي ثم عندما وقعت في أزمة تخلي
الجميع عنها وابتعدوا عن الإنتاج, وجلسوا في مقاعد المتفرجين في انتظار أن
يحدث تغييرا ما في السوق السينمائي فيعودون إلي الساحة مرة أخري, أما القسم
الثاني فهو خاص بمستوي الفيلمين الذين عرضا حتي الآن, وللأسف المستوي الفني
سييء للغاية فمثلا' أحمد مكي' مستواه الفني في نزول منذ أكثر من عامين وأخذ
خطوات كثيرة في طريق النمطية والجمود الإبداعي, وفيلمه الجديد محاولة
لانتزاع الضحك فقط دون النظر لأبعاد السيناريو وكيفية بنائه الذي ذهب في
طريق مختلف عن الفكرة الأساسية, لذلك خرج الفيلم وكأنه وجبه خفيفة ينساها
المشاهد بمجرد الخروج من السينما, أما فيلم' تتح' بطولة محمد سعد فهو صورة
مكررة من أفلامه الماضية الذي بدأها منذ أكثر من إثني عشر عاما, فالشخصية
مستهلكة بشكل كبير واستنساخ لـ' اللمبي', لذلك ليس هنالك من جديد, والفيلم
كله عبارة عن استسهال للتواجد ليس إلا, ومن الغريب أن نجوم الفيلمين عندما
يتحدثون عن النجاح والفشل يلجأون للحديث عن الإيرادات وهذه كالمثل القديم'
حجة البليد', فالمستوي الفني لايقاس أبدا بقيمة الإيرادات, لذلك أري أننا
في أزمة كبيرة يجب أن يتكاتف الجميع للخروج منها حتي تستمر السينما المصرية.
أما الناقدة خيرية البشلاوي فتري أن النجم' محمد سعد' يحاول انتزاع
الضحك من المشاهد عن طريق' الزغزغة', وهو أسلوب عفي عليه الزمن, لكنه يصر
عليه حتي يحقق إيرادات وبهذه الطريقة يفقد الجانب الفني للفيلم, ومن الجائز
أن يحقق بعض الإيرادات في الأسابيع الأولي للعرض, لكن الفيلم لن يعيش في
ذاكرة المشاهدين طويلا, وهو ما ينطبق علي فيلم' سمير أبو النيل' الذي جمع
فيه مكي مجموعة من الشخصيات التي قدمها في أفلامه السابقة فخرج الفيلم'
ماسخ الطعم'.
ورغم أني مع وجود أعمال لها قيمة إلا أنني لا أستطيع مهاجمة الأفلام
التي تعرض حاليا لسبب بسيط وهو أن أي شخص يحاول أن يجعل عجلة الإنتاج تدور
لابد من الوقوف معه لأن السينما قطاع اقتصادي في الأساس, وهناك آلاف البيوت
تفتح من ورائها, كما أن إنتاج فيلم سينمائي يعتبر مغامرة اقتصادية لا يقدم
عليها أحد في الوقت الحالي, والصراع الآن أصبح صراعا لمجرد الوجود وليس
صراعا من أجل التميز الذي كنا ننشده في يوم من الأيام أثناء عصور أزهي مرت
علي السينما المصرية في أوقات سابقة, عندما كنا ننتج80 أو90 فيلما في
السنة, وفي اعتقادي أن هذه الأزمة الطاحنة التي تعصف بالسينما المصرية الآن
سوف تستمر لأن الوضع العام لا يبشر بخير, ولا توجد رؤية واضحة للقائمين علي
هذه الصناعة العريقة التي كانت السبب في انتشار اللهجة المصرية في العالم
العربي خلال القرن الماضي.
ويري الناقد علي أبو شادي أن الطريق إلي الجحيم مملوء بالنوايا
الطيبة, وأن التنفيذ الخاطيء أكثر قدرة علي تحطيم الفكرة والفنان من
الاختيار الخاطيء, وأن الاستسهال في محاولات الترميز السينمائي يحوله من
عمل إبداعي إلي' إستهبال' عندما تصبح الكوميديا عبارة عن مجموعة اسكتشات
يقدمها مهرج في' سيرك' درجة ثالثة, ومشكلة الموسم الحالي تكمن في أفلام
تشبه الوجبات السريعة التي تقدم باردة بعد تأجيل موعد عرضها أكثر من مرة,
فحتي الآن كل ما عرض شريطان لا علاقة لهما بمصطلح' فيلم', وحتي علي المستوي
الاقتصادي إذا نظرنا للسينما كصناعة يفترض أن تدر ربحا يسمح لها باستمرار
الإنتاج فإن هذا الموسم يشكل فشلا ذريعا, ذلك أن الأفلام ليست لها فرصة جمع
الإيرادات الكافية نظرا لتأخر عرض الأفلام في الوقت الذي يدق فيه شهر رمضان
الأبواب مختزلا عدد أسابيع الموسم.
وطرح أبوشادي سؤالا أهم وهو متي تنزل باقي أفلام موسم الصيف التي أعلن
عنها في وقت سابق؟, ولماذا نسمع كل يوم عن تأجيل فيلم لأجل غير مسمي حتي
بدا موسم الصيف الحالي؟, وكأنه صحراء جرداء تعصف فيها الرياح, وذلك بسبب
هروب أصحاب رأس المال من مغامرات إنتاجية غير مأمونة العواقب, في الوقت
الذي تحتاج فيه السينما المصرية لسواعد أبنائها كي ينقذوها من الأزمة التي
عصفت بها منذ فترة.
الأهرام اليومي في
18/05/2013
الناقد محمد رضا يعاود إصدار كتبه السينمائية في دليل عربي
عالمي
الوسط - منصورة عبدالأمير
لا يمكن اعتبار دليل السينما العربية والعالمية الذي صدر حديثاً
للناقد السينمائي محمد رضا، مجرد مرجع يمكن العودة إليه للحصول على خلاصة
نتاج العام 2011 في السينما العالمية والعربية. في الواقع هذا الدليل أكثر
من ذلك بكثير، فهو إلى جانب كونه مرجعاً هامّاً وكتاب يبنغي اقتناؤه من قبل
أي مهتم بالسينما وقضاياها، فهو أيضاً بمثابة «دليل» إرشادي لكل كتّاب
السينما والمهتمين بها من صحافيين ونقاد، لما يحويه من معلومات مهمة عن
أحوال السينما بشكل عام، وحول واقع مهرجانات السينما العربية. بالإضافة إلى
ذلك يضم الدليل قراءات نقدية قيمة قدمها الناقد لما يزيد على ثلاثمئة فيلم
تنوعت بين أفلام روائية طويلة وأخرى قصيرة وأفلام وثائقية. تلك الأفلام
ليست هي الأفلام العظيمة التي قدمها مخرجون كبار والتي يمكن إدراجها في
قوائم أفضل مئة فيلم في أي سينما أو تلك التي تحمل أسماء مخرجين أو فنانين
كبار. في الواقع أدرج محمد رضا في قراءاته كل ما وجده مميزاً أو مثيراً
للاهتمام من وجهة نظره.
ويعد هذا الكتاب الثامن في سلسلة بدأها محمد رضا العام 1983 حين أصدر
أول كتاب للسينما استمر حتى العام 2008، ليتوقف بعد ذلك سنوات بسبب ظروف
إقامته في دول عدة وابتعاده عن المنطقة العربية، حتى عاد ليصدره أخيراً في
صورة «دليل السينما العربية والعالمية» على يد الناشر الإماراتي عبدالله
الشاعر.
الناشر أشار في مقدمته إلى أنه وعلى رغم علمه بخطورة إصدار كتب
سينمائية، فإن حماسه لدعم الثقافة والإبداع أولاً وللناقد محمد رضا
وكتاباته ثانياً هما ما دفعاه إلى التغاضي عن كل ما يبرز من معوقات تجارية
أو تلك التي تتعلق بالقراء وغيرها .
الشاعر أشار في مقدمته إلى أن ما يميز الكتاب فعلاً هو عدم انحيازه
إلى سينما معينة، فهو يحوي أفلاماً تنتمي للسينمات البديلة من المكسيك
والدنمارك والمغرب والبرزايل والهند والصين وأوروبا، إلى جانب السينما
السائدة.
الناقد هو الآخر أكد المخاطر التسويقية والتجارية التي تحدث عنها
الناشر في مقدمته هو أيضاً، إذ أثنى على إيمان وفعل الشاعر وهما ما دفعاه
إلى تبني هذه الخطوة التي قد يجدها كثير من الناشرين غير مجدية على أي
مستوى.
وأشار محمد رضا إلى أن هذا الدليل ليس إضافة إلى ما سبقه من كتب
للسينما، بل «كبداية جديدة على نحو كامل يبلور الرغبة الدفينة عندي في نشر
المعرفة السينمائية جنباً إلى جنب الموقف النقدي».
يضم الكتاب أربعة فصول، يندرج تحت كل فصل منها عدد من الأبواب التي
يناقش محمد رضا من خلالها قضايا وإشكالات سينمائية ويستعرض معلومات تهم
السينمائيين وجميع المعنيين بالشأن السينمائي والمتابعين له.
يلقي في الفصل الأول نظرة عامة على وضع السينما العربية والعالمية في
العام 2011 وذلك عبر تقرير يرصد من خلاله أهم المهرجانات العالمية والعربية
ويستعرض جوائز هذه المهرجانات وأهم الفائزين بها.
ويتحدث الكاتب في بدايات هذا الفصل عن السينما العربية التي وصفها
بأنها سينما مهددة، وأنها ليست سوى تجارب أكثر من كونها سينما، مشيراً إلى
عدم توافر العناصر الكفيلة بإطلاق السينما العربية، عدا عن انطلاق ثورات
الربيع العربي التي زادت الأمر تعقيداً.
بعد ذلك انتقل الكاتب إلى الحديث عن السينما العالمية في تقرير وضع له
عنوان: «العودة إلى الينابيع» في إشارة إلى الواقع الاستهلاكي الذي بدأ
يفرض نفسه على سينما هوليوود والمتمثل في تقديم الثنائيات والثلاثيات
والرباعيات في عدد من الأفلام، إضافة إلى إعادة تقديم عدد من الأفلام، أو
بإدخال تقينة الأبعاد الثلاثة في بعضها، وهو ما أدى إلى تراجع الإبداع في
هذه السينما.
يضم هذا الفصل أيضاً تقريراً عن جوائز كتاب السينما والأفلام التي
تستحق التنويه بها، بعد ذلك يتطرق الكاتب إلى الحديث عن مخرج العام، وقد
اختار المخرج الأميركي ترنس مالك ليتحدث في تقرير مطول عن رحلة هذا المخرج
في وجدانيات أبطاله، مستعرضاً عدداً من الأفلام التي أنجزها على مدى أربعة
عقود بدءاً من فيلم بادلاندز Badlands
في العام 1983 وصولاً إلى العام 2012 وفيلم «إلى العجب»
To The Wonder.
بعد ذلك يلقي محمد رضا نظرة عامة على سلسلة «هاري بوتر» منذ بدايات
اطلاقها العام 2001 وصولاً إلى كل أفلام السلسلة التي أطلق عليها اسم
فانتازيا السحر الأسود. كذلك ألقى نظرة على أفلام جيمس بوند بمناسبة مرور
خمسين عاماً على إطلاق السلسلة. ويلقي التقرير الضوء على كل شيء عن العميل
007 الذي يقول عنه محمد رضا إنه «لا يزال حلاًّ للمشاكل رقم واحد».
في الفصل الثاني من الكتاب يستعرض محمد رضا أهم ما أنجزته السينما
العربية في العامين 2011 و 2012 في مجال السينما الروائية والتسجيلية
والقصيرة، متطرقاً إلى أفلام مثل أسماء، أنا بضيع يا وديع، بعد الموقعة،
تورا بورا، ظل البحر، لما شفتك، وجدة، وهنا لندن، وغيرها.
ومنه ينتقل إلى السينما العالمية ليستعرض إنجازاتها في مجالات السينما
الثلاثة، وذلك في الفصل الثالث، ليكتب عن أفلام مثل حب Amour،
احتجاز
Abduction، الفنان The Artist
وغير ذلك.
في الفصل الرابع والأخير من الكتاب وهو الذي أطلق عليه عنوان
«المفكرة» يسجل الناقد كل ما يمكن تسجيله من علامات فارقة لسينما اليوم
والأمس، وفي هذا الفصل يدرج الناقد بعضاً مما يراه أهم الأفلام التي عرضت
على شاشة السينما وهي 11 فيلماً وجد أنها تمثل 11 عقداً فريداً من تاريخ
السينما، وتمتد الفترة التي قدمت فيها هذه الأفلام من العام 1900 حتى
اليوم. بعض هذه الأفلام كما أشار الكاتب ليس معروفاً ولم يحتل مكانته
اللائقة بعد. ومن الأفلام التي استعرضها في هذا الباب الهاوية Afgrunden، مغامرات الأمير أحمد
The Adventures of Prince Ahmed
، وألكسندر نيفسكي.
بعد ذلك استعرض بعض أهم الأفلام التي صدرت على اسطوانات DVD،
ليختم كتابه أخيراً ببانوراما لأبرز الشخصيات السينمائية التي رحلت عن
عالمنا.
يضم الكتاب في بداياته دليلاً لكيفية قراءته وشرحاً للطريقة التي تم
من خلالها إدارج الأفلام وتصنيفها بالإضافة إلى شرح لبعض الرموز التي
استخدمها الناقد في تقييمه للأفلام.
الوسط البحرينية في
18/05/2013
الفنانون:
"تمرد" متحضرة وتجرد هدفها التضليل
تحقيق: دينا دياب وعلاء عادل
«تمرد».. حملة تبناها مجموعة من الشباب بهدف سحب الثقة من الرئيس
«مرسى» والتى من المتوقع أن تصل ذروتها فى 30 يونيو القادم على مرور عاما
على استلام الرئيس محمد مرسى السلطة.
وتدعو الجميع للوقوف أمام الاتحادية لسحب الثقة من الرئيس، ورغم دعاوى
البعض بعمل حملات مضادة تحمل أسماء مشابهة، إلى أن الحملة بدأت فى الانتشار
فى جميع محافظات مصر، سألنا الفنانين عن رأيهم فى الحملة وإمكانية نجاحها
فقالوا..
الفنان عبد العزيز مخيون أحد أعضاء حركة «كفاية» المنسقين للحملة،
وقال إنها إحدى وسائل التعبير التى ينتهجها الشعب المصرى احتجاجا على
سياسيات الحكومة أو سياسة النظام الحاكم، والآن الشعب يشعر بالإحباط وأن
الثورة فشلت وسرقت ممن قاموا بها ولم تكمل أهدافها، وبالتالى أراد الشعب
المصرى أن يثبت أن لديه قدراً من الإصرار وقدوة على أن يستمر فى نضاله
(فمازلنا خاضعين للإملاءات الأمريكية والمواءمات مع العدو الإسرائيلى، إذن
من حق الشعب المصرى أن يرى الوسائل السلمية المعبرة عن الرفض حتى يتمكن من
تحقيق أهداف الثورة، وأشار مخيون أن الحركة ستتسبب فى إزاحة الرئيس فى حاة
إذا وصل الشعب إلى ملايين من التوقيعات تفوق عدد الذين انتخبوا وقتها سيكون
لكل حادث حديث.
وقال الكاتب الكبير مدحت العدل أن «تمرد» هى دليل قوى على أنه مازال
الشباب هم وقود هذه الثورة وهم سابقين لكل النخب بكافة اتجاهاتها الفكرية،
واستطاعوا أن يجعلوا كل كبار المعارضة خلفهم والتيار الشعبى وجبهة الإنقاذ،
وادعو الجميع للتوقيع على استمارة التمرد وأروع ما فى هذه الحركة أنهم
يقولون لمن يدعى أن الشباب هدفه التخريب إنها حركة سلمية سببت حالة رعب غير
طبيعية لكل التيارات القريبة من السلطة وأعتقد أنها ستثبت للعالم داخليا
وخارجيا أن هذا الشعب يرفض هذا الحكم.
وأضاف العدل أن الحركة إذا لم تعزل الرئيس فستخلخل هذا النظام أكثر
لأنها بدأت فى الانتشار بشكل كبير، وهذا سيؤكد للناس أن هذا الحكم وهذا
الرجل غير مقبول شعبيا وشعبية الإخوان أصبحت أقل كثيرا مما بدأت عليه، وعن
حركة تجرد المضادة لتمرد قال إذا كان من يقومون بتمرد شباب تافهة كما يدعون
فلماذا يخافون منهم، وحمله تجرد هى حملة كاذبة هدفها الوحيد التضليل باسم
الحملة المشابه، وأتوقع فى 30 يونيو سيجتمع أكثر من 2 مليون عند الاتحادية.
الفنان حمدى أحمد أحد المشاركين وعائلته فى حملة «تمرد»، قال: الحمد
لله على أن لدينا شباباً معتقلين يتعاملون مع تمردهم بهذا التحضر الناتج عن
خبرات التاريخ وخبرات الدولة المدنية المتحضرة، وأضاف كنت من أول المشاركين
فى الحملة اعتراضا على الطغيان لأن الحزب الحاكم طاغى على كل شىء، ولا يعطى
الفرصة لأحد حتى يتكلم أو يعبر عن رأيه، وهذا طبيعى فى ظل حكم مقصلته حكم
قانون الطوارئ والأحكام العرفية، وهذا لم يكن مرادنا منذ قيام الثورة
فهؤلاء ليسوا إخواناً مسلمين لأن منطقهم بعيد عن الحرية والعدالة التى
يدعونها، وأضاف حمدى أننا لم نخرج من حكم 40 عاما من حكم مبارك بعد الظلم
والفساد الذى عشناه ليسود العنف والحرائق والسرقات.
وأشار حمدى: أنا لا أطالب بانتخابات مبكرة لكنى ضد ألا يحكم الرئيس
بما أمر الله ويحكم بقوانين استثنائية أو فردية، فنحن نعيش فى تشريع ناقص
ومجلس الشورى وافقنا أن يسن القوانين ولكن أين اللجان تناقشها. فقبل أن
يدعى أحد أنه يحكم بالعدل لابد أن يعدل قانون مجلس الشورى ويعيد انتخاباته
حتى يصبح مؤهلاً للتشريع، وبدلا من وجود مجلسين يجعله مجلساً واحداً. وأضاف
حمدى: الحزب الحاكم «ضرب الشعب بالجزمة» عندما ألغى نسبة المرأة التى تمثل
46 فى المائة من الشعب، بالإضافة إلى أن نسبة العمال والفلاحين الذين هم
مكسب ثوره 23 يوليو، طلبوا منهم مليون جنيه دعاية لأنفسهم فى الانتخابات
و10 آلاف جنيه تأميناً وكأنهم يخلقون دولة رأسمالية يحكمها القادرون فقط
الذين يملكون حق المشاركة فى الانتخابات رغم أنها مزورة مثلما حدث فى
انتخابات الرئاسة، وأضاف «حمدى» كنت أتمنى أن أسمى الحملة حملة «تصحيح»
لأننى أصحح وضعاً انتخابياً خاطئاً وضع فيه دستور مزيف بهيئة تأسيسية مزورة.
<
الفنانة وفاء عامر قالت: إنها من الحملات المعبرة عن رأى
الشارع، والرئيس لابد أن يستمع، فإذا كانت مؤسسة صغيرة أو مدرسة ومديرها
ينصت إلى موظفيه «هيحبوه ويقدروه» ولن يفكروا في طرده، وهذه ليس مؤسسة
صغيرة هذه مصر أهم وأكبر دولة في المنطقة.
وأنا أعتبر حركة «تمرد» نوعاً من أنواع الاحتجاج علي الرئيس الذي قال
إنه رئيس لكل المصريين. الآن أكثر من 3 ملايين توقيع رافضين وجوده وتمردوا
عليه فهل يسمع لنا؟
أنا متفائلة بطبيعتي وأنظر للمتشائمين علي أنهم خائنون لأنهم يصدروا
اليأس لغيرهم، وأري أن مصر ستعود أعظم مما كانت، رغم ما يحدث من كبت
للحريات والاعتقالات التي تتم الآن أكثر مما كان في عهد الرئيس السابق.
<
الفنانة سماح أنور قالت: أعتقد أنها لو حركة صادقة سوف تستمر
ولو لها مصالح أخرى سوف تختفي مثل غيرها من الحركات التي اختفت قبل أن
تظهر، وكشفت أمام الشعب المصري بأكمله، وأري أن الأمل في الله والشعب
المصرى الذي لا نراه علي شاشات التليفزيون، والمقصود هنا الطبقة البسيطة
التي لا يهتم بها أحد، فيجب أن تهتم الدولة بمصالح هؤلاء وتقترب منهم وتعرف
احتياجاتهم.
فالمواطن المصري البسيط لا يطمع في السلطة ولكنه يطمع في توفير الغذاء
والماء النظيف ليشرب منه وهم وحدهم من يستطيع إرجاع مصر لسابق عهدها.
الوفد المصرية في
18/05/2013
ذكرى | شهداء الأمل الصعب
نادين كنعان, وسام كنعان
فواز الساجر، سعد الله ونوس، أسامة أنور عكاشة، وردة، داليدا، وعمر
خورشيد... ستّة وجوه رحلت في هذا الشهر بعدما عاصرت مراحل مفصلية في الحياة
الثقافية والسياسية والاجتماعية.
«موجة» عكاشة
بعد ثلاث سنوات من الغياب، يعود «نجيب محفوظ التلفزيون المصري» أسامة
أنور عكاشة (1941 ــ 2010) إلى الشاشة في رمضان المقبل. لكن هذه المرة ليس
صاحب سيناريو وحوار، بل كاتباً لرواية «منخفض الهند الموسمي» التي تحولت
إلى مسلسل بعنوان «موجة حارة». الرواية نفسها لم تحظَ بالإقبال الجماهيري
في مسيرة عكاشة الذي توفي في 28 أيّار (مايو). كما طغت مسلسلاته
التلفزيونية على أفلامه الناجحة مثل عملي عاطف الطيّب «كتيبة الإعدام»
(1989) و«دماء على الاسفلت» (1992) اللذين أدّى بطولتهما نور الشريف. قيمة
عكاشة لم تكمن في كتاباته البارعة فحسب، بل أيضاً في إصراره على الانشغال
بالشأن السياسي طوال حياته، فضلاً عن كتابة مقالات سياسية في صحف عدة،
ومناصرته للزعيم الراحل جمال عبد الناصر التي أوقعته في مشكلات كثيرة.
مثلاً، شنّت عليه صحيفة حكومية حملة ترفض كتابته لسيناريو مسلسل عن
حرب أكتوبر بسبب موقفه السلبي من أنور السادات. لم يخرج المسلسل إلى النور.
على أي حال، ضَمنَ عكاشة والمخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ مكانةً مميزة
في سجل الإنجازات الدرامية. يعدّ الكاتب المصري صاحب العدد الأكبر من أشهر
المسلسلات المصرية، أبرزها الأجزاء الخمسة من «ليالي الحلمية» الذي صنع
نجومية أبطاله يحيى الفخراني، وصفية العمري وصلاح السعدني، وقبله مسلسل
«الشهد والدموع» (جزءان). ومن بين أبرز أعماله «أميرة في عابدين» (2002)
و«زيزينيا» (الجزء الأول 1997 ــ الجزء الثاني 2000)، و«أرابيسك». قائمة
طويلة بدأها قبل 30 عاماً وما زالت مستمرة. في ثورة «25 يناير»، لم يغب
عكاشة عن شبابها الذين تذكّروه مع المخرج يوسف شاهين، والكاتب محمود عوض
وآخرين في «ميدان التحرير».
رائد الحداثة
لم يكن القدر وحده من تآمر على المسرحي الراحل فواز الساجر (1948 ــ
1988) عندما خطفه الموت وهو في ألق عطائه الفني. أصدقاؤه وبعض المقربين منه
خذلوه أيضاً عندما تركوا إرثه الفني من دون توثيق في دراسات تكرّس اسمه
وتكرمه بشكل يليق به ويستحقه. هكذا، طوى النسيان صاحب «سكان الكهف»، آخر
مسرحية أنجزها قبل أن يستيقظ ذات صباح في 16 أيار (مايو) 1988 ليشعل
سيجارته ويمجّ منها آخر نفس ويغمض عينيه ويرحل. أنهى الساجر حياة خاطفة
استغل ليلها ونهارها، فخرج بمنجز ثري جعل كل من عمل معه أو تتلمذ على يديه
من الفنانين السوريين مسكوناً فيه وبروحه وبأسلوب عمله، بدءاً بالنجم غسان
مسعود، مروراً بجمال سليمان، وليس انتهاءً بسامر عمران.
درس الساجر في «المعهد المسرحي» في موسكو وتخرج فيه عام 1972 ثم عاد
إلى بلاد السوفيات حينها لنيل شهادة الدكتوراه في الإخراج المسرحي عام
1982. بدأ المسرحي السوري حياته الفنية في المسرح الجامعي في بلاده عندما
قدم مسرحية «نكون أو لا نكون» المؤلّفة من ثلاثة نصوص. كتب أحدها رياض
عصمت، وآخر ممدوح عدوان، وثالث لأوزوالد دراكون. واليوم، صار يعتبر الساجر
رائد الحداثة في المسرح السوري. جمعته شراكة وصداقة عميقة مع «شيخ
المسرحيين السوريين» سعد الله ونوس الذي كان أفضل من وصف وحكى عنه، وشاءت
المصادفة أن يرحل الأخير بفارق يوم واحد من الشهر نفسه، لكن بعد تسع سنوات
من رحيل الساجر.
أمير الغيتار
عزف عمر خورشيد (1945ـــ1981) سمفونيته الأخيرة في أحد فنادق القاهرة،
وتوفي في حادث سير على طريق الهرم. وبعد 32 عاماً على رحيله، ما زالت
الألغاز تحيط بأسباب الحادث الذي أودى بحياة شقيق نجمة الفوازير شيريهان.
في 29 أيار (مايو)، تعرض «أمير الغيتار»
وزوجته اللبنانيّة دينا والممثلة الراحلة مديحة كامل لحادث، إثر اصطدام
سيارته بشاحنة. فارق خورشيد الحياة فوراً، بينما نجت زوجته وكامل. وخلال
التحقيق، شهدت الأخيرتان أنّه أثناء عودتهم إلى المنزل، تعرّضوا لمطاردة
سيارة، لم تتركهم إلا بعد اصطدام سيارة عمر بعمود الإنارة. أطلقت شائعات
كثيرة عن لغز الوفاة، منها أنّ إحدى الجهات قامت بتصفيته بسبب حضوره توقيع
اتفاقية السلام المصرية ـــ الإسرائيلية، وثمة من روّج بأن الحادث دبّرته
جهة أمنية بسبب علاقته بابنة مسؤول في الدولة. سطع نجم خورشيد سريعاً،
وانتقل من الموسيقى التي درسها إلى التمثيل. لفت الأنظار منذ أول أدواره في
فيلم «ابنتي العزيزة» (1971)، وشارك في أعمال تلفزيونيّة، منها «الخماسين»،
و«الحائرة»، و«الحمامة»، و«الثأر»، و«آنسة». لم تكن حياة الراحل طويلة،
لكنها شهدت محطات مميّزة، أبرزها عمله مع أم كلثوم في منتصف الستينيات،
وأعمال سينمائية ناجحة مثل «حتى آخر العمر»، و«أعظم طفل في العالم»، و«ذئاب
على الطريق»، و«العاطفة والجسد»، و«دموع في ليلة الزفاف»، و«غيتار الحب» مع
صباح وجورجينا رزق، و«الدنيا نغم» مع فريد الأطرش. ارتبط الراحل بالممثلتين
ميرفت أمين ومها أبو عوف، وهويدا ابنة صباح. واليوم يحمل الاسم نفسه ابن
عمّ أبيه، وهو نجل الممثلة علا رامي.
بريخت السوري
عندما نهش السرطان جسده، كان صوت الراحل سعد الله ونوس (1941 ــ 1997)
يصدح «بالأمل» في مسارح العالم كلها، قارئاً رسالة «يوم المسرح العالمي» في
27 آذار (مارس) 1996 من «مسرح المدينة» في بيروت قبل أن يرحل في 15 أيار
(مايو) 1997. ابن حصين البحر (طرطوس)، كتب نصوصاً مسرحية صاغت معاناة جيله،
واختزلت تاريخاً طويلاً من هزائم العرب. درس الصحافة في القاهرة وعمل في
صحيفتي «الثورة» السورية و«السفير» اللبنانية، ونشر مقالات ودراسات هامة في
مجلة «الآداب». سافر بمنحة إلى فرنسا، حيث درس المسرح. ورغم أنّ الانفصال
بين سوريا ومصر (1958) كان له أثر عميق في حياة صاحب «الأيام المخمورة»،
إلا أنّ النكسة شكّلت صدمة لوعيه ولنتاجه المسرحي. قيل حينها إنّه حاول
الانتحار، لكنه عاد ليكتب من وحي الحدث مسرحيته الشهيرة «حفلة سمر من أجل 5
حزيران»، راصداً واقع العرب المأزوم. غاص بعدها في نقد لاذع للواقع
السياسي، وتبنى مفهوم «تسييس المسرح» وإشراك الجمهور في اللعبة السياسية.
المسرحي الذي عزا مرضه الخبيث إلى وجود إسرائيل، لا تزال أعماله تلقى
رواجاً ويعاد تقديمها على الخشبات العربية، من «جثة على الرصيف» إلى «الفيل
يا ملك الزمان»، إلى «يوم من زماننا» و«منمنمات تاريخية» التي جعلته يستحق
لقب «بريخت العرب». كان أوّل كاتب عربي يدخل (بالعربيّة) ريبرتوار
«الكوميدي فرانسيز» التي تقدّم له ابتداءً من اليوم في باريس (حتى 11 تموز/
يوليو) رائعته «طقوس الإشارات والتحوّلات»، إخراج الكويتي سليمان البسام.
وحشتينا
عام على غياب وردة (وردة محمد الفتوكي). خلال هذه الفترة، كانت
المطربة الجزائرية الشغل الشاغل للإعلام وصناع الدراما والتكريم في
المهرجانات. أكثر من كاتب ومخرج ومنتج، أعلنوا رغبتهم بتقديم سيرتها في
أكثر من عمل درامي، لعل أبرزهم صلاح الشرنوبي. وفي ذكرى رحيلها، أنجز
الإعلامي وجدي الحكيم شريطاً تسجيلياً عنها تضمّن تسجيلات نادرة لها لمصلحة
التلفزيون الرسمي الجزائري. كما أُطلقت أغنية وكليب «أيام» الذي أنجزه
نجلها رياض القصري (كتابة الشاعر اللبناني منير بوعسّاف ولحن وتوزيع بلال
الزين). استطاعت وردة أن تظل نجمة على امتداد مشوارها، رغم ابتعادها عن
الأضواء مرتين بسبب زواجها أواسط الستينيات، ولأسباب صحيّة عام 2001. لكن
كل مرّة، كانت تعود وتواكب العصر في أعمالها، واستمرت في العطاء حتى رحلت
على غفلة. هي امرأة استثنائيّة، شقت طريقاً صعباً وحصدت نجاحاً كبيراً مع
أغنيات لن تغيب عن البال. نشأت في باريس، حيث ولدت لأب جزائري وأم لبنانيّة
من عائلة يموت. وانطلقت نجوميّتها بين بيروت ودمشق، وتحديداً في الأغنيات
الوطنيّة والثوريّة، أبرزها أوبريت «الوطن الأكبر» لمحمد عبد الوهّاب عام
1958، و«أنا من الجزائر أنا عربية» و«كلنا جميلة» (بوحيرد) عبر الإذاعة
السوريّة أيام الوحدة. هنا، ابتسم الحظ لها أكثر من مرّة، واختارها المخرج
والمنتج المصري حلمي رفلة للمشاركة في فيلمه «ألمظ وعبده الحامولي» (1962)،
فبدأت رحلتها في المحروسة. لفتت انتباه الملحنين هناك أمثال رياض السنباطي
وبليغ حمدي الذي ارتبطت معه بقصة حبّ توجت أيضاً بالزواج.
أيقونة | ساحرة الملايين
سحرت الملايين بجمالها وأعمالها وحضورها المسرحي الآسر، فتربّعت على
عرش الغناء العالمي لسنوات. صحيح أنّ داليدا (1933 ــ 1987) إيطالية الأصل،
لكنّ ولادتها في حي شبرا المصري خلقت علاقة خاصة بينها وبين أرض الفراعنة
التي غنّت لها «حلوة يا بلدي» (1979). تلمّست يولاندا كريستينا غيغليوتي
بدايات الشهرة بفوزها بلقب ملكة جمال مصر عام 1954، قبل أن تبدأ حياتها
الفنية في فرنسا. في رصيدها أكثر من 500 أغنية بتسع لغات، مثل العربية،
والإيطالية، والفرنسية، والإنكليزية، والاسبانية. وفي 1978، كانت داليدا
بين أوائل من صوّروا أغنياتهم بطريقة الفيديو كليب في باريس، وأضافت إلى
رصيدها 12 فيلماً، من دون أن ننسى الألقاب والأوسمة، بينها «ميدالية رئاسة
الجمهورية الفرنسية» التي قدّمها لها الجنرال ديغول. بجرعة زائدة من
الأقراص المهدئة، أسدلت النجمة الستار على مسيرتها، تاركة رسالة بعنوان
«سامحوني الحياة لم تعد تحتمل».
الأخبار اللبنانية في
18/05/2013
دعوا إلى تضافر الجهود العربية
صُناع السينما يناقشون هـــمومها في أبوظبي
إيناس محيسن - أبوظبي
دعا الفنانون المشاركون في مؤتمر السينما العربية المعاصرة
2013، الحكومات العربية وصُنّاع السينما في دول الوطن العربي كافة إلى
التكاتف والعمل المشترك من أجل النهوض بصناعة السينما العربية. مشددين على
ان صناعة السينما باتت من أهم الصناعات وأكثرها نمواً وقدرة على تحقيق
مكاسب مادية، إلى جانب اهميتها في تصحيح صورة العرب أمام العالم.
وكان المؤتمر عقد مساء أول من أمس في فندق هوليداي إن في أبوظبي، تحت
رعاية الشيخ محمد بن خليفة بن محمد آل نهيان، بتنظيم من «شركة كلاس وان»
للوساطة التجارية وتنظيم الفعاليات، بحضور حشد من نجوم السينما من بينهم
الفنانة هدى الخطيب من الإمارات، ومن مصر رئيس مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي د.عزت أبوعوف، والمخرج عمرو عرفة والمنتج محمد السبكي، والفنان عمرو
سعد، ونجوم فيلم «سمير أبوالنيل» أحمد مكي ونيكول سابا ومحمد لطفي.
وفي بداية المؤتمر اشار أحمد الجاويش ممثل الشيخ محمد بن خليفة بن
محمد آل نهيان إلى حرص الشيخ محمد على دعم الفن العربي الذي يعبر عن نبض
الشارع، ويأتي تنظيم هذا المؤتمر لتحقيق هذا الهدف.
القوة الناعمة
من جانبه استعرض المستشار الثقافي في السفارة المصرية د.عادل نويشي،
جوانب من مشوار السينما المصرية باعتبارها الأقدم في المنطقة العربية،
وأبرز الأفلام التي شكلت علامات في تاريخ السينما. مشيراً إلى ان السينما
كانت بمثابة القوة الناعمة لمصر، والاداة إلى كسب عقول وقلوب العالم، ورسم
صورة إيجابية عن مصر ومظاهر الحياة الشعبية والارستقراطية على السواء فيها.
وفي مداخلته، رفض د. عزت أبوعوف فكرة ان السينما تمر بأزمة، أو ان
الزمن الجميل انتهى. مشيرا إلى انه مازالت هناك أفلام جيدة تنتج مثل فيلم
«سمير أبوالنيل» الذي يجد ان مختلف العناصر الفنية اجتمعت فيها مثل الاجادة
في الصناعة والفكاهة والرسالة والنجوم.
وأوضح أبوعوف ان القرن الـ21 بات يفرض مقاييس مختلفة في عالم صناعة
السينما عن القرن السابق له، ومن أهم ما يتطلبه العمل في القرن الحالي هو
تضافر الجهود، فلم يعد من المفيد أو المؤثر العمل بشكل فردي، فالسينما
اصبحت صناعة لا تعادلها صناعة أخرى في اهميتها وتأثيرها ومكاسبها. ويجب ان
يدرك العرب ان السينما هي التي تؤرخ لهم جميعاً، ولذا عليهم ان يجمعوا
جهودهم معاً لتحقيق الازدهار والتطور للسينما العربية.
واعتبر رئيس مهرجان القاهرة السينمائي ان مؤتمر السينما العربية
المعاصرة بداية بسيطة لتحقيق الهدف الكبير المتمثل في جمع الشمل العربي.
أسس متينة
الفنان عمرو سعد قال ان السينما العربية كان يجب ان تحتل المرتبة
الرابعة على مستوى العالم من حيث الانتشار، لان اللغة العربية تأتي في
المرتبة الرابعة بين اللغات الأكثر استخداماً على مستوى العالم بعد
الانجليزية والبرتغالية والصينية، لكن للأسف مازالت السينما العربية بعيدة
عن تحقيق هذا الأمل. مشيرا إلى ان اهمية السينما لا تتوقف على مكاسبها
المادية الكبيرة، ولكنها تلعب دوراً محورياً في تصحيح صورة العرب، وتقديم
صورة إيجابية عنهم.
وأوضح سعد ان صناعة السينما المصرية، وهي التي تمثل صناعة السينما
العربية حتى الآن، تعاني بشدة منافسة الفيلم الامــيركي وهو مـــا يؤثر في
فرص عرض الفيلم العربي، وفي الوقت نفسه يهدد الهوية العربية. مشـــددا على
ان التعاون بين الدول العربية لقــيام صناعة سينما مشـــتركة يجب ان يتم
على أسس متينة وخطط مدروســة تعتمد على ان يعرف كل طرف ما يمكـــن ان يقدمه
للآخرين، وما يمكن ان يقدموه له، فالمصالح المشــتركة هي التي تنتج عملاً
ناجحا، أما الفورة العاطفية فتنتهي سريعا.
في حين دعــا المخرج عمرو عرفة إلى انشاء غرفة للســــينما على مستوى
الدول العــربية تتولى رعايــــة صناعة السينما والعمل على تطويرها
وتنظــيمها وحمايتها، حتى تتمـــكن صناعة السينما من مواجهـــة المشكلات
المخــتلفة التي قد تواجهها مثل التوزيع ومنــافسة هوليوود وبوليوود، إلى
جــانب التنــسيق بين غرف السينما في الدول العربية كافة.
الخطيب: غياب صناعة النجم
عبرت الفنانة الإماراتية، هدى الخطيب، عن سعادتها بالمشاركة في
المؤتمر. مشيرة إلى ان السينما في الإمارات مازالت في بدايتها، لكنها
استطاعت ان تحقق من خلال المهرجانات السينمائية التي تعود بداياتها إلى
10سنوات مضت، العديد من الاهداف. «فقد كان الهدف الاهم من اقامة هذه
المهرجانات وضع الإمارات على خريطة العالم فنياً، والاستفادة من تجارب
الآخرين، وهو ما تحقق بالفعل». وأشارت الخطيب إلى ان الساحة الفنية في
الإمارات مازالت تفتقر إلى صناعة النجم، ومازالت صناعة السينما تحتاج إلى
خطوات مهمة مثل انشاء اكاديمية للسينما وغرفة لصناعة السينما، والعمل على
الاستفادة من الخبرات الكبيرة في مصر والعالم العربي في هذا المجال. لافتة
إلى أن هناك خطوات من شأنها تشجيع الفن والفنان الإماراتيين، مثل ان تقوم
الجهات المسؤولة بالمساهمة بنسبة 60٪ من ميزانية اي فيلم يشارك فيه فنان
إماراتي. ودعت هدى الخطيب وسائل الاعلام إلى عدم إصدار أية احكام على فيلم
أو عمل درامي دون مشاهدته، أو اتخاذ مواقف مسبقة.
الإمارات اليوم في
18/05/2013 |