الواقعية واحدة من نقاط الخلاف فى تحليل الافلام، فماذا نقصد عندما
نقول ان فيلما ما واقعيا؟ وهل واقعية شخص ما لها نفس الأهمية بالنسبة لشخص
آخر؟ وكما يقول كريستوفر ويليامز فى مقدمته لكتاب "الواقعية والسينما": إن
مناقشة الواقعية سواء فى السينما او الفنون الاخرى تتجه الى منحى متعرج او
دائرى". والآن عندما ننظر الى افلام عظيمة من الماضى كانت بمثابة روائع فى
الواقعية، فهل نرى مقدمات لحبكات درامية مصنوعة باتقان أو نرى مناظر منمقة
أو تمثيلا مسرحيا؟
من المفيد أن نفكر في الافلام التى كانت مصنفة على أنها واقعية فى
زمنها، لنرى هل هذه الواقعية تتفق مع واقعنا الحالى. ولكى نناقش الواقعية
فنحن لسنا فى حاجة الى تعريف لهذا المصطلح: فأشكال سينمائية عديدة تصلح
كصيغ واقعية عبر تاريخ السينما.
وعلى الرغم من ان مصطلح واقعية كان مستخدما من قبل (فكثير من الافلام
الفرنسية فى الثلاثينيات وُصفت بانها واقعية شعرية على سبيل المثال) الا ان
الواقعية اصبحت نمطا سينمائيا مع حركة الواقعية الجديدة التى خرجت من
ايطاليا اثناء الحرب العالمية الثانية، ومع كتابات نقدية مثل كتابات اندرية
بازن - والذى دافع فى الجزء الاول من كتابه "ما هى السينما؟" عن فيلم من
افلام الواقعية الجديدة، هو قيلم "امبرتو دى" لفيتوريو دى سيكا، قائلا
ومشيدا (ان وحدة السرد لم تكن مكتملة، والحدث، والتحول المفاجئ للاحداث،
وكذلك الشخص لم يكن يتميز بالبطولة: ان الفيلم عبارة عن عرض متتابع لثوابت
راسخة فى الحياة، ولا يوجد شخص في الفيلم يمكن ان يقال عنه انه اكثر اهمية
من الآخرين، فمن اجل تحقيق المساواة بينهم كذوات ذات وجود، فالدراما تتحطم
من أساسها) ودعونا نشاهد الفيلم اليوم، وسوف نرى أن مقولة بازن لا تجعلنا
نفهم شئيا ذا بال: فزوايا الكاميرا دقيقة من اجل التوكيد، كما ان الفيلم
يتركز على محورية الشخصية الرئيسة التى يحمل الفيلم اسمه والازمات التى
يتعرض لها، كل هذه العناصر تم تكريسها لخلق قصة وشخصية قوية، وايضا كان
لبازن مقولة يرى فيها ان اهمية السينما لا تتمحور حول الحدث لكن حول التمعن
فيه، فالاهتمام بالحياه المعاشة أكثر اهمية من الحبكة المتصاعدة، والشخصيات
ما هى الا نماذج من هذه الحياه.
مايتعين علينا القيام بههو العملمن خلال عدد منالعناصر التيتعبر عادة
عن الواقعية، ومن ضمن هذه العناصرعدم استخدام الموسيقى الا اذا كان فى
المشهد مصدر لها،واستخدامممثلين غير محترفين، وعدم استخدامالصوتمن خارج
الشاشة، والبساطة ،واستخدام الحوار العامى - واحيانا لا نسمع الا نصفه -
وعدم استخدام الاضاءة الصناعية التى تتميز بها الافلام المُصورة فى
الاستوديوهات، والتخلى عن التصوير الذى يُبرز الجمال، والمقصود من ذلك ان
نحس ان حبكة الفيلم تنطلق من مفردات الحياه الحقيقية، وهذا يؤدى الى اظهار
القضايا الاجتماعية بدلا من الهروب منها.
وسوف نرى فى الأفلام التى اخترناها نوعا من استخدام او دمج لهذه
العناصر، والافلام التى اخترناها هى " ألمانيا العام صفر" و "غرفة على
السطح" و "التفاصيل الاخيرة".
الطابع التسجيلي
فى الفقرة الافتتاحية لفيلم "ألمانيا العام صفر" للمخرج روبرتو
روسيللينى - احد مخرجى الواقعية الجديدة- يبدو ان الموسيقى الكلاسيكية التى
تصاحب عناوين الفيلم تقودنا الى فيلم تراجيدى وليس دراما واقعية، لكن فى
الواقع فان ما سنلاحظه فى نهاية الفيلم هو خليط من التراجيديا والدراما
الواقعية، فروسيللينى اراد صنع تراجيديا تخرج عن حدود الواقعية، تلك الحدود
التى ركزت على تجاوز مرحلة الحرب العالمية الثانية على المستوى النفسى
والاقتصادى والاجتماعى.
اثناء هذه الفقرة الخاصة بعناوين الفيلم لا يقدم روسيللينى مشهدا
روائيا، لكنه ينحو الى التسجيلية ليصف تدمير ألمانيا بعد الحرب، حيث تتحرك
الكاميرا جانبيا لتستعرض مدينة مدمرة، ويبدو ان روسيللينى اراد ان يقول ان
هذا التدمير هو القصة التى يتناولها الفيلم، فهذا التقديم لا يؤسس لمشهد
ولكنه يؤسس لقصة وكأنها تخرج من هذا الفضاء.
وبينما نستمع الى الناس وهم يتحدثون عن الجوع والانتحار، ونرى صبيا
صغيرا يساعد فى حفر المقابر، يبدو لنا ان روسيللينى لا يريد منا ان نهتم
بالقصة - التى لا نعرفها حتى الآن- لكن ان نفكر فى هذه البيئة. ان حركة
الكاميرا الاستعراضية للمكان لا يمكن اعتبارها مجرد لقطة تأسيسية، فالواضح
ان السرد الروائى ليس مهما بمقدار اهمية الوقائع التى يقدمها روسيللينى
بعبارات حوارية ذات صلة، ونفس هذا الكلام نستطيع ان نصف به فيلم "سارقو
الدراجات" لفيتوريو دى سيكا، فمن الواضح ان القصة تتطور سريعا فى كل من
الفيلمين وان كل قصة منهما تتناول الفقر الذى تعيشه الشخصيات، لكن الفيلمين
يقدمان اولا البيئة التى تتعايش فيها الشخوص.
ويعتبر فيلم "غرفة على السطح" من الأمثلة الاولى لما اصطلح على تسميته
"مطبخ الواقعية" مثل افلام "مساء السبت وصباح الأحد "، "عُزلة عداء
المسافات الطويلة"، "تلك الحياة الرياضية" و "نوع من الحب"، وكانت توجد
افلام تتشابه جدا مع ما تم تقديمه فى المسرح والادب ضمن ما عُرف باسم حركة
(الشباب الغاضب ) فمعظم ابطال هذه الاعمال كانوا رجالا يقررون ان يصمدوا
وان يستمروا بعبثية فى الحفاظ على روحهم المعنوية فى مواجهة اعمال وضيعة
وعقول بليدة.
ففى مشهد من فيلم "غرفة على السطح" عندما يعود جو لامتون الى مسقط
رأسه ويزور عمته وعمه، فالفيلم يتعاطى مع بعض عناصر الواقعية - فهو
يبرزالطبقة العاملة المحترمة والتقليدية للجيل الاكبر : ولكن جو لامتون
يقرر ان يكون مصيره ارفع شأنا - فبدا انه اختار ان يكون فى جانب الطبقة
الارستقراطية.
وعلى الرغم من ان المشهد السابق عليه مباشرة يصور بلدة تنتقل من مرحلة
الى مرحلة اخرى، فبمجرد ان يدخل جو الى المنزل فان التغييرات تبدو مُفتعلة
ومتكلفة، فالحوار عامى لكنه بليغ وواضح، فثمة استخدام للغة رصينة و تصوير
سينمائى جميل، واذا اصررنا على ان الواقعية تحاول ان تلتقط تفاصيل الحياه،
فهل كانت عناصر السرد الواقعية غير مناسبة فى فيلم ( غرفة فوق السطح ) وان
الفيلم لم يول اهمية للعناصر التى ذكرتها سابقا؟
نهاية السينما الخلابة
ويعتبر فيلم ( التفاصيل الاخيرة ) واحدا من افلام السبعينات الامريكية
التى بدت انها تضع نهاية لفكرة ان هوليوود سينما خلابة، ذلك ان هال اشبى
استخدم ألوانا باهتة وقدم صورة بعيدا عن الابهار، كما استخدم الحوار العامى
العفوى بديلا عن الحوار المنمق، وهذه العناصر اظهرت اهتماما بالحياه
الحقيقية وخشونتها - بصرف النظر عن استخدامه للموسيقى والتى بدت انها
تتعارض مع تلك الواقعية.
وايضا كانت قصة الفيلم عادية، انها عن زوجين من البحارة المتقاعدين
يأخذون مجندا صغيرا عبر الولايات الامريكية حتى يدخلان السجن بعد ان سرقت
المرأة صندوق اموال. (هناك ايضا معلومات تافهة كان الهدف منها التمهيد
لمزحة: شاهدوا اللحظة التى تسرق فيها شخصية راندى كويد بعض الحلوى وعندئذ
تبدأ فى اكلها فى الحافلة).
واذا كان مخرجو السينما الهوليودية فى الستينات اخذوا الكاميرا بعيدا
عن الاستوديوهات وصوروا فى الشارع، فان مخرجى السبعينات فى هوليود ذهبوا
ابعد من ذلك حيث صوروا افلامهم عبر الولايات.
كان فيلم "التفاصيل الاخيرة" واحدا من افلام امريكية عديدة ظهرت فى
السبعينيات ووضعت على عاتقها استكشاف الامة الامريكية، فقد تميزت سينما
السبعينيات الامريكية بتقديمها لافلام الطرق مثل "خمس مقطوعات سهلة" و"الاراضى
الوعرة" و "الصاعقة" و"الراكب السهل" و"واندا"، فالمخرجون كان يبحثون فى
المساحات الشاسعة للولايات المتحدة الامريكية.
وفيما له صلة بالواقعية فمن المهم ان نفكر فى اى من افلام الطرق تميز
بحبكة جيدة مثل فيلم "الصاعقة" واى الافلام احتوت على قصة عادية مثل الفيلم
الرائع "واندا" الذى لم ينل التقدير الواجب له، لقد منحت الواقعية فى
السبعينات الفرصة للمخرجين ليخترقوا الطرق ويستكشفوا الامة.
والمخرجان البلجيكيان لوك وجان بيير داردن لم يكونا من مخرجى الافلام
الاستكشافية عبر الامكنة، فافلامهما بشكل عام، تم تصويرها فى او حول مدينة
ليج الصناعية فى بلجيكا، لكنهما كانا يقدمان افلامهما باتباع نظرية جمالية
تميل كثيرا جدا الى الواقعية، بينما وفى نفس الوقت يبرزان اهتمامهما بالسرد
الانفعالى ضمن الواقعية.
ومن النقاط التى تبرز وتحتل اهمية ان تخرج الحبكة من دقائق الحياه، لا
ان تكون الحبكة مصطنعة، وفى فيلم "روزيتا" ثمة لحظة لالتقاط الأنفاس حيث
لاشئ يقدمه الفيلم للحدث لكنه يقدم الكثير فيما يخص الشابة الواقعة فى ظروف
محبطة فتتعامل بنوع من التوسل، وكذلك عندما تخون شخصية اخرى فى المشهد،
فهذه التصرفات مفهومة على المستوى الاجتماعى ومفهوم دوافعها وهى من الامور
المقنعة، ان الفيلم يحتوى على حبكة قوية ولكنها تنبع من محيط اجتماعى فقير
ذلك الذى تتصارع فيه الشخصية المحورية.
وفى فيلم "الطفل" حيث نرى الشخصية المحورية والذى باع طفله يعود
ويشتريه مرة اخرى، ففى هذا المشهد قدر كبير من التشويق، لكن هذا التشويق لم
يكن نتيجة لمونتاج متوازى لفقرة مطاردة، فهذا التشويق حدث فى غياب المونتاج
الموازى.
فالمخرجان البلجيكيان داردن يراعيان الجمهور فى المشهد الذى تناول فيه
الشخصية المحورية المال من خلال فجوة فى حائط الجراج المقابل، ونحن كجمهور
نظل - مثلنا مثل الشخصية المحورية - منتظرين دقيقة او اكثر حتى نكتشف اذا
ما كان الطفل سيظهر على باب الجراج المقابل، ام ان المال دُفع ولكن الطفل
لن يظهر، هذه الفقرة شبيهة بكلام هيتشكوك عندما قال ان الجمهور سيتنمر اذا
اعطيته معلومة لا تعرفها الشخصية فى الفيلم، لكن المخرجان داردن يقدمان هذه
المراعاة للجمهور مع تركيزهما على العناصر الاجتماعية، شبيهة بما نراه في
افلام هيتشكوك التى تعتمد على الاثارة.
الواقعية والحبكة
هذا المثال يدحض مقولة ان الواقعية لا تهتم بالحبكة، فاكثر ما يهم فى
هذه القضية هى كيفية خلق قصة من عناصر ليس فيها مبالغة ولكن من الضرورى
احتواءها على نوع من التشويق ولكن بقدر محدود حتى لا تنتفى صفة الواقعية
على الفيلم.
وكان لأندريه بازن منطقه عندما امتدح فيلم "امبرتو دى" فالفيلم من
وجهة نظره يحطم الدراما عبر المساواة بين الذوات، لكن المخرجين من امثال
المخرجين داردن ارادا ان يبنيا انماطا مختلفة للسرد بدون تسطيح الدراما.
عندما ننظر الى مخرجين واقعيين مثل الفرنسى موريس بيالات والبريطانى
كن لوش ومخرجى الدوجما فى الدنمارك ، فاننا نتساءل كيف انهم حافظوا على
عناصر الواقعية وفى نفس الوقت لم يهمشوا تماما ضرورات السرد؟، وهذه الاسئلة
تظل الاكثر الحاحا فى السينما.
http://tonymckibbin.com/course-notes/cinema-realism
عين على السينما في
17/06/2013
محمود
ياسين في صالون الأوبرا الثقافي:
السينما مجمدة من عشر سنوات والجميع
يتفرج
ناهد خيري
تحول
الصالون الثقافي بالمسرح الصغير ليلة امس الي صلاة جنازة علي جثمان السينما
المصرية بعدما تفاعل الحضور مع حالة الحزن التي اشاعها الفنان محمود ياسين
الذي كان ضيفا علي الصالون وادارة الفنان التشكيلي امين الصير.
في حيث
اكد ياسين ان السينما تعاني حالة من حالات الوأد وقاربت علي الموت ولا أحد
يتحرك لإنقاذها.
وقال
ياسين عملت165 فيلما لأننا كنا نمتلك صناعة وتراكم خبراتي لا يتوفر إلا
لشعوب شديدة الرقي, ولدينا صناع سينما لا نظير لهم في العالم ولكن للأسف
السينما متوقفة من سنوات وأراهن أنه لا أحد يدرك في مصر أن صناعة السينما
تعاني حالة من حالات الموت والوأد من أكثر من عشر سنوات و كل هذه الصناعة
بما تحملة من تاريخ وبكل ما صنعت من نجوم تكاد تنتهي مؤكدا أننا نمتلك
مخرجين عباقرة وكتابا وممثلين يقف أمامهم الجميع بدهشة بالغة ولكن القضية
ليست قدرات وإنما صناعة لديها أزمة, فقد كنا ننتج أكثر من130 فيلما
والآن بالكاد نصل ل15 فيلما و القضية في حقيقتها تكمن في رأس المال الذي
يحقق ما نرجوه.
وبحزن
شديد قال ياسين الصناعة ماتت بالرغم من أننا نمتلك إمكانيات ضخمة معطلة مثل
استديو مصر واستديو الأهرام واستديو نحاس الذي كان يعشقه كل النجوم الكبار
في مصر لأنه شهد أعمالهم. وقد كانت سيدة الشاشة العربية لا تحب أن تصور
إلا فيه ورفض ياسين مقارنة السينما المصرية بالسينما الهندية وقال لا يجب
أن نقارنها إلا بالسينما الأوروبية, ورفض ياسين ما تردد حول إمكانية عمل
سينما للرجال فقط وقال أرفض التصنيف وأي حدوته لا تكتمل إلا بوجود الأسرة
التي تتشكل من الأب والأم والأبناء والذي يشاهدها أيضا هؤلاء. وتحدث
ياسين في اللقاء عن بداية عشقه للمسرح الذي كان سببه وجود نادي المسرح في
بور سعيد وقال من يدخل هذا النادي يشعر وكأنه حديث البناء ولن يخطر في باله
أنه صاحب تاريخ
يعود لتسعين عاماً
وقال أنا
من أشد المعجبين بالدراما المسرحية وهي التي شكلت وجداني كما تحدث عن أزمة
المسرح وقال كان في الماضي يحمل ركائز أهمها ثقافة الأجيال وتعليمها وكان
يعشقه من يعمل به وأتذكر عندما قدمت مسرحية بداية ونهاية لأديب نوبل
كنا35 نجما من كبار النجوم مثل حسين فهمي وممدوح عبد العليم شهيرة وكريمة
مختار والمنتصر بالله وأخرون وعرضناها علي المسرح العائم أربعين ليلة بدون
مقابل وأتحدي أن يقف علي أي مسرح في العالم فنان ليعرض أربعين ليلة بدون
مقابل إلا الفنان المصري وكان المقابل الذي عملنا من أجله هو شراء وحدات
غسيل كلوي لمستشفيات تابعة للدولة وأكد ياسين أن فريد شوقي ساهم معنا في
المسرحية بدور صغير جدا لا يزيد علي عشرة دقائق من أجل تقديم الخير وحول
سؤال عن إمكانية وصول الجيل الجديد لما وصل إلية العمالقة قال الزمن لا
يتوقف والدنيا تتحرق للأقضل ولكن تكمن المشكلة في قناعات الشباب في الوصول
لما يرغبون. ورفض ياسين مهاجمة الأفلام بشكل أو بأخر كما حدث مع فيلم من
أفلام السبكي وقال نحن نقدم صناعة و لا يجب أن تحصل كل الأفلام التي ننتجها
علي رضاء الناس, وفي كل دول العالم من كل ما تنتجه كل الدولة يكون5 في
المائة فقط هو الجيد ويستحق دخول المهرجانات والمسئول الأول عن هذا هو
المخرج الذي لم يكن حافظا للأمانة التي أوكلها له الله فالمخرج هو المسئول
الأول عن الفيلم السينمائي ورفض ياسين في نهاية حديثة الإجابة عن سؤال حول
تطور صناعة السينما وقال لا توجد لدينا صناعة سينما لنأمل في تطورها.
السينما كانت في الماضي ولا تتحدثوا عن أنها موجودة. وحول الثقافة وما
تواجهه من تحديات مخيفة في الفترة الحالية قال ياسين أوافق علي اعتصام
الفنانين ضد وزير الثقافة ورفض الإفصاح عن أرائه السياسية ورأيه في جماعة
الأخوان المسلمين وكيفية إدارتهم لمصر وقال الفن ليس له من وظيفة إلا قضايا
واهتمامات وقضايا الناس في واقعها اليومي ولا يجب أن يهتم الفن بغير رسالته
المسئول عنها.
الأهرام المسائي في
17/06/2013
ونزول الإخوان للشارع غباء سياسى..
سمير سيف: موقعة وزارة الثقافة بروفة لـ 30 يونيو
كتب - محمد شكر:
أكد المخرج سمير سيف أن ما تشهده وزارة الثقافة من أحداث أمر مؤسف
مشيراً إلى تضامنه مع المعتصمين فى أروقة وزارة الثقافة رغم عدم ذهابه إلى
مقر الاعتصام وأن حاله لا يختلف عن حال أى مثقف مصرى يدمى قلبه على ما يراه
فى وزارة الثقافة وما آلت إليه الأمور لتصل إلى اعتداءات عناصر موالية
للنظام الحالى على المعتصمين السلميين الذين يلوذون بوزارتهم مما يرونه
طغياناً على الثقافة المصرية.
وأكد «سيف» أن الأمر واضح للعيان بأن ما يحدث فى وزارة الثقافة جزء من
مخطط أخونة الدولة حتى لو اتخذت مسميات مختلفة مثل مصطلح التطهير الذى
اعتبره حقاً يراد به باطل وأنا ضد الهجوم على المعتصمين الذى نقلته وسائل
الإعلام المختلفة خاصة أن المعتصمين لم يقوموا بتخريب مقر الوزارة أو
الاقتراب من مكتب الوزير رغم اعتراضهم عليه أو التعدى على موظف فهناك اتجاه
للسلمية التى تتناسب وطبيعة المثقفين فى التعبير عن احتجاجهم أما محاولات
التحرش بهذا الاعتصام السلمى فهذا ليس سلوكاً جديداً أو مبتكراً من قبل
مناصرى النظام القائم.
وعن تولى الدكتور علاء عبد العزيز حقيبة وزارة الثقافة كأول سينمائى
يسند إليه هذا المنصب يقول سيف إن الحياة علمتنا ان الحكم على الإنسان ليس
بخلفياته أو نواياه ولكن بأفعاله ولكن ما نراه لا يزيد عن تصرفات عدائية
وهدم قيادات ثقافية دون تفاهم وهذا يؤكد أن الأفعال هى ما تعبر عما تحمله
النوايا فمن الجيد أن يتولى سينمائى مسئولية وزارة الثقافة لكن التصرفات
والممارسات لا تصب فى صالح الثقافة، والمعتصمون فى مقر الوزارة جميعهم
قامات ثقافية هامة ولو كانت هذه القرارات فى صالح الثقافة لما اعترض أى
منهم.
وأكد سمير سيف أن لا أحد يملك تصوراً واضحاً لسيناريو 30 يونيه ولكنى
أؤمن ببيت الشعر القائل «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا
تفرج» وأعتقد أن إرادة الشعب المصرى ستنتصر فى النهاية وتعجب سيف من
تصريحات جماعة الإخوان المسلمين بالنزول فى 30 يونيه واعتبر الصدام مع هذا
الحشد الكبير نوعاً من الغباء والفقر السياسى مشيراً إلى أن موقعة وزارة
الثقافة لم تكن اكثر من بروفة لما قد يحدث فى حالة التحرش بالثوار الذين
اجتذبوا تأييداً شعبياً كبيراً بعد محاولة الاعتداء عليهم وفض اعتصامهم.
وأكد سيف أن هناك الكثير من الأزمات التى تدفع المصريين للخروج
للتعبير عن غضبهم من سياسة النظام الحالى وآخر هذه الأزمات تتمثل فى ملف
مياه النيل والفشل فى الوصول لحلول مع إثيوبيا وأشار إلى أنه لا يدعى
معرفته ببواطن الامور ولكن بالتأكيد هناك فشل فى معالجة هذا الملف سواء فى
العهد السابق أو فى الحالى لأننا أهملنا محيطنا الإفريقى فلم نستطع الوصول
لحلول وسطى وما حدث فى المؤتمر الذى دعا إليه الرئيس لإيجاد حلول لأزمة
السد يعتبر بلاهة سياسية فلا أحد يناقش قضية بهذه الخطورة بهذا الشكل
العبثى فهذا الاستعراض الأخرق جزء من الملهاة السياسية التى نعيشها فى مصر.
وأشار سيف إلى أن السينما لا تدفع ضريبة الثورة بمفردها مع ما تشهده
من تراجع ولكن مصر كلها تدفع ضريبة حالة الفوضى ومحاولة حصار مصر وإدخالها
نفقاً مظلماً، فالسينما تدفع ضريبة كل الأحداث التى تمر بها البلاد فإلى
جانب كونها فنا وقوة ناعمة يجب أن ننظر إليها كصناعة لها قاعدة اقتصادية
تنطلق منها ولهذا تعانى السينما كغيرها من القطاعات الاقتصادية إلى جانب
أنها تعكس المزاج النفسى للمجتمع ومزاج الناس حالياً لا يبعث على البهجة.
وعن قرار تأجيل المهرجان القومى للسينما وما فى ذلك من إهدار للمال
العام واعتبار البعض لهذا القرار بمثابة الانتقام من السينما أكد سيف أنه
صاحب هذا القرار لأن الدورة كانت ستنتهى فى 28 يونيو أى قبل اليوم المشهود
بيومين وهو ما قد يهدد الدورة الجديدة للمهرجان خاصة أن الأوضاع مشتعلة منذ
الآن ووزارة الثقافة مضطربة بالإضافة إلى أن المهرجان سيقام فى دار الأوبرا
التى طالتها الاعتصامات والاحتجاجات وهو ما قد يؤثر على الدورة التى بذلنا
فيها جهداً كبيراً لتليق باسم السينما المصرية ويتحول هذا المهرجان إلى
أوسكار حقيقى للسينما وأكد ان المهرجان استحدث جائزة للصوت ضمن جوائزه وتم
تدشين موقع إلكترونى منفصل عن الصندوق باسم المهرجان لمتابعة فعالياته وأكد
أنه لم يتصل بالوزير بشكل مباشر ولكنه قدم طلب تأجيل المهرجان لمدير
الصندوق الذى رفعه للوزير للتصديق عليه خاصة أن تأجيل المهرجان لا يحمل أى
إهدار للمال العام لأن المطبوعات مازالت تحت التجهيز ولم نقم إلا
بالتجهيزات الفنية ولا شبهة فى إهدار المال العام.
الوفد المصرية في
17/06/2013
مهدي عباس.. يؤرخ تفاصيل 175 فيلما روائيا عراقيا طويلا
عبدالجبار العتابي/ بغداد:
صدر للناقد والباحث السينمائي العراقي مهدي عباس كتابه الجديد الذي
يحمل عنوان ( الدليل الشامل للفلم العراقي الروائي الطويل 1946 – 2012 عن
قسم السينما في دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة يقع الكتاب
في 160 صفحة من الحجم المتوسط.
يتضمن الكتاب، الذي يعد وثيقة مهمة، شرحا موجزا للافلام الروائية
المنتجة خلال 66 عاما من عمر السينما العراقية التي عددها 175 فيلما من
ضمنها الافلام التي انتجت في اقليم كردستان، وهو اول كتاب يتصدى بشكل
تأريخي وموضوعي للافلام خاصة انها المرة الاولى التي يتم فيها توثيق افلام
كردستان ضمن مجموعة الافلام العراقية، اذ ان المتعارف عليه ان عدد الافلام
توثق بدون الرجوع الى الافلام الكردية، والكتاب يوثق بالصورة هذه الافلام
حيث حرص المؤلف على ابراز البوسترات كافة فضلا عن انه وضع عدد من الجداول
التي توضح احصائيات مهمة جدا مثل: مخرجو الافلام العراقية حسب التسلسل
الزمني وعدد افلام كل واحد منهم وجنسيته، ومدراء تصوير الافلام هذه حسب
التسلسل الزمني ايضا وعدد الافلا التي اداروها وجنسيايتهم، والممثلون
والمثلات الاكثر حضورا في السينما العراقية حسب الافلام التي مثلوها، وكذلك
المونتيريون الاكثر حضورا في الافلام العراقية وعدد الافلام التي اشتغلوها
وفنانو الموسيقى التصويرية الاكثر حضورا وعدد الافلام التي شاركوا فيها،
بالاضافة الى ان الكتاب تضمن الجهات التي قامت بانتاج الافلام، وهناك جدول
في الاخير يتضمن الانتاج السينمائي العراقي حسب السنوات، ولم ينس المؤلف ان
يتطرق الى افلام (السكرين) التي انتجت ابان عقد التسعينيات بعد ان توقفت
عجلة الانتاج السينمائي نتيجة الحصار الاقتصادي، ووضع المؤلف في بداية
الكتاب ثلاث صفحات خاصة اسماها (السينما العراقية في سطور) حيث سجل فيها
أدق المعلومات بصيغة افعال التفضيل مثل اوائل الافلام في مناسبات مختلفة
وأطولها واقصرها وانجحها وافشلها، والكثير من المعلومات التي تخص يحتاجها
القاريء.
يقول مهدي عباس: كنت في السادسة من عمري وبالتحديد في عام 1961 حين
كان لقائي الاول مع عالم السينما، المرة الاولى التي ادخل فيها صالة مظلمة
مع مجموعة كبيرة من الناس لاشاهد فيلم (رصيف نمرة 5) للفنان الراحل فريد
شوقي، كان ذلك في صالة سينما النصر في سوق بعقوبة (محافظة ديالى)، وفي
العام نفسه انتقلت عائلتي الى بغداد وسكنا في منطقة الجعيفر، وكانت اقرب
دار سينما الى بيتنا هي سينما زبيدة في الفحامة مقابل مستشفى الكرامة، ومن
هذه الدار عشقت السينما، كانت يوميتي عشرة فلوس وسعر تذكرة السينما اربعين
فلسا، اربعة ايام لا اصرف فلسا واحدا، اجمعا لاذهب الى سينما زبيدة،لكن
الغريب انني لم احلم ان اكون ممثلا كما يحلم المراهقون لكنني كنت ابحث عن
المعلومات عن الافلام، كنت ابحث عن المجلات السينمائية والكتب وكنت احتفظ
بآلاف البوسترات اقتطعها من المجلات والجرائد واحفظها حسب التسلسل الزمني
وحسب بلدها، حتى تذكرة السينما كنت احتفظ بها لاكتب على ظهرها (يوم كذا
سينما كذا شاهدت فيلم كذا بطولة..)، حيث كنت في صباي اشتري سجلا كبيرا
وأخططه وأدون فيه الافلام التي شاهدتها والتي لم اشاهدها.
واضاف: مشروع توثيق الانتاج السينمائي العراقي ليس بالعمل الهين وهو
يحتاج الى هيئة او لجنة تقوم بهذا العمل، ولكن للاسف لا احد يفكر في هذا
المشروع فأخذت مسألة التوثيق على عاتقي وعانيت ما عانيت من نقص المعلومات
والصور ولم اترك احدا لم اتصل به، ومن المؤسفان اجد فنانين او فنيين لا
يعرفون اية معلومات ولا يحتفظون بأية صورة من فيلم سينمائي ظهروا فيه او
عملوا.
وتابع: اعتمدت بالاساس على ارشيفي الخاص وما احتفظ فيه من صور ومجلات
وكتابات في الصحف والمجلات وكذلك مشاهدتي لمعظم الافلام العراقية عن طريق (الدي
في دي) والفيديو واليوتيوب، كما ااني وفي مراجعاتي لمعظم المواقع والمصادر
السينمائية اكتشفت حقائق جديدة عن السينما العراقية لافلام تجاهلتها في
كتابي السابق لذا يأتي هذا الكتاب شاملا ليوثق بكل دقة للسينما
العراقية،كما لا انكر ان مجموعة من المبدعين ساعدوني في ذلك، وللامانة خصصت
لهم صفحة في كتابي.
ويشير قائلا: للتاريخ اقول ان اقليم كردستان العراق يقدم دعما
واهتماما كبيرا للسينما، فهناك اليوم ثلاث مديريات للسينما في اربيل
والسليمانية ودهوك وكلها تنتج افلاما سينمائية وهناك مهرجانات سينمائية
سوية ثابتة مثل مهرجان دهوك السينمائي ومهرجان العنف ضد المرأة وغيرها.
يذكر.. ان الناقد السينمائي والباحث مهدي عباس
متخصص في مجال السينما منذ اكثر من ثلاثة عقود واشرف على اصدار صفحات
سينمائية في عدد من الصحف والمجلات المحلية وهو معروف بنشاطه المميز وارائه
الجريئة فضلا عن فيض المعلومات التي لديه والتي منحته صفة المؤرخ الوحيد
لتاريخ السينما في العراق، الى جانب الكتب التي ألفها وهي: دليل الفلم
الروائي العراقي عام 1997، موسوعة المخرجين العرب في القرن العشرين عام
2000، كتابات في السينما العراقية عام 2006، جولة مع السينما الكردية عام
2009،ودليل الفلم الروائي العراقي الجزء الثاني عام 2010،كما انه اشترك في
عدة مهرجانات سينمائية كعضو لجنة تحكيم، واصدر اول جريدة سينمائية هي جريدة
(عالم السينما) بواقع 14 عددا وتوقفت بسبب عدم وجود دعم لها.
إيلاف في
17/06/2013
الدين كموضوع جمالي
محمد اشويكة - المغرب
-1-
اعتنت السينما منذ بداياتها، وبشتى أنماطها، بتيمة المقدس سواء على
مستوى الأفلام الروائية أو الوثائقية، بل صار التخصص في بعض المجالات
الدينية كلاسيكيا في الأدبيات السينمائية كما هو الحال بالنسبة للأفلام
الإنجيلية مثلا "Films bibliques"..
هكذا تناولت الأفلام اللاهوت المرتبط بالديانات التوحيدية (اليهودية،
المسيحية، الإسلامية، وكذا الوضعية (البوذية...)، وغيرها.. كما اهتمت ببعض
القضايا الميتافيزيقية كالملائكة والجن.. أو بالصراعات الداخلية الحاصلة
داخل الديانة الواحدة (الصراع الكاتوليكي البروتستانتي).
ما معنى أن يكون الدِّين موضوعا أثيرا للسينما؟ ما الجماليات المرتبطة
به؟ كيف يمكن تناوله من خلال فيلم وثائقي؟
-2-
حاول المخرج المغربي نور الدين التلسغاني مقاربة تلك الإشكالات من
خلال فيلمه الوثائقي الطويل:
"Ma religion est faite"
، وهو شريط يمكن اعتباره فيلم شهادات
"Film de témoignage"
بالنظر إلى حجم الآراء التي انفتح عليها ضمن مجال
مكاني مغاير يسمح، إلى حد كبير، بحرية الاعتقاد؛ إذ تَمَّ التصوير بمدينة
ستراسبورغ الفرنسية التي تعتبر بؤرةً تتعايش وتتصارع فيها الديانات
والمعتقدات والمذاهب والحساسيات والتقليعات والآراء والرموز...
ركز الفيلم أثناء التصوير على بعض التفاصيل المشتركة بين الديانات
كالصلاة، والخشوع، والقراءات المقدسة، والأصوات، واستعمال بعض الأكسسوارات
كالسُّبْحة والورود والبخور والشموع مما يشير إلى كونية هذه الممارسات
والطقوس التي تجعل من الإنسان كائنا ميتافيزيقيا يرفعه الغيب إلى مستويات
روحية قد توحده أو تفرقه.
واجه الفيلم إشكالية الدين من زاويةٍ حاولت أن تنطلق من فكرة تعايش
الأديان والمتدينين، وإشاعة ثقافة الحوار بين الشعوب. قادتنا كاميرا المخرج
التي كانت متحركة وديناميكية إلى رصد الاختلاف والتعدد الثاوي في العقائد
والنفوس، والذي لا يبتعد أصحابه عن تكريس الكليشيهات المرتبطة ببعض
الديانات، والتي تنم عن خلفية إيديولوجية أو عن جهل، فقد صرح بعض
المُسْتَجْوَبِين بأن الإسلام، مثلا، مرتبط بالإرهاب والتطرف.. وصرح البعض
الآخر بأن البوذية ليست دينا وإنما موضة أو تقليعة.. واعتقد البعض بأن
الدين لا يهمه مدعيا الحياد أو العيش بدون ارتباطات ينسجها مع المواضيع
الميتافيزيقية المطلقة.. وذلك، ربما، ما جعل أحد الحاخامات يُعَرِّف الدين "Religion"
استنادا إلى الفعل الفرنسي "Relier" [رَبَطَ]
المشتق من الأصل اللاتيني
"Religare"
الذي يشير إلى التجميع واستعراض الشيء بعناية
للدلالة على سند التقوى الذي يربط المؤمن بالله. وفي نفس السياق، هناك من
يرجع أصل الدين إلى الفعل اللاتيني
"Religio"
الذي يحيل إلى كل ما يربط ويجمع ويصل...
انطلاقا من ذلك يصبح الدِّين ذلك الرابط الذي يجمع الناس حول ما هو
مقدس أو غيبي أو مطلق أو متعالٍ وفق منظومات اعتقادية ودغمائية، أو استنادا
إلى ممارسات شعائرية وأخلاقية. وَضَّحَ الفيلم أن الإنسان يعتنق الدين
بدافع أخلاقي، أو نتيجة لتَبْكِيت الضمير، أو الحيرة.. وذلك ما ينعكس على
شخصية الفرد، فيتحول الدِّين، بذلك، إلى منهاج أو فلسفة في الحياة كما يظهر
بجلاء من خلال ما جاء في الفيلم الوثائقي.
-3-
بدأ الفيلم بطرح إشكالية الخلق مفسحا المجال لتصورات كثيرة جاءت على
لسان أناس اعتنقوا الإسلام، ومتدينين مسلمين، ورجال دين يهود وبوذيين
ومسيحيين؛ في مقابل أناس غير متدينين، وفنانين من حساسيات مختلفة: مخرجون،
مصورون فوتوغرافيون، موسيقيو الشارع، تشكيليون.. اختلفت وجهات النظر
وتباينت، فهناك من سار وفق التصور الديني الذي يشير إلى سرمدية الكون وإلى
خالقه الذي سبق الخلق، والذي لا يمكن أن يشمله الفناء؛ وهناك من اتبع
التصور العلمي الذي يُرَجِّح نظرية الانفجار العظيم "Le big bang"
التي تحاول أن تخلص العالم من سطوة الغيب، وتفسره تفسيرا ماديا يسعى إلى
فهم العلاقات المتحكمة في ظواهره.. بعيدا عن فكرة الكَاوُوس التي تركز على
أن الفراغ، كان، هو السائد والسابق عن كل شيء بما في ذلك الضوء.
لم يتوقف النقاش عند ذلك الحد، بل تشعب كي يمس قضايا جوهرية في حياة
الإنسان كالموت والحياة والمصير، إضافة إلى ما يتعلق بالممارسات والعقائد
والطقوس المرتبطة بالدين، فقد أظهر الفيلم حجم الاختلاف الحاصل حول المفهوم
وما يرتبط به، والذي يمكن أن نلخصه فيما يلي:
-
الدين مجرد خيالات وأوهام...
-
الدين إرث ثقافي من المعتقدات اللاعقلانية...
-
الدين حقيقة وتجربة إنسانية باطنية تتجلى من خلال إيمان طافح
وجِدِّي وصادق...
-
الدين ظاهرة معقدة يصعب فهمها...
نستنتج من خلال وجهات النظر تلك أن الدين مسألة تاريخية لا تكاد تفارق
مختلف الممارسات الإنسانية كالفن والسياسة والقانون.. فهو حاضر بشكل تطوري،
متزايد ومؤثر، في حياتنا اليومية الأمر الذي يجعله في خضم السِّجَالات
البشرية الكبرى وخاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين المقدس والمدنس.
-4-
يتبين أن المخرج لم يدخل غمار هذا المنجز دون معرفة أولية بالدين
عامة، وبالديانات الكبرى خاصة، فقد طرح إشكاليات الدين والتدين من خلال
ثلاثة محاور أساسية لا يمكن أن تستقيم أية ممارسة دينية بدونها، وهي:
-
المعتقدات والممارسات الدينية: ركز الفيلم على أهمها في
المسيحية واليهودية والإسلام والبوذية مع الإشارة إلى اللاَّدِينِيِّين...
-
الإيمان أو ما يصطلح عليه بالمشاعر الدينية: قدم الفيلم بعض
الثوابت العقدية لدى مختلف المتدينين موضحا أسس الإيمان عندهم...
-
وحدة المؤمنين داخل جماعة واحدة: يقدم الفيلم المسجد والكنيسة
والمعبد كأمكنة مقدسة لالتقاء المؤمنين، وممارسة الطقوس والشعائر الدينية...
سعى الفيلم، انطلاقا من الديانات الكبرى في العالم، إلى أن يقدم
للمتلقي مفهوما شاسعا للدين، وذلك باعتباره جمّاع الأفكار والمعتقدات
والمشاعر والممارسات التي تحدد علاقات الإنسان بالله، وبكل ما هو مقدس، فهو
ينبني على المشترك بين أعضاء كل جماعة مؤمنة، مثلا: الكتب المقدسة،
الشعائر، الطقوس، الأسرار، التنظيم، الالتزام بالقيم، تطبيق الأوامر
والامتناع عن النواهي.. وهي مسائل تأتي إما عن طريق الكتب المقدسة، أو
الأنبياء، أو الحكماء (بودا مثلا)...
-5-
أوضح الفيلم بأن الموضوع الديني ليس مجرد قضية ترتبط بالأفراد فحسب،
وإنما تقع في صميم اهتمامات الجماعات، فالدين يفرق بين جماعة المؤمنين وغير
المؤمنين، ويرتبط أشد الارتباط بما يخافه الإنسان كالموت التي اعتبرها
البعض راحة، والبعض خلودا، والبعض فيصلا بين الحياة الدنيا والحياة الأخرى،
والبعض تجددا أو خلقا متجددا.. لكن، مهما اختلفت التصورات والاعتقادات فقد
مال المخرج إلى إنهاء فيلمه بطريقة فنية تكرس اللاَّيَقِين لدى المتلقي
أكثر مما تزيح الحيرة عن قلبه، وذلك عبر مزجه لعدة أجوبة متداخلة: أصبح
الكل وسط جَلَبَة معتمة تتداخل "أصواتها – أجوبتها"، وكأننا أمام دفق من
الكلام اللانهائي!
تُمَثِّل الشاشة المظلمة ما يشبه الكهف المنغلق الذي تختلط فيه أصوات
الناس.. نهاية تشبه القيامة المتخيلة، لحظة مظلمة (كَاوُوسِيَّة)، لا
يقينية، تميل إلى الظلام وكأن أصحابها يقبعون داخل القبور: لكل منا حقيقته
المتعالية التي يأخذها معه بعد الموت البيولوجي الذي يطاله...
إذا ما عدنا إلى فكرة الظلمات والظلام في الخطاب الديني فغالبا ما
تحيل على الجهل والجهلاء، وعماء البصيرة، وأصحاب النار، والمصير السوداوي
الذي ينتظر الكفار والعصاة، ومن طبع الله على قلوبهم.. وغير ذلك من الصفات
السلبية. أما اللون الأسود فيعني انتفاء الألوان، وهو يشير في بعض الثقافات
إلى الحزن والكآبة والخوف والشر.. وما دون ذلك من المشاعر والأفكار التي
يمكن أن تسيطر على بعض التعبيرات الموصوفة، غالبا، بالسوداوية...
أعتقد أن إنهاء المخرج نور الدين التلسغاني فيلمه "Ma religion est faite"
بالسواد تلخيصٌ مجازيٌّ لما جاء في مختلف خطابات العينات التي منحها فرصة
التعبير عن فكرة الموت، فقد أقر المُسْتَجْوَبُون بأنها حقيقة ثابتة، وهي
جزء من الحياة لأنها تسير بالموازاة معها، مع إشارة بعضهم إلى أن الإنسان
يفضل الموت عندما "تَسْوَدُّ الحياة في وجهه"!
إذن، يرتبط السواد بالمعاصي، وامتحان المخلوق من طرف الخالق، والحزن،
والهَجْر.. فهو لباس الرهبان، والشيعة.. وغيرهم من الإخوانيات الدينية وغير
الدينية كما نشاهد في أفلام جماعات مصاصي الدماء وعبدة الشيطان...
-6-
راهن الفيلم منذ البداية على نسج جماليات بصرية مفارقة ارتبطت
بالعينات التي تعاقبت على الحديث؛ إذ اختار المخرج، عبر آلية المونتاج، أن
يقارن بين عالم ميتافيزيقي وآخر دنيوي غارق في الماديات؛ وبين رجال الدين
و"رجال الدنيا"؛ بين الأماكن المقدسة والأخرى المدنسة.. وذلك ما خلق
التباين "Le contraste"
اللازم لرسم ملامح الصراع الذي يخلق عنصر التشويق الفيلمي الذي إذا خلا منه
أي فيلم وثائقي أو روائي يصبح دون قيمة فنية وفكرية...
الجزيرة الوثائقية في
17/06/2013
سينما مصرية جديدة
عشم ماجى مورجان و ابتسامة رضا
بقلم: صفاء الليثى
ست قصص وثمانية عشر شخصية، للفيلم الطويل الأول لماجى مورجان، فى
ذاكرتى هى منتجة لأفلام وثائقية لمشروعات تنموية عن المصريين والمصريات من
طبقات تعانى الفقر والبحث عن العمل . ثمانية عشر شخصية أخذوا ترتيبهم فى
ذاكرتى كمجموعات، أولا ابتسام ورضا وعشم ، أبطالى المفضلين كلهم مبتسمون
راضون عشمهم فى الدنيا وظيفة جديدة على قد الحال . ابتسام "منى الشيمى"
ورضا " نجلاء يونس، وعشم " شادى حبشى" . يلتقى عشم مع رضا القادمة من الريف
للعمل فى تنظيف حمامات السوق التجارى الكبير، ويلتقى عشم فى النهاية مع
ابتسام على رصيف الشارع وقد تعثرت بما تحمله وساعدها على النهوض . هما الآن
حققا درجة من درجات الصعود الاجتماعى عشم أصبح عامل أسانسير وابتسام تحمل
بطاقة بوظيفة ممرضة. وقبلهما رضا وقد ترقت لتصبح بائعة فى محل ملابس طورت
لهجتها فتقول بلوفر بدلا من شرز وتقف بدون الطرحة تساعد الزبائن فى انتقاء
اللون المناسب. ماجى جعلت الصدفة العادية هى التى تجمع أحيانا شخصيات عملها
بقصصهم المتقاطعة دونما حاجة لجمعهم فى مكان واحد، عمارة سكنية مثلا أو
مكان عمل، مدينة القاهرة هى التى تضمهم والصدف السعيدة هى التى تجمعهم
أحيانا. فى المجموعة الثانية – أذكر القارئ بأن هذه التقسيمات لى وليست
للمخرجة- الأزواج المرتاحين ماديا ولكنهم لا يخلون من مشاكل، مثل عدم
الإنجاب، عدم التوافق، وأوهام المرض. تغلب على المجموعة الثانية الكآبة
وعدم الرضا، بينما تعم الابتسامة والرضا المجموعة الأولى، هل هذه حقيقة
وجودية، ؟ السعادة فى الرضا ولأن عشم وابتسام ورضا أحلامهم بسيطة فهى ممكنة
التحقيق، مقارنة بصعوبة التوافق والاتفاق وتخطى المرض مع مع داليا وعماد
وفريدة، وأشرف وكريم ونادين، ورمزى ومصطفى وأشرف.
على مستوى الحرفة هذا فيلم يعتمد كلية على المونتاج، ليس فقط مونتاج
الطاولة الذى يجرى فى حجرة التقطيع بل المونتاج الفكرى الذى يبدأ من
الكتابة مع الفكرة وخطوط القصة وينتهى فى المونتاج. لم تكتب ماجى على
التترات " سيناريو " ماجى مورجان بل قصة وإخراج، فكيف تمت كتابة
السيناريو؟ هل كتبت المشاهد لكل قصة على حدة دون تتابع وصيغ التتابع لاحقا؟
مكتوب فى الملف الصحفى : " الحوار وبعض المشاهد تم من خلال جلسات ارتجال مع
الممثلين.." العمل جماعى ليس فقط للبطولة الجماعية وعدد الأدوار واحتلالها
مساحة قريبة من زمن الفيلم ولكن لتساويها فى الأهمية فليس هناك أبطال
وأدوار ثانوية، بل إن ممثلى الهامش يحتلون فى الوجدان مكانة تفوق الأبطال
التقليديون، وخاصة الممرضة ابتسام فى مقابل الطبيب د. مجدى" مينا النجار".
كل منا له انحيازاته وأنحاز كشخص قبل انحيازى النقدى لابتسام والممثلة..
التى قامت بدورها صاعدة من هامش تاريخ السينما المصرية – بدون ميلودراما-
لأتخذها بطلتى وتشدنى إليها بابتسامة راضية، ينافسها على عرش وجدانى عشم
بدوره وأدائه وبساطة حكمته التى تنهى فيلما عن مصر، عن القاهرة، عن
المصريين بعد قيام ثورة 25 يناير المستمرة لدى أشخاص من العمل وخلف
الكاميرا وبين المتلقين، الصورة المستمرة لدى قطاع كبير من الشعب، ولتنتهى
عند عشم الذى حصل على وظيفة جديدة. عندما تسأله المثقفة الثورية فريدة "
مروة ثروت" هتنزل الثورة يقول: ليه ؟ أنا مسكت وظيفة جديدة ". أنحاز لرضا
وقصتها مع شاب الأمن، تسعدنى المخرجة عندما نراهما على الموتوسيكل معا
يطيران وقد حققا قدرا من أحلامهما. هذه سينما أعشقها شكلا وموضوعا، هذه
سينما جديدة تخطو خطوات أبعد من سينما الواقعية المصرية الجديدة بموجتيها
مع المجموعة الأولى خان وداوود خيرى بشارة، والثانية رضوان الكاشف، مجدى
أحمد على، أسامة فوزى، وتجربتى هالة خليل. سينما ترصد مصر المعاصرة وتجرب
أساليب سردها دون أن تكبل نفسها بقاعدة " الجمهور عاوز كده" ساعية لخلق
جمهور جديد يجد نفسه مع هذا الهامش من أبطال منهزمين مرحليا، آملين
ومتعشمين على المدى الطويل فى العيش بسعادة.
التصوير رائع لرؤوف عبد العزيز، ينهى الجدل حول تفوق شريط السينما 35
مللى، مونتيرالفيلم أحمد عبد الله يقف فى مصاف كبار المونتيرين عادل منير
وأحمد متولى فى براعة الانتقالات وضبط الإيقاع، شريط الصوت بلا مشاكل
اعتدناها. تحية لصناع الفيلم الذين يواصلون الحفاظ على صناعة السينما
المصرية مجددين أدواتهم، ناظرين أمامهم نحو مستقبل يجمع بين لغة فنية جديدة
ورؤية محبة لبلدهم ولناسهم. أما الجمهور– كما يعتقد أغلب المنتجون-
الجماهير فعليها أن تنفتح على دنيا جديدة لسينما تعبر عن طبقات الشعب
المصرى بكل تنويعاته دون انحياز لطبقة دون أخرى. سينما تفتح طاقة أمل وتمنح
الفرصة ليس فقط لنجم ونجمة وحيدين ليواصلا حصاد الأموال، بل لخمسة وعشرين
فردا متساويين أمام الكاميرا وخلفها، سينما ينص دستورها على أن الجميع سواء
مهما كان دوره.
شاهدت الفيلم فى عرضه الخاص بالقاهرة، وسط جمهور خاص يخش البعض أن
يكونوا هم كل الجمهور المحتمل للفيلم، ولدى عشم أن يفاجئنا قطاع مجهول لنا
من الشعب المصرى فيقبل على العرض ويتفاعل مع فيلم يشبه حالتنا الآن وكل منا
يشعر بأنه متفرد ويستحق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
الجزيرة الوثائقية في
18/06/2013
السينما السعودية:
حضر اليوتيوب وغابت صالات العرض
ميدل ايست أونلاين/ الرياض
صناع السينما يؤكدون أن النجاح الافتراضي لا يكفي لنشر فن هام ما زال
يعتبره البعض 'مفسدة للمجتمع'.
يبدو أن السينما السعودية التي نجحت في تأكيد حضورها في بعض
المهرجانات العربية، لم تستطع حتى الآن من الوصول إلى جمهورها المحلي بسبب
غياب صالات العرض والانتقادات التي يواجهها السينمائيون في بلد محافظ ما
زال يعتبر السينما من المحرمات.
واضطر عددا من الشباب السعودي مؤخرا للاستعانة بموقع "اليوتيوب" لعرض
أفلامهم الجديدة التي تتناول جوانب عدة من المجتمع السعودي، مستفيدين من
وجود عدد كبير من مستخدمي الإنترنت في البلاد (حوالي نصف عدد السكان).
ولقيت التجربة الجديدة إشادة كبيرة من بعض السينمائيين، فيما اعتبر
البعض أن أفلام اليوتيوب لا ترتقي لمستوى السينما الحقيقية بسبب مستواها
الفني المتردي، رغم إقراره بأهمية الأفكار المطروحة في هذه الأفلام.
ويرحب المخرج السينمائي ممدوح سالم بالاستفادة من الإعلام الجديد
"لعرض قضايا المجتمع بطرق تصل للمشاهد بشكل مبسط"، مشيرا إلى أنه سينما
اليوتيوب تظهر "الموهبة السعودية التي تتسم بالكوميديا، كما تحمل جرأة في
الطرح على المستوى الاجتماعي".
ويرى أن أفلام اليوتيوب تمثل تعويضا عن غياب السينما في السعوديـة،
مضيفاً أن غيابها له أبعاد اقتصادية وثقافية كثيرة على المجتمع السعودي،
وفق صحيفة "الوطن" السعودية.
وتعتبر السينما حديثة النشأة في السعودية، حيث تم إنتاج أول فيلم طويل
عام 2006 بعنوان "ظلال الصمت" للمخرج عبد الله المحيسن.
ويناقش المحيسن في الفيلم أزمة الفرد العربي وعجزه أمام تراكمات ماضيه
ومأساة حاضره ورعبه من امستقبل مجهول لا يحمل أي أمل بالخلاص.
ويصف الناقد السينمائي أحمد الملا أفلام اليوتيوب بـ"المهرّبة"، مشيرا
إلى أن موقع يوتيوب مجرد وسيلة نقل سريعة تشبه ترجمة الشعر الركيكة
والحرفية.
ويضيف لصحيفة "الشرق" السعودية "السينما صناعة لها مؤسساتها
الأكاديمية ومناخها التنافسي وصالات العرض إضافة إلى الحرفية التي يعتاش
منها القائمون عليها"، لافتاً إلى أن الأفلام المنتجة في المملكة الآن لا
ترقى لتسميتها "أفلام مستقلة".
وحققت السينما السعودية المنتجة في الخارج حضورا جيدا في عدد من
المهرجانات العربية والدولية، حيث حصد فيلم وجدة (إنتاج إماراتي – ألماني)
لهيفاء المنصور ثلاث جوائز دولية، فيما فاز فيلم "حرمة" لعهد كامل بعدة
جوائر خليجية.
ونظمت السعودية عدت مهرجانات سينمائية، كان آخرها "مهرجان السينما
السعودية" الذي نظمته شركة روتانا وواجه عددا كبيرا من الانتقادات.
وكان المخرج بدر الحمود أول مَنْ دشّن الأفلام السعودية على اليوتيوب
بفيلم "مونوبولي" في 2011، وحقق نسبة مشاهدة عالية (أكثر من 300 ألف مشاهد)
بعد أيام من عرضه.
ويؤكد صناع السينما في المملكة أهمية "سينما اليوتيوب" في التسويق
لأفكار الشباب ورصد العادات والتقاليد في المجتمع السعودي، لكنه يشددون على
أنها لا تشكل بديلا للسينما الحقيقية التي ما زال بعض المتشددين يصر على
تحريمها باعتبارها "مفسدة للمجتمع".
ميدل إيست أنلاين في
18/06/2013 |