لؤي العتيبي مبدع ومستكشف أردني سينمائي الهوى وثائقي التوجه استكشافي
المنحى.. سينجز سلسلة من إنتاج الجزيرة الوثائقية عن أفرقيا.. سيزور عدة
دول أفريقيا ويستكشفها بعيون عربية.. هذه السلسلة هي الأولى من نوعها في
العالم العربي.. حيث أن وثائقيات الاستكشاف بقيت حكرا على الغرب وربما
ستكون هذه المحاولة فاتحة لمشاريع عربية جديد. في هذا الحوار سنتعرف على
لؤي وسنفهم بعض تفاصيل مشروعه.
·
في البداية هل يمكنك أن تتحدث عن
سيرتك الفنية وعن فيلمك الوثائقي الأول؟
في البداية كانت اهتماماتي الفنية عبارة عن هواية لكنها تحولت الآن
إلى عمل تلفزيوني وثائقي أول.
·
هذه التجربة الجديدة تهمنا كثيرا لأننا نبحث عن مفهوم جديد للوثائقي لدى من
يشتغلون على الفيلم الوثائقي وليس لمن ينظرون له، فهل يمكنك أن تحدد لنا
مفهوم الوثائقي؟
حسب رأيي الشخصي أعتبر أن الفيلم الوثائقي هو توثيق لحقيقة موجودة
وعملية تثقيف، والمهم هو كيف تصل لتلك الحقيقة وتعيشها كتجربة ثم تنقلها
للناس بصورة حقيقية.
·
من هذا الاعتبار هل هناك اختلاف
بين الفيلم الوثائقي العلمي والطبيعي والاجتماعي؟
بالتأكيد، فالوثائقي العلمي يحتاج إلى بحث والوثائقي الذي يتحدث عن
حياة بعض القبائل مثلا يحتاج إلى المعايشة والتجربة وإلا سيكون التصوير "من
الخارج" أي بدون الدخول إلى حياتهم وكيف يعيشون ويأكلون.
·
لكن وبحسب هذا التعريف الذي
قدمته كأني بك تنظر للوثائقي من وجهة نظر تلفزيونية فقط؟
أبدا، الوثائقي يمكن أن يوضع في أي صيغة نريدها إذا امتلكنا المعلومة
الصحيحة والعميقة وبهذا يمكن صياغة تلك المعلومة في السينما أو في كتاب أو
في التلفزيون لإبلاغها إلى الناس.
·
ولكن ألا تكون قد تغاضيت هنا عن
البعد الجمالي في الوثائقي؟
لا شك أن الوثائقي كله جمال أصلا لكن مقياس الجمال يختلف من شخص لآخر،
وليس هناك جمال ثابت، ولا يمكن القول إن هذا الأمر جميل أو غير جميل، كما
أن كل مكان في الدنيا له جمال إذا عشناه بشكل صحيح.
·
لكن هناك فرق بين أن ترى الجمال وأن تعبر عن الجمال، فقد ترى الجميل
وتتمثله جمالا ولكن لا تستطيع التعبير عنه؟
لهذا السبب نحن نوثق هذه الأشياء في التلفزيون حتى نبرز الجمال
بتفاصيله ونؤشر عليه ونُري الناس ما قصدناه بالجمال.
·
طيب ما هو الجمال في الأسود أو
النمور مثلا؟
الأسود كلها جمال، فالأسد جميل بشخصيته وبشكله وبقوته، لكن إذا نظرنا
إليه من الخارج نقول عنه إنه حيوان مفترس ولا يمكن أن نرى الجمال في ذلك،
لكن التعايش مع الأسد يكشف جماله في أسلوبه وفي كبريائه وتعامله مع عائلته
وهذه كلها مقاييس للجمال.
·
كيف تقدم لنا مشروعك الوثائقي؟
الفكرة أننا نريد أن نقوم برحلات إلى أفريقيا وكل دولة نزورها "سنمسح"
كل ما يوجد فيها، وسنبحث عن دول غنية بمضمونها الثقافي والاجتماعي وبحياتها
سواء من حيث القبائل التي تعيش فيها أو حياتها البرية أو غيرها، والهدف من
هذه الرحلة هو تعريف الناس بحقيقة هذه الدول والتنوع الثقافي والعرقي
والديني الموجود فيها، وكيف تصالح الإنسان مع الطبيعة والجغرافيا، وسنبدأ
بأثيوبيا التي تتعايش فيها 82 لغة لـ82 عرقا بشريا بتناغم تام ضمن تنوع
جغرافي وتاريخي قديم يعود إلى ما قبل الميلاد.
·
أظن أن هذا هو أول مشروع وثائقي
عربي في هذا الاختصاص؟
نعم هو أول تجربة عربية.
·
لكنك لم تبدأ من الصفر بل سبقتك
آلاف الأفلام الوثائقية من هذا النوع أليس كذلك؟
نعم لكن الجديد هو النظر إلى هذا الموضوع بعين مختلفة، أي بعين عربية
وثقافة عربية، وسأنقل الحقيقة كما هي وبحسب الواقع الموجود وأنا متأكد بأن
هذا الوثائقي سيكون مختلفا لأني لن أركز على جزئية واحدة بل سأقوم بعملية
مسح كاملة للدولة التي سأصور فيها.
·
لكن ما يُعاب على هذا النوع من الأفلام الوثائقية أنه دائما ينظر إلى البشر
الذين يعيشون داخل هذه الثقافة المختلفة على أنهم محميات بشرية تثير
الغرابة لدى الجمهور وليسوا بشرا مثلهم لهم شِعرهم وموسيقاهم وتراثهم، وهذه
نظرة استعلائية وإن كانت غير صريحة تماما، فما هو رأيك؟
أنا أرى أنهم بشر ما زالوا على سجيتهم وطبيعتهم ولهم ثقافتهم وعاداتهم
وتقاليدهم منذ آلاف السنين.
·
بحسب كلامك أنت تعمل وفق فلسفة معينة ولا تقوم بالسياحة في هذه البلدان فهل
هذا صحيح؟
نعم صحيح، وبقطع النظر عما يراه الغربيون فيهم فأنا أرى أن هؤلاء
البشر مازالوا يعيشون بالنقاء الإنساني أكثر من بقية المجتمعات التي تحورت
وفق نظام العولمة الجديد الذي اكتسح العالم وأصبحنا معه شكلا واحدا وطعما
واحدا.
·
لكن مفهوم النقاء فيه بعض
الالتباس لأن فيهم الخير والشر أيضا فماذا ترى؟
هذا صحيح وهذا هو الإنسان الأصلي والحقيقي بينما نحن نتصرف بحسب
متطلبات المجتمع وليس بحسب طبيعتنا سواء في أكلنا أو ملبسنا أو طريقة
حديثنا أو عاداتنا.
·
وماذا تقصد بالعين العربية في
هذه الأفلام الوثائقية؟
أي أننا ننظر لهؤلاء البشر بعيوننا وليس بعيون الغرب أي باهتماماتنا
وليس باهتماماتهم، وأنا أحاول نقل الصورة بتفاصيل دقيقة للواقع بعيون
عربية، وهنا أقول إن كل المعلومات التي نستقيها عنهم تأتي من الغرب بينما
طريقتي هي تسليط الضوء على أمور، ليس الغرب مصلحة في تسليط الضوء عليها في
العادات والأمور الدينية والدنيوية.
·
لعل قوة العمل أو قوة هذه العين العربية أن العربي سيرى مستكشفا عربيا في
هذه الأفلام الوثائقية فهل هذا صحيح؟
فليكن هذا الأمر، فليس هناك شيء حكر على الغرب بل هناك أمر واحد هو
أننا نريد أن نعمل أو لا نريد أن نعمل، ولا نطلب الأمور السهلة، وقد جاء
دورنا لأن نبحث ولا نقبل بالجاهز.
·
كيف تصنف عملك هل هو عمل استقصائي حيث ستدقق وتبحث في تفاصيل الأمور أم أنك
ستروي لنا قصة تلك الشعوب؟
جواب: بل هي معايشة مع تلك الشعوب وسأنقل التفاصيل بدقتها كما
يعيشونها، وقد بحثت في المواضيع لمدة شهور وتعمقت فيها وزرت المواقع التي
سأصور فيها ثلاث مرات إلى حد الآن وفي كل زيارة أكتشف أشياء جديدة عند تلك
الشعوب وهذه كلها سأطرحها في الأفلام.
·
هل تعتقد أن هذه التجربة ستفتح
آفاقا جديدة؟
أنا متأكد من هذا الأمر لأن العرب يمتلكون القدرات والمهم هو من يُخرج
هذه القدرات، والسائد لدى الناس هو تنمية هواياتهم حتى تتحول إلى عمل
احترافي يفيدون بها غيرهم.
·
دائما هناك عقدة فيما يتعلق بعلاقتنا بالغرب في هذا الموضوع هي مسألة
التقنية، فهل جهزت نفسك بتقنية معتبرة؟
طبعا جهزنا أنفسنا بذلك، لكن قبل التركيز على التقنية يجب أن تكون
هناك إرادة وهدف قابل للتحقيق وإذا تم ذلك تصبح التقنية تكميلا وليست أساسا
لأنها متاحة للجميع في كل مكان.
·
متى سنرى هذه الأعمال؟
قريبا إن شاء الله.
·
وكم حلقة ستصورون؟
ستكون هناك 10 حلقات ستبدأ من أثيوبيا وستنتقل إلى دول أخرى.
·
هل هناك خطر في هذا المشروع؟
الخطر موجود دائما ولا يوجد عمل بدونه.
الجزيرة الوثائقية في
28/07/2013
جائعو أميركا
!
محمد موسى
دفعت الأزمة الإقتصادية، التي تهيمن على الحياة الأمريكية منذ ستة
أعوام، مخرجين ومخرجات أمريكيين، واحيانا أوربيين، لتقديم أعمال تسجيلية
تتناول مشكلة الفقر والجوع في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بلغت
حدوداً غير مسبوقة (هناك خمسون مليون أمريكي كانوا يعانون الفقر الشديد في
العام المنصرم). ظاهرة العوز الأمريكية هذه، وكما تخبرنا أفلام تسجيلية من
العام المنصرم، ليست وليدة الأزمة الاقتصادية الحالية، هي موجودة دائماً في
المجتمع الأمريكي، وإن ما تَفعله الأزمات الإقتصادية، التي تحلّ كل عقدين
تقريبا، هي دفع ملايين الأمريكيين، الذين يعيشون على حافة الكفاف، لينضموا
الى فقراء آخريين من بلدهم، بعضهم وَرث المشاكل الاقتصادية من الأجيال التي
سبقته، في الدولة، التي تُمثل في مُخيلة كثيرين "أيقونة" للنجاحات، ومازال
يُطلق عليها: بلد الفُرص وتحقيق الأحلام.
يهمين "الطفل" الأمريكي على الفيلمين التسجيلين الجديدين : "أطفال
أمريكا الفقراء" و"مكان على الطاولة". هو في الفيلمين، الضَحية الأبرز
لمشاكل المجتمع الأمريكي الإقتصادية. الطفل الأمريكي العاجز عن العمل،
يتلقى منذ سنوات ترددات الأزمة الإقتصادية الكبيرة في بلده، والتي وصلت
أحيانا لفقده لبيته، والجوع الفعليّ الذي يُعانيه، والذي يَحدث، وهذه
مفارقة كبيرة، في واحدة من أغنى دول العالم. كما إن هذا الطفل، هو ضحية
لسياسيات حكومية أمريكية، لا تجد ضيراً في دفع مئات المليارات من الدولارات
في حروب كونيّة، لكنها تعجز، وكما يخبرنا فيلم "مكان على الطاولة" ، عن
توفير غذاء صحيّ مناسب لطلبة مدراسها الحكومية، وكحال دول العالم المُتحضر.
يكاد الفيلمان التسجيليين المذكوران يكملان بعضهما فنياً، من جهة
تقديمهما لقصص شخصية لأمريكيين يواجهون مِحن العوز في السنوات الأخيرة، مع
توفير خلفيات إحصائية وتحليلة تليق بالفيلم التحقيقي الإستقصائي. واللآفت
إن فيلم " أطفال أمريكا الفقراء"، والذي عُرض ضمن سلسلة "هذا العالم"، على
القناة الثانية لهيئة الإذاعة البريطانية ( بي بي سي)، كان أقرب في معالجته
للفيلم التسجيلي التقليدي، رغم إنه انتج للتلفزيون، في الوقت الذي يُهمين
الإسلوب التحقيقي التلفزيوني على فيلم "مَكان على الطاولة" للمخرجين كريستي
جاكبسون و لوري سيلفربوش، رغم إن هذا الأخير عُرض في الصالات السينمائية في
الولايات المتحدة الأمريكية.
يرافق فيلم " أطفال أمريكا الفقراء " ثلاث عوائل أمريكية، إنقلبت
حياتها بالكامل بعد الأزمة الإقتصادية التي حَلت في بلدهم. الفيلم لن يتوسع
كثيراً في طريق هذه العوائل الذي قادها للفقر، لكن الحوارات سَتَمر على
فقدان معيليِّ تلك العوائل لإعمالهم، ومن بعدها لمساكنهم، بسبب عجزهم عن
سِداد قروض هذه البيوت. الفيلم من جانبه سيُركز على أطفال هذه العوائل،
وأثر تشرد الأهل على حياتهم ووضعهم النفسي. صَور الفيلم، وعلى فترة قاربت
العام، تَشرد هذه العوائل، بين الغرف المؤقته، التي توفرها جمعيات خيرية،
ومعاناتها المستمرة للحصول على الطعام. لا تبدو هيئات أطفال الفيلم
البريطاني، تُشبه الصورة الشائعة للجائعين، في أفريقيا مثلاً، لكنهم يعانون
فعلاً من نقص الغذاء الصالح للأكل. يُسجل الفيلم، الرحلة اليومية لأهل
الأطفال، لبنوك طعام الفقراء، للحصول على وجبات تتناقص كل إسبوع، بسبب عجز
هذه البنوك عن تلبية الطلب المُتزايد عليها، مع إنضام ملايين الفقراء الجدد
لزبائنها كل عام.
يَفتح فيلم "مكان على الطاولة" نيرانه بإتجاه الحكومة الأمريكية، التي
تدفع مليارات الدولارات لمساعدة شركات إنتاج محاصيل زراعية، يستخدم أغلبها
في انتاج غذاء غير صحي، في حين تعجز عن المساعدة في وصول منتجات طبيعية
لكثير من المناطق النائية في الولايات المتحدة الأمريكية. تروي بعض شخصيات
الفيلم، أن قُراهم لا تضم محلات تبيع الخضروات والفواكه الطاجزة. كما سيمر
الفيلم على معضلة غذاء المدراس ( توفر المدراس في الولايات المتحدة
الأمريكية وجبتي الإفطار والغذاء لطلابها مجاناً)، وكيف إن الحكومة عاجزة
عن زيادة ميزانية غذاء المدراس هذا، ليكون متوفراً على كل المُكونات
الغذائية اللآزمة لبناء صحيّ لهؤلاء الأطفال.
يربط فيلم " مكان على الطاولة " بين الفقر والمشاكل الصحيّة التي
يعاني منها ملايين الأمريكيين، فعدم توفر الأموال الكافية لشراء غذاء صحي،
يدفع كثير من الأمريكيين لشراء المنتجات الدسمّة والغير صحية، والتي تباع
بأسعار زهيدة، بسبب دعم الحكومة الأمريكية نفسها، للشركات التي توفر المواد
الأولية لصناعة هذه المنتجات. "الجوع" في الولايات المتحدة الأمريكية يحمل
أحيانا معاني مختلفة عن دول اخرى في العالم، فالأطفال البدنيون الذين
يظهرون في الفيلم، لا يملك أهلهم المال الكافي لشراء خضروات طازجة، لذلك
يملئون بطونهم بأكياس البطاطا الجافة، والحلويات المُعلبة، التي يحصلون
عليها مجاناً من بنوك الطعام الأمريكية.
يسير فيلم "مكان على الطاولة" على خطى أعمال تسجيلية أميركية شهيرة،
من العقد الأخير، في تحذيره من المشاكل الصحية الجديّة التي يعاني منها
الأمريكيين، حيث يتوقع إن جيل كامل من الأمريكيين الشباب، لن يعيشوا أطول
من الجيل الذي سبقهم، خلافاً لما هو سائد في دول العالم الأول او حتى
العالم الثالث. الفيلم سيرافق أم عزباء تجتهد لتوفير الغذاء لطفليها
الصغيرين. شهادة أم فيلم "مكان على الطاولة"، تُشبه تلك التي قدمها الفيلم
التلفزيوني " أطفال أمريكيا الفقراء "، وان كان الأخير يتوسع ليقدم تسجيل
بطيء لوقع الأزمة الإقتصادية الحادة على حياة أمريكيين، كما إن " أطفال
أمريكيا الفقراء " سيتميز حقا بالشهادات الطويلة لأطفال، لم يتجاوزوا
العاشرة، لكنهم يتذوقون منذ بضعة سنوات مرارة الفقر وأحيانا الجوع.
الجزيرة الوثائقية في
28/07/2013
فيلم «بعد الأرض» الخطر حقيقة.. ولكن الخوف اختيار!
محمود عبدالشكور
أفضل ما فى الفيلم الأمريكى «After earth»
أو بعد الأرض، أنه يعالج فكرة الخوف بذكاء ويحاول أن يعمق تلك الفكرة دون
أن يعتمد فقط على الإبهار المعتاد فى الأفلام الخيالية الضخمة، كتب القصة
بطل الفيلم ويل سميث، وشاركه البطولة ابنه الموهوب جادين سميث، وقام
بالإخراج «نايت شيامالان».
لم يفلت هذا المعنى من البداية إلى النهاية، وهناك عبارة يقولها بطل
الفيلم لابنه هى: «الخطر حقيقة.. ولكن الخوف اختيار» تلخص كل الحكاية،
وربما باستثناء بعض المواقف الساذجة، وباستثناء عدم تقديم المزيد من مشاهد
الحركة التى كان يمكن أن يستوعبها الفيلم، فنحن بالتأكيد أمام فيلم جيد
ويكفيه أنه حاول أن يقول شيئًا فى نوعية من الأفلام من النادر أن تقول أى
شىء استغناء بالإبهار!
تبدأ أحداث الفيلم بعد التخريب الذى قام به الإنسان على كوكب الأرض،
ثم ظهور كائنات متوحشة يطلق عليها اسم «الأورسا» تقوم بمهاجمة البشر،
ولكنها تتحرك ناحيتهم من خلال شّم رائحة خوفهم ورعبهم، الجنرال «سيفر» (ويل
سميث) قائد فرقة الجوالة المقاتلة التى تخصصت فى مقاومة تلك الكائنات، ولكن
تلك الفرق تقيم فى محطة شمسية بعيدة، نتعرف على ابن الجنرال وهو الفتى
المراهق «كيتاى» (جادين سميث) الذى يحاول دون جدوى الحصول على لقب «جوال»،
مع عودة والدة تلمح صرامة فى التعامل مع ابنه كيتاى إنه يبدو أقرب إلى
قائده، والدته «جادين» تطلب من «سيفر» أن يعامله بطريقة مختلفة، فيصحبه معه
فى رحلة بمركبة عملاقة لاستكمال التدريب، ولكن فى أثناء الرحلة تهب عاصفة
خطيرة تؤدى إلى سقوط المركبة على كوكب الأرض، وتصبح المشكلة فى إصابت
«سيفر» الخطيرة فى فخذه مما يستدعى عملية لتحويل الشريان، وتكون هناك مشكلة
أخرى فى كيفية الحصول على ضوء الإرشاد الذى يمكن أن ينقل الاشارات عن مكان
سقوطهم، ولكن هذا الضوء يحتاج الوصول إلى مكانه فى ذيل المركبة الذى سقط فى
مكان بعيد، وهكذا يجد الفيلم الوسيلة لكى تتاح للمراهق «كيتاى» أن يذهب
بمفرده للحصول على الضوء المطلوب على مسافة بعيدة، بشرط أن يقوم والده
سيفر، الجنرال المصاب، بمتابعته بالصوت والصورة من خلال شاشات و أجهزة
اليكترونية معقدة.
من خلال بعض مشاهد الفلاش باك القصيرة، نعرف أن «كيتاى» مازال أسير
مخاوف طفولته، كانت له شقيقة اسمها «سنشى» واجهت بشجاعة وحش «الأورسا»
وحافظت على أخيها داخل بيت زجاجى، مما جعل الأب «سيفر» يشعر أن ابنه كيتاى
مذنب ومدان بالتقصير فى حماية شقيقته، ولكن من خلال مغامرة كيتاى، يحاول
المراهق النشيط أن يتخلص من مخاوفه، ويستعيد ثقة والده المصاب فى نفس
الوقت، يعرف كيتاى من والده أن وحش «الأورسا» لا يمكن أن يهاجم من لا يخاف
منه، فى هذه الحالة يصبح الإنسان مختفيًا تمامًا بالنسبة لهذا الوحش، تماما
كما حدث مع «سيفر» نفسه فى إحدى المرات، يحصل كيتاى على سلاح والده، وشنطة
الاسعافات، وبعض الأقراص التى تساهم فى الحصول على الأكسيجين، وتبدأ
المغامرة التى تقود «كيتاى» لمواجهة حشود من القرود المتوحشة، كما يتعرض
للهجوم من الطيور الجارحة، وفى كل مرة يقوم الأب من خلال الشاشة بمتابعة
ابنه المراهق، وتحذيره عند وقوع أى خطر، ولكن اصابة «سيفر» تتفاقم مما
يدفعه لإجراء عملية تحويل الشريان بنفسه، من ناحية أخرى، تحدث مواجهة
متوقعة، فالابن مدفوعًا برغبته فى التخلص من عُقدة خوفه القديمة، مُصر على
مواصلة الرحلة إلى المكان الذى يوجد به جهاز الانذار الضوئى المطلوب، والأب
يأمره صراحة بالعودة بسبب عدم كفاية أقراص الأكسيجين اللازمة، فى النهاية
يستكمل «كيتاى» الرحلة رغم سقوط والده فى إغماءة بسبب أصابته، ويصل
المراهق، بعد أن تخلص من مخاوفه إلى مكان سقوط ذيل المركبة حيث يعثر على
الجهاز المطلوب، ويكتشف هناك أن أحد وحوش «الأورسا» قد خرج من القفص الذى
وضع فيه داخل المركبة، وبعد صراع شرس ينجح «كيتاى» فى قتل «الأورسا»، فقد
تمالك شجاعته تمامًا فلم يره الوحش، وبسرعة استدار وغرس سيوف والده فى قلب
«الأورسا» ومن خلال جهاز الإنذار، تصل فرق الإنقاذ أخيرًا، وتنجح فى إخراج
الأب المصاب، ونقله من جديد للعلاج، وفى المشهد الأخير تغادر المركبة كوكب
الأرض، وقد عادت الحيتان إلى المحيطات، كما أن الكوكب يمتلىء باللون
الأخضر، وهى مفارقة غريبة فى ضوء ما عرفناه من معلومات سابقة، بأن الإنسان
قد دمر الأرض، ويبدو أن الفيلم يتعاطف مع الكائنات البرية، ويرى فى غياب
الإنسان فرصة جديدة لكى تعود إلى مكانها من جديد، وبدون مشاركة البشر.
نجح ويل سميث فى أداء شخصية صارمة لا تنفعل كثيرًا، كما نجح أيضًا فى
التعبير عن علاقة جافة مع ابنه «كيتاى»، من ناحية أخرى، أثبت الفيلم موهبة
«جادين سميث» الذى اشترك مع والده من قبل، فى سن أصغر فى فيلم «البحث عن
السعادة»، ربما بالغ «جادين» قليلًا فى تضخيم مشاعر الخوف، ولكن لا شك فى
أنه يتمتع بحضور جيد على الشاشة، كما نجح فى تقديم مشهد تحدى الأب، ومواصلة
الرحلة بشكل مميز، ربما كان يحتمل الفيلم مزيدًا من المغامرات والمعارك
المشوقة، ولكن يحسب لصناعه أنهم طرحوا مفهومًا مختلفًا عن وهم الخوف فى
فيلم يفترض أن يثير الخوف فى كثير من مشاهده!
أكتوبر المصرية في
28/07/2013
الوثائقي والروائي يتشاركان البحث في تحولات المكان
"متلازمة
فينيسيا" و"الجمال العظيم".. عن مدن ايطالية تحتضر
قيس قاسم
متلازمة "القبح" و"الجمال" كمفهوم تحليلي لدراسة الفن وتفكيك عناصره
وجدناها في فيلمين ايطاليين* أحدهما
وثائقي والآخر روائي أخذا سوية موضوع الجمال الظاهر في مدينتين عريقتين
هما: روما وفينيسيا، وراحا يبحثان في الآثر العميق الخفي لقبحهما بوصفهما
مكاناً يزخر بالعمق التاريخي والوجود البشري المعرض لتشوهات حاولت السينما،
من جديد، قراءته والكشف عن زيفه المخادع، الى جانب تحليل علاقاته الداخلية
عبر بَسط، ما هو شائع ومتداول عنه ومقارنته بحقيقة ما آل اليه الجمال
"الفاتن"، على الجمهور؛ ليرى صورة جديدة مختلفة تماماً عما يجده مطبوعاً
على بطاقات البريد أو ما هو مسجل في الأفلام السياحية الدعائية. في فيلمي
"الجمال العظيم " لباولو سورنتينو والوثائقي "متلازمة فينسيا" لأندرياس
بيشلر، نجد أنفسنا أمام جَراحَيّن أخضعا المدينتين لعملية تشريح "سينمائي"
شديد الخصوصية لدرجة بدتا فيهما كمريضتين تمران في حالة "إحتضار" تاريخي
محتوم.
خراب الجمال
بطل "الجمال العظيم" كامبارديلا، الصحفي الشهير والكاتب الذي كتب
رواية واحدة ولم يكررها لنضوب خياله، أو لضجره وكرهه لفعل الكتابة الجادة،
رجل شديد الإرتباط بمدينته روما، بل يشبهها الى حد بعيد، فهو ورغم ثراءه
وترف حياته يشعر بالضجر، متخم الاحساس بالفقدان، ومن اقتراب نهاية عمر قضاه
في مدينة هرمت معه، وصار يشعر بالنفور والكراهية لها ولكل ما يمت بصلة به:
أصدقاء مهنة وعلاقات عاطفية وذكريات، كلها تذكره بإنقضاء زمن الحيوية
والعنفوان وبزيف ساطع للمجتمع المخملي المدعي الثقافة، الخاوي من الداخل
والمشرف على الإفلاس. بذخ الحياة الليلية التي تعيشها روما، يُنظر اليها،
من شرفة شقة لرجل "محتال" يطل برأسه على ساحة الكوليزيه الشهيرة وسط روما،
الى الوسط الصاخب وملتقى الزوار القادمين لرؤية الجمال العظيم لمدينة في
حقيقيتها الداخلية شديدة القبيح هرمة فقدت كل بريق لها ولم يبق من مجدها
سوى إدعاء أشباه مثقفيها بصلة تواصلهم معها ومع موروثها الثقافي الذي وضعه
باولو سورنتينو على منضدة التشريح ليعرض مناطق السرطان التي أصابته ومواطن
التشوه في مراكز الجمال العصبية المنقطعة الاتصال ببقايا جسد روما المحتضرة
الموشكة على موت تراجيدي على أيدي أبنائها. في الجمال العظيم سخرية طافحة
من الشكلانية الثقافية والادعاء الأجوف ومن هيمنة ثقافة سطحية اعلامية،
أبطالها صحفيون تافهون يعملون في مجلات فنية وضيعة المستوى، يتلذذ البطل
كامبارديلا (الممثل طوني سرفيلو) بكشفها ومصارحة المشتغلين فيها بتفاهتهم
في عدائية صارخة لئيمة فيها رغبة معلنة بالإنتقام من المدينة نفسها التي
تجمعه مع هؤلاء في صحبة منافقة تشبه كسل السائح وهو يصور الجمال الظاهر دون
اهتمام بما يخفي وراءه بل وبجهله المطلق بروح المدينة الموشكة على الموت.
مدينة تحتضر وقد صور باولو سورنتينو احتضارها في فيلم مرجعيته السينما
الفيللينية الى جانب امتلاكه فهماً عميقاً لحال الثقافة في ايطاليا اليوم
وكذبة ما يشاع عن "الجمال العظيم" فذاك الذي وصم روما وترك آثاره على
سطوحها هو غير الذي يدعيه مواطنوها بإنتمائهم اليه، فخراً، وبأنهم امتداد
حقيقي له. انهم منفصلون عن روما وجمالها يؤسسون بأنفسهم لثقافة جديدة رخيصة
فوق نفس الأرض التي بُنيت فوقها تحف فنية من جمال نضب منبعه بعد أن هرمت
صاحبته. لقد قاربت المدينة على الموت وقارب جمالها على الزوال، حالها حال
مدينة ايطالية آخرى لا تقل عنها جمالاً اسمها فينيسيا.
فينيسيا.. توثيق الاحتضار
كيف لازم الربح والخراب مدينة فينيسيا، وصار الفكاك منهما أمراً شبه
مستحيل، هو جوهر المبحث الإيطالي أندرياس بيشلر في وثائقيه "متلازمة
فينيسيا" والذي ذهب فيه الى المدينة التي احتار الشعراء والكتاب في وصفها
واجتمعوا على انها واحدة من أجمل المدن/الموانيء في العالم كله وأكثرها
شهرة بممراتها المائية التي جعلت منها جزيرة عائمة وسط المياه، تغري العالم
للمجيء اليها والتمتع بغرابتها الهندسية والاندهاش بفكرة تأسيسها كمدينة
معزولة عن البر، غارقة في عالمها المائي الساحر في وداعة. خارج الصورة
السائدة في الأذهان والمعمقة بفيض من المديح الدائم، ثمة صورة خفية مخيفة
تشي بأن المدينة ولتلك المواصفات الجمالية تقترب بخطوات متسارعة نحو حتفها،
الذي أرادوه لها تجارها ورأسماليها (ألم يكتب شكسبير مسرحيته الشهيرة تاجر
البندقية من وحي جشع تجارها؟). فالمدينة ما عادت مدينة أناسها بل صارت
مدينة سواحها. صارت مدينة سياحية مصطنعة كما هي "ديزني لاند". لقد استباح
السواح وشركات السياحة الكبيرة المدينة بما فيها من بشر وحجر ولم يعد أهلها
يشعرون بأنهم يعيشون وسط مدينة سياحية وحسب بل صاروا يشعرون كما لو انهم
غرباء عنها ووجودهم خارج صفة السياحة يبدو نشازاً وغير مرغوب فيه لأصحاب
المشاريع التجارية المقرونة نموها وإزدهارها بحركة السياحة لا بهم، لقلة
أعدادهم التي تناقصت بشكل كبير ولم يبق منهم سوى ستين ألف فينسي يعيشون وسط
أحياءها القديمة (أي ما يقارب عدد الناجيين من وباء الطاعون الذي حل على
مدينتهم عام 1438) يقابلهم أكثر من عشرين مليون سائح يدخلونها سنوياً
يصرفون حوالي ملياري دولار أمريكي فيها، ولهذا ظهرت أغلب الشخصيات التي
لاحق الوثائقي تفاصيل عيشها اليومي محتارة في اختيار شكل وجودها والطريقة
الأمثل التي عليهم التكيف بها مسايرة مع المتغيرات التي باتوا عاجزين عن
مواكبتها بخاصة وأن أغلب الذين عرفوهم وعاشوا معهم فضلوا هجر فينيسيا/
الوسط والذهاب بعيداً الى اليابسة فتركوهم لوحدهم ينتظرون اللحظة الآتية
التي سيودعون فيها المكان الذين أحبوه ولا يعرفون غيره منزلاً حتى لو كان
عائماً كمنازلهم المتآخية مع المياه منذ قرون، وصار من المفارقات القاتلة
خطراً عليها. فالبحر اليوم يأتيهم بسفن ركاب عملاقة ينزل منها آلاف مؤلفة
من البشر، ولضخامتها وقوة الموج الذي تحدثه يعرض منازلهم الى ما يشبه "هزات
أرضية" تهدد وجودها وتجعلها عرضة للضعضة والاندثار، وستمثل جبال نفايات
السواح تهديداً لكل مباني المدينة العريقة بعد أن تمتزج مع مياة البحر
وتلتصق على جدرانها لتتعفن. وثمة تغيير بات يهدد وجودهم في الأصل لأن أصحاب
الشركات يريدون شراء كل شبر من أرض الجزيرة ليقيموا عليها مشاريعهم، لدرجة
وصل سعر المتر المربع الواحدة من أرضها الى 16 ألف يورو، وسعر أي بيت صغير
عدة ملايين ولهذا أصبح من المستحيل على ذوي الدخل المحدود من سكانها الحصول
على منزل لأن البيوت كلها وحتى الأمكنة الأثرية مثل البريد القديم قد تحولت
الى فنادق سياحة. لم تعد مدينة فينيسيا مدينة بشر ينتمون اليها بل الى
جزيرة مفتوحة للمراكب والطائرات والخراب الكلي، وما على سكانها سوى ترقب
حالة احتضارها المحسوس بروح حزينة لا تتساوى مع جمال أرواحهم وبساطة
أخلاقهم. فالفينيسيون جُبلوا على الجمال لكن التجار جَبلوا الجمال بالمال
وخربوا مدينة باتت نهايتها قريبة.
*
عرضا في الدورة ال48 لمهرجان كارلوفي فاري
السينمائي الدولي
الجزيرة الوثائقية في
29/07/2013
القوافل الوثائقية والسينما الصوفية
وسيم القربي- تونس
تواصل القوافل الوثائقية صولاتها في مختلف الجغرافيا التونسية حيث
تتوقف هذه المرّة في مدينة الحمامات. هناك تحتضن المدينة العتيقة تظاهرة
بعنوان "الفيلم الوثائقي والصوفية" تنظمها القوافل الوثائقية بالتعاون مع
جمعية فنّاني الحمامات وأصدقاؤهم، وقد تمّ الاختيار على موضوع الصوفية في
السينما الوثائقية مواكبة مع شهر رمضان.
الفيلم الوثائقي والصوفية بالمدينة العتيقة بالحمامات:
تحيل القوافل الوثائقية إلى بداية أربعينيات القرن الماضي أين كانت
القافلة السينمائية الوسيلة الوحيدة لتوفير الفرجة إلى متساكني أعماق
الجغرافيا التونسية. حينها كان الفن السينمائي مجرّد حلم، وكان لا بدّ من
انتظار انتشار النوادي السينمائية في مختلف أرجاء تونس في مرحلة أولى
وتونسة السينما في مرحلة ثانية.
لقد لعبت القافلة دورا فعالا في بداية تأسيس مفهوم الصورة في المجال
المحلّي، والقوافل الوثائقية اليوم هي محاولة لنشر سينما الوثائقي باعتبار
الفيلم الوثائقي جنسا إبداعيا أصبح قائما بذاته. ومنذ شهر أفريل 2011 حاولت
القوافل الوثائقية بقيادة هشام بن عمار أن تخلق حركية في المشهد السمعي
البصري التونسي حيث كثفت نشاطاتها التي كان آخرها التركيز على أفلام البيئة
بمنطقة الهوارية بمناسبة اليوم العالمي للطيور المهاجرة.
وستحتضن مدينة الحمامات من 24 إلى 27 جويلية حركية سينمائية تهتمّ
بالأفلام الوثائقية التي تناولت موضوع الصوفية وستتخلل العروض نقاشات
وأنشطة فنية مختلفة، وسيتم عرض الأفلام الوثائقية التالية:
-"وجد"
للمخرج محمود بن محمود وهو فيلم يكشف لنا عن تنوع موسيقى الإسلام، حيث
نكتشف موسيقات الهند وأندونيسيا والسينغال وتونس ومصر وتركيا وتحملنا
بالتالي إلى غياهب الموسيقى الصوفية.
-"وايا
رايي" للمخرج الشاب عصام السعيدي، يدوم الفيلم 64 دقيقة ويتناول قصة
موسيقار متعلّق بحبّ تونس لكنه في الآن ذاته متشبّث بالبحث عن ماضيه وعن
أصوله التي يعتقد أنها تنحدر من مدينة تمبكتو، يعرض الشريط عادات رقصة "السطمبالي".
-"سيدي
بوهلال" لرضا بن حليمة وهو رحلة إلى منطقة الجريد في الجنوب التونسي حيث
يتطرّق المخرج إلى العادات والتقاليد البربرية والعربية.
-"أنا
العيساوي" لوليد الطايع الذي يظهر عادات العيساوية عبر موسيقاهم ورقصاتهم
العجيبة.
-"الحضرة"
للمنصف ذويب يسلّط الضوء على رقصة الحضرة التي عادة ما تتخذ طابع الاحتفاء
الديني.
-"غرس
الله" للمخرج كمال العريضي الذي يروي لنا أسطورة غرس الله في مدينة
الذهيبات في الوسط التونسي.
-"رمضان
في طوبى" لهشام بن عمار والذي يروي يوميات مدينة طوبى، العاصمة الدينية في
السينغال، خلال شهر رمضان.
-"القلب
والروح" لملكة المهداوي، تتناول من خلاله المخرجة أغاني المقدّس وعادات
"الحزب اللطيف" في تونس وهو بمثابة سفرة روحية تكشف من خلالها تقاليد صوفية
داخل المجتمع التونسي.
تفتتح هذه التظاهرة بعرض فن الفيديو للأستاذة والفنانة التونسية دلال
طنقور بعنوان "الروابط والأماكن: من سيدي عبد القادر الجيلاني إلى سيدي أبي
سعيد الباجي" وتختتم بعرض لفرقة سيدي الدعاس بقربة. وفي هذا الإطار يرى
هشام بن عمار، المسؤول عن هذه التظاهرة، أنّ "هذه التظاهرة هي رقم 26 خلال
سنتين منذ بداية نشاط القوافل وتهدف بالأساس إلى مزيد نشر ثقافة الوثائقي
وتثمين الإنتاج السينمائي الوطني من أجل إعادة بناء قاعدة محبّي السينما في
مختلف مناطق البلاد عبر التركيز على مواضيع مختلفة تتناسب مع خاصية الجهات".
دلالات المقدّس في الصورة الفيلمية
يسمح الوثائقي بتكثيف الاشتغال على مواضيع لانهائية ومن ذلك تناول
الصوفية كتيمة محورية للعمل الوثائقي، غير أنّ الصورة الفيلمية العربية لا
تخلو تقريبا من حضور المقدّس في جلّ الأفلام باعتبار أنّ تلك الصورة عادة
ما تكون انعكاسا لواقعنا وبالتالي فإنّ الصورة المنعكسة على الشاشة هي
هويتنا. لا يتنافى المقدّس مع السينما باعتبار أنّ الصورة الفيلمية تكشف
لنا وللآخر الأجنبي تراثنا وتقاليدنا وعاداتنا بمختلف تجلّياتها حيث تحضر
صورة المسجد والزوايا ومقامات الأولياء الصالحين والفكر الصوفي والأناشيد
الدينية... كما أنّ العديد من المخرجين اختاروا الصوفية كخاصية تميّز
أفلامهم السينمائية، ويمكن أن نذكر في هذا الإطار المخرج التونسي الناصر
خمير الذي انتهج الفكر الصوفي سينمائيا من خلال أفلام "الهائمون في
الصحراء" و"طوق الحمامة المفقود" و"بابا عزيز". وقد اعتمد على أيقونات
وأبعاد جمالية أثبتت ذلك الانتساب إلى الثقافة العربية الإسلامية ووظف
الصحراء كفضاء حاضن يثبّت قضايا الهوية.
إنّ الفيلم الوثائقي هو ثقافة قائمة بذاتها، والثقافة كما يعرّفها
إدوارد تايلور هي مجمل المعارف والمعتقدات والفنون والقيم والقوانين
والأعراف وكافة القدرات والعادات التي اكتسبها الإنسان بصفته عضوا في
المجتمع"، وبالتالي يكون السينمائي خادما للرؤية الفنية ومرآة للمجتمع.
وإذا كانت السينما التخييلية يمكن أن تحتوي على صور المقدّس فإنّ الفيلم
الوثائقي يمكن أن يسمح بالتناول المباشر للفكر الرمزي ولصور الذات ويرصد
الواقع، كما يمكن أن يعرّف بتعدد الثقافة الواحدة وثقافتنا التي تختزن في
طياتها مواضيع لا متناهية يمكن أن تُستثمر سينمائيا من أجل التعريف
بتقاليدنا الممتدة. ولعلّ الوثائقي يمكّن بخصوصياته الجمالية والفكرية أن
يعرّف بصورنا لدى الآخر من أجل أرشفة ثقافتنا من ناحية ونشرها من ناحية
أخرى. هكذا تكون السينما رمز هوية ويكون الوثائقي وسيطا للانتقال من
الخصوصي إلى الكوني.
الجزيرة الوثائقية في
29/07/2013
"قطن"
للعراقي الشاب لؤي فاضل في ملتقى "بحر السينما العربية " في ميسّينا
وكالة آجي
هل يمكن للقطن أن يبقى ناصع البياض؟
سؤال لا علاقة له باللون! لكنه على اتصال بفيلم المخرج العراقي الشاب
لؤي فاضل "قطن" الذي فاز بجائزة أفضل مخرج في الدورة السادسة من مهرجان
الخليج السينمائي، وقد سبق لفاضل أن فاز فيلمه الوثائقي "باستيل" بالجائزة
الثانية في مسابقة الفيلم الوثائقي في الدورة الثالثة من مهرجان الخليج
السينمائي.
ليس هذا "القطن" مزروعاً في أرض وقد حان قطافه، إلا أنه سيُضمّخ
بالدم، لا كما في المشهد الختامي لفيلم يوسف شاهين "الأرض" حين نشاهد العم
سويلم (محمود الميلجي) مسحولاً في أرضه ويرتوي القطن بدمائه.
قدّم لؤي فاضل في فيلم "قطن" حكايته وكل رهانه على الصورة، فالفيلم
صامت أولاً، ويُشكّل عنوانه مفردة رئيسة بني عليها، ومن الصعب جداً أن
يتجاهل المشاهد قدرة القطن أن يكون رمزاً وربما مجازاً لبلد بأكمله.
الفيلم مصنوع بحرفية عالية وانحياز كامل للصورة التي تتسيّد على كل
شيء، وكل ما في الفيلم يأخذنا إلى عالم يتأسس على الرمز، على مجاورة الموت
للحياة أو الخصوبة. فنحن نقع على حافلة صغيرة تحمل على ظهرها تابوتاً وتقل
أفراد عائلة المتوفى، وفي مسار مجاور هناك فتاة ترعى الأغنام. لن يكون
التقاء الخطين عبر حدث يجمعهما، بل بانتقال مفردة بصرية من السيارة إلى
الراعية ألا وهو القطن، فنحن سنشاهد الحافلة وقد جرى تفتيشها من قبل الجنود
على حاجز، بما في ذلك التابوت، الذي لن يغلق بشكل جيد، بالتالي سيقع منه
القطن الذي يحيط بالجثة ويتطاير، لتحمله الريح إلى الفتاة التي تُعايش آلام
الدورة الشهرية للمرة الأولى في حياتها، ويتسبب نزيفها خوفاً وحرجاً
كبيرين، فتجد في القطن، ما تستخدمه لإخفاء وتقليل ذلك النزيف.
قطن الميت مقابل بلوغ المرأة وخصبها، وكل ما يحيط بما نشاهده متآكل
مغمور بالأوساخ والقاذورات ، ولعل كل شيء في الفيلم يقول لنا أن حتى
المساعدة على مواصلة الحياة لا تتم إلا من قبل الموتى، في "أرض السواد"
التي لا يفارقها الموت إلا ليعود إليها.
فيلم "قطن" سيُعرض ضمن برنامج ملتقى "بحر السينما العربية" الذي يُقام
في إطار مهرجان مؤسسة "هورتشينوس أوركا" الثقافية العلمية في الفترة ما بين
31 تمّوز/ يوليو و 6 آب/ أغسطس المقبل. ينطلق المهرجان بشريط قصير عنوانه
"أوف سايد النظام" وهو تحية إلى المخرج الإيراني جعفر بنّاهي، الموضوع في
الإقامة الجبرية من قبل السلطات الإيرانية والممنوع من الإنجاز السينمائي.
"أوف سايد النظام" سعي لتذكير السينمائيين بمحنة هذا المبدع الكبير الذي
حاز على جائزتي مهرجاني فينيسيا وبرلين الذهبيتين، ودعوة للرئيس الإيراني
الجديد إعطاء إشارة إصلاحية واضحة بفك القيود عن هذا المبدع الكبير.
دورة هذه السنة من ملتقى "بحر السينما العربية" تحمل عنوان "خريف
البطريرك، دور النساء العربيات في الثورات ومآلات الثورات عليهن". وسيعرض
الملتقى فيلمي " الصرخة" لليمنيّة خديجة السلامي و "يا من عاش" للمخرجة
التونسية هند بوجمعة، إضافة إلى فيلم "إنْ متَّ، سأقتلك.." للمخرج الكردي
العراقي هونير سليم ومن بطولة النجمة الإيرانية الشابة غولشيفتا فرحاني،
وفيلم "زابانا" للمخرج الجزائري سعيد ولد خليفة. ويأتي اختيار الشريط
الجزائري للتدليل على أن الثورات العربية التي اندلعت قبل ما يربو على
ثلاثة أعوام، لم تكن وليدة الصدفة أو إبنة لحظتها، بل أنّ لها جذراً عميقاً
في تاريخ حركة التحرّر الوطني العربية، "فأحمد زابانا ورفاقه الذين أطلقوا
جناح الثورة الجزائرية لريح التاريخ إنّما كانوا في نفس شباباً في نفس عمر
محمّد البو عزيزي وملايين الشباب الذين ملأوا ميادين وشوارع التحرير
العربية"، كما يقول المخرج ولد خليفة.
وسيعرض الملتقى عدداً من الأفلام القصيرة من بينها "القندرجي" للمخرجة
والنجمة السعودية عهد كامل و "ميسّي بغداد" للمخرج العراقي الكردي ساهيم
عمر خليفة وفيلم التحريك "بالون" للعراقي الشاب خالد البياتي. و "سبيل"
للمخرج الإماراتي خالد المحمود.
وسيعرض الملتقى أيضاً شريط "مطرٌ وشيك" للمخرج الإيطالي العراقي حيدر
رشيد، والذي مثّل أو إنتاج مشترك بين إيطاليا والعراق والكويت والإمارات
العربية المتحدة، ويتناول محنة شاب من أصول جزائرية وال وعاش في فلورنسا
الإيطالية، يتوجّب عليه الرحيل من البلد الذي يعتبره وطنه، كون والده،
الجزائري الجنسية، فقد عمله ولن تُجدّد وثيقة الإقامة له.
وكان مهرجان مؤسسة "هورتشينوس أوركا" انطلق يوم 27 الجاري بعرض الشريط
الوثائقي الطويل الثاني لحيدر رشيد "صمتاً.. كل الطرق تؤدي إلى الموسيقى"،
والذي كان صوّر قبل عامين في المهرجان نفسه خلال عرض موسيقي ضمّ عازف
البيانو الأسترالي توم دونالد وعدداً من غازفي الموسيقى الشعبية الصقليّة.
إيلاف في
28/07/2013 |