من الممكن أن أتفهم بالطبع مشاعر لطيفة وهى تغنى «بحب فى غرامك» التى
تقول فيها «كلام مش بيحود يا أبيض يا إسود لكن مش رمادى»، نعم فى التعبير
عن الحب والكراهية لا مكان للرمادى، بينما فى كل تفاصيل الحياة لن تجد غير
الرمادى.
الشخصية الرمادية تعنى النضج فى الرؤية، لأنها الإنسان بكل درجاته
الفكرية والنفسية والشكلية، فى قانون الدراما لم يعد مقبولا أن نرى يا أبيض
يا أسود، الشرير الذى تفيض نظرة عينه بكل الحقد والانتقام ولا الطيب أبو
رياله الذى تنطق ملامحه بالهبل.
هذا فى دنيا الدراما، بينما فى دنيا السياسة فإن الناس صارت فى حالة
من الاستقطاب، يدفعها لكى لا ترضى إلا بالرأى المباشر الصريح المتطرف الذى
لا يحتمل خط رجعة، إذا قلت لا للإرهاب ولكنك تطلب أولا تطبيق القانون ستجد
أصواتا تعلو وتتهمك بأنك رمادى، تقول ولا تقول، تفوض السيسى فى القضاء على
الإرهاب، ولكنك فى نفس الوقت لا تطلق يده فى الضرب، عندما نضع القانون أولا
فإننا فى الحقيقة نوفر حماية لأنفسنا، لأن من يفرط فى استخدام القوة ضد
الآخر قد يستخدمها ضدنا فى معادلة أخرى.
الشارع المصرى صار متطرفا لا يرى سوى أن هناك خصمين والأغلبية
بالتأكيد هى التى انتفضت وأسقطت حكم الإخوان إلا أن الأقلية ينبغى أن لا
نناصبها العداء، فلن يستقيم الوطن إذا استمرت تلك العداوة المعصوبة
العينين. أتذكر جيدا عندما قالت إحدى الممثلات فى أثناء ثورة 25 يناير
«أحرقوهم بجاز» كانت تقصد المعتصمين فى ميدان التحرير، سافرت تلك الممثلة
بعدها إلى إحدى دول الخليج حتى تختفى عن الأنظار. الإبادة للمختلف التى
يرددها البعض تزيد المأزق اشتعالا، وبالتأكيد تظل هناك حلول أخرى، من يحمل
السلاح ضد الجيش أو الشرطة أو الشعب يجابه بالقوة، ولكن ليس كل من يرفض 30
يونيو إرهابى.
الحل السياسى صار أصعب بالتأكيد بعد كل هذا التصعيد، لكنه ليس
مستحيلا، الأمل أن ندرك أننا جميعا فى ظل تلك الحالة صرنا نعتقد أن الصواب
فقط هو ما نردده نحن لا نرى إلا ملامحنا وأفكارنا، «الخلاف فى الرأى لا
يفسد للود قضية» تلك الجملة البلاغية والتى أصبحت «أكليشيه» وأظنها منسوبة
لعميد الأدب العربى طه حسين، صارت الآن مثار ضحك وسخرية وتهكم، لأن دائما
ما فى القلب فى القلب.
الإعلام فى معظمه مستقطب، الحقيقة أن فى عهد مرسى ترسخ لدى الإعلاميين
إحساس بأنها معركة حياة أو موت، ولهذا كانوا طرفا فى المعادلة وليسوا
مراقبين محايدين. مرسى وجماعته هم المسؤولون عن تلك الحالة لا يجوز لمن
يمارس النقد أن يصبح طرفا فى عمل فنى، ثم يكتب عنه مقالا، سوف تختفى
الموضوعية عندما يصبح لاعبا وحكما، ما حدث فى أثناء حكم الإخوان حتى قبل
خطاب مرسى الأخير أن الإعلاميين صاروا لاعبين وحكاما، فلقد هدد مرسى أكثر
من صاحب فضائية واعتبر أن الهجوم عليه تصفية حسابات. كانت هناك خصومة بين
الإعلاميين والرئاسة، وكم من مرة أحالهم النائب العام، الذى كانت الصحافة
تطلق عليه النائب الخاص، للتحقيق بتهمة تكدير السلم الوطنى وبث الشائعات
المغرضة.
الكل يدرك أن عقارب الزمن لن تعود، صفحة حكم الإخوان طويت وما نراه هو
مجرد ضربات عشوائية، المطلوب من الإعلام أن يتعامل مع الواقع الجديد، وأن
لا يتورط فى هذا النوع من المعارك.
الصوت الهادئ هو بداية الطريق، الكل يعبر الآن عن رأيه بصوت عال لا
أعنى مثلا زميلنا المذيع جابر القرموطى الأعلى صوتا بين الزملاء، ولكننا فى
الحقيقة نقدم من خلال الإعلام المرئى نبرة عالية فى الفكر والصوت، الإخوان
انهزموا، هذه هى الحقيقة التى ربما يغالط فيها بعضهم، ولكن على الإعلام أن
يتعامل معها كحقيقة تتطلب منه أن لا يصبح طرفا فى خصومة. هزيمة الإخوان فى
الحاضر والمستقبل تعنى أن الوصول مجددا للحكم بات مستحيلا، وعلى مدى عقود
طويلة لن يقتربوا من السلطة، فهى ضربة قاضية لفصيل حارب أكثر من 80 عاما،
ثم لاقى تلك الهزيمة فى عام واحد، والعودة للحكم مستحيلة، أرض الواقع تؤكد
ذلك بينما الخطاب الإعلامى لم يتغير، إنكار الإخوان الهزيمة حالة مرضية،
تحتاج إلى نوع مختلف من الخطاب الإعلامى، نواجهها بأسلحة أخرى، غير تلك
التى تحيلنا جميعا إلى أبيض وأسود، طريق الخلاص هو الرمادى.
لحية الأستاذ حسن!
طارق الشناوي
29/7/2013 3:15 ص
ربما يبدو مجرد خبر صغير لا يستحق الاهتمام، كشف عنه حسن يوسف فى
حواره مع الناقد والكاتب الصحفى الصديق مجدى عبد العزيز لجريدة «أخبار
اليوم» عندما أعلن أنه تخلص من ذقنه التى لازمته على مدى أكثر من عشرين
عاما منذ أن أصبح يطلق على نفسه تعبير فنان ملتزم وليس معتزلا، الالتزام
يعنى أنه لن يقدم أدوارا بها انحراف أخلاقى.
لم يحدد حسن على وجه الدقة الأسباب التى دفعته لكى يمسك بالموس ويضحى
بأعز ما يملك، ولكن من الواضح أن نظرة المجتمع لأصحاب اللحى والنقاب بعد
إزاحة الإخوان عن الحكم صارت تحمل الكثير من الاتهامات، أتصور أن هذا الأمر
لعب دورا فى حسم القرار، حيث إن للمجتمع الذى نعيش فيه قوة ضاغطة تجعلنا
نتوجه لاتباع سلوك خارجى ما أو اجتنابه، والنقاب واللحية والجلباب وغيرها،
رغم ما تحمله من معانٍ دينية فإن دلالاتها الاجتماعية لا يمكن إغفالها.
طوال السنوات السابقة وحسن يوسف متمسك بتلك الذقن حتى عندما انتقل فى
عام 2009 إلى المشاركة، وعلى غير العادة فى المسلسل الاجتماعى «زهرة
وأزواجها الخمسة» مؤديا دور أحد أزواج غادة عبد الرازق اشترط على الإنتاج
احتفاظه بها، وكم من الأدوار ضاعت عليه، لأن مخرجيها طلبوا منه حلاقتها،
أتذكر أن المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ رشحه لبطولة العديد من
المسلسلات بشرط حلاقتها وجاء الرد حازما مش ح يحصل حتى لو حلق إسماعيل شنبه،
والغريب أن المخرج الراحل لم يكن لديه أساسا شنب حتى يحلقه.
كان حسن يوسف مستبعدا من التكريمات فى زمن مبارك، وأكثر من مهرجان كان
يتحفظ على إدراج اسمه، بل إن مهرجان القاهرة أكثر من مرة رشحه للتكريم ثم
تراجع، وسبق له أن كشف سر الاتصالات التى أجريت معه عند ترشيح اسمه لتكريمه
فى مهرجان القاهرة السينمائى، وأكد أنه وافق من حيث المبدأ، ولكن عند إعلان
الأسماء سقط اسمه، اعترض وقتها فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق والذى تعود
إليه كل الترشيحات فى نهاية الأمر؟! الذى أعرفه ويعرفه أيضا كل من له علاقة
بدائرة السينما والفن أنه قد تم القفز تاريخيا على مرحلة حسن يوسف حيث تم
تكريم كل الجيل السابق ثم الجيل التالى له، أما هو فإنه مستبعد لأسباب
تخاصم، بالتأكيد، المنطق، لأن التكريم يعنى التاريخ وليس اللحظة الراهنة
وتاريخ حسن يوسف يضعه فى مكانة مميزة جدا لا يستطيع أحد أن ينكرها، صحيح
أنه ابتعد فى مرحلة ما من عمره قبل نحو أكثر من 10 سنوات، لكنه عاد فى
أعمال دينية مثل «الشيخ الشعراوى» و«الإمام المراغى» و«الإمام عبد الحليم
محمود».. ثم كانت محطته مع مسلسل «زهرة»، أنا لا أوافق على الكثير من آراء
حسن يوسف فى الفن، خصوصا عندما يضع معيارا دينيا فى التقييم عملا بعبارة
رددها الشيخ محمد متولى الشعراوى، وهى أن حلاله حلال وحرامه حرام.. لا يوجد
فى الفن حرام وحلال، ولكن هناك فن جميل وفن قبيح، حتى إن الشعراوى أكد لحسن
يوسف أن كل النساء اللائى تزوجهن فى الأعمال الدرامية صرن فى الحقيقة
زوجاته، أخبره حسن بأنه لم يكن يدرك ذلك أجابه بأن أى زيجة قادمة فى
الأفلام أو المسلسلات ستحسب عليه، ولا أدرى فى الحقيقة كيف تزوج بعد تلك
الفتوى من غادة عبد الرازق أقصد الحاجة «زهرة».
أعترض على الكثير من آراء حسن يوسف، ولكنى على المقابل لا أوافق على
تجاهل تاريخه الفنى، خصوصا أنه لم يتنصل منه، يا ليت مهرجان القاهرة فى هذه
الدورة يفكر فى تكريمه، فهو لم يضع علامة حمراء على أفلامه ولم يطالب مثلا
بمنع تداولها مثلما فعلت زوجته شمس البارودى، فلماذا تخاصم المهرجانات حسن
يوسف، كانوا يقولون فى تبرير ذلك إن الدولة لا ترحب بأن يصعد على المسرح
لاستلام جائزته فنان له لحية، رغم أن هذا يدخل فى إطار الحرية الشخصية، لأن
كل إنسان من حقه أن يطلق ذقنه أو يحلقها.. كنت أؤيد حقه المطلق فى إطلاقها
وعلى استعداد لأنْ أهتف على طريقة فيلم شارع الحب.. «دقن الأستاذ.. تا ..
تعيش».. ولكنه حلقها»!
حلم يوسف شاهين!
طارق الشناوي
28/7/2013 12:43 م
شخصيات عديدة رحلت عن عالمنا قبل ثورة 25 يناير، كثيرا ما أراها أمامى
وأتساءل: ما الذى من الممكن أن يقولوه الآن بعد 30 يونيو؟ هؤلاء كان لهم
دائما مواقفهم الوطنية، منهم الموسيقار الكبير كمال الطويل الذى كان كثيرا
ما ينتقد النظام ورفض التلحين باسم السادات ومبارك وبعد ثورة «يناير» اكتشف
ابنه الموسيقار الشاب زياد الطويل كلمات من تأليفه وتلحينه، كان قد أعدها
ليغنيها عبد الحليم يقول مطلعها «يا مصر يا عطشانة للفرحة» وكأنه يغنى لمصر
بعد ثورة «اللوتس»، الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة لم أره يوما إلا وهو
مباشر وحاد فى مواجهة فساد مبارك ورافض توريث الحكم لجمال. تقدم له الدراما
هذا العام مسلسل «موجة حارة» مأخوذا عن رواية له باسم «منخفض الهند
الموسمى»، الصديق العزيز مجدى مهنا أنقى الصحفيين فى هذا الجيل، المعارض
الذى لم يتوقف قلمه عن فضح فساد الحقبة المباركية، وظل وهو فى صراعه مع
الموت يغيب عن الوعى كثيرا، ولكن ما إن يستيقظ حتى يمسك بقلمه ويكتب عموده
«فى الممنوع» أجرأ وأقوى وأمتع المقالات التى عرفتها الصحافة المصرية فى
الخمسة عشر عاما الأخيرة.
ويقف فى مكانة خاصة من هؤلاء المخرج الكبير يوسف شاهين الذى حلت ذكراه
الخامسة أمس. أتذكر أننى التقيت ابنة شقيقته المخرجة ماريان خورى فى ميدان
التحرير فى أثناء الثورة وكانت معها الكاميرا وسجلت هذه الكلمات وقلت لها
أعلم أنه كان يعانى من متاعب صحية تمنعه من الحركة، ولكنى واثق أنه كان
سيطلب من أصدقائه وتلاميذه أن يحملوه على كرسى متحرك حتى يصل إلى التحرير،
لقد سبق أن شارك فى أغلب الوقفات الاحتجاجية التى سبقت ثورة يناير لنادى
القضاة ونقابة الصحفيين مغادرا مكتبه الذى يقع على بعد خطوات ليقف معنا،
بالتأكيد لم يكن يوسف شاهين سيفوت هذه الفرصة، وكانت الكاميرا ستصاحبه حتما
فى هذه اللحظات المصيرية.
الدولة فى سنواته الأخيرة كانت تتحسب منه حتى إنه كان ممنوعا من
الظهور على الهواء فى التليفزيون المصرى فهم يعلمون أنه سيهاجم فسادهم،
عندما كان التليفزيون يحتفل بعيد ميلاده كان يتم خداع المشاهدين ويكتبون
على الشاشة اللقاء على الهواء، والحقيقة أنه قبل عرضه مر على كل الأجهزة
الرقابية.
عندما قررت الدولة فى 2006 منحه جائزة «مبارك» تمنيت أن يرفضها
والدولة بالتأكيد كانت تخشى من إعلان اسمه إلا بعد أن وثقت تماما أنه لن
يفضحهم على الملأ، وكانت ستصبح عنوانا رئيسيا فى «الميديا» العالمية، كيف
تم إقناع يوسف شاهين بقبول جائزة تحمل اسم الديكتاتور؟ أتصور أن أكثر من
شخصية لعبت هذا الدور، ربما على أبو شادى بحكم منصبه فى وزارة الثقافة
وتلميذه خالد يوسف وابن شقيقته جابى خورى أسهموا فى إقناعه، والحقيقة أن
يوسف شاهين عند إعلانه أسباب قبوله الجائزة أكد وضعها كوديعة فى البنك يحصل
سنويا على ريعها كل عام أول طالب قسم إخراج فى معهد السينما، ربما كان يوسف
شاهين أبعد نظرا منى ووجد أنه فى النهاية استفاد منها طالب موهوب فى بداية
مشواره، ولن يتذكر أحد أنها تحمل اسم مبارك، بل يوسف شاهين.
إنه الغائب الحاضر، كان سيذهب للتحرير فى 25 يناير مهما كلفه ذلك،
وكان سيرفض الحكم العسكرى وسيواجه من بعده حكم الإخوان، الكل يعلم أن يوسف
لا تحركه سوى دوافعه الوطنية، حتى إنه عند رحيله بدأ البعض يشير إلى
اعتناقه الديانة الإسلامية وطالبوا بجنازة إسلامية، رغم أن هذا غير صحيح،
كل ما كان يقوله لأصدقائه وتلاميذه أنه يتمنى أن تخرج جنازته من جامع عمر
مكرم على صوت الشيخ محمد رفعت، لأنه كان عاشقا له، إنه الإنسان المصرى أولا
قبل أن يكون المسيحى الكاثوليكى، إنه «الإنسان اللى مالوش عنوان» وهى
الجملة التى تتصدر شاهد مقبرته بالإسكندرية. يوسف شاهين يرفض الدولة
الدينية، ولهذا كان سيوقع على وثيقة «تمرد»، كان سيذهب إلى ميدان التحرير
أول من أمس ليطالب السيسى بأن يواجه الإرهاب، لكنه أبدا لن يتورط فى هذا
الالتباس بين السيسى وعبد الناصر. انتهى زمن الاتكال على زعيم نمنح له
مصيرنا بشيك على بياض، يوسف شاهين كان يحلم دائما بمصر مدنية، لا دينية ولا
عسكرية، ليتنا نواصل الحلم.
الدور المصيدة!
طارق الشناوي
27/7/2013 2:58 ص
الحياة الفنية مولعة بإطلاق الألقاب على الفنانين فريد شوقى «الملك»،
محمود المليجى «الوحش»، فؤاد المهندس «الأستاذ»، فاتن حمامة «سيدة الشاسة
العربية»، عبد الحليم «العندليب».. وغيرها وغيرها، ومن بين العديد من تلك
الألقاب استوقفنى لقب «الشديد»، لم يحقق هذا اللقب شهرة عريضة لأن صاحبه
أيضا لم يكن يلقِى بالًا للشهرة لكنه فى الحقيقة من فطاحل نجوم التمثيل فى
العالم العربى إنه عبد الله غيث.
كثيرا ما كنت أتأمل سر وسحر صاحب هذه الموهبة الذى كان عملاقا فى
المجالات الأربعة المسرح، والسينما، والإذاعة، والتليفزيون، ولهذا كانوا
يطلقون عليه أيضا «فنان مربع».
عبد الله هو الشقيق الأصغر لحمدى غيث كان عبد الله يقدم أداء تعبيريا
بينما شقيقه وأستاذه حمدى خطابيا، حيث الكلمة الزاعقة والحركة المبالغ فيها
التى تنتقل من الانفعال إلى الافتعال.
فى رمضان أيام تليفزيون «الأبيض والأسود» قدم دور الطبال فى مسلسل
أخرجه نور الدمرداش باسم «هارب من الأيام» وهو واحد من أهم الأعمال
الدرامية التى حفرت فى البدايات عند المشاهدين تلك العلاقة الحميمة مع
الشاشة الصغيرة، تتذكرون فى السينما أفلامه مثل «الحرام» و«أدهم الشرقاوى»
كم كان هذا «الشديد» هادئا، الدور الدرامى كلما كانت ملامحه حادة وصاخبة
كلما تطلب ذلك معاملة بقدر أكبر من الهدوء تصل أحيانا إلى حدود الهمس،
تذكرت «الشديد» فى أدواره الحادة وأنا أتابع مسلسلات رمضان وكيف تعامل معها
برقة وتفهم، كيف تضبط الجرعة بين الملامح الخارجية والداخلية للشخصية، مثل
الملابس، طريقة النطق، التعبير اللفظى والحركى والنفسى، المكياج الداخلى
كيف يتوافق فى هارمونية مع المكياج الخارجى، صعد أمامى اسم عبد الله غيث
وأنا أشاهد ثلاثة من الممثلين فى مسلسلات رمضان كل منهم أخذته الملامح
الخارجية للدور وقرر أن يضيف من أجل تحلية البضاعة تفاصيل مثل مكسبات الطعم
الصناعية، إلا أنها على الشاشة أفسدت حلاوة وتلقائية الأداء.
لدينا فى رمضان ثلاثة نماذج صارخة لم تستطع أن تضبط الجرعة: سلوى خطاب
فى «نيران صديقة» فى دور «سمرة» العاهرة والقوادة أم منة شلبى، وأحمد فلوكس
فى دور «سيد البورسعيدى» النصاب ابن عادل إمام فى «العراف»، وسناء شافع فى
مسلسل «حكاية حياة» وهو يؤدى دور «عزت» كبير الممرضين فى مستشفى للأمراض
النفسية. سلوى خطاب أسرفت كثيرا فى مخارج ألفاظها وحركات يديها، فالأبطال
على الشاشة ستة أصدقاء وهى تقدم دورا مساحته تالية لهؤلاء، سلوى كانت واحدة
من النجمات الواعدات قبل ربع قرن، أعتقد أن الدور الصغير فى مساحته هو الذى
دفعها إلى أن تضفى عليه ألوانا صاخبة فى أسلوب الأداء لتلفت الأنظار وكأنها
تقول للجميع «نحن هنا» وتلك هى المصيدة، وبالتأكيد المخرج خالد مرعى الذى
قدم واحدا من أروع المسلسلات هذا الموسم يتحمل قسطا وافرا من المسؤولية
لأنه لم يتدخل بالضبط والربط، وهو ما يمكن أن تراه فى أداء أحمد فلوكس، فى
«العراف» استحوذ النطق اللفظى المبالغ فيه لشخصية البورسعيدى على فلوكس
فاستسهل الافتعال والتصنع أيضا للفت الانتباه، وهو ما تراه فى أداء سناء
شافع الذى بدد طاقته فى مط الحروف ومط الحركات فوقع الممثلون الثلاثة فى
مصيدة الدور الذى يقتل صاحبه.
تستطيع أن ترى على الجانب الآخر فنانين كبارا كانت الشخصية بالفعل
مصيدة تدفعهم للأداء الصاخب ولكنهم امتلكوا القدرة على تقديم الجرعة
المطلوبة مقننة وخالصة، مثل الرائعة عايدة عبد العزيز فى دور «الشناوية»
التى رحلت فى الحلقة السادسة عشرة من مسلسل «موجة حارة» لتترك لنا مساحة من
الألق الإبداعى يملأ من بعدها الشاشة. أتوقف أيضا فى مسلسل «بدون ذكر
أسماء» مع فريدة سيف النصر التى غابت كثيرا عن الشاشتين ومنحها الكاتب وحيد
حامد والمخرج تامر محسن دور ملكة الشحاتين، أضافت إلى جسدها الكثير من
الكيلوجرامات لتصبح ملائمة للدور ولكننا لم نرها أسيرة لا للإضافة اللفظية
ولا المبالغة الحركية فنضحت على ملامحها أعماق الشخصية. أيضا كان سعيد
طرابيك أستاذا فى «العراف» فى دور صديق عادل إمام المغيب عن الوعى الذى لا
يخلص لشىء إلا الجوزة والحشيش ورغم ذلك كان طرابيك أستاذا فى ضبط
«الجرعة»!! إنه الدرس الذى تركه لنا «الشديد» الشهير بـ«عبد الله غيث» فهل
نتعلم؟!
تفويض نعم.. تقويض لا!!
طارق الشناوي
26/7/2013 3:45 ص
قبل بداية ماراثون رمضان بـ48 ساعة فقط طالبت فى هذه المساحة بنقل
فاعليات شهر رمضان إلى شوال، بالتأكيد كنت أمزح رغم أن البعض تعامل مع
الفكرة بجدية وبدأت أتلقى استحسانا من الكثيرين، كنت أعرف أن فى عصر
الفضائيات هذا مستحيلا، فلا يمكن السيطرة على البث عبر مئات الفضائيات التى
تتسابق فى عرض المسلسلات والبرامج، قبل 17 عاما، فى زمن التليفزيون الأرضى
كان هذا ممكنا، لأن العمل الفنى كان يعرض على محطتين أو ثلاثة فقط ملكا
للدولة وبقرار من وزير الإعلام يتم إلغاء كل شىء، حدث ذلك بالمناسبة فى حرب
73 التى واكبت 10 رمضان، وكانت الإذاعة وقتها لا تزال تشكل عامل جذب ضخم
وتعلق الناس بقصة «حياة أم كلثوم» التى ترويها بصوتها بعد الإفطار على
موجات «صوت العرب»، ومسلسل عبد الحليم «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» فى «الشرق
الأوسط»، وأوقفت الحلقات من اليوم العاشر، التليفزيون كان لا يزال أبيض
وأسود، دخلنا زمن الألوان فى 76، وكانت تعرض فوازير لثلاثى أضواء المسرح
بعد رحيل الضيف أحمد، صارا ثنائيا جورج سيدهم وسمير غانم تم إيقافها لتعرض
فى رمضان 74، فى عصر الفضائيات من المستحيل تحقيق ذلك، لأن الدولة لا تملك
كل القنوات، كما أن المسلسل والبرنامج لا يوزعان فقط على القنوات المصرية
هناك قنوات عربية لها حسابات مختلفة، إلا أننى فوجئت بأن الجميع استجاب هذه
المرة لاقتراح إيقاف المسلسلات والبرامج اليوم الجمعة.
أنزل اليوم لأقول «نعم للحرية لا للإرهاب»، من يدافع عن مرسى رئيسا
ومن يرى أن ما حدث انقلابا عسكريا ليس هو العدو الذى أترصده طالما يعبر عن
رأيه سلميا، لم ولن أنزل من بيتى من أجل قمعه لأن حريته فى التعبير هى
الضمان لحريتى، ولكن من يشهر سلاحا ويخرب فى البلد ويوقف مصالح الناس هذا
هو الذى نتصدى له، علينا أن لا ننظر للخلاف فى الرأى باعتباره معركة حياة
أو موت، لن نقصى من ينحاز إلى مرسى ولكننا فقط نرفض ونواجه من يرفع السلاح،
ولن نبارك أو حتى نغض الطرف عن أى عنف يوجه إليهم ولن نفرح بإغلاق قنوات
فضائية أو دور صحف لأنها تعارضنا، لا ليس هذا هو الهدف ولا يمكن أن تصبح
تلك هى القضية، الاختلاف فى الرأى هو أحد المظاهر الصحية للمجتمع، عاشت مصر
تحت حكم الإخوان لمدة عام، وأدرك أغلب أفراد الشعب وبعضهم ممن منحوه صوتهم
أن من يربى اللحية ومن يصلى الفجر حاضر لا يكفيه هذا لكى يحكم بلدا مثل
مصر، ليس كل الإخوان إرهابيين ولا هم جميعا من دعاة العنف، بعضهم يتبع
تعليمات سيد قطب ويعتقد أن الجهاد بالسلاح هو الحل، هؤلاء يواجههم القانون،
أما الجماعة فإن على الدولة تقنين أوضاعها، بينما حزب الحرية والعدالة
المنبثق عن الجماعة فلقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنه فى الحقيقة لم يكن له
وجود، مجرد غطاء سياسى للإخوان، لا إقصاء لأى فصيل ولكن تقنين أوضاع
لنستطيع بعدها التحرك للأمام.
هناك مخاطر تواجه الأمن القومى المصرى تحتاج إلى تدخل حاسم لكل أجهزة
الدولة لإعادة الانضباط، على أن تظل أعيننا يقظة، لأن مكتسبات الحرية التى
حصلنا عليها بعد 25 يناير وأكدناها فى 30 يونيو أمانة فى أعناقنا جميعا، فى
25 يناير ثُرنا ضد مبارك وأوقفنا سيناريو التوريث، وفى 30 يونيو ثار أغلب
المصريين ضد حكم الإخوان بعد أن أثبتوا فشلا منقطع النظير فى إدارة شؤون
البلاد، ليس المقصود إقصاءهم عن الحياة ولكن فقط إبعادهم عن الحكم.
لا تزال قناعتى أن أى ممارسة ضد حرية التعبير لو وفر لها البعض غطاء
شعبيا سندفع جميعا الثمن بعدها مضاعفا من حريتنا، أعلم أن البعض يتصور بأنه
يمكن أن يطعن مكتسبات ثورة يناير، هذا الشعب الذى ثار ضد فساد مبارك وبعد
عامين ونصف العام ثار ضد فساد حكم الإخوان وأسقط رئيسين بإرادته، هذا الشعب
يدرك أن الحرية التى انتزعها هى سلاحه الوحيد ولن يفرط فيها، نعم لتفويض
الجيش لمكافحة الإرهاب، لا وألف لا لمن يتصور أن التفويض من الممكن أن يصبح
تقويضا للحرية.
العيش والملح!
طارق الشناوي
25/7/2013 10:18 ص
جيل جديد أصبح هو الأقرب لاحتلال الشاشة الصغيرة فى رمضان وفرض
قانونه، مثل منى زكى ونيللى كريم ومنة شلبى ورانيا يوسف وكندة وإياد وهانى
سلامة وباسم سمرة والخالدين صالح والصاوى وروبى ومحمود عبد المغنى وأمير
كرارة وعمرو يوسف وغيرهم، صاروا هم الأقرب إلى قلوب الناس رغم أن
التليفزيون بطبعه لا يهون عليه ببساطة العيش والملح، لا أميل إلى فكرة
التقسيم التعسفى بين الكبار والصغار، لا يجوز أن نضع المقياس العمرى
باعتباره حدًّا فاصلًا، إلا أن شاشة رمضان قالت هذا العام إن الجيل الحالى
هو المسيطر على الشاشة، النجوم الكبار بأفكارهم التقليدية لا يزالون يعيدون
تدوير نفس بضاعتهم الدرامية القديمة، لم يدركوا أن الزمن تغيّر والمشاهد
وصل إلى مرحلة التشبّع يريد نغمة جديدة، هل الكبار مثل نور ويسرا وليلى
وإلهام وفهمى وحميدة والسعدنى وجمال سليمان وعادل إمام وصلتهم الرسالة.
حميدة غاب أكثر من عشرين عامًا وعاد فى «ميراث الريح»، لم ألمح أنه
يطرق بابًا جديدًا، ولكنه يقدم كل ما هو تقليدى، ومع المخرج يوسف شرف الدين
الذى يقدم شاشة بليدة فى وقت نرى فيه أن هناك جيلًا جديدًا من المخرجين صار
يقدم رؤية عصرية بها نبض الزمن، ومن الواضح أن حميدة استشعر ذلك فى أثناء
التنفيذ، ولهذا قرأنا لأول مرة اسمه مشاركًا فى السيناريو والحوار فى
محاولة يائسة لإنقاذ ما لا يمكن إنقاذه، لا تزال يسرا تفضّل السيناريو
التفصيل، والكاتب تامر حبيب يستلهم ملامحها وصورتها الذهنية وكتب لها «نكدب
لو قلنا ما بنحبش» من بقايا مسلسلاتها القديمة، الزمن تغيّر وهى تحاول
عبثًا وقفه، ليلى علوى صنعوا لها فستان «فرح ليلى»، المخرج خالد الحجر كتب
القصة، فهى مصممة الأزياء ولديها خوف من الإصابة بالسرطان، كنت قد قرأت
مجموعة من القصص القصيرة للكاتبة الشابة هديل هويدى باسم «كيوبيد توليب»،
بها واحدة عن فتاة فى الخامسة والعشرين تعمل أيضًا مصممة أزياء وتركها
خطيبها بعد إصابتها بالسرطان، وغيّر خالد الحجر الكثير ليصبح السيناريو
قريبًا من المرحلة العمرية التى تعيشها ليلى، ووجدنا أنه مجرد ملء ساعات
زمنية، خالد قدّم قبل عامين «دوران شبرا» مسلسل حميم وصادق، ولكنه هذه
المرة تحوّل إلى مجرد صنايعى، نور الشريف يختار «خلف الله» الرجل صاحب
الكرامات الذى يجوب البلاد، هل هذا توقيت مناسب؟! صلاح السعدنى يتبنّى قضية
قاسية فى «القاصرات» مكانها شاشة السينما، فمن الصعب أن يتحمّل المشاهد 20
ساعة من هذا التقزز، إلهام شاهين تدخل المعركة وتضع رأسمالها فى «نظرية
الجوافة»، فهى المنتجة، وباع لها الكاتب والمخرج مدحت السباعى بضاعة قديمة،
حسين فهمى بين «الشك» و«العراف» لا أعتقد أنه وجد فى الدورين ما يلامس
وترًا خاصًّا، فهما مجرد وجود أشبه بتوقيع الحضور والانصراف، وهو ما ينطبق
على جمال سليمان فى «نقطة ضعف»، الذى جاء بحكم عادة الوجود الرمضانى.
المشاهد التليفزيونى بطبعه عشرى ولا يعلن عن غضبه ضد نجم إلا عندما
يفيض به الكيل، وهكذا شاهدنا فى الأعوام الماضية تساقط العديد منهم، مثل
نادية الجندى، كانت لها مساحة على الخريطة وأُجبرت على الغياب، نبيلة عبيد
لم تجد فى العام الماضى سوى أن تقف تحت المظلة الجماهيرية لفيفى عبده فى
«كيد النسا»، ثم اختفت هذا العام، والغريب أن الموسم أيضًا شهد غياب فيفى،
محمد صبحى كان فاكهة رمضانية على مدى ربع قرن، ثم كرر نفسه فأصبح حضوره له
مذاق الغياب.
ويبقى عادل إمام، إنه القوة الضاربة ولا يزال، فهو صاحب الرقم القياسى
فى الأجر، و«البريمو» على المستوى الرقمى، يضمن أكبر مساحة من وكالات
الإعلان، إنه النموذج الصارخ للتفصيل الدرامى، يقدم له كاتبه الأثير يوسف
معاطى مسلسل «العراف» بنظام الاسكتش، منحه مساحات للانتقال بين أكثر من
حالة وشخصية من خلال بحثه عن أبنائه البورسعيدى والضابط والثرى اليسارى،
ولكنها تبدو شخصيات معلّبة، فلم يعد اليسارى الوطنى الرافض لحياة الأثرياء
يعيش بيننا اليوم، تغيّر الموقف وأصبح هناك الناشط السياسى الذى يطرح
توجهًا آخر غير تلك الرؤية الأرشيفية التى كثيرًا ما استدعاها معاطى من
أفلامه القديمة، مثل «السفارة فى العمارة»، هل يستمر العراف بقوة جذب عادل
إمام حتى الحلقة الثلاثين؟ وإذا تحمّلنا، فهل سيواصل عادل تقديم نفس
البضاعة فى العام القادم مع تغيير «التيكت»؟ إنه مأزق يعيشه الكبار وعليهم
أن لا يركنوا كثيرًا إلى حكاية العِشرة والعيش والملح.
عبيط ولّا بيستعبط؟!
طارق الشناوي
24/7/2013 3:39 ص
طلعت زكريا يشهر مسدسه فى وجه مقدم البرنامج، وأحمد السعدنى يصر أنه ح
يضربه يعنى ح يضربه، بينما هيفاء وهبى تسب الدين، هل صدقتم كل هذه الحركات
التى يصفونها ولاد البلد بأنها «نص كم».
كلما اقتنع المشاهد بأن الفنان مضحوك عليه وأنهم بيشتغلوه وأنه ساذج
طحن، نجحت الحلقة، المطلوب فقط أن يُظهر للمشاهد «الوش التانى»، الناس تحب
أن ترى الفنان فى حالة واقعية يغضب يشتم حتى لو كنا فى رمضان لا يهم، المهم
أن يسقط الوجه المثالى الرومانسى الناعم الذى يصدرونه للناس.
هل يتواطأ المتفرج فى تلك اللعبة لكى تزداد سعادته؟ أظنه كذلك إنه
يلعب أيضا معهم هم يشتغلونه، والحقيقة أنه هو الذى يشتغلهم، فهو يدرك أنها
تمثيلية ولكنه يعيش الدور.
قبل عصر الفضائيات، والحقيقة أن كل نظرة أو تقييم لبرنامج أو مسلسل
ينبغى أن تُطل عليه وأنت تضع أمامك هذا المؤثر الذى يشبه فى التاريخ قبل
وبعد الميلاد، وهو هل كان هذا البرنامج قبل أم بعد القنوات الفضائية، لأن
الناس قبل الانتشار الفضائى كانت تتعاطى بالضرورة مع نفس البرنامج أو
المسلسل فى نفس الوقت، الأب الروحى لكل هذه البرامج وأعنى به «الكاميرا
الخفية» هو إبراهيم نصر، الذى كان لوحة التنشين لكل المقالات النقدية يناله
القسط الوافر منها، ورغم ذلك ينتقل من عام إلى آخر والناس تتذكر كلماته
وتنتظر بشغف الإفيه الجديد مثل «يا نجاتى انفخ البلالين» و«عرضها ما
تكشكشهاش»، و«نضفى يا بالوظة» و«العقل زينة فى الباترينة»، كان إبراهيم نصر
يخرج من عام إلى آخر مكللا بهجوم ضخم من الصحافة ومكللا أيضا بنجاح جماهيرى
ساحق، وأظن الذروة كانت مع شخصية «زكية زكريا» وصنعوا له دمية ومسرحية
وفيلما، تلك الشخصية التى توحد عليها المشاهدون كانت كلمة توحد تعنى توحد،
فلا مجال للخروج إلى أى عمل فنى أو برنامج آخر، الناس كانت تضبط أوقاتها
على التليفزيون بكل تفاصيله، هذا وقت فوازير «عمو فؤاد» وتلك فوازير «نيللى»،
وهذه «ليالى الحلمية» وبعدها على القناة الثانية «رأفت الهجان»، بينما جرعة
الضحك الضخمة مع إبراهيم نصر.
أضاف إبراهيم نصر لبرنامجه فى سنواته الأخيرة سؤالا ردده الناس من
بعده نذيع ولا لأ، والغرض هو إضفاء قدر من المصداقية على التسجيل والتأكيد
أن الزبون شرب المقلب ودائما الإجابة نذيع طبعا، سوف تقول لى ربما قال
آخرون لا، ولم تتم إذاعتها، تعرف منين؟ ح أقولك هناك شروط للتصوير وزاوية
كاميرا وإضاءة، كلها تفاصيل تؤكد أن الذى التقاه إبراهيم نصر كان يعرف، أضف
إلى ذلك التكلفة التى يتم رصدها فلا يمكن أن تضيع هباء، كما أن وجه إبراهيم
مهما استخدم من مكياج صار مألوفا لكل الملايين من رمضان إلى رمضان، ظهر بعد
إبراهيم نصر عشرات من البرامج المماثلة كانت كاميرا إبراهيم الخفية هى
الزلزال ومن بعده جاءت توابع الزلزال، وصار لدى المشاهد إدمان لمثل هذه
البرامج، وكانت الناس تضحك لأنها تقنع نفسها أولا بأنها تصدق، وغادر
إبراهيم الساحة بعد أن حدث قدر من التشبع وتوارت كل التنويعات الأخرى.
انتقل المؤشر بعدها من الضحك على المواطن العادى إلى الضحك على
المشاهير، أتذكر مثلا أن نشوى مصطفى فى أحد البرامج كانت ترتدى مكياجا
باعتبارها مذيعة يابانية، والمطلوب أن تقنع زملاءها أنها يابانية، الناس
تعرف أنها نشوى، ولكن زملاءها هم فقط المخدوعون، وكلما أمعن الممثلون فى
التصديق أقصد تمثيل التصديق نجح البرنامج وتعددت هذه النوعيات، إلا أن رامز
جلال صار هو الأكثر جماهيرية ودائما له فى كل عام مقلب، العام الماضى «رامز
قلب الأسد» وهذه المرة «رامز عنخ آمون»، ودائما أبطاله يتكررون وعليهم أن
يعيشوا الحالة ليصدق المشاهد.
إنها خدعة كل يوم، الطرف الإيجابى هو المشاهد فهو الذى يريد أن يلعب،
هل تتذكرون «بيت الأشباح» فى الملاهى، نحن نخترع حالة الخوف لكى نستمتع،
ولو أعملنا العقل لتوقفنا عن المتعة لانتفاء الرعب.
عبيط ولّا بتستعبط؟ هذا هو السؤال الذى من الممكن أن يتبادر للذهن بعد
مشاهدة النجم الذى يتقاضى كثيرا لتسجيل البرامج، هو بيستعبط والمتفرج يقنع
نفسه أنه عبيط، والنجم لا يهمه عبيط عبيط، المهم «لايمنى ع الأوبيج»!
الشاشة الأصل والحياة صورة
طارق الشناوي
23/7/2013 1:19 ص
تضاءل العدد بالقياس إلى الأعوام السابقة، ولكن النتاج أسفر عن خمسة
أو ستة أعمال ترشق فى الذاكرة ولا تغادرها بسهولة «بدون ذكر أسماء»،
و«نيران صديقة»، و«موجة حارة»، و«آسيا»، و«فرعون»، ولم أضع بينها مسلسل
«ذات» لأنه خارج نطاق السباق الرمضانى. إنه يشكل بالنسبة لى قفزة نوعية فى
دائرة الدراما التليفزيونية بعد أن أصبح سجلا مرئيا للحياة التى عاشتها مصر
بكل تفاصيلها منذ ثورة 52 حتى نصل إلى ثورة 25 يناير، متجاوزا، بل قافزا
فوق سور الزمن الذى أحاطته رواية صنع الله إبراهيم.
عندما شرعت كاملة أبو ذكرى فى التجربة سألتنى كصديق قلت لها إن قناعتى
هى أن أحد مخاطر استنزاف الإبداع هو تبديد الطاقة. التليفزيون بطبعه يحتاج
إلى غزارة، ولهذا فإنه سرعان ما يستهلك تلك البطارية القابعة فى الوجدان
والتى ترسل بين الحين والآخر ومضات، وكلما أفرط الفنان فى الإنتاج خفتت تلك
الومضات. كانت كاملة قد حققت فيلمها الحميم «واحد صفر» وأمامها أفكار
عديدة، لكن السوق السينمائية بمقايسها الصارمة لم تتح لها المناخ الصحى
لتحقيق الحلم. حذرتها من تبديد الطاقة فى 30 حلقة أى نحو 15 فيلما، فهى لن
تجد بعدها الكثير مما تضيفه عندما تعود مجددا إلى السينما. أتذكر أننى سألت
الموسيقار الكبير كمال الطويل (فى حديث ليس للنشر) عن اثنين من الموسيقيين
والملحنين المشاهير لم يعودا يقدمان إبداعا متميزا، ولكن ما يصدر عنهما فقط
ضجيج إعلامى لإثبات الحضور، قال لى الطويل إنهما من أكثر الجيل موهبة،
ولكنهما أسرفا فى تقديم ألحان فوازير رمضان، ولهذا فإن كل نغمة أو جملة
يقدمانها بعد ذلك تحمل بالنسبة لهما لمحة مما سبق أن ردداه. الفنان هو
المتلقى الأول لإبداعه يشعر بجمال النغمة عندما تسكن وجدانه فيطلقها للناس،
وأضاف أنهما من كثرة ما قدماه من أنغام لم يعد أى منهما يشعر بالدهشة التى
تدفعه إلى اختيار النغمة التى تدخل القلب.
الإخراج التليفزيونى بطبعه استهلاكى، وتتحدد قيمة المخرج بالعديد من
الاعتبارات أهمها سرعة الإنجاز. كنت أخشى على كاملة أن تتورط وتقدم المسلسل
وفق قانون السرعة والذى يعنى السربعة. ما حدث على الشاشة هو أنها فرضت
قانونها الخاص، ومنحتنا 18 حلقة وأسندت شركة الإنتاج حتى تلحق برمضان باقى
الحلقات إلى المخرج خيرى بشارة.
وسيظل ما نراه منذ الحلقة 19 مثار تساؤل تقنى وفنى وأكاديمى بل
وقانونى أيضا، الحالة الدرامية والديكورات ومفاتيح الأداء والجو العام
والموسيقى والإيقاع كلها ضوابط رسختها المخرجة كاملة أبو ذكرى على مدى
الحلقات السابقة، وخيرى عليه أن يكمل بنفس القانون، فهى لها نصيب فى ما سوف
نراه على الشاشة حتى لو لم تقف فى البلاتوه، ولا يمكن مثلا أن نتابع «ذات»
فى العشرين عاما الأخيرة، وهى المرحلة الزمنية التى أخرجها خيرى وقد تغيرت
ملامحها النفسية، أو نكتشف من دون مبرر تغيير الديكور، ولن يستطيع أن
يستبدل موسيقى التتر ولا حالة الموسيقى التصويرية لتامر كروان، ولا يجوز
الاقتراب من شفرة الإضاءة المتفق عليها مع نانسى عبد الفتاح، فهى سلسلة
متتابعة لا يجوز اختراقها، تعودت الدراما التليفزيونية عندما يقترب العرض
الرمضانى ولا يتم استكمال الحلقات أن تتم الاستعانة بأكثر من وحدة تصوير
وبعضها يشارك فيها مخرجون كبار لا يعلنون أسماءهم لأنهم استكملوا ولم
يضيفوا.
دعونا الآن نعود إلى الشاشة، هل ما شاهدناه حتى الآن مجرد خيال أم أن
كاملة أمسكت بعمق الواقع، إنها عين تلتقط كل التفاصيل. هل تذكرون مشهد
باروكة ميرفت أمين لمحة خاطفة دفعتنا إلى زمن السبعينيات عندما كانت كل من
نجلاء فتحى وميرفت أمين هما العنوان الرسمى للجمال، وصارت لكل منهما باروكة
تحمل اسمها، هل تتذكرون الحلقة الثانية عشر والحمام والمطبخ والسيراميك؟
ألم نتذكر جميعا فى تلك اللحظة موقفا مشابها مر بنا؟ عبقرية أداء نيللى
كريم بأقل القليل من اللمحات، المواجهة الدائمة بينها وزوجها تنضح بمذاق
الحياة اليومية، باسم سمرة الشهير بـ«عبد المجيد أوف كورس» يقدم أحلى
أدواره.
أصل الحياة رأيته على شاشة التليفزيون بموسيقى وإضاءة وكادر وحركة
ممثلين وسيناريو يستحق الدراسة لمريم نعوم. ما نعيشه فى الحياة صار بالقياس
هو الصورة، نعم هى تجربة خاصة جدا لا أنصح حتى كاملة بتكرارها، «ذات» واحدة
تكفى!!
مبارك ومرسى فى مرمى الدراما؟
طارق الشناوي
22/7/2013 2:29 ص
فى دراما رمضان كان مرسى وزمنه هو الهدف، وأطل مبارك وصورته على
استحياء. فى رمضان القادم سوف يصعد مبارك للذروة الدرامية وسيخفت حضور
الإخوان لتشتعل المعركة بين من يريدون إجهاض ثورة 25 يناير ومن يدافعون عن
النقاء الثورى.
شاهدنا أعمالا عديدة دراميا وبرامجيا تنتقد الإخوان، ولا بأس بين
الحين والآخر أن تصطدم بمرسى إلا أن المسلسلات باستثناء «نظرية الجوافة» لم
تسخر منه مباشرة هاجمت وفضحت الادعاء الدينى وبعضها هتف «يسقط حكم المرشد»،
وقبل أن يبدأ الماراثون الرمضانى كان الواقع قد تغير، ومن كان يقطن فى قصر
الاتحادية أصبح يعيش فى خيمة داخل ميدان «رابعة العدوية».
البرامج كانت فرصتها أكبر بالطبع فى الكشف والانتقاد والسخرية فلا سقف
يحدها، الكل يعلم أن الدراما رصدت عاما من حياة الإخوان ومرسى وأهله
وعشيرته وهم فى الحكم ولم يسمحوا بذلك، لأنهم مؤمنون بالحرية ولكن لتلاشى
قدرتهم على المنع والمصادرة.
البعض يسأل هل هناك كاتب درامى انتقد مبارك؟. نعم لم يجرؤ أى منهم على
هذا الفعل، لا تصدق أيا من هؤلاء وهم يتشدقون الآن بكلمات «حنجورية» أغلبهم
كانوا ينافقونه، وكان فى الطريق أكثر من عمل فنى يمهد المجتمع لتقبل
التوريث مثل سيناريو «ابن الرئيس» أحالته الرقابة فى 2010 للأمن القومى
لأخذ الموافقة وكان أيضا طلعت زكريا يعد فيلم «حارس الرئيس» روى قصته لحسنى
مبارك فى اللقاء الذى امتد بينهما أكثر من ساعتين قبل أربعة أشهر من خلعه،
كان طلعت يواصل كعادته نفاقه للرئيس بعد «طباخ الرئيس». انتقاد زمن مبارك
تجده فى مسلسلات مثل «ربيع الغضب» الذى ينتهى بالثورة، ومن المؤكد أن مسلسل
«ذات» الذى يروى تاريخ مصر حتى ثورة اللوتس يتعرض لثلاثين عاما من زمن
مبارك سوف يفضح فساد الحقبة المباركية، مثلا وحيد حامد فى مسلسله «بدون ذكر
أسماء» والأحداث تبدأ فى منتصف الثمانينيات وصف مبارك على لسان أحمد
الفيشاوى بأنه «لافاش كيرى» وهو السخرية المصرية التى ارتبطت به فور توليه
الحكم. المسلسلات «المباركية» التى تترحم على زمنه لم تتوفر بعد، ولكنها فى
ما يبدو قادمة، وليست صدفة أن نرى صورته فى أكثر من مرة فى حلقات «العراف»
اختيارها فى التترات أيضا مقصود، وهو ما تكرر فى «الوالدة باشا»، لو كان
الحكم الإخوانى مستقرا أو فى الحد الأدنى يلبى الحدود الدنيا لرغبات الناس
ويسمح بالتقاط الأنفاس لرأيت الدراما وهى تفضح بقوة زمن مبارك، الخوف على
المستقبل فى زمن الإخوان هو الذى دفعهم لغض الطرف عن تعرية مبارك بكل فساده
وإفساده. ورغم ذلك فلا أحد يستطيع أن ينكر أن مبارك أراد أن يورث الدكان
لابنه وأن الفساد كان هو عنوان الدولة، وأن ثورة 25 يناير أنقذت مصر من
المجهول.
الدراما فى البداية توجهت لفتح ملفات الفساد للعائلة والحاشية
المباركية، مثلا مسلسل «المزرعة» كان واحدا من أكثرها إثارة للجدل ومن أجله
تم تغيير الرقيب الرافض للسيناريو وجاؤوا برقيب آخر صرح بالسيناريو.. بعد
كل هذه المعارك الضارية يتم وقف كل شىء. أعتقد أن هذا المسلسل لن يرى النور
فلن يقدم عملاً فنياً ينتقد مبارك مباشرة على الأقل فى الفترة القادمة،
المزاج النفسى للجمهور كان غاضبا وكارها إلا أنه بعد فشل الإخوان صاروا هم
قضيته المحورية، نحن نعيش الآن فى المنطقة الرمادية أظن أن الكتاب سوف
ينتظرون ما الذى يفرزه الزمن القادم، لأننا نطل دائما على الماضى من شباك
الحاضر، أخشى أن الموجة القادمة للدراما تمهد لأعمال فنية لتبييض زمن مبارك
بعد أن عبّدت الطريق لها العديد من البرامج الحوارية.
***
لم نعد نتحمل الاختلاف، من يطالب بالمصالحة الوطنية يعتبرونه من
الخلايا النائمة للإخوان، ومن يطالب بتوقيع أشد العقوبات وفض الاعتصام
الإخوانى بالقوة فهو من الخلايا النائمة للمباركيين، ومن يصمت فهو فى نظر
الطرفين خائن للقضية، الكل صار ينتظر من الكل التطابق التام فى الرأى
والرؤية وإلا صار عدوا مبينا. يقول السيد المسيح عليه السلام «قبل أن ترى
القذى فى عين جارك انظر إلى الخشبة فى عينك»، كم واحدا منا رأى الخشبة فى
عينه؟!
ثمن النضال!!
طارق الشناوي
21/7/2013 3:03 ص
بمجرد تعيين صابر عرب وزيرًا للثقافة، أصدر عدد من المعتصمين بمكتب
الوزير فى شجرة الدُر بالزمالك بيانًا أكدوا فيه اعتراضهم وعدم اعترافهم
بشرعيته، بعد أقل من 48 ساعة كانوا فى مكتبه الاحتياطى بالمجلس الأعلى
للثقافة بدار الأوبرا ليناقشوه فى الوضع الثقافى الحالى، هل يعنى حضورهم
إلى مكتبه شيئًا آخر سوى اعترافهم بشرعيته؟!
عندما شاهدت قبل أقل من شهرين محمود قابيل فى اعتصام الفنانين،
تساءلت: هل اعتصم بالفعل لأنه ضد وزير الثقافة الإخوانى أم لأنه يتطلع
لرئاسة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى خلفًا لعزت أبو عوف؟ لم أحسم وقتها
الإجابة، ولكن طوال أيام الاعتصام وحتى الآن وأنا أراه متطلعًا لرئاسة
المهرجان، يقدم السبت فى انتظار الأحد.
بحكم اقترابى من الوسطين الثقافى والفنى، أرى البعض وهو يحدد مواقفه
بقدر ما يحصل عليه من مكاسب، إنها ليست مواقف ثابتة تبغى وجه الوطن والفن
والثقافة، ولكنها تتوجه وفقًا لمبدأ المصلحة، كانت تطلعات المثقفين أن تتم
الاستعانة بقيادة مثل إيناس عبد الدايم كواجهة للثقافة، وهذا يعنى رمزيًّا
أن الدولة تتوجه إلى روح «تمرد»، ولكن جاء التغيير إلى صابر عرب معبرًا
بوضوح عن روح «تجرد».
إنه الرجل الذى يضبط نفسه ويوفّق أوضاعه على كل الأنظمة، لا يعنيه
شرقًا أم غربًا يمينًا أم يسارًا حكمًا عسكريًّا أم دينيًّا، فهو دائمًا
جاهز، كتبت فى تلك المساحة قبل ثلاثة أيام مقالًا عنوانه «الوزير العناب»
وذلك بمجرد إعلان اسمه وزيرًا فى التعديل الأخير، وقلت إنه يعرفهم جيدًا،
أقصد عددًا من المعتصمين، ويملك مفاتيحهم ويدرك كيف يرضيهم وسوف يمتص غضبهم
ليصبحوا أجنحة له يحلّق بها مهيمنًا على جنبات الوزارة.
من المؤكد والحال كذلك أن يستجيب صابر إلى بعض اقتراحاتهم، ولا بأس أن
يمنحهم عددًا من المزايا وقدرًا ما من الهيمنة، ليمنع شوكتهم ويرضى غرورهم،
إنه الموظف المخضرم الذى يعرف من أين تؤكل الكتف، ولن يخسر شيئًا لو شاركوه
ببعض القضمات من بيت الكلاوى!!
كم تمنيّت أن يتعففوا عن المواقع والمكاسب، فلا يوجد ثمن للثورة، لست
أدرى كيف تطلب شيئًا من وزير أنت أسقطت شرعيته قبل ساعات قليلة ببيان، أعلم
أن الدولة هشة وأن الوزير جاء بعد عدة اعتذارات، وأنه كان المحطة الأخيرة
للنظام، ولكن لماذا حصر المثقفون دائرة اختياراتهم فى عدد محدد من الأسماء،
أحمد مجاهد أو إيناس عبد الدايم، فوجدوا أنفسهم بعد رفض الاقتراحين لابسين
فى صابر عرب، ما هو مصير البيان الذى أصدروه ثم قرروا فى لحظات أن يصادروه
حيث لم يتم نشره فى الصحف حتى الآن وكأنه ورقة ضغط يتم إشهارها ضد الوزير
فإذا التزم ودعاهم للحوار واستجاب إلى عدد من مطالبهم يبقى يا دار ما دخلك
شر، ويصبحون ثمنًا على عسل.
المخرج خالد يوسف وبمجرد نجاح ثورة 30 يونيو، أعلن أنه سيعود مسرعًا
إلى عالمه فى الإخراج، وأنه يعتذر مقدمًا عن أى منصب إشرافى أو شرفى فى كل
ما يتعلق بوزارة الثقافة، تعففًا لأن الثورة ليست غنيمة.
أعرف أنه ليس كل من اعتصم فى وزارة الثقافة كانت له قضية وموقف، بعضهم
ذهب مثلًا لأنه بعيد عن الأضواء وكانت أجهزة الإعلام تمنح الاعتصام مساحة
كبيرة من الاهتمام، بعض مَن شارك لم يكن لديه مسلسل رمضانى تتناوله الصحافة
فقرر أن يوجد لتنشر صورته بين المعتصمين.
لا أحد وصى على أحد، ولا يوجد مَن يملك صكوك الوطنية يمنحها لهذا
ويمنعها عن ذاك، أعلم أن المشارب تتعدد ولكن الحد الأدنى هو أن يظل الثوار
خارج اللعبة، فلا مغنم أو منصب من الدولة، خصوصًا أنها الآن تعانى من هشاشة
وتريد إرضاء كل الأطياف بدليل كل هذه التراجعات التى شاهدناها فى تشكيل
مجلس الوزراء، استجابة إلى أصحاب اللحى الطويلة، لا أرى نضالًا ولا بطولة
أن يحصل عدد من معتصمى شجرة الدر على مكسب من وزير فى لحظة ضعف.. من الواضح
أن الأجهزة الأمنية طلبت منه ضرورة تهدئة الأمور، ولهذا يوافق على كل ما
يطلبونه.. تبدو الصورة مع الأسف قاتمة، إلا أننى أرى بارقة الأمل فى عدد من
شباب المثقفين لديهم موقف ولم ولن يطالبوا بالثمن!!
فضل شاكر قاتل أو مقتول!
طارق الشناوي
20/7/2013 3:21 ص
أصبح فضل شاكر مطلوبًا بعد أن حمل السلاح وصار هو الأقرب إلى القيادى
السلفى المتشدد أحمد الأسير، يعمل تحت لوائه، لا يتردد عن فتح النيران لو
أمره بذلك، الاستقطاب السياسى فى لبنان مثل الخبز اليومى، وأغلب المواطنين
متورطون سياسيًّا، ولكن زهق الأرواح يبدو أنها صار عند البعض أيضًا خبزًا
يوميًّا.
هل تخيّلت قبل بضع سنوات أن تشاهد صورة المطرب فضل شاكر وهو يسيل دماء
خصومه بعد أن كان يسيل دموع مريديه ومعجبيه، فضل اعتلى قمة الرومانسية
وتوّجوه ملكًا للقلوب المجروحة المتعطشة للمسة حب، كان صوته بمثابة النبرة
الحانية التى تطبطب علينا وتدغدغ مشاعرنا بأغنيات، مثل «يا حياة الروح»
و«الله أعلم» و«بياع القلوب» و«نسيت أنساك» و«متى حبيبى متى» و«لابس وش
الطيب»، والذى كانت صوره تزيّن دائمًا صفحات الفن، فجأة ينتقل إلى الصفحات
السياسية، وبدلًا من أن نراه يعتلى خشبة المسرح ممسكًا بالميكروفون شاهدناه
مؤخرًا فى ساحة الوغى رافعًا الكلاشنكوف مهددًا ومتوعدًا.
مجموعة من المتناقضات هذا الفنان الكبير الذى احتل مكانة خاصة على
الخريطة الغنائية، كان صاحب رأى فى بداية الثورة السورية وانحاز إلى الشعب،
رغم صمت وترقّب أغلب الفنانين والمثقفين، والذين اختار أغلبهم ولا يزال -مع
الأسف- أن يمسك العصا من المنتصف، بل إن بعضهم الآن بسبب غموض الموقف
المصرى بعد رحيل الإخوان عن الحكم، صار ينتظر ما يسفر عنه توجّه النظام
المصرى ليعلن بعدها هل هو مع الثورة أم بشار.
فضل منذ ثورة مارس وهو لديه موقف ثابت لا يتزحزح، أكد وقتها أن ما
يجرى فى سوريا مجازر تتم تحت رعاية بشار، خاف القطاع الأكبر من الفنانين
والمثقفين السوريين واللبنانيين من بطش مخالب يد الأسد التى تمتد خارج
الحدود، بينما فضل واجه بشجاعة الطاغية، إلا أن قرار اعتزاله بل وتحريمه
الفن جاء مواكبًا لهذا الموقف الثورى، كان من الممكن أن يحيل صوته الشجى
إلى أحد أسلحة المقاومة، مثلما فعل المطرب السورى الشاب إبراهيم قاشوش،
موجهًا أغنياته ضد بشار، تمنّيت أن يأخذ بثأر قاشوش الذى انتزع شبيحة
النظام الأسدى حنجرته وألقوا بجثته فى نهر «العاصى»، لماذا لم يكمل فضل
الرسالة؟
دائمًا ما أرى فضل مشاركًا فى مظاهرات سلفية، كنت أتمنى أن لا تصبح
الطائفة هى العنوان، كل تصريحاته تؤكد أن زاوية الرؤية لا تتعدى تلك
الدائرة الضيقة، أصبح يفسر كل المواقف التى يتعرّض لها بأنها انعكاس لظلم
يعانى منه بسبب كونه سنيًّا سلفيًّا، وفتح النيران بعدها مباشرة ضد عدد
كبير من زملائه، معلنًا أن الفن حرام، فهل كان فضل يمارس الحرام طوال أكثر
من ربع قرن؟! وهل كل من يبدع الفن بمختلف صوره وأنماطه غارقًا فى الرذيلة؟!
«لا تبصق فى بئر شربت منها»، حكمة قديمة ولكن مع الأسف كثيرًا ما شرب
البعض من آبار كانوا هم أول من لوّثوها، بديهى أن مَن يعيش فى وطن لا يسبه
ومَن يعيش أيضًا فى وسط لا يشهّر به، ولكننى كثيرًا ما دهشت وأنا أقرأ
تصريحات فضل شاكر وهو يحيل صوته الدافئ إلى سوط عذاب يلهب به كل مَن مارس
الغناء!!
بالتأكيد كل تلك الموبقات التى تلصق بالفن عندما يعلنها فنان بحجم فضل
تصبح أداة لطعن كل مَن يمارس الإبداع، خصوصًا مع تنامى سطوة تيار رجعى
يتدثّر كذبًا بالدين، لديه قناعة بأن الفن رجس من عمل الشيطان، وهكذا سوف
يقولون «شهد شاهد من أهلها».
نعم، الحياة الفنية وطوال التاريخ بين الحين والآخر نلمح فيها تلك
الأصوات وهى تعلن عن تحريمها الفن، إلا أن كل ذلك يهون أمام قسوة الكلمات
التى أطلقها فضل شاكر، ما الذى من الممكن أن يقوله المتطرفون دينيًّا لو
أرادوا تحريم الفن أكثر مما أعلنه فضل.
هل من الممكن أن تصبح هذه هى الصورة النهائية التى تتبقى فى الذاكرة
لهذا الفنان، مطلقًا ذقنه ممسكًا بسلاحه الآلى واقفًا بجوار السلفى الجهادى
أحمد الأسير منذرًا بحرب يخوضها ضد أى طائفة تتعارض مع طائفته؟ عندما يمنح
الله الفنان موهبة تصبح هى الأمانة التى عليه أن يوصلها إلى البشر أجمعين،
فكيف يفرّط فضل فى الأمانة؟!
العمدة عتمان وحرمه حفيظة!
طارق الشناوي
19/7/2013 4:20 ص
العديد من الزملاء استوقفهم الفارق بين سعاد حسنى الأسطورة وآيتن عامر
التى تعثرت وتلعثمت كثيرًا فى أداء دور فاطمة، خسر مسلسل «الزوجة الثانية»
ضربة البداية فى اللحظة التى أسندوا فيها الدور إلى آيتن، بخاصة أن
المواصفات الشكلية لا تنطبق عليها، فهى صارخة الجمال كما قدمها السيناريو،
والواقع أنها كانت الترشيح الثالث سبقتها رانيا يوسف ثم دينا فؤاد وأى
منهما لم تكن ستحقق نجاحًا يُذكَر ولكن ربما إخفاقًا أقل، كارثة «الزوجة
الثانية» لو تأملتها فى السياق الذى قدم كمعالجة درامية فى المسلسل لاكتشفت
أن دور العمدة هو الرهان الحقيقى، الشخصيات الرئيسية أربع ولكن العمدة
عتمان احتل دراميًّا مساحة أكبر، وهو ما أدى إلى خروج العمل الفنى عن
المنطق الذى فرضته الرواية قبل أن يحيلها المخرج صلاح أبو سيف إلى فيلم عام
1968، أداء الممثل فى ظل غياب تام لتوجيه المخرج أدى إلى انحراف الرواية عن
مسارها وغياب عمقها الفكرى كأنها محاكاة ساذجة لثنائى شهير جمع عبر موجات
الإذاعة المصرية قبل 60 عامًا بين فؤاد المهندس وخيرية أحمد فى البرنامج
الكوميدى «ساعة لقلبك»، لعب فؤاد دور الزوج «محمود» الذى يعانى غباء زوجته
«خوخة»، فهو كثيرًا ما ينفر ويسخر منها ولكنها لا تدرك، حاول عمرو عبد
الجليل وعلا غانم أن يعيدا تلك الثنائية بين عتمان وحفيظة فلم يراعيا فروق
التوقيت، ودفع المسلسل الثمن لأن المخرج لو أراد تقديم الرواية بأسلوب
البارودى الذى يعنى الرؤية الساخرة لعمل تراجيدى لتطلب ذلك معالجة مغايرة
فى كل الأدوار ليس فقط العمدة وزوجته.
كثيرًا ما تستمع إلى العاملين فى الوسط الفنى وهم يرددون «الدور ينادى
صاحبه»، وهى مقولة صحيحة تمامًا لو كنا نعيش فى عالم مثالى، ولكن الحقيقة
على أرض الواقع تؤكد أن الدور يأتى أحيانًا لمن لا يستحق وربما تستبدل ظرف
الزمان «أحيانًا» ليصبح «غالبًا».
أتذكَّر أن الفنان القدير صلاح السعدنى قبل عام ونصف قال لى إنهم
عرضوا عليه دور العمدة عتمان فى المسلسل ولكنه رفضه دون حتى نقاش، سألته
بنهم صحفى: كيف؟ أجابنى: أين أنا من صلاح منصور؟ الناس ستتذكر على الفور
صلاح منصور وأداءه العبقرى. قلت له: ولكنك لعبت بأستاذية دور العمدة سليمان
غانم وحفرت فى الذاكرة الجماعية عمدة آخر لا يُنسَى، أجابنى: لأنه كان له
مواصفات مختلفة كتبها الراحل أسامة أنور عكاشة واجتهدتُ واجتهد المخرج
إسماعيل عبد الحافظ فى تفسيرها أمام الكاميرا فأصبح للشخصية حضورها فى
تاريخنا الفنى. الغريب أن السعدنى لعب دور عمدة آخر هذا العام فى مسلسل
«القاصرات» لم أرتح لفكرة المسلسل لأن الجرعة الدرامية مقززة عندما ترى
رجلًا سبعينيًّا يتزوج طفلات فى التاسعة من أعمارهن، تصاب بتقزز أنه مريض
ومثل هذه الأمراض من المستحيل أن تتحملها فى عمل فنى يمتد 30 حلقة، ولكن
هذه قصة أخرى.. دعونا نعُد مرة أخرى للعمدة عتمان، كانت المحطة الثانية
لهذا الدور باسم سمرة الذى شاهدت له فى رمضان ثلاثة أدوار مميزة هى على
الترتيب «ذات» و«آسيا» و«الوالدة باشا»، لم يستطع باسم توفيق مواعيد
التصوير للمسلسلات التى تلاحقت جميعها فاعتذر وجاء الدور فى المحطة الثالثة
والأخيرة لعمرو عبد الجليل.
عمرو حقَّق مؤخرًا قدرًا من الحضور السينمائى كبطل فى فيلمى «كلمنى
شكرًا» و«صرخة نملة»، النجاح التجارى المتوسط وضعه على خط النجومية، وفى
العادة تشتعل داخل هؤلاء النجوم الذين يقفون على العتبة الجماهيرية الرغبة
فى مباراة ثأرية ووجدها عمرو تأتى إليه فى رمضان، ومن الواضح أنه كانت لديه
مساحة من الارتجال سمح بها المخرج خيرى بشارة، ولا أدرى كيف، وهى أيضًا نفس
المساحة التى منحها لعلا غانم. النص به مراهنة درامية أكثر على العلاقة
الثنائية بين عتمان وحفيظة، أضاع عتمان الفرصة عندما أعتقد أن العمق
التراجيدى للعمل الفنى من الممكن أن يحيله إلى «إفيه» أو نكتة، خسر «الزوجة
الثانية» الكثير، كانت آيتن سيئة لا جدال فى هذا، إلا أن الضربة القاضية
جاءته بإضافات عتمان الذى يبدو كأنه «جى يكحلها عماها»!
الوزير العناب!
طارق الشناوي
18/7/2013 1:02 ص
هل ثار المثقفون قبل خمسة أسابيع ضد وزير الثقافة الإخوانى علاء عبد
العزيز من أجل أن يعود إليهم وزير الثقافة السابق الراقص على كل الأحبال
صابر عرب؟ لو كان ذلك صحيحا فما أتعسها من ثورة.
تعرض الفضائيات مسلسلا كوميديا رديئا اسمه «الرجل العناب» يتحدى
«سبايدر مان» مدعيا أنه مثله يطير فى الهواء، بينما نشاهد على أرض الواقع
مسلسلا أكثر سخافة وهو «الوزير العناب»، الذى يفرد جناحيه طائرا مع كل
الأنظمة، شاهدناه فى أثناء الحكم العسكرى ضابطا موجته تماما على القيادة
العسكرية ثم استقال لأنه كان ينتظر جائزة الدولة التقديرية، وذلك حتى لا
يجد نفسه مطلوبا تحت طائلة القانون لو تسلم 200 ألف جنيه قيمة الجائزة وهو
لا يزال وزيرا، جاء مرسى وتشكلت حكومة إخوانية فضبط موجته مجددا على
الإخوان، فهو يجيد اللعب فى نفس الوقت مع المثقفين ومع الإخوان، يضرب
شقلباظا هنا وشقلباظا هناك، واستقال فى أعقاب مظاهرات «الاتحادية» واعتقد
البعض أنه يثور من أجل الوطن، وردد بعضهم «عفارم عليك يا صابر»، ولكنه لم
يصدر بيانا يوضح فيه سبب الاستقالة التى تراجع عنها وعندما يسألونه عن
السبب يقول أحتفظ بالإجابة لنفسى، دائما يترك مساحة لكل طرف لكى يوهمه أنه
يقف فى خندقه، عندما قاطع عدد من المثقفين حفل ختام مهرجان القاهرة
السينمائى فى العام الماضى لأنه طبع مسودة الدستور الإخوانى استطاع بعد
بضعة أيام دعوة بعضهم فى لقاء لتصل الرسالة للرأى العام أن لديه قطاعا بين
المثقفين يؤيدونه.
إنه الوزير الاستبن، عندما مورست ضغوط على إيناس عبد الدايم دفعتها
إلى الاعتذار عن المنصب، كان هو منتظرا فى بدروم الدولة متحينا الفرصة، لقد
أجبر السلفيون إيناس على الاستقالة بعد أن هددوها بإشعال البلد، فقررت كما
ذكرت فى أكثر من موقع إخبارى أن تضحى بالوزارة لإنقاذ البلد، لا أتصور أن
تلك فقط هى الحقيقة ولكن داخل النظام الذى يقوده المستشار عدلى منصور هناك
أصوات هى التى طلبت منها ذلك، حتى لا يغضبوا السلفيين ووقفت الدولة كعادتها
فى المنطقة الرمادية، فجاؤوا بوزير لا طعم ولا لون ولا رائحة.
عدد من المثقفين اجتمعوا أول من أمس فى وزارة الثقافة وقعوا بيانا ضد
بقاء صابر فى الوزارة وقبل إصداره بلحظات، قال لهم الأديب الكبير بهاء طاهر
والأب الروحى للمعتصمين إنه تلقى اتصالا هاتفيا من صابر قبل ساعات قليلة
وقال له «لو المثقفين مش عايزنى أنا ح استقيل فورا»، وسألهم فقالوا له
بالإجماع نرفضه قول له يستقيل، اتصل به بهاء أمامهم جميعا وخفف فقط العبارة
فقال له «كل المجتمعين يريدون عودة إيناس» فتنصل صابر من وعده وقال له «معلهش
حلفت اليمين».
أؤكد لكم أنه سوف ينجح فى التحايل على عدد آخر من المثقفين وجزء منهم
لن يوقع على البيان الجديد حتى لا يضر بمصالحه مع صابر، الروح الانتهازية
عند بعضهم سوف تحرك المؤشر تجاه المكسب، صابر باعتباره موظفا قديما يعرف
مفاتيحهم ويقتنص الفرصة ويمنح مكافأة للبعض فيضمن ولاءهم. عديد من المثقفين
يتطلعون إلى الأوراق التى فى حوزة الوزير، وهناك من ينتظر جوائز الدولة وهم
كثر، عديد منهم سوف يفكرون ألف مرة هل لصالحهم أن يخسروا الوزير الذى يشغل
أيضا موقع رئيس المجلس الأعلى للثقافة، فهو يضمن لهم من خلال موظفيه أن
يحصلوا على الجائزة ولهذا فسوف يفكرون ألف مرة قبل التوقيع على بيان ضده،
هناك أيضا قيادات المهرجانات الفنية الذين ينتظرون الدعم من الوزارة لن
يجازفوا بالتوقيع فيتعرضون للتضييق، عدد من الكتاب طموحاتهم لا تتجاوز أن
تطبع الدولة لهم كتابا أو مجموعة قصصية أو يرشحوا فى لجنة، الوزير يعرفهم
جميعا ويدرك كيف يتمكن من اللعب معهم وعليهم. حتى الصحافة ستصبح فى الجانب
الأكبر منها تبرئ ساحته كوزير.
إنه الوجه الانتهازى للمثقفين فلقد كانوا يدركون أن فاروق حسنى يدافع
عن فساد مبارك ويمهد المجتمع لتقبل التوريث، وعلى مدى ربع قرن أدخلهم
الحظيرة فلم يثوروا ضده، وكانوا يعلمون أن صابر عرب جاء به العسكريون
وبعدهم الإخوان لتنفيذ سياستهم وتعاملوا معه بأريحية منقطعة النظير، بعضهم
فيهم شىء من صابر، لايق عليهم ولايقين عليه!
من هنا وهناك!
طارق الشناوي
17/7/2013 4:40 ص
لا يخلو عديد من المسلسلات الرمضانية من شخصية الداعية، عشنا عاما فى
ظل هذا الكابوس الإخوانى، فكان ينبغى أن تتوجه الدراما إلى فضح التناقضات
والازدواجية التى شاهدناها فى «الميديا» بعد انتشار هؤلاء الدعاة الذين
ملؤوا الشاشات، الكاتب مدحت العدل كان مباشرا فقدم «الداعية» حيث تجد
تطابقا فى الملامح بعدد من مشاهير الدعاة، بل ويتطابق أيضا الزمن الواقعى
مع الأحداث، وهناك من يغوص فى الزمن نحو 30 عاما، مثل وحيد حامد فى «بدون
ذكر أسماء»، الذى تجرى أحداثه فى منتصف الثمانينيات، وهناك أعمال كانت
تتحرك مع فارق زمنى محدود تفصله عن اللحظة الراهنة إلا أنها تشير إلى ما
نعيشه الآن مثل «نيران صديقة» و«موجة حارة».
من المؤكد أن صُناع هذه الأعمال الدرامية وغيرها كانت لديهم أسبابهم
فى هذا التوجه، فهم يواجهون قوة تملك فى يديها السلطة وتريد أن تستحوذ على
كل شىء، ووجدوا أن تلك الشخصية من الممكن أن تصبح هى عنوان المرحلة الفنية
القادمة.
هذا هو حال الدراما دائما، فى نهاية الثمانينيات تنبهت الدولة المصرية
إلى تغلغل شركات توظيف الأموال، حيث كان التيار الإسلامى يحاول أن يستحوذ
على البنية التحتية لمصر، وأراد أن يصبح قوة اقتصادية موازية للسلطة تستطيع
أن تنافس بل تتفوق على الدولة ثم تصبح بعدها هى الدولة، كانت تلك الشركات
تمنح أرباحا تعدت 20% سنويا من قيمة رأس المال، وهكذا تهافت كل المصريين
ووضعوا تحويشة العمر فى هذه الشركات التى التصقت بالدين، ثم استيقظ
المصريون على الخدعة الكبيرة عندما اكتشفوا أن أموالهم تتم المضاربة بها فى
البورصة ووجدتها السينما فرصة، فلم تكن الدراما التليفزيونية قد حققت هذه
الانتعاشة، أتحدث بالطبع عن زمن ما قبل الفضائيات، الكل كان يلهث وراء
تقديم شخصية بذقن طويلة ينشئ شركة ويسطو على الأموال، سألت وقتها الراحل
صلاح أبو سيف متى يقدم فيلما عن تلك الظاهرة، قال لى ضاحكا عندما يتم الكشف
عن كشوف البركة.. كانت قد ترددت أسماء عدد من كبار المسؤولين يتقاضون
أموالا حتى يحققوا حماية أدبية وإعلامية لهذه الشركات -ملحوظة وحتى الآن لم
يتم الكشف عن تلك الأسماء- وأضاف أبو سيف عندما فكرت فى تقديم فيلم
«الفتوة» عشت أنا والسيد بدير ونجيب محفوظ نراجع كل تفاصيل السوق والعرض
والطلب والاحتكار وكان من الممكن بتلك الدراسة أن نحصل على الدكتوراه،
ولكننا بعد عام من المعايشة كتبنا معا السيناريو.. الدراما ستظل فى مرحلة
قادمة تلهث وراء شخصية الداعية ولكن أتمنى أن نستفيد من درس أبو سيف وحتى
لا تصبح موجة وتعدى، نحتاج إلى مرحلة زمنية لالتقاط الانفاس.
***
هل نور الشريف بحاجة إلى أن يُطل علينا بـ«خلف الله» أم أن الاعتذار
كان أفضل، عندما لا نجد ما نقوله فلماذا نقول أى كلام.
هل حسين فهمى بحاجة إلى أن يسبقه لقب نجم، فإذا لم يكن هو نجما فمن هو
النجم.. ربما كان الفنان عندما يكتب اسمه تاليا فى عمل فنى لزميل آخر يجد
نفسه مضطرا إلى أن يقول للجمهور أنا نجم، مثلما حدث فى «العراف»، لأن البطل
عادل إمام ولكن لماذا يسبقه لقب نجم فى مسلسل «الشك» واسمه يتصدر العمل
الفنى.
هل لاحظتم فى التترات أن كل فنان وبعضهم من أنصاف المشاهير أصبح له
فريق عمل مكون من خمسة أو ستة أفراد، وكل منهم يتباهى بوضع أسماء اللبيس
ومساعده والكوافير ومساعده ومدير الأعمال ومساعده، وباتعة بتاعة الباديكير
ومساعدتها.
هل صارت اللهجة المصرية صعبة على ألسنة عديد من الفنانين العرب، ربما
كانت الحالة صارخة جدا مع منذر رياحنة الذى أحبه الجمهور وتعاطفوا معه
رمضان الماضى فى «خطوط حمراء»، ثم وجدوه غير قادر على نطق المصرية فى
«العقرب»، ما يثير دهشتى فى الحقيقة ليس منذر، لأن علاقته باللهجة المصرية
لم تتجاوز عاما، بينما جمال سليمان يقترب من عشر سنوات فى الدراما المصرية
ولا تزال تنضح على حواره اللهجة الشامية، حتى رغدة و90% من رصيدها على مدى
30 عاما هو الدراما المصرية، هذا العام فى «الشك» كانت بين الحين والآخر
تنطق بالشامية، هل السبب هو انتشار المسلسلات التركية المدبلجة بالشامية
فأثرت حتى على نطق الممثلين العرب؟
درية وإيناس وأخواتهما!!
طارق الشناوي
16/7/2013 5:28 ص
قالها صلاح جاهين «البنت زى الولد»، وطبّقها حازم الببلاوى، فصار
لدينا خمس نساء لأول مرة فى مجلس الوزراء المصرى.. مها الرباط «الصحة»،
وليلى راشد «البيئة»، وداليا السعدنى «البحث العلمى»، ودرية شرف الدين
«الإعلام»، وإيناس عبد الدايم «الثقافة»، سوف أكتفى بحكم التخصص بوزيرتى
الثقافة والإعلام، لا أتصورها مجرد صدفة أن تسند حقيبة الإعلام إلى درية،
وأن تمسك إيناس بحقيبة الثقافة، من الواضح أن الدولة بعد عامين ونصف العام
تنقّلت خلالها من سطوة العسكريين إلى تمكين الإخوان، تتنفس الآن عبير
الدولة المدنية.
اعتلاء إيناس الكرسى أشبه فى دنيا المسرح بالانقلاب الدرامى، كان علاء
عبد العزيز الوزير الإخوانى قد قرر فى لحظة تجلّى أن ينهى انتدابها كرئيسة
لقطاع الأوبرا دون ذكر أسباب، ربما لأن النظام الإخوانى بطبعه يحرّم الفن
ولا يرى فى الباليه سوى عرى فى عرى، بل إن أحدهم كان يطالب بباليه شرعى،
إيناس لم تكن مجرد رئيسة للبيت جاءت بعد الراحل راقص الباليه العالمى عبد
المنعم كامل، بل هى واحدة من أهم العازفات على آلة الفلوت فى أوركسترا
العالم.. الأوبرا والباليه والموسيقى حياة كاملة تعيشها، مَن يتذكر ما فعله
وزير الثقافة السابق سيكتشف أنه قبل أن ينهى انتداب إيناس أطاح بأكثر من
مسؤول كبير فى الوزارة، ولم يحدث اعتراض إلا أنه بمجرد اقترابه من إيناس
انقلبت الدنيا ولم تقعد واعتصم العاملون بالدار أمام مكتبها، وانفرط العقد
واحتل المثقفون الوزارة، بالطبع لا يكفى أن تكون فنانًا متميزًا لكى تصبح
وزيرًا ناجحًا، آمال عديدة يعقدها الجميع على إيناس، فالثقافة هى الطريق
الوحيد لمصر لكى تعبر للغد، مصابيح الفن والفكر كان المطلوب إطفاؤها أو
تحجيمها وتحجيبها لو أمكن، لتقدم إبداعًا وفق شروط إخوانية وسلفية.
ملفات الثقافة الجماهيرية والكتاب والمسرح والمهرجانات السينمائية
التى تبدّلت بين أكثر من وزير كلها بحاجة إلى نظرة شاملة ومتعمقة، يطل
علينا مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ولم يعد أمامنا الكثير من الوقت،
لأن موعده فى نهاية نوفمبر، من المؤكد أن المدة المتبقية لا تسمح بإعادة
هيكلة المهرجان ووضع قواعد محددة لكل المهرجانات الأخرى التى تتلقى دعمًا
من وزارة الثقافة، مثل «الإسكندرية»، إلا أن الحد الأدنى هو أن يتم الاتفاق
على تيسير هذه الدورة وبعدها تحتاج كل المهرجانات إلى ضبط وربط.. الثقافة
درعنا الواقية عانت فى زمن مبارك على يد فاروق حسنى من تدجين المثقفين
بدفعهم إلى الحظيرة، ثم أرادوا الإجهاز عليها تمامًا فى زمن الإخوان.
أمسكت بحقيبة الإعلام درية، فهى واحدة من نجماته، الوزارة ليست مجرد
المبنى الضخم المطل على النيل ويضم أكثر من 40 ألف موظف، ولكنه أحد أسلحة
أمننا القومى، عانى الإعلاميون الكثير منذ أن قامت ثورة 25 يناير، فهو
المتهم الأول بالتضليل وحتى الآن لم يبرأ العاملون من هذا الاتهام، تتابع
على رئاسة الاتحاد فى ظل الحكم العسكرى اللواء طارق المهدى ثم د.سامى
الشريف أستاذ الإعلام، الذى كان قريبًا بتكوينه الشخصى والفكرى إلى
العسكريين، وبعد ذلك تولى أسامة هيكل المسؤولية كوزير، وكان صوتًا للمجلس
العسكرى، ثم جاء الإخوان برجلهم صلاح عبد المقصود الشهير بـ«تعالى وأنا
أقولّك فين»، تتولى الإعلام لأول مرة واحدة من أبنائه، درية بدأت مشوارها
فى إذاعة «الشرق الأوسط» وانتقلت إلى التليفزيون قارئة للنشرة ثم قدمت أهم
برنامج ثقافى «نادى السينما» الذى كان يعرض مساء السبت، ليصبح نافذة حقيقة
لجيل تفتح وعيه فى الثمانينيات قبل اختراع «الفيديو» على هذا البرنامج
التنويرى، أتذكر أن الفنان الكبير محمود مرسى أستاذ مادة «التكوين الدرامى»،
كان يحرص على أن يصبح موعد محاضرته صباح الأحد، ليناقش معنا فى معهد
السينما الفيلم الذى شاهدناه بالأمس.
الشاشة المصرية بلا مصداقية ولا جاذبية، الميزانيات تلتهمها أجور
العاملين ولا يتبقى شىء للإبداع، وعلى جانب آخر توحّش الفساد فى جنبات
المبنى دراميًّا وبرامجيًّا.
دخل التليفزيون رمضان وهو مهزوم، لا برنامج مميز ولا مسلسل كبير،
وأتصور أن شركات الإنتاج الخاصة لن تبخل لو طلبت منهم درية دعم الشاشة فى
الأسابيع الثلاثة المتبقية من رمضان، ويبقى الأهم وهو خطة محددة الزمن
لعودة الروح إلى ماسبيرو، فهو لا يزال يتنفس تحت الماء!!
«المبارَكيون
الجدد» المعركة القادمة!
طارق الشناوي
15/7/2013 3:02 ص
مع أول ليلة سحور وأنا قابع أمام الشاشة أمسك بالريموت أنتقل من مسلسل
تجذبنى حالته الفنية مثل «موجة حارة» و«بدون ذكر أسماء» و«ذات» و«نيران
صديقة» و«آسيا» و«فرعون» إلى مسلسل أشاهده بحكم المهنة التى تقتضى أن أتحمل
السيئ طالما قررت أن أكتب عنه مثل «مزاج الخير» و«الشك» و«القاصرات»
و«العقرب» و«الزوجة الثانية» و«العراف» و«حكاية حياة».. وهناك مسلسلات تقف
على الخط الفاصل فى تلك المرحلة الرمادية عندما تفوتك حلقة تقول بركة يا
جامع مثل «الركين» و«فرح ليلى» وما ينطبق على المسلسلات يتكرر فى البرامج،
التى وجد بعضها الفرصة مواتية فى هذه المرحلة الضبابية لكى يعيد زمن مبارك،
واعتبروا أن الثورة كانت نكسة مثل سماح أنور وبرنامجها «هى الحالة إيه»،
أشعر أن هذه هى البداية لمعركة فضائية قادمة تلوح فى الأفق للانتقام من كل
من يمت بصلة لثورة 25 يناير، والأمر ليس عشوائيا ولكنه مدبر، وما نراه الآن
فى عدد من البرامج هو طبول الحرب تمهيدا لدخول الدراما العام القادم بكل
ثقلها فى رمضان 2014.
يجب ملاحظة أن الانطباعات الأولى ليست بالضرورة هى الانطباعات
الأخيرة، قد يخذلنا مسلسل كان واعدا فى البداية، السمة المشتركة فى أغلب
المسلسلات هى أن هناك جرأة فى استخدام الألفاظ، لا أميل إلى تلك المحاكمات
الأخلاقية، حيث نجد البعض يمسك الآلة الحاسبة ويبدأ فى الرصد ليحدد بالضبط
كم عدد الكلمات واللقطات التى يعتبرها خارجة، لقد أعجبنى مثلا هذا التنويه
الذى أشار إليه صانعو مسلسل «موجة حارة» عندما تصدر المسلسل «أنه مقدم
للمرحلة العمرية بعد 18 عاما»، كما أن بعض حلقات من مسلسل «القاصرات» كتب
عليها تحذير، وإن كان اختيار المخرج مجدى أبو عميرة صاحب الباع الطويل فى
الأعمال الدرامية لشخصية مريض بالرغبة فى الزواج من الأطفال تبدو فيها
الجرعة متجاوزة المنطق والقدرة حتى على تواصل المشاهدة، الجرأة فى الألفاظ
انعكاس منطقى لتغيير القاموس اليومى فى التعامل، العالم الافتراضى فى شبكة
التواصل الاجتماعى كسر العديد مما كان يعد من «التابوهات» اللفظية التى
باتت تستخدم الآن وبكثرة فى لغة التخاطب اليومى بدون أى إحساس بالدهشة، 80%
من كتاب الدراما لأغلب المسلسلات الرمضانية هم من شباب جيل الروشنة ومن
البديهى أن تُصبح هذه هى مفرداتهم.
البرامج هذا العام تحتل المرتبة الثانية فى القدرة على الجذب، لم أجد
بينها الجديد فى الفكرة، ولكن لا شك أن محمود عزب فى «الوش التانى» يبذل
جهدا ملحوظا فى استحضار الشخصيات، وسعد الصغير يقدم حالة فى برنامجه
«المولد» تعيد تلك الثنائية التى جمعته فى العديد من الأفلام مع الراقصة
دينا، ونيشان فى «أنا والعسل» يتحرك بقوة دفع العام الماضى، بينما هالة
سرحان فى «هالة شو» تكتفى بأن تستضيف يوميا هالة سرحان.
تبقى الأسئلة عن ظاهرة زيادة مساحة الحرية فى انتقاد الإخوان دراميا
وبرامجيا، أكثر من فضائية وعدد من الزملاء سألنى: هل النظام الذى حكمنا
لمدة عام كان ديمقراطيا بدليل سماحه بهذا الكم من الانتقاد؟
الحقيقة أنه كان نظاما ضعيفا لا يملك تحمل تبعات قرار المصادرة، كان
يتمنى، ولكنه لم يستطع، مبارك على مدى 30 عاما كانت لديه سلطة على «الميديا»
كلها، وإذا كانت بعض الفضائيات الخاصة فى السنوات الأخيرة من حكمه تتناول
مثلا قضية التوريث فى سؤال لنجم أو مسؤول إلا أنها كانت تضمن مسبقا أن أغلب
الإجابات سوف تصب لصالح دعم مشروع التوريث.
ثورة 25 يناير أنهت من القاموس تماما قدسية الحاكم، الحرية لم يمنحها
النظام للشعب، ولكن انتزعها الناس، كتاب الدراما ومقدمى البرامج استشعروا
أن هناك خطرا يعيشونه، لم يتصور أحد أن الإخوان سوف يتركون الحكم بعد ثورة
30 يونيو، ولكن كان لديهم يقين بأن لا بديل عن مقاومة الإخوان بالدراما
والبرنامج، لو عرضت هذه الأعمال التليفزيونية والإخوان على قمة السلطة لكان
لها مردود أكبر، فلا بطولة فى انتقاد نظام تداعى جماهيريا قبل أن يموت
إكلينيكيا.. ويبقى الفصل القادم من المعركة الفضائية بعد نهاية زمن
الإخوان، وهذه المرة أراها أشد شراسة، أنها مع «المباركيين الجدد»، يريدون
الانتقام من ثورة 25 يناير، وترقبوها، لأنها سوف تحتل، فى ما يبدو، قريبا
المشهد كله!!
المقاطعة لا تليق بمصر!
طارق الشناوي
14/7/2013 3:21 ص
سوف أضرب لكم مثلًا، لو أن لدينا فنانًا قرر أن يشارك فى اعتصام
«رابعة العدوية»، فهل من اللائق والمنطقى أن نُصدِر أمرًا بمقاطعة أعماله
الفنية وبمحاصرته ووقف التعامل معه، ولو أن لديه مثلًا مسلسلًا معروض فى
رمضان ندير «الريموت» بعيدًا عنه؟
أعلم أن أغلب المعتصمين فى رابعة يحرِّمون الفن وأن الفنان الذى لديه
توجه إخوانى فى العادة يقدم فنًّا بعيدًا عن روح الفن الحقيقية، ورغم ذلك
فلا يمكن أن تصبح المقاطعة هى السلاح الذى نشهره فى وجه من يختلف معنا
سياسيًّا، على سبيل المثال وجدى العربى بدأ قبل 30 يونيو بروفات تقديم
مسلسل «كوفى شوب» بلا نساء أو موسيقى، واعترضت وقتها على المسلسل كعمل فنى،
ولكنى لم أطالب بمصادرته فى وجود الإخوان، ولن أطالب أيضًا بذلك بعد رحيلهم.
الغريب أن نقابة السينمائيين أصدرت مؤخرًا بيانين لهما مذاق المصادرة،
الأول طالبت فيه العاملين المصريين فى القناة بتقديم استقالاتهم. لماذا لا
نؤمن أن من حق كل إنسان أن يختار الموقف الذى يعبِّر عنه؟ ثم إن النقابة
بعد هذا النداء تُحِيل حتى استجابة المصريين -لو استجابوا- إلى مجرد موقف
باهت لا يعبِّر عن قناعة، كانت الدولة أيام مبارك تعتبر «الجزيرة» هى الشر
بعينه وتطارد العاملين فيها وكثيرًا ما أغلقت مكتبها، ورغم ذلك كنا -أقصد
أغلبنا- ندافع عن حق «الجزيرة»، فلقد كانت أحد أهم النوافذ التى تنقل
للعالم ثورة 25 يناير، نعم أمواج عديدة جرت تحت الجسر وصارت القناة صوتًا
للتيار الإسلامى، ولكن هذا لا يعنى أبدًا أن يصبح الحل هو إغلاقها وحثّ
مذيعيها المصريين على الاستقالة.. لقد كانت هذه هى خطة رجال بشار الأسد ضد
السورية رولا إبراهيم مذيعة «الجزيرة»، بل وأجبروا أهلها فى حمص على
التبرُّؤ منها.
كان هذا هو بيان النقابة الأول، أما الثانى الذى أصدرته بعد ذلك فهو
مقاطعة الأعمال التركية، لقد لجأنا إلى هذا السلاح فى أعقاب هزيمة 67 وكانت
أمريكا ضالعة فى دعم إسرائيل عسكريًّا وسياسيًّا، فأصدرت وقتها وزارة
الثقافة المصرية قرارًا بمقاطعة الفيلم الأمريكى، وفى تلك الأثناء التى
شهدنا بديات البثّ التليفزيون المصرى. لم يكن هناك «فيديو» ولا «سى دى» ولا
فضائيات، أى أن المقاطعة السينمائية كانت بالفعل ستؤدى الغرض منها، ورغم
ذلك فإن هذا القرار لم يستمر سوى عدة أسابيع قليلة ومن بعدها عاد مرة أخرى
الفيلم الأمريكى إلى دور العرض.
لا مقاطعة للذوق، ثم من قال إن الفيلم الأمريكى يعبِّر عن السياسة
الأمريكية؟ وأيضًا المسلسل التركى لا يعبر رسميًّا عن الدولة التركية، بل
إن أردوغان أعلن أنه غير راضٍ عن الأعمال الدرامية، وهاجم مسلسل «حريم
السلطان»، ولكنه لم يجرؤ على مصادرته.
يجب أن يصبح الهدف هو الحرية، ولا يمكن أن تتحرك الثقافة والفن كتابع
للمواقف السياسية التى هى بطبعها سريعة التغيير ولا تثبت على حال.
كان مبارك معاديًا للسياسة الإيرانية، وكردّ فعل كانت المهرجانات
والتظاهرات السينمائية تتحرج فى دعوة أى فنان إيرانى، بل إننى أتذكر أنه
عندما سمحت نقابة السينمائيين باستقدام ماكيير إيرانى قبل أربع سنوات فى
مسلسل «جمال عبد الناصر» اعتبرها البعض خيانة عظمى للوطن واختراقًا للأمن
القومى. لقد شهدت العلاقات المصرية الإيرانية انفراجة فى زمن مرسى، وقد
تشهد تضييقًا قادمًا فى زمن عدلى، ولكن علينا أن لا نعتبر الفيلم أو
المسلسل أو الفنان طرفًا فى ذلك النزاع، ثم مَن يعاقب ذائقة المشاهدين
المصريين الذين يفضِّل قسط وافر منهم الدراما التركية؟ الأكثر من ذلك أن
البطلة التركية سونغول التى أدت دور «نور» تشارك هذا العام وباللغة التركية
فى بطولة مسلسل «تحت الأرض» أمام أمير كرارة، فهل نقاطع أيضًا هذا المسلسل؟
سوف أصل معك إلى النهاية، وأفترض أن كل القنوات المصرية حكوميةً
وخاصَّةً قررت أن تقاطع الدراما التركية، فهل يتصور أحد أن الفضائيات
العربية ستستجيب هى أيضًا لنقابة السينمائيين المصريين؟
انتهى زمن المقاطعة العشوائى الذى يعود بنا إلى عقود للخلف دُر، ننسى
فيها أن الإنسان عليه أن يدافع عن الحرية كمبدأ، فلا توجد حرية على المزاج،
من نحبه نمنحه حرية التعبير ومن نخالفه الرأى نطالب بمصادرته. أرجو أن
تراجع نقابة السينمائيين تلك البيانات العشوائية التى لا تليق بدورها ولا
تاريخها ولا بمصر بعد 30 يونيو!
من «ذات» إلى «العراف»!
طارق الشناوي
13/7/2013 12:34 ص
من الممكن أن تلاحظ فى نظرة بانورامية على دراما رمضان، أن الصراع لا
يزال محتدمًا بين دراما الشخصية المحورية ودراما القضية، أقصد الأعمال
الفنية التى تدور فى فلك البطل أو البطلة سواء حملت اسمه أم لا ودراما
تُصبح القضية هى البطل، مسلسلات مثل «العراف» عادل إمام، و«نكدب لو قلنا ما
بنحبش» يسرا، و«فرح ليلى» ليلى علوى، و«آسيا» منى زكى، و«حكاية حياة» غادة
عبد الرازق، و«فرعون» خالد صالح، و«الكبير قوى» أحمد مكى، و«خلف الله» نور
الشريف، و«صقر شاهين» تيم حسن، على سبيل المثال هؤلاء الأبطال يحتلون بؤرة
«الكادر»، بينما يكمل باقى الممثلين رتوش الصورة، وعلى الجانب الآخر هناك
مسلسلات القضية أقل فى العدد مثل «بدون ذكر أسماء» روبى وأحمد الفيشاوى
وأحمد راتب وعبد العزيز مخيون، أو «نيران صديق» منة شلبى ورانيا يوسف وعمرو
سعد وكندة علوش، و«الشك» حسين فهمى ورغدة ومى عز الدين، و«ذات» نيللى كريم
وانتصار وسلوى محمد على وأحمد كمال.
لن تختفى فى سوق الدراما تلك الأعمال الفنية التى تُصنع ليس فقط على
ملامح النجوم، لكن وفق إرادتهم ورغباتهم المعلنة بل والمكبوتة، طالما أن
هؤلاء النجوم يملكون القرار فى توجيه رأس المال، ربما كانت السينما
باعتبارها سينما النجوم تظل رهينة بالقسط الأكبر بتلك القاعدة، ومن الصعب
أن تتحرر يكفى أن نذكر أنه منذ منتصف الثمانينيات وعلى مدى عشر سنوات كان
ما يزيد على 50% من الأفلام المصرية تُكتب وفى ذهن المؤلف أنه يفصل الدور
على مقاس عادل إمام كان يكفى أن يقول نعم ليجد بعد ذلك أن شركات الإنتاج
ترصد الميزانية.
المسلسلات التليفزيونية منذ نشأتها فى مصر قبل 50 عامًا كانت هى دراما
القضية، لكن مع هجرة نجوم السينما منذ 15 عامًا إلى التليفزيون تغيرت
المعادلات الإنتاجية، وهو ما واكب أيضًا الانتشار الفضائى، صارت الدراما فى
أغلبها تحاول إرضاء النجوم، وتبدلت العلاقة بين المخرج والنجم، لأن العصمة
انتقلت إلى يد النجوم ومن الممكن أن تلاحظ ذلك فى فارق الأجور قال لى أسامة
أنور عكاشة إن أجره والمخرج إسماعيل عبد الحافظ فى «ليالى الحلمية» قبل ربع
قرن كان يزيد على أجر الأبطال يحيى الفخرانى وصلاح السعدنى وصفية العمرى.
ورغم ذلك لا تستطيع أن تعتبر أن دراما القضية هى التى تنتصر بالضرورة،
عدد من الأعمال الفنية التى كانت تراهن على القضية المحورية فشلت فى الوصول
إلى الناس، لأنها لم تُمسك بعمق الفكرة، ربما لا يزال الوقت مبكرًا للحكم
على الأعمال الفنية برأى قاطع، ولكن نتوقف أما نموذجين يقفان على طرفى نقيض
«العراف» و«ذات».
«العراف» كان يستهلك الكثير من الوقت تمهيدا لظهور عادل إمام كشخصية
محورية تملك كل المفاتيح، مثلما شاهدناه العام الماضى فى «فرقة ناجى عطالله»
فهو القوة الضاربة التى اعتمد عليها العمل الفنى، لم يكتف فى الحلقة الأولى
بإضاعة ربع ساعة فى تقديم حفل فى فيلا «زكى فطين عبد الوهاب»، لكنه أيضًا
فى الحلقة الثانية لا يجهد نفسه فى تقديم رؤية بصرية، فهو فقط يعنيه عادل
إمام الذى ينتحل شخصية لواء فى شرطة مكافحة التهرب الضريبى يتكرر الحوار مع
ثلاثة شخصيات وبنفس المفردات، البطل على المكتب ويذهب إليه ثلاثة من رجال
الأعمال تباعًا، وكأننا بصدد فصل مسرحى والكاتب فى النهاية يعتمد على أن
الجمهور سيكتفى برؤية عادل إمام، المخرج يمسك فى يديه ورقة تقش إنها
الجاذبية التى من أجلها ينتظر الناس نجمهم المفضل، على الجانب الآخر «ذات»
قد يبدو من العنوان أنه دراما تروى وتتحرك من اسم البطلة «ذات»، لكنك فى
الحقيقة ترى تاريخ مصر المعاصر منذ عام 52، البطلة مولودة يوم 23 يوليو
والناس سنويًّا تحتفل يعيد ميلادها وعيد ميلاد مصر، كثير من المفردات
قدمتها كاملة أبو ذكرى بجهد إبداعى على مستوى تفاصيل الصورة والصوت برؤية
سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية، بينما رامى إمام فى «العراف» معه البطل
الذى تنتظره الملايين، فما الذى يدعوه لكى يضيف شيئًا، الشاشة فى «ذات» فى
أول حلقتين مليئة بالثراء والحيوية، بينما البلادة هى التعبير الوحيد الذى
يفرض نفسه على شاشة «العراف»!
الحنين إلى الفرحة!
طارق الشناوي
11/7/2013 1:33 ص
فى ليلة رمضان تجولت فى الشارع كان لدى إحساس أن الأحداث الأخيرة التى
يعيشها الوطن ستقضى على مشاعر الفرحة بهذا الشهر الكريم، وأن الزينات فى
الشوارع ستخفت أو على الأقل ستتضاءل، إلا أن الحقيقة هى أن هذا الشعب قرر
أن يعيش الحياة,
وفى أول اختبار له أمسك بطوق النجاة، شهر رمضان بفرحته الصافية وفوانيسه
التى وجدتها كالعادة تتدلى من شرفات البيوت وتتصدر واجهات المحلات.
الخريطة الرمضانية التى كنت أستشعر أنها سوف تنكمش اتسعت واحتلت على
الفضائيات مساحة مميزة، وبدأت تسرق الاهتمام من برامج «التوك شو» التى
تعودت أن تختفى مع الشياطين فى رمضان، إلا أنها هذا العام بسبب اضطراب
الأحداث السياسية اكتفت بنصف اختفاء.
الناس لا تضبط أحاسيسها بموجة جديدة ومختلفة فى رمضان ولكن حنينهم
للسعادة دفعهم إلى الإمساك بتلك اللحظات.
أغلب المصريين سعداء بأنهم أزاحوا الكابوس الإخوانى عن الحكم، ولا
يمكن فى ظل أى معادلة سياسية قادمة أن يعودوا للحكم، ولكن من المستحيل
أيضًا إذا أردنا لمصر الاستقرار أن ندعو إلى الإقصاء أو وضعهم فى «جيتو»
خاص، ليس من صالح مصر بعد 30 يونيو أن تقصى أحدًا، حتى لا نكتشف أن هؤلاء
مع الزمن قد صاروا قنابل انتقام موقوتة لا تدرى متى أو أين يتم نزع الفتيل.
نعم مصر تعيش فرحتها وميدان التحرير احتفل برمضان بمائدة ضخمة مساء
أمس يُقال إنها ستدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية، كما أن الاحتفالات
الغنائية لم تتوقف فى الميدان، ليظل التحرير عنوان مصر الأثير فى ثورتها
وفرحتها.
الحالة الرمضانية خارج الميادين مجسدة على الشاشة الصغيرة من خلال
المسلسلات، شاهدت بعض الحلقات الأولى منها ليلة أول من أمس وواصلت أمس ولا
أستطيع بالطبع أن أكتب رأيًا، ولكن هناك ولا شك إرهاصات وانطباع ما طرحته
تلك اللمحات الأولى أفضل الآن أن أحتفظ بها لنفسى.
الإذاعة التى كانت قد خاصمَت الأغنيات العاطفية فى الأيام الماضية
عادت لترديدها، ولا يزال لرمضان مهما تعاقبت السنوات والأغنيات عنوان واحد
فقط للاحتفال بقدومه، «رمضان جانا» لعبد المطلب، وعنوان آخر لوداعه فى
الأسبوع الأخير مع صوت شريفة فاضل «هلّ البدر بدرى والأيام بتجرى». أما
أهمّ ملمح رمضانى فهو موائد الرحمن التى تنتشر فى كل الأحياء معلنة أن
الخير لن يغيب أبدًا عن ربوع مصر.
إلا أن فى «رابعة العدوية» جزءًا منَّا يعيشون كل طقوس رمضان، موائد
إفطار وسحورًا، مواصلين الاحتجاج، نرفض أفكارهم ولكننا لا نُقصِيهم عن
المشهد، يعيشون هزيمة نفسية، الشباب الذى تم غسل أدمغتهم هم جزء من نسيج
المجتمع علينا أن نمد أيادينا إليهم ليصبحوا جزءًا فاعلًا فى المجتمع،
لصالحنا جميعًا أن لا يشعروا بالإقصاء، كان اعتلاء كرسى الحكم بالنسبة
إليهم لحظة زمنية مجنونة اختلَّت فيها موازين القوى ووقف المصريون حائرين
بين نارين فاختار أغلبهم بفارق ضئيل جدًّا نار الأخوان.
محمد مرسى وعد المصريين بحكم عصرى ودولة مدنية، ثم أخلّ بشروط التعاقد
فأزاحه الشعب بواحدة من أقوى مظاهر الديمقراطية، لا يستطيع أحد الادعاء أن
هذه الملايين الهادرة مضلَّلة، قد تختلف الأهداف والدوافع فى ذهابها إلى
الميادين، 90% على أقل تقدير هم من المؤمنون بثورة 25 يناير ويحملون فى
أعماقهم نقاءها الثورى، يريدونها ثورة لكل المصريين، لا أنكر أن هناك من
ذهب إلى الميدان ولديه نقمة على الثورة معتقدًا أنه يثور فى 30 يونيو على
الثورة التى أطاحت بمبارك فى 25 يناير، ولكن هؤلاء لا يتجاوزون 10%، وسوف
يختفى صوتهم مع الزمن ليبقى فقط النقاء الثورى.. أما أهالى رابعة العدوية
فيجب أن نسعى لاحتوائهم، السلطة السياسية تعرض عليهم بعض الحقائب الوزارية
ولا يزالون رافضين، مرسى لن يعود لحكم مصر لأن الملايين الذين يشكلون
الأغلبية أسقطوه، ولا يمكن أن يجادل أحد فى تلك الحقيقة، إلا أنهم لن يتم
التعامل معهم كجماعة محظورة كما كانوا أيام مبارك، من حقهم أن يوفِّقوا
أوضاعهم كجمعية تابعة لوزارة التضامن ويمارسوا نشاطهم فى الحياة.. المصالحة
الوطنية هى الجسر الذى يجب أن نعبره جميعًا، كل منا يتحرك خُطوات تجاه
الهدف، إنها لحظات فرح مسروقة نتمنى قبل نهاية شهر رمضان أن تحتوى كل
المصريين.
رمضان على إيقاع 30 يونيو!!
طارق الشناوي
9/7/2013 5:19 ص
مساء اليوم سوف تتابع كل القنوات وهى تحاول كعادتها أن تسرق الاهتمام
لتعرض البضاعة التى لديها من مسلسلات وبرامج رمضانية، هل أنت حقًّا فى حالة
نفسية تسمح لك أن تشاهد عادل إمام «العراف» ومنى زكى «آسيا» وخالد صالح
«فرعون» وغادة عبد الرازق «حكاية حياة» وهانى سلامة «الداعية» وغيرها
وغيرها؟ هل يعنيك فى كثير أو قليل إذا كانت يسرا قد غيّرت جلدها كما تؤكد
فى «نكدب لو قلنا ما بنحبش»؟ هل أنت حقًّا يشغلك مصير «واوا» هيفاء وهبى
وتريد أن تتأكد أنها فى «مولد وصاحبه غايب» قد أنزلت هزيمة نكراء بغريمتها
فى المسلسل فيفى عبده؟ هل تحن لكى تشم رائحة دخان الحشيش فى «مزاج الخير»
وهو ما يعد به مصطفى شعبان جمهوره الذى ينتظره ليكمل الثلاثية بعد «العار»
و«الزوجة الرابعة»؟
المشاهد الذى تعوّد فى الماضى أن يمسك «الريموت كنترول» وينتقل من
قناة إلى أخرى هل هو حريص هذه المرة أيضًا أن يضبط مواعيده على هذا
البرنامج متلهفًا أن تكشف فلانة عن أسباب طلاقها وتروى علانية عن عدد
المرات التى خانت فيها زوجها؟لن تستطيع كل هذه القنوات حتى المتخصصة منها
فى الدراما أو المنوعات أن تعزل الشاشة عن الشارع.. الثورة التى تعيشها مصر
تجعل من المستحيل أن نتحول فى لحظات إلى كائنات تليفزيونية وننصب أمام
الشاشة الصغيرة كما تعودنا فى مثل هذه الأيام خيمتنا الرمضانية.. ألم تلاحظ
أن عدد المهنئين بحلول شهر رمضان ولو حتى برسالة تليفونية قد تضاءل بالقياس
بالعام الماضى، لقد انخفض إلى أكثر من النصف بيع الفوانيس، أليس هذا مؤشرًا
عن أن ما يجرى فى الشارع ألغى كثيرًا من الطقوس الرمضانية المعتادة.
الحالة المزاجية للجمهور لا شك لعبت دورًا فى كل هذه المتغيرات،
تستطيع أن ترى أنه قبل عشرة أيام حدث تراجع فى إيرادات الأفلام والعديد من
دور العرض أغلقت أبوابها، لأن الناس إما فى الميادين أو أمام الشاشة
يتابعون ما يجرى فى الميادين، ربما والحال كذلك سوف نجد أن الحل هو أن
تتحول الأعمال الدرامية والبرامج إلى فواصل قصيرة بينما البث المباشر من
ميادين «التحرير» و«عبد المنعم رياض» و«رابعة».
إيقاع التغيير فى مصر جاء أسرع مما تصوّره صناع الدراما والمنوعات،
البرامج التى سجلت وهى تنتقد حكم الإخوان باعتباره الذى يمسك بمقاليد
الأمور فى البلاد سوف تتم إعادة المونتاج أو التسجيل مع عدد آخر من الضيوف
لتعانق اللحظة الراهنة بكل ملابساتها وتداعياتها، وهناك مؤثر جديد يجب أن
نضعه فى بؤرة الاهتمام وهو أن فضح جماعة تملك السلطة وتمارس الحكم يحقق
بالطبع حالة مكثفة من الاهتمام ويحتاج إلى قدر من الشجاعة بينما عندما تقدم
نفس الاتهامات وهم خارج السلطة يصبح رد فعل المشاهد أقل كثيرًا.. كان باسم
يوسف لديه الكثير من الحنكة والذكاء عندما أوقف برنامجه الجمعة الماضية،
فلا مجال للسخرية بنفس المفردات، بعد أن ترجّل مرسى بعيدًا عن السلطة.
بعض المسلسلات التى تتناول الدعاة أو جزءًا من تاريخ الجماعة لن تجد
نفس المردود، لأن الناس ترى الواقع ماثلًا أمامها، مسلسل مثل «نظرية
الجوافة» لإلهام شاهين والذى كانت «البروموهات» التى سبقت الثورة تقدّم
عددًا من مشاهده للجمهور وبه سخرية من الأصابع والقرد والقرداتى فى لمحات
مباشرة لمرسى، صارت الآن فى حاجة إلى إعادة نظر، ما كان يضحكنا على مرسى
وهو فى السلطة تغير بعد أن تم عزله عنها.
هل حقًّا سوف تمنح الصحافة تلك المساحات الضخمة التى ارتبطت كل عام
بشهر رمضان وتعتبره موسمًا مميزًا، ألم تلاحظوا أن أغلب الجرائد بما فيها
«التحرير» كانت تقلّص وكثيرًا ما تلغى صفحات الفن طوال الأيام الماضية.
إنها أوانى مستطرقة لا أعتقد أن رمضان 2013 سوف نعيشه مثل كل ما سبقه
من شهور رمضانية، أنا شخصيًّا كثيرًا ما أسأل نفسى: هل حقًّا رمضان جانا
وفرحنا به كما يقول عبد المطلب، أم من الأفضل هذه المرة تأجيل البرامج
والمسلسلات الرمضانية إلى «شوال»؟!
التحرير المصرية في
09/07/2013 |