في هذا المقال وهو الثاني عن فيلم "لورنس العرب"، سوف أتوقف أمام
شخصية لورنس كما يصورها سيناريو روبرت بولت وكما يجسدها إخراج جيفيد لين،
بحيث يصبح لورنس تدريجيا، أرفع مرتبة من البشر العاديين سواء في نظر نفسه
أو في أنظار مريديه وأتباعه من العرب. إنه بتناقضه الحاد مع البيئة الغريبة
التي يندمج فيها، يصبح مخلوقا من طبقة أدنى، نبيا أو مبشرا، يتبع من سبقوه
من الأنبياء. هذه النبوة (الزائفة بالطبع) هي من صنع الخيال الغربي الذي
بالغ كثيرا في تصوير ما قام به لورنس، ضابط الاستخبارات الإنجليزي في
الجزيرة العربية.
في أحد أهم مشاهد الفيلم يسير لورنس ووراءه خادمه "فراج"، وهو الذي
بقي معه بعد موت الخادم الثاني "داود" الذي تبتلعه الرمال المتحركة في
سيناء، لكنه يكتشف بعد قليل أنه فقد البوصلة التي كان يحملها. تبدأ عاصفة
صحراوية ويتطاير الرمل وتزمجر الريح، لكن لورنس ثابت يقيني يتجه بوحي خاص
نحو قناة السويس.. يتطلع الخادم إلى وجهه فيجده وقد تجمد وأصبحت عيناه
تحملقان في الفراغ. هل هي لحظة أخرى من لحظات "التجلي"؟ لا يجد الخادم
الفزع مما يؤاه سوى أن يرش لورنس بالماء لكي يوقظه من تلك الحالة الغريبة
التي تتلبسه. وأثناء عبور الصحراء يلمح لورنس عن بعد، عامودا من الدخان
يتصاعد إلى عنان السماء الزرقاء فيقول لفرج: أنظر.. إنه "عامود النار" فيرد
فيرد بدهشة" بل هو غبار. ويبتسم لورنس ويصمت صمت العالم بما يراه من
"معجزات" حوله. لقد جاء الضوء بديلا عن البوصلة المفقودة. إنه مقدر له أن
يصل إلى ما يريده.
في إشارته إلى عامود النار pillar of fire
يشير الفيلم إلى عامود النور المذكور في "التوراه" والذي كان ينير الطريق
للنبي موسى في سيناء أثناء خروج اليهود من مصر. هنا ليس من الممكن تجاهل
تلك الإشارة الواضحة في الفيلم إلى أسطورة "نبوة" لورنس.
وبعد أن ينجح لورنس في عبور القناة يتوجه إلى القاهرة مع خادمه
فراج، في حين مات الخادم الثاني بعد أن ابتعلته الرمال المتحركة. يلتقي
لورنس بالجنرال أللنبي ويخبره بالاستيلاء على العقبة. ويأخذ لورنس في شرح
الخطوات الاستراتيجية التالية التي يتعين على "الجنرال" اتخاذها، بينما
يصغي إليه أللنبي في هدوء ويسأله من حين إلى آخر: أترى ذلك؟ حقا؟ وما أهمية
هذا؟ لقد أصبح الضابط الآن أقوى من الجنرال، فهو الذي سيمنحه المجد.
وعندما ينتهي لورنس من شرحه وهو شبه منوم كأنه يستوحي، يقول له أللنبي
إنه سيرقيه إلى رتبة "ماجور" لكن لورنس يرفض بدعوى أنه لا يستحق: لقد قتلت
رجلين ياسيدي. أعنى اثنين من العرب.
أحدهما كان صبيا.. وكان هذا أمس. لقد قدته إلى الرمال المتحركة.
والآخر كان رجلا، كان هذا قبل العقبة.. كان يتعين علي أن أعدمه بمسدسي.
وكان هناك شيء في هذا لم أحبه..
يقول له أللنبي: هذا طبيعي. إلا أن لورنس يعود فيقول وهو سارح بعيدا:
كلا.. شيء آخر.. لقد استمتعت بما فعلت!
لورنس يستمتع بالقتل، كما يستمتع بالعذاب. ما نوعية هذا الرجل إذن؟
إنه نموذج مخيف بالنسبة لعلي. أما عند عودة أبو تايه، الفظ الخشن الذي لا
يفكر كثيرا، فهو رجل مخادع ليس من الممكن الثقة به.
إذا كان "علي" هو المؤمن الذي سيتبع لورنس مبهورا بقدراته الخارقة حتى
النهاية بعد أن كان متشككا في البداية، فإن عودة أبو تايه هو نقيض "علي".
إنه ذلك المتشكك، الجشع، الذي لا يؤمن سوى بالحصول على شيء مادي "مشرف" كما
يردد. هذا الشيء ليس أوراق البنكنوت التي يعثر على كميات كبيرة منها في
خزائن الأتراك في العقبة، ولا الغنائم الكثيرة العصرية المتوفرة في قطارات
الأتراك التي يهاجمونها على طريق سكة حديد القدس- الحجاز، بل الذهب أو
الخيل. وعندما يعثر على ضالته بعد نهب قطار كان محملا بالخيول العربية
الأصيلة الرائعة، يريد أن يتخلى عن المسيرة ويعود إلى قبيلته، لكن لورنس لا
يتركه دون أن يقدم له مزيدا من الإغراءات: في دمشق هناك كنوز الأرض.
وهذا هو سر تصوير "عودة" بكل هذا القدر من "النذالة". إنه بسحنته
القبيحة وملابسه السوداء نقيض تام للورنس صاحب القضية والرسالة، الباحث عن
المجد والشهرة. وهو أيضا نقيض لشخصية الشريف علي كما سنرى. لكن فيه أيضا
ملامح طفولية تجعله يبدو طيب القلب.. كريما عندما يقتضي الأمر.
يأتي المصور الأمريكي جاكسون بنتلي من أقاصي الأرض بحثا عن لورنس بعد
أن ذاعت بطولته عقب نجاحه في العقبة، ويشرح في لقائه بالأمير فيصل، إنه
يبحث عن بطل رومانسي (أسطوري) يمكنه أن يبيع صورته للجمهور الأمريكي،
تقنعهم بتأييد دخول بلادهم الحرب إلى جانب الحلفاء.
لورنس يبدو سعيدا بالتقاط جاكسون عشرات الصور له. وبعد تفجير قطار
عسكري تركي ونهب محتوياته، يصعد هو ليقف على أحد جانبي القطار مزهزا
بانتصاره، يصوب جندي تركي جريح مسدسه نحوه ويطلق عليه رصاصة، يواجهه لورنس
من مكانه، ينظر إليه مباشرة في عينيه، يطلق التركي الرصاص، واحدة بعد أخرى،
لكن لورنس لا يهتز له جفن.. لقد أصبح "غير قابل للموت". يطلب منه المصور
الأمريكي بنتلي الصعود إلى أعلى القطار لالتقاط صورة له، فيصعد ويعتلي أعلى
نقطة ثم يسير فوق عربات القطار بينما المقاتلون العرب في الأسفل، يحيونه
وفي لقطة شديدة الذكاء، نرى ظل لورنس منعكسا على الرمال والعرب يسيرون
مباشرة وراء الظل المتحرك، ثم نرى لورنس أعلى القطار في لقطة ذات اضاءة
خافتة قبيل الغروب وهو يبدو اقرب إلى الشبح. لقد أصبح "كائنا" آخر فوق
طبيعي.. معبودا لهؤلاء العرب الذين يهللون ويهتفون باسمه في الأسفل. لقد
أصبحوا "يؤمنون" به وبقدرته على تحقيق المعجزات.
يذهب لورنس إلى القدس لكي يطلب أسلحة وأموالا من الجنرال أللنبي. الآن
أصبح يتكلم وكأنه يعيش حلما طويلا ممتدا. إنه لم يعد يمشي على الأرض.. لم
يعد يرى الواقع بل أصبح وكأنه مدفوع بقوة خفية، تدفعه إلى التوحش والعنف
والإيلاغ في الدماء. لقد أصدر أوامره للرجال بعدم الاحتفاظ بأي أسرى، بل
وأخذ يقتل بيده كل من يصادفه من الجنود الأتراك، ويتمادى في القتل أكثر
فأكثر وكأنه مدفوع بقوة عاتية تدفعه إلى ذلك حتى أن الشريف علي يأخذ في
تحذيره مبديا اشمئزازه مما يفعل: كفى.. كفى ياأورانس.. كفى..
وفي القدس يقول لورنس للجنرال اللنبي بثقة تامة ويقين مطلق: سنأخذ
دمشق.. قبل أن تصلوا إليها.. وعندما سنأخذها سنحتفظ بها.. سأعطيها لهم (أي
للعرب).. قل للسياسيين أن يحرقوا أوراقهم.
يسأله أللنبي: تريد مالا بالطبع؟ يجيب: نعم، لكنه يستطرد: بعضهم سيحصل
على المال لكنهم لن يتبعوني إلى دمشق من أجل المال.. بل من أجلي!
لقد أصبح مؤمنا بنبوته، كما لو كان نبي العرب الذي جاء من أقاصي
الدنيا إلى صحرائهم الموحشة، لكي يوحدهم ويهديهم إلى الطريق القويم، إلى
الخلاص من الاحتلال التركي، ويجذل لهم من الوعود بالاستقلال بعد انتهاء
الحرب، ولكن مشكلته أنه يصدق نفسه، يعيش الأسطورة، يعتقد أنه قادر على جعل
بريطانيا تفي بوعودها للعرب. لكن هل يمكن أن تكون الأسطورة أكبر من
الإمبراطورية!
لورنس أيضا نموذج للمثالية الغربية. صحيح أنه كان يخدم بلاده التي
ينتمي إليها، لكنه في لحظة ما، يشعر أنه قد أصبح أيضا ينتمي إلى العرب. وهو
يصرخ في أحد المشاهد: إنني أعشق هذه البلاد. يتناقش دريدن مع الجنرال
أللنبي في القدس حول لورنس وما إذا كان العرب سيعودون للقتال معه بعد ان
انصرفوا عنه بعد الحصول على الكثير من الغنائم. يقول أللنبي: إنهم سيعودون
لأنهم يتصورون إنه نبي!
وفي حوار بين لورنس والشريف علي قبل حادث درعا، يقول لورنس لعلي: هل
تعتقد إنني شخصا عاديا ياعلي؟ إنهم سيسيرون فوق الماء من أجلي!
وهو يخرج إلى الرجال ويسألهم: من
منكم على استعداد للسير فوق الماء من أجلي. فيرد الجميع موافقين.
وعندما يطلب لورنس من الجنرال أللنبي إعفاءه من مهمته العسكرية
والعودة إلى بلاده، يسأله الجنرال: لماذا؟ فيرد بغضب شديد: إنني رجل عادي..
أريد وظيفة عادية.. لأا أريد أصدقاء من العرب.. لا أريد أن أكون جزءا من
حملتك على دمشق.
وبعد أن يهدأ قليلا يقول للجنرال بضعف من اكتشف في نفسه شيئا مخيفا: أعلم
أنني لست عاديا.. ولكن ما هذا الذي يحدث لي؟ فيقول له أللنبي: بعض الرجال
لهم مصير غير عادي يالورنس!
لقد أصبح لورنس يخشى من نفسه، مما يعرفه ومما يشعر أنه يوجد داخل
نفسه، من استمتاعه بالقتل وسفك الدماء، من إحساسه بالنبوة، بالسمو الذي
يجعل كل شيء أمامه مبررا، تجريد الآخرين من الحياة بقرار: إنه الخير والشر
معا. لقد قتل معاونيه الاثنين: داود الذي تركه للرمال المتحركة تبتلعه،
وفراج الذي يطلق عليه الرصاص بعد ان اسقط مفجرا داخل ملابسه ولم يعد هناك
وقت لانقاذه مع اقتراب قطار تركي يتعين عليهم تفجيره. لقد تغير لورنس كثيرا
بعد حادث درعا، وهو ما يلمحه في سلوكه ويعبر عنه المصور الأمريكي عندما
يتساءل: لقد تغير كثيرا بعد درعا.. ترى ماذا فعل له الجنرال التركي هناك؟
إلا أن علي يصر على ان "معبوده" لم يتغير بل هو نفس الشخص "المتواضع". لكنه
يرى كيف يستأجر لورنس بعد ذلك قتلة محترفين ورجالا معروفين بأنهم من
المجرمين لكي يساعدونه في حملته على الشام. إنه سيلغ في الدماء.. فهو قد
فقد تماما السيطرة على نفسه. لقد اكتمل جنون العظمة. يبحث عنه "علي" بعد
معركة أو بالأحرى، مذبحة طفس، فيجده وقد غرقت ملابسه في الدماء، يحمل خنجزه
الذي يقطر دما ويتطلع إلى صورته كما تنعكس على نصل الخنجر لكنه يراها هذه
المرة مخضبة بالدماء. لقد صار وحشا. يلعنه المصور الأمريكي، لكنه يصر على
أن يلتقط له صورة "لعينة" لتلك الصحيفة "اللعينة"!
انكسار الحلم
-
بمثاليته وبموجب تصديقه لأسطورته- أن بريطانيا العظمى يمكن أن
تتخلى عن مصالحها وتحقق للعرب حلمهم بالاستقلال. فالفيلم يصور لورنس وهو
يفاجأ بالاتفاقية الشهيرة بين بريطانيا وفرنسا (سايكس- بيكو) التي تحرم
العرب من الاستقلال وتقسم بلادهم بين الدولتين.
لكن سلوك لورنس أثناء السير إلى دمشق، في القتل وسفك الدماء ثم عند
دخول المدينة، يتحول إلى كابوس بالنسبة للأطباء البريطانيين في المدينة.
طبيب الجيش يعتبرها "جرائم حرب بربرية".
لورنس إذن مزدوج في سلوكياته وانفعالاته وفي ولائه وممارساته: إنه
إنجليزي لكنه أيضا "عربي"، وهو مازوكي يستمتع بالألم، لكنه أيضا سادي يمارس
العنف بقسوة، ولاؤه لبلاده لكنه يريد أن يحقق للعرب طموحاتهم غير أنه يشعر
بالتفوق عليهم، فهم مجرد رجال قبائل من البدو يمكن توجيههم وقيادتهم، أما
هو فهو "نبي" يأمر فيطاع. هو فقط الذي يمكنه قيادتهم. وهم يفعلون ما
يفعلونه من أجله هو. وبعد دخول دمشق يؤسس العرب المجلس العربي الحاكم في
المدينة، لكن الخلافات تنفجر بينهم وتنفض اجتماعاتهم دون أن تصل إلى شيء،
وتتجه إلى الفوضى المطلقة، فالعرب "لا يمكنهم أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم".
المياه مقطوعة عن المدينة. وكذلك التليفونات.
يقول لورنس إن رجال الحويطات هم الذين يسيطرون على التليفونات فلماذا
توقفت عن العمل؟ يجيبه عودة أبو تايه قائلا إن المولدات الكهربائية توقفت
عن العمل وهي تحت يد الحارثيين أي قبيلة بني حارث. عودة لا يعبأ بل يرى أن
التليفونات لاحاجة لها، فيقول لورنس إن الحاجة إليها ماسة. ما العمل إذن؟
يقترح "علي" الاستعانة بمهندسين إنجليز. يعترض لورنس قائلا: اللجوء
لمهندسين من الإنجليز معناه اللجوء للحكومة الإنجليزية..
وفي المواجهة الأخيرة التي تدور بدبلوماسية شديدة بين الأمير فيصل
والجنرال أللنبي، يقول فيصل إنه سعيد ببقاء محطة ضخ المياه في أيدي رجاله.
يقول له أللنبي ساخرا إنهم إذا احتفظوا بها فمعنى هذا أنه لن تكون هناك
مياه. يرد فيصل بقوله إنه سيكون سعيدا بالحصول على قليل من المساعدة
الفنية. أللنبي يرد: في هذه الحالة يجب أن تنزلوا علمكم من فوقها. فيقول له
فيصل إنه لن يفعل وإن أي محاولة لانزال العلم سيقاومها رجاله. يتساءل
أللنبي بهدوء: وهل لديك أي رجال ياسيدي؟
كان أللنبي قد شهد مع دريدن قبل قليل، رحيل معظم رجال القبائل عن دمشق
بعد أن فشلوا في إدارتها ولم يعثروا فيها على ضالتهم، فالمدينة تمتليء
بالجرحى وجثث القتلى والفوضى العامة. ويصدر أللنبي الأوامر عمدا بأن تبقى
قواته ساكنة لا تتحرك للمساعدة إلا بتعليمات منه، بما في ذلك الخدمات
الهندسية والتقنية والطبية، بغرض إرغام العرب على اللجوء إليه لطلب
المساعدة، وبالتالي يفرض شروطه ويعلن المدينة تحت إمرته. وهو بيان سينمائي
واضح للفكر العسكري البريطاني الاستعماري، فليس من الممكن اتهام الفيلم
ببساطة، ومن زاوية واحدة بأنه يكرس نظرة المستعمر إلى الآخر. بل إنه يجعل
دريدن- رجل المكتب السياسي الخبيث- يراقب خروج المقاتلين العرب من المدينة
من شرفة القصر وإلى جانبه أللنبي، ويعلق ساخرا بقوله: إنهم
يغادرون، يقصد أنهم لا يمكنهم البقاء في المدن. فيقول له الجنرال: إنهم
مجموعة من المتسولين. هنا يوجه الفيلم نقدا لاذعا لتلك النظرة
الاستعمارية المتعالية من جانب الإنجليز لشعوب المستعمرات التي يرونها:
همجية، إقطاعية، قبلية، متخلفة، أدنى!
ليس من الممكن بالطبع، تبرئة الفيلم تماما من الوقوع في تلك النظرة
الاستشراقية الاستعلائية نفسها. فها هو لورنس نفسه يجسد تلك النظرة في
شعوره بالإحباط من تلك البلاد (التي أعلن من قبل أنه يعشقها). ويقرر أن
يغادر بعد كل ما حققه من مجد: لقد أدرك أنه مجرد فرد في النهاية أو ترس في
آلة ضخمة كبرى لا تعرف المثل ولا المباديء أو المثاليات، كما أدرك أن بقاءه
مع العرب يمكن أن يقضي تماما على كل ما تبقى في داخله من قيمة إنسانية. إنه
يضحك بمراراة في تشنجات أقرب إلى البكاء عندما ينهره الضابط الطبيب بل
ويوجه له لكمة تسقطه أرضا. ربما يشعر أنه يستحقها.
ديفيد لين في الفيلم يدين الجميع: العرب ولورنس وأللنبي والتآمر
السياسي بين الامبراطوريتين. لكن الشخصية الوحيدة التي تظل حتى النهاية
قوية، متماسكة، صاحبة منطق واضح مميز متسق مع نفسه، هي شخصية الأمير فيصل
(يقوم بالدور بعبقرية الممثل الإنجليزي أليك جينيس). إنه نبيل حقيقي أمام
نذالة الإنجليز. بل هو يفوقهم وعيا وذكاء وإدراكا لطبيعة اللعبة.
عندما يتواجه فيصل في دمشق قبيل النهاية مع الجنرال أللنبي يقول
للجنرال: من المعروف على نطاق واسع أن المجلس العربي أخذ السلطة باسمي.
ويدور هذا الحوار ذو المغزى بين الرجلين:
اللنبي: ليس لديهم أي سلطة ياسيدي. إنه وهم.
فيصل: الوهم يمكن أن يكون شديد القوة خاصة. العالم سعيد بأن يرى دمشق
وقد تحررت على أيدي الجيش العربي.
أللنبي: ولكن بقيادة ضابط بريطاني إذا جاز لي أن أذكرك ياسيدي.
فيصل: آه.. نعم. ولكن أورنس سيف ذو حدين، كلانا سعيدان بأن نتخلص
منه.. أليس كذلك؟
أللنبي: كنت أعتقد أنني رجلا صعبا ياسيدي.
فيصل: انت مجرد جنرال في حين أنني سأصبح ملكا.
إنه يظل حتى النهاية نبيلا معتزا بنفسه رغم معرفته بتغير قواعد اللعبة
الآن.
الجزيرة الوثائقية في
15/08/2013
البحث عن النفط والرمال.. والسينما!
أمير العمري
استمتعت كثيرا بمشاهدة الفيلم التسجيلي "البحث عن النفط والرمال" في
مهرجان أبوظبي السينمائي. لم أكن أعرف كثيرا عن مخرجي الفيلم وهما فيليب
ديب ووائل عمر. المعلومات المنشورة في دليل المهرحان تقول إن ديب فرنسي من
أصل لبناني نشأ في القاهرة، والثاني مصري درس السينما في بوسطن بالولايات
المتحدة.
لكن من حضر ممثلا للفيلم إلى مهرجان أبوظبي هو محمود ثابت، وهو مصري
يقيم في فرنسا، وابن عادل ثابت الذي ينتمي بصلة قرابة للملك فاروق، وكان
والده قد أصدر في لندن كتابا في أوائل الثمانينيات عن علاقته بالملك فاروق
بعنوان "فاروق الذي خانوه" Farouk, A Betrayed Kingصدرت
له ترجمة في التسعينيات في القاهرة بعنوان "فاروق الأول الذي غدر به
الجميع".
سحر السينما
"البحث عن النفط والماء" فيلم عن الماضي، عن السينما وسحر السينما،
وعن مصر التي كانت ثم كيف أصبحت، ولكن من خلال وجهة نظر أحادية، عي رؤية
طبقة حرمت لعقود طويلة من أن تعبر عن رأيها فيما حدث وما كان منذ انقلاب
1952 الذي أطاح بالملك فاروق وبحكم أسرة محمد علي إلى الأبد. المتحدث
الرئيسي في الفيلم هو محمود ثابت نفسه، المسؤول الأول عن إنتاج الفيلم، فهو
الذي ظل ينقب إلى أن عثر على نسخة 8 مم من فيلم قديم صورته مجموعة من أعضاء
وأصدقاء الأسرة المالكة قبيل انقلاب يوليو 1952 مباشرة.
يقول محمود ثابت إن الفيلم الأصلي (وكان بالألوان) حرق مع مخلفات
الأسرة في مصر بعد أن استولت الحكومة (حكومة الضباط) على قصر الأسرة، وتمكن
هو من العثور على تلك النسخة فيما بعد (بالأبيض والأسود) وهو الفيلم الذي
يعتبر العمود الفقري لفيلمنا هذا.
مخرج الفيلم القديم هو عادل ثابت نفسه. ويشترك في الفيلم بولنت رؤوف
زوج الأميرة فائزة شقيقة الملك فاروق، ونيفين حليم ابنة الأمير عباس حليم
حفيد محمد علي باشا، الذي كان بالمناسبة، مغرما بالاشتراكية وموسسا لعدد من
النقابات العمالية، ونيفين هي الوحيدة الباقية على قيد الحياة من أبطال
الفيلم وقد ظهرت معلقة على الفيلم وعلى التطورات السياسية في مصر حتى
اليوم، وتمثل في الفيلم القديم أيضا فرنسيس رامسدين، زوجة عادل ثابت ووالدة
محمود، وكانت قد قدمت إلى مصر بعد تجربة أو أكثر لها في التمثيل في أفلام
بهووليوود، ووقعت في حب مصر وتزوجت من عادل ثابت.. كما اشترك في الفيلم
جيمس موراي مساعد السفير الأمريكي في مصر وقتذاك ومسؤول سابق في السفارة
البريطانية.
الفيلم داخل الفيلم هو فيلم بسيط في تكوينه، فالإنجليز يقومون باختطاف
أميرة، إبنة حاكم مملكة وهمية في الشرق الأوسط، والهدف من هذا إبتزاز
الحاكم من أجل الحصول على النفط، في حين يسعى الأمريكان لإنقاذها، والفيلم
يدور في أجواء التنافس بين الطرفين للسيطرة على النفط. وتظهر مجموعة من
البدو الذين جلبهم صناع الفيلم لكي يساعدوا في إنقاذ الفتاة. يصور الفيلم
كيف يأتي الفارس البطل (صلاح) على حصانه لكي يخلص الأميرة المخطوفة في
النهاية، على غرار أفلام المغامرات البدوية الغربية التي كانت تفتن الغرب
في بدايات السينما ومنها فيلم "إبن الشيخ" الذي قام ببطولته رودلف فالنتينو.
والفيلم القديم صامت وتستخدم فيه اللوحات المكتوبة التي تشرح الحوار
المفترض، على طريقة السينما الصامتة. وقد تم تجميع مشاهد الفيلم من واقع
المواد السريعة التي كانت ترد بعد التصوير (ما يسمى بالنسخ السريعة أو الـ rushes)، بعد اختراق الفيلم المتكامل حسبما صرح محمود ثابت
نبوءة
لكن الفيلم القديم الذي يدلل على اهتمام الأرستقراطية المصرية والأسرة
الملكية بالسينما والفنون، يصور كيف كانت المجموعة التي صنعت الفيلم تملك
من الخيال ما يجعلها تقدم شبه نبوءة لما وقع بعد فترة قصيرة للغاية من
تصوير هذا الفيلم، أي انقلاب ضباط يوليو على الملك فاروق، وكيف أيد
الأمريكيون الانقلاب وشجعوا الضباط على السيطرة على السلطة في مصر، تحت
تصور أنهم سيتمكنون من خلالهم، من السيطرة على مصر ووراثة الاستعمار
البريطاني التقليدي القديم الذي كانت أمريكا قد قررت أن تطرده من مستعمراته
وتسيطر عليها بطرق جديدة بعد الحرب العالمية الثانية. هذه النقطة تحديدا،
أي علاقة ضباط يوليو بالأمريكيين يتحدث عنها تفصيلا في الفيلم محمود ثابت..
الشخصية الرئيسية فيه والمعلق على أحداثه وصاحب اكتشاف الفيلم القديم. وهو
الذي يروي أيضا كيف تنازل الملك فاروق عن الحكم دون إراقة دماء رغم أن
البحرية ومعظم فرق الجيش المصري كانت تؤيده ولم تكن قد انحازت بعد إلى ضباط
الإنقلاب الذين كانوا أقلية صغيرة داخل الجيش، وكيف اختار الملك الخروج
السريع من مصر ورفض أن يعطي الأوامر للقوات البحرية بسحق التمرد حقنا
للدماء.
وينتقل الفيلم من قصر الأميرة فائزة، أي قصر الزهرية الذي تحول إلى
مدرسة وأهمل كثيرا بعد مصادرة أملاك أسرة محمد علي، إلى منزل عادل ثابت
المهمل في الزمالك، إلى شهادة نيفين حليم على العصر، ما كان وما صار،
ويستخدم المخرجان الكثير من المواد الوثائقية المصورة من الفترة التي سبقت
الإطاحة بالملك فاروق، كما تظهر في الفيلم لقطات نادرة للأسرة الملكية وهي
في الاسكندرية ومنها شخصيات أميرات يسبحن في البحر، ولقطات للدبلوماسيين
الأمريكيين والبريطانيين، وللملك فاروق في حياته الشخصية، قبل وبعد أن طرد
من مصر وهو على ظهر الباخرة الملكية "المحروسة" التي نقلته من مصر وعند
وصوله إلى منفاه في كابري بإيطاليا، إلى جانب لقطات نادرة لشارع الإهرام
عام 1952، وشاطيء الاسكندرية وشوارعها في العام نفسه، ولقطات للمزاد الذي
أقيم في قصر القبة لبيع مقتنيات فاروق، وغير ذلك.
والطريف أيضا أن المخرجين يأتيان بعدد من البدو من أقارب البدو الذين
شاركوا في الفيلم القديم ومازالوا على قيد الحياة، يعرضان عليهم الفيلم
ويسجلان تعليقاتهم وذكرياتهم وأحدهم – على سبيل المثال- يتعرف على عمه، كما
تتذكر الأميرة نيفين أيضا المشاهد التي أدتها في الفيلم بنوع من الحنين
(قامت بدور الأميرة المخطوفة) ولكنها تشعر بأسى لما آلت إليه الأمور اليوم
في مصر. ويعقفد الفيلم مقارنة سريعة بين نزول الجيش إلى شوارع القاهرة في
1952 ونزول الجيش إلى شوارع مصر بعد ثورة 25 يناير.
نظرة أحادية
هذه العلاقة بين الماضي والحاضر، وبين الأرستقراطية المصرية والثورة،
وبين الأمريكيين والبريطانيين، وبين الضباط والشعب (هناك الكثير من اللقطات
النادرة لضباط الثورة وعلى رأسهم جمال عبد الناصر ومحمد نجيب وغيرهما) لا
يتم تقديمها من وجهة نظر "موضوعية" أو محايدة، بل من خلال رؤية أحادية
واضحة في انحيازها من البداية بل ولا تخفي انحيازها للماضي، للملكية، لمصر
التي كانت أجمل وأفضل وأكثر رونقا وتقدما وتحضرا وأقل في عدد السكان كثيرا،
وأكثر نظافة وحرية، حسبما يرى محمود ثابت الذي يروي ويعلق ويصطحبنا إلى
الكثير من الأماكن القديمة في الفيلم.
ويتابع محمود مصائر الشخصيات التي اشتركت في الفيلم القديم، ومنها
محمود ناموق الذي اعتقل في العراق وأرسل إلى مصر حيث مات في سجن طره عام
1956، أما الأمير حسن حسن فقد أصبح رساما يبيع لوحاته ويعيش من عائدها،
ووالده الذي قبض عليه بعد الانقلاب بسنوات، في قضية تخابر لحساب فرنسا، ثم
أطلق سراحه بعد أن ثبتت براءته، وتمكن مع زوجته، والدة محمود، من الهرب من
البلاد واللجوء إلى ألمانيا حيث عاشت الأسرة في بون.. بالقرب من مبنى
السفارة المصرية هناك. وفيما بعد تمكن رؤوف بولنت (وهو من أصول تركية) من
اللحاق بأسرة ثابت التي استضافته- كما يروي محمود- في شقتهم الصغيرة في
بون، حيث قضى سنتين ينام تحت طاولة في المطبخ!
ومن الطبيعي أن يكون الفيلم كذلك، أي أحادي النظرة، نوستالجي الطابع،
كما أن من الطبيعي أن يكون فيلم كهذا انطباعيا وليس تحليليا، وانتقائيا
ذاتيا وليس موضوعيا، لكنه يبدو من الناحية البصرية، ممتعا، بفضل اللقطات
الجديدة التي لم نرها من قبل، والتي تعكس بدقة أجواء تلك الفترة من تلك
مصر.
"البحث عن النفط والرمال" شهادة تحمل وجهة نظر، ووثيقة على عصر مضى.
عين على السينما في
15/08/2013
أسبوع الفيلم الارجنتيني .. إبداعات الواقعية السحرية
عمان - ناجح حسن
تنظم الهيئة الملكية الاردنية للافلام بالشراكة مع المعهد الوطني
للسينما في الارجنتين اسبوعا للفيلم الارجنتيني بدءا من يوم الاحد المقبل
بواقع عرضين يوميا الساعة السادسة والساعة الثامنة مساء وذلك في مقر الهيئة
بجبل عمان القديم.
تضم الافلام المشاركة مجموعة من الافلام المنجزة حديثا بشقيها الروائي
والتسجيلي والحائز اغلبيتها على جوائز دولية في مهرجانات وملتقيات سينمائية
لامتلاكها اساليب جمالية وفكرية مغايرة للانماط السينمائية التقليدية.
اغلبية الافلام المختارة مفعمة برؤى واحلام وذكريات اتية من مخيلة
صانعيها الرحبة وفي جرأة انفتاحها على ثقافات وهموم وجدانية وانسانية تتوهج
بسحر الواقع وعذوبته.
والافلام المشاركة في الاسبوع هي: (الرسول) لمارتن سولا ، (الفيس
الاخير) لارماندو بو، (مونتنيغرو) لجورج غاجيرو، (سالسبيدوس) لماريانو لوك،
(عالم العرقيات) ليوليسيس راسيل ، (شجرة الاكاسيا) لبابلو جيروجيلي، (ليلة
في بتاغونيا) لخافيير لويز اكتيس ، (هابي الاجنبية) لماريا فلورنسيا
الفاريز ، )ماسييرو) لتوماس ليبغوت، و(ايام فينل) لغابرييل نيش.
تعاين الافلام مجتمعة حالات من الشخصيات المهمشة والاحداث المنسية
داخل بيئات متنوعة ترمي الى اطلاق قدرات وطاقات بغية الانفلات من واقع
مجبول بالاوجاع والانكسارات والجراح.
وتتطلع صوب امال مشرعة على واقع يكتسي بالوان من البهجة والدعابة
والتضاريس الطبيعة الخلابة على الرغم من تلك الخطب والاهوال والحروب
والأمراض والهزائم واطلال الماضي القريب.
وتتسم السينما الارجنتينية بغزارة الانتاج واهمية حضور قاماتها
الابداعية في صوغ خريطة المشهد السينمائي بالعالم، من ناحية رفد الفن
السابع بنظريات وتقنيات واشتغالات ورؤى العديد من اشهر تيارات السينما
الجديدة، حيث وصلت العديد من افلامها التنافس على كبرى الجوائز السينمائية
مثل: (كان) بفرنسا، (فينيسيا) بايطاليا، (برلين) بالمانيا، و(الاوسكار) في
الولايات المتحدة الاميركية.
غدت السينما في الارجنتين في الوقت الراهن من ابرز التجارب الابداعية
في بلدان اميركا اللاتينية، وهي تتوازى في اسهامات السينما في كل من
البرازيل والمكسيك وكوبا، حيث تحظى بدعم من مؤسسات الدولة التي تعنى
بالثقافة، وقدمت للسينما العالمية العديد من المخرجين اللامعين والطاقات
التمثيلية، ويكاد يصل معدل انتاجاتها الى اربعة الاف فيلم بين الروائي
والتسجيلي والتجريبي والصور المتحركة من النوعين الطويل و القصير .
غالبا ما جرى تنظيم حلقات واحتفاليات في مناسبات عالمية متعددة خصصت
لتكريم قامات مبدعي صناعة الافلام بالأرجنتين، والتي ما زالت اشتغالاتهم
واساليبهم عالقة في ثنايا ذكريات عشاق الفن السابع والمهتمين بهذا الحقل
الابداعي القادم من اقصى العالم في قارة اميركا اللاتينية، وهي تكشف بقوالب
من الاحساس الجمالي والدرامي الفطن عن مناخات واجواء ما اصطلح على تسميته
بين النقاد والمبدعين بالواقعية السحرية .
من بين الافلام الارجنتينية اللامعة في فضاء الفن السابع اليوم نذكر :
(وقائع هروب) لايزرا سيتانو، (التاريخ الرسمي) للمخرج لويس بوينزو ،
(الغرفة المظلمة) للمخرجة ماريا فيكتوريا منيس، (سماء صغيرة) للمخرجة ماريا
فيكتوريا مينيس، (لاس مانوس) لاليخاندور درويا، (سر في عيونهم) للمخرج خوان
خوسيه كامبانيا، (العش الفارغ) للمخرج دانييل بيرمان، (طفولة دفينة) للمخرج
بنجامين افيلا، (واكودا) للمخرجة لوسيا بوينزو، و(قصص حميمة) للمخرج كارلوس
سورين والذي سبق ان عرض في عمان ضمن نشاطات السينما في مؤسسة عبد الحميد
شومان.
تأتي اهمية اقامة هذا الاسبوع السينمائي تعريف المتلقي الاردني بنماذج
مختارة من بين اشهر الافلام الارجنتينية التي لاقت اصداء ونجاحات لافتة
مثلما اثارت الاعجاب والجدل ايضا لدى تجوالها بارجاء العالم.
يشار الى السينما الارجنتينية كان لها حضورها القوي في الكثير من
مهرجانات السينما العربية في دمشق والقاهرة وقرطاج ودبي وابو ظبي ومراكش
وتطوان، حيث انتزعت العديد من الجوائز الرئيسية في البعض من تلك
المهرجانات، واحتفى البعض الاخر في منجزها السينمائي الفريد.
الرأي الأردنية في
15/08/2013
آراء متباينة حول استقالة البرادعي
الفنانون أيدوا فض الاعتصام وهاجموا الإخوان
شريف صالح
فرضت الأحداث السياسية الملتهبة في مصر منذ يومين نفسها على الوسط
الفني، ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي كله وتوالت تصريحات الفنانين
لوسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.. وتنوعت وجهات نظر الفنانين
ما بين تأييد فض الاعتصام بالقوة، والهجوم على الاخوان، وتمنى السلام
لمصر.. فيما اختلفت الآراء بشأن استقالة نائب رئيس الجمهورية محمد البرادعي
اعتراضاً على استعمال القوة في فض الاعتصام وسقوط عشرات الضحايا.
الفنان القدير عزت العلايلي عبر عن أسفه الشديد تجاه ما تقوم به جماعة
الاخوان المسلمين من أعمال عنف وسفك دماء المصريين في الشوارع بعد فض
اعتصامهم في ميداني رابعة العدوية والنهضة، مشيراً أنهم رفضوا كل سبل
الحوار والتفاهم للخروج من هذه الأزمة لأنهم يريدون الخراب لمصر، ووصفهم
بأنهم «ارهابيين دمويين».
واندهش العلايلي من تسمية الجماعة بالاخوان المسلمين، مؤكداً بأنهم لا
يعرفون أي شيء عن الدين الاسلامي الذي لا يقول أقتل أخاك المسلم أو أحرق
وطنك وتاريخه، لافتاً ان الحل في أيديهم فهم لم ينتهزوا فرصة تمكنهم من
الحكم لمدة عام الذي يعد من أسوء الأعوام التي مرت على مصر ولكنهم كانوا
يحتمون بجماعة حماس واليهود والأميركان.
فيما أكد الفنان آسر ياسين أننا كمواطنين عاديين لسنا خبراء أمنين لكي
نعرف ما هي طريقة فض الاعتصام، ولكن أهم ماحدث كان الشفافية التي اتبعتها
الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة من عرض عملية الفض لحظة بلحظة، وتصوير
الأحداث كاملة حتى يرى الجميع المشهد على أرض الواقع، ووصف جماعة الاخوان
المسلمين بأنها جماعة كاذبة وآفاقة وغير مسلمين من الأساس فهم جماعة
ارهابية وتجار دين، وهذا كان واضحا أيضاً من محاولة تجارتهم بالجثث الخاصة
بهم والمشاهد التي عرضوها ألم يكن هذا تمثيل بالجثث، وهل هذا من الدين وهل
ما قاموا به من أعمال عنف وتخريب له علاقة بالدين الاسلامي فهؤلاء أفعالهم
تسيء للاسلام!
وأضاف ياسين ان فض الاعتصام كان أمرا ضروريا، لانه كان اعتصام غير
سلمي لمجموعة مسلحة ويجب علينا جميعا حاليا ان يقوم كل منا بدوره وعلينا
مساندة الشرطة والجيش والشعب أيضا.
واستنكر آسر أفعال الجماعات الاسلامية خصوصا حرق الكنائس، متسائلاً هل
هذا ما يدعو اليه الاسلام؟
وبخصوص استقالة البرادعي فقد استنكر آسر موقفه موضحاً بالتأكيد نحن لا
نعلم شيئا ما يدور داخل المطبخ السياسي، وكثيراً ما كان يفاجئنا البرادعي
بمواقف نعلم فيما بعد أبعادها، لكنني في هذا الموقف بالتحديد ضد تقديمه
الاستقالة وأرى أنها خطوة غير سليمة، وغير صائبة في هذا التوقيت وكانت
مفاجأة صادمة بالنسبة لي.
الموقف نفسه اتخذته الفنانة نشوى مصطفى قائلة: «الشدة بتبين العدو من
الحبيب واللي ميقفش معانا في الشدة ما يلزمناش.. برادعي طير أنت.. مصر
شعبها بيحبها اوي وقادر يحميها.. تحية لشعب مصر».
وأيدت فض الاعتصام بقولها: «أحفاد جمال عبدالناصر بيصححوا مسار أحفاد
حسن البنا».
أيضاً انتقد المُخرج خالد يوسف استقالة البرادعي من منصبه، واصفاً
قرار الاستقالة بأنه خيانة للشعب المصري وثورته.
وعلى عكس ذلك امتدح المُخرج عمرو سلامة موقف البرادعي، الذي تقدم ووجه
له الشكر في تغريدة قصيرة قال فيها: شكرا محمد البرادعي، عشت غريبا وستظل
غريبا ومكانك مع الغرباء، في زمن الماسك فيه على ضميره كالماسك على جمر من
نار.
وبخصوص اعلان حظر التجول حالة الطوارئ أيدتها الفنانة لوسي قائلة: هذه
الخطوة ستساهم في تهدئة توتر الأوضاع التي يواجهها الشارع المصري بعد فض
اعتصام الاخوان. وهذا حل مؤقت لوقف نزيف دماء المصريين، مستنكرة كل ما يحدث
أيا ما كانت الغاية أو الهدف.
الموقف نفسه اتخذته أنغام التي صرحت في أكثر من مناسبة برفضها لحكم
الاخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي، وقالت في حسابها على تويتر:
«مصر بلدي قوية ومستحيل تقع أو تنكسر».
ولم تسلم قناة «الجزيرة» لما يجري من الانتقاد والهجوم الشديد، وعلى
رأس المنتقدين الفنان محمد صبحي الذي وصف «الجزيرة» بأنها العدو الأول
للشعب المصري، فهي تستخدم اعلاما يكسر ارادة مصر.
كما اتهم صبحي مؤيدي الرئيس المعزول بحمل السلاح في مواجهة قوات
الشرطة والجيش أثناء فض الاعتصام، واعتبر خطوات الفض طبيعية وعادلة جدا.
بدوره وصف الفنان القدير نبيل الحلفاوي ما يفعله الاخوان المسلمين
حالياً على الساحة المصرية بـ «الانتحار غير المشرف»، وأضاف في تغريدة
قصيرة: «ان تعادي الشرطة ومعك الشعب.. وارد ان تعادي الشرطة والجيش ومعك
الشعب.. بطولة. لكن ان تعادي الشرطة والجيش والشعب.. فالنتيجة محسومة..
انتحار غير مشرف».
وبرغم سوء الأوضاع عبر المخرج على عبدالخالق عن تفاؤلة بمستقبل مصر في
الأيام القادمة، مؤكداً ان مصر بلد الأمن والأمان ولن يتمكن أي فصيل سياسي
ان يكسر ظهرها، أو يحاول اسقاط هيبتها بين الدول
.
وأكد ان فض الاعتصام خطوة كان لابد منها، والجيش أعطاهم مهلة كافية
للحفاظ على سلمية الاعتصام أو فضه، ورفض وصف فض الاعتصام بأنه نوع من
الديكتاتورية واهانة لمبادئ الديموقراطية، مبرراً ان الاعتصام حق مكفول
للجميع بشرط سلميته وعدم الاقتراب من المنشآت الحيوية، لكنهم أرادوا خلق
دولة داخل الدولة.
ومن الفنانين العرب كتبت أليسا كتبت اليسا عبر حسابها على تويتر: «أنا
حزينة جدا على ما يفعله الاخوان المسلمون بمصر، بالكنائس والمدارس، عار
عليهم».
وتابعت: «بعدما كشف الاخوان المسلمون عن وجههم الحقيقي للارهاب، احترم
كثيرا المسلمين المسالمين الذين يعبرون عن الاسلام الحقيقي».
كما عبرت الفنانة ماجدة الرومي عن أمنياتها لمصر بالسلام وأكدت أنها
تتابع الموقف السياسي وتوابعه الاجتماعية. والموقف نفسه سجله راغب علامة
على حسابه في تويتر.
Sherifsaleh2000@gmail.com
النهار الكويتية في
15/08/2013
تسعى لتنظيم وتعزيز النقد السينمائي والترويج لأفلام الشباب
أول مبادرة لتأسيس جمعية نقاد وإعلاميي السينما العراقيين
بغداد: أفراح شوقي
يسعى عدد من النقاد والإعلاميين المختصين برصد السينما العراقية، إلى
تأسيس جمعية تحمل اسم جمعية نقاد وإعلاميي السينما العراقيين تتولى تنظيم
نشاط النقاد والإعلاميين السينمائيين انطلاقا من أهمية النقد والقراءة
والترويج الإعلامي للإنجاز السينمائي، وذلك على خلفية النجاح الكبير الذي
حققته أفلام الشباب المشاركة مرة أخرى في مهرجان الخليج السينمائي أخيرا في
دبي، إذ توج سبعة منهم في الدورة الأخيرة للمهرجان التي أقيمت في شهر أبريل
(نيسان) الحالي، بثماني جوائز وإشادتين لطاقتين تمثيليتين فتيتين من
كردستان العراق. يأتي هذا الحراك في ظل عدم اهتمام الجهات الحكومية المعنية
في البلاد بالشأن السينمائي.
مبادرة تأسيس جمعية النقاد ركزت في بيانها الأول على أن السينما
العراقية شهدت ولا تزال نهضة ملحوظة وحركة حيوية لافتة تمثلت ببروز عدد
كبير من السينمائيين الشباب، إخراجا وكتابة وتمثيلا وصناعة، مما أسفر عن
دفع الإنتاج السينمائي العراقي، روائيا ووثائقيا، إلى مستويات متقدمة
وطموحة، وتجلت تلك النجاحات في المشاركات المتواصلة في المهرجانات
السينمائية الدولية والعربية والإقليمية، التي أسهمت في تعزيز روح التنافس
المشروع بين السينمائيين العراقيين.
عن فكرة إطلاق الجمعية، وأهدافها يقول الناقد السينمائي علاء المفرجي
أحد المؤسسين للجمعية في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الفكرة تبلورت في الدورة
الأخيرة لمهرجان الخليج السينمائي بالاتفاق مع عدد من النقاد العراقيين
الذين حضروا فعاليات المهرجان، وبعد عدة اجتماعات على هامش المهرجان تم
إصدار بيان التأسيس، على أن تكون ذلك الخطوة الأولى وتتبعها خطوة أخرى
تتمثل بالإعلان الرسمي لولادة هذه الجمعية من خلال عقد مؤتمر تأسيسي في
بغداد ومشاركة زملائنا نقاد السينما العراقيين الموجودين في أوروبا».
وأضاف: «تتركز أهداف الجمعية في إبراز دور الشباب العراقي في تحريك
النشاط السينمائي خصوصا في المهرجانات السينمائية العربية والعالمية، وهو
ما يتطلب ضرورة تنظيم عمل ونشاط ممارسي مهنة النقد السينمائي في اتحاد أو
رابطة أو جمعية، أسوة بما معمول به في بقية البلدان، كخطوة أولى للانضمام –
انضمام هذه المنظمة - إلى اتحاد نقاد السينما في العالم (فيبرسكي) هذه
المنظمة التي لها دور أساسي في المهرجانات السينمائية العالمية».
ويواصل المفرجي بالقول: «نجاح الشباب الإخراجي رافقه تطور جيد آخر على
صعيد النقد والكتابة والمتابعة الإعلامية التي أسهمت ليس فقط في تقويم
ومواكبة نتاجات الشباب، بل أيضا في تعميق وتطوير طقس المشاهدة التي يأمل
الجميع أن تستعيد عافيتها وبريقها ثانية رغم الخراب الاقتصادي والاجتماعي».
وعن رأيه بالدعم الحكومي لإنجازات الشباب الفردية في مجال السينما،
قال: «للأسف لا يوجد دعم حكومي للسينمائيين الشباب، وكانت هناك فرصة كبيرة
للمؤسسات المعنية في دعم مشاريع الشباب والمتمثل بالميزانيات التي خصصت ضمن
مشروع بغداد عاصمة للثقافة، إلا أن هذه المؤسسات أخطأت في حساباتها عندما
لم تضع المنجز السينمائي الشبابي مقياسا لصرف هذه الميزانية». واستدرك
بالقول: «ربما الأهمية الكبرى لما ينجزه الشباب يتعلق في اعتمادهم على
إمكاناتهم الذاتية في تمويل مشاريعهم».
وبينما يشهد الواقع السينمائي العراقي تراجعا ملحوظا منذ ما يقرب من
عقدين من الزمن، بسبب غياب مستلزمات صناعة السينما ومن بينها غياب قاعات
ودور العرض السينمائي في حين أن أولى التجارب العراقية في هذا المضمار تعود
إلى أكثر من نصف قرن مضى، عادت وزارة الثقافة العراقية لتبشر بفرصة إنتاج
أفلام عراقية رواية طويلة خصصت لها ميزانية ضخمة عبر مشروعها بغداد عاصمة
الثقافة العربية لعام 2013، وهو يشمل إنتاج 21 فيلما سينمائيا بين تسجيلي
وروائي، طويل وقصير أنجز منها حتى الآن خمسة أفلام، هي كل من «صمت الراعي»
و«بغداد حلم وردي» و«أحلام اليقظة» و«دمعة رجل» و«قاع المدينة»، وغيرها، لم
يكتب عنها بعد أي نقد سينمائي مختص لتقييمها.
الشرق الأوسط في
16/08/2013 |