قال الإعلامى الكبير حمدى قنديل إنه مستعد لتقديم برنامج يومى لمدة ربع
ساعة مجانا على شاشة التليفزيون المصرى، ولكن لا حياة لمن تنادى، فلم تتصل
به وزيرة الإعلام د.درية شرف الدين، ولا عصام الأمير رئيس الاتحاد، ولا حتى
أصغر موظف فى ماسبيرو، كأن من طلب ذلك مذيع ناشئ يبحث عن فرصة للظهور.
بالمناسبة لا أتصور أن القطاع الخاص المصرى يرحب هو أيضا الآن بحمدى قنديل،
أرى فى الأفق اتجاها لكى يعزف الجميع نغمة واحدة ولا مجال لأى إضافة حتى
ولو كانت تنويعة على اللحن الأساسى.
فى اللحظة التى يعيش فيها الوطن مهددا فى أمنه القومى، سوف تكثر مثل هذه
الدعاوى والشعبطة على كتف ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطانى ومقولته
التى صارت كليشيه «عندما يتهدد الأمن القومى فى بلادى ليس من حق أحد الحديث
عن حقوق الإنسان»، أصبحت صكا مفتوحا لانتهاك حقوق المواطنين حتى حقهم فى
الاختلاف الفكرى مع النظام صار مُجرَّمًا.
ما أعلمه مثلا أن قنديل متوافق سياسيا ومؤيد لثورة 30 يونيو ورافض لموقف
البرادعى قبل وبعد استقالته، كما أنه بعد تولى الرئيس المعزول بشهر واحد
كان هو صاحب الصوت الأعلى فى إعلان الغضب ضد أخونة الدولة، ورفض أن يتولى
حقيبة الإعلام فى أثناء حُكم مرسى.
هذا المقال ليس من أجل الدفاع عن حق حمدى قنديل فى الوجود عبر نافذة
إعلامية ومن حقك أن تختلف معه، أو تراه معبرا عن مرحلة زمنية سابقة كان يقف
فى أول صفوف المعارضة لنظام مبارك، بينما الإيقاع تغير بعد ثورتى 25 يناير
و30 يونيو، ولهذا فإن هناك نبضا مختلفا يخلق بالضرورة جيلا آخر، هذه
بالتأكيد آراء لها وجاهتها ولكن لا شك أن هناك أيضا من الإعلاميين الكبار
من لديهم القدرة على اللحاق بالزمن وبمفرداته، وحمدى لا شك من بينهم.
أصبحت أخشى من أن تخفت الأصوات التى بطبعها تعبر فقط عن قناعاتها وقد تغرد
مرة داخل السرب ونراها بعد ذلك مغردة بعيدة عنه، هذه الأصوات يبدو أن كل
القنوات الرسمية والخاصة فى تلك اللحظة الراهنة متفقة تماما على إبعادها.
الموقف الراديكالى المتطرف فقط هو الذى يحتل الآن كل المساحة، مهما كان
تأييدك لـ30 يونيو فإن هذا لا يكفى المطلوب أن تغنى بصوت عال «تسلم الأيادى».
أشعر أن ما نراه الآن عابرا سيصبح هو السائد، وأن هناك أصواتا كنا ننتظرها
وهى تدافع عن الحق فى حرية الاختلاف ستصبح هى الغطاء الشرعى الذى من خلاله
يتم اغتيال حرية الاختلاف.
قدر مصر قاس وصعب، منذ ثورة 25 يناير وهى تمشى على الأشواك وقبل أن تضمد
جراحها تواصل السير على أشواك أشد ضراوة، ولهذا صارت أصوات المنع والمصادرة
وإزاحة الآخر هى فقط المسموعة.
مؤخرا كان درس شيخ الأزهر الجليل د.أحمد الطيب وفى عز شحنات الغضب ضد
تركيا، عندما اجتمع مع الطلبة الأتراك الذين يدرسون فى الأزهر الشريف وقال
لهم إنهم مرحب بهم، وإنه لا يمكن لأحد أن يمس حقهم داخل مظلة الأزهر، نال
الشيخ هجوما قاسيا وسافرا من رجب طيب أردوغان، وبدأ الكل يرفع شعار
المقاطعة حتى وزارة الثقافة المصرية بل مهرجان القاهرة السينمائى، وبرغم
تأجيل الدورة هذا العام فإن رئيس المهرجان قال لن نعرض أفلاما تركية أو
إيرانية، سقف المقاطعة والمصادرة لن يبقى على شىء.
نعيش فى لحظة تحمل بداخلها قنابل عنقودية من الشك، ولهذا أخشى أن نكرر ما
كان يعرف فى الخمسينيات فى أتون الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا
بالمكارثية، نسبة إلى السيناتور جوزيف مكارثى، وكان الخوف يسيطر على الجميع
من الكتلة الشيوعية وأصبح المثقف إذا لم يبد حماسا منقطع النظير لكل ما
يصدر عن الدولة الأمريكية من قرارات صار عرضة للاتهام على الفور بأنه شيوعى،
ولم يسلم من الملاحقة الجنائية حتى شارلى شابلن، كان هذا ممكنا فى الماضى،
ولكن بعد مُضىّ أكثر من ستين عاما ومع تعدد قنوات التواصل الاجتماعى
والفضائيات، صار من المستحيل أن لا نقبل بتعدد الأصوات، وأن نخشى حتى ممن
يغردون داخل السرب أن يغردوا ولو مرة واحدة خارج السرب.
هانى رمزى فى سكة «الباى باى»!!
طارق الشناوي
30/8/2013 6:00 ص
شاهدت هذا الفيلم فى بداية العيد، مر أكثر من أسبوعين وحاولت أن أتذكر بعض
التفاصيل، واكتشفت أن ما تبقى هو الإحساس بأنى أضعت قرابة ساعتين فى محاولة
لأن أعثر حتى ولو على ضحكة شاردة فلم أجدها.
الفيلم يشارك فى بطولته هانى رمزى والطفلة جانا واللبنانية تتيانا، ولنفس
المخرج أكرم فريد بعد اشتراكهم معا فى «سامى أكسيد الكربون»، لم يستطع
الفيلم أن يصمد فى الذاكرة، حيث إن المخرج كان يسعى لاهثا من أجل أن يلتقط
أى موقف من بقايا الكوميديا ملقى على الرصيف، إلا أن المحاولات كلها باءت
بالفشل، كنت أتصور أن هانى بخبرته سوف يفكر ألف مرة قبل أن يجسد تلك
الشخصية التى تتناول الرجل المعاق ذهنيا، بعد أن لعب دورا شبيها قبل نحو
خمس سنوات للمخرج رامى إمام وهو «غبى منه فيه»، الفيلم حقق وقتها قدرا من
النجاح الجماهيرى، ربما هذا ما دفع هانى وهو يبحث عن مشروع سينمائى أن يقبل
أداء الشخصية مجددا فى وقت شحّت فيه كل سبل العثور على مساحة فى الخريطة
السينمائية.
أتصور أن هانى أخطأ مرتين، فهو اختار أولا الاشتراك فى فيلم متواضع على
مستوى الفكرة والبناء الفنى، ومع مخرج تشى كل تجاربه السابقة أنه لا يملك
وجهة نظر فخسر ضربة البداية، ثم إنه ثانيا صار متوفرا وبكثرة فى الفضائيات
وكان يقدم برنامجا أسبوعيا عبر شاشة «إم بى سى مصرية» أقرب إلى «إستاند أب»
كوميدى، الجرعة كانت مشبعة جدا، وأتصورها لعبت دورا لأن يشعر المتفرج بأنه
يكتفى بهذا القدر من هانى.
المحطة الفضائية أوقفت البرنامج عندما استشعرت أنه لم يعد هناك رغبة لدى
الجمهور فى المزيد، يقولون إن المعزول كان غاضبا، ولهذا تم إيقافه فى صفقة
سرية مع القناة، ولا أعتقد أن هذا صحيحا وإلا فلماذا لا يعود البرنامج الآن
فى زمن الرئيس المؤقت، والحقيقة أن الدخول لمنطقة تقديم البرامج للنجم بقدر
ما تشعله جماهيريا فإنها فى نفس اللحظة تحرقه كلما طرحته وبالمجان فى كل
وقت.
كتاب السيناريو الثلاثة محمد النبوى وسامح سر الختم ومحمد علاء لم يفعلوا
أكثر من توزيع عدد من الإفيهات المرتبطة بمحمد مرسى على حسن حسنى، الذى
يؤدى دور مرشح للرئاسة، كما أن ما تبقى من إفيهات يردده هانى، الرهان
الحقيقى كان على الطفلة جنا من أجل حث الأطفال على قطع التذكرة فى العيد،
والمفاجأة التى لم تكن فى الحسبان هى أن الأطفال لم يشعروا أنه فيلمهم ولا
الكبار وجدوه فيلمهم.
أتصور أن هانى رمزى بات يستسهل فى تأدية أدواره ويعتمد على الملامح
الخارجية فى التقمص، ولهذا يلجأ إلى مثل هذه الأدوار التى تتوجه فيها طاقة
الممثل إلى المبالغة الحركية واللفظية. إنها بالطبع أفلام صُنعت ومرسى فى
الحكم، وكانت تسخر من رئيس جمهورية وهو على قمة الكرسى، ولكن بعد عزله فقدت
مشروعيتها فى الإضحاك بعد أن تم نزع فتيل الاشتعال.
مثل هذه الأفلام وأيضا المسلسلات والبرامج التى شاهدناها فى زمن مرسى،
والتى سمحت بكل هذه المساحة من الانتقاد الذى يطول رئيس الجمهورية أسقطت
القدسية عن الرئيس، ولكن يبقى أنه من الناحية السيكولوجية لم تعد الإفيهات
التى تتردد على مرسى تحقق الهدف منها، والفيلم كان حريصا على أن يقدم لمحات
من مرسى، وأيضا لمحات من توفيق عكاشة التى بدأت شخصيته بسبب تأثيرها فى
الشارع تتحول إلى «راكور» ثابت فى السينما، عدد كبير من الأفلام يحاول بين
الحين والآخر تقديم تنويعات عليها، وهكذا نجح عكاشة فى تصدير هذه الشخصية
لجمهور الشاشة الصغيرة فانتقلت للكبيرة. الموقف المتجمد الذى يكرره
السيناريو هو أن حسن حسنى باعتباره مرشحا للرئاسة دائما فى مؤتمر صحفى،
وهانى رمزى يفسد عليه الاجتماع، لم يستطع كتاب السيناريو الثلاثة أن يكسروا
تلك الحالة الصارمة.. تعويذة الطفل القادر على الجذب الجماهيرى التى تذكرنا
بأنور وجدى وفيروز لا يمكن تكرارها، فلا هانى أنور وجدى، ولا جنا فيروز،
وإفيهات مرسى والأصابع والقرد والقرداتى والحارة المزنوقة انتهت فترة
صلاحيتها. هانى رمزى لقى هزيمة رقمية نكراء، عندما تفوق عليه فى شباك
التذاكر حتى سامح حسين بفيلمه الردىء «كلبى دليلى»، وعليه أن يدرك أن هناك
من يدفعه للانزلاق إلى سكة اللى يروح ما يرجعش، ومع الأسف أراه أشد حرصا
على المضى قُدما وهو معصوب العينين فى طريق «الباى باى»!!
أنت أكيد فى مصر!!
طارق الشناوي
29/8/2013 9:20 ص
عندما تشاهد قبل يومين وزير الثقافة صابر عرب سارق جائزة الدولة التقديرية
2012 وهو يعلن أسماء الفائزين بجوائز الدولة 2013، دون أن تلمح حمرة الخجل
على وجهه يبقى إنت أكيد أكيد فى مصر.
عندما يعلن فى نفس اليوم د.حسام عيسى نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم
العالى اعتذاره عن الترشح قبل التصويت النهائى بساعات قليلة لجائزة النيل
فى العلوم الاجتماعية، رغم أن الأغلبية كانت ستصوت لصالحه، ويؤكد أنه لا
يقبل أخلاقيا قبول الترشح، نقول كمان لا يقبل أخلاقيا، لم يقل قانونيا ولا
سياسيا، ولكن أخلاقيا، يبقى إنت أكيد أكيد فى مصر، مصر التى ستولد من جديد
عندما نتخلص من هؤلاء الذين يتلاعبون بكل شىء ويتلونون مع كل طيف ويرقصون
على كل إيقاع.
هذا هو الدرس الذى مع الأسف لم يتعلمه كثيرون وعلى رأسهم وزير الثقافة،
الذى لم يكلف نفسه حتى بالدفاع عن نفسه وتبرير قبوله الترشح للجائزة فى
العام الماضى وهو الوزير المنوط به منح الجائزة، ومن الممكن بالطبع فى زحام
الأحداث التى يعيشها الوطن أن ينسى الناس ما فعله صابر، ولكن ألم يذكرهم
الموقف الأخلاقى لدكتور حسام عيسى بأن هناك على المقابل من منح القواعد
الأخلاقية إجازة مفتوحة؟
كل ما فعله صابر للتغطية على تلك الجريمة هى اللعبة المكشوفة، عندما استقال
من الوزارة قبل إعلان الجائزة بأسبوع واحد فقط، بعد أن اطمأن أن الأمر صار
تحت السيطرة و«باقى ع الحلو دقة»، لأنه من غير الممكن أن يعلن وزير الثقافة
فى مؤتمر صحفى اسمه ويهنئ نفسه بالأصالة عن نفسه بحصوله على الجائزة.
المشهد الذى انتظرته بعد إعلان الجوائز على الهواء عندما فتح الوزير باب
الأسئلة للزملاء الصحفيين، أن أستمع إلى سؤال خارج الصندوق، مع الأسف جاءت
الأسئلة كلها داخل المقرر، هناك من يقول له نريد أن نعرف أسباب الفوز أو
متى تسلم الشهادات أو الميداليات الذهبية، وغيرها من الكلمات الفاتحة
للشهية التى ترضى فى العادة غرور المسؤول، كم تمنيت أن يطلب منه أحدهم أن
يعقب عن خبر اعتذار د.حسام عن الترشح، بالتأكيد كان سيشنف آذان الزملاء
بعبارات المديح والإطراء على نائب رئيس الوزراء، وبعد أن يحصل منه الزميل
على تلك الإجابة يوجه إليه السؤال الثانى لماذا وافقت أنت العام الماضى على
الترشح وأنت وزير.
لن أكف عن القول إن الوسط الثقافى وأيضا من يعملون فى بلاط صاحبة الجلالة
فى دائرة الدولة مسؤولون عن تفشى مثل هذه الظاهرة فى عديد من القطاعات،
صمتهم الدائم عن فضح المخالفات هو الذى يأتى مجددا ولثالث مرة على التوالى
بصابر على مقعد الوزارة.. الثورة الحقيقية التى كنت أنتظرها فى الوزارة بعد
إسقاط الوزير الإخوانى علاء عبد العزيز هى ثورة ضد كل مظاهر الفساد، كيف
يقبلون على أنفسهم أن يصبح هذا الوجه الذى انتزع الجائزة عنوة على مرأى
ومسمع من الجميع هو واجهة المثقفين الرسمية؟ مع الأسف آسر أغلب الكبار
الصمت الرهيب، تسألونى لماذا؟ لأنهم مشغولون بمصالحهم الصغيرة، ولنكن
صرحاء، صابر سيسعى لكسب ودهم وأغلبهم سوف يحسبها هكذا، والوزير موظف مخضرم
ويدرك أن هذا ينتظر جائزة من الدولة هو قادر باعتباره رئيسا للمجلس الأعلى
للثقافة أن يساعده فى اختصار الطريق إليها، وذاك يطمع فى سفر على حساب
الدولة سيجد توقيع الوزير جاهزا، وهناك من يريد الدولة أن تطبع أعماله
الأدبية الكاملة فى كتاب أنيق وسوف يتولى صابر عمل اللازم.
لا أتصور أن الأمر غامض أو ملتبس، نحن مع وزير ثقافة احتوى الوسط أقصد
بالطبع أغلبه، وهم مستعدون لعقد هذه الصفقة، لن نثور ضدك ولن نطالب بإسقاطك
طالما أنت تنفذ طلباتنا، قرأت عمود كاتبنا الكبير فاروق جويدة أمس فى جريدة
«الأهرام»، وبدأه بالثناء على موقف د.حسام عيسى، ولكنه أنهى كلمته مطالبا
صابر بوضع الضوابط حتى لا يتكرر منح جوائز الدولة لمن لا يستحقها، كأنه
يسلم القط مفتاح الكرار، عندما يحدث كل ذلك يبقى إنت أكيد أكيد فى مصر.
أنا والفيسبوك!!
طارق الشناوي
28/8/2013 5:01 ص
بين الحين والآخر أجد نفسى مع أصدقاء «الفيسبوك» نتبادل الآراء، وحتى تتسع
الدائرة فهو ليس حديثا خاصا، ولهذا قررت عزيزى القارئ أن أشركك فى بعض من
هذه الومضات.
الكتابة على «الفيس» تشبه الوقوف على خشبة المسرح، أنت تكتب وتحصل مباشرة
على استلطاف أو استهجان أو عدم اكتراث القراء، وهو أشد أنواع العقاب ضراوة،
بينما الكتابة فى الجريدة مثل الاشتراك فى فيلم سينمائى، عليك أن تنتظر
موعد عرضه أو نشره، وكل مليحة بمذاق كما قال أمير الشعراء أحمد شوقى.
*
صديقى المخرج الكبير داوود عبد السيد حصل على جائزة الدولة التقديرية فى
الفنون، أرى الجائزة وهى ترقص فرحا ونشوة بداوود، أخيرا جاءت الجائزة لمن
يستحقها.
*
لا أدرى لماذا يتعجب الناس من كثرة السرقات اللحنية والشعرية لمصطفى كامل،
لقد دخل للحياة أساسا بعد أن سرق اسمه من الزعيم الوطنى مصطفى كامل.
*
اليوم عيد تجلّى العذراء أطهر نساء العالمين، كل سنة وكل المصريين أقباطا
ومسلمين بخير ونضىء كل الشموع لستّنا مريم.
*
استيقظت على صوت أجراس الكنيسة فوجدت السكينة تسكن قلبى، دقات الكنيسة مثل
صوت الأذان كل الطرق تؤدى إلى الله، يشعر بها فقط تلك القلوب التى ينيرها
الإيمان.
*
عُدت قبل لحظات من عزاء المخرج الكبير توفيق صالح، كانت مظاهرة حب استمرت
قبل ساعتين من حظر التجوال، من حسن حظى أننى اقتربت من هذا الفنان الكبير
الذى كان أيضا إنسانا كبيرا فى زمن شحت فيه الإنسانية وتقزم الإبداع.
*
لم أشاهد مرتضى منصور ولن أشاهده فى برامج «التووك شو» منذ ثورة 25 يناير،
ورغم ذلك أغلب أصدقائى على «الفيس» شاهدوه ولعنوه بسبب انفلات لسانه، هل
فوجئتم بالشتائم؟ المؤكد كنتم تتوقعونها، هل من يتابعه يجد لذة فى الاستماع
إلى كل هذه اللعنات التى ينهال بها على كل خلق الله، فلماذا إذن تلعنونه.
*
وزير الثقافة الذى وافق على تأجيل هذه الدورة من مهرجان القاهرة التى كان
مقررا إقامتها 21 نوفمبر القادم هو نفسه وزير الثقافة، الذى وافق على إقامة
مهرجان الإسكندرية يوم 11 سبتمبر برغم تطبيق قانون حظر التجوال، وكم ذا
بمصر من مضحكات.
*
من المؤكد أن الله قد غفر لى ما تقدم من ذنوبى وما تأخر، لأنى تعذبت بما
فيه الكفاية وأخذت فى الدنيا عقابى كاملا «تالت ومتلت» وزيادة شوية بعد أن
تحملت مستعينا بالصبر أفلام العيد الخمسة، واشتكى الصبر من طول صبرى.
*
من يطرحون اسم حمدين صباحى مرشحا محتملا للرئاسة، كأنهم يطرحون اسم حسام
حسن ليلعب مجددا فى فريق الأهلى، حمدين انتهى عمره الافتراضى فى التطلع
لرئاسة مصر وينتظر مباراة اعتزال، يخرجها سينمائيا خالد يوسف.
*
النهارده نمنع المسلسلات التركى لغضبنا من أردوغان، بكرة ترفع كل مقاهى مصر
شعار ممنوع تناول القهوة التركى استبدلوها بالمشروب المصرى الأصيل العناب.
*
فقدنا عمود النقد السينمائى وعمود خيمة النقاد العرب برحيل رفيق الصبان.
*
عدد كبير من الذين أشاهدهم ويطلقون عليهم فى الإعلام خبير استراتيجى عندما
يتكلمون أشعر أنهم لم يكملوا بعد تعليمهم الإلزامى.
*
الذين يريدون إسناد حقيبة نائب رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية لعمرو موسى
خلفا للبرادعى، مثل الذين أسندوا دور إغراء فى فيلم «البرنسيسة» إلى علا
غانم، عمرو فى الدبلوماسية وعلا فى الإغراء أصبحا خارج نطاق الخدمة.
*
سيد حجاب قامة وقيمة شعرية استثنائية إنه الهادئ فى زمن الصخب والمبدع فى
دنيا القحط، تأخرت جائزة الدولة كثيرا كثيرا، ولكنه لم ينتظرها هى التى
كانت تنتظره.
* «الجائزة
منورة بأهلها» مبروك حصول كاتبنا الكبير محفوظ عبد الرحمن على جائزة النيل.
*
حبيب القلب يا ناسينى/ يا فاكر قلبى بعذابك.. لو أنساك يوم ألاقينى/ نسيت
النوم على بابك. الله الله، موسيقى عبد الوهاب وشعر حسين السيد مضاد طبيعى
وبلا آثار جانبية ضد الاكتئاب.
وأنهى اللقاء مع كلمات سيد الكلمات جبران خليل جبران «أيها المراؤون توقفوا
عن الدفاع عن الله بقتل الإنسان، دافعوا عن الإنسان كى يتمكن من التعرف إلى
الله».
وعلى أوباما نعامة!!
طارق الشناوي
27/8/2013 9:25 ص
هل تصدقون أن الوسط الفنى وغرفة صناعة السينما وجبهة الدفاع عن حرية
الإبداع والقنوات الفضائية سيفعلون ما تردده الصحف الآن ويقاطعون الفيلم
الأمريكى؟ صدقونى لن يُقدموا على هذه الخطوة، سيتراجعون ألف مرة، بالطبع
سوف تستمع إلى كلمات حنجورية، لا للسينما الأمريكية، نعم سنتصدى لتغلغل
الحُلم الأمريكى حماية لتغلغل الحُلم المصرى، فلتسقط إنجيلينا جولى ولتحيا
غادة عبد الرازق.
إلا أنهم حين البأس لن يستطيعوا أن يتقدّموا للأمام خطوة واحدة فى هذا
الشأن وكلمتهم «ح تنزل المرة دى».
لو تعمّقت قليلًا ستكتشف أنهم كانوا أسودًا على الدراما التركية، لكنهم
نعامة عندما تعلّق الأمر بالفيلم الأمريكى، تراجعوا جميعًا «كش ملك»،
دائمًا فتش فى تلك القرارات عن الحكمة الخالدة «المصالح تتصالح»، فلقد
تصالحت مصالحهم عندما تعلّق الأمر بالدراما التركية، الحكاية فى عمقها ليست
لها علاقة بالوطن وبمواقف أردوغان كما صدّروا للرأى العام، إنه فقط صراع
يعبر عن مصالح شركات إنتاج تليفزيونية وقنوات فضائية وفنانين، سواء أكانوا
كتابًا أو مخرجين أو نجومًا استشعروا أن هناك منافسًا يقاسمهم أرزاقهم، وهو
المسلسل التركى، وصار يشكّل كابوسًا بالنسبة إليهم، واعتقدوا لو أنهم
تخلّصوا منه فسوف يصبحون وحدهم فى الميدان ويشغلون كل المساحات الدرامية،
ولهذا تتعجب مثلًا عندما تجد أن «جبهة الدفاع عن حرية الإبداع»، تطالب
بالمصادرة والمنع ويعلنون للرأى العام أنهم يفعلون ذلك حماية للوطن، رغم أن
الحرية قيمة عامة وليست قاصرة على فصيل أو اتجاه، وتقفز فوق الحدود
الجغرافية والعرقية.
الفيلم الأمريكى صفقة تحقّق أرباحًا لعديد من الجهات، ربما فقط ستنجو من
هذه اللعبة نقابة السينمائيين التى ستصدر بيانًا، إلا أنه فى نهاية الأمر
لن يصبح له أى تأثير يُذكر، بينما غرفة صناعة السينما، والتى يشارك فى
عضويتها مع المنتجين أصحاب دور العرض وموزّعو السينما، هؤلاء بالتأكيد لن
يضحّوا بما يحقّقه لهم الفيلم الأمريكى من مكاسب فى دور العرض، ومع تراجع
الإنتاج السينمائى المصرى، فإن مَن يشغل الشاشات الخاوية حاليًا هو الفيلم
الأمريكى، كما أن القنوات الفضائية المتخصصة فى السينما لن تستطيع
الاستغناء عن الفيلم الأمريكى فهو يشكل 70% على الأقل مما تبثّه للناس. أنا
بالطبع ضد المصادرة وأرى أنها سلاح الضعفاء الذين لا يملكون ما يقدمونه
فيلجؤون إلى إزاحة المنافس، ولهذا فأنا لا أطالب بالطبع بإصدار قرار
بمقاطعة الفيلم الأمريكى، ولكن هدفى أن أفضح حالة التناقض التى تعيشها
الأجهزة فى مصر، وكيف أن بعض القضايا ترتدى زيًّا وطنيًّا، والوطن منها
براء، لا أنكر أن الغضب فى الشارع متوفّر ومثل هذه القرارات تدغدغ المشاعر
الوطنية للوهلة الأولى، ولكنها تسقط بعد ذلك ويبقى فى الحقيقة الجانب الآخر
من الصورة وهو اللعب بالموقف الثورى من أجل تحقيق مكاسب لحظية، وهم لا
يدركون أن المواطن فى أى لحظة سيدرك ببساطة أنهم «يشتغلونه».
لماذا صرنا بكل هذه الحدة؟ فى الحقيقة إن ما نعيشه هو أشبه ما يكون بموقف
ثابت لا نزال نتحرك داخل قواعد قانون المظاهرات، وفى المظاهرة الناس لا
تنتظر أن تقول لهم قصيدة حافظ إبراهيم «وقف الخلق ينظرون جميعًا كيف أبنى
قواعد المجد وحدى»، لن ينصت إليك أحد، هم يريدون كلمات ساخنة، وكلما زادت
مساحة التطرف والحدة وجد الصوت صدى أكبر، ولهذا ستكثر فى هذه الأثناء مثل
هذه الأصوات ثم تتبدد وكأنها لم تكن، لأن المواطن فى علاقته بالثقافة
والفنون لن يخلط بين الأمور.
بالتأكيد، يومًا ستخبو مشاعر الناس تجاه الدراما التركية، سيتركونها إلى
غيرها حتى لو كانت العلاقات السياسية فى عز وهجها وتألقها، أتذكّر فى
الثمانينيات كان الفيلم الهندى فى الشارع هو سيد الموقف، حتى إننا فى
أمثالنا أصبحنا نردد على سبيل التعجب «أروع من سانجام وأقوى من سوراج»، وهى
عناوين أفلام هندية حقّقت نجاحًا ضخمًا ثم ماتت تلك الحميمية ولم يعد أحد
يقطع تذكرة للفيلم الهندى. المشاعر فقط هى التى تحدّد بوصلة التوجه الفنى،
ولكننا صرنا نبيع الوطن لتحقيق المصالح والصفقات، وهكذا سيظل صُنّاع مثل
هذه القرارات العنترية أسودًا على أردوغان وعلى أوباما نعامة.
أفلام تستحقّ الحظر!
طارق الشناوي
26/8/2013 2:07 ص
كتبتُ هذا العمود قبل تطبيق قانون حظر التجوال وتتابعت الأحداث التى كانت
تأخذنى والقراء بعيدًا عن السينما، إلا أننى وبمناسبة الانفراجة التى حدثت
مؤخرًا فى الشارع واسترداد المواطن المصرى ساعتين من يومه قررت ابتهاجًا
بهذه اللحظة التاريخية أن أفرج عن هذا العمود الذى كان هو أيضًا تحت وطأة
الحظر.
أرُوح ما أرُوحش، أنا خايف أرُوح أنا خايف، كانت هذه هى مشاعرى مع فيلم
العيد «البرنسيسة» الذى جاء ترتيبه الخامس بالنسبة إلىّ وأيضًا للجمهور،
توقعت بالفعل كارثة إلا أن الواقع فاق التوقع.
ليس جديدًا أن تقدم السينما أفلامًا رديئة، عادتها ولن تشتريها، ولكن كل
شىء فى الدنيا يخضع للحد الأقصى المسموح فحتى الرداءة لها قانون، أتحدث عن
الرداءة لا التجارية فما بالك ونحن نتابع فيلمًا لا يكتفى بهذا القدر ولكنه
أيضًا بليد بل ومنفِّر.
أتذكر أننا عشنا فى الثمانينيات فى ظل تردٍّ سينمائى شديد حيث ظهر مصطلح
بات يُتداول حتى الآن وهو أفلام «المقاولات» كان مقصودًا بها تلك الأفلام
المحدودة فى ميزانيتها والتى كان منتجوها لا يعنيهم شيئا سوى سرعة التنفيذ
وبأقل التكاليف، لأن هذا الفيلم أو ما اصطُلح على أن نطلق عليه فيلمًا سوف
يعبَّأ على شريط فيديو كاسيت ويرسَل إلى السعودية حيث واكب هذا النوع من
الأفلام انتشار الفيديو فى وقت لا توجد فيه دور عرض هناك، لم يكن يعنى أحد
العرض السينمائى فى مصر وكانت الصحافة لا هم لها سوى انتقاد هذه الأفلام
وأقلام الزملاء كانت لا تكفّ عن استخدام أوصاف مثل التردى والإسفاف تلحقها
بهذه الأفلام التى شارك فيها أحمد بدير وسعاد نصر ونجاح الموجى ويونس شلبى
وسعيد صالح وسمير غانم وكان يخرجها ويكتبها عدد من المغمورين الذين لم يعد
يتذكرهم أحد الآن.
سألت فى منتصف الثمانينيات الراحل الفنان الكبير السيد بدير وهو أهم كاتب
حوار سينمائى فى تاريخ السينما المصرية هذا ليس رأيى فقط ولكنه نتيجة
استفتاء أجراه مهرجان القاهرة قبل أكثر من 15 عامًا وأظن لو أجريناه مرة
أخرى الآن فلن تتغير النتيجة، فقال لى السيد بدير مشكلة هذه الأفلام ليست
فى أنها تقدم تهريجًا سينمائيًّا ولكن لأنهم لا يدركون أن للتهريج قواعد
وأصولا، لم تغادر هذه الكلمة ذاكرتى «للتهريج أيضًا أصول».
«البرنسيسة»
يقدّم بضاعة سينمائية مضروبة ولكن صناع الفيلم فاتهم أن يراعوا فروق
التوقيت، المخرج وائل عبد القادر معه من حطام الدنيا علا غانم وضياء
المرغنى وراندا البحيرى وعليه أن يصنع فيلمًا عن عالم الدعارة، إذن
المعادلة كباريه وحشيش وجنس وراقصة وأغانٍ هابطة من تلك التى ملأت حياتنا
فى الآونة الأخيرة وبيئة عشوائية تعيش فيها البطلة فى بداية الأحداث، كل
شىء متوفر إذن لتحقيق رقم غير مسبوق فى شباك التذاكر، حتى المؤلف ينتمى إلى
عائلة السبكى، أى أنه أخذ سر الصنعة من العائلة، ولكن من يقدم تلك الوصفة
فاته أنه يقدم فنانين لم يعد أحد ينتظرهم بالطبع حرصت علا غانم على أن
يسبقها على الأفيش لقب نجمة حتى لا يتشكك أحد فى نجوميتها، وأنها قادرة
بمفردها أن تحمل الفيلم على كتفيها، علا دخلت معركة ماراثون أفلام العيد
يسبقها مسلسلان احتلا ذيل القائمة أيضًا فى رمضان «الزوجة الثانية» و«مزاج
الخير» ولا تزال تحتفظ بالذيل.
لم تستطع طوال المشوار أن تحقق فى السينما خطوات أبعد من مكانة البطلة
الثانية، حاولوا فى مرحلة ما أن يصنعوا منها نجمة إغراء ولكن باءت المحاولة
بالفشل الذريع، فما الذى يدفع المخرج إلى تكرار المحاولة، وهل من الممكن أن
يصبح البطل الذى يقف أمامها هو ضياء الميرغنى وهو لا يقدم فى الأفلام أكثر
من مشهد أو اثنين وأقصى ما يطمع فى تحقيقه هو أن ينجح فى الإمساك بإفيه
ضاحك، لا يهم حكاية الفيلم وتفاصيلها ولكن تُقتل علا غانم ويغلق كباريه
«البرنسيسة» وتنتهى الأحداث وتلفَّتُّ حولى بحثًا عن الجمهور فلم أجد غيرى
فلقد فرّ العدد القليل منهم من دار العرض فرار الصحيح من الأجرب.
صمدتُ لأن مهنتى تتطلب منى أن أتحمل حتى النهاية وترحمت على أفلام
المقاولات وعلى زمن أفلام التهريج وحتى تلك التى كانت تخترق بغشومية قانون
التهريج، الله يرحم أيام الفنان الكبير السيد بدير. حقًّا إنها أفلام لا
تستحق سوى الحظر!
نزيف المال العام!
طارق الشناوي
25/8/2013 3:47 ص
تأجلت مواعيد كل المهرجانات السينمائية، القاهرة والأوروبى والأقصر، بسبب
الدواعى الأمنية، بينما المهرجان الوحيد الذى حرص صُناعه على استمراره، رغم
أنه تقع فاعلياته فى توقيت الحظر من 11 سبتمبر وعلى مدى خمسة أيام فهو
«الإسكندرية».
كل المهرجانات الأخرى كانت من المفروض أن تفتتح فعليا بعد نهاية الموعد
الرسمى لتطبيق الحظر بعدة أسابيع أو شهور ورغم ذلك لم تجرؤ على إعلان
استمرار الفاعليات، ولهذا ينبغى أن نقف مبهورين بهذا القرار الشجاع الذى
اتخذه المسؤول عن مهرجان الإسكندرية، خصوصا أن الهدف المعلن هو توصيل رسالة
للعالم يقول من خلالها إن الفن يقاوم الإرهاب، فى الحقيقة كلام جميل جدا
وكلام معقول جدا جدا، هدف المهرجان إذن هو توصيل رسالة للعالم تؤكد أن مصر
بخير، هذه الرسالة العظيمة من الممكن أن تصل للعالم كله بدون أن تتكبد
الدولة التى تعيش فى ضائقة مالية قرابة 2 مليون جنيه رصدتها وزارة المالية
للمهرجان، والتى سيتم استنزافها على الأرض بدون أن يصل المهرجان لمستحقيه،
أقصد للجمهور المستهدف وهم أهالى الإسكندرية. المهرجان لا يقام للصحفيين
والنقاد والفنانين الذين يتم اصطحابهم من القاهرة ولكن للجمهور، فهل
جمهورنا فى تلك اللحظات مهيأ نفسيا للذهاب إلى دور العرض، خصوصا أنه طبقا
للقانون لا يستطيع مغادرة بيته مساء، وعليه أن يبدأ من الخامسة عصرا لو كان
فى الشارع فى وضع الخطة المحكمة للعودة للمنزل، ولا يمكن لأى مسؤول إلا أن
يتعامل وفقا لهذه الحقائق، هناك احتمال مثلا أن تتغير مواعيد العمل بقانون
الحظر، ربما يتم تخفيض عدد الساعات ربما، ولكن لا يمكن أن يتم وضع خطة تحت
رحمة«رُبَّمَا».
فى الحقيقة لن نقيم مهرجانا به أفلام وندوات ولقاءات ونجوم وعروض ممتدة كما
هو مفترض حتى الواحدة فجرا ولكن طبقا للقانون فإن آخر حفل سينمائى تسمح به
الدولة هو حفل الثالثة عصرا، ولو راجعنا أرقام العام الماضى سنكتشف أن
جمهور الإسكندرية لا يذهب لمشاهدة أفلام المهرجان، وأنه بعد تطبيق قانون
الطوارئ لم يعد يذهب أصلا للسينما ومزاجه النفسى غير مهيأ على الإطلاق.
وتبقى الرسالة العظيمة التى نريد أن نوصلها للعالم، وهى أن مصر بخير وتلك
من الممكن أن نحققها بأقل القليل من النفقات ويستطيع المهرجان أن يخاطب
وزارة المالية ويضرب مثلا يحتذى فى الحفاظ على المال العام ويطالب بتوجيه
هذا المبلغ لأسر ضحايا رفح، تخيلوا قوة هذه الرسالة عالميا، وفى نفس الوقت
يتم اختصار زمن التظاهرة إلى يوم واحد ويستطيع النجم الكبير محمود عبد
العزيز ابن محافظة الإسكندرية رئيس شرف المهرجان أن يجمع أغلب فنانى مصر فى
هذا اليوم، وأن يقدموا مع عدد من فنانى العالم إذا كانوا حقا سيأتون من كل
فج عميق كما تؤكد إدارة المهرجان ونعلن للعالم كله أن فنانى مصر، بل
والعالم أجمع جاؤوا إلى الإسكندرية وأننا ندين التطرف والإرهاب.
هناك بالتأكيد مأزق لوزير الثقافة صابر عرب، فهو لم يدرك هذا التناقض، كيف
يوافق على أن يتم تأجيل مهرجان القاهرة السينمائى لدواعٍ أمنية، والذى كان
مقررا إقامته فى نهاية شهر نوفمبر وفى نفس الوقت يوافق على أن يرعى مهرجانا
آخر يقام فى توقيت أشد خطورة. الرجل منذ التجديد له لثالث مرة وزيرا
للثقافة وهو يعيش خارج الزمن، ولكنى أرى أن محافظ الإسكندرية الجديد اللواء
طارق البدوى والذى يقام المهرجان تحت رعايته من الممكن أن يتبنى تلك الفكرة
وتصل الرسالة للعالم، وفى يوم واحد يبدأ من الصباح ويتم فى البداية تكريم
الراحلين رفيق الصبان أحد أهم علامات النقد والسيناريو والمخرج الكبير
الراحل ابن الإسكندرية توفيق صالح أيقونة السينما العربية، ويُعرض فيلم
قصير أفضل حالا بالطبع من الفيلم الهزيل الذى عرضته وزارة الثقافة فى ما
أطلقوا عليه قبل أيام مؤتمرا عالميا فجاء فضيحة بجلاجل. أعلم بالطبع أن
هناك دعوات أرسلت ومن سيأتى إلينا فى تلك الظروف غير المواتية يجب الاحتفاء
به، ولكن لا يمكن أن نخدع أحدا ونعلن أننا نقيم مهرجانا.. إنها فقط رسالة
نبيلة نبعثها للعالم، وهى أن مصر بلد الأمن والأمان، وفى نفس الوقت نوقف
نزيف المال العام!
كيف نواجه «الجزيرة»؟
طارق الشناوي
24/8/2013 12:28 ص
سلاح المصادرة هو الضربة القاضية التى تنهى تمامًا هذا الصداع الذى تبعثه
تلك القناة التى تثير القلائل والذعر وتبث الشائعات، ولأننا نعيش على سطح
صفيح ساخن، فإن أى حديث عن حلول أخرى هو بمثابة بيع للقضية، ولهذا نقرأ
عشرات من المقالات لمتخصصين وأساتذة فى الإعلام وعدد من المثقفين كلهم
يحثّون الدولة ممثلة فى وزيرة الإعلام على سرعة اتخاذ هذا القرار، بل إننا
لو عدنا إلى مقالات د.درية شرف الدين قبل أن تجلس على كرسى وزارة الإعلام
سنكتشف أن تلك هى قناعاتها الشخصية، فما بالكم لو أن هناك رغبة سيادية وفى
نفس الوقت محاطة بحماية شعبية، ورغم ذلك فإن سلاح القمع أصبح من الناحية
العملية غير مجدٍ، لو صادرت «الجزيرة» من «النايل سات» ستظهر على «العرب
سات» ولو طاردتها أو شوشرت على ترددها فى «عرب سات» ستظهر مجددًا من أى «سات»
آخر، لو أغلقت المكتب فى القاهرة فإنه فى ظل التطور الحادث فى دنيا
الاتصالات سوف يحصلون أيضًا على المادة المصورة من خلال أى تليفون محمول،
الإعلام يحارب ويواجه بإعلام موازٍ يفضح أى تجاوز ويقدم الحقيقة كاملة،
عندما يرى المشاهد مصريًّا كان أم عربيًّا الصورة من كل الجوانب على
القنوات المصرية، فما الذى يدفعه ليدير الريموت إلى «الجزيرة».
أدرك من خلال متابعتى أن «الجزيرة» متحيزة، فهى مثلًا تقدّم أى مظاهرة
إخوانية محدودة بقدر مفرط من الإلحاح، رغم أن عدد المشاركين فيها ربما لا
يتجاوز بضع مئات، وتواصل بثّها عشرات المرات، فتوحى أن هناك قوة أخرى
موازية للدولة، لو أن إحدى القنوات المصرية نقلت هذه المظاهرة مباشرة للناس
ووضعتها فى حجمها وإطارها الحقيقى، فلن يشاهد أحد «الجزيرة»، نخطئ كثيرًا
كإعلام وطنى عندما نعتقد أن غض الطرف عن حدث مهما كان صغيرًا يعنى إلغاءه
ونفيه، التصدى لـ«الجزيرة» له طريق واحد وهو المواجهة.
أول من أمس مثلًا كان على «الجزيرة» ثلاثة من كبار الكتاب، حسن نافعة
وسليمان جودة وأيمن الصياد، طلبوا من نافعة وجودة التعليق على مظاهرتين،
فأشار الكاتبان إلى حجمهما الحقيقى وتساءلا عن سر الحفاوة الزائدة بهاتين
المظاهرتين فى «الجزيرة»، ثم جاء دور الضيف الثالث أيمن الصياد، وكان
محاوره المذيع المخضرم جميل عازر، وتصوّر أنه سوف يقدّم وصلة مديح فى مرسى
ولم يدرك لا هو ولا فريق الإعداد أنهم استضافوا الرجل الخطأ، فهو قد استقال
منذ شهر نوفمبر الماضى من عمله كمستشار لمحمد مرسى، بل كانت لديه مقالاته
التى احتج فيها على توجهات الدولة الإخوانية وحذّر من تلك النهاية، وهنا
تكتشف أن الإعداد داخل «الجزيرة» تنقصه المعلومة الدقيقة، فهم أرادوا
باستضافة الصياد أن يصبح سلاحًا لهم لا عليهم.
لن تستطيع «الجزيرة» أن تكتفى بوجهة نظر واحدة، لو فعلت ذلك فلن يشاهدها
أحد، لكنها بين الحين والآخر مضطرة لتقديم الوجه الآخر، أتذكر قبل نحو
أسبوعين موقفين متعارضين، رفض عمرو الشوبكى الظهور على موجتها وقرر
المقاطعة، بينما حسن نافعة اختار الموقف الصحيح، وهو أن يذهب إلى الدوحة
ويدافع عن رأيه على أرضهم.
فى بداية شهر رمضان، تلقيت دعوة للحديث عن مسلسلات رمضان عبر القمر من مكتب
القاهرة، كان السؤال عن الجرأة السياسية فى تلك المسلسلات وتوقعت بالطبع أن
المقصود هو أن هذه المسلسلات تم تصويرها فى عهد مرسى، وبالتالى فهى دلالة
على سماحه بالحرية، قلت للمذيعة الإيمان بالحرية يعنى أنك كنت تملك القدرة
على المنع فانحزت إلى الحرية، وأضفت أن السلطة فى عهد مرسى كانت تتمنى
ولكنها لم تستطع، ولهذا لا نصف مرسى بأنه كان مؤمنًا بالديمقراطية، لأنه
حاول أكثر من مرة عن طريق النائب العام مطاردة عدد من مقدمى برامج «التوك
شو»، وهدد فى خطابه قبل الأخير أصحاب عدد من القنوات بالملاحقة القانونية.
المصادرة كانت ولا تزال سلاح الضعيف، من لديه الحجة ينتصر، وخطورة تشريع
المصادرة أنك غدًا ستجد أيضًا مَن يصادرك إذا وقفت على الجانب الآخر،
اكشفوا وافضحوا «الجزيرة» بالمعلومة والحقيقة الدامغة، وتلك هى المصادرة
الناعمة وسوف يتجاهلها الريموت، لأن المشاهد افتقد الثقة فى ما تبثّه وهى
أشد فتكًا وضراوة وفاعلية من المصادرة الحديدية.
صفوت أصله صفوة!
طارق الشناوي
23/8/2013 4:25 ص
بإيجاز وخفة دم وأريحية عبّر المصريون عن رأيهم فى صفوت حجازى بتلك النكتة
عندما سأله المحقق «إيه رأيك يا دكتور صفوت فى الانقلاب اللى قام به الجيش»
رد عليه «قصد سيادتك ثورة 30 يونيو اللى قام بيها الشعب»!
هذه المرة خابت توقعات صديقى فنان الكاريكاتير المصرى الأول عمرو سليم
عندما قدم أكثر من مرة على صفحات «الشروق» صفوت حجازى وهو يرتدى النقاب
استعدادا للهروب جوًّا إلى تركيا أو قطر أو إيران، من الواضح أن صفوت أراد
أن يفاجئ الجميع فصبغ شعره وأطلق لحيته وشنبه دوجلاس وارتدى جلبابا بدويًّا
وهمّ بالهروب برًّا إلى ليبيا وكأنه يقول لعمرو «عليك واحد».
تتذكرون المشهد الختامى لصدّام حسين الذى تم تصويره قبل عشر سنوات بتليفون
محمول وهو فى طريقه إلى حبل المشنقة كيف كان شجاعا وهو يواجه الموت، لم
يطلب الصفح من أحد ولم يتراجع ولم يفقد السيطرة على أعصابه ولم تخذله قدماه
وهو يصعد إلى المقصلة، نعم كان سفاحا وديكتاتورا وقتل شعبه ولكنه فى نفس
الوقت ظل شامخا حتى اللحظة الأخيرة، بينما لو استرجعنا صفوت حجازى ومشهده
الأخير وهو يتناول ساندوتش الفول وأمامه زجاجة المياه المعدنية متنصلا من
كل مواقفه وتهديداته وخطبه النارية التى أعلنها فى «رابعة» بل يقول إنه لم
يكن يستعدّ للهرب وسلّم نفسه بنفسه للجهات المختصة، رغم أنهم ألقوا القبض
عليه على الحدود الليبية، استرجِعوا مواقفه قبل «رابعة» كيف كان يبدو دائما
قويا شجاعا رابط الجأش واثق الخطوة يمشى ملكًا وهو يتوعد الجميع ويتحدث
بيقين مفرط فى الفضائيات ويعترض على هذا المذيع ويهين الآخر وتنفلت من فمه
الاتهامات ويحرص على أن يعلن دائما أن الحق إلى جانبهم وأنهم مؤيَّدون بقوة
من السماء، كان واحدا من نجوم الإخوان الذين يخاطبون العالم فى فضائية
«الجزيرة» ويبدو أنه لم يدرك مثل كثيرين سبقوه أننا نعيش عصر التوثيق، لا
أحد من الممكن أن يخدع أحدا أو يُزايد أو يلجأ إلى التبرير الساذج مثل صفوت
فهو يبحث عن مخرج قانونى، مؤكدا أنه مش إخوان بس كان متعاطفا معهم، معقول
كل ده وأنت مش إخوان أمال لو كنت إخوان بحق وحقيقى كنت عملت إيه؟! كان صفوت
واحدا من أبرز الوجوه فى الإخوان بحكم أنه والبلتاجى والجزار يجيدون
التعامل مع «الميديا» ولهذا فهو لا يستطيع أن يتنصل من أقواله لأنها متوفرة
وبكثرة على «يوتيوب» والحقيقة أن ما فعله صفوت سبقه إليه العديد من
الفنانين والمثقفين عندما أنكروا كل ما قالوه وكرروه فى زمن مبارك وعلى
مختلَف الفضائيات، منذ ثورة 25 يناير ونحن نعيش تلك الحالة من الإنكار،
الكل يقول «أبدا ماقلتش، أبدا لم أكن داعما للتوريث»، ولهذا لم أستبعد أن
يقول حجازى إنه لم يحمل سلاحا بل ولم يرَ سكينا فى «رابعة» على الرغم أنه
فى حوار تليفزيونى ذكر أن لديه سلاحا مرخَّصًا ومن حقه أن يحمله معه فى كل
وقت.
ربما هى حيلة قانونية حتى لا تتم إدانته ويطول بقاؤه فى السجن لأنه محاصَر
بعديد من الاتهامات مثل تكدير السلم الوطنى والحض على القتل وتحريض
المتظاهرين ضد الدولة، وجميعها حتى لو أفلت فيها من حبل المشنقة فإنها
تؤهله لا محالة إلى السجن المؤبد، أتصورها حجة قانونية ساذجة لأن التسجيلات
التى تدينه موثقة، إلا أن أمامه مخرجا وحيدا أن يصبح شاهد ملك يروى
التفاصيل وتفاصيل التفاصيل ويفضح الجماعة وسنين أبو الجماعة مقابل أن لا
تتم ملاحقته قانونيًّا، التركيبة الشخصية لحجازى تتيح له أداء هذا الدور
ومثل هؤلاء يواصلون بجلد تخين الحياة خارج السجن ولكن حتى أشد خصوم الإخوان
لا يحترمون تلك النوعية من البشر.
لن يسفر الأمر فقط عن صفوت، أوقن أن هناك آخرىن كنا نشاهدهم طوال عام من
حكم الإخوان وهم يوجِّهون مدفعيتهم الثقيلة ضد من يعترض على مرسى سوف
يصبحون هم أصحاب الصوت الأعلى والمدافع الشرس عن ثورة 30 يونيو ويضع صباعه
فى عين من يصفها بالانقلاب ولا يتورع عن أن يهتف قائلا «بالطول والعرض ح
نجيب مرسى الأرض».. اكتشفنا فى البطاقة الرسمية أن الاسم الرسمى لصفوت هو
صفوة، وكما أن الأسد أصله قط فإن صفوت أصله صفوة.
على كل لون يا «باطستا»!!
طارق الشناوي
22/8/2013 12:12 ص
هل رأيتم أول من أمس وجه صابر عرب وزير الثقافة الذى يفيض بالحسرة على كل
الشاشات مما يفعله الإخوان الإرهابيون، «فلاش باك» عودة للماضى أقصد الماضى
القريب جدا أربعة أشهر فقط عندما كان صابر وزيرا للثقافة فى الدولة
الإخوانية ويحرص على الذهاب إلى كل اللقاءات التى يعقدها المعزول محمد
مرسى، هل تتذكرون يديه الملظلظتين وهو يصفق بحرارة منقطعة النظير داعما لكل
القرارات التى يعلنها مرسى.
فى المؤتمر الصحفى العالمى أقصد المهزلة العالمية كانت تجلس على المنصة
إلهام شاهين، وبغض النظر عما يحمله وجود إلهام من إنكار لثورة 25 يناير فهى
دائمة الطعن فيها، بعيدا عن ذلك علينا فقط أن نعود لمثل هذه الأيام من
العام الماضى عندما رشحت إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى إلهام
للتكريم ردًّا على تطاول عبد الله بدر عليها وتعرضها لانتهاك شرفها، تعرفون
من هو الذى أوقف التكريم تحسبا من غضب الإسلاميين إنه أيضا صابر عرب، الرجل
لا يعنيه شىء فى الدنيا سوى احتفاظه بمقعده، مرة يرفع شعار تسقط إلهام
وأخرى يهتف تعيش إلهام!!
إنه الوزير الذى رأيناه فى أثناء حكم العسكريين الذين أتوا به خلفا للدكتور
عماد أبو غازى الذى استقال احتجاجا على ما جرى فى «محمد محمود» من قتلٍ
وسحل وترويع ومنذ ذلك الحين وهو يمسك فى الكرسى بديله وأسنانه وابتعد فقط
لمدة شهر عندما قدم استقالته من حكومة الجنزورى حتى يتسنى له الحصول على
جائزة الدولة التقديرية فى لعبة مكشوفة فلا يجوز لوزير أن يقبل ترشح لجائزة
دولة هو الذى يمنحها فى النهاية لنفسه، والغريب أن أغلب المثقفين آثروا
وقتها الصمت على تلك الفضيحة ولا يزالون صامتين، وانتقلنا إلى الدولة
الدينية فى حكومة قنديل فكان الرجل كعادته جاهزا للمنصب، وعندما طلبتْ منه
الدولة طبع مسودة الدستور على حساب وزارة الثقافة واحتجّت نقابة
السينمائيين وقررت مقاطعة حفل ختام مهرجان القاهرة وأعلن مدحت العدل وقتها
عضو لجنة التحكيم أنه لن يحضر حفل الختام بينما فنان الديكور أنسى أبو سيف
قرر الاعتذار عن التكريم لأنه لا يريد أن يضع يده فى يد لوثها الوزير عندما
طبع الدستور.. فإنه ظل كما وصفته من قبل يجيد «الشقلباظ» هنا وهناك مرة مع
المثقفين وأخرى مع الإخوان فهو يعرف أصول اللعب ويدرك أن قانون المصلحة «سيب
وأنا سيب» يصلح لاختراقهم بل والسيطرة عليهم وهكذا جاء للمقعد لثالث مرة
بحماية هذا الغطاء الذى وفره له المثقفون.
رهانه الحالى لضمان بقائه على المقعد هم زعماء المثقفين، هؤلاء الذين
اعتصموا فى وزارة الثقافة ضد وزير الثقافة الإخوانى علاء عبد العزيز
وأسقطوه ومن بعده سقط النظام، وكانوا بمجرد تعيين صابر عرب قد أصدروا بيانا
مماثلا لإسقاطه وأصروا على إيناس عبد الدايم وزيرة للثقافة، ولأنه يعرف كيف
يلاعبهم فإن هذا البيان لم يتم توزيعه على الصحف فاجتمع بهم ووجد أنهم
يشكلون القوة الفاعلة والقادرة على الحشد فقرر أن يستقطبهم إلى صفه فهو
يعلم كما أن ليالى العمر معدودة -كما تقول شادية- فإن لياليه وأيامه فى
الوزارة باتت هذه المرة محدودة، وفرصته الوحيدة لضمان بقائه هو تأييد هؤلاء
الزعماء، فلقد أدمن الكرسى وذاق حلاوته ووجد أن المفتاح معهم فقرر أن يصنع
منهم مجموعة تملك إصدار القرار وهكذا مثلا وقع اختيارهم على الزميل العزيز
سمير فريد رئيسا لمهرجان القاهرة، وليس لى اعتراض على سمير فهو واحد من
كبار النقاد فى عالمنا العربى ولكن الموافقة لم تأت إلا والوزير مهيض
الجناح منزوع الصلاحيات يعلم أن لديهم بيانا لإسقاطه لو لم ينفذ.
فى الحقيقة لا أستطيع أن أستوعب موقف المثقفين هل هو مبدئىّ أم لحظىّ..
الوزير ينفّذ طلباتكم فتوافقون على استمراره، الوزير لم يستجب إذن سوف
نسقطه والبيان لا يزال فى جيوبهم، هل نحن حقيقة نعيش فى أزمة وزير ثقافة
يتلاعب بالجميع و«على كل لون يا باطستا» أم هى فى عمقها أزمة مثقفين
مستعدون للتعامل مع الشيطان ما دام سينفّذ أوامرهم، وبالمناسبة «الباطستا»
نوع من القماش يقبل كل الألوان فصار مثلا ولهذا اخترته عنوانا للمقال!
الدماء تتعطش للدماء!
طارق الشناوي
21/8/2013 2:23 ص
نزيف الدم المصرى لن يتوقف ولا صوت يعلو فوق صوت الثأر، لا أحد من الممكن
أن يجرؤ ويطلب من الضحية أن يتسامح أو حتى ينتظر حتى تأخذ العدالة مجراها،
فى وقت يعلو فى الشارع صوت طلقات الرصاص الحى بعد أن أصبح عند تمام الساعة
السابعة مساءً الاستماع إلى كلاكس سيارة نوع من الترف المستحيل، الدماء
تتعطش لمزيد من الدماء ولن ينتظر الناس أكثر وفى قلوبهم غضب عارم يصل مداه
إلى عنان السماء.
جرائم القتل الغادر التى راح ضحيتها جنودنا البواسل فى رفح دفعت عددا من
أهالى الشهداء إلى أن يطالبوا بالقصاص بأيديهم من كل من هو إخوانى بالضرب
والتنكيل، ومن الممكن أن يتطور الأمر أمام تصاعد الغضب فى الصدور إلى ما هو
أسوأ، كما أن الإخوان على الجانب الآخر لديهم ثأرهم ويرفضون الاعتراف بأن
مصر فى جموعها وليست فقط أجهزة الأمن والجيش تريد القصاص منهم بسبب ما
اقترفوه فى حقها.
هل ينتهى الأمر سريعا بعد أن تم إنهاكهم وخارت قواهم أم أن هناك غضبا تحت
الأرض وأن ما رأيناه فقط على السطح هو رأس جبل الجليد ولا يزال فى الأعماق
الكثير.. الناس أتحدث عن أغلبية المصريين الذين فقدوا أى إمكانية للتسامح
مع الإخوان ولو تتبعت قنوات التواصل الاجتماعى ستكتشف أن الفكر المسيطر لم
يعد فقط يقف عند حدود الإقصاء ولكننا وصلنا لمرحلة التدمير، تدمير المختلف
وإزاحته تماما من الوجود.
الإخوان هم الأقلية الخارجة عن الصف والكثير لا يراهم الآن سوى جزء سرطانى
وخلايا شاردة مجنونة لا يمكن أن نتعامل معها بعلاج موضوعى ولا سبيل سوى
البتر نهائيا قبل أن تتكاثر مجددا.
هل الجسد المصرى يتحمل تكاليف هذه العملية؟ وهل الظرف الزمنى الذى يعيشه
العالم يسمح بذلك؟ يجب ملاحظة أننا جزء من هذا العالم المفتوح ولهذا نحرص
على التواصل وتوضيح مواقفنا ولا يعتبر هذا بمثابة ضعف أو خوف أو سماح لتدخل
الأجنبى فى شؤوننا الداخلية. نحن لا يمكن أن ننعزل عن العالم، لسنا «كوريا
الشمالية» التى تعيش فى «جيتو» ولا تسمح لأحد بالاقتراب وتهدد على الفور
باستخدام السلاح النووى، نحن جزء من هذا العالم ولهذا مثلا تجد أن عددا
كبيرا من القنوات المصرية الفضائية تقدم ترجمة مباشرة بالإنجليزية لبرامجها
السياسية حتى تصل الرسالة خارج الحدود العربية لتسويق الموقف المصرى ليعرف
العالم أن ما يجرى فى مصر ليس انتهاكا لفصيل سياسى، ولكنه خصم مسلح وأن
الدولة لا يمكن أن تسمح بأن تنازعها قوة مسلحة موازية.
هل صارت العودة إلى منطقة متوسطة مستحيلة؟ هل باتت المطالبة بتلك النقطة
تعنى أن هناك تواطؤا لصالح الخلايا الإخوانية النائمة؟ مع الأسف الإرهاب
المسلح الذى مارسه الإخوان والمذابح التى أقدموا عليها ضد جنودنا أوقفت
تماما صوت العقل وأصبح من يدعو إلى إيقاف العنف ونزيف الدم والبحث عن مخرج
وكأنه يدافع عن قتلة وإرهابيين حتى لو أكد أن من ارتكب جريمة ينبغى القصاص
منهم إلا أن كل الفصيل الإخوانى بات فى نظر المجتمع مجموعة من القتلة حتى
لو لم يتورط فى القتل أو التحريض.. من يبحث الآن عن مخرج لإيقاف النزيف
أصبح صوتا ليس فقط متخاذلا، ولكنه عميل ومتورط.
الدرس الذى قدمه الشعب المصرى فى عام حكم الإخوان، أتحدث عن الأغلبية
بالطبع، تعنى رفضا قاطعا للحكم الدينى، نحن شعب متدين بطبعه مسلمون
ومسيحيون، المصرى الذى أسقط حُكم الإخوان لم يكفر بالله ولكنه كفر بالدولة
الدينية، ولهذا أسقط حكم دولة الإخوان إلى غير رجعة، ولكن لا يزال السؤال
عن إمكانية التعايش مع هذا الفصيل. لا يعنينى بالمناسبة فكرة التقنين
القانونى فلقد كان اسمهم «المحظورة» طوال 30 عاما من حكم مبارك، ورغم ذلك
ظلوا مؤثرين وحصلوا فى انتخابات 2005 على 80 مقعدا فى مجلس الشعب.
القصاص والقانون يأخذان مجراهما، من أذنب يلقى عقابه، ولكنى أتحدث عن باقى
هذا الفصيل أنهم بالتأكيد أقلية عددية وبات تأثيرهم محدودا، وعليهم أن
يراجعوا أفكارهم المتطرفة، ولكن لو استسلمنا كلنا لاستئصال الجرحى
باعتبارهم ورمًا سرطانيا سندفع الثمن مزيدا من الدماء المصرية الذكية، فهل
نحن مستعدون لدفع الثمن؟
توفيق صالح!!
طارق الشناوي
20/8/2013 3:51 م
مثالى فى عالم متوحش، موهوب فى زمن يصعد فيه الأدعياء إلى القمة، عزوف
ومترفع فى وسط يكرم فيه الفنان بمقدار رصيده من الشهرة والأضواء.
لم أعرف توفيق صالح عندما كان يقف خلف الكاميرا مخرجا منذ منتصف
الخمسينيات، ولكنى اقتربت منه بمجرد عودته إلى مصر فى مطلع الثمانينيات،
كانت تملؤه الرغبة للإبداع، دائما لديه مشروعات وأفكار متجددة، أتذكر من
بينها القصة القصيرة لنجيب محفوظ «يوم قتل الزعيم»، وتبدل على كتابة
المعالجة الدرامية أكثر من كاتب كبير موهوب مثل صبرى موسى وبشير الديك،
ولكن كان توفيق صالح يبحث عن شىء آخر مختلف لم يجده عند كاتبى السيناريو،
وماتت تلك الفكرة ولاحقتها أفكار أخرى.
توفيق صالح الإسكندرانى، مواليد 1927، خريج فيكتوريا كوليتج مع رفيق الرحلة
يوسف شاهين الذى سبقه فى الميلاد بعام وفى دنيا الإخراج السينمائى بأربعة
أعوام، كانت بداياته مع «درب المهابيل» منتصف الخمسينيات تبشر بالكثير مع
زعيم الحرافيش نجيب محفوظ، فهو صاحب موقف فكرى وسياسى وليس مجرد مخرج مبدع،
وبعدها استمرت المسيرة مع «يوميات نائب فى الأرياف» و«المتمردون» و«صراع
الأبطال» و«السيد البلطى» كان لديه طموح خاص فى طريقة السرد السينمائى،
ولهذا التقى مثلا صلاح حافظ الصحفى الكبير فى سيناريو «المتمردون» للبحث عن
هذا المذاق، وبعد أن ينهى صلاح حافظ السيناريو لا يكتفى توفيق بهذا القدر،
بل يبدأ فى إضافة تفاصيل دقيقة تعبر عن رؤيته الإبداعية الخالصة.
كنت أقول له مشكلتك يا أستاذ توفيق أنك لا تريد أن تتنازل لتتواءم مع السوق
السينمائية، يقول معقبا إنه مرن ويدرك مقومات السوق، ولكنه لا يستطيع أن
يقدم سوى فقط ما يقتنع به. قبل أن يشد الرحال إلى سوريا، كان من المفترض أن
يخرج ثلاثية نجيب محفوظ وبترحيب من نجيب محفوظ لمؤسسة السينما التى تملكها
الدولة، وكان يرأسها فى ذلك الوقت المخرج صلاح أبو سيف، وبدأ توفيق مع فريق
عمل من شباب معهد السينما فى كتابة السيناريو، وحدث خلاف حاد فكرى ومادى
بين أبو سيف وصالح، ولم يستطع نجيب محفوظ أن يجد له حلا رغم صداقته للطرفين
وتمسك توفيق بموقفه، وقرر أبو سيف نكاية فى توفيق إسناد الثلاثية إلى حسن
الإمام، انتظر توفيق أن ينضم نجيب محفوظ إلى جانبه، ولكنه وقف على الحياد،
وحدثت جفوة بين زعيم الحرافيش نجيب وأصغر الحرافيش سنا توفيق طالت بضع
سنوات، كانت الدولة فى ذلك الوقت هى المهيمنة على الإنتاج السينمائى، ووجد
نفسه فى خصومة مع آليات العمل فى مصر، وهكذا امتدت فترة إقامته فى دمشق..
ويبقى فيلمه الأثير «المخدوعون» الحاصل عام 72 على التانيت الذهبى فى قرطاج
كانت مؤسسة السينما السورية سياسيا تخشى عرضه، ولكن النسخة وصلت خلسة إلى
تونس ليقتنص الجائزة، وشد الرحال بعدها إلى بغداد وتلقى استدعاء من صدام
حسين ليقدم الفيلم الذى يروى بطولة صدام «الأيام الطويلة»، كانت لديه قناعة
أنه يتناول الإنسان وليس الأسطورة، ولكن السلطات العراقية أرادته أسطورة
وحكى لى أنه فى مشهد يتلقى صدام رصاصة فى أثناء هروبه وبينما تجرى له جراحة
لنزع الرصاصة دون بنج قدم توفيق صالح لقطة لصدام وهو يصرخ ألما، فما كان من
صدام سوى أن شكل لجنة وأحضر الطبيب الذى أقسم أن صدام لم يتألم وتم حذف
اللقطة.
عاد إلى القاهرة بعد رحيل أنور السادات ولديه آمال عريضة تبددت تباعا،
اقتربت كثيرا من الأستاذ توفيق صالح على مدى تجاوز 10 سنوات كنا فى لجنة
المهرجانات التى تختار الأفضل للترشيح، كان توفيق كعادته مثاليا فى بحثه عن
الفيلم اللائق بتمثيل مصر، وكنت أنا وعدد من الأعضاء مثل الناقدين الكبيرين
على أبو شادى وماجدة موريس والراحل عبد الحى أديب ومديرى التصوير محمود عبد
السميع وعلى الغزولى، نحاول أن ندفع ببعض الأفلام التى نلمح فيها إمكانية
أن تمثلنا وكثيرا ما اختلفنا مع الأستاذ توفيق وتنتهى الجلسة بعد الشد
والجذب أن أوصله بسيارتى إلى بيته بالقرب من ميدان الجيزة وأقتنص منه فى
هذه الرحلة الكثير من حكايات الزمن القديم.
من أحب تلاميذه إلى قلبه والأقرب إليه فنيا وإنسانيا داود عبد السيد وعلى
بدرخان، ومن الجيل التالى أحب سينما شريف عرفة، ومن المخرجين الكبار عز
الدين ذو الفقار، وكان يراه أصدق وأرق مخرج عرفته السينما المصرية، بينما
أفضل مخرج على الإطلاق فى الإيقاع البصرى والحركى فهو يوسف شاهين، وإن كان
لديه الكثير من التحفظات على الأفكار التى تحملها أفلامه. أريد أن أحكى
الكثير عن توفيق صالح، ولكن رصيدى من الكلمات نفد ولم تنفد بعد مشاعرى.
سوري الهوية مصري الهوى!!
طارق الشناوي
19/8/2013 11:17 ص
جواز سفره يشير إلى أنه سوري الهوية ولكن عشقه وهوائه وأرضه وسمائه تؤكد
مصريته فهو مصري الهوى، إنه د. رفيق الصبان عميد النقاد العرب وعامود
خيمتهم فقدناه مساء أول من أمس وهو يعيش مأساة بلديه وطنه سوريا الذي لم
يستطع قبل أكثر من عامين أن يعود إليه كما تعود في مهرجان أو أسبوع أفلام،
بعد أن تفككت أواصل الدولة، ومصر يراها وهي تتمزق أمامه وتعيش تحت ظل قانون
الطوارئ بعد أن أصبحنا فريقين مصريون أو إرهابيون.
د. رفيق جاء للقاهرة بالصدفة قبل نحو 40 عاماً كان في طريقه مجدداً إلى
مدينة النور باريس ليستكمل حياته هناك بعد أن غادر دمشق متجهاً إليها ولكن
ارتباطه بكتابة سيناريو فيلم "زائر الفجر" للمخرج الراحل ممدوح شكري حال
دون ذلك، وهو أول فيلم مصري في مطلع السبعينيات يفضح مراكز القوى ويكشف ما
كان يجري في المعتقلات، "الكرنك" بالطبع هو الأشهر إلا أن تاريخياً " زائر
الفجر" سبقه بثلاث سنوات.. قال لى د. رفيق إنه لم يكن يفكر في مواصلة العمل
بمصر، كان يستعد للعودة مجدداً بعد أسبوع إلى باريس حيث كان قد أنهى دراسته
هناك ويريد أن يكمل بها مشواره، لم يستطع أن يفلت من جاذبية المناخ المصري
الذي يحمل جينات الإبداع ويمنحها لمن يعيش على أرضه على شرط أن يكون
موهوباً، ووجد د. رفيق نفسه ينتقل من عمل فني إلى آخر والأسبوع يمتد إلى
إقامة دائمة.. يسعى إليه معهدي السينما والمسرح للتدريس فهو في الأساس دارس
للمسرح وأستاذاً له، كان قد أخرج عدة مسرحيات في دمشق قبل سفره للخارج،
ويتحول مع الأيام ليس فقط إلى ناقد وكاتب سينمائي كبير ولكن يصبح علامة
فارقة في النقد وكاتب سيناريو أسمه على الفيلم يعني علامة للجودة.. في
مهرجان "كان" كنا نلتقي على مدي أكثر من 15 عاماً، في السنوات الخمس
الأخيرة لم تكن لياقته الصحية تسمح له بالذهاب حيث إن المهرجان يتطلب سرعة
الحركة من دار عرض إلى أخرى وكان الإنهاك الجسدي قد بلغ مداه ولكنه لم
يتوقف لحظة عن تعاطي السينما.. وما يفوته في "كان" يعوضه في القاهرة ولا
يسمح لنفسه بأن تُعرض مسرحية قبل أن يشاهدها، في كل مرة أذهب لدار الأوبرا
أجده على نفس كرسيه الصف الثاني شمال تصحبه السيدة الفاضلة رفيقة الرحلة
زوجته الحنونة ليلي، يقدم لنا دائماً معلومات عن هذا العرض الأوبرالي أو
تلك السيمفونية العالمية وتعتقد بعد كل هذه المعلومات التي تتدفق أنك أمام
مؤرخ للموسيقى والأوبرا والبالية، ولو كنا بصدد الحديث عن الموسيقي الشرقية
الكلاسيكية تفاجئنا معلوماته الغزيرة عن أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد وفيروز
شلال من المعرفة.
كنا دائماً في رمضان نلتقي على قناة الأوربت هو والناقدة الشابة علا
الشافعي وأنا على اعتبار أننا ننتمي لثلاثة أجيال نقدية لنحلل المسلسلات
المعروضة، في هذا العام كان من الصعب أن يشاركنا د. رفيق لظروفه الصحية
افتقدناه وأفتقد المشاهد حضوره الممتع، أتذكر قبل عامين ونحن في طريقنا
لمدينة الإنتاج للتسجيل ألمت به أزمة قلبية وكان ينبغي أن أعيده مرة أخرى
للمنزل لكي يذهب مجدداً للمستشفى كنا في بدايات رمضان والقلب منهك القوى
ورغم ذلك كان حريصاً على المتابعة، وقبل يومين فقط قرأت له تحليلاً مكثفاً
لأفلام العيد على صفحات "أخبار النجوم".
لا أتصور أن في عالمنا العربي أحد لديه هذا الأرشيف الضخم من الأشرطة و"الدي
في دي" لكل الأفلام العالمية والعربية والمصرية مكتبته السينمائية والأدبية
بها عيون كل الكتب والمراجع.
أفلامه تقترب من الثلاثين لعل أحبها وأقربها إليه هو "ليلة ساخنة" للمخرج
عاطف الطيب، الفيلم كان بداخله حكاية طفل معاق ذهنياً مستلهماً حياة ابنه
الثاني الذي ولد بإعاقة ذهنية ويعيش معه في المنزل ورفض أن يرسله إلى معهد
أو مستشفي.
لم يحمل الجنسية المصرية ولكنه الوحيد في مصر الذي يشارك في عضوية نقابة
السينمائيين وجمعية كتاب ونقاد السينما، ولم يسأله أحد أبداً عن الجنسية
اعتبرناه مصرياً وحضوره في أي لجنة تحكيم خارج الحدود كان يعني حضور لمصر..
رحل من كان يعيش الحياة حتى آخر نفس، وأنا أنهي المقال جاءني خبر رحيل
المخرج الكبير توفيق صالح وتكاثرت عواصف الأحزان.
نفاق سياسى وطلقة فشنك!
طارق الشناوي
18/8/2013 1:21 ص
اتفقت تقريبًا كل القنوات المصرية الخاصة على خطة واحدة، وهى مقاطعة
المسلسل التركى، أعتقد أصحاب هذه القنوات أنهم «جابوا الديب من ديله»،
ووجهوا صفعة مدوية على وجه رجب طيب أردوغان بسبب موقفه السياسى المؤيد
للإخوان والمعادى للسلطة المصرية.
هذا القرار أراه نوعًا من النفاق السياسى الفج، فما علاقة أردوغان بمهند
وفاطمة وكنزى والسلطان سليمان وحريمه، بل إن أردوغان سبق وأن أعلن أن حريم
السلطان إهانة للتاريخ التركى، وتمنى لو كان يستطيع مصادرته.
لست من المغرمين بالدراما التركية، وأرى أن بها من الرغى والتطويل ما تفوقت
به على نظيرتها المصرية، لكن لا شك أن لهذه المسلسلات قطاعًا وافرًا من
الجمهور المصرى والعربى يتابعها أينما ولت وجهها، هل يعتقد أحد أن أردوغان
سوف يستشعر الخطر المحدق بتركيا ويتراجع عن مواقفه السياسية حماية لانتشار
المسلسل التركى خارج حدود بلاده.
من هو المستهدف بمنع المسلسل؟ إنه الجمهور والحقيقة أن المشاهد لن يغلب
سيذهب إلى أى قناة تعرض المسلسل مدبلجًا بالسورية، لدينا ما يقرب من ألف
قناة ناطقة بالعربية، وعدد وافر منها تقتات فى جذب مشاهديها على المسلسل
التركى، ما رأيكم أننا غدا نصدر قرارًا بتحريم استخدام كلمات مثل أبلة
وأفندم وأونطة وبابا غنوج وبقشيش وجميعها تركية تسللت إلى لغة الخطاب
اليومى المصرى، كل هذا سيطير النوم من عين أردوغان، خصوصًا لو زدنا عليها
وأوقفنا صناعة «كفتة داود» و«لقمة القاضى» التركية الأصل، ومنعنا المقاهى
من صنع القهوة التركى، واكتفينا بالعناب فهو مشروب مصرى صرف.
ما كل هذا العبث الذى نندفع إليه ونحن معصوبى الأعين، مع الأسف لنا تاريخ
حافل فى ممارسة هذا النوع من عشوائية ورعونة القرارات، أتذكر بعد مباراة
مصر والجزائر فى أم درمان قررت كل النقابات والهيئات الثقافية المصرية
مقاطعة كل ما هو جزائرى، حتى الفنانة وردة دفعت الثمن بسبب جذورها
الجزائرية وصدر وقتها قرار شفهيًّا بمنع أغانيها من التداول وكتبت معقبًا
على صفحات «الدستور الأصلى» أننا نعاقب فى الحقيقة أنفسنا، وليس وردة،
لأنها من أحب الأصوات للمستمع المصرى وأغانيها -على الأقل 95% من رصيدها
باستثناءات قليلة- هى أغنيات مصرية، مثل هذه القرارات بقدر ما أرى فيها من
اندفاع، أراها أيضا تحمل قدرًا من النفاق للسلطة السياسية، وفى العادة تسقط
سريعًا، ثم إذا كنا نعاقب الثقافة والفن والمسلسلات التركية لمواقف أردوغان
فلماذا نستثنى أمريكا، أليس أوباما مثل أردوغان يقف أيضا ضد السلطة
المصرية، فهل تجرؤ قناة فضائية سينمائية أو مهرجان سينمائى على مقاطعة
الفيلم الأمريكى، أم أنهم يتعاملون تبعا لنظرية «مش قادر على الحمار يتشطر
ع البردعة».
دعونا نقلب الصفحات، هل نجحت يومًا المقاطعة الفنية؟ الحقيقة هى أبدًا، حتى
الأغنيات الرديئة التى كانت الرقابة تمنع تداولها كنا نجدها فى الشارع وعلى
الكاسيت يتخاطفها الناس، أتذكر أغنية «الأساتوك» قبل نحو 25 عامًا لحمدى
باتشان، بمجرد أن منعتها الرقابة صارت هى الأغنية الأكثر مبيعًا فى
الأسواق، بلاش دى فاكرين مسلسل سيدنا «عمر» الذى اعتبره الأزهر الشريف
مخالفًا للدين الإسلامى، وناشد كل المسلمين أن لا يشاهدوه، لأنه يجسد سيدنا
أبو بكر وعمر وعلى بن أبى طالب وعثمان بن عفان وغيرهم، وهو ما يعتبره
أزهرنا الشريف مخالفًا للشريعة، الذى حدث فى رمضان 2012 أن المسلسل عرض
حصريًّا على قناة «إم بى سى» وحقق أعلى رقم مشاهدة بين المصريين.
حتى مقاطعة الفيلم الأمريكى التى صدرت بعد هزيمة 67 بسبب موقف أمريكا
المؤيد لإسرائيل والداعم لها عسكريًّا وسياسيًّا لم يستمر أكثر من بضعة
أسابيع رغم أن الدولة كانت تملك كل منافذ العرض، كنا وقتها نعيش فى زمن ما
قبل عصر الفيديو والفضائيات، وكان من الممكن بالفعل تطبيق مثل هذه
القرارات، بينما الأمر حاليًّا من المستحيل التحكم فيه، ينبغى أن نقف ضد
خلط الثقافة بالسياسة خصوصًا أنه لا ثبات للمواقف التى تتغير فى لحظات
للنقيض، ماذا لو غير مثلا أردوغان موقفه بحكم أن فى شريعة السياسة المصالح
تتصالح، فهل نعرض بعدها بكثافة أكثر المسلسلات التركية كنوع من التكفير عن
الذنب، لماذا كل هذه الطلقات «الفشنك» ألا يكفينا صوت الرصاص الحى فى
الشارع؟!
يبيعون الوطن وقت الحظر!
طارق الشناوي
17/8/2013 1:15 ص
كل شىء فى مصر صار بلون الخوف، حاول أن تبدد تلك المشاعر، افتح الراديو أو
امسك الريموت وتابع قنوات التليفزيون الخاصة والرسمية ستجد أن الخطاب واحد،
انتقل إلى قناة «الجزيرة» أو «بى بى سى» أو «سى إن إن» سترى وجهًا آخر
للصورة، ضع الاثنين معًا، فما تخفيه «الجزيرة» تظهره قناة «دريم» والعكس
أيضًا صحيح، ضع بعض التفاصيل والرتوش من عندك على الصورة من هنا أو هناك
املأ بها الفراغ ربما تُصبح الرؤية شبه كاملة، انظر للشارع من الشرفة، عدد
قليل من المارة بينما السيارات فلا وجود تقريبًا لها، لم نتعود على هذه
الحالة من البرودة، غادر بيتك وقت ساعة الحظر «اللى كانت فى الماضى ما
تتعوضش» أصبحت 11 ساعة من السابعة مساءً حتى السادسة صباحًا ندعو الله أن
لا يعيدها علينا، الظلام هو السيد هكذا تبدو الرؤية الأولى للمشهد، لا ليس
الظلام الذى نعيشه هو ما يخيفنا، لكن ضبابية المشهد، المحلات التى كانت
تمنح الدنيا بهجة أظلمت واجهاتها تمامًا، ووجدت على بعضها بابًا حديديًّا،
كانت تكتفى فى الماضى بإغلاق الباب الزجاجى فقط لأن الدار أمان، الدار لم
يعد الآن مع الأسف يوحى بالطمأنينة، الونس فى وجود الناس هو الذى يمنح
الهدوء لأصحاب تلك المحلات فلا خوف من اعتداء أو اقتحام، الآن لا صوت يعلو
على صوت الخوف، المصرى لا يفتح فقط دكانه لأكل العيش، لكنه يتنفس من خلال
الناس عبير الحياة حتى لو لم يشتروا شيئًا واكتفوا فقط بالفصال، نعم لاحظت
من يرفع قيمة البضاعة مستغلًا المحنة والظرف الاستثنائى الذى نحياه، إنهم
تنويعة على أغنياء الحرب وهؤلاء تجدهم فى كل المواقع وفى كل زمان ومكان، كل
شىء يحاولون اقتناصه وبيعه حتى حب الوطن يتحول لديهم إلى شعار زائف.
دور العرض السينمائية التى تقع واحدة منها بالقرب من منزلى أغلقت كانت قبل
أيام قد عادت إليها الروح فى العيد وكان عنوانها «قلب الأسد» الذى ناله من
الهجوم الكثير بعد أن ناله إيرادات غير مسبوقة، رفعت السينما مجددًا يافطة
نأسف للإغلاق لأجل غير مسمى، فى أيام العيد اضطرت العديد منها إلى أن تضع
شعارًا مغلقًا لاكتمال العدد، السينما أغلقت أبوابها مجددًا فلا يوجد من
يريد أن يقطع تذكرة الدخول، الأمر ليس له علاقة بقرار حظر التجوال، لكن
بالحالة المزاجية للمصريين.
كيف نتعايش مع الحدث الذى لا أتصوره بالمناسبة مؤقت، لكنه صار جزءًا من
طقوس الحياة اليومية فى مصر منذ ثورة 25 يناير، علينا أن نتعود على طعم
الحياة الجديد، المهرجانات السينمائية فى مصر على الأبواب، مدير التصوير
الصديق كمال عبد العزيز رئيس المركز القومى للسينما المسؤول عن المهرجانات
أكد لى أنها سوف تعقد فى موعدها، وأضاف نحن نقاوم من يريدون إطفاء أنوار
الثقافة بإشعال المصابيح فى موعدها، قلت بعض من يرأسون هذه المهرجانات سوف
يؤكدون أن الهدف هو وجه مصر الحضارى والثقافى والوطنى وأضفت أعرف بعضهم،
وأؤكد لك أنه لم يعرف عنهم أبدًا أى تضحية أو أمانة، اعتبروا المهرجان
سبوبة ومستعدون ليعلنوا كلمات جوفاء لكى يستمر دعم الدولة ويواصلون نهب مال
الحكومة، هذه الأموال لن يحصلوا عليها لو أوقف المهرجان لظرف أمنى قاهر،
ينبغى التقليل من ميزانية تلك المهرجانات، يجب أن يتنازل الجميع عن أجورهم
وأن تتوجه الفعاليات إلى تحقيق هدف واحد وهو أن يعرف العالم أن مصر لا تزال
قادرة على الصمود، لا مكاسب شخصية أو خاصة وأضفت تقليص الميزانيات يجب
إعلانه فورًا على الناس، وتغيير الفعاليات لأن الرسالة التى يجب أن تعلن
صراحة وهى أن مصر ستواصل الحياة لن يعنينى فى تلك الحالة مستوى الأفلام،
فقط علينا أن نفتح أعيننا لضبط من تعودوا على الخيانة والبيع.
من كانوا عنوانًا للفساد مهما ارتدوا زيًّا آخر سوف تكشف هذه المحنة التى
يعيشها الوطن وجههم الحقيقى، موقن أن الخيانة صارت مثل كرات الدم الحمراء
والبيضاء تمشى فى عروقهم لن يتغيروا فجأة، نعم واصلوا المهرجانات، لكن
بضمائر يقظة وعيون مفنجلة تتصدى لمن يبيعون الوطن وقت الحظر!
شيطنة البرادعى!!
طارق الشناوي
16/8/2013 2:36 ص
كان البرادعى طوال الأسابيع الماضية يحذر أجهزة الإعلام من ضرورة البعد عن
شيطنة الإخوان، كانت لديه آمال وأيضا محاولات لم يُعلن عن تفاصيلها من أجل
الوصول إلى حل سلمى ينهى الصراع، الآن صار البرادعى فى أجهزة الإعلام هو
الشيطان الرجيم.
لو أمعنت فى الاستقالة التى تقدم بها إلى رئيس الجمهورية سوف تكتشف أنه
حريص على أن يصف ما حدث فى 30 يونيو بالانتفاضة الكبرى وليس الثورة، ولا
أتصورها كلمة عابرة من رجل قانون اعترك دروب السياسة، ولكنه يقصدها ومع سبق
الإصرار والترصد، البعض بحسن أو بسوء نية كان يعنى من إطلاق صفة ثورة
وإلحاقها بوصف آخر حقيقة أن يضرب فى مقتل ثورة 25 باعتبار أن 30 يونيو ثورة
حقيقية ضد 25 يناير المزيفة، وليست ثورة لتعديل مسار 25 يناير التى أنهت
حكم مبارك فكان لا بد من إنهاء حُكم الإخوان.
الأغلبية تتوجه بكل ما أوتيت من قوة إلى الهجوم السافر عليه باعتباره إحدى
الخلايا النائمة للإخوان، ولأنه لم يضرب تعظيم سلام للجيش. البرادعى
للتذكرة كان أول صوت طالب -عندما استشعر الخطر الإخوانى الذى يريد صبغ ربوع
مصر بألوانه القاتمة- بالاستعانة بالجيش وكان الإخوان يقولون كيف لمن ينادى
بالديمقراطية أن يطالب بحماية الجيش، كان صوت البرادعى هو الأعلى والأصدق
والأقوى فى تحدى أخونة الدولة، وكان أيضا هو الصوت الأعقل فى توصيف ما حدث
للعالم بأن 30 يونيو ليس انقلابا كما أطلقت عليه رسميا العديد من الجهات
الدولية، ولكنه انتفاضة شعبية انحاز إليها الجيش. الرجل لعب دورا محوريا فى
ثورة 25 يناير كان أيقونتها وهز عرش مبارك بمجرد حضوره للقاهرة فى مطلع
2010 واُستقبل فى مطار القاهرة بمظاهرة شعبية شاهدتها بنفسى، ولم نكن
نفعلها قبلها سوى مع لاعبى الكرة أو بطل فائز فى مسابقة أصوات مثل محمد
عطية.
كان حلما فى الضمير الجمعى، صحيح أن عوائق عديدة حالت دون أن يكتمل الحلم
فهو على أرض الواقع يتعامل برومانسية تليق بالثوار، وبالمناسبة توصيف
الرومانسية للثائر هو الصحيح أكاديميا وتعريف الرومانسية فى القاموس بأنها
ثورة على الكلاسيكية، البرادعى لا يحسبها بزاوية المنفعة الشخصية وما الذى
يحققه من أهداف وبعدها يحدد موقعه وموقفه ولكنه يحمل الكثير من النقاء
الخالص، الرجل لم يفعل مثل أغلب من نصفهم بالثوار، حيث إنهم يضبطون مواقفهم
على توجه الأغلبية فى الشارع، ولكنه يختار الموقف الذى يتوافق مع قناعاته
بعيدا عن المواءمات السياسية أو حتى ضغوط ورغبات الشارع، فى وقت نجد فيه أن
هناك دائما لرجل السياسة أكثر من وجه، بل الكلمة المعلنة تحمل فى العادة خط
رجعة يتيح له فى أى لحظة أن يتراجع عن موقفه لو جاءت الرياح بما لا تشتهى
السفن.
الموقف الذى اتخذه البرادعى من حق الكثيرين أن ينتقدوه، ولكن علينا أن نلحظ
أنه كان فى الدائرة الأقرب إلى الحكم ويدرك الكثير من التفاصيل، وأنه فى
الاستقالة أشار إلى اعتراضه على الفض بالقوة، لا الفض فى المطلق، يرى أن
القادم أشد خطرا ودموية، وأن الجماعة التى نراها على السطح ليست هى ما سوف
نواجهه فى القادم من الأيام، الحل السلمى كان رهانه فى وقت رأى فيه البعض
استحالة تحقيقه.
ويبقى من كل ذلك وقبله وبعده أن الرجل صار لوحة تنشين لكل من أضير من ثورة
25 يناير، ولكل من يريد عودة النظام القديم، فلقد كان البرادعى هو مفجر تلك
الثورة، ولو رجعت إلى تفاصيل الدولة قبل 25 يناير فى علاقتها بالمعارضة
تكتشف أنها كانت من الممكن أن تسمح على مضض بمن يؤيد حمدين صباحى ولكن
أزعجها من يقف مع البرادعى، ولهذا فإن الثأر منه هو واحد من الأهداف
المبيتة على أجندة المباركيين.
هناك بالطبع من استشعروا بصدق وموضوعية أن البرادعى وضعهم فى حرج عندما
استقال وهم فى لحظة مصيرية، هؤلاء يريدون من الرجل أن يوافق أو يصمت حتى
تزول العاصفة التى تخيم على الوطن وتهدد أمنه واستقراره، إنهم يتعاملون
بواقعية بينما يظل البرادعى هو الرومانسى الذى حلق بعيدا وقال كلمته التى
أراحت ضميره، نراجعه فيها ونعترض على التوقيت، ولكننا أبدا لا نخوّنه ولا
نشيّطنه.
وتعطلت لغة الكلام!
طارق الشناوي
15/8/2013 2:58 ص
حتى كتابة هذه السطور لا يوجد تأكيد لعدد القتلى والجرحى فى أثناء فض
الاعتصام فى ميدانى رابعة والنهضة، لا يمكن أن نعتبر الرقم فقط هو المؤشر
على ردود الفعل الانتقامية، وعلى بحر الكراهية الذى يهدد بأن تغرق فيه مصر،
سوف تتعرض مصر لمن يدفعها لكى تعيش فى فوضى ورعب وكأنهم يرددون مع الشاعر
أبى فراس الحمدانى « إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر»، يعتقدون أن على مصر أن
تُقدِم على الانتحار الجماعى.
القضية ليست فى إنهاء الاعتصام، فالأمر لم يستغرق كما هو معروف سوى ساعة أو
اثنتين ولكن ما بعد ذلك وهو استمرار الحياة لكل المصريين وتواصل التعايش
بين الجميع، مهما صغر الرقم أو كبر، 100 قتيل أو 10 قتلى، هؤلاء مصريون
ومصابنا واحد ودماؤنا واحدة، إخوان أو رجال شرطة هم مصريون أولا وأخيرا.
أعلم أن الدولة كانت تسعى لأن ينتهى الأمر سلميا، وتأجيل القرار بعد
التفويض كان يعنى منح فرصة أخيرة لتجنب إراقة دماء مصرية، ولكن سالت
الدماء، الدم حرام، والدولة من الواضح مهما كذبت البيانات الرسمية، كان
يدفعها أكثر من اتجاه بعد التفويض وداخل دائرة الحكم الضيقة، كان هناك
صوتان، البرادعى ومنصور يريدان منح فرصة أكبر للجهود السلمية، يتحسبان لرد
الفعل وصوت آخر يمثل الجانب الأكبر، يرى أن السيف قد سبق العزل. وأن
استنزاف الوقت سيؤدى إلى استنزاف مزيد من الدماء، الأمر المؤكد أيضا أن
قرار فض الاعتصام بالقوة صباح أمس حظى فى النهاية بموافقة البرادعى ومنصور.
علينا أن ندرك أن مصر غير مهيأة للانقسام بمعناه الدينى أو العرقى
والجغرافى، ولكن هناك ولا شك دوافع انتقامية لدى قطاع منا سوف ندفع جميعا
ثمنها، عدد من الشباب فى طريقه لكى يصبح قنابل موقوتة تدمر وتحرق، لأن
بداخلها رغبة عارمة فى التدمير، طاقة مصر الأمنية ليست فى حالة صحية جيدة
تمكنها من أن تفرض سيطرتها على كل ربوع مصر، وترك الأمر للجان الشعبية
المدنية لكى تلعب دورها فى حفظ الأمن قد يزيد أيضا الموقف اشتعالا، وهو فى
كل الأحوال لا يمكن أن يستمر سوى بضعة أيام.
بقاء مصر ليس له من ضمان سوى أن لا ينقسم الشعب، لا يعنى الانقسام
بالمناسبة قوتين متعادلتين فى العدد ولكن قوتين مهما تباين العدد فهما على
طرفى النقيض، وهو ما تعيشه مصر الآن، هذا التناقض زاد من اشتعاله بالطبع
تلك الدماء، ليس مستبعدا أن تلجأ الدولة خلال هذه الساعات التى أكتب فيها
إلى بعض الإجراءات الاحترازية فى أكثر من محافظة مصرية قد تصل على حسب
مقتضيات الأمور إلى حظر التجول، وبالتأكيد الحياة الاجتماعية فى مصر سوف
تشهد تراجعا فى ظل ما تعيشه الآن.
الانفلات الأمنى الذى صار إحدى علامات الشارع منذ 25 يناير ستزداد معدلاته
على الأقل فى الأيام القادمة. لا تستطيع أن تعيد للشارع هدوءه بمجرد أن تفض
الاعتصامات أو حتى بمنع التظاهرات مقدما وعدم السماح بانتشارها، إذا كان
الأمر متعلقا باللحظة الراهنة فمن الممكن السيطرة عليها فى عدة أيام، ولكن
لا يمكن أن يواصل المجتمع حياته وهو مشدود الأعصاب 24 ساعة، الدولة ستزيد
من جرعة العنف تجاه كل من يحاول أن يعتدى على هيبتها، ولكن نحن لا نتحدث عن
مشاغب أو فريق من المشاغبين، إنهم قطاع من المصريين يدفعون البلد للدخول
إلى نفق مظلم من العنف.
أستشعر أن مساحة الحرية التى انتزعها المصريون بعد 25 يناير2011 ستتقلص
وهناك من سيعتبر أن إغلاق بعض القنوات ومصادرة عدد من الأقلام التى تقف على
الجانب الآخر سيمنح غطاء شرعيا لتلك الممارسات، مع الأسف بعض من يطلقون
عليهم النخبة سوف يصبحون هم العنوان لتمرير هذه القرارات المقيدة للحريات،
أدرك بالطبع أننا نعيش فى ظل قانون رد الفعل وليس الفعل، الدولة لا تختار
الموقف الملائم، ولكنها مجبرة على اتخاذ قرارات سريعة ووقائية حتى لو سالت
فيها دماء، وتعطلت لغة الكلام، ندعو لمصر أن يجنبها الله وأبناءها المخلصين
بحر العنف الذى نسمع إلى الآن هدير أمواجه على شاطئ المحروسة.
كوميديا بالدراع!!
طارق الشناوي
14/8/2013 3:33 ص
عشت قرابة ساعتين من المعاناة، حاولت عبثًا أن أعثر على ضحكة دون جدوى، هذه
هى حالة «نظرية عمتى»، الفيلم من البداية يعقد معك اتفاقًا وهو أنك بصدد
شريط كوميدى، ولكن تكتشف أنه عمل فنى يحض على النفور والتبرم، ولهذا احتل
المركز قبل الأخير فى قائمة الإيرادات لأفلام العيد، بعد أن أُصيب بالسكتة
الجماهيرية، صناع الفيلم يقولون إنه فى الأيام القادمة سوف تنضبط الأمور
ويذهب إليه الجمهور المستهدف، أقول لكم أبدًا إنه يحمل أسباب موته المبكر
فى جيناته الفنية.
خدع الفيلم الناس فى البداية بالدعاية التليفزيونية المكثّفة، فذهب إليه
بعضهم واكتشف فى دار العرض الخدعة الكبرى لا كوميديا ولا رومانسية ولا أى
شىء آخر له علاقة بالسينما.. الخطأ يبدأ مع ضربة البداية، عندما اعتقد
المخرج أنه من الممكن أن يصنع دون أى توجيه من بطليه حسن الرداد وحورية
فرغلى نجمًا كوميديًّا ولم يدرك أن هذه الملكة تولد مع الفنان ومن غير
الممكن زرعها عنوة.
من الذى يمنح لقب الفنان الكوميدى؟ إنها الجماهير، الناس تكتشف الفنان
الكوميدى قبل أن يعرف هو أن بداخله تلك اللمسة، راجع مثلًا أشهر نجوم
الكوميديا تفاجأ أنهم كانوا يتمنون أن يصبحوا نجوم تراجيديا، ولكن الناس
أبت ذلك وهو ما حدث مع نجيب الريحانى الذى أراد أن يسير على خطى عملاق
التراجيديا فى المسرح جورج أبيض، فكانت الناس تضحك فى أثناء أدائه المواقف
المأساوية، إسماعيل ياسين جاء من مدينة السويس لكى يغنى لمحمد عبد الوهاب
بكل جدية ووقار «أيها الراقدون تحت التراب» وضحكت الجماهير، بينما أراد هو
أن يبكيهم، عادل إمام طلب من المخرج حسين كمال قبل أكثر من 50 عامًا أداء
دور جاد فى مسرحية «ثورة القرية»، فراهن عليه كوميديانًا ومنحه دورًا
صغيرًا يقول فيه «معايا عسلية بمليم الوقية» فانطلق من بعدها إلى عرش
الكوميديا ثلاثة عقود من الزمان.
مأزق «نظرية عمتى» أن بطليه حسن الرداد وحورية فرغلى اعتقدا أنه بمجرد
المبالغة والحملقة فى الكاميرا فإن هذا وحده كفيل بأن يستلقى الجمهور على
قفاه من فرط الانبساط والنعنشة، وتلك هى المأساة، وبالطبع هى مسؤولية
المخرج أكرم فريد بالدرجة الأولى الذى لم يوجّه نجميه ولم يحاول تقليل حالة
الافتعال التى يعتقد بعض المبتدئين أنها الطريق الوحيد المضمون للضحك.
بناء الفيلم كما كتبه عمر طاهر يشى بإمكانية تقديم مسلسل تليفزيونى متعدد
الحلقات، حيث إن لبلبة لديها مكتب متخصص فى حل العقد العاطفية وتضع الخطط
لكى تحل كل هذه المشكلات وتتعرف على بطلة الفيلم حورية التى تشارك فى فريق
إعداد البرنامج بإحدى الفضائيات وفى نفس الوقت واقعة فى حب من طرف واحد
للمذيع الرداد، تروى لبلبة فى كل مرة حكاية هى طرف فيها لتصبح كل منها
دلالة على الزمن من السبعينيات وحتى الآن وفى كل مرة تنتهى القصة العاطفية
بمأساة تراجيدية عاشتها لبلبلة وتقمصها الرداد وحورية.. الفيلم يضع
المخضرمان حسن حسنى ولبلبة فى الصفوف الخلفية ليمنح بطليه فرصة أكثر للوجود
على الشاشة فى مقدمة الكادر، ولكن هيهات.
لا يقدم أكرم رؤية تحمل أى محاولة للإضافة الفنية سواء بالمؤثرات أو
الموسيقى أو التكوين الدرامى، لا شىء من الممكن أن تلحظه فى هذا الفيلم يشى
بوجود المخرج إلا فقط أنه يمنح كما هى عادته دورًا لزوجته الممثلة تتيانا،
لو حذفت الدور ما تغيّر شىء، أضاع المخرج على نفسه الفرصة لكى يقدّم رصدًا
اجتماعيًّا للحياة فى مصر رغم أنه ينطلق كما يحلو له فى الزمان والمكان،
إلا أننا وبعد أن نصبح على مشارف الزواج يكتشف أن الزمن لا يزال فيه متسع
فيبدو الجزء الأخير ثقيلًا وهو يرجئ تقديم النهاية لمجرد أن يملأ دقائق،
لنصل إلى المشهد الأخير بزفاف جماعى لزواج الأربعة، حيث إن حسن حسنى يتزوّج
أيضًا لبلبة.
الملل كان هو الهدف الوحيد الذى حققه المخرج باقتدار وأوقع نجمين واعدين فى
مأزق، كان من الممكن فى ظل قيادة فنية لمخرج يعرف أدواته أن تُصبح الخسائر
أقل، إلا أنه فى كل الأحوال من الخطأ أن يكرر أى منهما مرة أخرى هذه
التجربة، كل شىء من الممكن تحقيقه بالخناق إلا الكوميديا بالاتفاق، فلا
تستطيع أن تنتزع الضحك بالدراع!!
رمضان سرق العيدية!!
طارق الشناوي
13/8/2013 4:32 ص
من السهل أن ننهال بسيل من الشتائم على محمد رمضان الذى حقق حتى كتابة هذه
السطور 10 ملايين جنيه إيرادات فيلمه «قلب الأسد» واستحوذ على العيدية
بمفرده، هل هو ثمن للإسفاف والتلميحات الجنسية؟ وكل هذا بالمناسبة متوفر
بالفيلم وصحيح لأبعد درجة، ولكن الصحيح أيضا أن بجواره أفلاما فيها كل ذلك
وأكثر مثل «البرنسيسة» لعلا غانم و«كلبى دليلى» لسامح حسين والفيلم الأخير
عليه أيضا ختم السبكية ولم يحققا شيئا فى شباك التذاكر. أما الفيلمان
الآخران «نظرية عمتى» و«توم وجيمى» فهما يحملان ما هو أسوأ من ذلك إنها
البلادة السينمائية، وما أدراكم ما البلادة، والأفلام جميعها ما عدا «قلب
الأسد» كان رصيدها فى الإيرادات بلغة أهل السينما ومنتجيها «جابت ميه» أى
لا شىء فى الشباك.. الطبخة السبكية ليست دائما مضمونة بدليل «كلبى دليلى»
فهو يحمل ختم نفس المصنع ولم يسفر عن شىء، ناهيك بالسبكى التايوانى فى «البرنسيسة»
الذى حاولت فيه شركة إنتاج أخرى أن تكرر نفس المفردات وطلبوا حق اللجوء إلى
علا غانم فكانوا يراهنون على بضاعة انتهت فترة صلاحيتها.
فيلم «قلب الأسد» شاهدته مع الجمهور المستهدف وفى حفل الواحدة صباحا لأعرف
السر الذى دفع الناس لكى تواصل معه اللقاء بعد «عبده موتة»، السبكى الأب
أحمد المنتج والسبكى الابن كريم المخرج الاثنان يعرفان الجمهور، ويسعيان
لاستثمار نجاح «عبده موتة» واستعانا من أبطاله السابقين بحورية فرغلى وسيد
رجب ثم أضافا له حسن حسنى وشبلا مفترسا ظل مرافقا له يشاركه البطولة طوال
الأحداث، كل شىء لا يمكن أن تُصدق حدوثه تجده فى هذا الفيلم الذى كتبه حسام
موسى ورغم ذلك فإن الجمهور يصدق بعد أن وقّع للبطل شيكا على بياض. اللقطات
الأولى يضيع فيها الطفل من والده الضرير بحيلة ساذجة ويحصل عليه سيد رجب
لينشأ على مقربة من الأسود فى السيرك فيجد أن جيناته الشخصية توجهت إلى هذا
العالم الدموى، إنها كلمة السر التى تخاطب غرائز الجمهور الذى يجد فى نفسه
شيئا من البطل أو فى الحقيقة ما يتمناه وهو ما توفر فى ملامح رمضان، كما
أنه يقدم كل المواقف التى تؤكد تفرده بين كل نجوم الشاشة من قفز وقنص وسرقة
وجدعنة ودهاء فى الهروب من الشرطة والضحك على العصابة، وحتى المشهد الأخير
الذى تعاون فيه مع الشرطة للقبض على المجرم العاتى حسن حسنى لم يرض بتلك
النهاية التى تشبه كل نهايات الجدعان فى الأفلام القديمة، ولكن الزمن تغير
وأصبح على المجرم أن يتوب وتكافئه الشرطة ثم يخدع الشرطة ويحصل على الصفقة
المشبوهة.
التفاصيل الإنسانية مهما بلغت سذاجتها وتكررت من عمل فنى إلى آخر فهى تحقق
فى النهاية الهدف المنشود وهو تعاطف الجمهور، البطل يسرق لأنه يريد أن يسدد
ثمن علاج والدة حبيبته ريهام أيمن وهى تسأله عن المصحف هل لا يزال محتفظا
به، لمحة مصرية أصيلة لا يهم أنك تسرق ولكن احتفاظك بالمصحف يعنى أن هناك
حماية علوية تأتى من السماء وهى لا تفرق بين الأتقياء والمذنبين، القوة
المفرطة التى يتمتع بها البطل ولهذا شاهده الجمهور وهو يضرب العشرات منهم
وبعد أن يتلقى ضربات قاتلة لا يتوقف عن رد الصاع صاعين.
لا تهم الحكاية لكن عليك أن تطمئن على المكافأة، وهى أن الفتاة الحسناء
ريهام أيمن من نصيبه وهى تمثل جزءا من مكونات الضمير الشعبى الذى يرفض
المال الحرام مهما عانى من فقر، كل هذه المفردات وأكثر تجدها على الشاشة
ولكن يبقى سر النجاح وهو أن الجمهور تعلق بالبطل وتوحد وتماهى معه. نعم هم
فى شريحة عمرية دون العشرين وبعدها بقليل وهؤلاء تحديدا هم الجمهور
المستهدف فى السينما الذين يشكلون على الأقل 80% من دافعى التذاكر.
تستطيع أن تدرك بداية بزوغ نجم شعبى أهمها أن يصفق له الجمهور قبل أن يراه،
ولكن بمجرد قراءة اسمه على التترات.
استحوذت العشوائية على العيدية، لأنه لم تقدم بجوارها سينما حتى نقول انتصر
الإسفاف على السينما، ولكن الصحيح أن تقول انتصرت الرداءة على البلادة، وهو
السؤال الذى نحاول أن نجيب عنه غدا!
عبد الوهاب وسيقان لطيفة!!
طارق الشناوي
12/8/2013 3:27 ص
بعيدا عن صحة أو عدم صحة الرأى الذى أعلنه حلمى بكر فى لقائه مع نيشان ضمن
برنامجه «أنا والعسل» عن إعجاب الموسيقار محمد عبد الوهاب بسيقان المطربة
لطيفة أكثر من صوتها، فإن السؤال هو: هل يجوز لحديث خاص بين اثنين أن يصبح
حديثا عاما بعد رحيل أحد الأطراف؟
كعادة الملحن حلمى بكر يشطح هنا وهناك فى هجوم لاذع، لا تعرف بالضبط هل هو
الهجوم لمجرد الهجوم أم أنه الضرب تحت الحزام لمجرد الضرب تحت الحزام؟!
آخر من نالته ضرباته الصاروخية هو المطربة لطيفة، وبالطبع ليس جديدا على
حلمى أن يفتح النيران عليها وغيرها مصوِّبا كل ما لديه من قوة قتل ثلاثية..
لا بأس من كل ذلك ولا جديد أيضا ولكن أن نصبح بصدد طلقة عنقودية طائشة
تخترق لطيفة وتتوجه مباشرة إلى الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب بكل ما
يتمتع به من مكانة استثنائية فى تاريخ الموسيقى العربية، فدائما شهادة عبد
الوهاب تصبح هى الأهم فى تاريخ كل فنان، والحكاية المتداولة والمعروفة عن
علاقة عبد الوهاب بلطيفة هى أنه كان قد استمع إلى صوتها فى أثناء دراستها
بمعهد الموسيقى العربية بمصر قبل نحو 30 عاما، وقال لها إعجابا «بخَّرى
صوتك يا لطيفة».. هذا الرأى نُشر وعبد الوهاب على قيد الحياة عشرات المرات،
ولو كان اللقاء مختلقا لكذبه بالطبع الموسيقار الكبير، إلا أن ما أعلنه
مؤخرا حلمى بكر وهو أن عبد الوهاب قد أعجبته فقط سيقان لطيفة، فهذا الرأى
بالتأكيد ينال من عبد الوهاب قبل أن يطعن لطيفة!!
حلمى بكر لم يلحن لها من قبل، هو يقول إنها طلبت منه ذلك فى بداية مشوارها
ولكنه لم يتحمس.. لا أستبعد ذلك كما أن حلمى من حقه أن لا يتحمس للتلحين
لأى صوت فتلك قناعته، ولا أستبعد حتى إن عبد الوهاب قال لحلمى إنه معجب
بأنوثة لطيفة، فلقد ظل عاشقا للمرأة حتى آخر سنوات عمره وسبق له مثلا فى
السبعينيات من القرن الماضى وهو كان أيضا وقتها فى السبعينيات من عمره
-وهذه حكاية معروفة- أن وقع فى غرام ميادة الحناوى ولحن لها «فى يوم وليلة»
إلا أن زوجته نهلة القدسى تدخلت فى اللحظات الأخيرة ومنحت الأغنية إلى وردة
وبعدها مُنعت ميادة من دخول الأراضى المصرية على مدى 20 عاما وهذه قصة أخرى
ليس الآن مجال تفاصيلها، ورغم ذلك فإنه ليس صحيحا أن نقول إن عبد الوهاب
أعجب فقط مثلا بملامح ميادة ولطيفة ولم يستوقفه صوتاهما.
لطيفة تجددت فنيا من ملحن إلى آخر، ونجحت مع عمار الشريعى ولها مع صلاح
الشرنوبى وكاظم الساهر مشوار ومع زياد الرحبانى بصمة وواصلت مثلا مع عمر
خيرت، كما أنها غنت من الجيل القديم لكل من سيد مكاوى ومحمد الموجى وخالد
الأمير.
لدىّ ملاحظات ليست كلها فى صالح لطيفة مثل إخفاقها فى فيلم «سكوت ح نصور»
ليوسف شاهين والذى قال عنه فى آخر حوار سجلته له فى قناة «الأوربت» إنه
واحد من أسوأ أفلامه كما أننى أرى أنها غير مؤهلة للعمل كمقدمة برامج، ولكن
لا يمكن أن أعزى نجاحها إلى أنوثتها فهذا النوع من النجاح عمره قصير، فكيف
تواصل الغناء على مدى ثلاثة عقود من الزمان؟!
ما الذى أوقع لطيفة فى مرمى نيران حلمى بكر؟ لا أدرى حقيقة السبب المباشر
ولكنى دائما ما أراه حادا فى آرائه وفى كثير من الأحيان يتراجع عنها مثلما
حدث مؤخرا مع أصالة، أيضا آراؤه ضد نانسى عجرم منتشرة عبر «اليوتيوب» ولكن
بعد أن لاح فى الأفق مشروع للجمع بينهما فى أغنية خفتت حدة النبرة الهجومية
وبات على لطيفة فى هذه الحالة أن تتلقى هى بالنيابة عن نانسى وأصالة شحنة
الغضب.
وبعيدا عن رأى حلمى الذى يعزى نجاحها إلى أنوثتها فلا شك أننا من الممكن أن
نقول بأن هناك مطربات من الجيل الماضى مثل صباح ومن الجيل التالى نذكر
لطيفة ونانسى وإليسا وكارول سماحة حضورهن الأنثوى لعب دورا فى وجودهن على
الساحة ولكن استمرارهن فى الغناء يعزى أولا إلى أصواتهن. ونعود إلى السؤال
الأول: هل يجوز لحوار خاص بين طرفين أحدهما رحل عن الحياة أن يصبح متداولا
عبر الفضائيات مهما كان سخاء المقابل المادى؟
المصيبة أعظم
طارق الشناوي
11/8/2013 3:04 ص
أتذكر جيدًا قبل نحو ثلاث سنوات كانت شاشة التليفزيون المصرى هى الساحة
الرئيسية للصراع، كل شركات الإنتاج وورائها النجوم والنجمات يبذلون النفس
والنفيس من أجل أن يضمنوا مساحة على التليفزيون الأرضى فى رمضان، حيث كثافة
المشاهدة، ولهذا مثلًا كان وزير الإعلام الأسبق أنس الفقى منذ توليه
الوزارة عام 2005 وحتى يبعد عن نفسه صداع النجوم قد أنشأ لجنة يرأسها
الكاتب الكبير د.فوزى فهمى للاختيار بين الأعمال الرمضانية التى تتهافت على
الشاشة، وكثيرًا ما كانت النجمات يمارسن ضغوطًا، وكم من مرة تم تغيير
الخريطة فى اللحظات الأخيرة لصالح نجمة قررت أن تزيح أخرى، كما أن نجمة
شهيرة انتظرت وزير الإعلام على باب بيته منذ الصباح الباكر لكى يعرض
مسلسلها، وأخرى أصيبت بانهيار فى مكتبه حتى تقنعه بعرض مسلسلها، ولكن دوام
الحال من المحال، وهكذا شاهدنا مثلًا هذا العام التليفزيون المصرى وهو
يستجدى الشركات الخاصة لكى تعرض على شاشته التى فقدت جاذبيتها، ولهذا لم
تعد شركات الإنتاج تسعى إليه، ولم يبق له سوى إنتاجه الحكومى سواء «قطاع
الإنتاج» أو «صوت القاهرة»، ونقرأ أن مخرجيها ونجومها ومؤلفيها غاضبون لعدم
تسويقها فى الفضائيات ويتهمون التليفزيون الرسمى بأنه يدفنها على شاشته
الفاقدة الجماهيرية. التليفزيون انفرد بعرض مسلسلى «ربيع الغضب» و«أهل
الهوى» حصريا على شاشته. الأول إنتاج «صوت القاهرة» والثانى «قطاع
الإنتاج». المخرجان محمد فاضل وعمر عبد العزيز غاضبان، والمؤلفان محفوظ عبد
الرحمن ومجدى صابر حزينان، والنجوم يتساءلون فى جنون أين مسلسلاتنا التى لم
يرها أحد. كنت أعلم الإجابة وأتصور أنهم يعرفون الإجابة، ولكن لا أحد يريد
مواجهة الحقيقة، حتى قرأت -أخيرًا- التحقيق الذى أجرته الزميلة أسماء مأمون
فى «المصرى اليوم» التى ذهبت إلى أصحاب الشأن المسؤولين عن تلك الهزائم سعد
عباس رئيس قطاع «صوت القاهرة» الذى قال بأدب جم إن الأعمال الفنية التى
تنتجها الشركة ليس بها نجوم شباب من الذين تفضلهم المحطات الفضائية، ولهذا
لا يتم تسويقها، وإن النجوم الشباب أجورهم كبيرة ولهذا لا يستطيع كشركة
إنتاج التعاقد معهم، ولا أدرى لماذا بدلًا من أن ينتج سبعة أعمال لا يراها
أحد وتحقق خسارة فادحة، لا يركز فى عملين فقط ما دام يعلم أن قواعد التسويق
لا ترحب بهؤلاء النجوم محدودى الأجر منزوعى الجماهيرية الذين يتعاقد معهم،
أما رئيس القطاع الاقتصادى محمد عبد الله، فلقد قال مباشرة إن الجهات
الحكومية لا تقدم أعمالًا تجذب المشاهد، والجمهور يرفضها، ولهذا لا ترحب
بعرضها الفضائيات الخاصة.
هذا هو فى الحقيقة موطن الداء الذى يعانى منه إنتاج الدولة، معادلات دائمًا
خارج النص هى التى تتحكم فى الإنتاج، ولا يمكن أن أفهم مثلًا كيف يجرؤ رئيس
شركة «صوت القاهرة» أن ينتج مسلسلًا قبل أن يسأل عن إمكانيات تسويقه، وإذا
قال له القطاع الاقتصادى إن هذا المسلسل بهؤلاء النجوم غير قابل للبيع فكيف
يبدد طاقة الدولة فى مثل هذه الأعمال التى لا يراها أحد.
الأمر ليست له علاقة بضعف الإمكانيات المادية، ولكن بعدم القدرة على
توظيفها للحصول على نتائج أفضل، وزيرة الإعلام د.درية شرف الدين عليها أن
تضع فى خطتها للتطوير والتطهير قطاع الدراما بجناحيه «صوت القاهرة» و«قطاع
الإنتاج» الذى أصبح مرتعا للصفقات المالية وكل من لا يجد فرصة للعمل خارج
ماسبيرو ولديه صفقة يسعى إلى تحقيقها عن طريق الدولة، إنها فى جزء منها
تدخل تحت طائلة قانون إهدار المال العام مثل ما حدث فى مسلسل «أهل الهوى»
الذى لم يتم تسويقه، ليس بسبب كما يقول المؤلف الكبير محفوظ عبد الرحمن،
ضعف الإمكانيات، ولكن بتواطؤ داخل قطاع الإنتاج فى أثناء تنفيذ المسلسل،
سمح بأن تسند الأدوار إلى نجوم من الذين تجاوزهم الزمن لم يعودوا مطلوبين
على الخريطة، وأيضا ليست هذه هى أدوارهم، كيف لمن تجاوز الستين أن يلعب دور
شاب فى الرابعة والعشرين، إذا كان المخرج قد فعلها وكل من فاروق الفيشاوى
وإيمان البحر درويش قبلا الدورين للوجود، فكيف صمت المسؤول، كما أن المخرج
محمد فاضل أعماله الأخيرة كلها من إنتاج الدولة ويسند بطولتها فقط إلى
زوجته فردوس عبد الحميد، ولا أحد يرحب بعرضها خارج جدران ماسبيرو، كيف
للمسؤول عن الإنتاج أن يوافق على هذا العبث، إذا كان يدرى فتلك مصيبة وإذا
كان لا يدرى فالمصيبة أعظم!!
نهاية على كيفك
طارق الشناوي
9/8/2013 10:54 م
انتهى ماراثون الدراما الرمضانية وكان ينبغى أن أظل صامدًا أمام التليفزيون
حتى الحلقة رقم 30، وما أدراكم ما الحلقة رقم 30.
لاحظت توافقًا، من المؤكد غير مقصود بين «الداعية» و«العراف»، كل منهما
قدّم نهايتين، وهما بالمناسبة من أكثر المسلسلات الرمضانية التى حظيت بدرجة
كثافة عالية من المتابعة بغض النظر عن المستوى الفنى.. الأول بسبب أنه يمس
أحداثًا عاشها الناس فى الأعوام الأخيرة ويلمس شيئًا واقعيًّا كانوا جزءًا
منه، إنه أقرب إلى دراما الواقع، مثل تليفزيون الواقع، حيث تمتزج الواقعة
الموثقة مع الشخصيات الدرامية، وفى أحيان كثيرة يتم قطع الخيط الفاصل
بينهما، بينما «العراف» فإنه يمتلك سلاحًا جماهيريًّا اسمه عادل إمام،
عندما يقول ريان يا فجل نكتشف أن قطاعًا وافرًا من الناس يردد وراءه يا فجل
يا ريان.
فى مسلسل عادل إمام، قدموا له نهاية طالت أكثر مما ينبغى، حتى تسمح بميلاد
نهاية ثانية، النهاية الأولى لم يقل المؤلف يوسف معاطى صراحة أنها الأولى،
ولكننا نكتشف موت عبد الحميد البكرى وودعه أبناؤه وشيعوه ونزلوا به إلى
التربة -رغم أن العادة هى أن يكشف وجه الميت بعد نزوله إلى قبره إلا أن هذا
الطقس لم يقدمه المخرج حتى لا يحرق المفاجأة- اتضح أن الذى مات هو صديقه
سعيد طرابيك، تخيلوا أن أبناءه لم يحضروا الغسل ولا التكفين، ولكنهم على
الأقل حملوه كما شاهدناهم ونزلوا به إلى المقبرة ولم يلحظوا شيئًا، أراد
صُناع المسلسل خداع الجمهور لأننا فى مشهد سابق شاهدنا عادل إمام وهو غائب
عن الوعى ولا يستمع إلى كلمات صديقه الحشاش سعيد طرابيك، فصدقنا أنه مات
بينما كما نكتشف بعد ذلك أن عزرائيل فى اللحظات الأخيرة وقع اختياره ربما
بطريق الخطأ على طرابيك، أما ثروته الطائلة التى يعلم كل أبنائه أنها
مسروقة فلقد ارتضوا جميعًا أن يقتسموها، وتأتى المفاجأة أنه يواصل النصب
منتحلًا شخصية صديقه الراحل، بينما نرى ضحكات هيستيرية مجنونة من اللواء
حسين فهمى الذى ترك الخدمة وفى نفسه شىء من عبد الحميد البكرى وكأنها نهاية
ثانية على طريقة «الليمون بالنعناع» الذى يخلص مصر من كل مشكلاتها، عادل
إمام يذكرنا بقفلة مسلسل «ناجى عطا الله» التى تشعرك بأن فريق العمل غُلب
حماره ولم يعرف كيف ينهى الأحداث، فباع للمشاهدين الترام والحمار.
أما «الداعية» فإن الكاتب مدحت العدل والمخرج محمد العدل أنهيا مشكلة ريهام
عبد الغفور شقيقة هانى سلامة وعادت إلى زوجها أحمد فهمى فى تلفيق درامى
فادح وفاضح، بينما جاء المشهد الأخير ليجمع بين النغم والموت، فى النهاية
الأولى فى دار الأوبرا تغتال يد الإرهاب الداعية هانى سلامة، القاتل يعبر
عن أصحاب النظرة المنغلقة للإسلام بينما الداعية شاهدناه فى الأوبرا يعلن
عن مشاعره مصالحًا الموسيقى مؤمنًا بحق الإنسان فى الاختيار، فهو حتى لا
يطلب من حبيبته بسمة التى ستصبح زوجته ارتداء الحجاب، وجاء القتل لينهى فى
لحظات كل شىء إلا أن الكاتب لم يرض فى الشهر الكريم أن يودع المتفرج الشاشة
الصغيرة وهو حزين على الحبيبين فقدم نهاية أخرى وهى أن رجال الشرطة يتمكنون
من إلقاء القبض عليه قبل أن يشهر المسدس متجهًا إلى الداعية.
أراد صُناع مسلسل «الداعية» منح الأمل للجمهور المتعطش لكى تنتصر إرادة
الحياة، ذكرنى بالمخرج سامح عبد العزيز مع الكاتب أحمد عبد الله فى فيلم
«الفرح» عندما اختارا نهايتين الأولى حزينة تحمل عقابًا بالقتل لمن يخطئ
بينما الثانية سعيدة لمن يمشى على الصراط المستقيم فله الحياة والنجاة..
بينما جاءت نهاية «الزوجة الثانية» بالطفل يموت لحظة ولادته ويتمسّك به
الأب عتمان وهى نهاية أخلاقية مباشرة، بينما كانت النهاية فى فيلم «الزوجة
الثانية» لصلاح أبو سيف تتسق مع العمق الفكرى فهو رجل عقيم وعاجز بالمعنى
الأدبى ولهذا فإن الابن كان لأبو العلا بينما العمدة يموت وهو مذبوح فى
كرامته وشرفه.
«موجة
حارة»، جاءت النهاية توافقية حيث تعايش ضابط الشرطة إياد نصار مع رانيا
يوسف بعد أن اكتشف كل منهما أنهما وجهان لعملة واحدة.. أما «ذات» فحتى
كتابة هذه السطور لم أشاهد الحلقة الأخيرة، ولكننا ندرك أنها تأتى مع ثورة
25 يناير ولعله المسلسل الوحيد الذى منح ثورة «اللوتس» ما تستحقه.
انتهى ماراثون مسلسلات رمضان ليبدأ ماراثون أفلام العيد وما أدراكم ما
أفلام العيد!!
الدراما بين ثورتين
طارق الشناوي
7/8/2013 10:02 م
فى لمحة خاطفة وفى نفس التوقيت الحلقة رقم 28 من مسلسلى «العراف» و«فرعون»،
شاهدنا خطاب التخلى كما يقول مبارك أو الخلع كما يقول الثوار، كان اللواء
عمر سليمان يؤكد إعلان مبارك تخليه عن رئاسة الجمهورية وتفويض المجلس
العسكرى بإدارة شؤون البلاد، ولم ينسَ عادل أن يعلق بسخرية ضمن الأحداث على
الراجل اللى واقف وراء عمر سليمان.
لا أتصور أن ما تبقى سوف يمنح المسلسلين قدرة على التحليل لمفردات الثورة،
ولكنه مجرد إطار زمنى لن يسمح بأكثر من أن يدلى كل منهما برأيه، مع ملاحظة
أن كل من عادل إمام وخالد صالح يتحملان المسؤولية الفكرية والسياسية عن
المسلسلين، «فرعون» كما يؤديه خالد صالح هو رجل فاسد ومحسوب على نظام
مبارك، بينما عادل رغم فساده فهو ليس ابنًا لفساد مبارك بل إنه فى خصومة مع
كبار الفاسدين فى عهده ويأخذ من أموالهم ليمنحها للفقراء من أصدقائه
والمحتاجين من أبنائه وهم جميعًا كما قدمهم المسلسل يحصلون بطيب خاطر على
هذه الأموال رغم علمهم أنها فاسدة.
ليست هذه قضيتنا، ولكن اسأل عن موقف الفنان من الثورة فى الواقع وموقفه فى
الدراما، مثلًا إلهام شاهين واضحة وأنتجت «نظرية الجوافة» من أجل فضح حكم
الإخوان، كما أنها أنتجت لسماح أنور برنامجًا تليفزيونيًّا فى مجمله ضد
ثورة 25 يناير، فهى متسقة فى آرائها وفى ما تقدمه أو تنتجه من أعمال فنية،
عادل إمام كان موقفه شائكًا بعد ثورة 25 يناير، صحيح أنه أعلن تأييده
للثورة متأخرًا بعد إنكارها فى البداية، وأتذكر جيدًا أنه اتصل بـ«الجزيرة»
لإعلان رأيه المؤيد للثورة فى أول تصريح له رغم أنه طوال زمن مبارك كان
رافضًا لـ«الجزيرة» على اعتبار أنها فى عداء مع سلطة مبارك، ورأيناه فى
المسلسل يمشى فى المظاهرات التى تطلب إسقاط مبارك، كان عادل فى الواقع
عندما سألوه وقتها إذا كان مؤيدًا للثورة فلماذا لم يشارك فى المظاهرات، قد
أجاب أن صحته على قده ويخشى لو وجد فى مظاهرة أن تناله طوبة أو عصا على
رأسه إلا أن تأييده للثورة موثّق. فى أحداث «العراف» أشار إلى أنه كان
سيقنع مبارك مقابل واحد ليمون بالنعناع أن يستقيل وينهى الأزمة.. ولم ينسَ
بالطبع أن يأتى بشخصية أطلق عليها حسين عبد القوى، على وزن حسين عبد الغنى
مدير مكتب الجزيرة فى القاهرة، صاحب الإيفيه الشهير الذى أعلنه جمال مبارك
«رد عليهم انت يا حسين»، والواقع أنه حسين عبد الغنى كان طوال الثورة هو
المذيع الأول للمنصة فى التحرير، قبلها ربما بنحو عام قد استقال من
«الجزيرة».
ما الذى سنراه مجددًا على الشاشة فى علاقة عادل بالثورة، ويجب ملاحظة أن
الشخصية قد سقطت عنها قيود الدراما، فهو عادل إمام هذه المرة وتلك هى
قناعاته وهو ما سوف تسفر عنه مساء اليوم فى الحلقة رقم 30 التى يتقدم عادل
ضمن أحداثها للترشح للرئاسة فى إسقاط واضح على مرسى.
العديد من المسلسلات تصل فى أحداثها لثورة 25 يناير، مثل «موجة حارة»،
وأيضًا «ذات» الذى ينتهى مع ثورة يناير عندما أصبحت ذات تقترب من الستين من
عمرها، فهى شاهد إثبات على الحياة المصرية منذ ميلادها فى 23 يوليو 52..
مسلسل «الداعية» يستمر فى الرصد، وأعتقد أنه لن يكتفى فقط بنداء يسقط حكم
المرشد ولكنه سيصل بالأحداث إلى انتهاء زمن الإخوان، لأن صناعه مثل الكاتب
مدحت العدل وبطلة المسلسل بسمة كانا من رموز 25 يناير، بينما خالد الصاوى
أحد أهم المعارضين لنظام مبارك فى «على كف عفريت» يقترب من الثورة، ولكن
أحداثه والتى صورت فى العام الماضى ليست لها علاقة بحكم الإخوان.
تستطيع أن ترى من الآن شيئًا ما يلوح فى الأفق سيلقى بظلاله على الدراما
القادمة وهو أن تصبح مصر بين ثورتين، وأن 30 يونيو التى كان هدفها النبيل
إسقاط الإخوان سوف يحيلها البعض دراميًّا إلى ثورة أسقطت 25 يناير وأصبحت
هى الثورة الحقيقية.
ساحة الدراما ستلعب دورًا قادمًا ومحوريًّا، والنجوم الذين أيّدوا ثورة 25
يناير مسايرة وقتها للموضة سنرى وجههم الحقيقى الرافض لها فى دراما رمضان
2014.
مصادرة الجزيرة ومهند!
طارق الشناوي
7/8/2013 4:21 ص
لو أصدرنا قرارًا بمنع عرض المسلسلات التركية هل نشعر بعدها بارتياح لأننا
نجحنا فى كسر أنف رجب طيب أردوغان؟ نعيد صياغة السؤال هل نملك وسائل عملية
لمنع انتشار المسلسلات التركية؟ سؤال ثان لو أوقفنا إشارة بث الجزيرة
وأغلقنا مكتبها فى القاهرة وسودنا شاشة جزيرة مباشر سوف ينتهى تمامًا أعراض
الصداع الذى تسببه لنا هاتان القناتان، نعيد صياغة السؤال هل من الممكن
عمليا إلغاء البث؟ نعم، تستطيع غلق مكتب الجزيرة، ومن الممكن أن تقنع عددًا
من القنوات التليفزيونية المصرية بالتوقف عن استيراد التركى على اعتبار أن
«جحا أولى بلحم طوره» إلا أنك فى ظل تعدد أقمار البث الفضائى من المستحيل
هندسيًّا أن تضمن اختفاء «الجزيرة» والقضاء نهائيا على «مهند وفاطمة».
أسوأ ما فى دعوة بالمصادرة هو أن نرى عددًا من كبار الكتاب ورجال السياسة
وهم يباركونها، نعم الجزيرة غير محايدة ولنا عليها العديد من التحفظات، لكن
هذا الانحياز نفسه متهمة به قنوات مثل «البى بى سى» و«سى إن إن» و«الحرة»
وغيرها، فهل نصادر أيضا هذه القنوات، هل الإعلام المصرى الخاص محايد تمامًا
أم أنه صار طرفًا فى المعادلة؟ يقولون إن الجزيرة مباشر تتدخل فى الشأن
المصرى وهذا اختراق للسيادة، ألم تلاحظوا أن «إم بى سى» قبل عام أنشأت قناة
تليفزيزنية تحمل اسم «إم بى سى مصر» متخصصة فقط فى الشأن المصرى وأن قناة
العربية تقدم برنامجًا يوميًّا على مدى ساعتين عن مصر، هل شرط الموافقة هو
أن تٌقدم هذه القنوات ما نراه نحن محايدًا، مصر دولة محورية، الحدث المصرى
سياسيًّا وثقافيًّا وفنيًّا يستحوذ على الاهتمام ويسرق الكاميرا، وهذا
الأمر ليس متعلقًا فقط بالحالة الراهنة، لكنها مصر.
هناك رغبة شعبية من الممكن الاستناد إليها فى المصادرة، وبالفعل فى 30
يونيو وبعدها هتف المتظاهرون مطالبين بإغلاق «الجزيرة» كما هتفوا ضد تركيا
وعدد من الزملاء، بل دعنى أقول القسط الوافر منهم لديهم أيضا نفس الرغبة،
ولو عدت إلى زمن مبارك ستكتشف أن الجزيرة كانت هدفًا للنظام والعديد من
الأقلام والأفلام نعتتها بالحقيرة والخنزيرة وغيرها من الصفات، كان النظام
المباركى يعتبرها مهددة لاستقراره فى أثناء ثورة 25 يناير تعرضت أكثر من
مرة لإلغاء إشارة البث.
الآن لدينا أسبابنا فى الإغلاق فهى منحازة لأهل «رابعة»، ألم تلاحظوا أن
وزير الخارجية القطرى يلعب الآن دورًَا مع قيادات الإخوان لوضع حل للأزمة
بالطبع تحت مظلة مصرية، وهو ما يتفق مع رغبة البرادعى الذى لا يزال يفضل
الحل السلمى لفض الاعتصام بعيدا عن إراقة الدماء رغم أن هناك رغبة لدى قطاع
كبير من المصريين باستخدام القوة، الصوت الذى يريد الاقتحام وإنهاء الموقف
فى دقائق هو الأعلى ولديه أسبابه للحفاظ على هيبة الدولة، وهذا الصوت
تحديدا هو الذى دعا وزارة الداخلية المصرية إلى إصدار بيان تؤكد فيه أنها
تستطيع لو أرادت فض الاعتصام فى ساعة، لكنها لا تزال تفضل ضبط النفس، ألم
تلاحظوا أن شيخ الأزهر د.أحمد الطيب أوقف كل الطلبات التى تحثه لطرد الشيخ
يوسف القرضاوى من المجلس الأعلى لعلماء المسلمين.. برغم كلماته وتصريحاته
المعادية لثورة 30 يونيو، التى تتعرض شخصيًّا لفضيلة شيخ الأزهر، هنا شيخنا
الجليل يضرب المثل فى التعالى وإبعاد الأزهر عن ساحة الخلاف السياسى.
قرار المنع لأى فضائية أو جريدة إذا حظى بشرعية من خلال المثقفين سوف يتحول
إلى قاعدة تستند إليها الدولة فى أى معركة قادمة على اعتبار أن تلك
الفضائية أو الجريدة تهدد الأمن القومى للبلد.
لو عدت فقط قبل شهرين فى عز ما كانت العلاقات الشعبية المصرية التركية سمن
على عسل بل إن النموذج التركى العلمانى كان واحدًا من آمال الليبراليين،
ورغم ذلك أصدر اتحاد كتاب الدراما العرب برئاسة محفوظ عبد الرحمن قرارًا
يناشد فيه «ماسبيرو» بالتوقف عن استيراد المسلسلات التركية، وطالبوا
الشركات الخاصة بذلك أيضا، الحجج المعلنة هى الحفاظ على الهوية إلا أن
السبب الحقيقى هو تضاؤل الاهتمام بالمسلسل المصرى، وبالتالى لم يعد كتابنا
وحدهم فى الميدان فأرادوا إبعاد أى منافسة، وعندما اختلفنا سياسيًّا صار
الطلب هذه المرة مغلفًا بغطاء شعبى.. لو استسلمنا لمشاعر الغضب وباركنا
المنع والمصادرة سوف ندفع جميعا الثمن.
الأفضل والأسوأ وما بينهما!!
طارق الشناوي
6/8/2013 12:40 ص
الحصيلة هذا العام لا بأس بها، تميّزت الشاشة المصرية بحالة من الألق فى
ستة مسلسلات أضعها وفقًا لترتيب الأهمية.
الأول: «ذات» كاملة أبو ذكرى، رغم أنها مسؤولة بمفردها عن أول سبع عشرة
حلقة فقط، حيث أكمل خيرى بشارة الباقى، فإن الحالة الإبداعية التى قدمتها
فى قيادة الممثلين ورسم الإضاءة والديكور والموسيقى تمنحها جائزة الأفضل
بمفردها، ولاحظنا هبوط فى حالة الشاشة بعد ذلك، ولكن المسلسل مستمر بقوة
الدفع.
الثانى: «موجة حارة» لمحمد ياسين.
الثالث: «نيران صديقة» خالد مرعى، و«بدون ذكر أسماء» تامر محسن.
الرابع: «آسيا» محمد بكير.
الخامس: «فرعون» محمد علِى.
أفضل سيناريو مريم نعوم عن مسلسلى «ذات» و«موجة حارة»، مع الإشارة إلى أن
هناك ورشة شاركتها فى «موجة حارة» وأن الجزء الأخير من «ذات» شاركت فيه
أيضًا نجلاء الحدينى، إلا أن هذا لا يمنع أن البناء الأساسى والروح
الدرامية ورسم الشخصيات وحالة الحوار كلها من إبداع مريم.
أفضل ممثلة: نيللى كريم «ذات».
أفضل ممثل: إياد نصار «موجة حارة» وباسم سمرة «ذات».
أفضل أغنية تتر: «الداعية» تأليف مدحت العدل وتلحين عمر خيرت وغناء آمال
ماهر.
أفضل موسيقى تصويرية: عمر خيرت «العراف»، وتامر كروان «ذات».
أفضل تصوير: أحمد يوسف «نيران صديقة».
أفضل ديكور: محمد أمين «نيران صديقة».
أفضل ممثلة دور ثان: انتصار «ذات»، وعايدة عبد العزيز «موجة حارة».
أفضل ممثل درو ثان: محمد فراج «بدون ذكر أسماء» وأحمد راتب «الداعية» وسيد
رجب «موجة حارة».
أفضل وجه جديد: سهر الصايغ «بدون ذكر أسماء».
أفضل مونتاج: منى ربيع «ذات».
أفضل برنامج كوميدى: «الوش الثانى» محمود عزب.
جوائز خاصة: منى زكى «آسيا»، ورانيا يوسف «نيران صديقة» و«موجة حارة»، وهنا
شيحة «موجة حارة»، وخالد صالح «فرعون»، وفى الإخراج محمد ياسين «موجة
حارة»، وخالد مرعى «نيران صديقة»، والكاتب محمد أمين راضى «نيران صديقة»،
ومديرة التصوير نانسى عبد الفتاح «ذات».
أفضل مخرج عمل أول: تامر محسن «بدون ذكر أسماء».
أسوأ مسلسل: «الزوجة الثانية».
أسوأ مخرج خالد الحجر «فرح ليلى».
أسوأ ممثلة دور أول: علا غانم «الزوجة الثانية».
أسوأ ممثلة دور ثان: علا غانم «مزاج الخير».
أسوأ ممثل دور أول: فاروق الفيشاوى «أهل الهوى» وعمرو عبد الجليل «الزوجة
الثانية».
أسوأ ممثل دور ثان: أحمد فلوكس «العراف».
أسوأ كاتب سيناريو: ياسين الضوى وأحمد صبحى مؤلفا «الزوجة الثانية».
وتبقى ملاحظات عامة:
الأولى: تحذير إلى جيل الكبار من المخرجين وعلى رأسهم محمد فاضل فى «ربيع
الغضب»، حيث إن اللغة التى يتناول بها المسلسل وأعنى بها حالة الشاشة صارت
تقليدية جدًّا، تجاوزها العصر وفضحتها المسلسلات الأخرى، وبات على فاضل أن
يأخذ الحكمة من الموسيقار محمد عبد الوهاب الذى كان قادرًا على استيعاب
مفردات الجيل الجديد، فظل عصريًّا حتى بعد أن وصل للتسعين من عمره، وهو ما
يمكن أن تلحظه بنسبة ما أيضًا على أسلوب مجدى أبو عميرة فى «القاصرات»،
ونكتشف أن جيل المدرسة القديمة لم يبق منه سوى يوسف شرف الدين «ميراث
الريح»، ومحمد النقلى «الشك»، وأعتقد أن الأعوام القادمة ستقلص وجود هذا
الجيل أكثر.
الثانية: ترقّبنا جميعًا عودة محمود حميدة فى «ميراث الريح»، خصوصًا أنه
يرفض عشرات من المسلسلات طوال عشرين عامًا، ولكنه اختار
الأضعف ولم يدرك أن الترقب الكبير ارتفع بسقف التوقع فجاءت الشاشة تقليدية
وبليدة.
الثالثة: جيل يسرا وليلى وإلهام عليه التأكد أن الجمهور صار لديه مذاق فنى
آخر غير «نكذب لو قلنا مابنحبش» و«فرح ليلى» و«نظرية الجوافة»، يا يلحقوه
السنة الجاية ياميلحقوهوش.
الرابعة: نور الشريف بعد «خلف الله» أتمنى أن يدرك أن رصيده أوشك على
النفاد.
الخامسة: عادل إمام متى يقدم شيئًا آخر سوى مسلسلات تسالى رمضان.
للكبار فقط
طارق الشناوي
5/8/2013 3:59 ص
البعض صدمه هذا التحذير «فوق 18 سنة» الذى رأيناه على تترات مسلسل «موجة
حارة»، إنه اعتراف بأن المشاهد أصبح يتحمل مسؤولية الاختيار، الوجه الآخر
له سقوط دولة السلطة الأبوية، التى كانت تعنى الهيمنة على الحياة الثقافية
والإعلامية طوال العقود السابقة.
اقتحم البيت عن طريق التليفزيون العديد من الكلمات التى تقع فى إطار خدش
الحياء لو أننا عزلناها عن سياقها الدرامى، بالتأكيد هناك من يحيل كل شىء
إلى صفقة تجارية ويمعن فى اختيار الألفاظ الساخنة التى تحمل تجاوزًا ويتعمد
تكرارها، وهذا نوع من الاسترخاص أُوقِن أن البيت المصرى والعربى يرفضه،
ولكن على الجانب الآخر يجب أن نعترف بأن لغة الخطاب فى الشارع تغيرت،
والعديد من الكلمات التى كان مستهجَنًا فى زمن وصار الآن متداوَلًا،
والحقيقة أنها لم تعُد قاصرة على الدراما، ولكنها أصبحت تُستخدم على نطاق
واسع فى لغة الصحافة، بل وفى الأغانى والشعر.
الكلمة قبل أن يتم تداولها لا تأخذ ضوءًا أخضر من مجمع اللغة العربية،
ولكنها تنتزع حضورها عنوة فى الحياة، وكل زمن يطرح مفرداته، ولو تابعت لغة
التخاطب فى «النت» ستكتشف أن ما تسمعه فى المسلسلات هو كلمات مهذبة جدًّا
بالقياس إلى ما أصبح متداوَلًا الآن فى العالم الافتراضى.
من البديهى أن تتسلل هذه الكلمات أيضًا إلى الشاشة.. ليس هذا تبريرًا ولا
دفاعًا عنها، فهى فى جزء منها تجرحنا، ولكن لو راجعت عددًا من الأغانى
والأشعار فسوف تكتشف أنها لعبت دورًا فى التمهيد لانتقالها إلى الدراما،
كأننا نعيش فى مزاد علنى، الكل يريد زيادة الجرعة لكى يلفت إليه الانتباه،
دخل إلى سوق الكتابة جيل جديد، القليل منهم موهوب والأغلبية تعتقد أن مجرد
كلمة «روشة» من هنا وهناك تمنح الحوار نكهة عصرية وتجعله على موجة الناس،
إلا أن هؤلاء الموهبين يعبرون بالضرورة عن مفرداتهم الخاصة ولا ينقلون لغة
الحوار من كتب المحفوظات العامة.
ولو قلبت فى صفحات الدراما فستكتشف أن أشهر عبارة أحدثت ضجة ووُصفت وقتها
بالانفلات اللفظى هى تلك التى أطلقتها «فاتن حمامة» فى فيلم «الخيط الرفيع»
فى منتصف السبعينيات «ابن الكلب» التى نعتت بها محمود يسن فى حوار ساخن كان
من المستحيل العثور على مرادف لفظى آخر له، ولكن الذى حدث بعدها هو أن
البعض طالب بالمعاملة بالمثل، ورأينا سيلًا عارمًا من تلك الشتائم
ومشتقاتها يتسلل إلى الأفلام.
لا ينجح عمل فنى لأن به بذاءات أو لأن البعض يعتقد أن هذه جرأة.. الناس
بطبعها تكره المغالاة، والحكمة تقول «الفضيلة تقع بين رذيلتين، الإفراط
والتفريط».. وبالتأكيد لا نريد أعمالًا فنية تبدو كأنها معقمة، وبنفس القدر
نرفض أن تقدم أعمال تغلّف حوارها بالابتذال.
مخرجو السينما الذين احتلُّوا الشاشة الصغيرة فى شهر رمضان فى الأعوام
الثلاثة الأخيرة هم المتهَمون بالتجاوز بعد أن نقلوا معهم الحوار السينمائى..
البعض يعتبر أن هذا ردّ فعل طبيعى لأن الفيلم يذهب إليه الجمهور، لهذا فمن
الممكن أن يتسامح مع تلك الألفاظ، بينما التليفزيون فى منزلك هو الذى يقتحم
عليك حياتك.. ورأيى أن مثل هذه التحليلات تبدو فى جانب منها كأنها تبحث عن
مبرر خارج عن النص لما نراه الآن من توفر عدد كبير من مخرجى السينما صاروا
هم الأكثر طلبًا من مخرجى الدراما الذين كانوا هم ملوك الفيديو قبل أعوام
قليلة.
هناك إحلال وتجديد فى العناصر التى تتحكم حاليًّا فى اختيار المخرجين، ليس
عبثًا أن نرى عددًا كبيرًا من مخرجى السينما صاروا هم نجوم الشاشة الصغيرة
مثل خالد مرعى «نيران صديقة» ومحمد بكير «آسيا» ومحمد يسن «موجة حارة»
وأحمد جلال «اسم مؤقت» ومجدى الهوارى «مزاج الخير» ومحمد على «فرعون»
وكاملة أبو ذكرى «ذات» ورامى إمام «العراف».. بالتأكيد يتباين مستواهم
الفنى، وبعضهم يقدم رؤية تعود بنا إلى ما قبل بدايات زمن الإخراج
التليفزيونى، ولكن لا شك بينهم من أحدثوا نقلة على مستوى الرؤية البصرية.
هناك بالفعل حالة من الانفلات اللفظى شاهدناها على الشاشة الصغيرة، وهى
ليست مسؤولية مخرجى السينما ولن تتوقف بمجرد أن تتدخل الرقابة بالمنع، ولكن
أولًا بتهذيب لغة الخطاب فى الشارع والنت والإعلام، وهذا بالطبع مستحيل.
نعم زادت جرعة المسموح، ولكن انتهى زمن الرقابة، وعليك أنت أن تختار،
فالعصمة بيدك!
النقيب والزعيم.. عفوًا!
طارق الشناوي
4/8/2013 3:17 ص
كيف هان على عادل إمام بعد أن نصَّبوه زعيما عليهم أن لا يسدد لنقابة
الممثلين ما عليه كرسم نسبى عن أجره فى وقت يعانى فيه صندوقها الجفافَ
المادى؟ دفع عادل فقط 30% من حق النقابة واحتفظ بالباقى! كيف داعب النوم
جفون نقيب الموسيقين مصطفى كامل عندما سرق لحنًا قديمًا ونسبه إلى نفسه بكل
جرأة وبلا لحظة تردُّد واحدة؟
ما الذى من الممكن أن يفعله موسيقىّ لو اكتشف أن هناك من يسرق ألحانه؟ سوف
يلجأ على الفور إلى نقابة الموسيقيين، فهى الجهة الوحيدة التى تضمن له
حقوقه، ماذا لو أن ورثة الملحّن الراحل عبد العظيم محمد تقدموا بشكوى إلى
نقيب الموسيقيين مصطفى كامل يتهمون فيها نقيب الموسيقيين مصطفى كامل بأنه
سرق لحن أبيهم الرمضانى «تم البدر بدرى والأيام بتجرى»، وكتب على أنغامه
أغنية تُقَدَّم عشرات المرات على كل الفضائيات «تسلم الأيادى، تسلم يا جيش
بلادى»؟ إنها مأساة متعددة الأركان عندما نكتشف أن حاميها حراميها وأن من
ينبغى أن يصون ويحمى هو الذى يسرق ويبدِّد. الغريب فى الأمر أن هذه الأغنية
التى رددتها شريفة فاضل فى الستينيات من كلمات عبد الفتاح مصطفى لا تقدَّم
إلا فى النصف الثانى من رمضان عندما يكتمل البدر ونشعر أن رمضان غادرَنا
سريعًا، وهكذا ينطبق على مصطفى مقولة استيفان روستى الخالدة «نشّنت يا
فالح؟»، فلقد سرق اللحن فى اللحظة الزمنية التى لا يتردَّد إلا فيها، مصطفى
كامل هو كاتب ومطرب النشيد مع المجموعة، وأعلم أنه لا يجيد العزف على آلة
موسيقية ويلحّن سماعيًّا بالنقر بأصابعه على المائدة، ولم تكتفِ أصابعه هذه
المرة بالنقر بل امتدت للسطو، وكتب كلمات تُشِيد بموقف الجيش المصرى
وقائده. كيف تقبل الذائقة الوطنية هذا العبث؟
أما عادل إمام الذى صار لا يرتاح إلا إذا سمع اسمه مسبوقًا بلقب الزعيم،
فلقد قرأتُ قبل أسبوعين حوارًا للفنان خليل مرسى على صفحات مجلة «الكواكب»
أجراه الزميل محمد جمال كساب قال فيه إن عادل إمام سدد لصندوق النقابة كما
يقضى القانون 2% من أجره، وأضاف خليل باعتباره مسؤولا عن تحصيل هذه الرسوم
(التى تذهب إلى المرضى والعاطلين من أبناء المهنة) أن عادل قال إن عقده 10
ملايين جنيه فقط، وهذا يعنى أنه سدد 200 ألف جنيه، ولكن الحقيقة كما ذكرها
خليل هى أن أجره عن المسلسل 30 مليونًا، أى أنه قد احتفظ لنفسه بـ400 ألف،
وهو -كما ترى- مبلغ من الممكن أن يسعد بضع عشرات من الفنانين الذين يعانون
الكثير فى تلك الأيام الضنك. بالمناسبة خليل يشارك فى مسلسل «العراف»، أى
أنه يحظى بعلاقة طيبة مع عادل، ولكنه احترم موقعه كعضو مجلس إدارة منتخَب
ائتمنه الناس على حقوقهم. انتظرت أن أقرأ فى العدد التالى من «الكواكب»
تكذيبًا أو توضيحًا من عادل، ولكن قرأت بالفعل حوارًا أجراه فى المجلة قال
فيه كل شىء، إلا أنه لم يتطرق قَطّ إلى هذا الاتهام، والحقيقة أن الرقم
الذى أعلنه خليل ليس مفاجأة لأحد فى الوسط الفنى، بخاصة أن صفوت غطاس منتج
مسلسله السابق «ناجى عطا الله» قال فى أكثر من حوار إنه تعاقد فى العام
الماضى مع عادل بهذا الرقم. لا أتصور بالمناسبة أن عادل يريد أن يغالط
النقابة فى الحساب، ولكنه يخشى إذا قدم للنقابة الرقم الحقيقى أن تتحول إلى
وثيقة تستند إليها الضرائب فى محاسبته، وفى هذه الحالة تستردّ الدولة عشرات
من الملايين بأثر رجعى عن كل تعاقداته السابقة، كان عادل إمام يتمتع بحماية
طوال زمن مبارك، ولم يكن يجرؤ ولا حتى وزير المالية على سؤاله عن حقيقة
الأوراق المقدمة للضرائب، لأن العقد السرى بين كبار النجوم والشركات لا يتم
تداوُله، وما يقدَّم هو العقد الصورى المزيَّف الذى يتناقص فيه الأجر
أحيانًا كما رأينا بنسبة الثلثين.
لا أدرى ما الذى من الممكن أن يعانيه بعد ذلك خليل مرسى بعد أن كشف
المستور، هل يرشحه عادل مجدَّدًا فى أى عمل فنى قادم؟ المؤكد أن الدولة
الرخوة التى نعيش تحت مظلتها الآن لن تتحرك، فلن يحاسب أحد نقيب الموسيقين
على سرقة اللحن، ولن يجرؤ أحد على الاقتراب من مملكة الزعيم!
إنه زمن الخفوت!
طارق الشناوي
3/8/2013 12:29 ص
ليس كل ما يلمع ذهبًا، وليس كل من ينجح يستحق، هناك عوامل أخرى تلعب دورها
تؤدى إلى اختلال المعادلة، ترفع هذا إلى سابع سماء وتطيح بذاك إلى سابع أرض.
موهبتها محدودة، ورغم ذلك فإن النجمات يفرضنها على المخرج فى دور الأم أو
الصديقة الكبرى، حيث يشعرن بأنها تحقق لهم الاطمئنان إلى أن عين المتفرج لن
تذهب بعيدًا عنهن، وهكذا تنتقل من عمل فنى إلى آخر، نعرف جيدًا أن النجمات
الكبار بداخل بعضهن كراهية ضد بعض، كيف إذن استطاعت أن تقنع كل واحدة منهن
بأنها الأقرب إليها؟ هذا هو فى الحقيقة أحد أسرار بقائها فى الدائرة
الفنية، وهى لا يمكن أن تبوح بالسر.
أخذ عشرات من الفرص لكى يصبح نجمًا كوميديًّا، ولكن الناس لم تشعر به أبدًا
ولم ينجح فى انتزاع أى ضحكة طوال مشواره، زملاؤه أصبحوا نجومًا وهو محلك
سر، إلا أن المفاجأة هى أنه لا يزال مطلوبًا فى السوق ويحرص كل رفقاء
الطريق على أن تُسنَد إليه أدوار بجوارهم لأنهم متأكدون أن حضوره أمام
الكاميرا مثل غيابه سوف يؤدى إلى أن يتطلع المتفرج إليهم، فهو بالنسبة
إليهم مجرد سَنِّيد ثقيل الظل دوره الحقيقى هو تسخين الجمهور لكى ينتظر
طلتهم على الشاشة، وهكذا يحتكرون بمفردهم كل الإفيهات والضحكات، من المؤكد
أنه مدين لثقل ظله بوجوده على الشاشة.
أتذكر أن القدير عادل أدهم كان يواجهه دائمًا هذا المأزق، فهو بمجرد أن
ينطق بل وقبل أن ينطق الحوار يسرق عين المشاهد بهذا الوهج الخاص، فكان بعض
النجوم يتحفظ على ترشيحه بجوارهم ويبذل كل جهده لإقصائه عن الكادر ويبحث عن
المطفَئِين ليأنس بوجودهم.
فى الحياة دائمًا تنويعات مماثلة عن صحفيين وإعلاميين تتضاءل مواهبهم
ولكنهم مرحَّب بهم فى إطار معادلات متشابهة تحيل الموهبة إلى لعنة على
أصحابها.
يخلق الله الكائنات الحية ولديها قدرة على مقاومة كل أسباب الفناء.. نرى
عادة أسلحة الحماية تتمثل فى غطاء السلحفاة وسرعة أقدام الغزال وقدرة القرد
على تسلق الأشجار وأشواك القنفد، وفى دنيا البشر قد نرى أسلحة الضعف التى
تحيل كل أسباب الفناء إلى عوامل دافعة إلى البقاء!
فى دنيا الإبداع مثلًا قد يعتقد البعض أنه كلما ازدادت كفاءة الممثل أو
الكاتب أو المخرج أصبح مطلوبًا أكثر فى السوق الفنية، ومع الأسف هذا لا
يحدث دائمًا.. لو تتبعت مثلًا ما يجرى فى عالم المسلسلات فستكتشف أن المخرج
المطلوب فى السوق هو أولًا المطيع للنجم ينفذ فقط أوامره ولا يقول له «بم»،
وهو ثانيًا القادر على إنجاز وتصوير عدد أكبر من الدقائق فى اليوم، وهكذا
ظهر فى سوق الدراما تعبير «بريزة» و«صفيحة»، البريزة تعنى تصوير 10 دقائق
والصفيحة 20 دقيقة فى اليوم، لهذا فإن الأقل إبداعًا واهتمامًا بالتفاصيل
القادرون على أن يتحولوا إلى أتباع للنجوم والنجمات ولشركات الإنتاج هم
المطلوبون أكثر، قد تكتشف أن نجمًا كبيرًا يصر على اختيار مخرج ما لكل
أعماله الفنية، للوهلة الأولى تعتقد أن هذا المخرج يحقق له أعلى درجات
الإبداع وأن بينهما توافقًا فنيًّا وكيميائية إبداعية بينما النتائج على
الشاشة تقول شيئًا آخر وكواليس هذا المسلسل تؤكّد أن النجم هو الذى كان
يوجه المخرج وأن الوظيفة الحقيقية له هى تنفيذ تعليمات النجم!
نجاح وجه جديد عبر الشاشة قد يؤدى إلى استبعاده من المشاركة فى التمثيل
أمام نجم يرى أنه من الممكن أن يسرق منه الكاميرا بينما إذا تأكد أنه غير
قادر على المنافسة فإن هذا وحده كفيل بأن يتيح له مزيدًا من الأدوار.
الفنانة القديرة كريمة مختار قبل 6 سنوات تألقت فى دورها «ماما نونة» فى
مسلسل «يتربى فى عزو»، منذ ذلك الحين وهى لا تجد مساحة درامية فى عمل فنى
آخر يستوعب كل هذه الطاقة التعبيرية.
فى كل المجالات تمنح الموهبة قوة لصاحبها تمكنه أن يقول لا فى وجه منتج أو
مخرج أو نجم جائر، بينما عديمو الموهبة يدركون أن قوتهم الحقيقية تأتى من
قدرتهم على الخضوع بلا أى شروط مسبقة سوى الإمعان فى حالة الخنوع.. وفى
دنيا السياسة ستكتشف أن من يقرأ شفرة الشارع ويضبط موجته عليها هو الذى
يسوّق نفسه كرجل للمرحلة، رغم أنه لم يكن يومًا صاحب موقف ولكنه فقط يجيد
الرقص على إيقاع الناس، إنه زمن الخفوت!
بضاعة أتلفها الهوى!
طارق الشناوي
1/8/2013 12:38 ص
كما أنك من الممكن أن تعثر على مسلسلات وش القفص فإن هناك مسلسلات قعر
القفة.
بالتأكيد الإعلام فى تغطيته لفاعليات شهر رمضان التليفزيونية لا يمكن أن
يتوجه إلى أعمال فنية بعينها ويغض الطرف عامدا عن أخرى، نحن نعيش عصر
الإعلام المفتوح، عدد لا يحصى ولا يعد من جرائد يومية ترصد كل شاردة وواردة
فى المسلسلات والبرامج على مختلف القنوات، تكتشف أن هناك عدم اكتراث
بمسلسلين من إنتاج الدولة ويعرضان على موجاتها «أهل الهوى» و«ربيع الغضب»،
ولم يستوقفا أحدا، المسلسلان متوفران حصريا فقط على موجات قنوات تابعة
للدولة، فى وقت باتت فيه مشاهدة القنوات الرسمية واحدة من المستحيلات.
لم يتقدم أحد لشراء تلك البضاعة الراكدة، الكل يعلم أن التسويق الدرامى
أصبح مثل تسويق الأفلام يخضع إلى جانب القيمة الإبداعية، إلى جاذبية أسماء
النجوم، وكما العادة فإن إنتاج الدولة يأتى إليه أو هكذا أصبح الحال مع
الأسف من هم فى نهاية مرحلة العطاء أو الذين فقدوا كثيرا من الوهج
والجاذبية.
قرأت أمس رأيا للكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن مؤلف «أهل الهوى»، وأعلن فى
حواره مع الزميل موسى حسين بجريدة «الأهرام» «أنا غير راض عن العمل،
الإنتاج ضعيف والتسويق ليس على ما يرام والصورة غير جيدة، والموسيقى ليست
فى مكانها، هناك جمل مفقودة والمسلسل فقد شرعيته».
أتذكر أننى قبل عامين عندما قرأت اسمى فاروق الفيشاوى وإيمان البحر درويش
بطلين للمسلسل تعجبت وكتبت رافضا إهدار المال العام، «أهل الهوى» أحداثه
تقع فقط فى المرحلة الممتدة من 1917 إلى 1923 ويتناول من خلال حياة
الصديقين بيرم التونسى وسيد درويش حياة مصر فى ست سنوات، لك أن تتخيل أن
بيرم من المفروض أن يبدأ الحلقات وعمره 24 وينهيها وهو فى الثلاثين، وسيد
درويش يكبره فى العمر بعام واحد فقط ورغم ذلك فلم يعثر المخرج سوى على هذين
الكهلين.
إنها كارثة بكل المقاييس، والكاتب محفوظ عبد الرحمن كان مشاركا فيها
بالصمت، فلم يعترض وقتها ويسأل المخرج عمر عبد العزيز لماذا لم يسند دور
بيرم مثلا إلى أحمد الفيشاوى بدلا من أبيه، ولماذا لم يبحث عن وجه جديد من
المطربين الشباب يرشحه من معهد الموسيقى يجيد العزف والغناء لدور سيد
درويش، ضربة البداية الخاطئة أدت إلى كارثة درامية، إنه مال الدولة
المستباح بلا رقيب ولا حسيب، هل ينقذ العمل عرضه بعد رمضان كما تمنى كاتبه؟
محفوظ لم يستطع على حد قوله أن يشاهد من «أهل الهوى» سوى أربع حلقات فقط،
فكيف يتحمل المشاهدون ثلاثين، أعلم بالطبع المعاناة التى يعيشها مؤلف
«بوابة الحلوانى» و«أم كلثوم» فهو فى حيرة لا يستطيع أن يهاجم عملا فنيا
معروضا على الناس ولا يستطيع أيضا أن يتحمل المسؤولية الأدبية ويصمت للأبد
على انتهاك إبداعه.
أشفق على كاتبنا الكبير الذى قبل أن يشرع فى الكتابة يغرق فى القراءة،
عشرات الكتب والمراجع لا تبرح مكتبته حتى لا تفوته لمحة أو تفصيلة، وكأنه
يلتقط الرحيق من كل زهور المعرفة ليقدمها لنا عسلا شهيا، كان ينتظر
بالتأكيد أن تضىء الشاشة كما كنا ننتظر، أشفق على كاتبنا الكبير عندما يرى
بيرم التونسى كما رسم ملامحه فى السيناريو وهو يعيش بواكير العشرينيات من
عمره، وقد أصبح من خلال تجسيد فاروق الفيشاوى عجوزا تجاوز الستين، متعثر
الحركة مترهل الملامح لا يشعر بالكلمة التى يؤديها، يحاول عبثا أن يحفظ
الحوار فتخذله الذاكرة، فقدت عيناه البريق كأنه يطل علينا من عالم آخر، إنه
الأفول الذى يعيشه فاروق فأصاب به «أهل الهوى».
ويتبقى «ربيع الغضب» الذى يروى السنوات القليلة التى سبقت ثورة 25 يناير،
ومع الأسف وقع كالعادة المخرج الكبير محمد فاضل فى مصيدة فردوس عبد الحميد،
ويقدم لها مشاهد منفردة داخل المسلسل تحيل الدراما إلى «مونودراما» أى
بطولة الممثل الواحد، وتتلاحق هزائم فاضل الفنية فى سنواته الأخيرة، لأنه
لم يعد يرى فى الدنيا سوى ممثلة واحدة اسمها فردوس.
«أهل
الهوى» و«ربيع الغضب»، كما قال نجيب محفوظ فى «الثلاثية» على لسان السيد
عبد الجواد «بضاعة أتلفها الهوى»!
التحرير المصرية في
01/08/2013 |