لابد
للسينما كل فترة أن تستعيد نجومها ليس في مجال التمثيل فقط.. ولكن الأهم في
الاخراج.. لأن المخرج في السينما بالذات ليس منفذا لمشاهد ولقطات. ولكنه
صاحب رؤية فكرية وفنية.. فضلا عن تراكم الخبرات.. وهذا ما يفتقده كثير من
الشباب!!
وفيلم
"خلطة فوزية" فضلا عن انه يحمل اسم إلهام شاهين كممثلة وكمنتجة. إلا أنه
يحمل اسم المخرج مجدي أحمد علي الذي غاب عنا طويلا.. بل وأسماء أبطال يختلط
بينهم القديم مع الجديد. وحتي كاتبة السيناريو هناء عطية فهي تخوض التجربة
الأولي لها في هذا الفيلم.. إذن هي توليفة أو خلطة مطلوبة دوما حتي ولو
كانت عناصر السينما الآن كلها شباب.. فخلطة إلهام تصلح لهذا الزمان ولكل
زمان.. خاصة لو بادر بها فنانونا الكبار بالانتاج كما ننادي دوما.. لأنهم
الأولي بفهم طبيعة هذه الصناعة.. ولكن يبقي المهم هو أن ينتقوا الموضوعات
التي يشعرون بأهميتها عند الناس.. لأنك في النهاية تصنع الأفلام من أجل أن
يراها الجمهور وينفعل بها!!
أما خلطة
الفيلم العجيبة فهي عن العشوائيات موضة هذه السينما هذه الأيام.. ولكن
وللحقيقة اختار المخرج موقعا جديدا غير مستهلك. أو ليس "محروقا" وبلغة
سينمائية اخاذة.. لنري فوزية "إلهام شاهين" من قبل نزول التترات أو
العناوين تطلب بنفسها الزواج من رجل. ثم بعد أن تنجب منه تطلب الطلاق
لاكتشافها عيبا فيه. وإذا لم يطلقها يقوم الجيران بالواجب وتهديده بالضرب
والبهدلة حتي ينصلح.. وتتكرر هذه الطريقة حتي يصبحوا أربعة رجال "عزت
أبوعوف ولطفي لبيب وحجاج عبدالعظيم ومجدي فكري". ثم تبدأ الأحداث وقد
أصبحوا جميعا أصدقاء لها بحكم أن أولادهم عندها.. وتصبح صاحبة خلطة غريبة
من أزواجها السابقين وعيالهم مثل خلطة المربي التي تصنعها وتبيعها للجيران
رغم أننا لم نر هذا ولا في مشهد تحديا للفقر والحاجة. وحتي لا تضطر لمد
يدها لغريب أو قريب في تربية أولادها!!
هذا أيضا
ما يفاجأ به الزوج الخامس "فتحي عبدالوهاب" حينما اقترن بها.. وهو وجود
صداقة بريئة من أزواجها السابقين.. يخدمونها وتخدمهم دون أية أغراض أخري..
بعكس جارتها "غادة عبدالرازق" التي تحقد عليها وتتمني زوجا فلا تجده برغم
تمتعها بالجمال الذي يخشاه الجميع!!
الفكرة
مختلفة وطريفة ولكن ينقص بناءها بعض الترتيب الفني.. فالفيلم يبدأ بأبيات
زجلية لفؤاد قاعود يقول فيما معناه: "أن العشق جميل ولكن الهموم تغلبه"!!
وما رأينا من فوزية في طريقة طلب ايدي عرسانها لم يكن عشقا.. بل تأثرا
سريعا بحالة أو موقف تطلب بسببه الزواج.. ثم تطلقه بفضيحة.. ثم تحتفظ
بصداقة بريئة مع هؤلاء الرجال وزيارة أسبوعية.. فهل هي مجنونة.. طبعا
الدراما لا تقول هذا؟!
وكالعادة
لم أفهم اصرار المخرج علي تكرار مشاهد استحمام البطلة مثلما فعل في "يا
دنيا يا غرامي" وهي مشاهد مقحمة تبعد الفيلم عن الناس لاحساسهم بمغذي
الاثارة المباشرة والمقصودة لذاتها.. بعكس مشهد استحمام الأم المفيد دراميا
لأنه أخرجها من حالة الاحباط.. وكذا مشهد النهاية المتفائل والذي تم فيه
بناء ما هدمته الحكومة..وصورة مطلقها الذي مات فقط دون صورة الابن والجارة
الراقصة "نجوي فؤاد" والتي أوحت لنا انها تتحدث عن نفسها!!
إن فوزية
وأمثالها هم الذين صنعوا العشوائيات في مصر بزواجهم الكثير وانجابهم
الأكثر.. ومع لوم الحكومة.. لوموا أيضا خلطة الأرنبة التي ضيعتنا!!
salaheldin-g@hotmail.com
الجمهورية المصرية
12/02/2009 |