|
طرح السينمائيون الخليجيون الـ16، في حواراتهم التي ضمها كتاب «حوارات
مع صناع الأفلام في الخليج» للكاتب عماد عبدالمحسن، (صدر عن مهرجان الشرق
الأوسط السينمائي الدولي - أبوظبي 2008) قضايا مهمة تتعلق بالشأن السينمائي
في المنطقة. وتحدثوا عن تجاربهم السينمائية ورؤاهم الفنية لتحقيق أفلامهم،
وتطرقوا الى مشكلات الصناعة السينمائية في بلدانهم. الكتاب بقطعه الصغير
وصفحاته الـ196 لا يشتمل على حوارات مع جميع المخرجين الخليجيين، وبخاصة
الرموز الكبيرة في مجال صناعة السينما الخليجية، لكنه يحاول الوقوف على
آراء بعض المخرجين حول الصعاب التي يواجهونها، في سبيل تأسيس صناعة
سينمائية احترافية في الخليج.
ويتناول أربعة مخرجين سعوديين هموم الواقع السينمائي السعودي الوليد،
إذ يرى رائد السينما السعودية المخرج عبدالله المحيسن (61 سنة) أن طرق
تناول المواضيع السينمائية تختلف من مخرج مبدع في زمان الى آخر، ومن موضوع
لآخر، وتناول أية قضية من جانب قصة روائية غير تناوله بشكل توثيقي، كما أن
تناول القضايا بشكل رمزي غير تناولها بشكل مباشر أو شبه مباشر. وعن فيلمه
«ظلال الصمت» قال: «استخدمت آخر ما توصلت إليه التقنية السينمائية في
القوالب الروائية لطرح القضايا بشكل رمزي بعيداً عن المباشرة، وذلك لتجسيد
واقع أمه أرهقتها الظروف وتكالبت عليها الآلام»، ويتابع: «إن السينما
انعكاس للواقع وليس السينما العربية وحدها تعيش أزمة التسطيح وإنما حال
التردي تجتاحنا في كل شيء، بل إننا نعيش في ظلال الصمت، ونحن في مسيس
الحاجة إلى فكر متقد نخرج به عن صمتنا».
وينقل عماد عبدالمحسن عن صاحب فلمي «تاكسي» و «الديمقراطية» مشعل
العنزي تحميله لوزارة الثقافة والإعلام السعودية مسؤولية عدم إقامة دورات
تدريبية متخصصة للشباب، وأن عدم وجود مؤسسة ترعى السينما في المملكة يدفع
بالمخرجين الى الاعتماد على أنفسهم في إنجاز أفلامهم. ويأمل العنزي في حال
إنشاء جمعية للسينمائيين أن تلقى دعماً ولا تكون مثل جمعية المسرحيين أو
التشكيليين. ويؤكد توفيق الزايدي صاحب الأفلام القصيرة: «معاً من أجل
السلام» و «الجريمة المركبة» و «قبل وبعد» على مشكلة انعدام المعاهد
السينمائية المتخصصة، التي تحيل الى أن جميع المخرجين السعوديين لم يدرسوا
السينما، عدا المحيسن والمخرج الواعد ماجد الربيعان صاحب فيلمي «توهان»
و«حالة لمس»، ويشكل ذلك عقبة في سبيل تطوير أدواتهم، ويضيف الزايدي بأنهم
يسعون الى تعويض مشكلة الدراسة بالمتابعة الجيدة والقراءة والاطلاع، على كل
ما يجري على الساحة السينمائية العالمية. ويتفق ممدوح سالم مع العنزي في
أهمية وجود دعم مالي رسمي ورعاية المواهب وتطويرها من خلال التعليم
الأكاديمي ومنح بعثات دراسية، ويروي سالم قصة مهرجان جدة للأفلام ويتحدث عن
فيلمه «ليلة البدر» الذي عرضه فيما لايقل عن 10 دول وترحيب الجماهير به.
ويسأل معد الكتاب عن قلة انتشار الفيلم التسجيلي في منطقة الخليج،
فيجيبه العماني أحمد الحضري بأنه «ليست هناك خيارات كثيرة لدينا لصناعة
أفلام سينمائية روائية طويلة»، بسبب احتياجه للوقت والمال والطاقم الفني
الكبير، وبسبب عدم وجود شركات إنتاج كبيرة تنتج أفلاماً «لأن العائد غير
مضمون والشاشة الكبيرة بحاجة الى جمهور ودور عرض». في حواره الحاد يتحدث
البحريني بسام الذوادي (48 سنة) مخرج فيلم «حكاية بحرينية»عن قلة الأفلام
الخليجية، التي لا تشجع المستثمر أو المبدع لاتخاذ السينما مصدر دخل ثابت
له، أو مصدر استثماري جيد، ويشدد الذوادي على أن النفط لعب دوراً مهماً في
تأخر الحركة السينمائية. ويرى الإماراتي سعيد سالمين صاحب فيلمي «هبوب» و
«بنت مريم» أن الأعمال التي تتعرض للتراث «تكون أكثر جاذبية ويجعلك تقدم
نفسك ووطنك وبيئتك، بعيداً عن محاكاة الآخرين»، ويقول: «علينا أن نقدم
أنفسنا وذواتنا، وبذلك ستنعكس هذه الرؤية على أفلامنا ويكون لها مذاقها
المختلف». كما حاور عبدالمحسن القطريين حافظ علي وخليفة المريخي،
والكويتيين وليد العوضي وهاشم الشخص، والعمانيين خالد الزدجالي ومال الله
درويش، إضافة إلى البحرينيين حسين الرفاعي ومحمد راشد بوعلي، والإماراتي
هاني الشيباني. ويعد الكتاب، في مجمله، رحلة ممتعة تتنقل بين المشكلات
والأحلام وذكريات المنجزات السينمائية في الخليج.
الحياة اللندنية في
19/02/2009 |
