كثير من النجوم عملوا وتعاونوا وعايشوا حياة المخرج المصري الراحل
يوسف شاهين، من بين هؤلاء الفنانة لبلبة والمخرج خالد يوسف والمنتج جابي
خوري، الذين رووا تجاربهم مع شاهين في ندوة قاهرية أدارتها الناقدة ماجدة
موريس.
المخرج خالد يوسف أكد حرص شاهين الدائم على التواصل مع الأجيال
العمرية المعاصرة بالحوار الدائم مع الشباب في لقاءات، وقال: كنت دائماً
أتناقش معه أثناء فترة الشباب لأنني كنت أمثل هذه الفئة العمرية، أو بمعنى
آخر أداة من أدوات شاهين للتواصل مع فكر هؤلاء الشباب ولفت خالد أن شاهين
كان هو الدافع الأساسي الذي جعله يتعلم السينما عندما نصحه في أحد الأحاديث
معه قائلاً: لابد أن تكون سينمائياً لأن حديثك يجعلني أرى الأحداث بصورة
مرئية، وأصر أن يكرر هذه النصيحة في كل لقاء معه إلى أن اقتنع واكتشفه
كسينمائي، وفيما يتعلق برؤية شاهين للسينما قال خالد: إنها فن تكثيف
الأحداث واللحظة بقدر ما يكون على عكس التلفزيون هو فن تطويل اللحظة.
وتحدث خالد عن محاولة شاهين لتبسيط شخصية الفيلسوف «ابن رشد» في فيلم
«المصير».. حيث استبدل كل صفات ابن رشد وحياته وصراعاته ومنهجه الفكري
والفلسفي بالتفسير الدرامي عن طريق المواقف داخل الفيلم والسيناريو بدلاً
من استخدام جهامة الفيلسوف حتى يحبب الجمهور فيه كشيء مرئي يصل من خلاله
الفكرة والمعلومة وليس كبحث علمي.
كما أشار إلى أن فيلم «الآخر» كان رؤية مستقبلية لما يحدث الآن.. وهو
أن إفراط القوى الأميركية في استخدام القوة سينقلب ضدها.. وهذا ما يحدث
بالفعل في الوقت الحالي. وأكد خالد أن مرحلة اقتراب شاهين بصورة أكبر من
الجمهور كانت بعد فيلمه «المهاجر» لأنه أدرك أن بعض أفلامه في مرحلة معينة
كانت أفكارها صعبة الوصول إلى المشاهد العادي، لذلك قرر أن يتواصل مع
جماهيريه بشكل أفضل دون أن يفقد بريقه وكادراته التي تميز بها في جميع
أفلامه.
وحول صفات شاهين الشخصية قال خالد: إن شاهين كان شخصاً عنيداً فقد كان
يرفض أن يمنعه أي أحد من تنفيذ أي فكرة في ذهنه سواء في أفلامه أم حياته.
وتحدثت الفنانة لبلبة عن نصائح شاهين لها، مؤكدة أن نصيحة شاهين الدائمة
لها ألا تخوض أي عمل تلفزيوني إلا إذا كان عملاً متكاملاً وغير مكرر وكل
أدواره مدروسة.. ليس دورها وحده.. ليكون عملاً مشرفاً يزيد من أسهمها عند
جمهورها وقالت: شاهين كان شخصية ودودة محبة لممثلي أعماله وتلاميذه ويخاف
عليهم ويدلي عليهم بنصحائه بصفة دائمة.
وقال المنتج جابي خوري إن شاهين كان يحرص على المتابعة اليومية
لميزانية أفلامه باطلاعه على المواد والخامات التي يتم استخدامها.. وأكد أن
خبرة شاهين ودقته في العمل كانت توفر كثيراً في إنتاج الأفلام، مشيراً إلى
أن أكثر فيلم استخدم فيه شاهين «علب» أفلام الخام كان فيلم «المهاجر»، ووصل
إلى 220 علبة بالمقارنة مع غيره من المخرجين الذين يستخدمون ما يقرب من 400
إلى 500 علبة في الفيلم الواحد.
وتطرق خوري إلى شخصية شاهين العاشقة لكل من يعمل معه بداية من العامل
إلى ممثلي أعماله، ويقدرهم جميعاً.. لذلك كان يبدع في جميع أعماله لعشقه
لكل من فيه.. كما أشار جابي إلى عشق شاهين لتعليم الآخرين كل ما هو جديد
وتزويد خبراتهم في النواحي كافة.. من حيث الإبداع والتقنيات واتقان العمل
والنظرة المستقبلية للعمل ليتناسب مع الوقت الذي سيعرض فيه بعد الانتهاء من
تصويره.. وكان لا يبخل بتعليمه وخبراته على أي أحد من تلاميذه.
وأكد الناقد الفني د. رفيق الصبان أن يوسف شاهين حقق معجزة غريبة
تمثلت في نقله لحياته الشخصية إلى عالم السينما، بحيث أصبحت السينما وكأنها
مرآة حقيقية له بطريقة واضحة للجماهير.. وأصبحت وثيقة لحياته ومثاراً
للإعجاب والجدل، ووصفه بأنه كان في مراحل عمره يتسم بحماس الشباب وعناده في
الوصول لرؤيته وقسوته في تقييمه لنفسه وأعماله.
وأشار الصبان إلى أن شاهين كان أكثر المخرجين حرصاً على اكتشاف عيوب
الفيلم قبل أن يراها الجمهور. وتطرق الفنان عزت العلايلي الذي عمل مع شاهين
«الاختيار» و«الأرض» و«إسكندرية ليه» إلى صفات شاهين كمخرج، موضحاً أن أهم
ما تعلمه من شاهين هو قراءة الصفحة السينمائية.
وحول آراء شاهين الفنية، قال العلايلي إنه كان يرفض انشغال الممثل
الذي يعمل معه في أكثر من عمل، ويفضل التفرغ له، وهو ما حدث مع رشدي أباظة
الذي كان مرشحا لفيلم «باب الحديد»، لكنه كان يصور في عمل آخر مع حسام
الدين مصطفى، لافتاً أن شاهين كان يؤكد أنه لا يمكن للفنان أن يركز في
فيلمين في وقت واحد بعد تجربته مع رشدي أباظة.
البيان الإماراتية في
21/02/2009 |