عادت المخرجة السورية رشا شربتجي إلى بلدها، لتتابع تصوير المسلسل
الاجتماعي العار، حيث بدأت الكاميرا تدور في دمشق وضواحيها لتصوير أحداث
هذا العمل، الذي يحمل توقيع الكاتبين نجيب نصير وحسن سامي يوسف، بعد نجاح
لافت حققته المخرجة في مسلسل يوم ممطر آخر الذي لا يزال يعرض على العديد من
الشاشات العربية، ولاقى استقطاباً لافتاً بين أوساط المشاهدين، إلى جانب
تألقها في مصر من خلال عملها شرف فتح الباب مع الممثل المصري يحيى الفخراني.
العار.. دراما اجتماعية معاصرة، تروي قصة مجموعة الأسر والشخصيات
المنتمية للطبقة الوسطى، فضلاً عن مجموعة أخرى من الأشخاص الذين يعيشون
بالعشوائيات على هامش الحياة و غارقة بالفقر، وتتناول مفهوم العار في
مجتمعنا العربي من خلال قصة فتاة تعيش كابوس العنوسة الحارق لأحلام كثير من
الفتيات، ويتطرق من خلالها إلى قضية العار الذي بات يلف مجتمعاتنا العربية
بكل جوانبها ويطرح العمل تساؤلاً أمام المشاهد، هل العار الحقيقي في فقدان
الفتاة عذريتها، وماذا عن العار السياسي والاقتصادي والصمت المطلق حيال
الرشوة و السرقة وغيرها من الأمراض الاجتماعية، التي تفشت في أوصال المجتمع
العربي على العموم وأين يكمن العار الحقيقي في حياتنا؟
محاور وحكايا كثيرة يضج بها المسلسل، فمن مشكلة الازدحام السكاني
وأزمة الوضع الاقتصادي المتردي لطبقات واسعة من المجتمع، وانحسار الطبقة
الوسطى تدريجياً، جراء تردي أوضاعها الاقتصادية، وهبوطها إلى حالة من الفقر
وانضمامها إلى بيئة العشوائيات التي تضم خليطاً من الناس، من هذه النواة
تنطلق الخيوط الدرامية للعمل، وتتشابك الأحداث الإنسانية لتواجه شخوص العمل
القيم المتشابكة، والمختلطة التي نعيشها في ظروفنا المعاصرة .
المخرجة رشا شربتجي تحدثت إلى الحواس الخمس عن عناصر الصراع الدرامي
في العمل فقالت : إن العمل ميلودراما اجتماعية تحمل بين نسيجها الكثير من
الإسقاطات، وتطرح وجهة نظر محايدة في موضوع العار، وكيف يبحث المجتمع بين
نسيجه عن النقطة الأضعف، ليلبسها هذا المفهوم، كما تسلط الضوء على العلاقات
غير المشروعة، التي باتت تتفشى في المجتمع كالزواج العرفي، من خلال مجموعة
من الصراعات والإشكاليات ضمن قوالب متعددة منسوجة بكثير من التشويق
والإقناع.
أما عن تعاونها مع الكاتبين نجيب نصير و حسن سامي يوسف، فتقول : إن
النص يحمل حساً روائياً عالياً جداً، وهذه السمة التي تمتاز بها أعمال هذين
الكاتبين فهما يحترمان عقل المشاهد، ويقدمان دوماً كل ما هو جديد ومتميز من
خلال التطرق إلى جوانب مهمة في حياتنا المعاشة، و رغم بعض المشاهد القاسية
والسوداوية في النص، إلا أن العمل يتضمن الكثير من المشاعر الإنسانية
الدافئة و العميقة.
ورفضت شربتجي أن تصنف هذا العمل ضم سياق موضة العشوائيات، التي باتت
تزدهر في الدراما السورية هذه الأيام ، مشيرةً إلى أن الأحداث تدور في أكثر
من بيئة اجتماعية، وبأن الفصل بين هذه البيئات بات أمراً مستحيلاً، فنحن
ندور بعالم العشوائيات الذي بات متصل بالمدينة، ولا يمكن أن نجزأ هذا
المجتمع، فالعشوائيات جزء من المدينة والتداخل بينهما أصبح ملموساً فضمن
أبطال العمل أشخاص يسكنون في ضواحي دمشق، بينما مكان عملهم وسط المدينة،
وآخرون اضطرتهم ظروف الحياة إلى الانتقال إلى هذه العشوائيات .
وأشارت شربتجي إلى حرصها على تصوير العمل في أماكن مختلفة ضمن دمشق و
ضواحيها، مثل دويلعة والمهاجرين حيث الأماكن التي تتناسب مع الطبقة التي
يتناولها المسلسل .
صيغة اجتماعية تحت لافتة الحداثة والمعاصرة
تنطلق خيوط المسلسل مع عائلة أبو منذر ( خالد تاجا ) الموظف المتقاعد،
الذي ينوي بيع بيته مع ارتفاع أسعار العقارات، ليشتري بذلك ثلاثة بيوت له
ولأولاده منذر المتزوج (إياد أبو الشامات )، و نورس ( مكسيم خليل ) الموظف
الذي أصبح في سن الزواج، ورانيا ( كندة حنا ) الطالبة الجامعية التي تعيش
قصة حب غير متكافئة مع شاب من أصحاب المحلات التجارية، و بثينة (سلافة
معمار) التي تجاوزت الثلاثين ولم تتزوج وتفرغت للاهتمام بالأسرة، والتي تقع
في غمرة انشغال هذه الأسرة بحياتها المعتادة في غواية جميل ( تيم حسن ) زوج
صديقتها صباح ( قمر خل ) فتتزوجه عرفياً.
وتكون نتيجة هذا الزواج العرفي الحمل سراً ويدفعها الخوف من افتضاح
أمرها إلى التخلص من الجنين، ولكن وفاة والدتها الفجائي يلقي بها وبسرها
تحت الأضواء الكاشفة أمام الجميع، فلا تجد مفراً سوى الهرب بعيداً، بينما
يواصل الآخرون مشاريعهم الخاصة متظاهرين بأنهم مشغولون بغسل هذا العار ،
أما خارج إطار هذه الأسرة فيطلعنا المسلسل على لوحات كثيرة نابضة بالحياة،
لعدد كبير من الشخصيات، فتظهر نماذج أخرى من البشر في مدينة باتت تغص
بالمتناقضات تحت يافطة الحداثة والمعاصرة وصراع المفاهيم.
البيان الإماراتية في
21/02/2009 |