السينما هي الفن والمتعة، وعندما يأتي فنان ليهدي العالم رؤية جديدة
في الإبداع الفني، كأنه جاء ليروي عطش الظامئين إلي التفتح والنشوة والقوة
لمواصلة الحياة في صحراء الحروب والأزمات والاختناقات.
من هذا النوع.. المخرج الأميركي روب كوهين، الذي ولد في مدينة نيويورك
في 12 مارس 1949، ودرس في جامعة هارفارد ومن أشهر أفلامه المومياء3، وثلاثي
إكس. جاء إلي مدينة دبي للاستوديوهات حاملا (كوفية) عليها علم الإمارات،
وفوق رأسه وضع (كاب) مطبوع علية شعار فيلم المومياء، وبابتسامة تفاؤل استمع
إلي شرح جمال الشريف المدير التنفيذي للمدينة عن الخطط والمنشآت، ومع كل
مرحلة كان الانبهار يرسم ملامحه علي وجهه ويدفعه إلي معرفة كافة التفاصيل،
سأل عن تسهيلات تصوير الأفلام، وتكاليف الإقامة، والأعمال التي جاءت ونفذت،
وفي نهاية زيارته أعلن عن مشروع فيلمه المقبل في دبي، وتحدث عن الأزمة
المالية وتأثيراتها علي السينما في هوليوود، وتوقعاته لجوائز الأوسكار،
وصورة العرب في السينما الأميركية ، مفجرا العديد من المفاجآت في لقائه
الخاص مع الحواس الخمس، وكانت تفاصيل الحوار كما يلي ..
ما هي انطباعاتك عن إمارة دبي بشكل عام ومدينة دبي للاستوديوهات بشكل
خاص؟ هذه أول زيارة لي لإمارة دبي التي تعتبر معجزة بكل المقاييس، فهي في
سنوات قليلة استطاعت أن تقيم نهضة رائعة في مجالات كثيرة وخصوصا السينما،
ولا أستطيع أن أعدد سحرها الأخاذ وبريق كل شيء فيها، ومدينة دبي
للاستوديوهات خلال عشر سنوات ستعد من أهم مدن السينما في العالم بإمكاناتها
وتخطيطها العالمي، وتفاصيلها الفريدة المقامة علي أعلى مستوى تقني وفني.
·
هل وضعت في برنامج زيارتك البحث
عن استثمارات خليجية مالية لأفلامك أم فقط تبحث عن مواقع جديدة للتصوير؟
لم أحضر هنا لأسأل عن أموال، فلدي مشاريع جاهزة وممولة وأبحث فقط عن
مواقع جديدة لم تعرفها السينما في هوليوود، وأخذت فكرة عامة عن دبي، وزرت
أماكن عديدة منها برج العرب وجزيرة النخلة ومنطقة جميرا وفندق أطلنطس، وقمت
برحلة سفاري إلي البر، وأعتبر دبي (لوكيشن) كبير لم يتم الاستفادة منه
سينمائيا، وأثار بداخلي العديد من الأفكار التي يمكن توظيفها في أفلامي
المقبلة.
·
هل ترى أن الأزمة المالية
العالمية أثرت على مشاريع هوليوود السينمائية؟
نعم أثرت بشكل كبير جدا، وخلال الفترات المقبلة سيلمس الجميع كيف أن
المشاريع الكبيرة في هوليوود بدأت تختفي ليحل مكانها المشاريع الصغيرة،
والمستقبل لايزال غامضا وغير معروف إلي أين نسير أو متى نتوقف وكيف سيكون
حال السينما في أميركا مع تداعيات هذه الأزمة.
·
لماذا لا تكون هناك خطط للانتقال
ببعض مشاريع هوليوود السينمائية إلى أماكن جديدة مثل دبي أو مراكش أو
الهند؟
بالفعل يوجد لدينا العديد من المشاريع الفنية التي نعمل عليها في هذا
الاتجاه، ونفكر بصناعة أفلام ليس لأميركا فقط بل للعالم كله، وأعتقد أن
فيلم «المليونير الفقير» الذي صور كاملا في مومباي وينافس اليوم على
الأوسكار، فتح شهية العاملين في مجال صناعة السينما للتحرك تجاه الاستفادة
من التسهيلات التي تقدمها دبي ومراكش في مجال الخدمات السينمائية.
·
وهناك أيضا رؤوس أموال خليجية،
فهل تتجه النية للاستفادة منها في استثمارات سينمائية داخل هوليوود؟
لا .. فكما قلت سابقا لم ولن نأتي لنأخذ أموالا، بل المهم ماذا نعطي
وكيف نشارك في كل ما يحدث حاليا في دبي، وعندما تدور عجلة الإنتاج
السينمائي ويكون لها مردود إيجابي، أتوقع أن تأتي شركات كبيرة من هوليوود
ليكون لها فروعا مهمة في الخليج وخصوصا دبي، ويمكن أن تساهم فيها رؤوس
الأموال الخليجية إن أرادت، لتعم الفائدة على الطرفين وتحمل أعمالها
البصمات المشتركة ماليا وفنيا.
·
لاحظنا في أفلام 2008 الأميركية
اتجاهها نحو المواضيع الإنسانية بعد أن كانت تعتمد على الخيال والأكشن
والإثارة، فهل التكاليف والميزانيات هي التي دفعت لهذا المنحى؟
لا أعتقد ذلك ، فالأزمة لم تكن قد بدأت بعد، ولكن تشبع الجمهور من
أفلام الخيال العلمي وإبهار تكنولوجيا الجرفيك، هو الذي دفع إلي العودة
للمواضيع الإنسانية، والقصص ذات الأصل الأدبي، وهناك أعمال كبيرة قدمت لها
ميزانيات ضخمة مثل فيلم الحالة العجيبة لبنجامين بوتن وسيكون مردودها دافعا
كبيرا في هذا الاتجاه، وسيشهد عام 2009 محاولات أخرى مماثلة قد تكون ذات
تمويل ضخم، أو تلعب الأزمة دورا في تقديمها بميزانيات محدودة.
·
بعد تقديمك للجزء الثالث من
سلسلة أفلام المومياء بدأت تسريبات الأخبار عن بدأ العمل لجزء رابع ، فما
صحة ذلك؟
الذي أحب أن أصرح به أن حبي لحضارة الصين هو الذي دفعني للعمل في
الجزء الثالث للمومياء، والذي حقق بعد مبيعات ال«دي في دي» 600 مليون
دولار، وأنا مستعد تمامًا لبدء العمل في الجزء الجديد والذي قد تدور أحداثه
في المكسيك أو البيرو لأن حضارة الأزتيك مليئة بقصص عن المومياوات، بل أن
بعض المومياوات التي ظهرت في الفيلم الأخير مستوحاة من هذه الحضارة، لكن هل
هذا ما تخطط له شركة يونيفرسال لا أستطيع تأكيد ذلك أو نفيه، وقد يحتاج
الأمر لفترة زمنية قد تستغرق سنوات.
·
هل ترى أن الأفلام ذات الأجزاء
المتعددة تحتاج لفترة زمنية بينها تمتد لسنوات حتى نرى عملا جديدا لها؟
هو أمر جيد حتى نترك المشاهد على شوق للجزء الجديد، ويدفعه شغفه
لمتابعة ما يقدم له بعد دراسة وتخطيط، فمثلا فيلم المومياء قدم الجزء الأول
له عام 1999، والجزء الثاني عام 2001، والجزء الثالث عام 2008، وقد يستغرق
الجزء الرابع عددا كبيرا من السنوات، وشركة إنتاجه هي التي تحدد متى وكيف
يكون.
·
ومتى نرى الجزء الجديد من ثلاثي
إكس؟
أعمل على الفيلم الآن، وسيسلم السيناريو للجزء الجديد خلال أسبوعين،
وشركة سوني حددت موعد عرضه في 22/7/2010، و سيحمل اسم ثلاثي إكس: عودة
إكسندر كيدج وسنبدأ التصوير قريبا، وقد تم الاتفاق مع نجم الأكشن فين ديزل
ليعود مجددا لتجسيد دور المجرم إكسندر كيدج، الذي يتحول إلى عميل حكومي
يقوم بعمليات خطيرة لصالح بلده، مثل الجزء الأول الذي قدمه عام 2002.
·
ما رأيك في ترشيحات أفلام أوسكار
هذا العام وما الذي تتوقعه؟
أعرف أن المنافسة قوية وشرسة، ورغم أن صديقي هو الذي أخرج بنجامين
بوتن، لكنني أراهن على أن فيلم المليونير الفقير سيحصد على الأقل أربع أو
خمس جوائز منها أفضل فيلم، أفضل صورة، أفضل إخراج، ومونتاج وموسيقي،
والفيلم يتناول شريحة الفقراء، والأميركيون يعشقون مشاهدة أفلام عن هذه
الطبقة بكل ما تعانيه.
·
يوجد في دبي مزيج من ثقافات
مختلفة، فهل يمكن أن يكون ذلك دافعا لك لعمل فيلم جديد يصور كاملا هنا؟
أفلامي كلها في أميركا كانت عبارة عن مزيج من الثقافات القادمة من
آسيا والمكسيك وأفريقيا، عن الأبيض والأسود، حتى فيلم المومياء مزج بين
حضارة الصين وأميركا، وأنا الآن أذاكر حضارة الهند لفيلمي المقبل، وأرى
الآن دبي بعيون جديدة ومن المؤكد ستدفعني للاستفادة منها عن صورة العرب في
عملي القادم.
·
الصورة العربية في الأفلام
الأميركية غير جيدة خصوصا بعد 11 سبتمبر، ما تعليقك على ذلك؟
أتمنى أن يكون هذا الموضوع قد انتهي تماما، والأمر لا يخرج عن كونه
موجة حدثت لفترة وقدمت أفلاما مثل سيريانا، والمملكة، وبعض الأعمال عن
العراق، لكن المفاهيم اختلفت الآن، وعموما لم أقدم في حياتي أي صورة سيئة
عن العرب، وأريد في فيلمي المقبل أن أعبر عن النقلة النوعية والقوة التي
رأيت عليها دبي، وهي رمز للصورة العربية التي يجب أن يراها العالم.
·
وما قصة عملك الجديد الذي تحضر
وتجهز له الآن؟
الفيلم تدور أحداثه عن ماسة كبيرة كانت موجودة على تاج هندي، يكتشف
باحث في جامعة أكسفورد، أنها غير حقيقة وتم استبدالها، وفي بحثه عن هذه
الماسة، يأتي إلي دبي ليري عالما جديدا، ودنيا أخري لم يكن يتوقعها، وهذا
العمل أقدمه مع المخرج الهندي فيروز نادياولا، ويكتب السيناريو له كريج
بيارور وهو أحد المشاركين في كتابة سلسلة أفلام نيكولاس كيج تحت عنوان
الكنز الوطني.
البيان الإماراتية في
22/02/2009 |