باريس (ا ف ب) - تصور كل من انات ايفن وآدا اوشبيتز في شريطهما
الوثائقي 'اسيرات' ثلاث نساء فلسطينيات يقمن بتربية واعالة اطفالهن بعد موت
الاب
وتقع منازلهن في العمارة نفسها في الخليل على تماس مع الموقع
الذي اقامه الجيش
الاسرائيلي لحراسة المستوطنين داخل المدينة.
وصورت المخرجتان الاسرائيليتان
الشريط من داخل ومن على سطح العمارة التي احتلها الجيش
الاسرائيلي في الاسبوع الاول
من الانتفاضة الثانية ثم اضطرت العائلات المقيمة فيها لترك منازلها بعد ان
احتلها
الجيش تماما عام 2002.
عرض الشريط - الوثيقة ضمن تظاهرة 'سينما ضد الاحتلال'
التي تنظمها جمعية 'كونفلي يانس' ويديرها
الاسرائيلي الفرنسي ارييل سيبل في
باريس.
ويصور 'اسيرات' الصعوبات اليومية للعيش تحت الاحتلال ومعنى ان يكون
سكن
الانسان محتلا ويكون على النساء الثلاث ان يواجهن وحدهن كل يوم ضغوط الحياة
الاقتصادية وتربية الاطفال والعناية بهم فضلا عن ضغط الاحتلال
الواقف على ابوابهن
وفوق رؤوسهن.
ويتبدى العنف ايضا من خلال تعاطي الام مع اولادها في ظل قلة
الحيلة. لكن اشد ما يثير في الفيلم محاكمة المرأة لمثيلتها المرأة حين
تتمرد على
المتعارف عليه لمجرد محاولة ان تجد مساحة للتنفس في هذا العالم
المغلق.
ولعل
الشريط الاكثر اثارة للانتباه الذي قدمتها التظاهرة المتواصلة هو 'حديقة
جاد' (2007)
للمخرج الفرنسي جورجي لازيروفسكي الذي اختار موقعا في القدس الشرقية لتصوير
الدمار الذي يمثله الجدار الفاصل لروح الامكنة ولهوية المكان
والانسان، من دار
للعجزة تقع على حافة امتداد الجدار.
وكانت هذه الطريقة غير المباشرة لتصوير
مأساة الحياة الفلسطينية الناتجة عن اقامة الجدار خير سبيل
للكلام عن اثره على
المقيمين في دار العجزة. فعبر الحياة اليومية المغلقة وحيث العجزة يضيقون
بانفسهم
ويعجزون عن الحركة يحفل الفيلم باستعارات كثيرة.
ورغم بؤس وقسوة الحياة التي
تصورها كاميرا المخرج في قلب الدار، فان حياة هذا المكان لا
تخلو من المزاح
والحيوية وحيث يتمثل الفرح بشخص جاد، الوحيد بين المرضى القادر على التحرك
بمفرده
وهو انطلاقا من هنا يساعد على تسيير امور المكان.
وتضفي شخصيته على الفيلم
ايقاعه 'كل ما فعلته اني تبعته بالكاميرا' يقول المخرج بعد عرض
شريطه الذي صفق له
الجمهور بحرارة.
ومن داخل الغرف ومن سطح المبنى صور المخرج الجدار وعملية
استكمال بنائه واستحالة حياة الفلسطينيين الذين يتابعون عبوره رغم كل شيء
كمن يعبر
الى الحياة. وفي النهاية يعبره جاد الى الجانب الآخر فقط ليأكل
حبات التوت على
الشجرة التي اضحت في الناحية الاخرى بعد ان كانت جزءا من الحديقة التي شقها
الجدار
الى قسمين.
وتقدم تظاهرة سينما ضد الاحتلال في دورتها الثالثة ما يزيد على 30
فيلما وزعت على ابواب مثل 'غزة غيتو في الارض المقدسة' وفيلم الفلسطيني عبد
السلام
شحادة 'نوع جديد من الدموع' (2007) حول استحالة التواصل بين
ابي ماهر وبين ولديه
اللذين يعيشان على بعد ثلاثة كلم في خان يونس بسبب الحصار.
كما قدم فيلم فلسطيني
اسرائيلي ثلاثي الاخراج بعنوان 'غزة سديروت، الحياة رغم كل شيء' وهو يصور
في 40
دقيقة الحياة اليومية في المكانين.
وقدم ايضا شريط 'حقل الفراولة' (2006)
لايالات هيللر وشريط 'حماس في غزة' (2007) لكل من ستيفان مارشيتي والكسيس
مونشوفي
وهو يصور عملية سيطرة حماس على قطاع غزة في 15 حزيران/يونيو 2007.
وضمن مجموعة
الافلام التي قدمت تحت عنوان 'ذاكرة منتهكة' قدم شريط ميشال خليفي الوثيقة
والذي
كان اول شريط فلسطيني يتطرق لمصير فلسطينيي عام 1948 'معلولا تحتفي
بدمارها' (1985)
كما قدم شريط 'خلقنا وعلقنا' (2002) لعلى طبري الذي يصور قمع العرب
الاسرائيليين في
المدارس نتيجة النظام التعليمي الاسرائيلي الذي يرغم الاطفال على انشاد
النشيد
الوطني الاسرائيلي.
وعرض في هذا الاطار ايضا فيلم عزة الحسن 'ملوك وايكسترا' (2004)
وفيلم 'اذكر' (1990) لايال سيفان الذي يحاور بكاميرا حادة ومنتقدة احد
الاسس
التي تقوم عليها الدولة العبرية.
اما آريس ليبسكر فصور في 'ستالاغ: هولوكوست
وبورنوغرافيا في اسرائيل' (2007) رواج كتب جيب تحمل اسم 'ستالاغ'
وتصور الاعتداءات
الجنسية والتعذيب الذي كانت تقوم به النساء الالمانيات المنتميات للقوات
الخاصة
الالمانية على سجناء الحرب خلال الحرب العالمية الثانية. وتحت عنوان
'الاحتلال
دائما وابدا' قدمت افلام 'المحظوظ' ليوسف ابو مديم و'صحن
السردين' و'هناك الكثير من
الاشياء التي يمكن للمرء ان يقولها' لعمر ايمرالاي و'مكان وعمل' لنوريت
افيف و'فندق
تسعة نجوم' لحار ايدو.
اما في فرع 'اصول السينما الاسرائيلية ضد الاحتلال' فتقدم
اعمال جود ليئمان الذي انجز منذ السبعينات افلاما مميزة منتقدة للدولة
العبرية كما
تقدم اعمالا لرام ليفي وايغال بيرشتاين واوري بارباش وشيمون
دوتان وصولا الى عاموس
غيتاي الذي يختتم المهرجان في 28 شباط/فبراير.
وكان المهرجان افتتح في 14 من
الشهر الجاري بفيلم آفي مغربي الاخير 'زد 32'.
القدس العربي في
28/02/2009 |