كثيرا ما يحرص على تطعيم أعماله التي يقوم بإخراجها بنكهة سياسية،
مبررا ذلك أن السياسة جزء لا يتجزأ من كل مجالات الحياة بجوانبها
الاقتصادية والاجتماعية، وعلى حد تعبيره، العاطفية أيضا، في مصر عُرف من
خلال تجربته الإخراجية الأولى في مسلسل (ناصر). وعلى الرغم من المجهود الذي
بذل في هذا العمل التاريخي الذي رصد حياة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر،
فإنه لم يلق النجاح المتوقع له. ولا يشعر الخطيب بالندم على عدم إخراج
مسلسل (أسهمان) بعد نجاحه الكبير، وها هو الآن المخرج السوري باسل الخطيب
يقوم بتصوير مسلسل عن السيرة الذاتية للبطل الشعبي المصري «أدهم الشرقاوي»
الذي كثرت الأساطير والحكايات عنه، وذلك من خلال مسلسل يحمل نفس اسم هذا
البطل.
والخطيب، ولد في هلفرسوم 1962، وحاصل على دبلوم في الإخراج السينمائي
والتلفزيوني من موسكو. متزوج من ديانا جبور مديرة التلفزيون العربي السوري
وله منها ولد، وقدم عددا كبيرا من المسلسلات السورية المتميزة، بدءا من
مسلسل «أيام الغضب» وتابع تميزه، وله تجارب سينمائية متميزة. وكان لنا معه
هذا الحوار.
·
المخرج السوري باسل الخطيب منذ
مجيئك إلى مصر وأنت تقوم بإخراج أعمال عن السير الذاتية. فهل هذا عن قصد؟
-
حققت نجاحا كبيرا من خلال بعض السير
الذاتية التي قدمتها، تماما كما حدث في مسلسل (نزار قباني)، وفيه تم
التركيز على الجوانب الإنسانية من حياة الشاعر، وهناك تجربتي أيضا مع مسلسل
(موكب الآباء) الذي رصدت فيه السيرة الذاتية المحترمة للسيدة زينب رضي الله
عنها، وقد دفعني هذا النجاح لتقديم مثل هذه النوع، خاصة بعد ما تيقنت بمدى
إقبال الجمهور على مشاهدة هذه النوعية من الأعمال لرغبتهم في معرفة الحياة
الخاصة لهؤلاء الأبطال اللذين لا يعرفون عنهم شيئا سوى من المراجع. لكن كما
تعلمون، فالصورة عليها عامل كبير في إيصال المعلومة، وإلى جانب ذلك إنني
أحب تقديم الأعمال الهادفة التي تفيد قطاع عريض من الناس.
·
إذن كيف جاء ترشيحك لإخراج مسلسل
(أدهم الشرقاوي)، وهو سيرة ذاتية لبطل مصري وأنت سوري الجنسية؟
-
أنا مخرج عربي أعتز بعروبتي وأبغض الانفصال
بين الدول العربية والمسميات التي تهدف للتفرقة، فكلنا واحد، نهدف إلى
ارتفاع رقعة الفن العربي، وهى مهمتي الأولى بالاستعانة بالطبع بزملائي، أما
عن قصة ترشيحي، فقد جاءت من قبل المؤلف الكبير محمد الغيطي الذي هاتفني
وطلب منى إخراج العمل.
·
كثر الحديث عن حقيقة أدهم
الشرقاوي ما بين بطل شعبي وكونه قاطعا للطرق وما شابة ذلك، في أي الاتجاهات
سيسير باسل الخطيب؟
-
حينما عدت إلى بعض ما كتب عن هذا الرجل
أصبت بالتشتت، فبالفعل هناك فريق يقول إن الشرقاوي كان رمزا للنضال، وفريق
آخر أكد أنه، كما تقولون، مدرج كقاطع للطرق، ولص. لكني أرى أن من زعموا
الرأي الأخير كانوا متأثرين إلى حد كبير بما قيل في الإعلام في حقبة
الاحتلال البريطاني الذي كان يهدف لتشويه صورة الأبطال، ومن خلال المسلسل
أحاول الابتعاد عما قيل عنه، فكلنا بشر نخطئ ونصيب، وهو ما سأفعله في سردي
للأحداث، حيث أظهره إنسانا طبيعيا غير منزه عن الأخطاء، وسأمزج بين الواقع
والخيال قدر المستطاع.
·
إذن هي مهمة صعبة؟
- بالطبع فليست المرة الأولى التي تطرح فيها سيرة
(أدهم الشرقاوي) حيث شاهدتها قبل أربعين عاما في العمل السينمائي الذي قدمه
النجم عبد الله غيث والنجمة لبنى عبد العزيز، لكن للأسف كانت النسخة التي
شاهدتها سيئة للغاية للدرجة التي بها لم أستطع الإلمام بكل التفاصيل.
·
كيف جاء اختيارك لكل من دوللي
شاهين ومحمد رجب كأبطال؟
-
لأنهم فنانون حقيقيون يعرفون ماذا يريدون،
فمحمد رجب وجه ينم عن مصر فعلا، كما أن دوللي لم أشعر للحظة أثناء التصوير
أنها لبنانية، فلاحظت تأثرها الشديد بإقامتها في مصر، وهو ما ساعدني في
إنجاز الكثير من مهامي الإخراجية التي وكلت إلي.
·
قدمت في العام الماضي مسلسل
(ناصر)، لكنه لم يلق القبول والنجاح المتوقع له. إلى أي الأسباب يعود ذلك؟
-
المسلسل عرض في شهر رمضان المزحوم بما لا
يقل عن ثلاثين عملا دراميا، وكان مسلسل (ناصر) واحدا من وسط هذا الحشد، مما
أدى إلى عدم رؤيته بشكل جيد، ولكني على يقين أنه حينما سيعرض مرة ثانية
سيحقق نجاحا كبيرا.
·
بعد النجاح الكبير الذي حققه
مسلسل (أسمهان). بصراحة هل ندمت على الاعتذار عنه؟
-
بالطبع لم أندم وسعدت بهذا النجاح، وبأداء
سلاف فواخرجي، الذي كان رائعا، لكن ما دفعني للاعتذار عنه هو أنه كان
مشروعا متعثرا إلى حد كبير، وواجه مشكلات عديدة ففضلت الابتعاد.
·
تردد أنك هاجمت المخرجين
المصريين واصفا إياهم بعدم الدقة، فما ردك؟
-
من المستحيل أن أفعل ذلك، فأنا أكن لهم كل
الاحترام والتقدير، ودائما ما أتزاور وإياهم، وقد شهد منزلي جلسات كثيرة
لعلي أبو شادي وغيره من عمالقة التمثيل والإخراج، فكيف إذن أهاجمهم. وأنا
على يقين أن من يطلقون مثل هذه الشائعات المغرضة لا يهدفون سوى إلى الإساءة
لي وتشويه صورتي، ولا أعرف السبب الحقيقي وراء تلك الأفعال.
·
ما رأيك في الدراما المصرية، وفي
وجهة نظرك ماذا ينقصها؟
ليس لدي تعليق سوى أنني أنتظر منها الأفضل.
·
هل أنت متابع للسينما المصرية؟
-
شاهدت بعض الأعمال التي لفتت نظري مثل
(الجزيرة) للفنان أحمد السقا، و(عمارة يعقوبيان) كان بالفعل عملا رائعا،
وشاهدت أيضا آخر أعمال محمد رجب ودوللي شاهين (المشمهندس حسن) وأعجبني جدا،
لكن ما يسيطر على السينما المصرية بصفة عامة هو اللون الكوميدي.
·
وهل أنت ضد هذا اللون من
السينما؟
-
لا لست ضده، بل هو بالطبع مطلوب، لكنى لن
أقبل على تقديمه يوما، لأني لا أرى نفسي على الإطلاق في إخراج أعمال
كوميدية.
·
وعلى النطاق السينمائي هل هناك
مشاريع مدرجة ضمن خطتك لهذا العام؟
حاليا توقفت كل المشاريع السينمائية لحين الانتهاء
من (أدهم الشرقاوي) ومشروع مسلسل (القدس) على أن أحاول الانتهاء من كتابة
سيناريو فيلم يتناول حرب 48 بعيدا عن الصورة المبهمة التي قدمت عنها.
·
ماذا عن مشروع مسلسلك (القدس)؟
-
لا يزال قائما، ولأني فلسطيني الأصل سوف
أعمل على تنفيذه بكل جهدي، فكم تمنيت أن أقدم شيئا للقدس التي أرى أنها في
وجهة نظري تخص كل عربي، وليس كل فلسطيني فقط، لذا فسوف أعمل على جمع أكبر
كم من النجوم العرب للتمثيل في هذا العمل، وسوف يتم التصوير في سورية
لاقتراب ملامحها المناخية إلى حد كبير مع فلسطين.
·
ما سبب نزعتك السياسية في الكثير
من أعمالك؟
-
أرى في السياسة حياة كل البشر، فرغيف العيش
خاضع للسياسة، وعلاقاتنا الإنسانية والعاطفية كلها بها الكثير من المجاملات
التي تعرف بالدبلوماسية، التي هي أيضا سياسة، لذا دائما ما احرص على تلك
النزعة.
·
أخيرا ما الحلم الذي يتبقى في
حياتك؟
-
أحلامي تتحقق ليبدأ غيرها في أن يتطلع
للتحقيق، لكن حلمي الكبير الآن، واعتقد أنه حلم كل عربي، أن تعود فلسطين
إلى أهلها، ويستطيع كل فلسطيني النوم على أصوات الموسيقى، وليس أصوات
القنابل الغاشمة.
الشرق الأوسط في
06/03/2009 |