أيام وأسابيع قليلة وينتهي الموسم السينمائي الصيفي لهذا العام، ويعتبر
موسم صيف 2009 من أكثر المواسم التي شهدت تساؤلات كثيرة نظرا لعدة أسباب،
يأتي على رأسها قصر الموسم الصيفي هذا العام في المنطقة العربية نظرا لقدوم
شهر رمضان الكريم في أواخر شهر أغسطس، وكذلك وجود الأزمة المالية العالمية.
والتي أثرت بدورها على الاقتصاد في جميع أنحاء العالم، بالإضافة لظهور وباء
أنفلونزا الخنازير والذي احدث هلعا دوليا، ومازال يترك بصماته التي تنذر
بكارثة إن لم يتم التعامل معه لاحتوائه عمليا وعلميا. بالطبع كل هذه
الأسباب ألقت بظلالها على صناعة السينما في كل مكان، خصوصا في هوليوود حيث
لجأت الكثير من شركات الإنتاج إلى تخفيض تكلفة إنتاج أفلامها نظرا لخوفها
من عدم تحقيق إيرادات كافية، هذا بخلاف نوعية المطروح وما صاحبه من حملة
دعائية هدفها دفع المشاهد إلى الإقبال على مشاهدة الأفلام السينمائية، وإذا
تفادينا كل هذه العوامل يتبقى التساؤل الأهم كالعادة، كيف تعاملت هوليوود
مع كل ذلك وما هي حصيلتها لهذا الموسم؟
.نستطيع القول أن هوليوود نجحت بالفعل في الخروج من حالة الكآبة التي خيمت
على دور العرض السينمائي بسبب الأزمة المالية العالمية، بعد أن رفعت شعار
(صيف كوميدي ترفيهي)، فأفسحت مجالا لأفلام الحب والمرح والمغامرات.
ولم ترهق ذهن المشاهد بالقضايا الصعبة، فقدمت موضوعات بسيطة وغلفتها بإطار
الخيال العلمي مع استخدام الجرفيك وإبداعات الكرتون أحيانا، ومشاهد الأكشن
التي حصدت ملايين الدولارات خلال أسابيع قليلة.
في بداية موسم الصيف شهدت صالات السينما افتتاح فيلم
Fast and Furious
في جزئه الرابع وحقق مبيعات عالية، كذلك تم عرض فيلمين من هذه النوعية
الأول
X men،
والثاني
Star Trek
وكلاهما حقق أيضا مبيعات عالية، ما دفع صناع السينما من منتجين وموزعين إلي
ضخ 11 فيلما من أضخم وأكبر أفلام الصيف، وكلها أجزاء لأفلام أخرى سابقة،
منها وليس حصرا
Ice Age 3 وTransformers 2
وNight At The Museum 2
وTerminator
4.
وكان نزول هذه الأعمال الضخمة التي تتخطى ميزانيتها المائة مليون دولار،
مغامرة راهنت الاستوديوهات عليها لتحقق 40% من رقم أعمالها السنوي، في مدة
أربعة أشهر حتى نهاية شهر أغسطس المقبل.
ولأن الركود الأميركي يدفع الكثيرين إلى قضاء عطلاتهم الصيفية هذا العام في
منازلهم، فإن هوليوود علقت آمالها على أفلام الأسرة التي أفردت لها حيزا
كبيرا في صالات العرض، فمع بدء زحف فصل الصيف قدمت فيلم (up)
من إنتاج شركة (بيكسار) إحدى شركات ديزني، والذي حقق أكثر من 264 مليون
دولار حتى الآن، ويحكي الفيلم عن شخص مغامر حاول تحقيق حلم حياته بترك كل
شيء خلفه والطيران بمنزله، بمساعدة بالونات مليئة بالهيليوم، وحقق الفيلم
الشرط المطلوب الأول من فيلم أُسري ناجح.
وهو الجمع بين الضحك والجدية، تلك التوليفة التي تعجب المشاهدين على كل
المستويات، ومنها أيضا فيلم (العصر الجليدي: فجر الديناصورات) الجزء
الثالث، وهو من أنجح أفلام الرسوم المتحركة بأجزائه الثلاثة وتتناول قصة
الفيلم حياة مانى وأصدقائه ومغامراتهم في عالم الخيال.
وقد نجحت هذه التركيبة مع فيلم بن ستيلر (ليلة في المتحف: معركة
سميثسوننيان)، الذي تجاوزت إيراداته 167 مليون دولار حتى الآن، بفضل
جاذبيته للمشاهدين الكبار السن ومطابقته للمعايير الأُسرية، والذي يدور حول
رجل يفترق عن ابنه بعد أن ينفصل عن زوجته لأنه لا يستطيع الاحتفاظ بوظيفة،
وفى النهاية يقرر قبول وظيفة حارس أمن لأحد المتاحف، ويكتشف خلال فترة
حراسته الليلية أن الحيوانات المحنطة والتماثيل الشمعية الموجودة في المتحف
تدب فيها الحياة ليلا وتنطلق في المتحف، ويفشل هو في السيطرة عليها.
وتوالت بعد ذلك الأفلام في هذا الاتجاه، فعرض فيلم (عرض زواج ـThe Proposal)
للنجمة ساندرا بولوك، وهو دليل صريح على الرجوع إلى السينما المرحة ذات
الطابع الرومانسي والتي اختفت منذ عشر سنوات تقريبا، و يدور حول رئيسة
تحرير تجبر مساعدها على خطبتها للهروب من ترحيلها إلى بلدها كندا تاركة
عملها في الولايات المتحدة، وقد اقتربت إيراداته من المائة مليون دولار حتى
الآن.
وهناك أفلام تخطت إيراداتها حاجز ال200 مليون دولار هذا الصيف، ومنها
الفيلم الكوميدي (الذكريات البغيضة ـ
The Hangover)
والذي يعرض الأسبوع المقبل في صالات السينما المحلية بالإمارات، ويدور حول
ثلاثة أصدقاء يقنعون صديقهم المقبل على الزواج بعد يومين بالسفر إلى لاس
فيجاس للتمتع بروح المغامرة قبل الزواج، وبالفعل يسافرون ويقيمون حفلة خاصة
ولكنهم يستيقظون في الصباح ولا يجدون العريس، بل يجدون أسدا وطفلا رضيعا
ولا يستطيعون تذكر أي شيء آخر، والفيلم بطولة برادلى كوبر وايد هيلمس
وإخراج تود فيليبس.
وهناك الكثير من مثل هذه الأعمال، ما جعل هوليوود تشمر عن ساعديها، وسيجرب
إيدي ميرفي حظه مطلع الأسبوع المقبل في فيلم (تخيّل ذلك ـImagine That)،
لكن من المؤكد أن عمل فيلم أسري ليس بلا أخطار، فهناك المؤثرات الخاصة التي
يتعين أن تماشي التوقعات العالية للمشاهدين والتي تتطلب نفقات باهظة، وأغلب
أفلام الأسرة يتكلف الواحد منها أكثر من 150 مليون دولار، وهذا مبلغ كبير
لا سيما لو لم يحقق الفيلم النجاح المطلوب.
ومن سمات موسم الصيف الحالي أيضا، عودة أفلام الخيال العلمي بفيلم (رحلة
النجوم ـ
Star Trek)، وتدور قصته حول سفينة الفضاء الأميركية (كيلفين)، التي تجرى
تحقيقات حول عاصفة برق في الفضاء اتضح فيما بعد أنها ثقب أسود تخرج منه
سفينة فضاء أخرى لتشن هجمات ضدهم، ويضحى قائد السفينة بنفسه لينقذ طاقمه.
وفى نفس اللحظة يولد ابنه (جيمس) الذي يتحالف بعد ذلك مع (سبوك) لإنقاذ
طاقمهم من الخطر الذي لم يمر به أحد من قبل، والفيلم من إخراج جيه. جيه.
ابرامز ومن بطولة كريس باين وجون شو ووصلت إيراداته إلى 250 مليون دولار.
أما الجزء الثاني من فيلم (المتحولون ـ الانتقام من الذين سقطوا) فقد تخطت
إيراداته ال300 مليون دولار، ويدور حول عودة قوى متحولة إلى الأرض في مهمة
لاعتقال سام ويتويكى، بعد أن علم الشاب البطل بحقيقة الأصول القديمة
للمتحولين، وينضم إلى مهمة حماية البشر أوبتيموس بريم، والذي يشكل تحالفا
مع الجيوش الدولية من أجل معركة ملحمية ثانية، والفيلم من إخراج مايكل باى
وبطولة شيا لابيوف وميجان فوكس.
ومن أفلام الموسم الصيفي الضخمة الإنتاج أيضا: (هاري بوتر: الأمير ذو الدم
الخليط)، (كورالين) وهو فيلم ثلاثي الأبعاد، (برونو) بطولة الممثل
البريطاني الكوميدي ساشا بارون كوهين، (الحادثة العنيفة) بطولة بنيلوب كروز،
(القوة الخارقة) بطولة جيفري دين مورجان وإخراج زاك اسنايدر، وهو فيلم من
النوع الصيفي ويعتمد على المؤثرات الخاصة المسموعة والمرئية، وأخيرا فيلم
(أعداء الشعب ـ
Public Enemies) بطولة جوني ديب وإخراج مايكل مان، والذي نتعرض له في الصفحات
التالية من خلال قراءة تحليلية.
وبالتالي فإن نجاح الإستراتيجية التي اختارتها الاستوديوهات في هوليوود،
تعتمد على تحديد رغبة الجمهور وتوجيه بوصلته إلى إنتاجها، سواء كان ذلك من
خلال أجزاء لسلسلة أفلام سابقه أو إعادة توليف أو اللعب على وتر الترفيه
والتسلية والحكايات البسيطة، لينسى المشاهدين همومهم في قاعات السينما
المظلمة، التي تدر أرباحا قياسية في كل عام دون تأثير أو تأثر بأي عوامل
خارجية.
البيان الإماراتية في
26/07/2009 |