لاقى عرض الفيلم المصري «أحلى الاوقات» ترحيباً وإعجاباً من حضور جماهيري
كبير غلب عليه الحضور الأنثوي. ويتناول الفيلم قصة ثلاث صديقات تبعدهن ظروف
الحياة عن بعضهن ليعدن للالتقاء بعد مرور أربع عشرة سنة بعد ان تفقد واحدة
منهن والدتها وتبدأ في تلقي خطابات مجهولة المصدر تعتقد انها من صديقتيها
القديمتين.رغم ان الفيلم يحكي قصة ثلاث فتيات إلا انه لا يعالج أياً من
قضايا المرأة، بل هو دعوة صريحة للاعتراف بواقع الحياة.
والتعامل معها كما هي دون الغرق في أوهام متخيلة، مع ذلك وصف الناقد طارق
الشناوي الذي ادار المؤتمر الصحفي الخاص بالفيلم بأنه ينتمي الى السينما
النسائية الجديدة، معتبراً انه من الافلام التي تراهن على تراكم الزمن،
وتشتاق لمشاهدته كل فترة دون الشعور بالملل منه.
بداية، سألت «البيان» عن السبب في تصنيف الفيلم على انه سينما نسائية، رغم
انه يعالج موضوعاً انسانياً عاماً وان كانت بطلاته من النساء وهل لو كان
الابطال من الرجال كنا اطلقنا عليه مصطلح «سينما ذكورية»؟
أجابت المخرجة هالة خليل: لم أطلق عليه انه سينما نسائية، فالقصة ليست لها
علاقة بمشاكل أو بقضايا المرأة، فقط البطولة تقوم بها نساء والرجل يظهر في
الفيلم مساعداً، لكن الفيلم خرج عن السياق العام للإنتاج السينمائى والذي
تظهر فيه المرأة دائماً سنيدة للرجل ورأى النقاد والجمهور أنه يقدم حالة
نسائية تعبر فيها المرأة عن نفسها،.
كما ان المفارقة جاءت من كون المخرجة والسيناريست والمونتيرة والمصورة وكل
العاملين في الفيلم تقريباً سواء أمام أو خلف الكاميرا باستثناء النزر
اليسير كلهن من النساء مما أكد اكثر فكرة أن الفيلم يمثل السينما النسائية
والحقيقة انني عندما ووجهت بتلك النظرة رأيت انها قاصرة جداً ولكن بعد فترة
وجدت انها مجرد طريقة للحفاوة بنا والقاء الضوء علينا وفرصة لاقتحام النساء
عالم السينما بأدوار فعالة.
اما بطلة الفيلم حنان ترك فقالت: «المشكلة هي أننا كنا مهمشين في الافلام
السينمائية التي اظهرتنا جميعاً وكأننا «وردة في عروة الجاكيت» اي مجرد
مكملين للشكل العام للفيلم حتى انه لو تم الغاء دور المرأة من الفيلم لما
تأثرت الاحداث في شيء، لذلك ارى ان فيلم «أحلى الاوقات» انتصار للمرأة
السينمائية، ووصفه على أنه سينما نسائية لا يقلل من شأنه في شيء بل انه
يلقي الضوء على نجاحنا اكثر.
ثم تعود المخرجة هالة خليل إلى القول: احياناً عندما اشاهد فيلماً أقول هذا
فيلم ذكوري، عندما يحتوي على آراء أو مشاهد تسيء إلى المرأة، إذا تعاملنا
مع فيلمي بالطريقة نفسها سنجد أنه فيلم غير نسائى لانه لا يحتوي على مشهد
واحد يهين الرجل.
بعد ذلك وجهت «البيان» اسئلة عديدة لكل من طاقم الفيلم الذي حضر الى دبي
لمصاحبة عرضه وهو المنتج محمد العدل والمخرجة هالة خليل والبطلة حنان ترك
والفنان سامي العدل صاحب اكبر دور ذكوري في الفيلم.. وكان السؤال الخاص
الموجه الى المنتج استفسارا عن كون «أحلى الاوقات» مجرد تجربة لن يتم
تكرارها فقال:
لا .. من الصعب التعامل مع هذه النوعية من الافلام على أنها تجربة وينتهي
الامر، بدليل أنني متفق مع المخرجة على فيلم جديد تقوم بالاعداد له الآن،
مع ذلك فإن مسألة تجربة واحدة أو اثنتين لا تتوقف على قرار مني فقط ولكنه
من الجمهور أيضا الذي يجب أن يتجاوب معنا، وهذا لن يحدث إلا إذا ساندنا
الاعلام المصري والعربي، فمن الأشياء التي أزعجتني عندما بدأ عرض الفيلم في
دور العرض المصرية.
أن جميع الصحف المصرية اليومية لم تكتب عنه إلا بعد أربعة أسابيع من عرضه
رغم اننا لم نعرضه في موسم مزدحم بل بدأنا به محاولة لعمل موسم سينمائي
جديد، أعتقد انه على الاعلام الذي ينتقد الافلام الكوميدية السائدة ويطالب
بغيرها ان يدعم التجارب المختلفة ويشجعها حتى نستطيع الاستمرار، فلا يمكن
لأي منتج أن يستمر في انتاج أفلام تحقق ربحا يغطي تكلفتها فقط. فلا بد من
الربح وإلا سنضطر إلى تقديم أفلام ربحية نصرف منها على الأفلام الأخرى.
أما السؤال الخاص بالفنانة حنان ترك فكان عن كيفية عودتها للعب الأدوار
المساندة للأبطال الرجال بعد تجربة «أحلى الأوقات» التي أثبتت فيها
نجوميتها، وما إذا كانت قررت عدم العودة إلى هذا الأمر، فقالت: بداية لست
وحدي نجمة الفيلم فمساحة أدوارنا أنا ومنة شلبي وهند صبري تكاد تكون
متوازية، كما اننا جميعا ساهمنا في نجاح هذا الفيلم بالمستوى نفسه،.
أما بالنسبة للسؤال فأعتقد انني لا أستطيع البقاء في منزلي دون عمل حتى
أعثر على دور في حجم وقوة دوري في أحلى الأوقات، لكن ما أعرفه أو ما أفعله
بالفعل أنني اختار أفضل المتاح وبالمناسبة وأنا واثنتان من زميلاتي في مصر
يعرض علينا أفضل السيناريوهات ومع ذلك نختار الأفضل منها، ربما أقوم
بالمبادرة بنفسي.
وأبحث عن قصة فيلم ومخرج وسيناريست ومنتج، لكن المسألة في النهاية تعتمد
على ثقة الموزعين بالبطلات من النساء مثلما فعل محمد العدل وأنا الآن أقوم
بتجربة مماثلة مع يسرا في فيلم تحتل فيه النساء الصدارة بينما الرجال هم
الذين يسندوننا.
قصة فيلم «أحلى الأوقات» تعود إلى المخرجة هالة خليل أيضا وبسؤالها عما إذا
كانت ستخرج قصصها فقط أم لا أجابت: لديّ اهتمام بالكتابة منذ كنت طالبة
بالمعهد خاصة وانه توجد مشكلة قديمة في مجال الكتابة رغم وجود قصص كثيرة
وأشخاص يكتبون سيناريوهات، لكن المشكلة كانت في تقنية الكتابة نفسها.
كما انه لدي موضوعات كثيرة تشغلني وأحب أن أقدمها لان أي انسان في بدايته
تشغله أفكار معينة عليه أن يخرجها أولا، لكن هذا لا يمنع انني من الممكن أن
أخرج سيناريو جاهزا وهذا ما حدث مع السينارست وسام سليمان التي قدمت لي
سيناريو خاص بها ووجدت أنها تستخدم تكنيكاً مشابهاً لي فعرضت عليها قصتي
ومن ثم خرج السيناريو بالشكل الذي يرضيني.
أما سامي العدل والذي لعب دوراً مميزاً على صغر حجمه في الفيلم فقد أجاب
على تساؤلنا الخاص بكونه بدأ يقدم أعمالاً مميزة عندما شارك في أفلام
«العدل جروب» وعما إذا كان ذلك بسبب حريته في اختيار الأدوار أكثر، قال:
لقد قدمت طوال مشواري الفني خمسة وخمسين فيلماً وسبعين مسلسلاً ولم أقدم من
كل هذا الكم سوى ثلاثة أفلام فقط من إنتاج «العدل جروب» وعدد قليل من
المسلسلات، الفيلم الوحيد الذي تم طلبي فيه بالاسم هو «أحلى الأوقات» والذي
أتى السيناريو الخاص به باسمي مرشحاً للدور.
ومع ذلك حاول أخي محمد العدل أن يعطيه لغيري لكن المخرجة أصرّت علي لأنها
رأت أنني الأنسب، أما فيلم «شورت وفانلة وكاب» و«أصحاب ولا بيزنس» فقد كنت
مجرد منقذ للموقف عندما اعتذر الفنان المرشح في كل منهما في آخر لحظة قبل
الدخول لتصوير الفيلم، أما بالنسبة لجودة الأدوار فلقد بدأت حياتي الفنية
بأدوار قوية، لكن بعد ذلك شغلني الإنتاج أكثر من التمثيل وأخيراً بالفعل
بدأت انتبه لهذا الأمر لكنه لا يعود ذلك لكون أخي أو أنا المنتج.
وختاماً سألت «البيان» المخرجة هالة خليل: عما إذا كانت الفكرة التي تقدمها
عبر الفيلم ألا وهي (التعامل مع الواقع وعدم تحديد أو محاولة تغييره) دعوة
للإنهزام قالت: بالعكس فأنا أدعو للاعتراف بالواقع والتعامل معه .
«ابن الغابة»افتقد الجمهور والتشويق
كتبت كارول ياغي:
لم يتجاوز عدد الذين شاهدوا فيلم الكارتون «ابن الغابة» المأخوذ عن السيرة
التراثية «حي بن يقظان» والذي أنتجته مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول
مجلس التعاون الخليجي يوم الخميس الماضي العشرين شخصاً.فبدت الصالة الخامسة
في سينما ميركاتو شبه خالية على الرغم من أن الاعلان عن الفيلم اكد انه
يعرض للمرة الأولى عالميا وانه أول فيلم كارتون خليجي وعربي.
ويحكي الفيلم المستوحى من قصة (حيَ بن يقظان) في 88 دقيقة قصة طفل رباه ظبي
بعد أن تُرك وحيداً في الغابة، حيث يبدأ الشاب في تعلم قوانين الطبيعة
والعالم من حوله ويشرع في البحث عن خالق كل شيء.
لا يمكن للمشاهد أن يكون موضوعياً في إبداء رأيه في فيلم «ابن الغابة»
بمعزل عن اعتبارات عدة أبرزها كون الفيلم هو الأول من نوعه خليجياً، ولا
يمكن مقارنته بإنتاج عربي مماثل. ولا يمكن مقارنته بما ينتج في اليابان
والولايات المتحدة. ولا يمكن ايضا إغفال واقع مهم يتمثل بقلة الخبرة
العربية في هذا المجال والمشكلات التي تشوب قصص الأطفال في عالمنا العربي.
وبالمقابل لا بد من بعض الملاحظات على الفيلم للارتقاء بالسينما الخاصة
بالطفل.
يشعر المشاهد بالملل قبل انتصاف الفيلم بسبب رتابة المشاهد وغياب عنصر
التشويق والطرافة. وجاء ضعف حبكته لجهة تصاعد التسلسل الحدثي للقصة قبل أن
تنساب الحلول وصولا إلى النهاية السعيدة سببا إضافيا أدى أيضا إلى غياب
وضوح العبر التي يرمي إلى إيصالها.
تناولت معظم المشاهد حياة «حيّ» الذي لا نعرف اسمه إلا في خاتمة الفيلم في
الغابة وحيدا بين الحيوانات التي ربته وبينما استغرق الشق المتعلق بعودته
الى دياره الأصلية اقل من 5 دقائق!
اما موسيقى الفيلم فتفتقد إلى «الطفولية» في اللحن والغناء وبدا وجودها
ثقيلا فيه بعض الابتذال. يصعب على الطفل كما البالغ حفظ اغنية او تكرار
لازمة فيها. ولم تنجح في إضفاء جو الحماسة على الفيلم.
في الفيلم الكثير من الدموع تبدأ من المشهد الأول أم تبكي وطفلها أيضا
وظبية تبكي فقدانها طفلها.. كما تتكرر فيه مشاهد الموت اكثر من مرة رغم
إمكانية الاستغناء عنها. يتفاجأ المشاهد ببداية حربية تعبق بالموت، اللصوص
يغزون مدينة لا نعرف اسمها يليه مشهد موت ابن الظبية وبعده موت الظبية
والدة حي في الغابة.
ويتضمن الفيلم ايضا مجموعة من الهفوات. فقد يتساءل المشاهد من اين حصل «حي»
على «حفاض» ناصع البياض وكيف تغير لونه الى الأحمر مع بلوغه سن الخامسة.
ولا يلبث الجواب أن يأتي في إحدى اللقطات التي يقول فيها «حي» لصديقه القرد
انه مختلف لذلك يضع غطاء على وسطه.
ثم نراه يتحول الى خياط يصنع ملابس لا تختلف عن تلك التي كان يرتديها
الوافدون الى الجزيرة. ولا ندري أيضا لماذا يقص «حي» شعره. ولا كيف لم ينظف
المطر الغزير الذي تسبب بطوفان فظيع حجرا عليه رسم رجل انيق الملبس عبق
الغبار منه بكثافة عندما لمسها «حي». ولا نفهم كيف ان مطرا اطفأ حريق
الغابة وتسبب بطوفان نقل «حي» الى وسط البحر، ولم يطفئ عودا حمله تحت المطر
الى امه القابعة في احد الكهوف لتتدفأ به.
كما بقيت حادثة اكتشافه النار ملتبسة واكتشافه فن العمارة اذ بنى نموذجين
مختلفين من البيوت بسرعة لا مثيل لها فضلاً عن اكتشافه الزراعة أيضاً.
والأغرب أن «حي» الذي لم يكن يعرف أن الكائن الذي رآه في القصر المهجور
الذي لا يعرف المشاهد كيف وصل «حي» إليه أصلاً هو حصان بينما يدعو في
المشهد نفسه الحيوان المفترس ضبعاً، وكان قد ناداه في أول الفيلم بالوحش.
####
إسدال الستار على المهرجان اليوم
يسدل اليوم الستار على مهرجان دبي السينمائي الدولي الأول الذي استمر ستة
أيام 6 ـ 11 يناير 2004 حيث عرض حوالي سبعين فيلماً من 26 بلداً وبمشاركة
مجموعة من النجوم العرب والاجانب وتغيب عن المهرجان ضيوف كانوا على لائحة
التكريم، وكذلك غابت افلام كانت ضمن عروض الليالي العربية.
شكل مهرجان دبي السينمائي الدولي الأول نقطة انطلاق لمهرجانات مقبلة ستحمل
في جعبتها الكثير من الطموحات والآمال.
وكما هي العادة في الدورات الاولى لأي تظاهرة فنية أو غيرها لعبت بعض
الثغرات دوراً سلبياً في طرح الكثير من الاسئلة حول تغيب بعض النجوم
وانطلاق الشائعات وكذلك المؤتمرات الصحفية التي تقام فجأة دون الاعلان عنها
من قبل، بالاضافة إلى مؤتمرات لم يحضرها النجوم.
شغل المهرجان طيلة ايامه الستة أهل الفن الذين حضروا من مناطق مختلفة من
العالم حيث كُرم داوود عبدالسيد من مصر وشباش غاي من الهند، وغاب عمر
الشريف لاسباب مجهولة، وحضر مورغان فريمان وسارة ميشيل جيلار، اللذان
التزما سلوكاً وحضوراً بمؤتمريهما الصحفيين تاركين المجال مفتوحاً لاسئلة
الصحفيين ومثلهما فعل النجوم العرب وأبرزهم حسين فهمي.
وليلى علوي حيث اعطيا مساحة من الوقت لكل الاسئلة، في حين ظهر النجم
الاميركي أورلاندو بلوم في حفل الافتتاح ثم اختفى طيلة المهرجان تاركاً
اعتقاداً انه سافر في حين كان يتنزه في ربوع دبي الساحرة دون علم أحد.
المهرجان ترك الكثير من الصدى خاصة انه دون جوائز ولكن يحسب له تأسيسه أول
مهرجان من نوعه في الخليج، والدورة المقبلة ستكون الحكم في طبيعة
استمراريته ونجاحه.
####
«الغبار الأحمر».. الحقيقة طريق الوداعة و«الحقد» يولد من
القمع
حسين قطايا:
يعيدنا شريط الغبار الأحمر الى ماضينا المأساوي، وإلى قهر الانسان لأخيه
الانسان، أو انه يضعنا مباشرة امام الحقيقة «الغائبة» في اننا نسير
باتجاهات تخسرنا انسانيتنا، ولا يمكننا تعويضها إلا بقدرتنا على قول
الحقيقة الكاملة، التي هي لوحدها سبيل خلاصنا ووصولنا الى سلام داخلي مع
انفسنا ومع الآخر.
تدور حكاية الفيلم حول المحاكمات التي قامت في جنوب افريقيا بعد سقوط نظام
التمييز العنصري، فنرى الضحية والجلاد في دائرة واحدة، والضحية هنا لا ترث
اخلاق الجلاد، بل تذهب الى عكس ذلك، الى فعل انساني اكثر جسارة، واكبر في
تحديه، وهو الغفران، ان تسامح الضحية جلادها، ولكن ذلك لا يتم إلا اذا
اعترف المذنب بذنبه وقال الحقيقة كاملة حتى يستحق العفو من المحكمة
والمجتمع معاً.
كتبت سيناريو الفيلم «جيليان سلوفو» ببراعة عالية، مظهرة بدقة مفاصل اساسية
لمجتمع جنوب افريقيا حيث يعيش الاعداء معاً، وفي نفس المكان والزمان، وقد
اثبتت مهنية عالية، وقدرة على اظهار الالم العميق والدفين، بمستويات
انسانية شفافة لأبعد حد. وكما السيناريست جاء المخرج «توم جوبر» في فيلمه
الروائي الاول.
ملتزماً بموضوع الفيلم، حول معاناة شعب جنوب افريقيا من التمييز العنصري،
فأتبع كادراته بلغة بصرية موحية، ودون فجاجة أو تقزيز من مشاهد الدم، بمعنى
ان الصورة تصل الى مبتغاها، والى قوليتها الرئيسية دون مواربة ودون
استعراضية مملة لمشاهد العنف. فتمر الصورة عبر جسر الحدث الواقعي وصولا الى
الحقيقة.
«الحقد»
«الحقد»، فيلم من نوعية افلام «البولار»، أي التوتر الدائم الذي يشد
المشاهد الى عصب السيناريو المركب والمتداخل في آن. فيضيع الزمن، وتضيع
ملامح الشخصيات، وتنصب جميعها في قالب واحد من الرعب والخوف والموت.
مدينة طوكيو في عصر الالكترونيات والتجارة، تأتي إليها عائلة من الولايات
المتحدة بداعي العمل، الزوج، والزوجة، والام المصابة بمرض عضلي تشنجي، لكن
الزوجة لا تسعد بالانتقال الجديد، فتشكو لزوجها، الذي يعدها بأن يطرح
الموضوع مع أرباب عمله، ولكن طوكيو التجارية لا تتركهما.
فتبتلعهما بعقدها، عبر الطفل الذي سجن طويلا داخل خزانة ملابس، وبسبب الحب
المفقود، والذي يحل بدلا عنه الموت المدمر، الموت المرعب، الذي يرمز به
المخرج الى اليابان التي سجنت بعد واقعة هيروشيما، فيضع كل شيء مضى مقابل
كل ما حدث، ليصنع منهما استشرافه الذي يصرح عبره بمكنونات الروح اليابانية.
الكاتب والمخرج الياباني «تاكاثي تيمزو» كتب واخرج فيلمه باسلوب رمزي
وبولاري كما أسلفنا، ولكنه أقحمه في خانة افلام الرعب دون سبب فني على
الاطلاق، سوى ان تيمزو يعشق افلام الرعب ولا يريد ان يخرج عن هذه الدائرة.
التصوير وزوايا اللقطات العالية جاءت ممتازة وموظفة بتكنيك احترافي تلامس
اسلوبية (هيتشكوك) الشهير، بهذه النوعية من الافلام.
بطلة الفيلم (سارة ميشيل جيلار)، لم تضف الى رصيدها التمثيلي في هذا الفيلم
أي شيء يذكر، فبدت عاجزة أمام الكاميرا، لعجزها عن الدخول الى روحية
السيناريو، ولانها لم تقدم في تاريخها السينمائي أياً من الأدوار المماثلة.
ففي الحقد البطل هو القصة وهي نجمة إثارة بالاساس.
####
ليلى علوي : أزمة السينما تكمن في غياب النصوص
عز الدين الأسواني:
شهدت قاعة المؤتمرات أول من أمس مؤتمرات صحفية عديدة وجلسة حوار حول
الافلام القصيرة وفعاليات اخرى استهلتها النجمة ليلى علوي بسياحة في
مشوارها الفني مجيبة على تساؤلات الاعلاميين التي وصلت إلى حياتها الشخصية،
صاحب النجمة ليلى علوي وقدمها وادار الحوار الناقد السينمائي والصحفي طارق
الشناوي الذي برع بمداخلاته في اعادة التوازن لأجواء ومضامين الاسئلة.بدأت
الفنانة ليلى علوي حديثها بتقديم التعازي في وفاة المغفور له الشيخ زايد بن
سلطان واعربت عن سعادتها بتواجدها ومشاركتها في فعاليات مهرجان دبي
السينمائي منوهة بالتنظيم الجيد الذي ينم عن خبرة كبيرة في هذا المجال.
وتجيب ليلى عن سؤال حول قدرتها على خلق حالة من التواصل الجيد مع الجمهور
عبر الافلام السينمائية واعمال التلفزيون موضحة انها ابنة التلفزيون اولاً
لكنها عاشقة ومحبة للسينما في الوقت نفسه، ولكل مجال أهميته عندها اذ انها
ترى في الاعمال التلفزيونية رسالة اجتماعية لابد من ايصالها لقطاع كبير من
الجمهور.
خصوصاً وان القنوات التلفزيونية اصبحت اكثر انتشاراً الان،
والفنان يحتاج من وقت لآخر الى تواصل على نطاق اكبر مع المشاهدين، اما
السينما فهي تمثل لها متعة خاصة وتدلل على ذلك بأن فيلمها الاخير «بحب
السيما» اخذ منها اربع سنوات إلى أن شاهد النور هذا العام ومع ذلك ورغم
المجهود الكبير تشعر أنها انجزت عملا له قيمته الفنية والاجتماعية.
وعن رأيها في احوال السينما الان ترى ليلى علوي ان الجمهور تشبع بالفعل
بنوعية الافلام الكوميدية المقدمة له، وقد كان فعلاً بحاجة اليها في وقت من
الاوقات، لكنه الآن ينصرف عنها تدريجيا بعد ان اصبحت مكررة ونمطية، وتشير
ليلى الى اعمال اخرى جيدة تنتجها السينما في الآونة الأخيرة وقد حققت
نجاحاً جماهيرياً ولاقت القبول عند النقاد،.
وتركز ليلى على أن أزمة السينما الحقيقية تنحصر في غياب النص الجيد وهيمنة
الكتاب الجدد وجهات الانتاج من خلفهم لتقديم اعمال رديئة، لقد غابت الافلام
الغنائية والاستعراضية الا ان بعض المنتجين انتبهوا إلى ذلك وقدموا افلاماً
رومانسية جيدة مثل «احلى الاوقات» و«حب البنات» و«سهر الليالي» وغيرها.
اما بالنسبة لفيلم «عمارة يعقوبيان» وعلى الرغم من اعجابها بدور سعاد
وبالرواية كلها الا انها اعتذرت عن تقديم الدور لانها وعلى حسب قولها لم
تجد نفسها في الكلام المكتوب.
وعن التعاون العربي المشترك لانتاج اعمال سينمائية او المشاركة في هذه
الاعمال سواء بالنصوص أو التمثيل ترى ان هذا الامر يعتبر بديهياً وضرورياً
وليس لديها مانع، بل انها تتمنى ان تشارك في مسلسل عن حياة الاديبة مي
زيادة بعد ان قرأت النص، وفي هذا الجانب يعلق الناقد طارق الشناوي ويذكر
السائل ان رواية «الباحثات عن الحرية» هي للكاتبة السورية هدى الزين وقد تم
الاستعانة بالنص ليتحول الى فيلم اخرجته ايناس الدغيدي، وهناك أمثلة عديدة
أخرى على التعاون بين الكتاب والممثلين والمخرجين العرب.
اما الاسئلة المثارة حول المشاكل الرقابية التي واجهت فيلم «بحب السيما»
فتوجزها ليلى في عبارات مختصرة مفادها ان القضاء المصري عادل الى ابعد حد
ويراعي حرية الابداع، وقد كسبت اسرة الفيلم الحكم القضائي .
وتم الافراج عن العمل، وتنوه ليلى إلى ان الفنان هو جزء من المجتمع ويعرف
حدوده ولا يتجاوزها اما ان يتدخل احد رجال الدين ويفرض وصايته على مجتمع
بأسره فهذا غير مقبول، الفيلم اجازته الكنيسة وسمح به الازهر ووقعت عليه
الرقابة، وكل هذه المشكلة ليست سوى زوبعة اراد اثارتها شخص واحد، وتعترض
ليلى علوي على مسألة الالقاب وترفضها شخصياً.
وترى أن عمل الفنان واسمه هما الباقيان فقط في وجدان وذاكرة الجماهير،
وتضرب مثالاً بعادل امام صاحب التاريخ والاعمال الجيدة والجماهيرية الواسعة
ورغم ذلك لم يطلق على نفسه لقبا، وتؤكد ليلى على أن الالقاب يمنحها الجمهور
للفنان لا ان يطلقها الفنان على نفسه او يدع الصحفيين يطلقونها عليه.
وتعود ليلى لتؤكد على ان موقع الفيلم العربي على الخارطة العالمية مازال
صغيراً ويعود ذلك الى ضعف الانتاج وغياب النص الجديد، اما على مستوى
التمثيل والاخراج والفنيين فنحن لدينا كوادر ممتازة لا تقل عن سواها في
العالم، اضافة إلى اننا لم نتوجه الى السوق الاوروبي بشكل فاعل وهذه
مسئولية مؤسسات ومسئولية الموزعين.