كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ريدلي سكوت يغازل صلاح الدين في «مملكة السماء»...

حين تصبح جنة الأرض جحيماً تحت أقدام الغزاة

هوليوود - محمد رضا

عن فيلم

مملكة السماء

   
 
 
 
 

قبيل نهاية الفيلم بنحو ربع ساعة يلتقي القائد الصليبي الذي آلت إليه مهمة الدفاع عن القدس، بيلان (أورلاندو بلوم) بالقائد العربي صلاح الدين الأيوبي (الممثل السوري غسّان مسعود) ويقول له:

- ليس لدي شروط.

يقول صلاح الدين وهو يرمقه بنظرة عميقة:

- أعرض عليك الإستسلام. إذا وافقت أنت فإن كل محاربيك والأطفال والنساء في المملكة يخرجون سالمين ولا يتعرّضون لأي أذى.

يرد الشاب الذي كان قبل ذلك لا يزال يبحث عن شكل للإيمان في داخله:

ـ لكن حين استولى الصليبيون على القدس ذبحوا الأطفال والنساء...

يبتسم صلاح الدين ويقول له:

ـ أنا لست منهم.

الجمهور الذي استقبل هذه الكلمات في الصالة الأميركية التي تعرض الفيلم كان من الإنصراف لمتابعة ما يدور ومن الإستقبال لكل شاردة وواردة مما يُقال او يتحرك الى درجة أن رمي الأبرة كان سيقرع كالجرس فيما لو حدث. من الصعب معرفة ما الذي كان يجول في بال من امتلأت بهم الصالة في حفلتها الأولى، لكن بالتأكيد كان هناك كثر يتعلّم ألفبائية الصراع العربي - الإستعماري للمرة الاولى.

«مملكة الجنّة»، جديد المخرج ريدلي سكوت، يتسلل عميقاً الى حيث لم يستطع فيلم أوليفر ستون «الاسكندر» التقدّم خطوة واحدة. حتى يصير في الإمكان الحديث عن البطل الغربي كمستعمر. في حين أن «الإسكندر» يتحدّث في لبّه عن أول غاز غربي على إعتباره فاتحاً لم يسبقه أحد الى هضم فكرة عالم واحد تحت قيادة واحدة (وهي فكرة راودت هتلر فيما بعد لكن أحداً لا يصنع عنه أفلاماً بصفته بطلاً فاتحاً)، سكوت يطرح بطله الغربي كمثير للمشاكل بين أترابه. نعم حارب كما فرضت عليه الأحداث أن يحارب لكنه في الأساس كان جاء الى القدس طامحاً الى أن تكون المدينة المقدّسة هي المكان الصالح لطلب الغفران والتواصل مع الله وليس غازياً. أول وصوله يسأل أين صُلب المسيح فيشير اليه عربي من أهل القدس الى أعلى الجبل. بعد حين يتحدّث الى أحد معارفه ويقول له «حاولت أن أتواصل لكني لا أعتقد بأن الله يريد أن يتحدّث إلي».

«قناع من ذهب»

«مملكة الجنّة» قائم على سيناريو مكتوب جيداً وواضح إنه جاء وليد بحث واستقصاء وضعه القادم الجديد ويليام موناهان (كتب أيضاً سيناريو «طرابلس» أحد المشاريع المقبلة للمخرج سكوت) متحدّثاً عن الحملة الصليبية الثانية. يبدأ أحداثه في مكان ما من فرنسا العام 1184. أوروبا تعيش في فقر مدقع وشظف عيش يشبه ذلك الطقس البارد القاسي الذي يختاره سكوت جوّاً للفيلم. القائد الأسكتلندي غودفري (ليام نيسون) عائد من موطنه الى القدس وفي طريقه جاء يبحث عن إبنه باليان الذي كانت زوجته انتحرت للتو بعد موت إبنهما. وتدرك سريعاً موقف ريدلي سكوت (الاسكتلندي بدوره) من الكنيسة عندما نرى أحد الرهبان يسرق الصليب الذي ترتديه الميتة ثم يأمر بقطع رأسها. نتيجة عمله يقدم باليان على قتله ويقرر الإنضمام الى أبيه الذي كان قائداً للجيش الصليبي في القدس. على الطريق يتعرض الأب وابنه ورفاقهما الى كمين لقوّات تطلب رأس باليان. معركة باكرة مع الكثير من الأطراف المقطوعة والعظام المكسورة ينتصر فيها غودفري ومن بقي من صحبه لكنه يُصاب بسهم يخترق صدره. بعد وفاته يكمل باليان طريقه وصولاً الى القدس حيث يريد أن يخلّص ضميره من شوائب تقلق حياته. هناك لا يجد ما يبحث عنه، ولكنه يجد ملكاً مصاباً بمرض الجذام يغطي وجهه بقناع ذهب ويديه بقفازين كبيرين. إنه مريض ينتظر الموت لكن القدس تحت إمرته تشهد وضعاً هادئاً بين «المسلمين والمسيحيين» (تعبير الفيلم) لا يعكّره سوى تحرّشات القائد الفرنسي غي د لوسينان (مارتون كزوكاس) المتزوّج من شقيقة الملك. وحينما يهاجم القائد الفرنسي قافلة من المسلمين ويبيدهم يخرج صلاح الدين على رأس 200 الف من رجاله قادماً من دمشق. يخرج اليه الملك (صوت إداوارد نورتون) طالباً عدم القتال وواعداً بأن المسؤول عن المجزرة سيلقى عقابه. وعد يُرضي صلاح الدين فيتراجع وسط معارضة بعض معاونيه (خالد النبوي). يأمر الملك بإيداع أحد معاوني زوج شقيقته السجن ويعرض على باليان قيادة الجيش فيعتذر. بعد وفاة الملك يستلم غي د لوسينان الحكم وأول ما يقوم به إطلاق سراح معاونه والتوجّه الى قتال صلاح الدين.

حين لا يرجع من الحملة نفر واحد، يدرك بايلان وقد انسحب منها جنود قائد إنكليزي (جيريمي آيرونز) كان صديقاً لأبيه إن الدفاع عن المدينة آل إليه وبعد قتال ضار دام أياماً يقبل الإستسلام والرحيل (سنة 1187). بالنسبة إليه إنقاذ الأرواح المسيحية كان أهم عنده من الدفاع عن المسيحية.

ثلاثة ممثلين عرب

إذ يمزج الكاتب الحقيقة بالخيال بنجاح (أمر آخر لم يحسن ستون فعله في «الإسكندر») يحرص منذ البداية على تعريب المسائل على نحو واضح. لن تجد عرباً او مسلمين في أي صورة عدائية او نمطية. صلاح الدين يهيمن على الجو بحكمته ومداركه وعدالته. ليست هناك خطبٌ وطنية ولا «فلسطين لنا أيها الغزاة» وحتى نداءات الله أكبر عند الهجوم غير مسموعة الا قليلاً. كل ذلك لتذليل أشواك قبول الموقف العربي في الفيلم. ففي عصر ليس هيّناً على مخرج غربي، حتى ولو كان بحجم ريدلي سكوت صاحب «بلايد رانر»، و»غلادياتور»، «سقوط بلاك هوك» وسواها، تقديم فيلم عن الحملة الصليبية من مفهوم معاد لها. وليس هيّناً على شركة بحجم فوكس وتاريخها أن تصرف 140 مليون دولار على فيلم سيثير بلا شك غضبة اليمين المحافظ الأميركي، لكن سكوت وفوكس فعلاها وفي غمار فعلتهما لم ينسيا أن زمن ما بعد ١١/٩ هو زمن حسّاس، لكن في الوقت ذاته هو الزمن المناسب جداً لمثل هذا الفيلم الذي يوعز بأن الصراع بين العالم العربي والغرب الذي لا يزال مستمرّاً الى اليوم، ومناسب أكثر للتخفيف من ثقل الحملة الغربية والشعبية المعادية للمسلمين وللعرب في الولايات المتحدة أكثر من سواها.

المثير للأسف ليس أي شيء لم يقدم عليه سكوت في الفيلم، فهو أنجز بحدود ما أنجز الكثير، إنما كون هذا الإنجاز ليس عربياً. باستثناء ثلاثة ممثلين في أدوار ناطقة هم غسان مسعود وخالد النبوي وألكسندر صدّيق وتصوير الفيلم في المغرب، لا يوجد هناك أي دور عربي او إسلامي في هذا الفيلم. طبعاً الفرصة لا تزال سانحة. فيلم آخر عن صلاح الدين الأيوبي نفسه (وهو مشروع جاهز لدى مصطفى العقاد مخرج «الرسالة» و»عمر المختار») يأتي - لو حدث - في الوقت المناسب. سيكون استكمالاً لفتح في التاريخ حين كان الإسلام يدافع عن قضية عادلة.

الحياة اللبنانية في

03.06.2005

 
 

 غسان مسعود و«مملكة السماء»

الإنسان هو المحور والقيمة في السينما الغربية

حوار: حسين قطايا

غسان مسعود من الفنانين القلائل الملتزمين بهموم وقضايا المجتمع، ببعدهما الانساني وليس السياسي، وهو منذ تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا، لم يتوان او يتراجع عن مباديء الفن الأصيل، وكان على الدوام ملتصقاً بالثقافة بما تعني له في كونها روح الفن وعمقه الحقيقي.

عمل غسان مسعود في المسرح، وخاض تجارب عديدة، مع المخرج العراقي جواد الاسدي، ثم خاض تجاربه الخاصة في الاخراج والكتابة والتمثيل، وأطل على الدراما التلفزيونية في مسلسلات اجتماعية، كان له فيها حضور مميز إلى جانب المسلسلات التاريخية، مثل مسلسل «الحجاج» الذي ادى فيه دور (عبدالله بن الزبير) فأبهرنا بقدرته على تجسيد ابعاد هذه الشخصية التاريخية ورفع العمل الى مستويات فنية عالية.ومن المسرح والتلفزيون، انتقل غسان مسعود إلى السينما العالمية، بادارة المخرج العبقري ريدلي سكوت، فقدم شخصية القائد الإسلامي صلاح الدين في فيلم «مملكة السماء» .

الفنان حل ضيفا على مؤسسة دبي للاعلام، وكان لـ «البيان» معه هذا الحوار:

·         بعد دورك في فيلم «مملكة السماء»، بدت الصحافة كأنها استيقظت على أهمية الممثل غسان مسعود، كيف ترى ذلك؟

ـ تعودت كل مؤسساتنا في العالم العربي أكانت إعلامية او سواها ان تأتي الى الحفل في وقت متأخر، فنحن لا نجيد التسويق، وفي أكثر الأحوال متأخرين، وعلى الدوام ننتظر من الآخر ان يقدم قضايانا، فلا نعرف كيف نضع قضايانا، ولا نلتفت إليها إلا حين يثير لها احدهم من الخارج.

·     لاشك ان هناك تقصير اعلامي في حق الفنانين والفن في العالم العربي، لكن الا تعتقد ان غياب المؤسسات الفنية الخاصة تؤثر سلباً في هذا الاطار؟

ـ اتفق معك بالكامل حول هذه النقطة وأضيف ان الجهل الذي تتمتع به معظم السلطات الرسمية وغيرها والجهل المقصود هو في عدم الإيمان بقدرة الفن، على حمل صورتنا المتضمنة قضايانا، إلى الآخر. فالإعلام والثقافة والفن، تشكل أداة قوية لأي مجتمع، وهذا أمر يعرفه غير العرب بقوة. لذلك ترى الغرب عموماً يعي أهمية هذه المسائل وقدراتها، فيستخدمها جيداً، بنثر ثقافته وراؤه.

ويحقق عبرها مصالحة في مستوياتها المتعددة وعلى هذا تتمكن دولة ما في ان تنتصر في حربها ضد دولة أخرى، في حسن استخدامها لقطاعات الإعلام والثقافة والفن.

فالصراع اليوم هو صراع صورة، وصراع قدرة في بناء مشروعك الثقافي الذي يحقق غايات عليا وأساسية، فمؤسساتنا الإعلامية على سبيل المثل تنقل الخبر الحدثي، الذي يشاركها فيه كل أجهزة الإعلام في الدنيا، فتظن انها قامت بواجبها، وتتناسى أنها بذلك لا تقدم سوى توصيفاً للأشياء وحسب، ولذلك هي لا تهتم بعد حادثة 11 سبتمبر التي شوهت وجه الثقافة العربية والإسلامية، بتقديم صورتنا الحقيقية، المتضمنة التسامح الإسلامي والعدالة التي هي جوهر ثقافتنا.

بين المسرح والسينما

·         يعتبر المسرح أداة مدنية بامتياز، فما هو الفرق بينه وبين السينما، في القدرة على التواصل؟

ـ الفرق كبير بين المسرح والسينما، لو التقيا أحياناً على نقاط غائية واحدة. فالسينما هي لغة التسويق، لأن أعداد من يشاهدون الفيلم أكبر بكثير ممن يشاهدون العمل المسرحي، المرتبط بالمكان أكثر من السينما، إضافة إلى ان المسرح لا دخل له في مجالات التسويق.

ويبدو ان تطور وسائل الاتصال، التي استفادت منها السينما وفنون أخرى، لن يستطيع المسرح الاستفادة منها، فهو بهذا المعنى مرتبط بالهم الثقافي الإنساني أكثر من السينما، المرتبطة بالهم نفسه إلى حد ما لكنها أيضاً تعمل أبعاداً أخرى تصنيعية وتجارية والخ...

على الدوام فوق

·         خشبة المسرح تظهر صراعاً بين ثلاث سلطات، المخرج، السيناريو، والممثل إلى من تنحاز أنت؟

ـ مررت وتعودت المرور في المستويات الثلاث، فأنا مخرج، وممثل، وكاتب. وأعتقد ان ما تسميه صراعاً بين ثلاث سلطات، اعتبره ضرورياً، لأنه يؤدي إلى الحوار الذي يولد الرؤية، أي السينوغرافيا. والسلطة بهذا المعنى على الخشبة، هي مشاركة بين أصحاب العمل الذين هم في الواقع المخرج والممثل وكاتب النص.

·     هل هذا ممكن مع مخرج مسرحي مثل جواد الأسدي، الذي يستخدم سلطة كاملة، إلى حد ان المشاهد يتلمس رؤية المخرج، ومن ثم الممثل وكاتب النص؟

ـ دعني أقول أنني لا أوافقك الرأي. فلقد عملت مع جواد الأسدي في أعمال كثيرة، وهو من المخرجين الكبار في العالم العربي، ولم أشهد انه يمارس هيمنة سلطوية، لأنه في الأساس يبحث عن الممثل الموهوب والمحترف، الذي يستطيع ان يقيم معه شراكة. فلذلك عملنا معاً كشركاء في صنع أعمال مسرحية دمجنا فيها الرؤى بين الممثل والمخرج.

·         هل تمارس سلطة ما، على ممثليك في أعمالك الإخراجية، أو على تلاميذك الذين تدرسهم؟

ـ إذا كان الممثل الذي يقف أمامي يفتقد إلى المبادرة، وعدم القدرة على فهم المناخ العام للعمل، بالطبع أمارس سلطة من موقع المسؤولية التي اتحملها وأريد من الآخرين أن يتحملوها معي. وأمارس سلطتي كمدرس في المعهد على التلميذ الانتهازي والكسول. فالترشيد هنا ضروري، لحث التلميذ على التعاطي الجدي مع ما هو مطلوب منه.

·     بين سبعينات وتسعينات القرن الماضي، تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا، كوكبة كبيرة من الممثلين الموهوبين والمحترفين، وبالمقارنة مع ما بعد تلك الفترة الزمنية نلمح تراجعاً حقيقياً في مستوى المتخرجين من ممثلين وفنيين، ومبدعين لماذا برأيك؟

ـ مرحلة ما بعد التسعينات شهدت سقوط الاتحاد السوفيتي، مما أدى إلى تغير شكل العالم، وبسقوط هذا الاتحاد الممتلك لرؤى وأدبيات وأخلاقيات معينة، سقط معه التوازن القائم مع الغرب في طرح الأشكال الفنية والثقافية. ولست أقصد هنا أي معنى إنساني في اصطلاحي كلمة التوازن بل أقصد الشأن الثقافي الإنساني فقط. وهذا يفسر التراجع الثقافي المتنوع أمام الاتجاه الواحد، الذي يسميه البعض «العولمة».

·         كيف تقيم الدراما التلفزيونية السورية التي نافست الدراما المصرية؟

ـ التنافس في الفن حق مشروع، وهذا يدفعك إن كنت مصرياً أو سوريا، لأن تقدم الأفضل. والدراما السورية حققت أعمالاً ممتازة، واستطاعت ان تصمم اللهجة السورية على كل الأقطار العربية، فأصبحت مفهومة، وهذا أمر مهم للغاية تحقق بفضل تراكم نوعي وكمي للأعمال التلفزيونية.

«مملكة السماء»

·         ما الذي تعرفت عليه في أسلوب العمل خلال قيامك بدور القائد صلاح الدين الأيوبي من السينما الغربية العالمية؟

ـ أول ما تعلمته هو ان الإنسان هو مالك الأشياء كلها، وهو القيمة الحقيقية والفعلية للعمل. وثاني مسألة تأكدت منها أنهم يتعاطون مع فن السينما كقطاع إنتاجي وعلى انه قطاع خطر للغاية، لما يحمل من تأثيرات على المجتمع والإنسان والثقافة، وشؤون الحياة الاخرى. وهم يصرفون الميزانيات الكبرى على العمل من دون حساب، لأن الهم أولاً هو هم فني قبل كل شيء.

·         ما هو الجديد الذي رأيته ولم تراه من قبل؟

ـ معظم ما رأيت، رأيته لأول مرة، وكان جديداً علي بالكامل، ولكن هذا الجديد كله لم أكن أنا في خدمته، بقدر ما كان هو موضوعاً لخدمتي كفنان وممثل.

·         هل واجهت صعوبات؟

ـ كما قلت لك، عندما تكون كل الوسائل والتقنيات في خدمتك كممثل لن تجد صعوبة تذكر. وهذا ما حصل معي.

·         كيف تنظر إلى إدارة، ريدلي سكوت للعمل؟

ـ هو مخرج مهم ودقيق، ويعرف ماذا يريد من هذه اللقطة أو تلك تماماً، فالرؤية العامة موجودة كلها في رأسه. وهو يستمع إلى ممثليه جيداً ويناقشهم بموضوعية ويتوصل على الدوام إلى رؤية مشتركة مع الممثل حول كل مشهد.

·         ماذا اقترحت عليه وقبله منك؟

ـ في مشهد من الفيلم يكون الصليب مرمياً على الأرض حين يدخل الجيش الإسلامي مدينة القدس، فاقترحت على المخرج ان لا يكون الصليب على الأرض، بل ان يرفع إلى الطاولة، كون صلاح الدين يحترم الديانات الأخرى. وكون الجيش العربي الإسلامي كان يضم بين صفوفه من المسيحيين العرب الكثير.

·         تقول في الفيلم جملة شهيرة، كإجابة على سؤال ماذا تعني لك القدس؟ «لا شيء وكل شيء، ما المقصود بهذه الجملة»؟

ـ ان كانت القدس فقط قطعة أرض جغرافية فهي لا شيء، أما القدس التي تعني أبناء الدين المسيحي والدين الإسلامي فهي كل شيء بالضرورة، وأخشى أننا نحن العرب وأقصد أكثر الحكومات العربية، ان القدس لا تعني لهم شيئا، لأنهم يرون فيها الجغرافيا فقط ليس أكثر.

·         بعض النقاد في الغرب قالوا عن الفيلم انه سيعمق الشرخ بين الشرق والغرب كيف ترى إلى ذلك؟

ـ أنصح هؤلاء بقراءة الفيلم جيداً. فهو لا يشكل دعوة للعنف أو للحرب أو القتال. بقدر ما هو رسالة، لنكف عن كل هذا أو نعيش معاً في عالم يسوده السلام والعدالة، والقبول بالآخر مهما اختلفت قناعاته عن قناعاتنا.

·         هل دورك في هذا الفيلم سيؤثر على اختياراتك المستقبلية؟

ـ أهمية ان يعرف الفنان ماذا يريد ضرورية. وتجربتي في السينما الغربية هي جزء من تجربتي العامة في سوريا وخارجها، من الصحيح ان كل تجربة لها خصوصيتها، ولكنها تبقى في إطار مسيرتك العامة.

·         بعد ان راكمت بتجارب كثيرة، هل تستطيع ان تقدم جديداً، أو أنك استهلكت كل قدراتك؟

ـ عندما يكتفي الفنان أو المثقف بما وصل إليه من معرفة وهي بسيطة لأن العمر لا يسمح، يكون قد وصل إلى حافة القبر، أي أنه مات معنوياً بالفعل قبل الموت الجسدي.

فكلما تعلمت عرفت كم أنا جاهل. ونحن نحاول أن نعرف، ولكن ما نحصل عليه هو القليل من بحر لا ينضب. فالثقافة والعلم دائماً يتجددان. والجاهل هو الوحيد الذي لا يرى إلا ما يطفو على السطح وهو مرتاح إلى عدم القلق، على عكس الذي يحاول ان يعرف، فهو على قلق دائم.

البيان الإماراتية في

06.06.2005

 
 

نقاش صراع الحضارات لتعزيز الحوار 

في فيلم «مملكة السماء» شذ المخرج ريدلي سكوت عن القاعدة الهوليوودية التقليدية في تناول قضايا الثقافات الأخرى بموضوعية وشفافية وابتعد عن الانحياز المسبق، فقد عبر بوضوح تام في رسالة بعث بها إلى ندوة أقيمت في القاهرة قبل أيام، شارك فيها الممثلان غسان مسعود، الذي أدى دور صلاح الدين وخالد النبوي .

إضافة إلى نشوى الرويني مستشارة المخرج ريدلي سكوت صاحبة الاقتراح الاستعانة بفنانين عرب لإضفاء الصدقية على الأحداث.في رسالته، تساءل سكوت: لماذا كل هذه الحروب؟ وما ذنب الأطفال والمسنين حتى يناموا ويستيقظوا على صوت المدافع؟ لقد حان الوقت لنعيش بسلام وننعم بحياة هانئة، وهذا هدف فيلم «مملكة السماء» الذي اعتبره دعوة للسلام.

وأضاف: «لقد مضى على الحروب الصليبية 900 عام ورغم ذلك لم نجد حلا لمشكلة القدس، وسوف نكون مخطئين إذا قلنا إن الغرب كله مثالي، أو أن الشرق على هذا النحو، فالعالم كله يحتاج لفهم جديد لبعضه بعضاً، والفيلم يحمل رسالة الفيلم لدعاة الحرب حتى يكفوا عن الترويج لأفكار مغلوطة.

البعض هاجمني وآخرون أثنوا علي، وأنا أستمع للجميع في كل شيء وأصغي أكثر لصوت الضمير والعقل. لقد تحريت في كل شيء وراجعت الأحداث التاريخية عشرات المرات وسعدت بالعمل مع كل من شاركوا في الفيلم مثلما استمتعوا بالعمل معي...».

أغلب الظن أن ريدلي سكوت الذي أضفت عليه المملكة البريطانية يوم تكريمه لقب «سير» جراء أعماله السينمائية «الجريئة والصادقة، الموضوعية والإنسانية» تحسس جيدا كمية النقد التي أصابت فيلمه، غربا وشرقا حين بدأ عرضه في الصالات، وهو الذي كان مدركا منذ بدأ تصوير شريطه، أنه لن ينجو من مثل هذه الهجومات الحادة والمتحيزة، أكان من هذا الفريق أو ذاك.

خصوصا أن «مملكة السماء» استعاد أحداثاً مضى عليها تسعة قرون، لكنها تتأجج في الظروف الراهنة، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي شكلت انفجار البركان الأميركي الذي وضع العالم، بلا استثناء، أمام عنف وإرهاب متبادل، تتبدى آثاره واضحة على كامل الساحة العربية والإسلامية، من أفغانستان إلى العراق.

وهي حروب ما كانت لتنشب لولا الصراع العربي-الإسرائيلي في فلسطين التي شهدت أفظع الحروب الصليبية وتشهد حاليا أفظع المجازر الصهيونية ضد العرب، مسلمين ومسيحيين، بدعم غربي واضح، سياسي واقتصادي وعسكري غير محدود.

وهكذا عندما التقى كاتب السيناريو وليام موناهان، أفصح له عن أفكاره وأهدافه والرسالة التي يسعى إلى تصويرها. وتأسيسا على ذلك، وجد الطرفان ما يتطلعان إليه في سيناريو «طرابلس» TRIPOLI الذي سبق ان اشتغل عليه موناهان بالتعاون مع سكوت لتحويله إلى ملحمة سينمائية تدور أحداثها على شواطئ أفريقيا الشمالية في العام 1803 أيام حكم الرئيس الأميركي توماس جيفرسون.

غير أن بعض العوائق وفي مقدمها اختيار الأسماء وتوزيع الأدوار، أجل التنفيذ حتى تم التوافق بين المخرج وكاتب السيناريو على تصوير «مملكة السماء» تبعا لهذا السيناريو مع تغيير شامل في الأحداث والمواقع والتواريخ، وحيث كشف ريدلي سكوت عن عشقه الكبير لمفهوم وقيم الفروسية التي سيطرت على خياله، وحيث رفض الانحياز بفيلمه إلى أي حكومات أو جماعات بالكشف عن أفكاره الخاصة، وهو أمر يندر وجوده في هوليوود.

وكما سكوت كذلك موناهان الذي استعان بالقرآن الكريم مسجلا على جهاز كمبيوتر خاص به، لطالما عاد إليه طوال فترة التحضير التي بدأت في نوفمبر 2001، وما زال يحتفظ به للرد على أي استفسار من أي جهة أتت.

فتمكنا المخرج وكاتب السيناريو من ترميم الحقيقة بما عرف عن الأول من اهتمام بتقديم الحقيقة المرتكزة إلى حكاية الفارس باليان حيث كان لا بد من تخايل شخصية محورية، على نسق الأفلام الملحمية الكبرى، تؤدي الهدف الذي سعى إليه المخرج. وكذلك فعل كاتب السيناريو الذي بنى روايته على شخصيات وأحداث تاريخية شغلت التاريخ خلال هذه الحقبة.

وفي الجمع بين تقنية سكوت وحرفيته العالية في إدارة المعارك وإعطائها صورة حقيقية يتفاعل معها المشاهد، وبين مخيلة موناهان الواسعة والشفافة، إنما المرتكزة إلى وقائع لا شك فيها، إضافة إلى فريق من كبار الممثلين ومنهم أورلاندو بلوم (باليان)، إيفا غرين (سيبيلا، ليام نيلسون (غودفروا)، جيريمي إيرونز (تيبرياس) وغسان مسعود (صلاح الدين) فضلا عن عشرات التقنيين، تمكن الطرفان من توقيع فيلم «فروسي»، إنما لا يسقط عند توازنه في قراءة لتاريخ عصيب أسس لحالة راهنة صعبة وقاسية.

البيان الإماراتية في

06.06.2005

 
 

صلاح الدين ومملكة السماء:

انقلاب فى صورتنا لدى الآخر

د. خالص جلبى

فى زيارتى الجديدة لمونتريال فى كندا فى مايو -أيار- 2005، كنت حريصا على رؤية فيلم صلاح الدين الجديد فى أسبوعه الأول الذى أخرجه رايدلى سكوت Regisseur Ridley Scott. وأتذكر من طفولتى رؤيتى لفيلم صلاح الدين الأيوبي، حين تبارينا أنا وجارى المسيحى -لبيب-، حول مقارنة البطلين.

فقد تحمس زميلى المسيحى للصليبيين، وأنا تحيزت بالطبع لصلاح الدين. ومما حفر فى ذاكرة الطفولة عندى من تلك الأيام فى القامشلي، تنافس صلاح الدين مع ريتشارد قلب الأسد، فالثانى ضرب بسيفه عمودا من الحديد ففلقه إلى نصفين، أما صلاح الدين فقد طوح فى الهواء بوشاح من حرير ثم ضربه بالسيف بنعومة فقصه قطعتين، فتعجب ريتشارد من ذلك؟.

وكان صديقى المسيحى يسعى جهده فى البرهنة على أن جبروت ريتشارد يفوق خفة صلاح الدين. وفى الواقع، فإن نقلة أربعين سنة تفصل بين الفيلمين. وكنت فى زيارتى لكندا حريصا على معرفة ما الذى تغير فى النظرة الغربية تجاه الثقافة الإسلامية والعرب، وقد ظهر هذا واضحاًً فى المقابلة التى أجرتها مجلة "المرآة" الألمانية فى عددها 81- 2005 ص 172، مع الممثلة إيفا جرين Eva Green، التى أخذت دور ملكة القدس سيبيللا Sybilla، مع زوجها جاى فون لوسينيان Guy von Lusig
nan، فقد سئلت عن تذمر بعض المسلمين النشطاء أن الفيلم يحمل صورة سلبية عن الثقافة الإسلامية؟ مع أن الفيلم الذى كلف 125 مليون دولار، عرض على لجنة خاصة فى مكافحة العنصرية، وأستاذ فى الإسلاميات من جامعة كاليفورنيا، وهذا تقدم نوعى فى عرض الأفلام، وهو من نتائج العولمة، والاتصال الإلكتروني، فلم يعد يعرض العربى على أنه ذلك السفاح المتعطش للدم المجهول المتخلف، وكان جوابها: لعلهم لم يشاهدوا الفيلم، ولو رأوه لغيروا رأيهم، فهو يحمل كل الاحترام للثقافة الإسلامية، وصورة كريمة جداً للإنسان العربي، فضلاً عن هذا أن الفيلم يظهر بوضوح أن كل دين فيه طائفة من المتشددين، الذين يمثلون أنفسهم أكثر من الدين الذى ينتسبون إليه.

وفى القرآن يتأكد هذا القانون، أن البشر "ليسوا سواء"، وأن الدليل على صحة الكتاب "أو لم يكفهم آية أن يعلمه علماء بنى إسرائيل"، وأن قوم موسى ليسوا صنفاً واحداً "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون". وهذا القانون من عدم التعميم الشخصى والتاريخي، قارب نجاة، فالأمم يتفاوت فيها الناس، وفى التاريخ تتغير الأمم، وأمراض أهل الكتاب لا تخص المسيحيين أو البوذيين لوحدهم، بل ينطبق على الجميع قانون "بل أنتم بشر ممن خلق" وقانون "قل فلِم يعذبكم بذنوبكم؟"

وحين سئلت الممثلة إيفا جرين، أن الفيلم حافل بمناظر الحرب والقتل والدم؟، قالت "نعم، هذا حق"، لكن العنف الذى ظهر فى الفيلم لم يقصد العنف لذاته، بل لإظهار أن العنف لا يخدم قضية، وأن الناس لم يستفيدوا من درس التاريخ شيئاً، ثم سخرت من رجال هوليوود المغرمين بمناظر العرى والجنس، أنهم فى فيلمهم الجديد لم يخرجوا فيلما مكررا للنسخ التى عندهم، بل كانوا أذكى هذه المرة، فحملوا الفيلم رسالة سياسية، وهذا أمر مهم.

وعن دور المرأة، ظهرت سيبيللا، بلباس المرأة العربية الفارسة وتتكلم اللهجة العربية. وفى القدس ظهرت المساجد بجانب الكنائس، وظهر اختلاط العرب بالصليبيين، وتأثر كل طرف بالآخر. ومما روى العقاد أن أكبر خطر كان من الحرب الصليبية ليس هجومهم ودحرهم بعد ذلك، بل النوم على الأمجاد، حتى استيقظ الشرق على صفعة نابليون تحت سفح الأهرام ومعركة أبو قير. وأنا شخصيا كنت أفتش فى زوايا الفيلم حتى أرى الجديد، لأنه يعطينى فكرة عن التطور التاريخى فى علاقة الغربيين بالعرب، وهو الأمر الذى حكاه المخرج رايدلى سكوت: أن الحملات الصليبية التى خرجت بدعوى تحرير القدس من أيدى الكفار، كانت كذبا وبهتانا، وأن هذه الحملة ما زال صداها يرن عبر التاريخ، حتى تخرج كلمات ينطقها بوش فى حربه على الإرهاب. وفى الواقع فليس هناك من حرب أطول ولا أحفل بالضحايا والدماء مثل الحروب الصليبية، التى انفجرت بين أوروبا والشرق الأوسط، ونكب بها الطرفان، بل وحتى القسطنطينية والأطفال. ففى إحدى الحملات سخروا الأطفال، فمات وخطف واستعبد معظمهم قبل أن يصلوا الأرض المقدسة، بعد أن غادروا دفء أحضان أمهاتهم. وفى عام 1204، كانت الحملة الرابعة مصيبة على رأس أهل قسطنطينية، فقد نهبوها وفعلوا بها ما لم يفعل الأتراك، ودنسوا مقدساتها، وسلبوا الحرز والأيقونات والآثار التاريخية.

وفى الفيلم يظهر صلاح الدين الأيوبي، وهو ممثل سوري، ضرب ضربته العالمية هذه المرة وكان ناجحا ومعبرا فى دوره الرحيم، فهو يقابل ملك القدس المريض ليرسل له أطباءه الخاصين، وهى تمثل النقلة الحضارية بين برابرة أوروبا. وفى الحقيقة كما كتب جب، فى كتاب خصصه عن صلاح الدين، ان سر الرجل كان فى أخلاقياته العالية، وهو أدرك أن خلف الإخفاق السياسى انهيارا أخلاقيا، فعمد إلى ترميمه ونجح مؤقتا. والرجل لم يكن صاحب دعوة، بل رجل دولة، وهو أمر استنكره البعض، على حين قلت إن شخصية صلاح الدين وغيره تخضع للنقد التاريخي. والقاضى ابن شداد، وهو خير من أرخ للسيرة الذاتية لصلاح الدين، يذكر مناقبه وتحمله الشيء الكثير. وهو كتاب جميل ينصح بالاطلاع عليه، فى مناسبة فيلم "مملكة السماء"، حتى نكشف عن بعض كنوزنا التاريخية. ويقول ابن شداد إنه كان يوما مصابا بخرّاج حول الشرج ـ ونحن الأطباء نعرف ألم وخطر هذا المرض ـ بقى راكبا حصانه يقود الحملة، وحين جاءه الموت وهو صغير السن حوالى الخمسين باليرقان، كان يطلب قدح الماء البارد، فيعطى غير ذلك، فلا يشتم ولا يضرب ولا يأمر بالأذي، بل يقول بكل أريحية وضبط نفس وهو يصارع أمواج الموت "يا سبحان الله، ألا يوجد من يعطينى قدحا من الماء البارد؟". ويقول عنه ابن شداد، إن ملوك ذلك الزمان لو حصل معهم ما حصل معه، لفعلوا الأعاجيب من قسوتهم واستبدادهم وبطشهم. ومع ان صلاح الدين كان نزيها نظيفا لم يترك خلفه أكثر من 17 درهما، لكنه قسم مملكته بين 17 ولدا، مما قاد إلى كارثة سياسية بعد رحيله. ومن الغريب والخفى عن الأذهان، معاصرة صلاح الدين للخليفة العباسي، الذى تحول من حقيقة إلى شكل، قبل أن تدمر بغداد، وتجرف بالحصادة المغولية عام 1258، ومعركة حطين التى نرفع رأسنا بها حتى اليوم، كانت عام 1187، واسترداد القدس عام 1188.

ومن المهم أن نربط الأحداث ببعض، فالحملة الصليبية كما يقول الصادق النيهوم، فى كتابه "محنة ثقافة مزورة"، إنها لم تبدأ عام 1099، فى القدس بالاستباحة، وقتل أهلها، فسالت الشوارع مجارى للدماء، بل بدأت فى الغرب بسقوط توليدو عاصمة شبه الجزيرة الأيبرية عام 1085، ولم تنفع حملة بن تاشفين فى استردادها، وتابع مسلسل السقوط، وحروب الاسترداد طريقه حتى سقوط بالنثيا عام 1236، وقرطبة عام 1238، وإشبيلية على المحيط عام 1248، ومع سقوط بغداد اكتمل سقوط جناحى العالم الإسلامي، ومع سقوط القدس وقيام دولة إسرائيل الصليبية الثامنة، سقط القلب بعد الجناحين. "وتلك الأيام نداولها بين الناس"، "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين".

وأنا، من يكتب عن صلاح الدين، لجأت إلى بيت ريتشارد قلب الأسد فى كندا، حيث آمن على نفسى وذريتي، بعد أن لم يبق أمان لطير فى أرض صلاح الدين!

ومن وقفات الفيلم المؤثرة، حين استرد صلاح الدين القدس، فيسأل بايلان البطل المدافع عن القدس قبل أن يصل ملك انجلترا، عن مصير المدينة، فيعطيه الأمان لكل من فيها، واجداد بايلان لم يبقوا على أحد من المسلمين! ومنه نعرف أن كل ملوك أوروبا اجتمعوا علينا من الغرب، يضاف إليهم المغول من الشرق، فأصبحنا بين فكى كماشة، لكن المحصلة لم يكن يراها أهل ذلك الزمان سوى كارثة وريح عقيم، "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم"، لكن الذى نتج عن هذا الضغط التاريخي، أن المغول تحولوا إلى الإسلام، والصليبيين ردوا على أعقابهم مخذولين بعد هجوم طال 171 عاماً. وانطلق مد معاكس من الأتراك هز الأوروبيين مدة خمسة قرون، وفيها حاصر العثمانيون النمسا ثلاث مرات، كان آخرها حصار عام 1683، حين كان اسحاق نيوتن يكتب حول تحليل الضوء وقانون الجاذبية، وكانت أوروبا بذلك قد تحولت تحولا جديدا، ونشأت نشأة مختلفة، وولدت خلقا آخر، وحتى جاء غورو فضرب قبر صلاح الدين، حين دخل دمشق عام 1925، فقال لقد عدنا، ولم يعد طاغية يقاتل طاغية، كما كان حال العصور الوسطي، بل إدارة جماعية تواجه طاغية من نوع صدام. فلا غرابة من سقوط صدام السريع فى ثلاثة أسابيع حسوما، فترى القوم صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، فهل ترى لهم من باقية؟

والسؤال: هل ينصح برؤية فيلم من هذا النوع؟، ورأيى أنا أنه يجب رؤية أى فيلم يعرض ثقافتنا على اية حال، وحين رأيت العام الفائت فيلم "آلام المسيح"، تذكرت الفروع الأمنية فى العالم العربى بالجلد والسلخ، وكتبت مقالة أنصح فيها القرّاء أن لا يروه. وفى الثمانينات، حينما كنت فى ألمانيا، أضفت إلى المجموعة من الأفلام السينمائية فى مكتبتى فيلما للمسيح بطول ست ساعات، وهو من أجمل ما أخرج وأنتج فى إظهار صورة "المعلم"، الذى يعظ الجموع بأطيب الكلام والأمثلة. والفرق كبير بين الكنيسة والإنجيل، وبين المسيح والبابا. و"تلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون".

موقع "العرب أنلاين" في

07.06.2005

 
 

«مملكة السماء»

لم ينصف العرب المسلمين

بقلم: د. سهام الفريح

قرأ الكثير منا ما كتبته الصحف في ابوابها الفنية عن الفيلم الاميركي Kingdom of heaven وكما ترجم الى العربية «مملكة السماء» أو «مملكة الجنة»، وقد انقسمت الكتابات حوله بين رافض لما جاء فيه من تسجيل للأحداث والشخصيات، وخاصة ما كان متصلا بالجانب العربي الاسلامي، وبشخصية صلاح الدين الايوبي تحديدا، وبين كتابات لم تكتف بالرضا عما جاء فيه، بل كانت ممتنة وشاكرة لاعتباره الفيلم الاميركي الاول الذي انصف العرب المسلمين، حين اعتبر هذا الحملات الصليبية توسعية واستعمارية، وليست دينية، كما تدعي الجهات الدينية (المسيحية، واليهودية، وحتى الاسلامية)، وليس هذا فحسب، بل ان هذا الفيلم حول الصراع الدائر الى العمق الحضاري.

ولكي نخرج برأي صائب وشديد حول ما اثير.. علينا مشاهدة هذا الفيلم، ليأتي حكمنا بعدها بعيدا عن التعصب والهوى. وقد تهيأت لي فرصة مشاهدة هذا الفيلم عندما اقتنصت تلك السويعات من زحمة الحياة، وقبل ابداء الرأي علي التصريح بأنني افتقد المعرفة الدقيقة في الجوانب الفنية والتقنية، وان كان لا مناص من الاعتراف بتفوق هذا الفن وتقدمه في الولايات المتحدة الاميركية على غيرها من البلدان، لذا سينصب حديثي على الفكرة والمضمون، ورسم الشخصيات والاحداث التي عبرت عن فكرة الفيلم ومضمونه.

لما كان محور الفيلم في احداثه هو الحروب الصليبية، فكان المتوقع ان تكون شخصية صلاح الدين هي احدى الشخصيات المحورية مقابل شخصية البطل الفرنجي الذي قام به الممثل اورلاندو بلوم. لكن المشاهد اظهرت عكس ذلك، فقد عنيت المشاهد والاحداث بشخصية هذا البطل منذ مطلع الفيلم حتى نهايته، وهو نموذج للبطولة والتفاني في سبيل القضية التي آمن بها متسما بالحكمة والرزانة على صغر سنه. وفي المقابل ظهر صلاح الدين ذلك القائد الفذ في مواقف عديدة من الفيلم مهزوزا مضطربا غارقا في التفكير حتى في احلك الظروف التي تحتاج الى عزيمة وارادة وهي ساعات المعارك، وهو امر مغاير للحقيقة، وما سجلته كتب التاريخ عن شخصية هذا القائد، والتي اجمعت على وصفه بالحكمة والحنكة السياسية، بجانب صفات البطولة والفروسية. ولم تختلف هذه المصادر الا في أمر واحد وهو أصله ونسبه، فقد ذهبت بعض هذه المصادر الى القول إنه من اصل عربي يصل الى بني امية، وذهب اكثرها الى القول إنه من اصل كردي.

ولكي لا نترك للتعصب العرقي سبيلا، نقول: لا ضير ان يكون كرديا نشأ في بلاد العرب، وفي ظل عقيدة الاسلام السمحاء، فنضج واكتملت شخصيته، حتى تكشفت عن معالم نبوغه منذ الصغر، مما دعا الامير نور الدين الى ايثاره وتقريبه فاشترك في اول معركة له، وكانت ضد الفرنجة في عام 562هـ وكان في العشرين من عمره، وبعدها نصبه عمه آمرا على حامية عسكرية في الاسكندرية، وبعد وفاة عمه نور الدين استطاع ان يبسط نفوذه على مصر حتى امتد بعدها هذا النفوذ الى بلاد الشام.

ولكي لا نستطرد في الحديث عن هذه الشخصية الى ابعد ما نهدف اليه، وهو الكشف عن الجوانب الضعيفة لهذا الفيلم حول شخصية صلاح الدين دون ان يغرب عن بالنا امر، وهو أن السينما الاميركية ليست معنية بالحفاظ على الصورة المشرقة للشخصية العربية الاسلامية، والتي منها احد رموزها التاريخية كشخصية صلاح الدين الايوبي، وانما الغاية هي للرد على من ذهب من العرب، والذين منهم الممثل السوري غسان مسعود الذي قام بدور صلاح الدين، والممثل المصري خالد النبوي، والاعلامية نشوى الرويني، الذين اجمعوا على القول «انها المرة الاولى التي تقدم السينما الاميركية نظرة ايجابية عن العرب المسلمين». وقالوا ايضا «ان الفيلم ايجابي ويعيد المجال امام حوار الحضارات على اساس انساني».

فيمكننا القول بعد ان شاهدنا الفيلم: اين هو الاساس الانساني الذي صوره هذا الفيلم؟ وهو يظهر صلاح الدين بعد انتصاره في احدى المعارك التي صورها الفيلم، وبعد ان وقع الملك الفرنجي وقائده أسيرين لدى صلاح الدين عندما قدم متباهيا كأسا من الماء المثلج مخاطبه بشكل فج: هكذا نتعامل من اسرانا. وعندما حاول الملك ان يؤثر قائده على نفسه بكأس الماء المثلج استشاط صلاح الدين غضبا، وقذف الكأس من يد القائد، وهجم عليه بوحشية خاطفة، فاصلا بسيفه رأسه عن جسده.

كان المنظر في غاية البشاعة، يجعلنا نتساءل: أهذه هي شخصية صلاح الدين ذات النبل والفروسية؟ وان كنا لا نأخذ بالرأي القائل: إننا نمجد الماضي، ونعيش على هذه الامجاد، فالتاريخ لم يمجد الا من استحق التمجيد من الشخصيات والمواقف، وهذه الشخصية (صلاح الدين) لم تنحرف عن تعاليم الاسلام الحنيف في الحروب، وفي معاملة الاسرى، والتي اقتبست منها اتفاقية جنيف في الحروب، وهي معاملة الاسرى بعد مضي خمسة عشر قرنا من الزمان. فلننظر الى وصية ابي بكر الصديق في وصيته الى قائد جيشه اسامة بن زيد وهي خير دليل على ما هي هذه التعاليم في هذا الشأن «لا تخونوا، ولا تعتدوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة، او بقرة، ولا بعيرا الا لمأكله..».

ونعود ثانية الى فيلم «مملكة السماء» الذي خرجنا منه ونحن متفقون مع الرأي الذي ذهب الى رفضه بعد ان سلب من هذه الشخصية العربية الاسلامية ما لديها من صفات الفروسية والمروءة، ومنحها كاملة الى البطل الفرنسي منذ ان بدأ حياته حدادا في احدى القرى الفرنسية، وبعد موت زوجته منتحرة بسبب وفاة طفلهما جعل القس يرفض القيام بتقاليد الدفن المسيحية الأمر الذي ادى بهذا البطل الى قتل هذا القس، ثم التحق بالجيوش المتجهة من ايطاليا الى اورشليم (القدس) بعد ان اعترف ابوه ببنوته لزمن بقي فيه ابا غير شرعي، فحفزه هذا الأب على المشاركة في الحملات المتجهة الى الشرق، ورفض الزواج من زوجة الملك حتى بعد خيانته معها، حتى ينتهي به منتصرا وهو يسير على جثث القتلى من جيشه رافعا يديه محييا جنوده، وهم يهتفون له بهتافات النصر، وفي المقابل يظهر صلاح مدبرا وهو عائد الى جنوده مطأطأ الرأس دلالة الانكسار والخذلان.

فأين هو الانصاف للعرب في هذا الفيلم عدا تلك المشاهد القليلة التي يظهر فيها قائدهم اما مهزوزا شارد الذهن، واما منهزما بعد ان خسر المعركة وهي نهاية الفيلم، فليس وجود ممثلين عرب يجعلنا نبتهج، ونهلل لهذا العمل، فهو كغيره من الافلام في موقفها ونظرتها لتاريخ هذه الامة.

القبس الكويتية في

07.06.2005

 
 

«مملكة الجنة» لـ «ريدلي سكوت» (1 ـ 2)

أسئلة التطرف الجديدة.. أم محاولة لاكتشاف الهويات؟

كتب- حسين عبدعلي خليل:

في خضم هذه الجلبة من الأقوال التي سبقت وصاحبت فيلم »مملكة الجنة« على أنه يقدم المسلمين بشكل متحضر في مقابل وصفه للصليبين بالهمجية، خلال المعارك التي دارت بينهما من أجل السيطرة على القدس.. وفي خضم الهالة الإعلامية الغربية التي ما كفت لحظة منذ أحداث ١١ سبتمبر عن تشويه صورة المسلم العربي.. وفي الوقت الذي ما زالت فيه معظم الأفلام الأمريكية تمارس غوايتها عبر تمجيد صورة الأمريكي في عين العالم.. هل تأتي محاولة ريدلي سكوت في فيلمه الأخير »مملكة الجنة« بالظهور بشكل متزن إلى حد كبير في رؤيته للعرب المسلمين، لقمة سائغة سهلة البلع؟

المخرج البريطاني »ريدلي سكوت« الذي ترك بصمة واضحة الملامح في إخراج أفلام المغامرات المثيرة مثل »المصارع The Gladiator« و»سعداء الحافة Blade Runner«، يضيف لمملكته السينمائية فيلم »مملكة الجنة Kingdom of Heaven« الذي يثير قلقا في الولايات المتحدة. حيث يخشى البعض أن يؤدي إلى إعادة الروح لنعرة التوتر بين المسيحيين والمسلمين.

الفيلم هو من تأليف وليم موناهان، ومن بطولة كل من اورلاند بلوم وجيميري إيرونز بالإضافة إلى الجانب النسائي المتمثل في ايفا جرين. ويشهد مشاركة عربية من النوع الثقيل من خلال اسناد دور صلاح الدين الأيوبي للمثل السوري غسان مسعود، ومستشاره للممثل المصري خالد النبوي.

وفي الوقت الذي حاولت فيه الابتعاد كل البعد عن سرد أحداث الفيلم، من منطلق أن الفيلم السينمائي مخلوقٌ يُرى بالعين، لا يكتفي مطلقا برواية أحداثه أو قراءتها، تجترني الجلبة التي أثارتها أحداث الفيلم في الشارع السينمائي والسياسي للتطرق لها.

فـ )اورلاند بلوم بيليان( هذا الحداد الذي يعيش في إحدى قرى فرنسا، يواجه وصية والده الفارس النبيل العائد من فلسطين محاربا،لكي يلقى حتفه في أوربا، والتي تدفعه للإنضمام للجيوش الصليبية في أورشليم.. في الوقت الذي فقد فيه طفله وانتحرت زوجته الجميلة حزنا على طفلها. وباقدامها على الانتحار تشهر كفرها على حد وجهة نظر الراهب الذي يقوم بقطع رأسها بقسوة. فتثور حمية الزوج ليلقي بالراهب إلى النيران انتقاما لزوجته. وهنا يجد بيليان من وصية والده مفرا لتجسيد رغبته في التطهير والتكفير عن خطيئته وخطيئة الزوجة. فيبدأ بتدريبات مكثفة على فنون السيف والنزال.

من هنا ومن بوابة التطهير بالمفهوم المسيحي أو التكفير.. يعود بنا الفيلم نحو عشرة قرون، وتحديدا بعد مائة عام من بدء الغزوات الصليبية للمشرق العربي, إلى عالم تتصارع فيه القوى الأوربية المسيحية تحت لواء الكنيسة وحماية الأراضي المقدسة في فلسطين، مع جيوش المسلمين من سكان البلاد بقيادة صلاح الدين الأيوبي )غسان مسعود.(

وفي هذا المعترك تسيل الدماء على حد السيوف وعلى نصل الحراب، أجساد تقطعها حوافر الخيول، وآلات القتال البدائية تتقارع وتتصادم في المعارك الضخمة المصنوعة ببراعة ليست غريبة على سينما ريدل سكوت، ولا على تقنية هوليود المتطورة.

والمنتصر.. ليس من سيناريو »مملكة الجنة« ولا من اهتمامات »سكوت«، إذا ينجلي اهتمامه في اللجوء إلى التاريخ ليس رغبة في الهروب من الحاضر، بل للوقوف على دروسه متعلما، وعلى الأحداث القديمة والمعاصرة مفسرا. فالفيلم يقدم معالجة للمشكلة أو القضية الأم التي تغرق فيها الكرة الأرضية في الوقت الحالي، وهي مشكلة التطرف الديني. فالعودة إلى ما قبل ألف عام إلى الوراء، جاء لإلقاء الظلال وبقوة على ما يحدث اليوم، من خلال تسليط بقعة الضوء على حرب دينية استمرت قرابة الـ ٠٠٢ عاما، بوصفها حربا حاضرة في الأذهان تستحق أن ترى بعين مختلفة.

»ما كان مقدسا لليهود أصبح مقدسا للمسيحين ثم للمسلمين« هكذا يعلنها »بيليان« أمام جثث آلاف الضحايا أن لا رغبة لديه في القتال دفاعا عن الأماكن المقدسة. وهو الذي يمتاز بالإخلاص الشديد للرسالة التي كلف بها في نصرة الملك والقتال مع جيشه ظالما كان أو مظلوما، يعلن أيضا التبرؤ من عملية الغزو التي قامت بها الجيوش الصليبية التي اجتاحت فلسطين قبل مائة عام، في حين يلمح بالرغبة في الدفاع عن القدس خيفة من التنكيل بسكانها من المسيحيين الأوربيين من قبل المسلمين.

إلا أن صلاح الدين يشهر تسامحه المشهود والمعهود بمنح الأمان لكل النساء والأطفال والشيوخ بل والمقاتلين من جيوش الصليبين وضمان رحيلهم بسلام إلى بلادهم.

وقبل التتر واسماء الفريق، يترك الفيلم الصراع مفتوحا على مصراعيه. فملك انجلترا يجدد العزم على استعادة القدس، فيلجأ إلى بيليان العائد من هناك طالبا منه العون والنصح إلا أن الأخير يردد إنه مجرد حداد.

بدء من مشروعية السؤال وسط كومة الجدل حول الفيلم، لنضيف للجدل جدلا، وللحساسية حساسية أقوى، فنتساءل : لماذا الآن؟..! لماذا في هذا التوقيت الغريب لانتاج عمل سينمائي ضخم حول الصراع الصليبي الاسلامي؟! لماذا في هذا التوقيت الغريب الذي يفجر حالة من التحفز ويضع المتفرج على الجانبيين في حالة »مراقبة« وليس مجرد فرجة على فيلم؟! لماذا بعد ثلاثة أعوام ونيف على اعتداءات ١١ سبتمبر، وفيما لا يزال الجندي الأمريكي يتربع على العراق؟..! لماذا (الصليبيون x المسلمون( في الوقت الذي تكشف زلة لسان الرئيس الأمريكي بوش الإبن عن حال التطرف، والتي اعتذر فيما بعد عن وصفه لـ »الحرب ضد الإرهاب« بالحرب الصليبية الجديدة؟! لماذا؟ وبن لادن مازالت تلاحقه القوات الأمريكية في أفغانستان من وكر إلى آخر؟  وسكين الزرقاوي لم تجف دماؤها بعد؟ اسألة أرقتني وشاطرني اياها الكثيرون حين استندت بيدي على كرسي صالة العرض مغادرا، إثر انتهاء الفيلم..

وبحثا عن اسئلة أخرى، أشد أرقا وأكثر جدلا. ولن أقول البحث عن أجوبة.. وجدت أن عاصفة الجدل حول الفيلم الذي بلغت تكلفة انتاجه ٠٣١ مليون دولار، كانت جنينا شقيا  قبل البدأ بتصوير »مملكة الجنة«.. حين صرح مختصون في تاريخ القرون الوسطى بعد قراءتهم لسيناريو الفيلم إنه يتضمن أخطاء تاريخية فادحة.

ففي يناير ٤٠٠٢ كتبت شارلوت ادوارز مقالة مطولة في »الديلي تلجراف اللندنية« تحت عنوان »فيلم رايدلي سكوت الجديد عن الحروب الصليبية فيلم يروج لأسامة بن لادن« وجاء قمعها للفيلم إثر قراءتها لنسخة من السيناريو استطاعت بطريقة ما الحصول عليه. وربطت الكاتبة بصراحة بين الاحداث الدائرة الآن وعلاقات أمريكا بالعالم الإسلامي. وفي هذا الجانب قال جوناثان ريلي سميث الأستاذ في جامعة كامبريدج الذي يعتبر مرجعا في هذا الموضوع »أن الفيلم كان يتضمن الرواية الإسلامية الأصولية للتاريخ، عبر تقديم المسلمين على أنهم متحضرون في مواجهة صليبيين همجيين. وأنه محض خرافة وخطير بالنسبة للعلاقات مع العرب، فضلا عن أنه فارغ تماما.. باختصار، زبالة ومحروم كليا من الدقة التاريخية«.

أما في أغسطس ٤٠٠٢، وسريدلي سكوتز مازال منهمكا في عملية تصوير فيلمه المثير للجدل، كتب شارون واكسمان في صحيفة »نيويورك تايمز« أول مقال ينشر في الولايات المتحدة حول الفيلم.

من جهة أخرى جاءت بعض الآراء العربية والمسلمة مؤيدة لإخفاق »مملكة الجنة« في عملية الموازنة بين الطرفين. في الوقت الذي أصر فيه آلان هورن مدير شركة وارنر على أن الفيلم في رأيه متوازنا ويتضمن آراء سياسية مختلفة ولا يقسم المتصارعين إلى أبيض وأسود أو أخيار وأشرار.

إلا أن خالد أبوالفضل الأستاذ المسلم في جامعة يو سي إل إيه (UCLA) لا يتفق بتاتا مع ما قاله مدير وارنر، ووصف السيناريو بأنه مهين ويسئ إلى المسلمين، وبأنه إعادة لعرض الأنماط الهوليودية المعتادة للعرب والمسلمين في التاريخ الإسلامي، كإنسان غبي ومتخلف عقليا وحضاريا وغير قادر على التفكير. ويرى أن الفيلم يعلم الناس كراهية المسلمين. وأضاف »إنها رواية الحرب الصليبية كما يريدها الرئيس جورج بوش. وهذا الفيلم يصب في اتجاه المسيحيين الانجيليين المحافظين الذين يعتقدون إنه على المسلمين أن يكونوا شاكرين للحملات الصليبية، وبالتالي )لاحتلال( العراق وأفغانستان.

الأيام البحرينية في

14.06.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)