يعتبر مسعود أمر الله آل علي أحد أهم الفاعلين في الساحة الثقافية
الإماراتية، فقد بدأ حياته شاعرا ومن ثم مخرجاً مع فيلم «الرمرام» سنة 1994
ليترك مشروعه الشخصي ويكرس نفسه للتأسيس للحركة السينمائية الإماراتية.
بدأ آل علي كفاحه السينمائي قبل ثلاثين عاماً، شارك خلالها في العديد
من المبادرات الرائدة مثل مسابقة أفلام من الإمارات التي أسسها وأدارها
لمدّة ست سنوات متتالية، وهي تظاهرة أدمجت سنة 2009 في مهرجان أبو ظبي
السينمائي.
عمل مسعود، خريج جامعة الإمارات العربية المتحدة، في شرطة دبي سابقاً،
كما شغل منصب المدير الفني لـ “المجمع الثقافي” بأبوظبي.
يرتبط مسعود بعلاقة وثيقة مع مهرجان دبي السينمائي الدولي منذ دورته
الأولى، حيث تولى خلال سنوات المهرجان الأولى، مسؤولية برمجة القسم العربي،
بما في ذلك برنامج “ليال عربية”، وبرنامج “أصوات إماراتية” الذي يستقطب
اهتماماً واسعاً على امتداد منطقة الخليج بأكملها.
ويتولى مسعود أمر الله آل علي من موقعه حاليا كمدير فني لمهرجان دبي
السينمائي الدولي، مهمة توجيه عملية إعداد جميع برامج المهرجان، ويشرف على
الأفلام الروائية الطويلة والوثائقية والقصيرة، التي يتم اختيارها للمشاركة
في الأقسام العربية والدولية. كما يشرف على مسابقتي «المهر العربي» و«المهر
الآسيوي-الإفريقي».
حين طلبنا موعدا لمقابلته، نصحنا بالإتصال به مباشرة فمسعود أمر الله
آل علي لا يرتاح كثيرا للشكليات والرسميات، يتنقل دون أي تعقيد بين أقسام
المهرجان ويختلط بالصحافيين محافظا على إبتسامة ودودة، لذلك كان لقاؤنا
بصدفة بحثنا عنها طيلة ثلاثة أيام ليكون هذا الحوار الخاص بـ «التونسية»...
·
كيف يفهم انتقال موظف سابق بجهاز
الشرطة إلى واحد من الفاعلين في المشهد الثقافي بدبي؟
ـ لا ، أنا لم أكن شرطيا كما يوحي بذلك سؤالك، كنت باحثا بشرطة دبي
ولكني قبل ذلك أنا شاعر وعملت أفلامي القصيرة ، كانت مجرد وظيفة والدليل أن
عشقي للسينما هو الذي تغلب في النهاية كما ترى ...
·
هل استقر رأيك على السينما
باعتبارها تلبي تطلعاتك مبدعا؟
ـ أعتقد أنه يمكن في فترة لاحقة أن أهتم بشيء آخر
·
فنيا ما الذي يميز هذه الدورة من
مهرجان دبي السينمائي؟
ـ أعتقد ان هذه الدورة مهمة جدا في كافة البرامج المختلفة بدءا من
البرنامج العربي الذي يحتوي فعليا على نمط سينما مغاير ويجمع أهم صناع
السينما في الوطن العربي وجيل الشبان الذين نأمل ان يكون لهم مستقبل كبير
في صناعة السينما العربية في قادم السنوات
·
ينسب لك أنك مؤسس مسابقة أفلام
من الإمارات سنة 2001 التي أدمجت لاحقا ضمن مهرجان أبو ظبي السينمائي، ما
موقف الأب المؤسس من هذا الخيار؟
ـ أفضل أن لا أتحدث عن المهرجانات الأخرى
·
سؤالي يتعلق بتظاهرة أنت من
أسسها؟
ـ في رأيي ان الفصل هو الأفضل، العالم كله يتجه نحو التخصص وتخصص
التخصص وإدماج مسابقة لها شخصيتها بعد سنوات ضمن مهرجان أكبر سيجعلها تضيع
وسط الزحام ولا يسمح لها ان تاخذ حيزها كما تستحق، وربما كانت للمهرجان
أهداف مختلفة عن أهداف التظاهرة نفسها.
·
من يتحمل مسؤولية إختيار أفلام
مهرجان دبي السينمائي؟
ـ أنا
·
بجيدها وسيئها؟
ـ نعم
·
هل هناك افلام خيبت تقييمك
الأول؟
ـ لا
·
اي الأفلام اعجبتك؟
كلها
·
كم فيلما شاهدت لانتقاء افلام
المهرجان؟
ـ اكثر من سبعمائة فيلم من مختلف انحاء العالم
·
لو اختلفت مع رئيس المهرجان حول
تقييم فيلم ما لمن تعود الكلمة الفصل؟
ـ لي
·
من قرر حذف الأفلام السورية
الثلاثة لعبد اللطيف عبد الحميد وباسل الخطيب وجود سعيد من برنامج
المهرجان؟
ـ أنا في النهاية من أتحمل مسؤولية القرار
·
لماذا اتخذتم القرار اياما قليلة
قبل انطلاق المهرجان؟ لماذا قبلتم الأفلام أصلا؟
ـ لأن الأحداث تطورت بشكل تراجيدي في الفترة الأخيرة
·
لماذا اقحمتم السياسي في الفني؟
ـ وأنا أسألك ولماذا يكون السياسي هو صاحب القرار في الشأن الفني
·
هل تدفعون اموالا لجلب النجوم
واستقطاب الأفلام للعروض الأولى الحصرية في ضيافتكم؟
ـ مهما كانت إجابتي فإني لن أوفق في غالب الأحوال في تغيير الذهنيات
التي تفكر بهذه الطريقة، نحن مهرجان سينمائي يشتغل وفق معايير عالمية لسنا
نحن من اخترعنا المشكل ليس في مهرجان دبي بل في من يفكر فينا بهذه الطريقة،
هل يطرح هذا السؤال على مهرجانات فينيسيا وكان وتورنتو؟ أستغرب أن يفكر بعض
العرب في البعض الآخر بهذا الأسلوب؟ الأموال التي هي ميزانية المهرجان
والتي تضبط بشكل دقيق تصرف في ما يجب أن تصرف عليه ، هل تظننا ندفع أموالا
للصحافيين المشاغبين مثلك؟ هل رأيت هذا في مهرجان دبي؟ ماذا علينا أن نفعل
حتى يقتنع أشقاؤنا باننا نختلف عن الصورة النمطية التي سكنت عقول الكثيرين
·
هل يكتفي الخليجي بخليجيته أو
يشعر بأنه عربي يشبهنا؟
ـ ثق أن همومنا واحدة ، هل يعقل ان أي مجتمع يمكن تنميطه في طبقة
واحدة ، الخليجيون يعيشون مثلما تعيشون في تونس والجزائر والإسماعيلية
ودمشق ...هل علينا ان نظل في موقع تبرير على الدوام ؟ هذا موقف خاطئ
بالأساس تماما كصورة العربي في السينما الهوليودية، عليك دائما أن تدافع عن
صورتك، هذا ليس هاجسنا بل نحن نعمل على صناعة صورتنا.
·
ما الذي يمكن لسوق دبي السينمائي
ان يحققه في ظل أسواق المهرجانات الكبرى؟
ـ أعتقد أن مهرجان دبي قادر على لعب دور كبير في ما يتعلق بالسينما
الآسيوية والإفريقية والدفع بعجلة التوزيع وتطوير المبيعات.
·
من أربعين عاما والعرب يتحدثون
عن مشكل التوزيع السينمائي بين الدول العربية دون أن يحدث جديد،ما فائدة
تنظيمكم لندوة في ذات الموضوع؟
ـ وهل لأن القضية الفلسطينية لم تحل منذ أكثر من ستين عاما علينا ان
نتوقف عن التحدث بشأنها؟ نحن في مهرجان دبي نتحدث بحثا عن الحلول، أي أن
نقاشاتنا تؤدي إلى إجراءات عملية وحين أعلمك أن مبيعات سوق دبي السينمائي
السنة الماضية تجاوزت المليون دولار عليك أن تخفف من وطاة يأسك، في ما
يتعلق بتوزيع الأفلام العربية في الدول العربية من واجبنا ان لا ندير
ظهورنا لمشاكل السينما العربية وإن بدت مشاكل مزمنة.
·
هل أنت متابع جيد للسينما
التونسية؟
طبعا أنا مطلع على التجارب القديمة و الجديدة في مختلف الأنماط
وثائقية وروائية ،طويلة وقصيرة.
·
هل هي في الاتجاه الصحيح؟
ـ السينما العربية عموما تعكس عصرها الآني
·
هل هذا مدح أو ذم؟
ـ لا هو مدح ولا هو ذم، هو رأي
·
أن تهتم بعصرها الآني يعني أنها
قاصرة عن استشراف المستقبل؟
ـ بدأت سؤالك عن الشرطة وانا اشعر بانك شرطي اكثر مني ...
·
هل تشعر بأن ثورات الربيع العربي
اثرت في مضامين السينما العربية في تونس ومصر تحديدا؟
ـ أعتقد ان السينما لا تحتاج حدثا سياسيا لتتطور، هناك سينمائيون كما
الأدباء والمفكرون حاولوا طيلة عقود تغيير مصائر بلدانهم وقد أثمرت
محاولاتهم المختلفة الحدث السياسي بتغيير أنظمة الحكم
·
ما مدى تأثير مهرجان دبي وعموم
المهرجانات السينمائية في الإمارات في البنية الإجتماعية والثقافية للمجتمع
الإماراتي؟
ـ سأقول لك شيئا ما من خلاله يمكنك أن تستنتج الكثير، حين إنطلقت
مسابقة أفلام من الإمارات سنة 2001 وردت علينا ترشحات من طالبات إماراتيات
طلبت عائلاتهن حذف أسمائهن من الجينيريك حتى لا تظهر أسماء العائلات
للعموم، اليوم تحضر العائلات أفلام بناتها وأبنائها وتتقاسم معهم لحظات
الفرح والفخر عند التتويج.
·
هناك من يرى بأنك ضحيت بمشروعك
الشخصي شعرا وسينما من أجل مشروع جماعي «وطني»؟
ـ لا أعتبر ما قمت به تضحية ولا اشعر بأي حرمان ، كل ما قمت به أنجزته
بحب وإيمان وفي النهاية كل مشروع جماعي هو أساسا مشروع فردي فكل فيلم جيد
ينفذه أحد السينمائيين من الإمارات هو فيلمي أنا أيضا، وهذه الفورة أو
الحركة الفنية الطموحة التي أفرزتها مسابقة أفلام من الإمارات ومهرجان دبي
ومهرجان سينما الخليج سوف تخدمني يوما في تنفيذ فيلمي الشخصي، واليوم عندما
أبحث عن مصور أو مساعد مخرج أو مونتير فسأجد الكثير من الأسماء المحلية
التي يمكن أن تساندني في مشروعي، هذا الأمر كان مفقودا وميئوسا منه قبل عدة
سنوات.
·
هل مازلت شاعرا؟
ـ أحيانا.
·
آخر ما كتبت؟
ـ لا احفظ شعري.
·
لمن تحفظ؟
ـ لا أحفظ الشعر عن ظهر قلب وإن كنت أستبطنه.
·
تعودنا أن تكون قيادات
المهرجانات الخليجية إفرنجية ولكنكم خرجتم عن هذه القاعدة في دبي؟
ـ وهل في ما فعلنا ما يدعو إلى أن نعاقب عليه؟ نحن نبحث عن الكفاءة
والنجاعة حيثما كانت ومن حسن الحظ أننا في دبي وجدنا في بني أهلنا من يفي
بالغرض ونحن لا ندعي الكمال بل نتعلم ونطور مهاراتنا ونتابع الآخرين حتى
نكون مسايرين لما يستجد في العالم
·
هل يمكن لمهرجان دبي ان يكون
دونك؟
ـ بالتأكيد.
·
متى تتوقع أن تغادر المهرجان؟
ـ حسب الظروف إلا إن كنت أنت راغب في ذلك حالا فسأحاول الإستجابة
لرغبتك «إذا حابب انو يكون قريب قلي».
موقع "التونسية" في
15/12/2012
في مهرجان دبي السينمائي:
«ليلة مقمرة» يفوز بجائزة ملتقى دبي السينمائي..
التونسية- من مبعوثنا الخاص إلى دبي، مالك السعيد
فاز فيلم»ليلة مقمرة» لفارس نعناع الذي يعرفه الجمهور العريض من خلال
مسلسل المخرج والمنتج السجين المؤقت سامي الفهري «مكتوب» في دور «مراد»
شقيق دالي، بإحدى جوائز ملتقى دبي السينمائي وقدرها 25 الف دولار امريكي.
وكان «مهرجان دبي السينمائي الدولي» قد أعلن يوم الخميس عن المشاريع
الفائزة بجوائز «ملتقى دبي السينمائي» إحدى المبادرات التجارية للإنتاج
المشترك التي أطلقها المهرجان لدعم المشاريع السينمائية للمخرجين العرب
وتعريفهم بخبراء الصناعة على المستويين العربي والعالمي.
ويبلغ مجموع جوائز «ملتقى دبي السينمائي» 100 ألف دولار موزعة على
ثلاث جوائز بقيمة 25 ألف دولار، «فيلم كيلينك» التابعة لمهرجان دبي
السينمائي الدولي بقيمة 10 ألاف والمُخصَّصة للأعمال الروائية الأولى
للمخرجين الناشئين، بالإضافة إلى جوائز من منظمات دولية أخرى مثل جائزة «آرتيه»
بقيمة 6000 أورو مقدمة للمخرجين أصحاب الأعمال الاستثنائية، والكتابات
المتميزة، وجائزة الشركة السينما الكويتية الوطنية/ فرونت رو التي يتم
تقديمها لأول مرة بقيمة 10 آلاف دولار وجائزة بقيمة 5 آلاف أورو من
«المنظمة الدولية للفرنكفونية»، للمشاريع المشاركة من الدول العربية
الأعضاء في المنظمة.
هذا بالاضافة إلى عشر توصيات يتم تقديمها للمنتجين العرب المشاركين في
«ملتقى دبي السينمائي» للحصول على منحة «شبكة المنتجين» في مهرجان «كان»
عام 2013.
وقد حقق «ملتقى دبي السينمائي» نجاحات ملفتة منذ انطلاقته عام 2007،
فعلى مدار السنوات الماضية تم انجاز 31 مشروعاً، ويجري العمل حالياً على
استكمال 13 عملاً في مراحل الانتاج المختلفة، كان آخرها فيلم «وجدة» باكورة
أعمال المخرجة هيفاء منصور الذي حصد نجاحات وتقديراً كبيراً على المستوى
الدولي. وكذلك كل من فيلم «لما شفتك» للمخرجة آن ماري جاسر، وفيلم «فدائي»
للمخرج دامين اونوري.
المشروع الأول الفائز بجائزة مهرجان دبي السينمائي الدولي بقيمة 25
ألف دولار:
فيلم «بطاطا»، من إخراج نورا كيفوركيان، وإنتاج بول شيرزر
المشروع الثاني الفائز بجائزة مهرجان دبي السينمائي الدولي بقيمة 25
ألف دولار:
فيلم «ليلة مقمرة»، إخراج فارس نعناع، وإنتاج حبيب عطية
المشروع الثالث الفائز بجائزة مهرجان دبي السينمائي الدولي بقيمة 25
ألف دولار:
فيلم «أنا، نفسي ومردوخ»، إخراج يحيى العبد الله، وإنتاج رولا ناصر
المشروع الفائز بجائزة «فيلم كيلينك» التابعة لمهرجان دبي السينمائي
الدولي بقيمة 10 ألاف والمُخصَّصة للأعمال الروائية الأولى للمخرجين
الناشئين:
فيلم «بيروت سولو»، إخراج صباح حيدر، وإنتاج بيير صراف
المشروع الفائز بجائزة «آرتيه» بقيمة 6000 أورو:
فيلم «أنت الجزائر»، إخراج فريد بنتومي، وإنتاج بيير لويس غارنون
المشروع الفائزة بجائزة «المنظمة الدولية للفرنكفونية»، بقيمة 5 آلاف
أورو:
فيلم «كيلو 56»، للمخرج محمد حماد، إنتاج موفق الشوربجي
جائزة الشركة السينما الكويتية الوطنية/ فرونت رو بقيمة 10 آلاف
دولار:
فيلم «صيد الشبح»، إخراج رائد أنضوني، وإنتاج بالماير بادينير
وقد تم اختيار 10 منتجين لحضور فعالية «شبكة المنتجين» خلال مهرجان
«كان» 2013 من بينهم المنتجان التونسيان محمد الحبيب عطية الذي يحتفظ
بعلاقات واسعة في مهرجانات الخليج السينمائية والمنتج الشاب محمد علي بن
حمرا.
موقع "التونسية" في
15/12/2012
«واجدة» يخترق الخط الأحمر؟
طارق الشناوي
«ليس الطريق لمن سبق ولكن لمن صدق» هذه الكلمة للإمام على بن أبى طالب
ترددت بداخلى بعد مشاهدتى للفيلم السعودى «واجدة» فهو تاريخيا ليس الأسبق،
ولكنه إبداعيا هو الأصدق.
المملكة العربية السعودية نظريا ليست جديدة على الدخول إلى مجال
الفيلم الروائى الطويل هناك أكثر من محاولة سابقة، ولكن الفيلم الذى كتبته
وأخرجته السعودية هيفاء المنصور يضع السينما على الطريق الصحيح. الشريط
السينمائى الناضج بمفرداته السينمائية والذى من الممكن أن يفتح الباب أمام
أفلام روائية أخرى قادمة هو بلا شك «واجدة».
مثلا المخرج السعودى عبد الله المحيسن له فيلمان روائيان سابقان، ولكن
تظل هيفاء هى أول مخرجة سعودية توجد فى المهرجانات الكبرى، حيث بدأت رحلتها
مع هذا الفيلم فى مهرجان فينسيا، وبعدها انتقل إلى مهرجان دبى ليتنافس على
جائزة المهر لأفضل فيلم عربى.
فى كل مهرجان خليجى يتكرر هذا السؤال أين الفيلم الخليجى ولماذا تقام
مهرجانات قبل أن تُصنع أفلام؟ السينما هى أكثر الفنون التى تتنفس فقط من
خلال الإقبال الجماهيرى وهى دوما تحتاج إلى أرض تسمح بالانتقاد الاجتماعى،
وفى الخليج بسبب العديد من المحظورات يبدو كأن الأمر عصى على الاقتحام.
هيفاء المنصور بدأت خطوة جريئة. قد يبدو الأمر للوهلة الأولى لمن ينظر خارج
الإطار الاجتماعى لا يعنى شيئا، ولكنه فى السعودية يعنى الكثير.
القضية هى الحرية وحقوق المرأة ومن خلال عيون طفلة نحاول أن نعثر على
إجابة لهذا السؤال كيف يُسمح لفتاة صغيرة بأن تقود دراجة فى الشارع. إنه
أحد الممنوعات ولكن هيفاء المنصور تقدم فتاة صغيرة تحلم بأن تركب دراجة مثل
زميلها. حاولت أكثر من مرة أن تقودها خلسة ولكن دائما هناك صوت يعلو
بالتحريم. تنتهى الأحداث بأن نرى الفتاة الصغيرة وهى تستقل الدراجة فى
الشارع بحرية بعد أن اشترتها لها أمها ليقدم الفيلم ملمحا آخر للتحرر. الأم
تُمثل جيلا سابقا ولكنه يؤمن بالحرية والمساواة حتى لو لم تترجم ذلك عمليا
فى حياتها فهى تحققه من خلال ابنتها.
لا يتوقف الأمر عند تلك النقطة الفارقة فقط، ولكن السيناريو أيضا
يواصل طرق الباب عندما تضع الفتاة اسمها فى شجرة العائلة المرسومة على
الحائط، على الرغم من أن الشجرة تخلو تماما من أى اعتراف بالمرأة.
هيفاء المنصور تُقدم فيلما يحمل الكثير من اللمحات الإبداعية، ولكن لا
يمكن أن نتابعه بعيدا عن القيود الاجتماعية التى تستند إلى معايير دينية.
حلم الدراجة هو المحرك للأحداث، وتبدأ الفتاة بوضع الخطة وهى أن عليها
أن تحصل على المال وتمارس عددا من المواقف المرفوضة اجتماعيا، مثل حصولها
على خطاب من سيدة تعمل فى المدرسة وتسلمه إلى رجل خارج الأسوار مقابل بضعة
ريالات، ولكن المشوار لا يزال بعيدا لأن الدراجة يصل ثمنها إلى 800 ريال.
ويضع السيناريو أمام الفتاة تحديا آخر وهو حفظ القرآن وتجويده وتفسير
معانيه.. إنها تبدو واحدة من الحواجز الصعبة والهدف الذى تحلم به الفتاة
ليس حفظ القرآن ولكن شراء الدراجة، وأرى فى هذا الاختيار تحديا آخر فى ظل
مجتمع بطبعه لا يسمح بالاقتراب من المقدس على أى نحو. وتفوز بالجائزة ولا
تخفى هدفها الأثير وهو أن تشترى دراجة. وفى مقايضة ساخرة تتعرض الفتاة لنوع
آخر من القهر عندما تقرر المعلمة أن الفتاة -رغما عنها- سوف تهدى الألف
ريال إلى الفلسطينيين.
من الملامح المهمة فى الفيلم أن المخرجة مثلا لا تطبق قانون الحجاب
على البطلات فهن لا يرتدين الحجاب فى البيت ولا المدرسة فقط فى الشارع. هذه
تبدو تفصيلة، ولكنها تؤكد أن السعودية لا تطبق معايير دينية مباشرة على
الفيلم رغم أنه حصل على القسط الأكبر فى تمويله من شركات سعودية.
الفيلم أسهب كثيرا فى مشاهد حفظ القرآن وترديده، ولا أدرى إذا كان هذا
يعود إلى تدخلات رقابية أم أن الأمر خضع فقط لرغبة المخرجة.
أجادت المخرجة توجيه الأطفال فى الأداء أمام الكاميرا وحافظت على
تلقائية الطفلين. كما أنها نجحت فى تقديم سينما لا مجرد شريط سينمائى. إنها
سينما بها مفردات اللغة الفنية، وتحمل فى نفس الوقت موقفا تحريضيا يراهن
على حق الإنسان فى الحرية ويدفع المرأة إلى أن تنتزع حقوقها، ومن المؤكد
أنه سيفتح الباب أمام أفلام قادمة قادرة على المشاغبة.
التحرير المصرية في
14/12/2012
فجر يوم جديد:
ليال عربية
كتب الخبر:
مجدي الطيب
متعة لا تُضاهى تتملك المرء عندما تتاح له الفرصة لمشاهدة أحدث
النتاجات السينمائية العربية؛ فمن دون أن يبرح مكانه في بلده أو يغادر
مقعده في صالة العرض، يتابع أفراح وأتراح وانتصارات وانكسارات الأمة
العربية من
المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، ويتعرف من دون عناء إلى المتغيرات التي
أصابت الواقع العربي في الآونة الأخيرة.
من هنا كانت فرحتي كبيرة بقائمة الأفلام التي أعلنت إدارة مهرجان دبي
السينمائي الدولي عن نجاحها في الاتفاق على عرضها في الدورة التاسعة، التي
تُقام في الفترة من 9 إلى 16 ديسمبر، وخصصت لها برنامجاً يحمل عنوان «ليالٍ
عربية»؛ فالباقة التي ضمتها القائمة تنوعت بشكل يعكس وعي القيمين على
المهرجان، وعلى رأسهم رئيسه عبد الحميد جمعة ومديره التنفيذي مسعود أمر
الله آل علي وأنتونيا كارفر مبرمجة برنامج «ليالٍ عربية». ولم تكتف بمقاربة
الواقع العربي فحسب، وإنما رصدت هموم الجاليات العربية في العالم، وكشفت عن
انتمائهم إلى أوطانهم كما فضحت انفصالهم عن جذورهم، في ما يمكن أن نسميه
أزمة الهوية.
اللافت أن مهرجان دبي السينمائي الدولي انفرد في نسخته التاسعة بعروض
حصرية لعدد من أفلام تُعرض للمرة الأولى في العالم أو في منطقة الخليج
والمنطقة العربية في أسرها؛ مثل فيلم «تقاسيم الحب» إخراج يوسف الديب
(علاقة المرأة بالرجل) الذي يُعرض للمرة الأولى عالمياً، كذلك فيلم «شيرين»
للمخرج العراقي حسن علي (استلهام القصة الأسطورية الشهيرة «فرهاد وشيرين»)،
لكن الفيلم يقدم القصة في قالب درامي معاصر، مُحملٍ برومانسية هذا الحب
ورقته، بعد أن انتقل بالعاشقين من العراق إلى فرنسا. أما المخرجة رولا ناشف
فتشارك بفيلمها الروائي الأول «ديترويت أنلادد»، الذي يعرض عربياً للمرة
الأولى، وتقترب أحداثه من أزمة شاب أميركي من أصول لبنانية تجبره الظروف
بعد وفاة والده على إدارة محطة الوقود التي تملكها العائلة. وللمرة الأولى
عربياً أيضاً يُعرض فيلم «أخي الشيطان»، باكورة عمل المخرجة والكاتبة
المصرية سالي الحسيني (دهاليز الطبقة العاملة في منطقة شرق لندن من خلال
شاب نشأ وترعرع في بيت مصري تقليدي، وينظر إلى شقيقه بوصفه المثل الأعلى)،
بينما يحتفي المهرجان بالمخرجة الكندية ماريان زحيل وفيلمها «وادي الدموع»،
الذي يُعرض للمرة الأولى في منطقة الخليج، وتندد المخرجة من خلاله بالمجازر
التي ارتكبها العدو الإسرائيلي ضد اللاجئين الفلسطينيين في المخيم اللبناني
الشهير «صبرا وشاتيلا»، ومضت الأعوام من دون أن يُحاسب أحد السفاحين أو
يوجه أصابع الاتهام إلى القتلة، بل جرى وأد الملف إلى أن جاءت المخرجة
الكندية لتفتحه مجدداً، وتُذكر العالم بتلك الجريمة المروعة، وهو ما لم
يجرؤ مخرج عربي على التفكير فيه أو الإقدام عليه!
احتل الصراع العربي الإسرائيلي جانباً أيضاً في برنامج «ليال عربية»
من خلال فيلم «الصدمة» إخراج زياد دويري، الذي قدم معالجة سينمائية لرواية
الكاتب الجزائري محمد مولسهول، الذي يكتب باسم مستعار هو ياسمينة خضراء
(جرّاح فلسطيني ناجح يعيش في «إسرائيل»، ويحتفي به الإسرائيليون إلى أن تقع
عملية فلسطينية استشهادية تقلب حياته رأساً على عقب)، وفي سياق ليس بعيد
يتعاطف المخرج البلجيكي جواشيم لافوسي في فيلمه «أطفالنا» مع مأساة البطل
العربي «منير»، الذي نشأ وترعرع في كنف طبيب بلجيكي ظل مصدره المالي حتى
بعدما تزوج وأنجب، وتقدم المخرجة الدنماركية ذات الأصول التركية ميرال
أوسلو فيلمها الروائي الأول «سناك بار» (عوالم عدد من الشبان الهولنديين من
أصول مغاربية اعتادوا التجمع أمام مطعم عند ناصية الشارع، وتصبح الفرصة
مواتية ليروي كل واحد منهم حكايته ومعاناته).
أما الهم اللبناني فوجد لنفسه مكاناً في «الليال العربية» من خلال
فيلم «عندما يأتي الظلام» للمخرجة سينتيا شقير، ويُعرض عالمياً للمرة
الأولى (انعكاس أزمة انقطاع الكهرباء على المجتمع اللبناني)، وفيلم «قصة
ثواني» للمخرجة لارا سابا (بيروت بكل تعقيداتها من خلال ثلاث شخصيات).
يتجلى الواقع المغربي من خلال فيلمين؛ أولهما «خنشة ديال الطحين»
للمخرجة خديجة لكلير (فتاة نشأت في دار أيتام كاثوليكي في بلجيكا وعاشت
سنوات مراهقتها المتمردة تصارع الفقر في جبال الأطلس المغربية)، وفيلم
«الدار البيضاء حبي» تأليف وإخراج جون سلاتيري، ويُعرض للمرة الأولى
عالمياً (وجهة نظر مغربية حول العلاقة الطويلة والمتشعبة بين هوليوود
والعالم العربي)، ويناقش المخرج العراقي – الإيطالي حيدر رشيد في فيلمه
«مطر وشيك» أزمة الهوية التي تتنازع وتعتصر جيلين من المهاجرين (أب جزائري
مع ابنيه اللذين يناضلان للتأقلم مع بلد ميلادهم إيطاليا، الذي يرفض أن
يفتح ذراعيه لهما).
الجريدة الكويتية في
14/12/2012
المصرية في
15/12/2012
المصرية في
15/12/2012
|