لا
يمرّ اسم هيفاء المنصور من دون أن يثير سجالاً من حوله. فهي أول امرأة
سعودية تمتشق الكاميرا وتحقق أفلاماً قصيرة، تدنو من قضايا شائكة في
مجتمعها. وهي أول سينمائية تصنع فيلماً روائياً طويلاً يصوّر بكامله داخل
المملكة. وهي، أيضاً، أول سعودية تخترق الأسواق الأوروبية والأميركية
بفيلمها «وجدة»، في اعتراف واضح بموهبة سينمائية سعودية نجحت في كسر
الحواجز.
ويقيناً أن فيلم «وجدة»، ومنذ عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية
السينمائي استطاع أن يلفت الأنظار ويخطف الجوائز. آخرها كان فوزه بنصيب
الأسد في مهرجان دبي السينمائي الدولي حيث انتزع جائزة أفضل فيلم وأفضل
ممثلة (الطفلة وعد محمد).
«الحياة» التقت هيفاء المنصور في دبي، وسألتها عن الفيلم والمرأة بين
مواضيع أخرى.
·
ما حجم التحدي الذي شكّله تصوير
«وجدة» في السعودية، خصوصاً أنه أول فيلم روائي طويل يصوّر بكامله داخل
المملكة؟
-
لم أتعامل مع الموضوع على أساس التحدي، ففي السعودية وتحديداً
في الرياض، هناك حركة تصوير درامية كبيرة، لا سيما في ما يتعلق بدراما
رمضان. ولا أنكر أنني دُهشت خلال تصوير «وجدة» بدوران الكاميرات في أكثر من
موقع. من هنا فإن كل ما فعلته هو أنني سرت على الأطر الموجودة في البلد
تبعاً للنظم والقوانين. بالتالي قدمنا طلباً للتصوير مثلما يقدم أي طلب
يتعلق بأي عمل درامي آخر، واستخدمنا أشخاصاً ممن يشتغلون في هذا الحقل وعلى
دراية بما هو موجود. كان مهماً جداً بالنسبة إلينا أن نعرف آلية العمل
المتبعة ونسير تبعاً لها. وكان لا بد أن نعرف ما هو موجود في المجتمع ونبني
عليه، لتكون السينما من نسيج هذا المجتمع لا من خارجه.
مرآة لمجتمع محافظ
·
إلى أي مدى يمكن القول أنك سرت
خلال تصوير الفيلم في حقل مزروع بالألغام؟
-أنتمي إلى مجتمع محافظ وتقليدي، كما أنني امرأة، بالتالي، فإن كثيرين
لديهم تحفظات عليّ قبل أن يشاهدوا أفلامي. أحب أن أصنع أفلاماً عن شخصيات
قلقة من نظرة المجتمع، وأسعى للتعامل معها بحنان. فهؤلاء هم أهلي وأرغب في
أن يحبوني ويروا أنفسهم في أفلامي وألا يشعروا بألم وهم يرون انعكاس صورتهم
في كاميرتي. حتى وأنا أقدم أعمالاً عن المرأة، أحققها وفي ذهني كيف سيتلقى
هؤلاء الفيلم وكيف سيشاهدون أنفسهم. هم تقليديون وأنا أحترم ذلك. هم
محافظون وأنا أحترم ذلك. المهم ألا نجعل السينما أداة تستفز الناس، بل أداة
تسعدهم. حاولت كثيراً أن أقدم شيئاً له معنى، يعكس ثقافتي ورأيي ولا يجرح
الناس في الوقت ذاته أو يؤلمهم. لم أحاول أن أكون صدامية أو أتلاطم مع
مجتمعي. أعرف أن السينما أمر جدلي، وأعرف أن كوني امرأة في مجتمع محافظ أمر
جدلي أيضاً، لكنني في الوقت ذاته لا أحب الصدام وأبتعد عنه، لذا أحاول أن
أفتح حواراً وأتكلم مع الناس.
·
كونك امرأة حتّم عليك العمل من
داخل سيارات الإنتاج في عدد من المناطق. كيف تقوّمين التجربة؟
-
أحترم الثقافة السعودية وأحترم الناس الذين يتضايقون من مشاهدة
امرأة في الشارع، فالسعودية بلد محافظ والاختلاط صعب. ولكن يجب ألا نضع هذه
العوائق أمامنا بحيث تجعلنا عاجزين عن الحركة. في السعودية، ثقافة البلد
حتّمت عليّ أن أدير التصوير من داخل سيارة الإنتاج، ولو كنت مثلاً في
روسيا، لكان البرد القارص دفعني إلى ذلك أيضاً. فلكل بيئة صعوباتها. وفي
نهاية الأمر
لا يمكنني أن أخفي سعادتي وفخري بالتصوير في الرياض، إذ شعرت هناك أنني
اقتربت أكثر من جذوري. خصوصاً أن الشارع بالنسبة إلي كفتاة، ثقافة غائبة
تماماً. فنحن نتنقل من السيارة إلى المعمل والبيت. من هنا، كانت التجربة
مجدية جداً، وعرفت من خلالها بلدي أكثر وأحسست بأهمية الأرض.
·
يدنو الفيلم بقصته البسيطة من
قضية شائكة تتعلق بالمرأة في المجتمع السعودي. لماذا؟
-
وضع المرأة في السعودية شائك ومحاط بكثير من الجدل. من هنا لم
أحاول أن أتدخل كثيراً. كل ما فعلته هو أنني سلّطت الكاميرا على واقع معين
من دون أن أقدم وجهة نظري. قدمت شريحة من الناس وفتحت نافذة على المجتمع
السعودي. فهذه هي السينما التي أحب، أي تلك التي تفتح الطريق وتجعلك
كمشاهدة، تفكرين وترغبين أكثر في معرفة الآخر. أما المخرج الذي يحاول أن
يضع رأيه، فيتحوّل فيلمه إلى مقالة صحافية. ولا أنكر أنني حين كتبت الفيلم
كنت مدركة جيداً أنني انتمي إلى مجتمع محافظ وتقليدي، بالتالي كنت أكتب ضمن
النطاق المسموح لي. ولكن، هذا لا يمنع أن يكون لي صوتي ورأيي في إطار
احترام المكان الذي أنتمي إليه. قد يرى بعضهم فيلمي جريئاً لكنني لم أخرج
من الأطر المفروض أن أكتب بها.
صعوبة التمويل
·
على رغم حرصك على عدم استفزاز
أحد من خلال فيلم «وجدة»، غير أنّ كثيرين سيُستفزون قبل مشاهدة الفيلم.
ماذا تقولين لهؤلاء؟
-
صحيح هناك من سيُستفز لفكرة أن امرأة سعودية تصنع فيلماً.
لكنني أقول لهؤلاء، أحب بلدي وأحترم القوانين والتقاليد وعادات المجتمع
المحافظ، كما أحاول ألا يكون وجودي مثيراً. هم في نهاية الأمر أهلي، وأتمنى
أن يشاهدوا فيلمي قبل أن ينتقدوه وأن يكون بيننا احترام وحوار.
·
ماذا عن العوائق التي واجهتك في
هذا العمل؟
-
كان الحصول على تمويل صعباً جداً، خصوصاً أن كثيرين يترددون في
تمويل أعمال آتية من الخليج لأن سوقها صعبة. من هنا كان لا بد من إيجاد أحد
يؤمن بضرورة هذه الصناعة في بلادنا، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات.
وفي إطار توجه الأمير الوليد بن طلال لدعم المرأة والسينما السعودية، دخلت
شركة «روتانا» في الإنتاج إلى جانب شركة «رايزر فيلم» الألمانية. ولكن لا
يمكن أن تتصوري حجم المعاناة التي تكبدناها قبل أن نجد شريكنا في الشرق
الأوسط.
·
يبدو تأثرك بالسينما الإيرانية
واضحاً؟
-
استفدت كثيراً من السينما الإيرانية، فهي على رغم أنها آتية من
مجتمع محافظ تُكبله رقابة شديدة، لم يمنعها شيء من التطرق إلى أمور مهمة في
مجتمعها. وأعتقد أن من الجيد أن نستفيد من تجارب الآخرين سينمائياً وأن
نحاول أن نكوّن صوتنا الخاص. ولا أنكر أنني تأثرت كثيراً بجعفر بناهي،
خصوصاً في فيلم Off side،
لأن سينماه ملونة ويافعة وبسيطة. كما تأثرت بالواقعية الجديدة في السينما
الإيطالية، وبالفيلم البلجيكي «روزيتا» للأخوين داردين. صحيح فيلمي ليس
سوداوياً مثل فيلم «روزيتا»، لكن شخصية الفتاة التي لا تقبل الهزيمة أو أن
يُهبطها أحد، ظلت تدور في رأسي وأنا أكتب شخصية «وجدة».
·
يبتعد فيلمك عن صورة المرأة
الضحية. فهل حرصت على ذلك؟
-
مللنا من صورة المرأة الضحية والبكائيات. ولكن هذا لا يعني ألا
نقدّم قضايا، إنما ضمن روح الأمل والتمسك بالحياة والإصرار على العمل. هي
قيم إنسانية بسيطة أتمسك بها بعيداً من الشعارات الكبيرة. فالشعارات
استقطابية، إما تكونين معها أو ضدها، وبالتالي فإن جمهورها جاهز. ثم لماذا
مخاطبة من هو معك أصلاً؟ صحيح هناك الآن حراك ثقافي ومناخ مشجع للمثقفين في
ظل ما نشهده من ثورات في العالم العربي، ولكن المهم ألا ينساق السينمائيون
وراء هذه
الشعارات بعيداً من تقديم قصصهم. بطلة «وجدة» فتاة «شقية» تريد
أن تجد صوتها وألا ترضخ. وفي رأيي مهم جداً أن تبتعد المرأة عن فكرة العجز
وأن تنظر إلى أمام من دون استسلام.
·
هل من الممكن أن تلعب السينما
هذا الدور؟ ولمن صنعت هذا الفيلم خصوصاً أن لا صالات سينمائية في السعودية؟
-هناك وسائل عدة ليشاهد فيها السعوديون فيلمي. ولا يمكن أن أعبّر عن
مقدار فرحتي بأولئك الذين قصدوا دبي خصوصاً ليشاهدوا الفيلم. ثم إن الأفلام
تصل إلى السعوديين في شكل كبير عن طريق التلفزيون والأقراص المدمجة. صحيح
ليس لدينا ميزة أن يكون لدينا صالات سينمائية، لكنّ الفرد السعودي مستهلك
كبير للسينما. من هنا، فإن الفيلم سيصل إلى السعوديين من دون أدنى شك.
وهناك أمور كثيرة في الفيلم لن يفهمها إلا السعوديون.
·
اللافت أنك لم تديني الرجل في
الفيلم على رغم انحيازك إلى المرأة. لماذا؟
-
أشعر أن الرجل في المجتمع السعودي مظلوم بدوره. فنحن نعيش في
مجتمع قبلي يشكّل بعض سلوكياته، ضغطاً نفسياً كبيراً على الرجل. من هنا لم
أدنه، بل حاولت أن أسلط الضوء على تعلق الزوجة بالوهم قبل أن تُصدم في
النهاية. فالمرأة تتمسك أحياناً بقشة وتخاف أن تؤمن بنفسها، وأحياناً لا
تمتلك الشجاعة لأن المجتمع صعب.
·
هل واجهت صعوبات في اختيار بطلة
الفيلم، خصوصاً أن إيجاد فتيات مستعدات للوقوف أمام الكاميرا في بلد محافظ
مثل السعودية صعب؟
-
طبعاً لم يكن الأمر سهلاً البتة، ومع هذا هناك آلية عمل موجودة
وشركات إنتاج تنظم فعاليات في العيد، كما هناك فتيات صغيرات يشاركنّ في
استعراضات الجنادرية. وقد تعاملنا مع هذه الشركات لتسهيل المهمة. وأذكر
أنني عندما تعرفت على وعد محمد (بطلة الفيلم) في أولى تجارب الأداء في
الرياض، كانت ترتدي جينزاً وحذاء رياضياً وتضع سماعات في أذنيها، تستمع من
خلالهما إلى جاستن بيبر على رغم أنها لا تتقن الإنكليزية. وجدت فيها ما
أبحث عنه في الشخصية، فهي تنتمي إلى شريحة الشباب الذين تجمعهم قواسم
مشتركة على رغم انتمائهم إلى بلدان مختلفة. وقد أجادت في لعب الدور.
·
هل كان سهلاً عليك التـعامل مع
ريم عبد الله الآتية من خلفية تلفزيونية لا سينمائية؟
-
جميع الممثلين الذين شاهدتموهم في الفيلم يشبهون روح الشخصيات
التي يجسّدونها. صحيح أن بدايات ريم كانت في التلفزيون، لكنها ممثلة ذكية
جداً، وعرفت سريعاً كيفية التمييز بين العمل للسينما والعمل للتلفزيون.
وأعتقد أن عامل الثقة بين المخرج والممثل أساسي، علماً أن أكثر أمر استمتعت
به في هذا الفيلم هو قربي من الممثلين.
عالم أعرفه جيداً
·
إلى أي مدى رسمت شخصية «وجدة»
انطلاقاً من تجربة شخصية؟
-
ترعرعت في عالم شبيه بعالم وجدة. مثلها قصدت مدارس حكومية،
وتربيت في بيت تقليدي جداً. ومع هذا لم أشعر يوماً بأنني غير قـادرة على
تحقيق ذاتي. كما لم أشعر بأي ضغط نفسي لمجرد أنني فتاة. صديقاتي كانت
لديهنّ أحلام كبيرة، لكنّ بيئتهن مختلفة، ولم يتمكنّ من تحقيق ذواتهنّ. من
هنا فإن الفيلم عنهنّ أكثر مما هو عني. ولكن بما أنـني عـشت وسط هذا
العالم، فأنـا أعرفه معرفة حميمة وأشعر أن جزءاً مني فيه.
·
كيف تشكّلت علاقتك بالسينما
خصوصاً أنك تأتين من بلد لا سينما فيه؟
-
علاقتي بالسينما تشكّلت وأنا صغيرة جداً، إذ كان التلفزيون
السبيل الوحيد لإحلال الهدوء في المنزل، خصوصاً أننا عائلة كبيرة تضم 12
أخاً وأخت. كانت الأفلام المصرية وأفلام جاكي شان نافذتي إلى العالم بما
أنني أنتمي إلى مدينة صغيرة جداً. وكان طموحي كبيراً، وسرعان ما رحت أصنع
أفلامي وحدي من دون أي تدريب، علماً أنني بدأت من ثقافة تلفزيونية، ولكن
بعدما تزوجت، قصدت سيدني ودرست الإخراج والنقد السينمائي.
·
كيف تفسرين انفتاح الأسواق
الغربية على فيلم «وجدة» الذي بيع في الأسواق الأوروبية وأميركا الشمالية
في سابقة أثارت علامات استفهام؟
-
مجموعة عوامل ساعدتنا في بيع الفيلم في الأسواق الغربية،
فأولاً هناك عطش لمعرفة المجتمع السعودي من الداخل. كما أن الموزع الأجنبي
يبحث عن فيلم ممتع لجمهوره، أي أنه لا يريد شراء فيلم من السعودية، فقط
لأنه من السعودية، بل يسعى إلى الربح. وبما أن «وجدة» مشغول بطريقة صحيحة،
انصبّت أعينهم عليه منذ عرضه الأول في مهرجان برلين. كل هذا من دون أن ننسى
أهمية الإنتاج المشترك. فمن الصعب جداً أن يصنع أحدهم فيلماً من الشرق
الأوسط فحسب ويتوقع أن يصل إلى العالمية.
الحياة اللندنية في
21/12/2012
مخرجة "السلحفاة التي فقدت درعها": الفيلم رحلة بحث عن
هويتي
أجرى الحوار عبد الرحمن عمار ـ المحرر منصف
السليمي
فاز فيلم"السلحفاة التي فقدت درعها" الوثائقي للمخرجة الألمانية من
أصول فلسطينية باري القلقيلي بجائزة المهر العربي لمهرجان دبي السينمائي. DW
حاورت المخرجة الشابة للاقتراب أكثر من مضمون الفيلم ونظرتها لنزاع الشرق
الأوسط.
يناقش فيلم "السلحفاة التي فقدت درعها" قصة واقعية وذاتية عاشتها
المخرجة الشابة باري القلقيلي. لما كان عمرها 12 عاما عاد والدها إلى
فلسطين للكفاح من أجل استقلال البلد. بعد عودته حاولت استنطاقه، النبش في
أحلامه وكوابيسه وأخرجته من قبو البيت حيث انعزل، لتسافر معه إلى فلسطين
ومصر والأردن، وتصور معاناته. DW
حاورت المخرجة الشابة للاقتراب أكثر من مضمون الفيلم ونظرتها لنزاع الشرق
الأوسط.
وفيما يلي نص الحوار:
·
بداية هنئيا لك بالجائزة. ما هو
شعورك بتتويج فيلمك بجائزة المهر العربي لمهرجان دبي؟
كان شيئا مهما لي أن يشارك فيلمي "السلحفاة التي فقدت درعها" في
مهرجان دبي السينمائي وأن يحصل على جائزة. إنها أول جائزة يحصل عليها
الفيلم في العالم العربي. أنا سعيدة بذلك لأن الجائزة اعتراف بالمجهود الذي
قمت به. وأهمية الجائزة أيضا تتجلى في أنها ستفتح لي الأبواب على العالم
العربي. لقد تعرفت على مخرجات ومخرجين شباب من دول عربية مختلفة وهذا ما
يجعلني أقترب أكثر من الثقافة العربية وعن المجال السينمائي في العالم
العربي.
·
وُلدت وكبرت في ألمانيا والفيلم
عبارة عن رحلة بحث عن الهوية من خلال أحاديثك مع الأب الفلسطيني ومرافقتك
له لزيارة فلسطين. فهل تعتبرين نفسك الآن فلسطينية أم ألمانية أم هما معا؟
أنا أنتمي إلى الجيل الثاني ولا أعرف الثقافة العربية جيدا ولا أتكلم
اللغة العربية ولم أتذوق آلام المنفى. فيكف سأفهم أبي؟. بدأت أطرح سؤال من
أنا؟ ما علاقتي بقصة والدي؟ هل أنا ألمانية؟ أم فلسطينية ألمانية؟ أم
فلسطينية من الجيل الثاني في المنفى؟ إنها أسئلة صعبة جدا. حتى الجمهور
يسألني هل أنت ألمانية أم عربية؟. عندما كنا نصور الفيلم سافرنا إلى مصر،
إلى إسرائيل وإلى فلسطين والأردن. كنت دائما أشعر أنني ألمانية لأننى لم
أكن أفك رموز لغة وثقافة عائلتي الفلسطينية والناس الذين التقيناهم.
كان أبي يتذمر من بعض تصرفاتي أمام الآخرين أو عند العائلة. كل مرة
أكتشف أننى تجاوزت حدودا لم أكن أعرف من قبل أنها ممنوعة. كأن أذهب مع
صديقتي المساعدة لوحدنا دون مرافقة الأقارب لشراء مشروب. بعد نهاية تصوير
الفيلم قلت في قرارة نفسي أنا ألمانية لأنني أحس بالغربة في فلسطين. لكن
أثناء تقطيع وتوضيب الفيلم لاحظت تعلقي بقصة والدي وشعوري بمعاناته. فبدأت
أشعر بالإغتراب في ألمانيا لأن قصة عائلتي مختلفة عن العائلات الألمانية
العادية. بعد عرض الفيلم وعبر النقاشات التي تلته مع الجمهور توصلت بقناعة
مفادها أن هويتي الفلسطينية تستمد دعائمها من كوني لم أعش في فلسطين ولا
أعرف فلسطين. وهذا شعور أتقاسمه مع العديد من الفلسطينيين في المنفى.
·
الفيلم يعج بأحاديث وحوارات بينك
وبين أبيك حول فلسطين، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، السلام في المنطقة.
أين تتفقان وأين تختلفان؟
إنه سؤال صعب. كان أبي يغضب كلما أطرح عليه سؤلا حول فلسطين. شعر
بالصدمة بسبب جهلي بالوضع السياسي هناك وبسبب عدم فهي للعديد من مظاهر
الثقافة العربية. أشعر أنه يتجاهل كوني لم أعش هناك. الفيلم جاء لإخراجه من
مغالاته في الوطنية. نحن الاثنان نؤمن بالحل التالي: دولة واحدة يعيش فيها
الإسرائيليون والفلسطينيون بغض النظر عن دينهم وأصلهم. لكني استنتجت أيضا
أننا نفقد أعصابنا كلما ما عوملنا بسوء ونضطر للدفاع عن أنفسنا. فعند
النزاعات تنقصنا الدبلوماسية.
·
كيف كان رد فعل والدك وعائلتك
تجاه الفيلم؟
لقد اعطيت لأبي النسخة ما قبل النهائية بعد التوضيب فضحك. صوت أبي
حاضر في الفيلم وكان يقوم بذلك وكأنه يلعب وكأنه حفظ الحوارات من قبل. لم
يكن سهلا بالنسبة له التعبير عن مشاعره باللغة الألمانية مثلي لكنه نجح في
ذلك. لقد ضحك كثيرا من صورته وهو يشاهد الفيلم. لكن لما وصلنا إلى أحد
المشاهد التي تعرض فيها للاحتيال من أجل بيع منزله تملكه الغضب. لكن أثناء
عرض الفيلم في برلين كان يستمتع بالحديث مع الجمهور. وأعتقد أنه سعيد لأن
العديد من الناس تابعوا قصته وتضامنوا معه.
وطبعا شعر بالفخر تجاه ابنته. أما بالنسبة لأمي فالفيلم هو فصل من
الألم. في البداية لم ترغب في الظهور في الفيلم لأنها اعتقدت أن الفيلم
يعالج قصة أبي وحده. لكنني صممت على أن تشارك ولو في الخلفية: فتح الباب،
التدخين، تنظيف البيت. عند عرض الفيلم يسألني الجمهور عن أمي وعن صمتها
وصبرها لكن البعض أعابوا عليها صبرها على رحيل أبي الذي تركها من أجل حلمه
في الكفاح من أجل فلسطين.
·
دعينا نتحدث عن الفيلم الوثائقي
بشكل عام. هل الوثائقي يبلغ الرسائل بشكل أفضل من أصناف الأفلام الأخرى؟
قوة الفيلم الوثائقي تتجلى في أصالته. ترى شخصا وتعرف أنه شخص واقعي
وأن الأمر يتعلق بالحياة الفعلية ويحكي قصصا واقعية. فخلافا للأفلام
الروائية فالممثلون في الوثائقي ليست لديهم تقنيات معينة لأداء أدوارهم.
يقومون بذلك بعفوية كبيرة تماما كما يفعلون في حياتهم العادية. فالحياة
مسرحية نؤدي أدوارنا فيها بشكل يومي. لكن في الوثائقي هناك لحظات نرفع فيها
الأقنعة نحدق في وجوه الأشخاص ونخرج الحقيقة من عيونهم، نتعرف على مخاوفهم،
أحلامهم دون أن ينبسوا ببنت شفة.
الوثائقي قنطرة لإستكشاف الآخر ومشاعره ومشاكله. أثناء التصوير تصادفك
مشاهد وحوارات عفوية لن تخطر ببالك لو أردت الكتابة قبلا. الوثائقي له قدرة
إيصال قصص الأخرين لكن هل هو يقوم بذلك بشكل أفضل من الفيلم الروائي فأنا
لا أعرف.
إلى أي حد يمكن للفن والسينما بشكل خاص المساهمة في دعم عملية السلام
في الشرق الأوسط؟
الفن يخترق الحواجز ويفسح المجال أمام التفكير، التضامن، تبادل
المشاعر وطرح الاسئلة. الفن له القدرة على رواية حكايات "الآخرين"
ومعالجتها بشكل أعمق من التقارير العابرة. الفن له القدرة على الغوص في
معاناة الناس وأمالهم. إنطلاقا من كل هذا فأنا أعتقد أن الفن بمقدوره أن
ينقدنا من الصراعات وأن يكون حلقة وصل بيننا.
·
هل ستستمرين في الاهتمام بالنزاع
في الشرق الأوسط أم أنك تهتمين بقضايا أخرى؟
قصة أبي مرتبطة بالنزاع في الشرق الأوسط وهذا موضوع أثر ويؤثر على
حياتي. لكن كمخرجة سينمائية لن أبقى سجينة موضوع واحد. أنا أهتم بقضايا
الإنسان بشكل عام، المكافح من أجل تحقيق أهداف نبيلة في المجتمع. أهتم
بالمناطق التي هي شاهدة على ماض جريح وهي موجودة في كل بقاع العالم.
المخرجة باري
القلقيلي: ولدت عام1982 في برلين لأب فلسطيني وأم ألمانية. في عام 2006
أنهت المخرجة دراستها الجامعية في العلوم الإنسانية، غير أنها فقدت الرغبة
في الاستمرار في البحث الأكاديمي، لتشد الرحال إلى الأرجنتين في رحلة
استكشافية للبلد، وهناك تعرفت على مجموعة من الشباب الذين ينجزون أفلاما
وثائقية. لتبدأ في دراسة الإخراج في "ميونيخ" جنوب ألمانيا.
دويتشه فيله في
20/12/2012
"سامر حسين المرزوقي" (مدير سوق دبي السينمائي)
لـ"التونسية":
نحن أقلية ولكننا أحسنا إدارة البلاد...
من مبعوثنا الخاص إلى دبي، مالك السّعيد
* لا تهمنا جنسية السينمائيين بل جدارتهم...
*لا أحد يحمي الفاشلين في الإمارات ...
*السينما صناعة وليست مجرد فرجة...
يتميز مهرجان دبي السينمائي عن سائر مهرجانات الخليج العربي بقياداته
المحلية، فرئيس المهرجان كما مديره الفني إمارتيا إضافة إلى مدير سوق دبي
السينمائي سامر حسين المرزوقي، وهو شاب في منتصف العشرينات متخصص في
الإعلام وحائز على ماجستير الأعمال، وقد لقب حين إدارته لتلفزيون
MTV العربية (2008-2010 ) بأصغر مدير قناة تلفزيونية في العالم، ثم إنتقل
إلى شركة "تو فور 54 " بإمارة أبو ظبي...
يحدث هذا في بلاد لا يراها البعض منا سوى بئرا من النفط في صحراء
قاحلة ينهب خيراته الروم من أنجليز وأمريكان ونخلد نحن للنوم مطمئنون إلى
أننا أفضل أمّة أخرجت للناس، وها نحن ننتظر "رحمة ربي" لتجاوز أزمة الحليب
"باكوات" في ما تلقى في الأودية مئات اللترات من الحليب في مناطق نائية من
بلادنا لأن الفلاحين المنتجين لا يجدون لمن يبيعون حليب أبقارهم ...
ويشتمل سوق دبي السينمائي على منتدى لتطوير المواهب وإقامة ورشات
العمل ولقاءات نقاش حول صناعة الأفلام مثل "مبادلة" وهي مجموعة أنشطة
المهرجان الخاصة بالتدريب و"الملتقى" وهو سوق الإنتاج السينمائي المشترك
و"إنجاز" وهو صندوق دعم المشاريع قيد الإنجاز و"فيلم مارت" وهي منصة لتجارة
الأفلام وتوزيعها.
يعمل سامر حسين المرزوقي دون كلل و لا يكتف بالمراسم ويتذكر في زحمة
التزاماته أنه ينتظر مولودة قد تحل في أي وقت ...
التونسية حاورت مدير سوق دبي السينمائي ...
·
كان مفاجئا لي أن أجد مدير سوق
دبي السينمائي شابا في العشرينات؟
أعتبر هذا نوعا من الإطراء الجميل الذي أشكرك عليه، ربما يصح علي
المثل الإنجليزي "رأس قديم على أكتاف شابة" انا لست غريبا عن مهرجان دبي
فقد إشتغلت فيه منذ بداياته متطوعا ثم منسقا للجان تحكيم مسابقة المواهب
العربية رفقة المخرج خالد المحمود، والآن أنا بشكل دائم في المهرجان وآمل
أن أكون في مستوى إنتظارات كل الذين آمنوا بي، بعد تجربة متنوعة خلال
السنوات الماضية إذ إشتغلت في مجالات متنوعة من التلفزيون إلى التسويق
·
عدد من مهرجانات العالم لا سوق
فيها، فما هي الفكرة التي يستند إليها سوق مهرجان دبي؟
نحن ننطلق من فكرة بسيطة ولكنها أساسية هي أن السينما صناعة وليست فنا
مجردا وفعالية ثقافية، وصناعة السينما في العالم العربي عدى بعض الدول غير
موجودة وتعاني عدة صعوبات، وسوق دبي تعمل كحافز نضع فيها مجموعة من البرامج
لدعم صناعة السينما العربية وتشجيع السينمائيين الشبان على تحقيق أحلامهم
·
ينظر إليكم من طرف الكثيرين
أفرادا ومجموعات كدولة غنية لها فائض من الأموال لذلك تدفعون بسخاء للنجوم،
بعيدا عن هذه الصورة، ما الذي تغير في واقع دبي السينمائي منذ تأسيس
المهرجان قبل تسع سنوات؟
للأسف كان ينظر إلى مهرجان دبي كوجهة سياحية للراحة والإستجمام ، ولكن
أؤكد لك أننا من خلال الاستخدام الحكيم للأموال الموضوعة على ذمتنا من طرف
حكومة دبي وهي نصف ميزانية المهرجان أما الباقي فنقوم بجمعه عن طريق
المستشهرين والداعمين ... ومن خلال مجموعة الأفلام التي قام سوق دبي
السينمائي بدعمها وتتجاوز 170 فيلما بين وثائقي وروائي ولذلك لسنا واجهة
سياحية بل موعد سينمائي له مكانته دوليا
·
يشعر كثير من السينمائيين
التونسيين انكم لا تولوا السينما التونسية اي إهتمام وكأن العالم العربي
يختزل لديكم في مصر ولبنان والعراق؟
لست متفقا معك فجائزة
IWC
للمخرجين الخليجيين، وقيمتها 100 ألف دولار فازت بها مخرجة عراقية هي ميسون
الباجة جي التي أخرجت تسعة أعمال وثائقية، منها أفلام "الرحلة الإيرانية"
و"المياه المرة" بعد تنافس مع المخرج البحريني محمد راشد بوعلي، ومن
الإمارات كل من عبدالله الكعبي، الذي أخرج في السابق فيلم "الفيلسوف"،
والمخرج علي مصطفى، والذي أخرج في السابق أيضاً فيلم "دار الحي".أي أن
الجائزة منحت لمخرجة من خارج دول مجلس التعاون الخليجي ولو كنا نفكر بمنطق
نحن قبل الآخرين لفاز بها مخرج إماراتي، وانا اعترف بان منح الجائزة لميسون
اثار بعض ردود الفعل ولكن توجهنا واضح وهو دعم أفضل الأعمال التي تصلنا لأن
هناك بالتأكيد أعمال جيدة لا تبلغنا نحن لا ننظر إلى جنسية المترشح بل إلى
جدارة عمله وإستحقاقه ويتم دعمه على هذا الأساس وعدد افلام المغرب العربي
التي دعمناها هي بكل تأكيد أكثر من عدد الأفلام الخليجية
·
نظمتم للمرة الأولى أجنحة
لعارضين من دول محدودة مثل كوريا الجنوبية وناميبيا لماذا هذا الإختيار؟
قررنا أن تكون البداية بثمانية أجنحة فقط وأعلنا ذلك منذ البداية
لأننا نحتاج بعض الوقت لفهم السوق كما أننا مرتبطون بالمساحة المتوفرة في
مدينة الجميرا ، وكان يفترض أن تكون المساهمة بثمانية دول أو مؤسسات عمومية
وقد بادرت مفوضية السينما الكورية "كوفيك" بحجز اربعة اجنحة إضافة إلى
مفوضية السينما بناميبيا و"إيماج نيشن" أبو ظبي ولجنة دبي للإنتاج
السينمائي والتلفزيوني ومدينة دبي للإستوديوهات، كانت إرادتنا ان تكون
البداية بمؤسسات وطنية مع الإشارة إلى ان هذه الأجنحة ليست مجانية بل يدفع
العارضون معلوما عليها إيمانا منهم بأن السوق قادرة على ترويج انتاجاتهم
السينمائية وقد وفرنا مكتبة رقمية تتوفر على 330 فيلما تتضمن أفلام
المهرجان نفسه وأفلاما إنتقاها المبرمجون دون أن تكون مدرجة في المسابقات
كما منحنا وكلاء التوزيع الذين لهم أفلام في المهرجان فرصة وضع ثلاثة أفلام
إضافية في السوق لقاء مبلغ معين وقد وجهنا الدعوة لعدة مهنيين من انحاء
العالم من موزعين ووكلاء مبيعات ومنتجين ونحن نغير قائمة المدعوين بنسبة
ثمانين بالمائة كل سنة حتى نستقطب أكبر عدد ممكن من المهنيين ونحتفظ بمن
يمكنهم إثراء المهرجان في مواقع مختلفة في ورشات عمل أو ندوات أو محاضرات
...
·
نظمتم ندوة عن التوزيع في العالم
العربي ومثل هذه المواضيع تناقش في أيام قرطاج السينمائية منذ أربعين عاما
دون أن يتغير وضع التوزيع السينمائي في العالم العربي، فما هي إضافة سوق
دبي السينمائي؟
لا أختلف معك في هذا التشخيص، لكن ما يميز نشاطنا اننا نعقد حلقات
تعارف بين المشاركين والحاضرين في الندوات بما يفتح أفقا جديدا، ذلك ان
الشخصيات التي ندعوها من الشخصيات المؤثرة في صناعة السينما في بلدانها،
وهناك افكار نعمل عليها، لا تنس اننا حين بدأنا السوق قبل ست سنوات بدأنا
بورشتي عمل بين منتجين إماراتيين ومنتجين لبنانيين ومن تلك الحوارات
الطبيعية تطورت السوق من خلال المبادرات الجديدة وسنعلن مبادرة تتعلق
بتوزيع السينما العربية في أقرب الآجال
·
هل يؤثر سوق دبي السينمائي على
سوق القاعات التجارية في دبي؟
لا لا علاقة لنا ببرمجة الأفلام في القاعات التجارية
·
لفت نظري أن إدارة مهرجان دبي
جلها من المواطنين خلافا لواقع مهرجانات أخرى خليجية فهل هو قرار سياسي؟
لا
·
كيف نفهم أن مهرجان أبو ظبي
السينمائي لم يعين مواطنا على رأسه إلا في الدورة الأخيرة؟
أخي العزيز بغض النظر عن المهرجانات الأخرى أعتقد أن المسألة تتعلق
بالجدارة ، القيادات الأجنبية التي فشلت تم تغييرها والقيادات المحلية التي
قامت بما يلزم لتحقيق الأهداف المبرمجة تم تجديد الثقة فيها هذه هي قراءتي
للمسألة ،
·
لو يفشل إماراتي في مهمته هل يتم
تغييره؟
أكيد وقد حدث هذا أكثر من مرة ، لا أحد يحمي الفاشلين في الإمارات
·
ماذا تنبؤك المؤشرات الحالية؟ هل
سيتم التجديد لمدير سوق دبي السينمائي؟
مازال باكرا للحكم على ما قدمته لكن صدقني أنا أعمل رفقة فريق من
الشباب والمستشارين لإثبات الجدارة وتطوير سوق دبي بأفكار ومبادرات جديدة
·
نشأت في ظروف ملكية مقارنة بشباب
المغرب العربي فإخترت دراسة الإعلام خلافا لأشقائك الذين تخصصوا إما في
الطب أو في المحاسبة، ما هي دوافعك لهذا الاختيار؟
"مين خبّرك؟" بدايتي كانت مع التصوير الفوتوغرافي أيام المدرسة ثم
إقتنى لي أبي وهو رجل أعمال آلة تصوير
·
هل تشعر بأنه اليوم فخور بك؟
أكيد ، كنت أصور الأنشطة التي نقوم بها في المدرسة وعلى هذا المنوال
درست الإعلام كان إختيارا صعبا في البداية وخاصة في ما يتعلق بطول ساعات
العمل ولكن مع الوقت صار هناك تقبل ، ولعلمك أبي منذ سنة 1969 لم يدخل قاعة
سينما وأنا أعتبر أنه هدف شخصي لي أن أعيده إلى السينما وقد تجاوز الخامسة
والسبعين
·
هواية التصوير الفوتوغرافي قادتك
إلى إدارة سوق دبي السينمائي هل تفكر في العودة إلى الكاميرا؟
أنا أنجزت أفلاما قصيرة وكتبت سيناريوهات منها فيلما وثائقيا "أصوات
الألم" في مسابقة أفلام الإمارات وكنت مدير المواقع في فيلم"الدائرة" لنواف
الاجناحي الذي لم يعرض، ولا أخفي عليك بأن فكرة تغلي في رأسي سأعمل على
إنجازها وتتعلق بفترة زواجي
·
يشتكي السينمائيون الإماراتيون
من مشكل التمويل فكيف نفهم هذه الشكوى في بلد غني ؟
للأسف هذا واقع نعيشه وليس إفتراضا، مسابقة افلام الإمارات هي التي
اتاحت فرصة مشاهدة الإمارات على الشاشة لأول مرة، المشكل ان فكرة السينما
صناعة مازالت غير واضحة لدى المجتمع ولدى المؤسسات الحكومية، الوضع لا يشبه
ما يحدث في اوروبا التي رغم ازمتها المالية مازالت تدعم السينما بمبالغ
سخية مقارنة بما نعطيه نحن لمخرجينا إلى اليوم لم يتمكن أي فيلم إماراتي
طويل من تغطية مصاريفه بالعرض التجاري، أنظر مثلا اللبنانية نادين لبكي كيف
غزت أفلامها القاعات السينمائية في العالم؟ علينا أن نبذل مجهودات أكبر
لنغير الوعي الجماعي حتى يدرك المجتمع أن السينما ليست مجرد هواية فردية بل
صناعة قادرة على أن تكون لها مكانتها الإقتصادية ، الوضع لا يقارن بالوضع
في تونس والمغرب ومصر
·
ما موقفك من إدماج مسابقة أفلام
الإمارات ضمن مهرجان أبو ظبي السينمائي؟
"والله ما أقدر أعلق"
·
هل تشعر كشاب إماراتي بأنك جزء
من الوطن العربي أو أن إنتماءكم الخليجي يدفعكم للإنغلاق؟
لا شك في إنتمائنا للعالم العربي وإن كان طبيعيا فقد قربنا أكثر
كخليجيين من بعضنا البعض كما الحال في بلدان المغرب العربي ، أما إن أردت
التلميح إلى أننا أقلية في بلدنا فهذا صحيح ونحن واعون بالموضوع ولكننا...
·
هل يحرجكم هذا الموضوع؟
يزعجنا إلى حد ما ، ولكننا تأقلمنا مع هذا المعطى وحكومتنا علمتنا كيف
نتفاعل مع هذا الوضع الذي إستثمرناه لفائدة البلاد والمقيمون فيها مواطنون
ووافدون
·
ما تعليقك على أنك تحمل ذات لقب
رئيس تونس المؤقت المنصف المرزوقي؟
توقعت منك هذا السؤال ، وسعدت بهذه الصدفة قدر استيائي ذات مرة حين
علمت بأن أحد "الإخوانجية" مرزوقي أيضا ، فقلت لأصدقائي واحدة بواحدة ...
وفي النهاية أنت ترى أننا لسنا بعيدين عن بعضنا البعض فجذورنا تلتقي في
أكثر من مكان
موقع "التونسية" في
18/12/2012
في مهرجان دبي السينمائي:
صحفي مصري لـ"التونسية: هذا الرجل حببني في
بلادكم...و"سمير فريد" يكشف سرّ مقاطعته لتونس...
*بقلم:مالك السعيد
خلال متابعتنا لمهرجان دبي السينمائي، وقد كانت التونسية الجريدة
التونسية الوحيدة المعتمدة، لاقينا الصحفي أمير الألفي الذي يعمل محررا
اقتصاديا بجريدة الإمارات اليوم، ومع محبتنا لأشقائنا المصريين الذين
يموتون في تونس بلدهم الثاني حبّا، فإن أمير لا يشبههم في ما يتعلق بمنطق
"أصلنا بناكل عيش"، وهو منطق يبرر كل شيء خارج أرض الكنانة بما في ذلك
الضرب تحت الحزام وقطع أرزاق الآخرين، هو شاب على أبواب الزواج، يعرف منطقة
الخليج العربي معرفته لمحافظة الشرقية مسقط رأسه، ولا يتردد أمير في
الاعتراف بأن الإماراتيين هم اطيب الخليجيين وأحسنهم وفادة لبني جلدتهم من
العرب، ويضيف امير الألفي" أما تونس فقد احببتها من خلال ديبلوماسي كان
يعمل في سفارتكم بالإمارات إسمه رؤوف بن سالم الذي فقدت الصلة به، هذا
الرجل هو الذي حببني في تونس، فبفضله زرت بلادكم مع عدد من الصحفيين وتجولت
بين مدنها من الشمال إلى الجنوب، وفتح لي الرجل بيته وقلبه ... كان خدوما،
رفيع الأخلاق وكان الصحفيون هنا يكنون لتونس من خلاله كل التقدير وأكثر"
...
وفي نهاية حديثه طلب منا أمير الألفي أن نساعده في البحث عن هذا
الصديق القديم"يا ريت تلاقيهولي"، وأضاف "مادام هذا الرجل خدم تونس بهذه
الطريقة فلا بد أنه رقّي في الخارجية بعد الثورة"، بصراحة خشيت ان اجيبه
بما لا يمكن ان يتصوره في افضل حكومة عبر تاريخ تونس كما وصفها وزير
الخارجية صاحب الحذاء البنّي، "ربما كان مصيره سيئا لأنه اجتهد في عمله"،
فمنظومة الإدارة التونسية يا عزيزي قد يعاقب فيها المرء على اجتهاده، وبقدر
ما تتقن عملك يتكاثر حسادك وأعداؤك وتشتد ضرباتهم ووشاياتهم ونميمتهم،
وبقدر ما يكون المرء لا مباليا "وبايعها بلفتة" فإنه يعيش بسلام ما تيسر،
اما إذا كان من المتزلفين المتسلقين من ذوي الرؤوس المنخفضة طبيعيا أو
لتجنب العواصف أو من قليلي الحياء الذين يشنون حرب الكل على الكل ليظلوا
بمنأى عن سؤال "وأنت ما نصيبك مما حدث؟وماذا فعلت قبل 14 جانفي عدى النضال
في دار الصحفي ومتمماتها؟" فطريقه أو طريقها سالكة نحو المجد الثوري "
كم من " رؤوف بن سالم "نحتاج من أجل ترميم مرآتنا المهشمة؟
الشهادة الثانية ، كان مصدرها الناقد السينمائي المصري سمير فريد،
ولعله شيخ النقاد العرب، يذكر الرجل بالتفصيل غير المملّ زيارته إلى تونس
سنة 1968 بمناسبة الدورة الثانية لأيام قرطاج السينمائية و قد استقبله
بورقيبة ضمن ضيوف الأيام في قصر قرطاج وتحدث إليه رأسا لرأس لا عن السينما
بل عن عنجهية عبد الناصر وقلة درايته السياسية ...
سألت سمير فريد عن سرّ غيابه منذ سنوات عن مهرجان قرطاج، فرد بإيجاز
مكثف" زيارتي الأخيرة كانت نهاية التسعينات في أيام قرطاج السينمائية ، عدت
إلى غرفتي فوجدت أدباشي مبعثرة ، كانت الرسالة واضحة "لقد فتشنا أغراضك،
ونريدك أن تنتبه إلى ذلك". فهم سمير فريد الرسالة، غادر تونس ولم يعد إليها
منذ ذلك الوقت ...
سألته بما ظل فيّ من براءة القرويين وطيبتهم "ألم يعتذر لك أحد؟ وقتها
أو بعد حين؟ "، رد بابتسامة ودودة "ومن سيعتذر لي يا صديقي؟ الرسالة كانت
واضحة، لا نرغب في وجودك بيننا " وأنا فهمت الرسالة .
مسكت لساني حتى لا أثير أحزان الماضي ونحن نأمل خيرا في الآتي ...على
الأقل أخذا بخاطر محمد المديوني في إبتكاره "شاشات الآتي" ...
موقع "التونسية" في
19/12/2012 |