حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي السبعون

مهرجان - "البندقية 70":

رياح الشاعرية هبّت مع ملحمة ميازاكي العائلة الأوروبية لا تنام قريرة العين وكايج يسلك درب التوبة

البندقية ــ هوفيك حبشيان

سيطر الأميركيون بأفلامهم الكثيرة على الأيام الاولى من مهرجان البندقية (دورة 70، 28 آب ــ 7 أيلول). بعد الافتتاح بفيلم "جاذبية" لألفونسو كوارون (مع جورج كلوني وساندرا بولوك)، كان للوافدين الى جزيرة السينما، من مهنيين وهواة، محطة مع فيلمين أميركيين في المسابقة الرسمية: "جو" لديفيد غوردن غرين و"طفل الله" لجيمس فرنكو (نعود اليه لاحقاً).

في الأول، يصوّر المخرج الأميركي الشاب النجم الكاريزماتي نيكولاس كايج الذي خبت نجوميته في المرحلة الأخيرة، بعدما كان أحد رموز شبّاك التذاكر في سنوات الألفين. يؤدي كايج دور رجل يسلك درب التوبة، في أفلمة لرواية كاتب مغمور اسمه لاري براون. لعبة المخرج واضحة وتتمثل في اعادة اعطاء كايج ما فقده، في خطوة تشبه قليلاً ما فعله دارن ارونوفسكي مع ميكي رورك في "المصارع" (2008). واذا كان الفيلم يفيض بمحليته، حاملاً إيانا الى عمق الجنوب الأميركي (الميسيسيبي)، الى ذلك المجتمع الهامشيّ الذي لم يُثر كتّاب السيناريو، فالحقّ ان كايج يخرج من التجربة مثلما تخرج "الشعرة من العجينة"، وهو الرابح الأول في نصّ بليد الايقاع، متكرر وحافل بالمشاهد العنيفة، ولا يتضمن ايّ بعد لافت في نظرته الى شخصية تصفّي حسابها مع الذات والماضي، متابِعةً مسارها التدريبي نحو الولادة الجديدة.

كايج، هذا الممثل الكبير (49 عاماً) الذي سبق ان اضطلع بدور مدمن الكحول بن ساندرسون في "الرحيل من لاس فيغاس" (1995) وحاز عنه "أوسكار" أفضل ممثل، تغيرت تقنياته التمثيلية بين أمس واليوم، بحسب ما صرّح في المؤتمر الصحافي الذي عُقد على هامش المهرجان. في الماضي، عندما كان يحتاج الى أن يبدو سكّيراً في الفيلم، كان يحتسي الخمرة فحسب ليدخل الى جلد الشخصية. أما اليوم، فيكتفي بأن يضع نفسه في الحالة ويطمح الى ايجاد الحقيقة في الشخصية التي يحمل ملامحها. ففي جديد المخرج غرين، الذي كان شارك في الدورة الأخيرة من مهرجان برلين بفيلم "الأمير افالانش" السيئ الذكر، نرى كايج ملتحياً، يلقي نظرته القاسية على محيطه ويُغرق عدميته في الشرب. يشتغل في الغابات حيث يتعرف بحكم عمله الى مراهق (تاي شريدان)، فيسعى الى حمايته من والده المدمن. قال كايج إن الفيلم قد يكون "عن أيّ شيء تريدونه أن يكون؛ اذا وجدتم انه يتناول أزمتنا الاجتماعية، فليكن"، قبل أن يوضح أن "جو" بالنسبة اليه هو، أولاً وأخيراً، ولادة شخصية ونقلها من العدم الى الحياة. يبقى القول ان كايج هو، حتى لحظة كتابة هذا المقال، واحد من أكثر المرشحين جدية لجائزة التمثيل، وإن كان الوقت مبكراً بعد لإطلاق الترجيحات.

■■■

بعيداً من أميركا الحديثة، أخذنا المخرج الكبير وليم فريديكن (78 عاماً)، الذي كرّمته الـ"موسترا" غداة الافتتاح بأسد ذهبي لمجمل أعماله، الى السبعينات يوم انجز فيلمه "المشعوذ"، الذي استند بشكل واضح الى فيلم "اجر الخوف" (1953( للمخرج الفرنسي هنري جورج كلوزو. شكّل عرض الفيلم لحظة وجدانية استحوذت على الحاضرين وقلوبهم، ولا سيما ان الكلمة القليلة التي القاها فريدكين بعد العرض اعادتنا الى لحظات مجيدة من تاريخ السينما. فريدكين، اسطورة هوليوود، الرجل الحديد الذي ساهم في انشاء حركة "هوليوود الجديدة" في اواخر الستينات، مع جيل كان يطمح الى استرداد السينما من "أرباب الاستوديوات"، قال بتواضع لم يترك محلاً للشكّ إنه تسعده وتحرجه في آن واحد ان ينال جائزة سبق ان اسنِدت قبله الى تشارلي شابلن وانطونيوني وجون فورد. وتوقف عند اسم اورسون ويلز (نالها عام 1970)، الذي شكّل له المدرسة والينبوع. "المشعوذ" (١٩٧٧)، هذا الفيلم المرمم الذي يندرج ضمن مجموعة أفلام أعيد تنقيحها كنوع من اعادة اعتبار الى كلاسيكيات السينما، اعاد توزيع افكار كلوزو في قالب يولي المناخ التشويقي على الطريقة الأميركية الأهمية الاولى، علماً ان فريدكين له نزعة اوروبية في سعيه الى اعطاء الشخصيات ابعاداً فلسفية ودينية وسوسيولوجية. لم تأتِ النسخة الثانية أقل أهمية وروعة من فيلم كلوزو. ففريدكين اشتهر بسعيه الى بلوغ الكمال في غير فيلم تولى انجازه، وكان يطمح دائماً لاحاطة العمل بظروف قاسية. الحكايات كثيرة، سواء تلك التي تتعلق بإنجاز هذا الفيلم او غيره، وينقلها بيتر بيسكيند في كتابه المدهش "ايزي رايدر وثور هائج". هذا الفيلم القيّم هو، كما ذكّرنا مخرج "الشبكة الفرنسية" عندما اعتلى الخشبة لتسلّم جائزته، استعارة لعالمنا الحالي، بحيث ان اربعة رجال غرباء، كلٌّ منهم يكره الآخر، يضطرون الى ان يتعايشوا معاً كي يتغلبوا على التحدي وفق قاعدة: "في التضامن قوة". هذا هو الشرط الوحيد كي لا تنفجر بهم الشاحنة.

■■■

البهتان الذي أصاب المسابقة في هذه الدورة بدده فيلم هاياو ميازاكي "الرياح تهبّ" (مسابقة)، الذي كُشفت تفاصيله مساء السبت، حدّ ان المرء أحسّ فجأة بالانفراج وشعر بأن المهرجان بدأ للتوّ. فالمعلم الياباني حملنا الى أجواء مفعمة بالحلم والممكن المستحيل، التي كانت سمة سينماه مذ بدأ بصناعة الأفلام في نهاية السبعينات. بعد مشاهدة "الرياح تهبّ"، يمكن الجزم، مرةً جديدة انه لو كان للعطف والخيال عنوان فعنوانهما كان ليكون: هاياو ميازاكي، 1941 - طوكيو/ اليابان. هذا الرجل ثروة وطنية وقيمة ثقافية وانسانية وسينماتوغرافية لا تدمرها القنبلة النووية. الرجل المهووس بالملاحة الجوية يحلّق عالياً في فضاء الفنّ السابع مع عمل ملمّ بالتفاصيل، لغته السينمائية الألوان والأشكال أكثر منها الكلمات. الفيلم الذي سبق ان نزل الى الصالات اليابانية في 20 تموز الفائت ينقل سيرة جيرو هوريكوشي، مصمم القاذفات المقاتلة "ميتسوبيشي"، في الحقبة التي أبدع فيها، أي في ثلاثينات القرن الماضي. سيرة عبقري يهدي اليه ميازاكي هذا الشريط الجذاب منذ أول لقطة حتى صعود الجنريك. نحن أمام رحلة لا تقل عن "رحلة شيهيرو" روعة، يلتقطها بنوستالجيا قد تصدم الذين لم يتصالحوا بعد مع تاريخهم (الجمعيات المناهضة للتدخين اتهمت الفيلم بالإكثار من اظهار ناس يدخنون).

ما يأتينا به هنا معلّم التحريك هو ملحمة تعبر مراحل عدة من تاريخ بلاد عرفت الصعود والهبوط، منذ الهزة الأرضية التي ضربت طوكيو (مبهر كيف تصوّرتها مخيلة أبي "الأميرة مونونوكيه")، مروراً بالأزمة الاقتصادية، وصولاً الى دخول أمبرطورية الشمس المشرقة في الحرب التي حولت طائرات هوريكوشي خردة يتصاعد منها الدخان. هوريكوشي، شخصية الصانع النابغة التي يتمحور عليها معظم الحوادث، والشاهد على كل هذه التحولات والتحديات التي في انتظار بلاده، تسكنه حيناً مشاعر العطف والحنان (المتجسدة في لقاءاته الحالمة مع المصمم الايطالي كابروني من جانب، ومعايشته لقصة حبه مع حبيبته ناوكو المريضة من جانب آخر) ويعتمل في داخله حيناً آخر اصراره على انجاح مخططه. هوريكوشي نوع من الأنا الأخرى للمخرج. وسط كل هذه العواصف الجمالية، يحتل التحليق وكل اللقطات البديعة في السماء متن الفيلم، لكن لا ينسى ميازاكي ان يقول إن "الأمبرطورية اليابانية" الحديثة نهضت على العمل الدؤوب والعقل التنظيمي الجبار، فانتقلت اليابان من الانجازات الرديئة والفقر والعوز الى نموذج صناعي يحتذى به. لكن في الوقت نفسه يدعم النص فكرة ارتباط العلم بالسياسة، في زمن الحلف بين ألمانيا النازية والأمبرطورية، وهذا ما قد يتسبب لميازاكي ببعض المتاعب من المحافظين.

■■■

أعلنها مدير الـ"موسترا" ألبرتو باربيرا في المؤتمر الصحافي: "هذه دورة لا يغلب عليها الفرح". هذا ما تأكد لنا عندما شاهدنا الفيلم الألماني "زوجة ضابط الشرطة" لفيليب غرونينغ (مسابقة). زوجان (ألكسندرا فيندر وديفيد زيمرشيد) يعيشان حياة عادية بلا مفاجآت في الريف الألماني الهادئ. الزوج شرطي والزوجة تلازم المنزل لتكرس وقتها للطفلة. ظاهرياً، كل شيء يبدو عادياً ومكرراً في البداية، حتى لحظة دخولنا في حميمية العائلة ويومياتها المتشابهة والمتعاقبة. هناك، سننزلق شيئاً فشيئاً في ما يعيشه الزوجان وطفلهما داخل الجدران التي تفصلهم عن أعين الغرباء. سيمسك العنف بأضلاعنا، لحظة بعد لحظة، على مدار 175 دقيقة لا تمر بسهولة، حتى بلوغ الفيلم الخاتمة الموجعة القادرة على سحق اكثر القلوب قسوة.

يمر أكثر من نصف ساعة قبل ان تصلنا اولى اشارات العنف داخل البيت الواحد. في احد المشاهد، ينهال الرجل على زوجته بالضرب عندما لا يجدها الى جانبه بعد استيقاظه ليلاً. للدخول في قلب تلك المعاناة، علينا ان نمر عبر صيغة حكائية مقسمة عشرات الفصول، علماً ان معظم الفصول لا يتعدى لقطة عابرة لطير يحلّق او مجرد تفصيل لا يزيد من المعنى ولا ينقصه. خطة المخرج انزالنا في الجحيم الباردة بخطوات بطيئة واكيدة، كي لا يكون الخروج من الجحيم سهلاً. في النهاية، تصبح حالة الشخصيات حالتنا. نفهم المؤامرة الجمالية التي يحوكها ضدنا غرونينغ، لكن تقنية الفواصل ولا سيما الدخول اليها والخروج منها في كل مرة تستهلك ربع الفيلم، والأسوأ انها تكبح الانفعال وتجعل الايقاع التصاعدي يهبط. لكن، ما العمل في ظل عدم وجود وحدة سردية يتكئ عليها المخرج؟

ليس هذا الفيلم الوحيد عن العنف الاسري في البندقية، هناك ايضاً الشريط الذي انجزته مصصمة الأزياء الفرنسية التي "تحبّ السينما" أنييس ب. وعنوانه "اسمي هممم..." (قسم "أوريزونتي"). شريط مطعّم بالفيديو آرت، ذو معالجة بصرية مثيرة، يصوّر الرحلة التي تقوم بها الصبية سيلين (لو ــ ليلى ديميرلياك) مع سائق شاحنة بريطاني (دوغلاس غوردون) يعبر فرنسا، وتلتقيه مصادفة خلال عطلتها المدرسية على الشاطئ. هذا فيلم طريق ستتعرف فيه سيلين إلى معنى ان تكون خارج الحضن العائلي (الأكثر اماناً على ما يبدو)، ذلك ان ثمة سرّاً لا تستطيع البوح به (تحرّش والدها بها) يأكلها من الداخل. الفيلم استطاع ان يثير الانفعال، وهو الأول لسيدة شهيرة تبلغ الثانية والسبعين.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

في الـ"موسترا" لكلٍّ سينماه

هـ . ح.

70 مقطعاً سينمائياً بتوقيع سينمائيين مشاهير واقل شهرة عرضت في البندقية تحت مسمى Venezia 70 - Future Reloaded: عباس كيارستمي، كلير دوني، امير نادري، اتوم ايغويان، الكسندر فيدورتشنكو، الكسي غيرمان جونيور، شيخار كابور، يورغوس لانتيموس، بريانتي مندوزا، وبرناردو برتوللوتشي، رئيس لجنة تحكيم هذه الدورة، الذي صوّر حصته الفيلمية من على كرسيه المتحرك في مقطع سمّاه "الحذاء الأحمر"، فيما يصدح صوت شارل ترينيه في الخلفية. التيمة التي تمحورت عليها الافلام الـ70 هي مستقبل السينما في ظل كل الازمات التي يعبر بها العالم، من جنوب الكرة الارضية الى شمالها. لكن تفاصيل القصة تُركت للمخرجين ولمخيلتهم. وهؤلاء ابدعوا. طبعا، الافلام التي تراوحت المدة الزمنية لكل منها بين الدقيقة والتسعين ثانية، جاءت مستوياتها متفاوتة جداً. لم يحضر المهرجان إلا عدد قليل من السينمائيين بسبب ضيق الموازنة وعدم قدرة الموسترا على تولي تكاليف السفر والاقامة.

بعضها يندرج في اطار الخواطر والاضاءات السريعة اللافتة، وبعضها الآخر لم يرتقِ الى مستوى الفنّ السينمائي. كارتين بريا مثلاً قدّمت مقطعاً كأنه مستل من احد افلامها، حيث تشتكي مما اصاب السينما في هذا الزمن الحديث. مثلها ميكيلي بلاتشيدو الذي ذهب مباشرة الى الهدف، او ايرمانو اولمي الذي تحسر على زمن المافيولا. هاجس انقراض الشريط الخام 35 ملم طغى على الهموم الأخرى. بول شرايدر أخبرنا عن علاقة الشكل بالمضمون، معلناً ان "لا نبيذ من دون قنينة". مخرج آسيوي، نسيت اسمه، لجأ الى مونتاج لقامات كبيرة في عالم السينما، مكتفياً بكتابة الجملة الآتية في آخر المقطع: "المستقبل كان في عيونهم". وفي حين اكتفى بونوا جاكو بوضعنا امام وجه فتاة فرنسية جميلة يمكن تأمله لساعات، كان لألكسي فيدورتشنكو فكرة قريبة منها مع اعين ووجوه.
جيمس فرنكو المشارك في المسابقة جاء على ذكر كوبولا والعنف في السينما، المسار الذي أكملته زميلة الدانماركي توبياس ليندولم في فيلم يجعلنا شهوداً على جحيم الحرب. جميل ايضاً ان نرى فيلماً للفيليبيني الكبير لاف دياز، لا يتجاوز الدقيقة، بعدما عوّدنا على افلام طولها 6 او 7 ساعات. الايراني امير نادري اسدى إلينا نصيحة "لا تستسلموا"، أما زميلته شيرين نشات فعادت الى أي سيرغي ايزنشتاين، ابي المونتاج السينمائي ورائعته "البارجة بوتمكين". فيلم ايطالي اغرق الصالة في الضحك، وكذا عندما اطل فيلم مندوزا. تعاطفتُ ايضاً مع كيم كي دوك الذي صوّر امه وهي تخرج للتبضع، وحزنتُ مع هايلي غيريما في حزنه المزمن على حال السينما الافريقية المنكوبة. وشعرت بالأسى وانا اتابع شذرة هالة العبدالله عن سوريا. شخصياً، صرفتُ وقتي محاولًاً ان أحزر من هو صاحب كل فيلم. الفكرة الجيدة في المشروع ان اسم المخرج كان يأتي دائماً في الآخر، وهذا ترك للمشاهد فرصة التكهن. أصبتُ ربما نحو خمس مرات من اصل سبعين.

النهار اللبنانية في

02/09/2013

 

مهرجان فينيسيا:

واقع محبط.. ومستقبل مظلم!

أميرالعمري- فينيسيا 

يمتليء برنامج مهرجان فينيسيا السينمائي هذا العام بمجموعة من الأفلام التي تشترك فيما بينها في تصوير الجوانب الداكنة الشريرة في النفس البشرية، والمغالاة في التشاؤم، فالواقع مليء بالإحباطات، والمستقبل لا يبشر بالخير، ويبدو أنه ليس هناك مخرجا من تلك "الورطة" التي تجسد الحالة الإنسانية في الوقت الراهن. والعنف ليس حلا لكنه الشيء الوحيد المتاح للاحتجاج على رداءة العالم، والحب لم يعد وسيلة للنجاة لأن المرض أو الشر أو الطمع والغيرة قد تقف في وجهه وتفشله. والنتيجة أننا أمام دائرة مغلقة!

في الفيلم اليوناني البديع "الآنسة عنف" Miss violence نحن أمام أسرة يونانية بسيطة، تدفع الحاجة عائلها وهو رجل في الستينيات من عمره، إلى العمل كقواد لبناته وحفيداته، يأخذهن بنفسه إلى الزبائن ويتقاضى الأجر بل ويقوم بتسجيله في دفتر أيضا، ثم نكتشف أن حفيداته وأحفاده ليسوا أحفادا بل أبناء له لأنه يضاجع أيضا إبنته الكبرى التي أنجب منها، بل واتجه الآن أيضا إلى مضاجعة ابنته الصغرى (14 سنة)، وعندما تعلم إحدى الحفيدات أن الدور عليها للقيام بالمهمة تنتحر بأن تلقي بنفسها من الشرفة أثناء الاحتفال بعيد ميلادها، وهو المشهد الذي تبدأ به أحداث هذه التراجيديا اليونانية المتميزة: كتابة وإخراجا.

والفيلم الأمريكي "نايت موفز" Night Moves  وليس من الممكن ترجمته "تحركات ليلية") لأن الإسم هو اسم القارب الذي تشتريه بطلة الفيلم وإن كان الإسم يرمز إلى ما تقوم به الفتاة وهي من الناشطات من أجل حماية البيئة مع زميل لها ينضم إليهما جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية، والهدف الحصول على مادة نترات الأمونيا التي تستخدم في تخصيب الأرض الزراعية أي كسماد، في صنع مادة متفجرة لاستخدامها في تفجير سد مقام على أحد الانهار من اجل لفت الانظار الى ما تتعرض له البيئة النهرية خصوصا، من اعتداء فظ!!

وفي فيلم "ميدياز" Medeas  نتابع مأساة أسرة أمريكية تقيم في منقطة صحراوية قرب الحدود المكسيكية، الزوجة صماء بكماء، أنجبت للزوج أربعة أبناء، وأصبحت الآن مصابة بمرض نقصان المناعة (الإيدز): لا نعرف كيف، ولكنها أصبحت بالتالي محرمة جنسيا على الزوج الذي يعاني من الحرمان.. ولكنه يفشل في اقامة أي علاقات جنسية بديلة بسبب حبه لزوجته. والأطفال يعلمون الحقيقة لكن لا أحد يمكنه أن يفعل شيئا، والجميع ينتظرون وفاة الزوجة لكنها من الظاهر، تبدو في حالة جيدة فلم تبدأ بعد أعراض التدهور الجسماني في الظهور. فيلم بسيط مليء بلحظات الصمت والترقب، يحتفي بالطبيعة في مواجهة الموت شأنه شأن معظم الأفلام الأمريكية المشالاركة هنا.

أما الفيلم التركي "منزل لا أحد" للمخرجة دينيس ألكاي فهو يصور أيضا مأساة عائلة فقدت الأب، وأصبحت الأم التي تجاوزت الخمسين بقليل، مسؤولة وحدها بصحبة فتاتين وولد في عمر المراهقة: الأم ترفض قبول الأمر الواقع وتحمل المسؤولية لابنتها الكبرى التي تعمل وتتطلع لبدء حياة مستقلة بالزواج لكن الأم تقاوم تلك الرغبة وتحاول بشتى السبل إفشالها. وعندما تفشل في وقف الزواج تنتحر!

ما هذا الذي يحدث في السينما العالمية؟ ما كل هذه الجرعة من التشاؤم والإحساس المضاعف بالقهر وانعدام وجود مخرج، وما كل هذا التفنن والابتكار في التعبير عن القلق والخوف؟

الفيلم اليوناني الذي يسير ببرود تام وكأن جميع شخصياته منومة، قد يكون تعبيرا احتجاجيا عن الحالة الاقتصادية التي وصلت اليها اليونان حاليا. والفيلم الأمريكي "نايت موفز" يتحول قرب نهايته من الاحتجاج السياسي الفوضوي إلى العنف الفردي بعدما تسيطر عقدة الاحساس بالذنب على الناشطة المناهضة لتلويث البيئة بعد أن تسبب التفجير في مقتل أحد الأشخاص، وعندها يتجه زميلها إلى قتلها في مشهد متأثر كثيرا بمشهد القتل في فيلم هيتشكوك الشهير Psycho (سايكو). والفيلم اليوناني ينتهي بالتطهير المعروف في التراجيديا اليونانية أي بقتل الأب- الجد الذي تاجر في لحم سلالته وإسالة دمائه بالسكين!

والفيلم الكندي من مونتريال "توم في المزرعة" يمتلي هو الآخر بجرعة هائلة من العنف والقسوة واللعبعلى نغمة الجنسية المثلية وكيف أنها لاتزال تعتبر من المحرمات في الريف هناك، وكيف يبذل شاب كل جهده لمحو كل آثار شقيقه الذي كان قبل وفاقته في حادثة غامضة أخيرا، من المثليين جنسيا، ولو بالقتل.

مسابقة المهرجان تشهد منافسة بين عدد من الأفلام التي تتنافس على جائزة الأسد الذهبي- أرفع الجوائز، وفي مقدمتها فيلم "فيلومينا" لتسيفن فريرز (اقرأ مقالي عنه في موقع الجزيرة الوثائقية الخميس القادم) وهو عمل بديع يتعرض أيضا لموضوع الحنسية المثلية ولو من بعيد وبنظرة إنسانية عامة. وربما يأتي بعده فيلم تيري جيليام المنتظر "المعادل صفر". ومازلنا في انتظار فيلمي آموس جيتاي الاسرائيلي، ومرزاق علواش الجزائري، وكلاهما من الانتاج الفرنسي بالطبع فلا يوجد انتاج لهذا النوع من الافلام، لا في العالم العربي، ولا في اسرائيل!

ملاحظات:

* شاهدت ساعة ونصف من فيلم "الوطن من الوطن: يوميات رؤية" للمخرج الألماني إدجار رايتز، ويبلغ كوله أربع ساعات. ووجدته أقل كثيرا من التحفة الكبرى للمخرج نفسه "هايمات" (أو الزطن) التي شاهدتها عام 1984 في أكثر من 16 ساعة، واستمتعت بها أيما استمتاع. هنا محاولة لاستعادة أجواء العيش في الريف الألاني في منتصف القرن التاسع عشر ثم من الواضح أنه سينتقل بعد الساعة والنصف الأولى التي لا تتحرك سوى بصعوبة شديدة إلى الأمام، إلى البرازيل حيث يهاجر بطله الشاب حالما بالجنة الفاضلة بعد أن تسلح بمعرفة لغة السكان الأصليين في الأمازون!

* السينما البرتغالية في أزمة: منشور قام بتوزيعه السينمائيون البرتغاليون والنقاد الحاضرون هنا يدين تحخلي الدولة عن دعم السينما بشكل تام وهو ما يهدد بتوقف انتاج الافلام ذات القيمة الفنية كما يقول المنشور. لا شيء جديد في ذلك فهذا هو الحال في ايطاليا وروسيا وصربيا وبولندا وغيرها، وعاما بعد عام ترفع الحكومات أيديها عن دعم السينما، بعد أن أصبحت توجد – رمزيا- من خلال التليفزيون.. وبالطبع.. "ماما فرنسا"!

عين على السينما في

02/09/2013

 

يوميات مهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي (5)

ابنة أبيها

فينسيا: محمد رُضا 

قالت وقد ترقرق الدمع في عينيها: «والدي قتل أناسا» سألتها عما إذا كان ترك في مذكراته أو أوراقه أو أي من أفلامه ما ينبئ بأنه تغير بعد عودته من الحرب، فقالت: «لا أستطيع أن أؤكد، بل أتوقع أنه فعل. والدي حارب مجندا لأربع سنوات، ولا بد أن ذلك ترك أثرا ما في شخصيته».

إنها سامانتا فولر تتحدث عن أبيها المخرج سام فولر. لقد وصلت إلى مهرجان فينيسيا لغاية عرض فيلم قامت بإنتاجه وإخراجه عن والدها وذلك في قسم «فينيسيا كلاسيكس». فيلم تقول عنه إنه نتيجة رغبتها في إحياء ذكرى أبيها الذي ولد قبل 100 سنة:

«دخلت غرفته قبل نحو عام وجلست أنظر إلى كل تلك الأفلام المحفوظة جيدا في مكتبه.. عادة ما أدخل تلك الغرفة لأنفض الغبار عنها، لكن في تلك المرة فكرت في أن أفضل طريقة للاحتفاء بمولده هو تحقيق هذا الفيلم عنه».

العنوان هو «حياة فولر» A Fuller Life، لكن في العنوان لعبة بالطبع، فكلمة Fuller اسم العائلة بالطبع، لكنها تعني «أكمل» أو «أكثر امتلاء».. أيضا «أحاول أن أقدم حياته السينمائية بإيقاع سريع يشبه إيقاع أفلامه».

مات فولر في عام 1997 عن 97 سنة بعد أن أنجز نحو 30 فيلما. وبدأت مسيرته كاتبا للسيناريو سنة 1936، ثم عمد إلى إخراج أول أفلامه «قتلت جيسي جيمس» سنة 1949. وفي الفترة ما بين 1943 و1949 خدم خلال الحرب العالمية. وتكشف ابنته أنه كان في الفوج الثالث من الجنود الأميركيين الذين غزوا نورماندي.

كان يمكن أن يُقتل. كثيرون سقطوا برصاص الجيش الألماني الذي كان منتشرا على ذلك الساحل الفرنسي، لكن سامويل فولر نجا، وأول ما عاد إلى هوليوود قام بتحقيق الأفلام. عملان من نوع الـ«وسترن»، ثم فيلمان من النوع الحربي (هما «الخوذة المعدنية» و«الحراب الثابتة») سجل فيهما إيقاع الحياة تحت القصف.

لكنه امتنع عن تحقيق مزيد من هذه الأفلام، وعاد إلى الـ«وسترن»، وعمد إلى البوليسي طويلا إلى حين قام سنة 1980 بتحقيق The Big Red One بطولة لي مارن: «فيلم أكثر انتماء لشخصيته ولذكرياته من فيلميه السابقين».. تقول ابنته: «لم يسرد سام قصة حياته، وليس موجودا في أي شخصية واحدة من شخصيات الفيلم.. إنه موجود فيها جميعا».

حين سألتها عن نفسها، اكتفت بالقول: «أنا آخر العنقود. ليس لدي أشقاء أو شقيقات. لكن لدي ابنة في الخامسة عشرة من العمر. حين كانت لا تزال طفلة، فاجأتني بتصرفات ذكرتني بوالدي. كان والدي يقبض على ساعد من يتحدث معه وهو يروي حكاية ما. ابنتي التي لم تشاهده صغيرة، تفعل ذلك. هي أيضا تكتب باليد اليسرى، وأبي كان يكتب باليد اليسرى كذلك».

سامانتا (ولاحظ أن الأحرف الثلاثة الأولى تشكل اسم أبيها الأول) لم تنجز فيلما من قبل، لكنها تقول إنها ستنطلق من هذا الفيلم لتحقيق أعمال أخرى. لا تدري كيف، ولا ما هي بعد: «أحببت السينما منذ طفولتي». لعبت دورا في فيلم لأبيها كان من بين آخر ما حققه وهو «كلب أبيض»، (1982) وبعده ظهرت في حفنة من الأفلام ممثلة. وهي ليست الوحيدة التي تقدر أباها إلى حد صنع فيلم تسجيلي حوله؛ بل كل أولئك الممثلين والمخرجين الذين كانوا مستعدين للحديث في الفيلم عنه؛ ومن بينهم الألماني فيم فندرز والأميركيون مونتي هلمان وجيمس توباك وجو دانتي وويليام فريدكن وبيل ديوك وجيمس فرانكو وجنيفر بيلز، وآخرون.

ماذا يحدث للأفلام بعد عرضها في المهرجانات؟

الحياة على الشاشات الكبيرة قصيرة

فينيسيا: «الشرق الأوسط»

ليس هناك داع للأمثلة، لأنها أكثر من أن تحصى، لكن الواقع هو أن عدد الأفلام التي تمر مرور الكرام من دون أن تعلق على أهداب البال أو على حواف التاريخ، أكثر بكثير من تلك التي تتنفس أكسجين الحياة بعد عروضها الأولى.

في العام الماضي عرض مهرجان فينيسيا في مسابقته الرسمية 17 فيلما، نجح، إعلاميا ونقديا، وعلى نحو كبير منها اثنان؛ هما: «وجدة» لهيفاء المنصور (السعودية)، و«السيد» لبول توماس أندرسن (الولايات المتحدة). وأحدث الرهجة ستة أفلام؛ هي: الأميركي «إلى العجب» لترنس مالك، و«شغف» للأميركي برايان دي بالما، و«بييتا» للألماني فيم فندرز، و«خيانة» للروسي كيريل سيربنيكوف، و«شيء في الهواء» للفرنسي أوليفييه أساياس، و«بأي ثمن» للإيراني - الأميركي رامين بحراني.

ثمانية أفلام خطفت الاهتمام من أصل السبعة عشر، أي أقل من النصف بفيلم واحد. الفيلمان الأولان عاشا لما بعد المهرجان. فيلم هيفاء المنصور بات واحدا من أنجح الأفلام العربية إعلاميا وتسويقيا على صعيد دولي، وفيلم بول توماس أندرسن دخل معركة الأوسكار وحقق لبعض من فيه جوائز.

الباقي عاش للحظات بعد عروضه العالمية الأولى في هذا المهرجان.. مثل سمك تم اصطياده للتو من الماء، اهتز لدقائق كونية ثم مات. «بأي ثمن» شهد عرضا تجاريا محدودا جدا في الولايات المتحدة.. «شغف» ما زال بلا موزع، «بييتا» وصل إلى مشارف الأوسكار بوصفه فيلما تسجيليا، لكنه وصل باردا وبقي كذلك بعد إعلان الجوائز. فيلم أوليفييه أساياس «شيء في الهواء» كان تعبيرا عن فيلم في الهواء؛ إذ حط وطار من مكانه بلا أثر يذكر.

والأمر ينسحب على باقي الأعمال المذكورة، لكنه أسوأ بالنسبة للأفلام الأخرى التي شاركت في المسابقة (وأكثر وأكثر بالنسبة للأفلام التي عرضت خارج المسابقة)، فهي لم تعش لأكثر من فترة عرضها على شاشات فينيسيا. بمجرد أن انتهت من العرض انتهت – عمليا - من الحضور.. لا توزيع ولا جمهور، ومن انتقل منها إلى مهرجانات أخرى شهد تكرار الحالة لا أكثر.

ليس أن الأمر حكر على الأفلام الفنية.. الأفلام التجارية هي في الوضع ذاته.. كل أسبوع هناك نجاح لفيلم أو فيلمين وسقوط لثلاثة أو أربعة. المخرج ويليام فريدكن، الموجود في حاضرة هذا المهرجان لتقديم «الساحر»، أحد أبرز أعماله، يقول لنا: «كل ذلك صحيح ومؤسف. لكن الأمر هو أن صناعة السينما تقوم على مبدأ ما يبقى وما يختزل أو يُلغى، وما يبقى أقل على نحو محسوب من تلك التي تنتهي سريعا وتنضم بعد ذلك إلى أرشيف مخرجيها أو الشركات التي صنعتها».

هيام عباس، التي عرضت في العام الماضي فيلما من إخراجها بعنوان «الإرث» وتشترك في بطولة فيلم «مي في الصيف» هذا العام (اقرأ النقد في مكان آخر هنا) تقول إن تجربتها في ذلك الفيلم كانت مفيدة على أكثر من صعيد: «فيلمي أثار الاهتمام وتحدثت عنه الصحافة العالمية. لكن لا بد له أن ينضم في نهاية المطاف إلى واحد من مصائر الفيلم الجاد المعروفة، ولو أنني لا أعتقد أن حياته توقفت عند هذا الحد».

الحقيقة أن حياة الفيلم تتوقف عند هذا الحد، ولو أنها لا تنتهي بالضرورة. هناك منافذ أخرى تكمن في مستقبله، تبدأ بإعادة إرساله لمهرجانات أخرى، ثم - إذا كان محظوظا - في صالات السينما، ولاحقا يجد الفيلم نفسه مطبوعا على أسطوانات أو مبثوثا على شاشة التلفزيون.. في حالات كثيرة يختصر المسافة.. هو على أسطوانات الديجيتال من دون المرور في صالات السينما.

كل ذلك لا علاقة له ألبتة بالعمل نفسه من حيث قيمته الفنية.

من ناحية ما يصيب أفلام المهرجانات حين تجد نفسها مستنفدة الحاجة سريعا، هو نفسه ما يصيب الأفلام المعمولة لكي تجذب جمهور الصالات التجارية. ومن ناحية أخرى، هناك أفلام جيدة ومتوسطة ورديئة في كل نوع ولون واهتمام، والسقوط لا يفرق بين ضحاياه.

لكن الحال لم تكن بذلك السوء في الماضي.

في عام 1971 عرض المخرج الإيطالي لوكينو فيسكونتي فيلمه المتوج «موت في فينيسيا» في مهرجان كان ذلك العام.. معه في المسابقة 23 فيلما عاش من بينها ناجيا من جحيم الإهمال «الوسيط» لجوزيف لوزاي (الذي نال جائزة الدورة المذكورة) و«ذعر في نيدل بارك» لجيري تشاتزبيرغ، و«ساكو وفنزتي» لجيليانو مونتالدو، و«دندنة في القلب» للوي مال، و«الإقلاع» لميلوش فورمان، و«التجوال» لنيكولاس روغ، و«حياة عائلة» لكريستوف زانوتسي.. ليس أي منها معروفا جيدا اليوم، لكنها جميعا شهدت عروضا تجارية عالمية بما فيها «ساكو وفنزتي» الذي وصل إلى صالات بيروت على صغر إنتاجه وموضوعه.

يذكر أنه حينها لم تكن كلمة مخرج من نصيب أي امرئ صنع فيلما. كان هناك تقدير لذلك اللقب لدرجة أن معظم أسماء المخرجين كانت تنضوي متواضعة في مكان متأخر بين الأسماء، وهذا التقدير استمر طويلا إلى أن أصبح أي فرد يصور فيلما بآلة الهاتف يسمي نفسه مخرجا، وبات المخرج يضع اسمه فوق أو تحت عنوان الفيلم مباشرة وهو لا يزال مجهولا.

المخرجة كيلي رتشهارت التي تعرض هنا «حركات ليلية» تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا صحيح ويعرضنا جميعا للضرر». حين سؤالها: كيف ذلك؟ تضيف:

«مثل أي صناعة تغمرها الأعمال غير الجديرة والتي تتصرف كما لو كانت كذلك، يفقد المستهلك الاكتراث لها فيصيب بذلك الأفلام الجيدة والرديئة على حد سواء. المستهلك ليس هنا لكي يجرب وليس بوارد الاكتشاف.. يريد ما هو مضمون، وحين يجد أن كل الأفلام تتصرف على أنها أعمال مضمونة سيتوقف عن متابعتها جميعا باستثناء تلك التي تحمل أسماء معروفة لديه من قبل».

كل ذلك يدفع السؤال التالي إلى الواجهة: أي من أفلام دورة فينيسيا الحالية سيعيش لأطول فترة ممكنة؟ بالتالي، أي أفلام هي المرشحة لأن تخفت وتنضوي حال يقفل المهرجان أبوابه؟ الجواب قرب النهاية.

أفلام اليوم:

شيرين دعيبس تبحث عن هوية «مي في الصيف»

أردني - أميركي/ دراما خفيفة إخراج: شيرين دعيبس

(خارج المسابقة).

لا بد أن بطلة «مي في الصيف» كانت على علم بأن حفل زواج في بلد عربي ليس كسواه في الغرب.. رغم هذا، فإنها مصابة بخيبة أمل حين تجد نفسها تحضر لحفلة عرسها وتجرب الفستان الأبيض الذي ستشتريه للمناسبة وتزور المحلات التجارية للغاية نفسها.. إنها تشكو، مرتين على الأقل، من أنها لا تريد حفلة كبيرة تُساق لها؛ بل كانت ترغب في «حفلة صغيرة» وتتساءل: «لم على حفل الزواج أن يكون بسيطا؟».

مي تؤديها في الفيلم شيرين دعيبس التي أخرجته أيضا كأول فيلم روائي طويل منذ أن قدمت قبل ثلاث سنوات فيلمها السابق «أميركا» (حسب العنوان الذي قُصد به أن يكون خطأ وهو Amreeka وهي تعود إلى موطنها الأول قادمة، مثل بطلة «مدن ترانزيت»، الذي أخرجه في الفترة السابقة ذاتها الأردني محمد حشكي وأنتجته رولا ناصر، ويدور حول مفهوم العودة إلى الجذور ولو لحين. بطلة «مدن ترانزيت» تصل لتكتشف أن الحياة في المدينة تبدلت والناس أصبحت على حافة التعلق بالشكليات بدل جواهر الأمور. وصلت من أميركا بحثا عن وطن سابق من دون أن تنتمي إلى وطن جديد، ثم ها هي تعود في نهاية الفيلم إلى ذلك الوطن المؤقت الذي ربما سيصبح دائما.

في «مي في الصيف» تصل في زيارة، والقصة، كما كتبتها شيرين دعيبس، تبقى في إطار الحكاية الفردية رغم بعض التمريرات الاجتماعية. مي مسيحية ستتزوج من مسلم (سنراه لاحقا في مشهد قصير) وهذا ما يغضب أمها (هيام عباس) كونها مسيحية تتبع كنيسة إنجليكية معاصرة. الصدامات الكلامية بين مي وأمها تتكرر في أكثر من موضع.. كلتاهما متمسكة بموقفها.. الأولى تؤكد عزمها على الزواج من زياد المسلم لأنها تحبـه وتدافع عن اختيارها بالقول إنه «ليس متدينا» والثانية تجد أن الجميع سيذهبون إلى الجحيم باستثنائها: «أنا لست متدينة. أنا أملك الحقيقة».

لا بأس بالتمثيل المتناوب بين الشخصيتين في مشاهدهما معا.. إنها بعض أفضل مشاهد الفيلم، كذلك لدى المخرجة معالجة وضعية جيدة لكل المشاهد التي تربط بطلتها بالآخرين، خصوصا بشقيقتيها (نادين معلوف وعليا شوكت اللتان تؤديان دوريهما جيدا) حيث تبدي المخرجة تلقائية وحيوية تثير الاهتمام.. هناك مثلا المشهد الطويل الذي يقع في متنزه على ساحل البحر الميت المفجر لمواقف متناقضة بين الثلاث.

يحمل ذلك المشهد حسنات وسيئات الفيلم بأسره.. ففي جانب هو ممثـل جيدا وفي مضمونه نقاط صراع مختلفة تفجر ما تحت الجلد من عواطف تضمرها كل شقيقة للأخرى. لكن الحوار، كحال العديد من المشاهد، توظيفي. لا يكفي بعضه لكي ينفذ إلى الشخصيات على نحو كامل. في أحيان هو مجرد استخدام لتمرير مشهد ضعيف السياق (كالمشاهد التي تظهر فيها بطلة الفيلم ومخرجته وهي تلعب التنس) وفي كل المشاهد ذات النبرة الكوميدية هو أضعف من تلك التي ترتفع فيها حدة المواجهات المتعددة.

في جانب آخر، ولأنه خفيف المعالجة كوميديا ودراميا، يبقى الفيلم قريبا من مفهوم الـ«سوب أوبرا» التلفزيوني (وهي ملاحظة وجدناها في أفلام عربية عدة). الموضوع اجتماعي وعاطفي مسدل على خامة لا تود أن تتعمق في ما تحت الحدث كثيرا، بل تحول اهتمامها إلى تحويل المفارقات إلى عناوين للمتابعة.

وضع بطلته لا يقل ترددا عن وضع مخرجته: تصل إلى عمـان وهي مصممة على الزواج ممن تحب. حين تتعرف على شاب اسمه كريم، تسمح لنفسها بالاتصال به وملاقاته في الصحراء. صحيح أن لا شيء أكثر من القبلة يقع بينهما، لكنها حين تعود إلى بيت أمها، تكون اتخذت رأيا: لن تمضي قدما في الزواج من زياد. على الرغم من إظهار حالة تدرج لتغير موقفها من مناهض لكل من حولها في هذه المسألة، إلى مناهض لفكرة الزواج، إلا أن السبب الحقيقي ليس واضحا والمخرجة تمضي الوقت في ملاحظة حياة الآخرين جميعا لتصنع «الشوربة الدرامية» التي ترغب فيها بدلا من أن تكثف ما يطلبه هذا الانتقال السريع في موقف بطلتها من شرح. من بين ما تبحر فيه المخرجة هي علاقة الأم المطلقة من زوجها الأميركي (بيل بولمن) الذي تزوج من هندية والآن ليس سعيدا بها، والأم ليست سعيدة من دونه مما يجعلهما ساعيين لإعادة العلاقة من جديد. المشهد الذي تكتشف فيه البنات أن هناك علاقة متجددة بين الأم والأب، هو نوع منقول من التنفيذ الذي تؤمه الأفلام الكوميدية الأميركية بنظام شديد، لكن القيمة الفعلية للموقف ضائعة بسبب تفكك أواصر سيناريو يطلب كل شيء وينجز قليلا من كل شيء.

..وجودي لنش تفقد ابنها Philomena «فيلومينا» بريطاني – أميركي/ دراما إخراج: ستيفن فريرز (المسابقة).

دراما خفيفة أخرى، لكن عن اختيار أكثر وضوحا، يؤمها المخرج البريطاني ستيفن فريرز صاحب عشرات الأعمال الجيدة سابقا مثل «الملكة» و«علاقات خطرة» و«بطل» و«هاي - لو كنتري» وبعض من الأعمال الأقل جودة مثل «تامارا درو» و«أشياء جميلة قذرة» و.. هذا الفيلم الذي يبقى، على مشكلاته، مثيرا للاهتمام على أكثر من صعيد كشأن الفيلم السابق أيضا.

يستند هنا إلى كتاب وضعه الصحافي مارتن سيكسميث بعنوان «الطفل المفقود لفيلومينا لي» حول تحقيقاته التي أدت إلى اكتشاف كامل الحكاية الإنسانية. فيلومينا (جودي لنش في الدور) كانت لا تعرف شيئا عن الحب قبل 50 سنة (تقوم بها في ذلك السن صوفي كندي كلارك) عندما غرر بها شاب وسيم فأنجبت منه بعدما انضمت إلى دير كاثوليكي خلال حملها. لبضعة أعوام عاشت مع طفلها ذاك في الدير، لكنها فجعت عندما شاهدت ابنها الصغير وهو يؤخذ بسيارة ما إلى جهة مجهولة. الآن ما زالت تمني النفس بالبحث عنه. من ناحية أخرى هناك مارتن (ستيف كوغن) الذي خسر وظيفته في «بي بي سي» ويجد في حكاية فيلومينا ما يكفي من عناصر إنسانية. يقنع دار نشر فتمده بميزانية القيام بالبحث عن الابن المفقود، وهذا البحث يبدأ بزيارة الكنيسة حيث يرقب تودد فيلومينا لإدارة الكنيسة الجديدة أملا في أن تساعدها على الإمساك ببداية الخيط. الكنيسة تخبرهما أن نارا أتت على الملفات القديمة لكن – وللغرابة - الورقة التي وقعتها فيلومينا قبل 50 سنة التي تتخلى فيها عن ابنها ما زالت محفوظة.

يكتشف مارتن أن الكنيسة كانت تبيع الأولاد لمن يشتري من الباحثين عن أطفال للتبني، خصوصا الأميركيين. كيف وجد أن ابنها نُقل إلى العاصمة واشنطن من آيرلندا؟ ليس واضحا، لكن ها هو وفيلومينا يقومان بالرحلة. هناك يواصل البحث ويكتشف، سريعا أيضا، أن ابنها كان مستشار الشؤون القانونية في البيت الأبيض على أيام ريغان. من صور محفوظة يكتشفان أيضا أنه كان مثليا وأنه مات مصابا بالإيدز. بعد قليل يكتشفان أن جثمانه نقل إلى الكنيسة من جديد بناء على طلبه وأن إدارة الكنيسة كانت تكذب حين قابلا مسؤولتها.

ما هو فاعل إلى حد ما في هذا الفيلم إدخال الصراع بين المتدينين وغيرهم. مارتن ملحد وفيلومينا مؤمنة لدرجة أنها لا تعتبر أن الكنيسة أقدمت على أي سوء. هو يريد محاسبة الكنيسة على موقفها من الأم ومن الطفل وعلى كذبها وتجارة الأطفال التي أقدمت عليها، والأم تريد أن تغفر. هذا مترجم على الشاشة جيدا، لكن الفيلم فيه هنات كثيرة. يبقى أخف من أن يُثير ما يكفي للدفاع عن أي قضية.. كذلك فإن الحكاية ذاتها لا تتبلور بوصفها ضرورة. مثل أفلام كثيرة، «فيلومينا» سرد بالصور أكثر منه حكاية مشبعة.

الشرق الأوسط في

02/09/2013

 

كل شيء على ما يرام في «البندقية»

يزن الأشقر 

تجديدات عديدة خضعت لها الدورة السبعون من «مهرجان البندقية السينمائي». رغم الأزمة المادية، إلا أنّ الإيطالي البيرتو باربيرا أصرّ على جمع العدد الأكبر من العروض الأولى

مع هذا الصيف الصاخب سياسياً، انطلقت الدورة السبعون من «مهرجان البندقية السينمائي» الأربعاء الماضي. الموعد السينمائي الأعرق، يواجه تهديداً جدياً رغم كل ما يحاول مديره الإيطالي البيرتو باربيرا فعله.

هل فقد المهرجان شيئاً من بريقه؟ ربما، لكن لا يمكن الإجابة بشكل قاطع، وخصوصاً إذا ألقينا نظرة على البرنامج. الأسماء الكبيرة هنا، ونجوم السينما ومخرجوها الكبار موجودون، وكذلك أفلامهم، بالإضافة إلى مبادرات جديدة. باربيرا لا يحاول اللحاق بأحد، لكنه يجاهد لتأمين المهرجان وسط فوضى مالية محلية وعالمية تجعل كثيرين يحسبون المشاركة من زاوية الكلفة. «تورونتو» الذي يفتتح رسمياً بعد أيام هو المنافس الأبرز لـ«الموسترا»، على الأقل لناحية جذب العروض السينمائية الأميركية. الكلفة هذه الأيام هي ما يحسب له حساب، ولعبة المال «السينمائي» هي التي تتحكم في النهاية، مع ارتفاع التكاليف على منتجي الأفلام وموزّعيها من جهة، ومن جهة أخرى كلفة الذهاب إلى المهرجان من قبل الصحافة والمتابعين، فالبينالي يبقى إحدى أكثر الوجهات السينمائية كلفةً للحضور، وإيطاليا تعاني من أزمة مالية حادة. بطبيعة الحال، ينعكس ذلك على الفنّ السابع، وخصوصاً مع وضع الحكومة الإيطالية سياسة تقشفية تجاه دعم الفنون، حتى إنها تحاول فتح نافذة جديدة على السوق الصينية من خلال سوق المهرجان باتفاقيات إنتاج وتوزيع مشترك. باربيرا يدرك هذه التحديات جيداً، ويضعها في الحساب، لذا حاول وضع يده على أكبر عدد من العروض الأولى.

11 يوماً من العروض الممتلئة في المهرجان الذي يستمر حتى السابع من أيلول (سبتمبر). افتتح اليوم الأول بشريط المخرج المكسيكي ألفونسو كوارون «جاذبية» الذي عرض خارج المسابقة. كوارون الغائب عن الساحة منذ فيلمه «أطفال الرجال» عام 2006، يعود ليقدم عملاً ينتمي إلى فئة الخيال العلمي والرعب، وبتقنية الأبعاد الثلاثة، من بطولة جورج كلوني وساندرا بولوك. رائدا فضاء يجدان نفسيهما عالقين في الفضاء الخارجي. بعد عرضه، لقي الشريط تفاوتاً نقدياً حاداً. رغم أنّ الكلّ أجمع على أنّ كوارون قدم فيلماً ذا مستوى عال من الحرفية التقنية والصورة السينمائية، إلا أنّ النقد طاول قصة الفيلم ذاتها، فرأى بعضهم أنّ تقنية العمل العالية جاءت على حساب القصة ذاتها. هو ما حصل لكوارون أيضاً بعد «أطفال الرجال» الذي جرى تجاهله نقدياً في سنواته الأولى حتى بدأت الأقلام النقدية تعود وتنوّه به.

عروض مهمة أخرى شهدتها أيام المهرجان الأولى. بالإضافة إلى كوارون، احتفت الموسترا بعامها السبعين على طريقتها الخاصة، إذ عُرض شريط «البندقية 70: إعادة تحميل المستقبل» المكوّن من 70 فيلماً قصيراً عن مستقبل السينما شاركت في إخراجه أسماء كبيرة مثل عباس كياروستامي، والإيطالي برناردو برتولوتشي الذي يرأس لجنة التحكيم هذا العام. بالإضافة إلى ذلك، عرض الشريط الفرنسي «الحياة الجميلة» لمخرجه جان دونيزو، وشريط Gerontophilia للكندي بروس لابروس أيقونة أفلام البورنو المثلية. اليوم الثاني للمهرجان شهد عرض نسخة مرمّمة من فيلم «الساحر» (1977) للمخرج الأميركي المخضرم وليام فريدكين (1935) الذي كرّمه المهرجان أيضاً بمنحه «جائزة الدب الذهبي» عن مجمل أعماله. مخرج «طارد الأرواح» وصفه باربيرا بأحد المجددين في ما يعرف بالموجة الهوليوودية الجديدة في سبعينيات القرن الماضي.

خلال الدورة، عُرض الفيلم الإيطالي Tracks لجون كوران، والألماني «زوجة ضابط الشرطة» لفيليب غرونينغ، بالإضافة إلى «فيلومينا» للبريطاني ستيفن فريرز. السينما الأميركية الحاضرة بقوة في «الموسترا» هذه السنة، شهدت عروضاً عدة في الأيام الأولى: الأميركي ديفيد غوردون غرين عرض فيلمه Joe، وكذلك مواطنه كيلي ريتشارد الذي قدّم شريط Night Moves، إضافة إلى «ابن الرب» لجيمس فرانكو المقتبس عن رواية كورماك مكارثي، فيما عرض شريط بول شريدر الجديد The Canyons خارج المسابقة الرسمية. حتى الآن، لم يشهد المهرجان أي أحداث صاخبة، والعروض تتواصل حتى آخر يوم، مع أسماء كبيرة باقية على القائمة تتنافس على «الدب الذهبي». باربيرا أراد من النسخة السبعين أن تنظر إلى المستقبل بدلاً من الاحتفاء بالماضي، وهو ما يقوم بفعله من خلال مبادراته الجديدة المتعددة. وكما تجري العادة، ستتضح الحسبة ليلة إعلان الجوائز!

الأخبار اللبنانية في

02/09/2013

 

جورج كلوني لايريد التدخل في الشأن السوري

منة حسام 

أصيب النجم جورج كلوني بحالة من الدهشة خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده على هامش مهرجان فينيسيا السينمائي بسبب توجيه الصحفيين إليه سؤال متعلق بتدخل الولايات المتحدة الأميركية في سوريا، علماً بأنه كان يتوقع أن يكون السؤال متعلق بحصول صديقه بن أفليك على دور البطولة في فيلم "باتمان" المقبل إسوة بالصحافة الأميركية.

لوس أنجلوسحالة من الدهشة سيطرت على النجم جورج كلوني خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بمشاركة النجمة ساندرا بولوك على هامش مهرجان فينيسيا السينمائي، وذلك بعدما وجه إليه أحد الصحفيين سؤالاً متعلقاً بالتدخل المحتمل للولايات المتحدة الأميركية في سوريا.

وقال جورج كلوني رداً على السؤال المتعلق بالشأن السوري: " سؤال عن سوريا؟ توقعت أن تسألني عن قيام بن أفليك بدور البطولة في فيلم باتمان المقبل"، علماً بأنه وبعد انتقاد كلوني للسؤال الخاص بسوريا، قام أحد الصحفيين بسؤاله عن رأيه في العرض الفني المثير للجدل الذي قدمته مايلي سايروس خلال حفل توزيع جوائز  "MTV" للأغنيات المصورة.

الجدير بالذكر أن قيام النجم بن أفليك بشخصية "باتمان" في الجزء الجديد من سلسلة أفلام ذلك العمل، يثير جدلاً واسعاً بين مستخدمي مواقع الإنترنت وخاصةً موقع "تويتر"، وهو مادفع النجم فال كيلمر, الذي أدي شخصية باتمان في فيلم "Batman Forever" خلال العام 1955 إلى التعليق قائلاً:" فلتعطوا بن أفليك فرصة".

وفي السياق نفسه، ورداًعلى الانتقادات الموجة لبن أفليك، قال النجم مات ديمون وهو أحد الأصدقاء المقربين لأفليك :" هناك الكثير من الناس ينتقدون اختيار بن أفليك لتأدية شخصية باتمان، لكني أرى أنه سيكون رائعاً، وأريدكم أن تدركوا أنه لن يؤدي شخصية الملك لير"، وأضاف :" من يتابع بن أفليك في الفترة الأخيرة، وشاهد فيلمه أرغو سيدرك أنه قدم أفلام أكثر صعوبة وأهمية من باتمان".

إيلاف في

02/09/2013

 

أرسلوا صورته بزى عسكرى إلى الجنة المنظمة للمهرجان لتأكيد دعمه للجيش

الإخوان حاولوا منع عمرو واكد من المشاركة فى «فينيسيا»

محمود لطفي 

بعد مرور أيام قليلة على انطلاق الدورة السبعين من مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى، تحدث النجم المصرى عمرو واكد للصحافة الأجنبية عن مشاركته فى المهرجان، وذلك بعد أن اختارته اللجنة المنظمة للمهرجان كأحد أعضاء لجنة تحكيم مسابقة Orizzonti (آفاق)، التى تعتبر إحدى أهم المسابقات السينمائية فى مهرجان فينيسيا، حيث تتميز هذه المسابقة بأنها مفتوحة للجميع وتهتم على نطاق واسع بالأفلام السينمائية ذات الاتجاهات الجديدة سواء فى التصوير أو الإخراج أو حتى فى تناولها موضوع معين، لكن خلال حديث عمرو عن مشاركته فى المهرجان لم يتطرق إلى واجباته كواحد من حكامه، بل تحدث أنه تعرض لمحاولة من قبل جماعة الإخوان المسلمين لإقصائه من المهرجان، وذلك بسبب معارضته المعروفة لهذه الجماعة، بالإضافة إلى كونه أحد الفنانين الناشطين سياسيا فى مصر.

عمرو ذكر أن هذه المحاولة لو نجحت كانت ستبقيه داخل مصر وستبعده عن المشاركة فى المهرجان، لكن كانت الطريقة التى حاول بها بعض من أفراد الجماعة (والذى لم يذكر أسماءهم) ساذجة بعض الشىء، حيث قاموا بإرسال خطاب إلى اللجنة المنظمة للمهرجان يطالبوهم فيه باتخاذ قرار باستبعاده من لجنة الحكام، لأنه أحد أنصار الانقلاب الدموى الذى أقصاهم عن الحكم، حتى إنهم أرفقوا مع الخطاب صورة لعمرو واكد وهو يرتدى الزى العسكرى، وكأنه يدعم الجيش بارتدائه هذا الزى، لكن فى الحقيقة تم أخذ هذه الصورة من إحدى لقطات مسلسل «House of Saddam» (منزل صدام)، والذى شارك عمرو واكد فى بطولته منذ سنوات قليلة، وقدم دور الفريق حسين كامل المجيد زوج ابنة صدام حسين الكبرى.

وخلال حديث عمرو واكد الذى نشرته مجلة «فارايتى» الفنية، ذكر أن من أرسل هذه الرسالة اعتقد أن اللجنة المنظمة لمهرجان دولى ضخم مثل مهرجان فينيسيا ستصدق أمرا مثل هذا، وأن هذا أمر غير معقول لأن القائمين على تنظيمه ليسوا أغبياء حتى تنطلى عليهم حيلة ساذجة مثل هذه.

جماعة الإخوان المسلمين كان لها جزء كبير من حديث عمرو الذى نشرته هذه المجلة الأمريكية، حيث ذكر عمرو أن هذه الجماعة قد اتبعت سياسات غبية للغاية وارتكبوا أعمال عنف أدت فى النهاية إلى تدخل الجيش وعزل الرئيس محمد مرسى، الأمر الذى أدى إلى زيادة أحداث العنف، حيث قامت الجماعة بإرسال أفراد كثيرين منهم للقيام بأعمال تخريبية وإرهابية حتى لا يجد الأمن وسيلة أخرى للتصدى لهم سوى بالقوة، وبذلك يزداد عدد ضحاياهم، مما يسهل الأمر على أمريكا ويصبح التدخل العسكرى فى مصر أمرا ضروريا.

عمرو واكد لم يشارك فى مهرجان فينسيا هذا العام لمجرد أنه فقط واحد من حكام إحدى مسابقاته، حيث بخلاف ذلك شارك عمرو فى سوق الأفلام السينمائية المقامة على هامش المهرجان، والذى فيه تم بيع فيلمه «الشتا اللى فات» الذى أخرجه إبراهيم البطوط إلى شبكة «HBO» أوروبا، وذلك لعرضه على قنوات شبكتها التليفزيونية المنتشرة فى عدة بلاد مختلفة، كما أن عمرو يوجد أيضا هذا العام فى المهرجان لعرض فيلمه الجديد «القطة» الذى قام بإنتاجه، حيث تقرر عرض هذا الفيلم الجديد فى سوق الأفلام المقامة على هامش مهرجان فينيسيا لهذا العام.

التحرير المصرية في

02/09/2013

 

يوميات مهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي (6)

نيكولاس كيج لـ «الشرق الأوسط»: أحب تمثيل الشخصيات المعقدة

فينسيا: محمد رُضا 

ابن شقيق المخرج فرنسيس فورد كوبولا، لم يظهر في فيلم من إخراج عمه إلا مرة واحدة، وذلك في مطلع عهده بالتمثيل عندما أسند إليه كوبولا الكبير دورا مساندا في فيلم «رامبل فيش» سنة 1983. كان ذلك ثالث فيلم يقوم نيكولاس كيج بتمثيله، من بعد «أوقات سريعة في ردجمونت هاي»، و«فتاة الوادي». لا أحد يعلم ولا هو يقول لماذا اختار اعتماد اسم «كيج»، وليس اسم كوبولا كنية له. هناك فيلم واحد من بين الأفلام الـ86 التي قام بتمثيلها حتى الآن حمل اسم نيكولاس كوبولا فيه هو أولها.

لكن لا أحد يمانع. ما يشغل بال المعنيين وهواة السينما هو إذا ما كان الممثل المذكور سيتوقف عن تأدية أدوار يرونها عابثة لا تخدم موهبته، كما الحال في «موسم الساحرة» و«كنز قومي» و«عبور» أو سلسلة «غوست رايدر» قبل فوات الأوان.

نيكولاس كيج يبدأ تشخيصه للدور الذي يقوم به من نقطة عالية قد لا تتطور، لكنها لا تنحدر مطلقا. هناك تكرار في بعض ما يؤديه، لكن حين يجد السيناريو الذي يعجبه، فلا يزال قادرا على الإجادة وتقديم مستوى أعلى من السابق.

«جو»، الفيلم الذي عرض له هنا في «فينيسيا» من بين تلك الأفضل منذ سنوات عدة. واحد من تلك الأعمال التي تعيد الثقة في نفوس كل أولئك الذين اعتقدوا أن الممثل هوى ولن يمكنه استعادة موقعه كممثل استحق ذات مرة الأوسكار الذي ناله عن دوره في «مغادرة لاس فيغاس» سنة 1995.

فيه يؤدي كيج دور شخصية هامشية من شخصيات المخرج ديفيد غوردون غرين المحببة. يملك قلبا طيبا لا ينفعه كثيرا حين تزداد الضغوط عليه فينفجر. خاسرا عاش وخاسرا قد يموت.

·        كيف وجدت هذا الدور حين قرأته.. هل كان يعني لك تغييرا كبيرا عن أدوارك الأخيرة؟

- كثيرا ما أسمع أسئلة حول أدواري الأخيرة. أعتقد أنك تقصد أفلام الأكشن والتشويق التي أقوم بها.

·        نعم.

- حسنا، نعم. وجدته مختلفا وأعجبني هذا الاختلاف بحد ذاته. لم يكن قبولي به نوعا من الهروب من تلك الأفلام المعتادة بقدر ما كان فرصة جيدة أنبأني بها السيناريو الذي كتبه غرين. السيناريو احتوى على معالجة وجدتها ناجحة. تقدم شخصية جو كإنسان في بيئة جديدة على المشاهدين وعلي أنا كممثل. في الفيلم أعمل مسؤولا عن عمال يقومون بإتلاف الأشجار تمهيدا لقطعها والفيلم لا يتخذ موقفا أبويا أو أخلاقيا من هؤلاء، بل يظهر أنهم عمال سقطوا من حسابات المجتمع الأوسع ويعيشون على هذا العمل لعدم وجود سواه.

·        جو يختلف في أنه يقودهم.

- صحيح، ويشعر معهم ويعتبرهم أصدقاء ويعرف مشاغلهم ومتاعبهم وهو يتعامل معهم بصدق ولذلك يحبونه. هناك مشهد قصير أعتقد أنه لا يمر من دون توسيع مدارك المشاهد حول جو وحول العمال أيضا، عندما يلاحظ جو غياب أحدهم المتواصل، وعندما يظهر ذلك العامل يتبادل مع جو الحوار. ذلك العامل وجد عملا آخر شغله لبضعة أيام. هؤلاء الناس عليهم البحث عن كل فرصة ممكنة وجو يتفهم ذلك. كل هذا جذبني إلى الفيلم منذ أن كان مشروعا.

·        هناك أيضا علاقته شبه الأبوية للفتى غاري.

- أوه.. هذا ممثل موهوب جدا، تاي شريدان. طموح ومنضبط ويعرف كيف يمثل حقيقة. نعم، هناك هذه العلاقة التي تنتج عن ملاحظة جو لمساوئ بعض الناس. كلهم بمن فيهم جو هم تحت عبء الحياة الصعبة التي يعيشون فيها والبيئة المحدودة، وحين يرى والد غاري يضربه لا يحاول أن يواجه الأب على الرغم من أنه لا يرضى عما يراه، فهذه مسألة شخصية، لكنه لاحقا لم يعد قادرا على ضبط المسائل. إنها تفلت من بين أصابعه. يريد فعل شيء لغاري وشقيقته. هذه حس إنساني لم أجده متوفرا في الأفلام الكثيرة التي قمت بها.

·     ما سبب كثرة هذه الأفلام؟ هل تجد أنك تريد مواصلة العمل حتى وإن لم تكن الأفلام متساوية النجاح؟

- أولا تتمنى كممثل أن تأتي كل الأفلام التي تقوم بها متساوية النجاح ومضمونة الجودة وكل ذلك.. لكنها ليست عملية تمنيات. بل هي خارجة عن نطاق الممثل. صحيح أنه هو الذي يختار، لكن هناك عناصر مختلفة تصب في قراره وتدفعه إلى التخصص أو التعميم أو إلى أن يقل من أعماله أو أن يكثر منها. بالنسبة لي لا أجد أن عندي سببا لأن أقلل أعمالي. مهنتي ممثل، وهذا ما أفعله.

·     قبل سنوات ذكرت لي أنك تتمنى لنفسك حياة مسالمة والتوقف عن العمل الكثيف. لكن الواضح أنك ما زلت في مرحلة الكثافة، فلديك دائما فيلم وراء فيلم. ما الدافع الذي يقف وراء قيامك بالتمثيل دائما؟

- هناك عدة أسباب، لكن دعني أقل لك، وما سأقوله يمكن أن تسوقه كاعتراف.. خلال عقدين ونصف العقد مثلت أكثر من 70 فيلما. هذا صحيح، لكني لم أمثل إلا فيلمين أو ثلاثة من اختياري الخاص. من تصميمي بأنني أريد أن ألعب هذا الدور أو ذاك. لا أريد أن أذكر أسماء وعناوين هنا. فقط أن أسجل أنني أعي أن كثيرا من أفلامي، خصوصا في الفترة الأخيرة، لا ترقى إلى ما أريده لنفسي وما يريده بعض الجمهور، ولا أقول كله، لأن هناك كثيرين يريدونني في أفلام مثل «قد بغضب» (Drive Angry) أو «موسم الساحرة» و«غوست رايد: روح الانتقام». هذا مما وجدت نفسي عليه. وكانت لدي أسباب أعتبرها مهمة، أحدها أن ذلك يبقيني في المهنة ويبقيني مشغولا، وإلا فقد أفقد الاهتمام بما أريد القيام به.

·        أنت لست الوحيد في ذلك.

- جيد ما أسمعه. أحب كريستوفر لي وأحب فنسنت برايس ولا يهمني أنهما لم ينالا الأوسكار. بعض الأفلام التي مثلتها لم تأتِ كما كنت أتوقع لها أن تأتي عليه. لكنك في هذه المهنة تخاطر بالفرص المتاحة أمامك. لكني سعيد بما أقوم به وأدافع عن اختياراتي بلا شك.

·     بالنظر إلى أدوارك منذ عدة سنوات، يبدو أنك تؤدي شخصية الرجل الممزق في داخله؛ هل هذه صدفة؟

- أسعى لمثل هذه الشخصيات لأني أتفهمها جيدا. وأحب تمثيلها لأنها شخصيات معقدة. أحب الشخصيات التي تبقى في الظل بين الأبيض والأسود. لا أحب الشخصيات التي تبدو كاملة ومتكاملة، بل أريدها بقدر من الأخطاء الإنسانية. قدر من الجوانب المعتمة. وأعتقد لأننا جميعا لدينا شعور بأننا غير متكاملين تنجح هذه الأفلام بين المشاهدين. يجدون فيها شخصيات واقعية.

·        حين تنظر إذن إلى مهنتك، أي من أفلامك أو أدوارك تعتز به أكثر من سواه؟

- كلها. أشعر بأني محظوظ جدا، إذ اشتغلت مع عدد من أهم المواهب في هذه الصناعة. أحب الأفلام التي نجحت لي وأحب الأفلام التي لم تنجح أيضا. أشعر بأني تعلمت منها جميعا. ومع أني لا أريد أن أختار فيلما أعتبره المفضل عندي، فإنني أملك ضعفا حيال فيلم «قبلة الفامباير»، لأنها المرة الأولى التي انتقلت فيها إلى التجريد».

·        هل هذا التفضيل لشخصيات مركبة له علاقة بأفلام نشأت على حبها مثلا؟

- نعم. تستطيع أن تقول ذلك. أعني أنني أحببت تلك الأفلام الصامتة التي حققها المخرجون الألمان في مطلع القرن الماضي. أفلام مثل «نوسفيراتو» و«كابين د. كاليغاري». هذه الأفلام كانت نماذج رائعة للتمثيل السوريالي الذي تميزت به الفترة الألمانية حينها، وأطلق عليها «التعبيرية الألمانية». كانت المرة الأولى حين لعبت «قبلة الفامباير» سنة 1988، التي أجد فيها الفرصة لأوازي تلك الأعمال بجهد من عندي. وهذا كان أمرا مهما عندي. كذلك أحب من بين أعمالي «مجنون في القلب»، لأني معجب بفن أندي وورهول وطريقة صياغته المختلفة عن السائد لأيقونات مثل ميك جاغر. حاولت تمثيل دوري في ذلك الفيلم مستوحيا رسومات وورهول للشخصيات المشهورة.

·     عادة لا أسأل أسئلة سهلة أو خفيفة خصوصا إذا ما كانت اجتماعية، لكن لا بد أن أسألك عن سياراتك المتعددة التي يقال إنك محتفظ بها وكلها كلاسيكية..

- لم يعد لدي هذا الهوس كما في السابق. لقد تخليت عنها كلها. لدي سيارتان فقط الآن؛ واحدة «كاديلاك» والأخرى «دودج» أميركية تمشي على الديزل حفظا للبيئة، وأنا سعيد بها. تخليت عنها لأني وعيت أولويات حياتي. لقد أصبح لديّ ولدان وعائلة ولم يعد عندي وقت للاعتناء بجمع السيارات. مهنتي الجديدة هي أب، وليس عندي وقت لصرفه على الأشياء.

·        هل صحيح أنك اكتشفت جوني دب؟ لقد كنتما صديقين قبل نحو 20 سنة.

- لا، هذا ليس صحيحا. كنا صديقين نعم، لكني لم أكتشف مواهبه ونجاحه ليس بفضلي (يضحك). كل ما في الأمر أننا كنا نلعب المونوبولي ذات مرة، واقترحت عليه أن يمثل. قال إنه لا يجيد التمثيل. قلت له بل تستطيع التمثيل. اذهب وقابل وكيل أعمالي. وهو فعل ذلك، ووصل في سنوات قليلة إلى القمر. وصل بفضل موهبته.

الشرق الأوسط في

03/09/2013

 

فيلومينا وروبين:

امرأتان تخطفان القلوب والعقول والجوائز

بقلم   سمير فريد 

الواضح من النصف الأول من مهرجان فينسيا أن مدير المهرجان الخبير الإيطالى العالمى الكبير ألبرتو باربيرا اختار أفلاماً تجعل المسابقة من أقوى المسابقات التى ستذكر دائماً، وتليق حقاً بالدورة الـ٧٠ لأعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم.

اختارت إدارة المهرجان كاتب هذه السطور ليشترك باسم «المصرى اليوم» فى الاستفتاء اليومى للصحافة الدولية، حيث يتم تقييم أفلام المسابقة بالنجوم من نجمة واحدة إلى خمس نجوم. ويشترك فى التقييم ميشيل سيمين عن «بوزيتيف»، وفرانك نوشى عن «لوموند»، وكونواى موريس عن «هيرالد تريبيون»، ودان فينارو ومارك آدمز ولى مارشال عن «سكرين إنترناشيونال»، وروبى كولين عن «ذى دايلى تليجراف»، وديرك مالكولم عن «إيفيننج ستاندرد»، وباربرا هوليندر عن «ريزبوليتكا»، وكاتى موير ووندى إيدى عن «ذى تايمز»، وتوبياس كنيربى وسوزان فاهابزادة عن «سوديتش زيتونج»، من فرنسا وبريطانيا وروسيا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية.

الجميع يشتركون فى التقييم فى نفس اليوم من دون أن يعرف أحدهم آراء الآخرين، وحتى عدد أول سبتمبر جاء فى المركز الأول الفيلم البريطانى «فيلومينا» إخراج ستيفن فريرس، وفاز بـ٥ نجوم من ٣ نقاد منهم «المصرى اليوم»، و٤ ونصف من اثنين، و٤ من أربعة، ومنحه ناقد «لوموند» ٣ ونصف، وكان الوحيد من بين النقاد العشرة.

لم يحصل أى فيلم آخر على ٥ نجوم سوى الفيلم الأسترالى «مسارات» إخراج جون كوران، وكان هذا تقديرى له، بينما حصل على ٤ نجوم من ناقدين، و٣ ونصف من ناقدين، و٣ من ٣ نقاد، و٢ من ناقد، ولم يشاهده من يمثل الصوت العاشر.

وكان تقديرى ٤ نجوم للفيلم الإيطالى «شارع كاستيلانا بانديرا» إخراج إيما دانتى (انظر رسالة الأحد)، و٤ نجوم للفيلم اليابانى «هبوب الرياح» إخراج هاياو ميازاكى، و٣ نجوم للفيلم الألمانى «زوجة ضابط الشرطة» إخراج فيليب جروتينج. وأن يشهد النصف الأول من المسابقة (١٠ أفلام) تحفتين من بريطانيا وأستراليا وفيلمين كبيرين من إيطاليا واليابان، وتجربة فنية شائقة من ألمانيا، يعنى أننا أمام مسابقة دولية بكل معنى الكلمة، وعلى مستوى فنى رفيع.

تفصل نشرة المهرجان بين تقييم الصحافة الدولية وتقييم الصحافة الإيطالية (١١ جريدة) فى بروازين مستقلين، وفى استفتاء الصحافة الإيطالية جاء «فيلومينا» فى المركز الأول أيضاً. كما أن هناك بروازاً ثالثاً لاستفتاء الجمهور (١١ متفرجاً) وفيه ثالثاً جاء «فيلومينا» فى المركز الأول.

وإذا لم تكشف أفلام المسابقة فى النصف الثانى من المهرجان عن مفاجآت، فالأسد الذهبى لن يخرج من بين أيدى «فيلومينا» وكذلك جائزة أحسن ممثلة لجودى دينش عن دور فيلومينا، والمنافس الأول «مسارات»، وكذلك ممثلة الدور الأول فيه، وهى ميا واسيكوسكا عن دور روبين دافيدسون. إنهما امرأتان تخطفان القلوب والعقول والجوائز من جوائز فينسيا ٢٠١٣ إلى جوائز أوسكار ٢٠١٤.

الفيلمان عن واقعتين حقيقيتين، لكن المهم أسلوب التعبير، والأهم الرؤية الفكرية التى يعبر عنها الأسلوب. «فيلومينا» عن كتاب «طفل فيلومينا المفقود» للصحفى مارتين سكسميث الذى نشر عام ٢٠٠٩، و«مسارات» عن كتاب مذكرات روبين دافيدسون عن رحلتها عبر صحراء أستراليا عام ١٩٧٧، والذى نشر عام ١٩٨٠. ولكن كلا الفيلمين من السينما الخالصة.

لقد وجد فريرس وستيف كوجان الذى كتب السيناريو ومثل أعظم أدواره أمام جودى لينش معادلاً درامياً موضوعياً فذاً للتعبير عن أهم قضايا الوجود الإنسانى، والحيرة بين الشك والإيمان، وذلك من خلال بحث فيلومينا الأيرلندية الفقيرة عن ابنها الذى تبنته أسرة أمريكية ثرية، وبحث الابن عن أمه.

ويعتبر «مسارات» من أهم الأفلام التى عبرت عن ثقافة الصحراء فى تاريخ السينما مثل «لورانس العرب» إخراج دافيد لين، و«المريض الإنجليزى» إخراج أنتونى مينجيللا، وعن العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وعن قدرة الإنسان على تحدى الصعاب، ومواجهة مصيره كفرد، حيث تقوم روبين وهى فى الخامسة والعشرين من عمرها برحلة تقطع فيها ٢٧٠٠ كيلومتر، سيراً على الأقدام مع كلب وأربعة جمال حتى تصل إلى شاطئ المحيط. وكما يتحرك «فيلومينا» بين الحاضر والماضى، وبين أوروبا وأمريكا، يتحرك «مسارات» بين الحاضر والماضى، والحقيقة والسراب، وبين السكان الوافدين والسكان الأصليين فى أستراليا.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

03/09/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)