حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي السبعون

يوميات مهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي (10)

فينيسيا: محمد رُضا

المشهد: قصور عربي مستمر

تصرفت مجلة «فاراياتي» الشهيرة في عالم صناعة وتسويق السينما وشؤون الإعلان الأخرى كما كان يجب عليها أن تتصرف. بعد طباعة ثلاثة أعداد فقط من اليومية التي أطلقتها في مهرجان فينيسيا، أوقفت الطباعة وانصرفت. من يود قراءة مقالاتها عليه أن يبحر في عباب الإنترنت.

أما المجلة المنافسة «ذا هوليوود ريبورتر» ففهمت الوضع قبل حدوثه: فينيسيا بلا سوق فعلية، وبالتالي لا معلنين فيها، مما يجعل إصدار مجلة يومية تواكب أعمال المهرجان ترفا مكلفا لا داعي له.

كلتاهما توجهت إلى تورونتو حيث المصدر الإعلاني أقوى. صحيح أنه ليست هناك من سوق للسينما، لكن ذلك يعود إلى أن كل المهرجان الكندي سوق مفتوحة. وتبعتهما مجلة «سكرين» البريطانية، الثالثة بالنسبة للحجم والانتشار وقوة الحضور.

قبل الإنترنت كان المرء يفكر في أن العالم العربي يحتاج إلى إثبات حضور في تلك المهرجانات، وواحد من طرق هذا الإثبات أن تكون له مجلته السينمائية اليومية. تنقل بالإنجليزية - لم لا؟! - أخبار السينما والسينمائيين العالمية والعربية.. تقرب المسافة بين الجميع وتتحول إلى جسر مصالح كما هو متبع. مكتب السينما الكوري ذات مرة جاءني في «كان» يسأل إذا ما كنت مشرفا على مجلة سينمائية ليضع فيها إعلانات. أحد هناك سمع أنني أفعل ذلك. نفيت وعلمت بأن السينما الكورية، التي لا سوق لها مطلقا في العواصم العربية، راودتها فكرة افتتاح هذه السوق برصد 100 ألف دولار خلال دورة «كان» تلك. مبلغ مهم، لكن أهميته تأتي بسبب قصورنا المستمر.

وقد حاولت مجلة «فاراياتي أرابيا» ترميم هذا الفراغ وسد الفجوات عندما انطلقت حاملة اسم المجلة الأميركية.. لكن مؤسسها لم يكن على علاقة لا بالصحافة ولا بالسينما، مما جعله يدفن في المشروع رأسماله كله ويزيد. بعد سنة ونصف شحت الموارد وتوقفت.. لكن ليس كل اللوم من نصيبه وحده.. إلى اليوم، ليس هناك من مهرجان عربي يضم سوقا فعلية. أكاد أستثني «دبي»، فهو يضم سوقا، لكن التجسيد الفعلي ليس متاحا، فالعالم العربي يشتري أفلامه من «ديزني» و«فوكس» و«باراماونت» وباقي شركات الإنتاج والتوزيع الأميركية. أما الأفلام الأخرى، فقلما تتسلل إلى عواصمنا، مما يعني أن الموزع أو المنتج الأجنبي قد يحضر سوق دبي (أو غيره إذا ما تمكن) لكنه قد لا يجد من يشتري أفلامه.

الزميل سمير فريد، الذي عين رئيسا لمهرجان القاهرة السينمائي، ينوي إقامة سوق للأفلام في حاضرة المهرجان المصري الذي سينعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل. وهو لاحظ أنه خلال دورات مهرجان القاهرة الـ33 لم يتم بيع فيلم واحد إلى مصر.

أمر محزن، إلى أن تدرك أنه انعكاس لأحوالنا العامة في الشأن الثقافي والسينمائي (الكتاب مثلا).. فتزداد حزنا.

* ما الأفلام التي ستحبذها لجنة التحكيم؟

* قرارات اللحظات الأخيرة

* حالة من التوقعات غير المجدية سادت اليومين الأخيرين قبل إعلان الفائزين مساء هذا اليوم (الأحد) سببها أن الأفلام تساوت من حيث إنه ليس من بينها ما هو إنجاز فني كبير ومنفرد. ليست هناك ثلاثة أو أربعة أعمال تتنافس بقوة على جائزة «الأسد الذهبي» كما كانت الحال في السنوات القليلة الماضية. وأكثر من صحافي إيطالي قال لنا، أو كتب في صحيفته، شاكيا من أن هذه الدورة هي أضعف دورات المهرجان منذ سنوات بعيدة.

جيوفاني أوتوني ناقد مجلة «سيني كريتيكا» يقول وهو يتجاهل صحن الاسباغتي أمامه: «لا أذكر متى كانت آخر مرة عانى فيها هذا المهرجان من أفلامه». حين يقول له أحد الجالسين إن المسألة تتعلق بما هو متوفر من الأفلام، يرد: «كيف لنا أن نعلم؟ ثم إن الحكم على ما هو موجود من دون أعذار. أفلام هذا العام تتنوع من رديئة إلى معتدلة تشرف على النجاح ولا تحققه».

بيتر كاوي، وهو ناقد سينمائي بريطاني سابق لا يزال نشطا في شأن الثقافة السينمائية بعدما انتقل للعيش في سويسرا، يقول:

«أعتقد أنه لا يوجد مهرجان مثل (فينيسيا) يقصد أن يؤذي نفسه. وأميل لأن أقول إن هذا ما استطاع (فينيسيا) أن يجده من أفلام متوفرة. يجب ألا نحمل عليه كثيرا».

المنظور من وجهة نظر مدير المهرجان ألبرتو باربيرا، الذي التقيناه في مكتبه قبل يومين، مختلف: «أولا لا أوافق على أن الدورة الحالية ضعيفة بالإجمال. هناك عدد من الأفلام الجيدة التي عرضناها ونالت الإعجاب. لكن الحاصل هو أن مهرجان (كان) أوصى على أفضل الأفلام قبلنا. أعتقد أنه وجد أن المنافسة بيننا باتت حامية، فقام بالعمل على جمع برنامجه للدورة التي انعقدت في مايو (أيار) الماضي قبل عشرة أشهر».

حين سؤاله عما إذا كان هذا اعترافا بتقصير من جانب إدارته، قال: «لا.. لأننا كنا سنفعل الشيء نفسه. المشكلة هي أن (فينيسيا) لا يريد أن يقلد مهرجان (كان)، بل نسعى للاختلاف عنه قدر الإمكان».

هذا لا يقبله الناقد أوتوني الذي يلقي الضوء على ما يراه السبب الرئيس وراء ضعف هذه الدورة:

«هناك سببان في الحقيقة.. الأول هو الصراع السياسي الدائر في إدارة المهرجان تبعا للصراع السياسي في البلاد. إذا ما وصل إلى سدته من ينتمي إلى حزب يميني، رفض أفلاما إيطالية من الجانب الآخر، وإذا ما انتمى إلى حزب يساري، رفض الأفلام اليمينية أو تلك التي تباركها الأحزاب الأخرى». يضيف: «السبب الثاني هو أن باربيرا يريد لمهرجانه أن يكون مثل (كان)، لكن على أصغر عوض أن يعود إلى الأسس طارحا المهرجان على أنه إنجاز ضخم».

* خلطة خفيفة

* هذه النقطة الأخيرة صالحة للتداول لكنها ليست ثابتة، فالمهرجان الإيطالي يأتي وسط متاعب اقتصادية معروفة، مما يحد من محاولة عملقته إلى الدرجة التي يمكن له فيها ترك أثر ما ينافس به زميله الفرنسي.

أكثر من ذلك، هناك حقيقة أن جوائز كل المهرجانات الكبرى لا تعني الكثير إلا للحاصلين عليها.. إنها ليست مفتاحا للتسويق والنجاح التجاري على نحو مؤكد، وليست محطة صوب أي غاية أخرى. الجائزة العالمية الأولى ما زالت من احتكار الـ«أوسكار» الأميركي، ومعظم ما يدخل تلك المنافسة إما أنه لم يعرض في أي مهرجان أو أنه توجه لمهرجان تورونتو، كما الحال مع الفيلم الذي يشهد حاليا هالة إعجاب كبيرة وهو «12 سنة عبدا».

الناظر إلى أفلام الدورة السبعين من المهرجان الإيطالي يدرك أن الفوز لن يكون سهلا؛ إذ أن الأفلام الجيدة ذاتها لا تخلو من النواقص.. هذا ينطبق مثلا على «فيلومينا» لستيفن فريرز الذي يقف حاليا، وهذا التقرير يُبعث به قبل ساعات من حفل الختام حيث تعلن الجوائز، في الصف الأول من التوقعات. إيجابياته: خلطة كوميدية - درامية لا بأس بها. قصوره كامن في أن الخلطة خفيفة أكثر من اللازم بحيث لا تترك أثرا بعد الانطباع الأول.

«مسارات» لجون كوران، مثير وجميل للنظر إليه من ناحية، ويعاني من نص تقليدي لا يشفي غليل الباحث عن معالجة دسمة وكاملة للحكاية التي يعرضها.

«تحت البشرة» لجوناثان غلايزر يحمل حبكة جيدة، لكن تنفيذه متكلف في أفضل الأحوال.

«أنا عربية» للإسرائيلي آموس غيتاي مثير للاهتمام كرسالة نوستالجية لوقت مضى، لكنه ساذج الطرح.

«هبوب العاصفة» لهاياو ميازاكي، جيد في كل ركن من أركانه، لكن ساعته الأولى أفضل من الثانية، وهو «أنيماشن»، مما يجعله يبدو متطفلا على الجائزة أكثر مما هو مستحق لها.

في هذا الإطار أخفقت السينما الأميركية في أن تثير أي رهجة أو تطرح عملا لا يمكن التغاضي عنه.. هذا على كثرة ما هو مطروح فيها.

«جو» هو أفضلها صنعا. دراما قوية الطرح اجتماعيا، وجيدة التأليف سينمائيا، لكن هذا العمل مساء فهمه؛ إذ يقع في شق ضيق من الانتاجات؛ لا هو مستقل ولا هو هوليوودي تقليدي، مما يضعف من احتمالات منحه ما يستحق.

«حركات ليلية» لكيلي ريتشارد، تضعفه حبكة غير المتقنة رغم فكرته الجديدة حول قيام ثلاثة مدافعين عن البيئة بتفجير سد على بحيرة، مما أدى لقتل رجل بريء، وما يلي ذلك من دخول نفق الشعور بالذنب.

«المعروف المجهول» الفيلم التسجيلي لإيرول موريس كان مثيرا للنظر مع طروحات غير جديدة. نعم كان يستحق التقديم في مسابقة، لكن حصوله عليها هو أمر آخر.

إلى جانبها كانت هناك مجموعة أفلام أميركية أخرى، لكنها تنحدر من المعتدل («باركلاند») إلى الرديء («طفل الله»).

ثم هناك رئيس لجنة التحكيم برناردو برتولوتشي نفسه.. كأي رئيس لجنة تحكيم يمسك الخيوط جميعا، ولديه، بحكم الخبرة، ما يحبذه كثيرا وما يحبذه قليلا وما لا يحبذه مطلقا بصرف النظر عن الرأي النقدي. ومن الصعب تصور أنه سينقاد بالكامل وراء أي من الأفلام المذكورة. هذا كله مما يجعل الصورة غير واضحة بالنسبة لمن سيفوز أو لا يفوز.

يضاف إلى ذلك أن الرئيس محاط بثمانية أصوات متنافرة.. أعضاء موزعون بين الكتابة والإخراج والتمثيل، ولكل اتجاه وتفضيل خاص به. نعم هذه حالة كل لجان التحكيم، لكن عادة ما تستطيع أن تجد إمكانية اتفاق بين اثنين أو ثلاثة.. ليس هذه السنة! في القسم الرئيس الثاني للمهرجان، وهو «آفاق» (المصنوع على هوى «نظرة ما» في مهرجان «كان») بدأ الصراع قبل يومين وانتهى من دون أن يحقق عمرو واكد، وهو أحد أعضاء هذه اللجنة، ما كان يود تحقيقه:

«لا أستطيع ذكر عناوين أو أسماء أشخاص. لكن هناك في هذا القسم فيلم وجدته مبهرا ووافقني على هذا الرأي عضوان آخران.. لكني تلمست صدا منيعا من قبل رئيس لجنة التحكيم (المخرج الأميركي بول شرادر) والأعضاء الآخرين. حاولت إيصال فكرتي، لكني ووجهت بوجوم شديد.. في النهاية قلت لهم: يوما ما سأحقق فيلما عنكم».

في العام الماضي، نال الفيلم الأميركي «السيد» جائزة «الأسد الذهبي»، لكن خللا في القوانين لا يسمح بمنح جائزتين لهذا الفيلم، قاد إلى سحب هذه الجائزة ومنحها إلى الفيلم الكوري «بييتا» لكي بوك كيم. الجائزة الثانية لحساب فيلم «السيد» بقيت كما هي وذهبت إلى الممثلين واكين فينكس وفيليب سايمور هوفمان. هذا العام لا نتوقع شيئا من هذا، لكن ذلك لا يعني أن الجائزة قد تكون مفاجأة بأكثر من مقياس.

فيلم اليوم:

«سطوح» مرزاق علواش تطل على البؤس وحده

* آخر فيلم تم عرضه في قائمة الأفلام المشتركة في المسابقة الرسمية هو فيلم «السطوح» للمخرج مرزاق علواش، ويا لها من خيبة أمل.

الفيلم العربي الوحيد في المسابقة (مقدم باسم الجزائر ولو نصفيا) هو جديد هذا المخرج الذي سبق له، في التسعينات وما قبل، أن حقق أعمالا كانت تستحق ما حققته من جوائز وما أسسته لصاحبها من مكانة. حتى بعض الأخيرة، مثل «الحراقون» قبل ثلاثة أعوام أو نحوها، تميز بجودة سرده وأحاط على نحو أفضل بخلفيات شخصياته. لكن «السطوح» هو خيبة أمل شديدة.

الفكرة المهيمنة هي توزيع خمسة أحداث غير مترابطة في خمسة أحياء (مثل «الجزائر الوسطى» و«حي باب الواد» و«حي القصبة») كل منها قصة منفصلة تماما. إلى ذلك، فكر المخرج في أن تقع أحداث هذه القصص جميعا فوق خمسة أسطح (كل سطح في حي ومع قصة مختلفة).

الفكرة جيدة ستتيح النظر إلى ما تطالعنا به الحكايات من دون الاضطرار لمغادرة سطوح المنازل.. ستتيح النظر إلى المدينة من على السطح كما لو أن المسافة أطول بكثير مما هي في الواقع.. وجيدة لأنه منوال لم يقدم عليه أحد من قبل نعرفه.

لكن ما يحول هذه الفكرة إلى حضيض خشن هو أن المخرج يطل من على السطوح إلى بؤس اجتماعي مؤلم رابطا إياه بالإسلام وعلى نحو يكشف تخلف النظرة وفرانكوفونيتها.

هناك حكاية الرجل المقيد السجين في حجرة لا يزيد حجمها على حجم سرير واحد.. لا نعرف لماذا تحديدا، ولو أن الموحى به هو أنه شخص من الخطورة بحيث كان لا بد من سجنه هكذا.. تعنى به فتاة صغيرة وتطلق سراحه في آخر الفيلم.

وهناك حكاية العصابة التي تقوم بتعذيب رجل عبر عملية تغطيس رأسه في دلو ماء.. هذا في الوقت الذي يقوم فيه من يبدو رئيسها بالاتصال هاتفيا بمن يرغب غير آبه بآلام الرجل أمامه إلى أن يموت. هنا يكشف الفيلم عن أن القتيل هو شقيق رئيس العصابة الذي رفض الاعتراف بشيء ما.

الحكاية الثالثة هي لفتاة شابة تحب الموسيقى وتلتقي بشبان لإجراء بروفات على أغنيتها.. هناك فوق السطح (لماذا ليس في البيت؟ لا ندري). على السطح المقابل فتاة أخرى تقف مراقبة إلى أن يهجم عليها زوجها أو شقيقها (التصوير من بعيد والمخرج لم يفصح) ويضربها. في المشهد التالي تلقي بنفسها من فوق السطح.

الحكاية الرابعة هي عبارة عن قصة عائلة مؤلفة من أم وابنتها وابنها وكلاهما مدمن. يأتي صاحب البيت ليخبرهم باستصداره قرارا من المحكمة بإخلاء الشقة. تهجم عليه الابنة الشابة وتضربه بالطنجرة على رأسه بضراوة وعلى نحو متوال إلى أن يموت. الآن هناك ابنه الذي يفتقد أباه ويعتقد أن العائلة تعرف مكانه.

الحكاية الخامسة، هي لرجل آخر يعيش فوق السطوح أيضا ولا يدفع أجرا. وهناك غرفة يستخدمها رجل دين لاستقبال امرأة محجبة ومنتقبة ليخلع عنها ثيابها ويضربها بالعصا لطرد الجن منها.

وعلى سطح من هذه الأسطح (أو هو ربما سطح جديد) هناك مجموعة من المتدينين المفترض بهم أن يكونوا نموذجا للمتطرفين يلتقون لسماع الموعظة. في الخطبة يشيد الشيخ بمعمر القذافي ناسفا أي سبب منطقي لذلك، فالجماعات الدينية تكن العداء للقذافي، والقذافي من ناحيته لم يكن نموذجا يمكن استخدامه حتى من باب إدانتها.

الكاميرا لا تغادر السطح مطلقا لا نزولا إلى الشارع ولا دخولا في أي حجرة (هناك مشهد داخلي واحد لكنه مصور بإيهام أنه التُقط من ثقب الباب). إنها تحاول أن تعلن أن هذه السطوح هي انعكاس شامل للحياة على الأرض ولشخصياتها. وهذه الشخصيات جميعا سلبية. تستثني الفتاة هاوية الموسيقى والرجل الذي يموت تحت وطأة التعذيب والفتاة الصغيرة على براءتها. الباقون جميعا (أكثر من 10 أشخاص عدا لفيف من المتدينين الآتين لسماع الخطبة) رجال ونساء بشعون، وسخون، أميون، يتاجرون بالمخدرات أو يقبعون تحت وبالها، بلا قلب ولا وجدان ولا ثقافة. والسطوح التي يعيشون عليها قذرة والإطلالة على ما تحت من مدينة كئيب.

يكاد ذلك يكون شأن المخرج إذا ما رأى أن هذه الحال هي ما يريد تصويره والتعبير عنه.. حالا من التخلف الشامل؛ بل ربما يكون ذلك تعبيرا ما عن وضع معين. لكن السؤال يخرج من نطاق الشأن الخاص إلى العام عندما يختار تقديم الفيلم في فقرات تبدأ مع كل أذان صلاة، معرفا بكلمات مطبوعة بالعربية والإنجليزية على الشاشة، موقع هذا الأذان وموعده من اليوم ومتى يبدأ ومتى ينتهي.. خمس فقرات ينطلق بها الأذان لندخل ذلك التردد بين الحكايات الخمس كما لو كان يريد أن يقول إن الإسلام هو ما يغطي هذه الشخصيات الشاذة وإنه المسؤول عن شذوذها الاجتماعي وتخلفها.

لكن ربط الإسلام بالتخلف (ومن دون ثوابت أو تحليل) هو تخلف بحد ذاته. والفيلم إذ ينتقل بين حكايات السطوح (والسطوح ذاتها) لا يفعل شيئا على صعيد تقديم معالجة أكثر قيمة من مجرد القول إن كل هؤلاء مدانون وإن الإسلام يلعب الدور الأول في تخلفهم.. إنه لا يبحث بل يعرض ويحكم. وما يعرضه ويحكم عليه هو ذاته الذي يحب الغرب من الفيلم العربي أن يكون عليه.

الشرق الأوسط في

08/09/2013

 

لأول مرة يفوز فيلم وثائقي بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية

علاينة عارف/ فينيسيا:

تنافس فيلمان وثائقيان في الدورة السبعين لمهرجان البندقية السينمائي، هما فيلم المخرج الأمريكي ايرول موريس، وعنوانه :المعروف المجهول" ويتناول قصة دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي ابان غزو العراق، لكنه فشل أمام الفيلم الوثائقي الآخر "المحلة المقدسة" (Sacro GRA ) للمخرج الإيطالي جيانفرانكو روسي. والفيلم يتناول حياة مجموعة من الناس يعيشون على امتداد الطريق الدائري حول روما المسمى غرا. ولم يصدق المخرج ان فيلمه الوثائقي سيفوز بجائزة الأسد الثمينة هذه

وصرح المخرج الإيطالي برناردو برتولوتشي مخرج فيلم "آخر تانغو في باريس"،  بصفته كرئيس هيئة التحكيم "اعتقد ان كل اعضاء هيئة التحكيم شعروا بما في فيلم روسي من لغة شاعرية قوية وهذا كل ما يمكن أن يقال."

أما جائزة الأسد الفضي لأفضل مخرج ففاز بها اليوناني الكسندروس أفراناس عن فيلمه "السيد العنف" قصة عائلة يستغل فيها الاب ابناءه في أعمال البغاء لتحقيق مكاسب مالية.

وفاز بجائزة أفضل ممثل ثيميس بانو عن دور الأب في فيلم (ميس فيولنس) بينما كانت جائزة أفضل ممثلة من نصيب الإيطالية إلينا كوتا عن دورها في فيلم "فيا كاستيلانا باندييرا" للمخرجة إيما دانتي.

وقال مدير المهرجان البرتو باربيرا ان نوعية الأفلام في المسابقة أكدت على الواقع المظلم والعنيف المنبثق في جزء منه عن الازمة الاقتصادية العالمية.

وشارك 20 فيلما في المسابقة الرئيسية بالمهرجان السينمائي الأقدم في العالم.

إيلاف في

08/09/2013

 

أول وثائقى يفوز بالجائزة.. الفيلم الإيطالى "ساكرو جرا" يحصل على "الأسد الذهبى" فى مهرجان فينيسيا

الألمانية: أصبح فيلم المخرج الإيطالي جيانفرانكو روسي "ساكرو جرا"، الذي يصور بعناية حياة مجموعة من الناس يعيشون ويعملون على امتداد الطريق الدائري السريع في روما، مساء السبت أول فيلم وثائقي يفوز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا السينمائي. 

ويقدم الفيلم، الذي كان نتاجا لثلاث سنوات من البحث والإعداد، صورة صادقة لحياة مجموعة من الأشخاص يعيشون على هامش المدينة. 

وقال روسي لدى تسلمه الجائزة: "لم أتوقع مطلقا حصولي على مثل هذه الجائزة المهمة عن فيلم وثائقي". 

ويعتبر فيلم "ساكرو جرا" أيضا أول فيلم إيطالي يحصل على جائزة الأسد الذهبي منذ 1998 في أقدم مهرجان سينمائي في العالم. 

وأهدى روسي الجائزة إلى شخصيات الفيلم الرئيسية التي تضمنت عامل إسعاف وصياد سمك وعاهرات علاوة على مستأجري شقق وأرستوقراطيين غريبي الأطوار، وشكر زوجته السابقة لإقناعه بتصوير الفيلم، قائلا "كنت أرغب في ترك روما". 

وولد روسي في إريتريا ويحمل الجنسية الإيطالية والأمريكية، وأخرج روسي (49 عاما) خلال حياته المهنية ثلاثة أفلام وثائقية نالت استحسان النقاد وتدور حول بحار هندي، ومستوطني الصحراء في كاليفورنيا وقاتل مكسيكي محترف. 

وكان فوز "ساكرو جرا" بالجائزة الكبرى في المهرجان بمثابة المفاجأة. 

وحصل فيلم "فيلومينا"، الذي تلعب فيه النجمة البريطانية جودي دانش دور سيدة تبحث عن طفل اضطرت أن تعرضه للتبني ونال استحسان الجمهور والنقاد، على جائزة أفضل سيناريو. 

بينما حصل المخرج اليوناني ألكسندروس أفراناس على جائزة "الأسد الفضي" لأفضل مخرج، عن فيلمه "ميس فايولانس" الذي يتناول قصة وحشية لزنا المحارم تبدأ بانتحار طفلة عمرها 11 عاما على خلفية قاتمة للوضع الاقتصادي المتأزم في اليونان. 

وفاز الممثل ثيميس بانو الذي جسد شخصية الاب في فيلم "ميس فايولانس" بجائزة أفضل ممثل فيما ذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى إلينا كوتا (82 عاما) عن دورها في الفيلم الإيطالي "فيا كاستيلانا باندييرا". 

واقتنص المخرج التايواني تساي مينج ليانج، الذي أعلن اعتزاله السينما وهو في سن الخامسة والخمسين، جائزة هيئة التحكيم الكبرى عن فيلمه "ستراي دوجز" أو (كلاب ضالة) الذي اختبر قدرة المشاهدين على الصبر بمشاهده ولقطاته الطويلة الثابتة فيما يركز على رجل يعمل كلوحة إعلانات بشرية ليكسب قوت ابنائه. 

وقال المخرج مينج ليانج: "فيلمي من الصعب جدا منحه جوائز. لأنه بطيئ جدا، (ويصبح) أبطأ وأبطأ، لذلك أنا حقا أشكر لجنة التحكيم لتعريجها من أجل تقدير الفيلم". 

وفاز الفيلم الدرامي "زوجة ضابط شرطة"، الذي يحكي قصة زوج عنيف، على جائزة لجنة التحكيم الخاصة. وأهدى المخرج الألماني فيليب جرونينج الجائزة إلى ضحايا العنف المنزلي. 

وكان رئيس لجنة التحكيم المخرج الإيطالي برناردو بيرتولوتشي، الحائز على جائزة أوسكار، قال في افتتاح المهرجان في 28 أغسطس الماضي إنه يرغب في منح الجائزة لأفلام "لا يمكن التنبؤ بفوزها.. أكثر ما أريده هو أن تصابوا بالدهشة".

بوابة الأهرام في

08/09/2013

 

 

«السطوح» بيان سياسى عن هؤلاء الذين يتوضأون بالدم

بقلم   سمير فريد 

عرض الفيلم الجزائرى «السطوح» إخراج مرزاق علواش فى نهاية عروض مسابقة مهرجان فينسيا أمس الأول، وجاء من أحداث المهرجان المهمة، ولا يستبعد فوزه بإحدى جوائزه. وعرض الفيلم فى نهاية المسابقة، وهى أهم البرامج فى أى مهرجان، كان توقيتاً ذكياً، فالعالم كله يتابع صعود الإسلام السياسى فى البلاد العربية التى شهدت سقوط النظم الديكتاتورية من مصر إلى اليمن ومن ليبيا إلى سوريا، ويرى الجرائم التى ترتكب باسم الإسلام فى هذه البلاد، وهو موضوع فيلم المخرج الجزائرى الكبير.

والعالم كله لايزال يتذكر الجزائر فى تسعينيات القرن الماضى عندما فاز الإسلام السياسى فى الانتخابات، وحال الجيش دون وصوله إلى الحكم لأنهم يستخدمون الانتخابات حتى يحكموا ويجعلوها آخر الانتخابات، فكانت الحرب الأهلية فيما يطلق عليه العشرية السوداء، حيث قتل أكثر من مائة ألف جزائرى، وكان القتلة عندما يهاجمون أى حى يهتفون «لا حى فى الحى».

«السطوح» الفيلم الروائى الطويل الثانى عشر لمخرجه منذ «عمر جتلاتو» ١٩٧٦، الذى كان نقطة تحول فى تاريخ السينما الجزائرية بتعبيره عن الواقع بعد أن ظلت أغلب الأفلام الجزائرية منذ الاستقلال عام ١٩٦٢ عن حرب التحرير ضد الاحتلال الفرنسى. وقد انتقل علواش للحياة فى باريس، وأخرج أفلاماً فرنسية عن موضوعات فرنسية، ولكنه لم ينس أبداً أنه جزائرى، وظل يعبر عن هموم الشعب الذى ينتمى إليه، ولا توجد قضية أهم من قضية الإسلام السياسى فى الجزائر وكل العالمين العربى والإسلامى منذ ثلاثة عقود، وبالتحديد منذ الثورة «الإسلامية» فى إيران. وقد سبق أن تناول الفنان هذه القضية فى أكثر من فيلم أحدثها «التائب» العام الماضى الذى عرض فى برنامج «نظرة خاصة» فى مهرجان كان.

ويختلف الفيلم الجديد عما سبقه فى التعبير عن هذه القضية، فهو لا يتناول العنف الذى تمارسه جماعات الإسلام السياسى وتبرره بتفسيرات معينة لآيات معينة من القرآن الكريم، وإنما المجتمع أو البيئة التى تؤدى إلى وجود هذه الجماعات. وتدور أحداث الفيلم فوق أسطح خمس بنايات فى خمسة أحياء متجاورة فى مدينة الجزائر العاصمة فى يوم واحد من صلاة الفجر إلى صلاة العشاء، ويكتب على الشاشة أسماء الأحياء وشرح للصلوات الخمس اليومية للمسلمين. ومشاهد أذان الصلاة لقطات عامة للمدينة يبدأ بها الفيلم وينتهى، محافظاً على الوحدات الأرسطة الثلاث للزمان والمكان والموضوع، فهو عمل كلاسيكى الشكل حداثى الأسلوب سياسى المضمون وإن كان يعبر عن السياسة من خلال المجتمع وليس عالم السياسة. وعلى الأسطح تدور أحداث خمس قصص نتابعها طوال الفيلم فى وقت واحد على نحو متواز.

فى عمارة تحت الإنشاء يقوم أحدهم بتعذيب أحد الأشخاص بواسطة اثنين من معاونيه، ويطلب منه التوقيع على وثيقة حتى يتركه يعود إلى زوجته وأولاده فى بوردو فى فرنسا. وفى النهاية يموت الرجل من جراء التعذيب وندرك أنه أخوه، ولا نعرف موضوع الوثيقة التى كان يطلب منه التوقيع عليها، ولكن الأرجح أن تكون تنازلاً عن ميراث مشترك. وأثناء عملية التعذيب يدخل البناية بالخطأ فريق من مخرجة ومصور ومهندس صوت لتصوير مشاهد من السطح، فيتم قتلهم جميعاً بدم بارد.

والقصة الثانية فوق سطح عمارة ثانية عن امرأة تعانى من إدمان ابنها المراهق للمخدرات، ومن حالة ابنة أخيها التى لا تنطق طوال الفيلم، وتبدو تائهة عن كل ما يحيط بها. وعندما يأتى مالك البناية ويطلب منهم المغادرة بعد عشر سنوات من الإقامة، يشتبك معه الابن، وتقتله ابنة الأخ. يصعد ابن الرجل ليسأل عن والده، ويبلغ الشرطة، ويأتى الشرطى، وندرك من الحوار بينهما أن الشرطى كان شيوعياً، وأن ابنة أخ المؤجرة جاءت من وهران بعد أن حملت سفاحاً لتختفى فى العاصمة. وتنتهى القصة بأن يطلب الشرطى من الأم إلقاء الجثة فى البحر ويقول لها لقد كان يستحق القتل.

وعلى سطح عمارة ثالثة نرى رجلاً مقيداً بالسلاسل داخل بيت خشبى للكلاب، ولا نرى وجهه أبداً حتى النهاية، ولا نعرف سبب معاملته على هذا النحو، ولكن طفلة من الأسرة تناديه «عمى»، وتعطف عليه وتقدم له الطعام. وعلى نفس هذا السطح شاب ملتح يدعو مجموعة من الشباب لصلاة المغرب جماعة، والاستماع إلى درس دينى من «الشيخ» يقول فيه إن طفلاُ فى الثامنة من عمره ولد لأسرة كاثوليكية، ولكنة دخل الإسلام، وحفظ القرآن، وأصبح داعية أعجب به معمر القذافى. وتنتهى القصة بأن تفك الطفلة قيود الرجل المقيد كالكلب وتعطيه سكيناً لكى يقتل أعداءه.

وفى عمارة رابعة تعزف شابة أنيقة وتنتظر وصول فرقة موسيقية لإجراء تدريبات على أغنية جديدة، وعلى السطح المقابل فتاة فى مثل عمرها تتطلع بسعادة إليهم. وفجأة يأتى من ينهال بالضرب المبرح على هذه الفتاة، وتحاول العازفة- المغنية التوجه لإنقاذها، ولكن بقية أعضاء الفرقة يمنعونها، فتثور عليهم، وتطردهم من السطح. وفى الليل ترى الفتاة مرة أخرى، فترتاح إلى أنها بخير، ولكن الفتاة تنتحر بإلقاء نفسها من السطح، ونسمع صوت ارتطام جسدها بالأرض.

أما فى العمارة الخامسة فنرى رجلاً يفعل أى شىء وكل شىء، بما فى ذلك إيجار غرفته البائسة لكل الأغراض، والتطلع إلى ما يدور داخلها. ونرى «الشيخ الأمين» يؤجر الغرفة، حيث تأتى امراة منتقبة تشكو له حال زوجها، فيطلب منها أن تخلع ملابسها حتى يتمكن من إخراج الجن من جسدها، ويبدأ فى ضربها بوحشية شديدة. وتنتهى الأحداث على هذا السطح بإقامة حفل زفاف ينتهى به الفيلم.

إنه عالم مظلم إظلاماً تاماً ولا بصيص من الأمل فيه، ولا حتى مع الطفلة الصغيرة. ومن الناحية الفنية، ورغم الإحكام الشكلى، يؤخذ على السيناريو الذى كتبه المخرج، عدم إشباع الشخصيات درامياً بحيث نشعر بوجودها كشخصيات إنسانية، ويرجع ذلك إلى غلبة الطابع الذهنى، فالفنان يستهدف التأكيد على فكرة، ويجعل كل الشخصيات أفكاراً.

ويؤخذ على الفيلم من الناحية الفكرية الربط بين هذا العالم المظلم غير الإنسانى وبين الصلوات الخمس، وكأن سلوك هذه الشخصيات نتاج لكونهم مسلمين. فالأديان لا علاقة لها بممارسات بعض الذين يؤمنون بها: دين موسى لا يبرر ممارسات اليهود الذين يضطهدون الشعب الفلسطينى، ودين عيسى لا يبرر ممارسات المسيحيين الذين أبادوا سكان الأمريكتين واستعبدوا السود، ودين محمد لا يبرر ممارسات المسلمين الذين يقتلون الأبرياء، صلى الله عليهم جميعاً وسلم.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

08/09/2013

 

جوائز رديئة فى ختام مسابقة عظيمة لأول مرة فيلم تسجيلى يفوز بالأسد الذهبى 

بقلم   سمير فريد

كانت اللحظة المؤثرة الوحيدة فى حفل ختام مهرجان فينسيا عندما دخل رئيس لجنة التحكيم فنان السينما الإيطالى العالمى الكبير برناردو بيرتولوتشى المسرح على مقعد متحرك بعد أن فقد القدرة على الحركة نتيجة المرض، فقد صفق الحاضرون وقوفاً عدة دقائق لأول وآخر مرة فى الحفل، وبدا الانفعال الشديد على وجه الفنان لكنه استطاع أن يسيطر على مشاعره وتماسك وهو يشكر الجميع.

لقد كانت مسابقة الدورة الـ٧٠ لأعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم مسابقة «تاريخية» بحق، إذ جاء ما يقرب من نصف الأفلام العشرين على مستوى فنى رفيع، لكن بقدر ما كانت المسابقة عظيمة، بقدر ما جاءت الجوائز رديئة على نحو لا يصدق، وكأن اللجنة قررت أن تمنح الجوائز لأقل الأفلام قيمة عن عمد، بل وبذلت أقصى جهدها لتحقيق هذا الغرض، فالجوائز متسقة من حيث تقدير أصغر الأفلام بأكبر الجوائز، وأكبر الأفلام بأقل الجوائز، وسوف تؤثر هذه الجوائز بالسلب على مستقبل المهرجان العريق، ورفض العديد من كبار المخرجين الاشتراك فى المسابقة حتى تنسى هذه الجوائز.

لقد حصل الفيلم البريطانى «فيلومينا» إخراج ستيفن فريرس على أعلى تقديرات النقاد فى الصحافة الدولية والإيطالية وفى استفتاء الجمهور، ولم يقترب من القمة التى وصل إليها أى فيلم آخر، وكان جديراً بالأسد الذهبى بأى المقاييس وكل المقاييس، وسوف يكون من أفلام الأوسكار العام القادم، إن لم يصبح فيلم الأوسكار. ولم تستطع اللجنة تجاهله بالطبع، فمنحته جائزة السيناريو لكل من جيف بوبى وستيف كوجان الذى مثل فيه الدور الأول أمام جودى دينش فى دور الشخصية الرئيسية (فيلومينا).

ولم تستطع اللجنة أيضاً تجاهل الفيلم الإيطالى «شارع كاستيلانا بانديرا» إخراج إيما دانتى، والذى كان يستحق جائزة لجنة التحكيم أو جائزة السيناريو، ومنحته كأس فولبى لأحسن ممثلة إلى الممثلة الإيطالية الكبيرة إيلينا كوتا التى لم تنطق ولا كلمة واحدة طوال الفيلم، ولكن أداءها لا يفوق أداء جودى دينش فى «فيلومينا»، أو ميا واسيكوسكا فى الفيلم الأسترالى «مسارات» إخراج جون كوران.

وحتى القيمة الإيجابية فى فوز فيلم تسجيلى طويل بالأسد الذهبى لأول مرة فى تاريخ المهرجان منذ دورته الأولى عام ١٩٣٢، وهو الفيلم الإيطالى «الطريق الدائرى» إخراج جيان فرانكو روزى، أفسدتها اللجنة، حيث كان الفيلم التسجيلى الطويل الآخر الذى عرض فى نفس المسابقة، وهو الفيلم الأمريكى «معرفة المجهول: حياة وعصر دونالد رامسفيلد» إخراج إيرول موريس أكثر اكتمالاً وأكثر أهمية على شتى المستويات، وأجدر من الفيلم الإيطالى بالأسد الذهبى إذا كان القرار أن يفوز بأهم الجوائز فيلم تسجيلى، وليس أن يفوز فيلم إيطالى فى هذه الدورة المميزة من مهرجان إيطاليا السينمائى الأكبر!.. وقد حل «الطريق الدائرى» فى المركز الثانى فى استفتاء الصحافة الدولية والإيطالية (٢١ ناقداً)، وجاء «معرفة المجهول» فى المركز الثالث، والفيلم اليابانى التشكيلى «هبوب الرياح» إخراج هاياو ميازاكى فى المركز الرابع، والفيلم الكندى «توم فى المزرعة» إخراج زافيير دولان الذى فاز بجائزة «فيبريسي» فى المركز الخامس، والفيلم الجزائرى «السطوح» إخراج مرزاق علواش فى المركز السادس، والفيلم الأسترالى «مسارات» فى المركز السابع، ولم يفز بأى جائزة كل الأفلام من المركز الثالث حتى السابع.

وليس من المهم أن تتفق آراء النقاد مع آراء لجنة التحكيم، لكن المشكلة هنا التناقض الصارخ فى منح الفيلم التايوانى «كلاب ضالة» إخراج تساى مينج ليانج جائزة لجنة التحكيم الكبرى التى تمنح لأول مرة، وكانت جوائز فينسيا حتى العام الماضى سبع جوائز، وليس ثمانى، وقد جاء ترتيبه عند النقاد فى المركز الحادى عشر، ولا يستحق الفوز بأى جائزة.

والمشكلة الأكبر فى فوز الفيلم اليونانى «فتاة العنف» إخراج ألكسندروس أفراناس بجائزة الأسد الفضى لأحسن إخراج وجائزة أحسن ممثل (ثيميس بانو)، وكان الفيلم الوحيد الذى فاز بجائزتين لأسباب يصعب تصورها، وترتيبه عند النقاد فى المركز السادس عشر، ولم يحصل على ٥ نجوم من أى ناقد، وإنما على نجمة واحدة من أربعة نقاد (أى ضعيف). إنه فيلم سطحى ومفتعل، وممثل الدور الأول فيه أقل من عادى، ولا يمكن أن يثبت للمقارنة مع ستيف كوجان فى «فيلومينا» أو أنطونيو ألبانسى فى الفيلم الإيطالى «بطل وحيد» إخراج جيانى أميليو.

وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة الفيلم الألمانى «زوجة ضابط الشرطة» إخراج فيليب جرونينج وهو فيلم خاص بالفعل.

أما جائزة مارشيليو ماستوريانى لأحسن ممثلة أو ممثل جديد فقد فاز بها تى شريدان عن دوره فى الفيلم الأمريكى «جو» إخراج دافيد جوردون جرين، وهو ممثل لا يلفت النظر بأى حال، والواضح أنه فاز حتى لا تخرج السينما الأمريكية من المسابقة صفر اليدين بعد أن اشتركت بأكبر عدد من الأفلام من دولة واحدة (٥ أفلام أو أربعة أفلام المسابقة)، وحتى لا تكون الجوائز الثمانى للسينما الأوروبية (٦ جوائز) وللسينما الآسيوية (جائزة واحدة).

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

09/09/2013

 

جوائز «البندقية» | دورة سوداوية!

يزن الأشقر

 

أول من أمس، أُسدل الستار على الدورة السبعين من «مهرجان البندقية السينمائي»، وارتأت لجنة التحكيم التي ترأسها السينمائي بيرناردو بيرتولوتشي منح جائزة «الأسد الذهبي» للوثائقي الإيطالي Sacro GRA لمخرجه جيانفرانكو روسّي (الصورة) الذي يحكي قصص أناس يعيشون بالقرب من الطريق السريع المحيط بروما. «الأسد الفضي» لأفضل مخرج حازه اليوناني اليكساندروس افراناس عن الشريط الأعنف في المهرجان «آنسة عنف» الذي نال فيه بطل الفيلم ثيميس بانو جائزة أفضل ممثل أيضاً. جائزة لجنة التحكيم ذهبت إلى «كلاب شاردة» لتساي مينج ليانغ، بينما ذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى إيلينا كوتا عن دورها في Via Castellana Bandiera، وجائزة أفضل سيناريو ذهبت لسيناريو «فيلومينا» للبريطاني ستيفن فريرز. ومنحت لجنة التحكيم جائزة خاصة لشريط الألماني فيليب غرونينغ «زوجة ضابط الشرطة». عموماً، بقي الجدل في هذه الدورة مقتصراً على محتوى الأفلام. بالنظر إلى الأعمال المتنافسة، رأينا ثيمات تغلب عليها السوداوية والعنف. بين السياسة والواقع الاجتماعي، طرحت قضايا العنف والعلاقات العائلية والمثلية والجنس والسلطة بأشكال متعددة. من بين الأفلام التي حملت طرحاً سياسياً، جاء وثائقي إيرول موريس «المعروف المجهول» ليضع وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد أمام الكاميرا راوياً سيرته المهنية. وقدّم بيتر لاندسمان «باركلاند» الذي تناول حادثة اغتيال الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي من زاوية أخرى، فيما صوّر الإسرائيلي عموس جيتاي «أنا عربية» بلقطة واحدة متناولاً مجتمعاً من المنبوذين العرب واليهود الذين يعيشون معاً. اجتماعياً، قدم البريطاني ستيفن فريرز «فيلومينا» عن بحث أم كاثوليكية ايرلندية عن ابنها الذي اجبرت عن التخلي عنه. الألماني فيليب غرونينغ قدم في «زوجة رجل الشرطي» دراما العنف العائلي، وقارب اليوناني اليكساندروس افراناس أزمة اليونان و«أزمة القيم» كما وصفها في فيلمه «آنسة عنف»، إذ يروي قصة بحث في أسباب انتحار طفلة ذات 11 عاماً. بينما قدم الماليزي الصيني كاي مينج ليانغ في «كلاب شاردة» دراما عن أب وأطفاله يصارعون قسوة الحياة اليومية في تايبيه. من ناحيته، جاء الحضور العربي خجولاً، ممثلاً بفيلم «الأسطح» للجزائري مرزاق علواش. هل كانت الدورة السبعون ناجحة؟ نعم رغم أنّ الموضوع المالي يبقى المؤرق الرئيسي. لهذا يبقى جلب العروض الأولى مسألة حياة أو موت، فهي التي تضمن بقاء المهرجان في موقعه الجذاب.

الأخبار اللبنانية في

09/09/2013

 

مهرجان - "الأسد الذهب" لـ"ساكرو غرا": كلّ الطرق لا تؤدي إلى روما!

البندقية - هوفيك حبشيان

"ساكرو غرا" للسينمائي الايطالي الرحالة جيانفرانكو روزي، "أسداً ذهباً" في الدورة السبعين من مهرجان البندقية؟ الخبر لا يكاد يصدَّق. لماذا؟ لأن هذا الشريط الذي عُرض في اليوم ما قبل الأخير لـ"الموسترا"، بالإضافة الى كونه وثائقياً (الجانر الذي يدخل مسابقة البندقية للمرة الاولى)، من الأعمال التي لم يتوقع احد أن تنال رضا المحكمين حدّ تفضيله على سينمات ذات بنى درامية أكثر تعقيداً. لكن، قبل ساعات قليلة من حفل توزيع الجوائز، تناقلت الألسنة بعض الشائعات، التي سرعان ما تأكدت، عن وجود كلٍّ من روزي وألكسندروس أفراناس (مخرج "ميس فيالنس"، الفائز بـ"الأسد الفضة")، في أعلى مكان على اللائحة. وعندما صار جميع المرشحين داخل الـ"سالا غرانديه"، لتسلّم الجوائز، بدأنا نسمع ونحن في المقهى نترقب النتائج، ان فيليب غاريل، المشارك بفيلمه "الغيرة" لا يزال في الفندق، ما يعني ان صديقه برناردو برتوللوتشي، رئيس لجنة التحكيم، تخلى عنه، مثلما تخلّى ايضاً عن "طوم في المزرعة" للكندي كزافييه دولان، أصغر المرشحين في الدورة 70 (24 عاماً).

بإسناد جائزة "الأسد الذهب" الى ايطاليا، تعود الجائزة المهيبة الى بلاد دانتي، بعدما كان نالها جياني اميليو عام 1998، اي قبل 15 عاماً. "ساكرو غرا"، ثالث فيلم طويل لروزي، وأول وثائقي يدخل مسابقة الـ"موسترا" حيث يفوز من الضربة الأولى، الضربة القاضية. جيانفرانكو روزي (1964، مولود في اريتريا) يصوّر الحياة اليومية لمهمشين يعيشون حول الطريق الدائري الكبير الذي يحيط بمدينة روما وطوله 58 كم. الشخصيات والحكايات الصغيرة والكبيرة التي يلتقطها بواقعية تلامس الدهشة، تعبّر عن ايطاليا الحالية وأزماتها وطموحاتها وأحلامها وخيباتها، وتحمل مضامين سياسية قوية بطريقة غير معلنة وغير مباشرة. يمنح روزي فيلمه ابعاداً جمالية مهمة تصنّف مجمل العمل في منتصف الطريق بين الروائي والوثائقي. "ساكرو غرا" انتصار الواقع على الخيال. لكنه واقع مشغول وململم ومنقح، تطلب من المخرج سنتين تصويراً وثمانية اشهر مونتاجاً.

لا شفقة في نظرة روزي، ولا تدليس سياسياً ولا تمجيد للبؤس المعشش في النفوس. نحن أمام قاع المدينة وناسها الذين كسرتهم الحياة: هناك الصياد، والاريستوقراطي، والمسعف، وطبيب الأشجار، والأمير، والممثل... وهناك الغنم التي ترعى الحشيش على بُعد امتار من السيارات العابرة بسرعة 120 كم في الساعة. وهناك عاهرتان تثرثران في سيارة على طرف الطريق. كل هؤلاء تجمعهم اقامتهم في هذا الحيز المكاني المفصول عن الحياة الحقيقية لأهل المدينة. كلهم على قدر من الاختلاف عن النموذج السائد، ويتراوح اختلافهم بين شخص وآخر. هناك الفاسق والرومنطيقي والأبله. مراراً وتكراراً، نرى السيارات تمر على هذا الخطّ السريع الذي يربط روما بضواحيها، قاصدةً حياة اخرى، اكثر أهمية وغلاموراً ربما. لكن هذه الحياة ستبقى خارج اطار روزي. وهذا ما سيعزز الاحساس بالثبات الذي يلتصق بالشخصيات. هنا الحياة مقبرة الأحلام...

تنتقل كاميرا روزي من شخصية الى اخرى، بسلاسة لافتة. نكتشف الطبيب الذي يلتصق بشجرة لمعاينة نوع المرض الذي اصابها جراء نخر الحشرات لأحشائها. ونتعرف إلى أحد الأمراء القدامى الذي حوّل منزله ذا الديكور الكيتش الى فندق لأصحاب الموازنات الضئيلة. لن ننجو من المسعف الذي يهرع الى مواقع حوادث السير، ولا يمانع في تبادل بعض الأحاديث مع الضحايا حتى في احلك الظروف. على هذا المنوال، تشق الغرابة طريقها الى الفيلم شيئاً فشيئاَ... ينوع روزي في وسائل التقاط المشهد. في مقطع من المقاطع، يلجأ الى كاميرا كتلك التي تُستخدم للمراقبة لتصوير الأحاديث بين رجل وابنته. لروزي دائماً عين مراقبة، لذلك لا يحتاج الى ان يقول أيّ شيء اضافي؛ ليس هناك تعليق صوتي ولا موسيقى مباشرة. كل المعلومات نستقيها من الصورة الذكية، تلك الصورة التي يتحرك فيها قدر هائل من الأحاسيس.

يقول روزي ان هذا الطريق الدائري الذي يأوي كل هؤلاء غير المرئيين، واقع حياتي يفرض نفسه وتجب معاينته. في الملف الصحافي، يروي انه كان شيئاً مؤلماً له ان يصوّر. ولكن، قبل أن يلتقط ما التقطه، كان عليه ان يمرّ عبر مرحلة يتآلف فيها مع الشخصيات. هذا شيء استغرق اشهراً طويلة، وكان ضرورياً ليعرف من أيّ مسافة سيصوّر الشخصيات، ومن أيّ زاوية. عندما كان يدرك ان الوقت حان للانطلاق في التصوير، تتبدد الشكوك فجأة، ليبقى وحيداً مع الشخصية التي يصوّرها وتذوب الكاميرا بين يديه. يؤكد روزي ان التصوير ليس فقط عملية نفخ الحياة في الجمود، بل ايضاً تكثيف تلك العناصر التي تراكمت عبر الزمن.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

 

ألبرتو باربيرا لـ"النهار":

نعاني من خلل في منظومتنا الأخلاقية

هـ. ح.

الدورة 70 من مهرجان البندقية هي الثانية يتسلم ألبرتو باربيرا ادارتها. الأزمات الاقتصادية والسينمائية والادارية لم تسهل مهمات الرجل الستيني الذي عليه أن يحارب على أكثر من جبهة. في اللقاء الآتي مع "النهار"، يشرح الناقد السابق بعضاً من خياراته والتزاماته، مشرّعاً لنا باباً على كواليس المهرجان.

·     المواضيع القاتمة، من التحرش الجنسي الى القتل والموت والصراعات العائلية، طغت هذه السنة على برنامج الـ"موسترا"، لماذا في رأيك؟

ـــ (ضحك). طبعاً، هذا لم يكن خيارنا. هذا ما وجدناه. شاهدنا الكثير من الأفلام هذه السنة؛ أكثر بكثير مما نراه عادة، واخترنا ما اعتبرناه مناسباً، وذلك لأسباب مختلفة. ثم، ادركنا اننا امام افلام تطرح واقعاً سوداوياً جداً. أو لنقل إنها أفلام تندرج في سياق سينما تنخرط في الواقع الآني وفي أزمة القيم التي يعاني منها المجتمع المعاصر. النظرة السوداوية هذه ليست فقط حكراً على أوروبا، بل هي خاصة بسينمائيين يأتون من كل أنحاء العالم. هناك شيء مشترك اذاً في هذه الأفلام، ولا تلتقي فقط عند الأزمة الاقتصادية بل عند أزمة حضارتنا التي باتت تعاني من خلل في منظومتها الأخلاقية، وهذه المنظومة ادارت البيئة الاجتماعية التي كنا نعيش فيها الى الآن، وها انها تسقط أمامنا جميعاً. سقوطها يعني اغراقنا في المزيد من العنف، خصوصاً الممارَس ضد أكثر الناس ضعفاً، مثل الشباب والنساء والأطفال والمثليين. هؤلاء أول ضحايا أزمتنا. لم يعد للأسف ممكناً التحكم بهذا، لأنه لم يعد لدينا صيغة تنظم علاقاتنا. تبقى السينما التي تنقل كل حالات الارتباك التي نمر بها، وايضاً تكشف كم نحن بتنا من دون مرجعية، معلّقين بين السماء والأرض.

·        يبدو لي ان السينما الايطالية أقل تأثراً بهذا كله...

- (بعد تفكير). اذا شاهدنا الأفلام الايطالية الثلاثة في المسابقة، رأينا انها ليست معنية كثيراً بما قلته، مع انها تحكي عن البطالة والاقصاء الاجتماعي الخ، لكن بصورة مختلفة قليلاً. يمكن القول إنها تطرح هذا كله بالروح الايطالية. نحن في ايطاليا، نعيش في مجتمع، سيطرت عليه خلال العشرين عاماً الأخيرة جهة سياسية واحدة، وكانت هي المرجعية في كل شيء. نحن الآن عشية التغيير، لكن السؤال: "ماذا يحصل، كيف نخرج من أزمتنا، والى أين ذاهبون بأحوالنا؟".

·     هذا عامك الثاني في ادارة المهرجان، وحتى الآن لم نلمس ذائقتك السينمائية بشكل جيد، باستثناء ان الحيز الذي كان معطى للسينما الآسيوية ضاق بعد وصولك...

- برنامج كل مهرجان لا يتوقف فقط على ذائقة المدير الفني، إنما على معطيات اخرى، كجهوزية بعض الأفلام وعدم جهوزية البعض الاخر. بدأتُ مساري من مهرجان تورينو الذي ادرته لمدة 14 عاماً. وهذا المهرجان راح يعرّف الناس بالسينمات الآسيوية. اضطلعنا بدور مهم في هذا المجال حتى نهاية القرن الماضي. المشكلة الآن ان السوق الصينية تتغير باستمرار وبشكل كامل. هذه سوق تضخمت وصارت تفضل الاستثمار في انتاجات تجارية كبيرة، مستخدمةً الوسائل نفسها التي تلجأ اليها السينما الهوليوودية. على سبيل المثال، هناك اتفاق مبرم بين جيمس كاميرون والصينيين لاستعمال تقنية الأبعاد الثلاثة التي استعملها مخرج "تايتانيك". السينما الصينية صارت في مستوى هوليوود تقنياً. في ظلّ هذا الوضع، معظم السينمائيين الصينيين بات يصنع أفلاماً جماهيرية موجهة للجمهور الصيني، وغير صالحة للتوزيع خارج الصين. لم يعد الهدف الجمهور العالمي. طبعاً، هذا شيء سيتغير تدريجاً، اذ سيفهم الصينيون انه لا تجوز صناعة الأفلام لجمهور محلي فحسب. مشكلة اخرى نواجهها ايضاً هي ان معظم الأفلام المهمة تخرج في آخر السنة، بدءاً من تشرين الثاني، لمواكبة الأعياد الخ. لذا، نرى ان الكثير من الأفلام ليست جاهزة بعد في آب وأيلول، فترة انعقاد الـ"موسترا". حتى في كانّ هذه السنة، لم يكن هناك أفلام صينية. أما الأميركيون، فبات التعامل معهم غاية في الصعوبة. الاستوديوات الكبيرة لم تعد مهتمة بالمهرجانات كما في السابق، مع اننا كنا محظوظين هذه السنة بحصولنا على فيلم الافتتاح ["جاذبية" لألفونسو كوارون] الذي كنا نريده في المسابقة، لكن "وارنر" لم تكن مهتمة.

·     ولكن، ما الذي يجعلك تختار هذا الفيلم للمسابقة وذاك الآخر خارجها؟ "حياة راكدة" مثلاً لأوبرتو بازوليني المعروض في "اوريزونتي"، أليس اهلاً للمسابقة؟

- (قهقهة). بالتأكيد. أعشق هذا الفيلم. هناك افلام أخرى كانت تستحق ان تكون في المسابقة، مثل "لوك". هناك اسباب مختلفة لهذا الشيء. في المهرجانات، لا نستطيع ان نفعل كل ما نريده. هناك مفاوضات مع المنتجين والسينمائيين. يجب الأخذ في الاعتبار ايضاً التوزيع المناطقي. لا يمكنني ان ارد على سؤالك، لأنه يجب ان نتكلم في كل حالة على حدة، وحتى لو فعلنا ذلك، يصعب الشرح. اعترف مثلاً انه كان يجب أن نضع "لوك" في المسابقة، لكن لن اقول لماذا لم نفعل، لأن الشرح سيطول جداً...

·     ماذا بالنسبة إلى المنافسة مع مهرجاني روما وتورونتو اللذين باتا خصمين لا يمكن التقليل من شأنهما، علماً بأن "البندقية" هو الأعرق بين هذه المهرجانات الثلاثة؟

- المنافسة أشد مع تورونتو مما هي مع روما. سمعنا بعضهم يقول ان هناك أفلاماً في تورونتو كنا أحببنا لو عُرضت عندنا. هذا غير صحيح. شاهدتُ كل أفلام تورونتو وحتى أفلام نيويورك. الفيلم الوحيد الذي كنت اريده كان "12 عاماً من العبودية" لستيف ماكوين. لكن الأميركيين قرروا أن من الأفضل أن تفتتح عروض الفيلم في أميركا لأسباب محض ترويجية. قالوا ان أميركا أنسب اليهم لأن الفيلم يتحدث عن الرقّ. قلتُ لهم انتم مخطئون، لأن هذا ليس فيلماً جماهيرياً سهلاً، واقترحتُ عليهم ان نتشاركه مع تورونتو. فكان جوابهم: لا نملك الموازنة للمشاركة في البندقية بسبب الغلاء. وطلبوا ان يتكفل الموزع الايطالي للفيلم نفقات السفر للطاقم المؤلف من 50 شخصاً!

·        ماذا عن البنى التحتية للمهرجان؟ متى نرى قصراً جديداً بدل القصر القديم؟

- في السنوات الثلاث المقبلة، كل شيء سيرتدي حلة جديدة. البيينالي بدأت ترمم كل المباني القديمة. السنة المقبلة مثلاً سنرمم كلياً صالة "دارسينا"، ونعمل حالياً على اعادة تجميل الكازينو، ولدينا مشروع لتحويل صالة الصحافة الى صالة سينمائية فيها 600 مقعد. وتستعد بلدية البندقية لتشييد المبنى الذي في مكان الورشة المتوقفة حالياً بعدما تم العثور فيها على مواد خطرة. اعتقد ان كل شيء سيكون في حال أفضل في غضون ثلاث سنوات.

·        تبدو لي متفائلاً...

- نعم. المال موجود، والارادة السياسية متوافرة ودعم الوزارة تأكد، اذاً هناك تضامن بين أطراف عديدين. هذا سيمكّننا من ان ننجز ما لم ننجزه من قبل. مشكلة الـ"موسترا" التي جرجرناها معنا طوال سنوات، هي اننا لم نقم بأيّ اجراء وبأي عمل لتحسين المهرجان منذ 30 عاماً. ظلت الأشياء على حالها منذ التسعينات. الآن، كل شيء يتغير.

·        أين تموضع البندقية نسبة للمهرجانات الأخرى؟

- أعتبر البندقية المهرجان الثاني من حيث الأهمية في العالم بعد كانّ.

أفلام أخرى ...

"الغيرة" لفيليب غاريل

مرة جديدة، تعالى الصفير وارتفعت صيحات الاستهجان لحظة انتهاء الفيلم الجديد للمخرج الفرنسي الكبير فيليب غاريل (65 عاماً)، فضاع التصفيق وسط هذا كله. بعد "حدود الفجر" و"صيف حارق"، اختار غاريل لفيلمه عنواناً مباشراً يشي بما ينطوي عليه العمل: "الغيرة" (مسابقة). كما العنوان، كذلك الأحداث التي اختصرها صاحب "رياح الليل" الى 77 دقيقة، مرت، كنكتة طريفة بالنسبة إلى الذين يحبّون عمل هذا السينمائي الذي ينحدر من سلالة المجددين في السينما الفرنسية. أما الذين يتمترسون في الجهة المقابلة لسينماه، فهؤلاء، كالعادة، خرجوا من الفيلم وعلى وجوههم الامتعاض. لا يزال غاريل يستهلك حصة مهمة من الحرية في التصوير وفي اختيار حالات ونماذج حياتية موازية، مستقاة من المجتمع الفرنسي (وإن تكن هي نفسها في معظم الأحيان) بعيداً من الأفلام - الملفات أو الأفلام القضايا. من الصعب جداً وضع ملخص لفيلمه هذا، فهو امتداد لحركة "الموجة الجديدة" التي تتلمذ على يدها وعلى يد رمزَيها، جان اوستاش وجان لوك غودار.

"كلاب ضالة" لتساي مينغ ليانغ

في مطلع العقد الماضي حتى منتصفه، كان التايواني تساي مينغ ليانغ يقدم من تلك الأعمال الرصينة التي تبقى ماثلة في الذاكرة. ربما لأنه، كان دائماً عرضة لمقص الرقيب وللملاحقات السلطوية في بلاد ليست الحرية اكثر ما تتباهى بها. الآن وقد هدأت الهجمة عليه، وتراجعت، بات يصنع افلاماً اقل ما يمكن القول فيها إنها عادية. جديده، "كلاب ضالة" (مسابقة)، ينطبق عليه هذا الوصف حرفياً: انه فيلم عادي بكل المقاييس. يورطنا الفيلم في 138 دقيقة من اللطم المتواصل، تبدو أحياناً بلا نهاية. يصوّر ليانغ تسكعات رجل متشرد يعمل كلافتة لاعلانات بشرية في الشارع، وبقية الوقت نراه هنا وهناك، حيناً يسعى الى انزال قارب في المياه، وحيناً آخر يغتسل مع ولديه في الحمّامات العامة. انه ماكينة لتفريغ الوقت من فائدته. مع ذلك، نال الفيلم جائزة لجنة التحكيم الكبرى.

جوائز الدورة 70

- الأسد الذهب: "ساكرو غرا" لجيانفرانكو روزي.

- الأسد الفضة: "ميس فيالنس" لألكسندروس أفراناس.

- جائزة لجنة التحكيم الكبرى: "كلاب ضالة" لتساي مينغ ليانغ.

- جائزة فولبي لأفضل ممثلة: ايلينا كوتّا عن "فيا كاستيلانا باندييرا".

- جائزة فولبي لأفضل ممثل: تميس بانو عن "ميس فيالنس".

- جائزة لجنة التحكيم الخاصة: "زوجة ضابط الشرطة".

- جائزة أوسيللا لأفضل سيناريو: "فيلومينا" لستيفن فريرز.

- جائزة ماستروياني لأفضل طاقة شابة: تاي شريدان عن "جو".

 يمكن قراءة مقاربة نقدية عن بعض الأفلام الفائزة على الرابطين الآتيين:

http://bit.ly/18usbtb
http://bit.ly/18k9rwn

النهار اللبنانية في

09/09/2013

 

 

المصرية في

09/09/2013

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)