كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

محطات الصليب:

تحفة تؤهل السينما الألمانية للفوز بالدب الذهبى

بقلم   سمير فريد 

مهرجان برلين السينمائي الدولي الرابع والستون

   
 
 
 
 
 

بعد عرض ١٣ فيلماً من أفلام المسابقة الـ٢٠ بدت مسابقة الأفلام الطويلة ضعيفة على نحو غير معتاد فى المهرجانات الكبرى. ونشرت «هوليوود ريبورتر»، عدد أمس الأول، أنه بالرغم من ذلك فقد أشير إلى أن مدير المهرجان، ديتر كوسليك، مرشح محتمل لتولى وزارة الثقافة فى الحكومة الألمانية خلفاً للوزير السابق الذى استقال بعد فضيحة تهرب ضريبى، ولايزال المنصب شاغراً منذ فترة.

هناك ٧ أفلام لم تعرض بعد حتى موعد كتابة هذه الرسالة، وبالتالى لا يمكن تقييم المسابقة على نحو دقيق، ويعتبر الفيلم الألمانى «محطات الصليب» إخراج ديتريش بورجمان تحفة المهرجان حتى الآن، والذى يؤهل السينما الألمانية للفوز بالدب الذهبى بعد غياب طويل وعن جدارة.

هذا هو الفيلم الطويل الثالث لمخرجه الذى ولد فى ميونخ عام ١٩٧٦، وتخرج فى أكاديمية كونراد فولف فى بوتسدام، وأخرج أيضاً ثلاثة أفلام قصيرة منها أول أفلامه عام ٢٠٠٣. وفى «محطات الصليب» يعبر بورجمان عن رؤية نقدية عميقة لتأثير التطرف الدينى على الحياة الإنسانية، وبأسلوب فنى مبتكر وممتع يثير القلب والعقل معاً مستخدماً ما يعرف بـ«محطات الصليب» فى المسيحية، أو ما حدث للمسيح عليه السلام منذ الحكم عليه بالموت، وطوال يوم الجمعة العصيب على طريق الآلام، ولكن عن حياة وموت فتاة من أسرة كاثوليكية متزمتة فى جنوب ألمانيا فى الزمن الحاضر.

تشترك السينما الألمانية فى المسابقة بأربعة أفلام، وهو أكبر عدد يمثل سينما واحدة، وقل أن يحدث فى مهرجان برلين، فالمهرجانات الدولية تستهدف خدمة السينما المحلية، لكنها لا تقام لهذا الغرض فقط، وإلا لا تكون «دولية». وقد عرضت الأفلام الأربعة، وجاءت ثلاثة منها على مستوى جيد إلى جانب تحفة بورجمان التى تصدرت الاستفتاء اليومى لمجلة «سكرين إنترناشيونال» لـ٧ نقاد من بريطانيا وألمانيا والدنمارك وصربيا والبرازيل والمكسيك، والذى يعتبر من مؤشرات التقييم المهمة.

تعلن جوائز المهرجان بعد غد السبت، ومن المرجح أيضاً أن تفوز الممثلة الألمانية فرانشيسكا ويز بجائزة أحسن ممثلة عن دورها فى «محطات الصليب»، فقد قامت بأداء دور مركب من أصعب الأدوار.

هناك أيضاً أربعة أفلام من الـ١٣ جديرة بالفوز، وهما الفيلمان البريطانيان «فندق بودابست الكبير» إخراج ويس أندرسون الذى عرض فى الافتتاح، و«٧١» إخراج يان ديمانجى، والفيلم الفرنسى «رجلان فى مدينة» إخراج رشيد بوشارب، والذى لايزال يؤهل فورست ويتاكر للفوز بجائزة أحسن ممثل حيث لم يتفوق عليه ممثل آخر.

لم يأت الفيلم الفرنسى «حياة رايلي» إخراج آلانرينيه على المستوى المنتظر من فنان السينما الكبير، ولا يؤخذ ذلك على إدارة المهرجان، فأى مهرجان يتحمل مسؤولية اختياراته، ولكن عندما يكون الفيلم لمخرج كبير فهو يتحمل مسؤولية فيلمه. وآلانرينيه أكبر المخرجين فى مسابقة برلين هذا العام عمراً ومقاماً، غير أن «حياة رايلي» تجربة فى التعبير عن المسرح فى السينما، ويفتقد الذروة السينمائية الشاهقة فى فيلميه السابقين اللذين عرضا فى مهرجان كان.

جورج كلونى بين مصر والسودان

من المعروف أن الممثل والمخرج الأمريكى الكبير جورج كلونى من نجوم هوليوود المهمومين بالسياسة وما يحدث فى بلادهم والعالم. وقد شهد مهرجان برلين عرض فيلمه الجديد كمخرج وممثل «رجال الآثار» فى البرنامج الرسمى خارج المسابقة، والذى يتناول ما تعرضت له الأعمال الفنية والقطع الأثرية فى أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية.

وفى المؤتمر الصحفى الذى عُقد بعد عرض الفيلم، ورداً على سؤال لصحفى يونانى عن رأيه فى إعادة الآثار اليونانية فى المتحف البريطانى إلى اليونان، قال كلونى إن من الواجب على بريطانيا إعادة هذه الآثار.

وكانت السياسة حاضرة فى المؤتمر عندما أكد كلونى موقفه الذى كتبه على حسابه الإلكترونى فى تأييد المعارضة الأوكرانية. وباعتباره من المهتمين بالشأن السودانى، وكان من المؤيدين لانفصال الجنوب، قال تعقيباً على ما يحدث الآن: «إنه وقت عصيب فى السودان كما فى مصر». وأضاف: «الناس الذين توحدوا للتغيير أدركوا الآن لماذا لا يحبون بعضهم البعض، وهذه مسألة أساسية». واختتم تصريحه حول مصر والسودان قائلاً: «لكننى أملك تفاؤلاً كبيراً فى المستقبل».

فوز شريف البندارى بجائزة روبرت بوش

فاز المخرج المصرى شريف البندارى بجائزة مؤسسة روبرت بوش للإنتاج المشترك، وقدرها ٦٠ ألف يورو عن مشروع فيلمه القصير «حار جاف صيفاً» (٣٠ دقيقة)، عن سيناريو تورا الشيخ، ومن إنتاج حسام علوان وكلوديا جوبى. وتعتبر هذه الجائزة من كبرى الجوائز التى تمنح لمشروعات الأفلام القصيرة فى العالم.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

13.02.2014

 

"درب الصليب"..

ذهنية المشاعر وإحكام الشكل

أحمد شوقي- برلين 

تتناثر التعليقات في أروقة مهرجان برلين الرابع والستين حول مستوى المسابقة الرسمية، والتي يجمع معظم الضيوف على أن مستواها يقل كثيرا عن المستوى المعتاد للمهرجان العريق، فهناك عدد لا بأس به من الأفلام خرج الحاضرون ساخطين على مستواها، وهناك أيضا عدد من الأفلام متوسطة المستوى، التي تشعر بأنك شاهدت ما يشبهها من قبل، وهو ما أثر على مستوى المسابقة، التي تثار حولها علامات استفهام حتى قبل بدء فعاليات المهرجان، لاحتواءها على أربعة أفلام ألمانية وثلاثة أفلام صينية من أصل 20 فيلما، أي أن الدولتين تمتلكان أكثر من ثلث المسابقة!

وإذا كانت معظم الأفلام الألمانية المختارة لم تأت على قدر الجودة المتوقع من مهرجان بحجم البرلينالي، فإن فيلم "درب الصليب" للمخرج ديتريش بروجمان جاء ليرد الاعتبار للسينما الألمانية، مانحا المهرجان وجمهوره فيلما كبيرا بحق، على شاكلة الأعمال التي نتوقع أن نشاهدها في المهرجانات العالمية الكبري.

عن الدرب شكليا

درب الصليب حسب تعريف الموسوعة الإلكترونية ويكيبيديا هو "رتبة طقسية تقام في زمن الصوم الكبير، وفي أسبوع الآلام، في الكنيسة أو على الطرقات العامة، وتقرأ فيها نصوص صلب المسيح على أربع عشر مرحلة من العهد الجديد إلى جانب بعض المراحل المأخوذة من التقاليد المسيحية" ـ انتهى الاقتباس. والفكرة أنه تقسيم طقسي يدل على مراحل عذاب المسيح، بدءا من كون الأمر مجرد حكم بالإعدام، مرورا بالعذاب المتزايد، ختاما بالمحطة الرابعة عشر وهي وضعه في القبر.

المخرج انطلق من الطقس الديني ليصيغ حكايته عن الدين أيضا، أو بمعنى أدق عن التطرف الديني، وتأثيره على نفسية الإنسان، عبر منهج سردي خاص جدا اختاره المخرج، وهو أن يكون الفيلم مكونا من 14 مشهدا، يحمل كل منها عنوان لإحدى خطوات درب الصليب، على أن يكون كل مشهد مكونا من لقطة واحدة طويلة، تكون أحيانا ثابتة كليا كاللقطة/ المشهد الأول البديع، الذي يمتد لأكثر من 16 دقيقة متواصلة، وأحيانا أخرى تكون الكاميرا فيها متحركة، تبدأ من حركات استكشافية بسيطة، وصولا إلى بعض الحركات المركبة في المشاهد/ اللقطات الأخيرة.

أفضل ما في "درب الصليب" هو تخلصه من العيب الأزلي الذي يمكن لأي مشاهد متمرس أن يتوقعه عند سماع منهج الفيلم السردي، فالبناء المذكور بناء مغدق في أمرين: الذهنية والشكلانية، فهو قائم بالأساس على خيار ذهني بحت هو تحويل مراحل الدرب لمشاهد، عبر خيار شكلاني بحت هو المشهد أحادي اللقطة، وفي أغلب الحالات التي يكون السرد معتمدا فيها على خيارات مماثلة، تأتي النتيجة دائما ناقصة ـ وأحيانا معدومة ـ المشاعر، تهتم باكتمال الشكل وربما المضمون الفكري، على حساب الاندفاع التلقائي في السرد الكلاسيكي، والذي يكون دائما وسيلة أسهل لتحريك مشاعر المشاهد.

ديتريش بروجمان يحقق هذه المعادلة الصعبة، ويحافظ على تماسك اختياره الذهني والبصري، مع إغداقه في المشاعر الأصيلة، التي تتحرك وتنطلق منها الأفكار ـ وليس العكس ـ وهي سمة يجب توافرها في أي فيلم يسعى للجمع بين الحسنيين: القيمة الفكرية والإمتاع. هذا فيلم ممتع بحق، ويكفي أنك لا تحتاج لاستكمال المشهد الأول الطويل الذي ذكرنها، بل بمجرد مرور أربعة أو خمسة دقائق منه، تجد نفسك مستسلما للحكاية، راغبا في فهم أبعادها، ومعرفة المزيد عن الفتاة ماريا.

عن الدرب الديني

ماريا فتاة ملائكية الوجه والطباع، تنتمي لأسرة محافظة دينيا، نراها في المشهد الأول في اجتماع داخل أخوية كنسية، تستمع لنصائح قس متحمس، يدعوها وزملائها للانخراط في فضيلة التضحية، التضحية بكل متعة دنيوية من أجل المسيح، بل ودعوة الآخرين لنفس المنهج، مرددا نصائح لا تفرق كثيرا عما نسمعه من أئمة التطرف في كل الأديان: عندما تجدي صديقتك تسمع الموسيقى، انصحيها بالتخلي عن هذه المتعة الدنيوية الدنيئة من أجل تقرب أكثر للسماء.

في المشهد تظهر ماريا بوضوح، فمن بين أقرانها هي الأكثر التزاما وفهما لتعليمات القس، وهي من تأخذ المبادرة وتتطوع بإجابات تلقى دائما استحسان الرجل الذي وجد فيها المؤمنة المثالية. لكن الأمر لا يتوقف عند حد دروس الأحد، ولكنه يمتد لنفسية الفتاة التي تتعرض بالفعل لتشوه مزمن سببه ما زُرع داخلها من رفض لمجرد التفكير في أحد أشكال المتع الدنيوية، الأمر الذي يبدأ تدريجيا في إحداث شرخ بعلاقتها مع والدتها، التي تعتقد أن ابنتها تتصرف بشكل متمرد بحكم مراهقتها، دون أن تدرك الدوافع الحقيقة وراء رفض ماريا حتى الابتسام في الصور حتى لا يبدو عليها الاستمتاع بالحياة!

الفيلم كان من الممكن أن يصير عملا أحاديا لو توقف الأمر عند هذا الحد، لكن تبلور الفكرة وتعقد الحكاية تأتي مع تعرف ماريا على زميل في المدرسة، تنجذب له تلقائيا بحكم سنها، لتجد في نفسها الرغبة في الانضمام لكورال كنسي يغني فيه الصبي، ولكنه كورال كنيسة متحررة تغني أغاني البلوز والسول. عند هذه النقطة ندرك سر التصدع المسيطر على حياة ماريا بالكامل من يومها الأول في الحياة، فأمها ترفض الفكرة بشدة، وتنهر ابنتها باعتبارها فاسقة تسعى لارتكاب معصية الغناء المتهتك.

هنا تدرك أن موقف الأم من ابنتها ليس بالمباشرة التي بدا عليها من قبل، بل أن الأسرة نفسها كانت عاملا في زرع بذرة التطرف في حياة ماريا، لتستقبلها الأخوية المتطرفة مستعدة تماما للانخراط فيما هو أكثر راديكالية، فيصل بها الأمر لأن تقرر التضحية بحياتها ذاتها، بما يفتح مجال لدراما أكثر عمقا وزخما، هي مأساة الأم التي تحب أبنتها، لكنها تؤمن بنفس الفكرة الأسطورية المهيمنة عليها، التي تتمنى إنقاذ ماريا من الموت، لكن لا تتورع عن الإتيان بالقس المتطرف في المستشفى، ليباركها بطريقة ستمهد الطريق للنهاية الكابوسية: أم سعيدة بموت ابنتها، مقتنعة بأنه كان طقسا دينيا تطهيريا، افتدت به ماريا شقيقها المريض، ونالت به بركات الرب!

عن الدرب الفكري

لا أذكر فيلما قدم دراسة حالة إنسانية عن نفسية التطرف بشكل سينمائي فريد مثل ما فعله بروجمان، فبينما تتناول معظم الأفلام مسببات التطرف ونتائجه الخارجية، وفي غالب الأحيان بسرد كلاسيكي مناسب لمنطق التطرف ذاته، فقد اهتم المخرج هنا بما يدور داخل ذهن مهاويس الأديان أنفسهم، مبتعدا عن شيطنتهم ومعبرا عن حقيقة معظمهم: أبرياء يسعون للخير والتطهر، يظلمهم سياق حياتهم ومستوى نضجهم العقلي ليوقعهم في معضلة فكرية واجتماعية ونفسية لن تنتهي.

ماريا التى يطابق المخرج بين مراحل مأساتها ومأساة المسيح، تعبر عن آلاف الأبرياء من المسلمين والمسيحيين ومن كافة الطوائف والملل، يدفعون شبابهم وسعادتهم واتزانهم وأحيانا حياتهم، ثمنا لأفكار رجعية بالية، تدعي جميعها السعي للحق والعدالة ونصرة الإنسان، بينما في جوهرها تقوم بالنقيض الكامل لما تدعيه.

عين على السينما في

13.02.2014

 

جورج كلوني ألمانياً.. ورشيد بوشارب أميركياً في دورته الـ 64

«برلين السينمائي».. ما من مفاجآت حتى الآن

زياد عبدالله - برلين 

ما من مفاجآت حتى الآن، وليس من أفلام لها أن تدفع للقول «يا له من فيلم!»، ونحن نتكلم عن ربع أيام الدورة الـ64 من مهرجان برلين السينمائي «البرليناله»، وهناك 400 فيلم مقسّمة بين المسابقة الرسمية و«الفورم» وبرنامج بانوراما وبرنامج أجيال وغيرها. انعدام المفاجآت ــ وتعبير المفاجآت رديف للاكتشافات طالما أن هذه الدورة ليست مدججة بأسماء مكرسة ــ آتٍ من البرنامج الرسمي والمسابقة الرسمية، ولنا بانتظار المقبل ما يعدنا بذلك، وطبعا بانتظار السيد لارس فون ترير و«شبق» الفيلم الحدث.

ثلاثة أفلام من بين التي عرضت خلال الأيام الثلاثة لها أن تدلل على الانطباع الذي بدأت به، والذي يعززه بقوة آخر ما شاهدته ألا وهو فيلم جورج كلوني «رجال الصروح» The Monuments Men، طبعاً كلوني المخرج والممثل في هذا الفيلم، وليكون خامس الأفلام التي يقوم بإخراجها، وهو على شيء من سلسلة غروننبيرغ «أوشين» التي كان كلوني واحداً من النجوم الكثر الذين اجتمعوا في ذلك الفيلم، وليكون «رجال الصروح» مدججاً بالنجوم، ويوم السبت الماضي الذي عُرض فيه هو يوم تجمهر فيه أعدد أكبر من أي يوم آخر بانتظار نجوم الفيلم وهم يعبرون السجادة الحمراء، ونحن نتكلم عن كل من مات ديمون وبيل موراي وكيت بلانشيت وجون غوودمان وجان ديجردان ولا ننسى كلوني نفسه، ولعل مشاهدة هذا الفيلم ستدفع أولاً للتساؤل: ما الذي يفعله فيلم هكذا في المسابقة الرسمية، وإجابتي: لا شيء سوى أنه مملوء بالنجوم وموضوعه ألماني، وجرى تصوير 90% منه في ألمانيا، إضافة إلى الإنتاج المشترك الألماني الأميركي.

«رجال الصروح»

فيلم جورج كلوني «رجال الصروح» مدجج بالنجوم وهو خامس الأفلام التي يقوم بإخراجها.

حسناً، فيلم كلوني يعود بنا إلى عشرات الأفلام التي أنجزت عن الحرب العالمية الثانية، والتي تتأسس على أن مجموعة من الجنود سيرسلون في عملية خاصة تتمثل باستعادة شيء ما، أو تدمير مفاعل نووي أو قنبلة عجيبة يعتزم النازيون إنتاجها، أو الحصول على سر خارق باكتشافه يجري إنقاذ ملايين البشر وتتحول إمكانية انتصار الألمان إلى هزيمة نكراء، أما مجموعة كلوني فهدفها إنقاذ عدد هائل من الأعمال الفنية التي يعتزم هتلر سرقتها من شتى أرجاء أوروبا، والتي سيقوم باتلافها إن هزم وألمانيا معه.

إيراد ذلك سيدفع أي مشاهد حصيف إلى أن يتوقع كل ما سيشاهده، وإن كانت الكوميديا تطل طلات خجولة وتختفي، مثلما هي الحال مع مات ديموند وهو يرطن بفرنسية عجيبة تدفع كل من يقف مقابله أن يقول له «تكلم بالانجليزية».

طبعاً سينقذون اللوحات والتماثيل وسيموت اثنان من المجموعة المؤلفة من ستة أخصائيين في الفنون، لتكون حكمة الفيلم المدرسية كامنة بأن طريق أي أمة للهلاك يكمن في فقدانها فنونها ومنجزها الفني. حسناً كلنا نعرف ذلك، والبناء عليها بأدوات كهذه، وتسطيح ربما قد يدفعنا إلى البحث عن شيء آخر غير هذا الفيلم لتعزيز هذا الإيمان بالفن، ومدى جدارته بأن يموت إنسان في سبيل إنقاذ لوحة.

بالانتقال إلى فيلم المخرج الفرنسي جزائري الأصل رشيد بوشارب «رجلان في البلدة» Two Men In Town سيكون هناك ما يستدعي التوقف بما يتيح وضع هذا الفيلم في سياق تجربة بوشارب المهمة، إذ يمكن القول مباشرة إنه فيلم لا علاقة له بالجزائر، فهنا لن تقعوا على الجنود الجزائريين الذين ساهموا في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي في «بلديون» 2006، ولن تتعرفوا إلى شيء من «جبهة التحرير الجزائري» لكن في الخارج أي في فرنسا كما في «خارجون عن القانون» 2010، أي اكتشافات بوشارب، ونبشه في التاريخ الكولونيالي، ومضيه خلف ما يسلط عليه الضوء للمرة الأولى، كما أن العودة إلى «نهر لندن» 2009 لن يعطينا طرف خيط نستمسك به في تتبع ما يقدمه بوشارب في جديده.

هذا أيضاً يدفع للقول إن بوشارب يجرّب شيئاً جديداً، وهذا دقيق إلى حد ما، وفيه نصف الصواب، كونه يقدّم فيلماً أميركياً رغم إنتاجه الفرنسي، وهو من بطولة فورست ويتاكر، وليس من بطولة جماعية كما في فيلميه «بلديون» و«خارجون عن القانون»، لا بل إن الفيلم متمركز بشكل رئيس على ويتاكر وشخصية وليم غارنت، بينما تجري أحداث الفيلم على أطراف تكساس الصحراوية، والمهاجرون المكسيكيون غير الشرعيين حاضرون بقوة، ولعل هذا ما يشكّل بيئة الفيلم والخلفية التي يتحرك فيها وليم غارنت.

هذا الرجل الغاضب الخارج للتو من السجن، وقد اعتنق الإسلام سيكون محور الفيلم، فالشخصيات جميعاً في الفيلم، وأقصد الرئيسة منها، تأتي على مستويين، الأول ما تظهر عليه أو الصورة التي جرت صياغتها من قبل الآخرين أو المجتمع أو المحيط، والثاني هو ما يسكنها داخلياً، وبالتالي أفعالها وهي بعيدة عن أنظار الناس، فهناك المجرم السابق غارنت (ويتاكر)، والشرطية اميلي (برندا بلثيم) والشريف (هارفي كيتل)، فويتاكر على صراع مرير مع ما كانه في ما مضى، وهو اعتنق الإسلام وقد وجد فيه خلاصه، وهكذا سنجده طوال الوقت وهو يصارع نفسه ويكبح غضبه بالصلاة أو الاستفغار، وقوى كثيرة تتجاذبه إيجابية وسلبية، الايجابية منها تتمثل بالشرطية ايميلي التي تسعى إلى مساعدته، فهو خرج من السجن قبل ثلاث سنوات من انهاء عقوبته، وهي تؤمن بفلسفة بسيطة تتمثل بـ«الثقة»، ويأتي إلى جانب الشرطية المرأة التي سيحبها ويتزوجها بعد أن يحكي لها عن ماضيه، أما السلبية فتتمثل بالشريف الذي يسعى بكل ما لديه إلى إعادته إلى السجن، كونه دخله بعد أن قام بقتل مساعد الشريف، وليأتي الرجل الثاني الوارد في عنوان الفيلم، أي رجل العصابات الذي يريد استعادة غارنت من جديد، بينما الأخير يرفض بقوة وصلاً إلى التصادم بينهما.

إنها قصة أيضاً مكررة إلى ما لا نهاية، ويبدو أن كون غارنت قد صار مسلماً أمر لا علاقة له في سياقات الفيلم، ولا حتى الادعاء الذي يقوله بوشارب بأنه يتناول حال المسلمين بعد 11 سبتمبر كونه، أي غارنت، لن يتعرض لاي اضطهاد أو سوء معاملة على أساس ديني، وهو بالتأكيد غير متصل بـ«نهر لندن»، وليبدو الأمر فلكورياً في الفيلم، ولا شيء فيه إلا أننا نرى غارنت يتوضأ أكثر مما يصلي، وصولاً إلى لحظة القتل التي لن يقوى بعدها على الوضوء وبالتالي الصلاة، وإن كنتم من هواة التأويل فإن إقدام غارنت على القتل في النهاية، وعدم تمكنه من الوضوء من النهر الذي يقع قرب موقع الجريمة له أن يقول إن القتل هو نقيض مطلق للدين والتدين.

 «71»

فيلم المخرج الأسكتلندي يان ديمانج «71» يضعنا في بلفاست الإيرلندية، وقد انقسمت إلى قسمين، بروتستانت وكاثوليك، والصراع الطائفي على أشده.

الديني، وللدقة الطائفي أيضاً، سيكون حاضراً في فيلم المخرج الاسكتلندي يان ديمانج «71»، الذي يضعنا حيال بلفاست الايرلندية وقد انقسمت إلى قسمين بروتستانت وكاثوليك، والصراع الطائفي على أشده، ولعل بداية الفيلم أو الربع الأول منه لم تكن لتعدنا بما نشاهده في الأرباع الثلاثة الأخرى، فالفيلم يبدأ بقوة مدهشة تجعلنا لا نلتقط أنفاسنا ونحن نتعرف إلى مجموعة من الجنود الانجليز يتلقون تدريبهم، ومن ثم يرمى بهم في بلفاست المشتعلة بالأحداث الطائفية بدل ألمانيا، وهم لا يميزون شارعاً عن شارع، ومع العملية الأولى التي يقومون بها سنكون أمام صدام الأهالي، صدام تصاعدي مصوغ بحنكة كبيرة، تقودنا لنعيش تنامي المشاعر التصادمية والمشاعر المتبادلة بين الجنود ومن يواجهونهم من مدنيين، وصولاً إلى قيام فتى صغير بسرقة بندقية أحد الجنود، وليقوم جنديان باللحاق به، وهنا سيقتل الأول على يدي أحد عناصر «الجيش الإيرلندي الجمهوري»، الذي يكون في أول تشكله وفي داخله صراع بين الشباب والأكبر عمراً، ومقتل الجندي سيكون على يدي واحد من أولئك الشباب، ومع مقتله سيتشكل محور الفيلم الرئيس المتمثل بسعي الجندي الآخر غاري (جاك أوكونول) للنجاة من القتل، وهو يركض من شارع إلى زقاق والرصاص يلاحقه، وليكون الفيلم برمته متمثلاً بمساعي غاري للهرب والعودة إلى ثكنته، والتصارع عليه بين فصيلي «الجيش الايرلندي» ومجموعة ايرلندية أخرى تكون متعاونة مع الانجليز.

بالعودة إلى الربع الأول فإن الفيلم يكون على قدر كبير من السعي ليضعنا أمام بشاعات العنف. والنزعات الطائفية، وصولاً إلى التفجير الذي يحدث في حانة، ويروح ضحيته الولد الصغير الذي يساعد غاري في الهرب، وبعد ذلك ينحاز الفيلم إلى التشويق والأكشن، ويتحول إلى القتل لا بوصفها فعل مترتباً في سياق تاريخ مرير يجعل من الجميع ضحايا القاتل والمقتول.

بعيداً عن الجزائر

فيلم المخرج الفرنسي جزائري الأصل رشيد بوشارب «رجلان في البلدة» لا علاقة له بالجزائر، فهنا لن تقعوا على الجنود الجزائريين الذين أسهموا في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي في «بلديون» 2006، ولن تتعرفوا إلى شيء من «جبهة التحرير الجزائري».

بوشارب يجرّب

رشيد بوشارب يجرّب شيئاً جديداً، وهذا دقيق إلى حد ما، وفيه نصف الصواب، كونه يقدّم فيلماً أميركياً رغم إنتاجه الفرنسي، وهو من بطولة فورست ويتاكر، وليس من بطولة جماعية كما في فيلميه «بلديون»، و«خارجون عن القانون»، لا بل إن الفيلم متمركز بشكل رئيس على ويتاكر وشخصية وليم غارنت، بينما تجري أحداث الفيلم على أطراف تكساس الصحراوية، والمهاجرون المكسيكيون غير الشرعيين حاضرون بقوة، ولعل هذا ما يشكّل بيئة الفيلم والخلفية التي يتحرك فيها وليم غارنت.

نجوم

«رجال الصروح» فيلم مدجج بالنجوم، ويوم السبت الماضي الذي عُرض فيه هو يوم تجمهر فيه عدد أكبر من أي يوم آخر بانتظار نجوم الفيلم وهم يعبرون السجادة الحمراء، ونحن نتكلم عن كل من مات ديمون وبيل موراي وكيت بلانشيت وجون غوودمان وجان ديجردان ولا ننسى كلوني نفسه، ولعل مشاهدة هذا الفيلم ستدفع أولاً للتساؤل: ما الذي يفعله هكذا فيلم في المسابقة الرسمية، وإجابتي: «لا شيء سوى أنه مملوء بالنجوم، وموضوعه ألماني، وجرى تصوير 90% منه في ألمانيا، إضافة إلى إلانتاج المشترك الألماني ــ الأميركي».

وهو يعود بنا إلى عشرات الأفلام التي أنجزت عن الحرب العالمية الثانية، والتي تتأسس على أن مجموعة من الجنود سيرسلون في عملية خاصة تتمثل باستعادة شيء ما، أو تدمير مفاعل نووي أو قنبلة عجيبة يعتزم النازيون إنتاجها.

الإمارات اليوم في

12.02.2014

 

مع سبعة مع نجوم العالم

چورچ كلونى كاتباً وممثلاً ومخرجاً في برلين

كتبت - حنان أبوالضياء: 

في زمن تحاول فيه الامبريالية العالمية الاستيلاء علي حضارات الشعوب بداية من سرقة كنوز النمرود بعد الغزو الأمريكي للعراق، وانتهاء بما يحدث تجاه سوريا الآن، يخرج علينا الآن النجم چورچ كلوني بفيلمه الجديد The Monuments Men. والفيلم مأخوذ من وقائع حقيقية حدثت إبان الحرب العالمية الثانية، مستعرضا حكاية سبعة من أفضل الفنانين والمعماريين والمؤرخين والجنود من أجل إنقاذ ما تبقي من التحف الفنية قبل قضاء النازية عليها، وهذا العمل يحمل توقيع «كلوني» مخرجا وممثلا وكاتبا، ويشاركه في البطولة كل من مات دايمون، بيل موري، كيت لانشيت والفرنسي الحائز علي الأوسكار چان ديجوردان.

من المعروف تاريخيا أنه في عهد هتلر سرق الألمان حوالي خمسة ملايين عمل فني من أنحاء أوروبا وتعد هذه هي السرقة الكبري تاريخيا ومعترف بها رغم أن سرقة كنوز النمرود هذا الكنز الخرافي من الذهب الذي أمر بنقله صدام في صناديق للبنك المركزي العراقي في سرية تامة وبعد قتله قام الأمريكان بفتح هذه الصاديق، وعرضت هذه المعروضات بالمتحف في بغداد وشاهدها الناس عام 2003م، ثم استغل الخونة ومن ساندهم انشغال العراق بالحرب الطائفية آنذاك وبدأت تتناقص المعروضات شيئا فشيئا وتوزعت بين دول عدة وبنسب 60٪ في أمريكا و30٪ في إسرائيل وضعتها بمتحف خاص بالوثائق المنسوبة للإرث اليهودي الوطني العراقي و5٪ في لندن، فيما تتوزع النسبة المتبقية علي كل من تركيا وقطر وفرنسا وألمانيا. والفيلم هو إشارة الي دور رجال الآثار في تحديد مواقع تلك الأعمال وإعادتها الي أصحابها الشرعيين، وهي في الحقيقة مكونة من 350 رجلا وليس سبعة كما كان في الفيلم، وأصبحوا بمثابة صائدي الكنوز ففتشوا الأرشيف ومنازل المسئولين النازيين وأجروا مقابلات مع مديري المتاحف وشهود العيان.

وفي الواقع أن كيت بلانشيت في الفيلم لعبت دور روز فالان، تلك المرأة الباريسية الرائعة التي أصبحت بمثابة أهم المخبرين لرجال الآثار، خلال الاحتلال النازي، فعندما عملت في متحف «جو دي بوم» المستودع المهم للأعمال الفنية التي نهبها النازيون، ثم حاولت تعقب الأماكن التي وصلت اليها تلك التحف الفنية وكانت تسجل كل عمل جلبه النازيون وتجمع المعلومات عن مكان وجوده، كانت ملفاتها قيمة بالنسبة الي رجال الآثار، ما قادهم الي أهم المخابئ مثل مجمع مناجم الملح في آلتوس سي.

ومن المعروف أن هذه المناجم كان بها 6577 لوحة و230 رسما تخطيطيا ولوحة مائية و654 رسما توضيحيا و173 تمثالا و1200 صندوق للكتب، وبعض السلاسل المليئة بالفنون والصناعات اليدوية والسجاد، وكانت هذه الأغراض كلها قد سرقت من المتاحف الأوروبية والمجموعات الفنية الخاصة وتم تخزينها في متحف «فوهرير» وهو عبارة عن مجموعة متاحف خطط هتلر لافتتاحها في لينز، النمسا، ومن المعروف أنه تطلب لإخراج الأعمال الفنية من مناجم هتلر من خلال فريق «رجال الآثار» أوروبا قبل عام 1946، وقد تركوا وراءهم رفيقين قتلا خلال عملهما.

كان من المفروض أن يصدر الفيلم نهاية العام الماضي لكن بسبب عدم الانتهاء من المؤثرات البصرية للفيلم بالشكل المطلوب قرر «كلوني» تأجيل الفيلم للعام الحالي وهو ما منعه من المشاركة في سباق الأوسكار المشتعل لأفلام عام 2013، والفيلم مأخوذ عن كتاب روبرت م. إدسيل وبريت ويتر وغير «كلوني» والكاتب جرانت هسلوف من الأحداث الحقيقية ليجعلا الفيلم أكثر، والمعروف أن «كلوني» و«جرانت» التقيا من قبل في عدة أفلام منها: «أرجو» Argo ويستدعان لتقديم Coronado High المقتبس عن مقال للكاتب «جوشوا بيرمان» وتدور أحداث الفيلم حول المواطن الأمريكي ويليام الكسندر مورجان الذي ساعد فيدل كاسترو علي الإطاحة بالديكتاتور باتسيتا أثناء الثورة الكوبية عام 1958، وكان الأمريكي الوحيد ضمن جيش كاسترو قبل أن تدب الخلافات بينهم بعد نجاح الثورة، ويعدم مورجان عام 1961 بتهمة معاداة الشيوعية.

يؤدي «كلوني» في فيلم رجال الآثار دور الشخص الذي جمع فريقا من الرجال دفعوا الي ساحات القتال في أوروبا ويؤدي چون جودمان دور نحات كثير الكلام ومات «دايمون» مرمم أعمال فنية ومدير متحف يغالي في ثقته بأنه يجيد الفرنسية، كذلك يؤدي بوب بالادان دور قيّم علي الأعمال الأثرية وبيل موراي دور مهندس، وهما لا ينسجمان معا إلا أنهما يتمتعان بمهارة كافية لكشف اللصوص، أما چون دوجاردان الحائز جائزة أوسكار The Artist وهيوج بونيفيل Downton Abbey، فهما العنصران الفرنسي والبريطاني في هذا الفريق.

الفيلم ينقل لنا كيف استطاع النازي هيرمان جورينج، «من أبرز قيادات ألمانيا النازية، والأب الروحي لجهاز البوليس السري - جيستابو - وأحد أبرز مهندسي الألمانية النازية، ويتم الاستشهاد بأقواله مرارا وتكرارا في كتاب «يوميات نورمبرج» الذي يتناول أحداث محاكم نورمبرج الشهيرة بعد الحرب العالمية الثانية». سرقة المتاحف في باريس، الطريف أن الوصية الخطية التي تركها هتلر قبل انتحاره، جرّد فيها هتلر جورينج من رتبه العسكرية والإدارية لاتهامه إياهم بالخيانة العظمي للتفاوض مع العدو بدون سابق موافقة أو تشاور مع هتلر، ولقد قامت الوحدات الخاصة بإلقاء القبض علي «جورينج» في 25 إبريل من نفس العام.

البعض يري أنه كان من الممكن تحول هذا الفيلم الي قصة تاريخية ممتعة، مع مجموعة من الجنود المبتدئين الأكبر سنا تحاول حماية الأعمال الفنية فتتفوق علي النازيين وتضطر أحيانا الي التعاطي مع هذه المأساة وما يذكرنا بوقائع تلك الحرب المريرة.

ومن المعروف تاريخيا أنه في 17 مايو 1945 بعد فترة من استسلام القوات النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا حفر عمال المناجم جدار الأنقاض بالمعاول والمجارف في آلتوس سي، النمسا ظهرت طبقة بسماكة 12 مترا من الأنقاض أمام المدخل الذي يقود الي منجم الملح، ومع أن أحدا لم يعلم ما هو موجود في الداخل، كان الجميع يأملون أن يجدوا ما كانوا يبحثون عنه.

كان العريف لينكولن كيرستن أول من زحف عبر الفتحة في الداخل كان الجو مظلما وهادئا علي نحو مريب كان المدخل مغطي بالغبار والركام وكان البلاب الحديدي المدرع محطما في عمق الأرض وجد كيرستن أخيرا ما كان يبحث عنه منذ فترة طويلة: إرث أوروبا الثقافي، كانت الصناديق الخشبية مغطاة بطبقة سميكة من الغبار لكنها بقيت سليمة.

في السنوات السابقة، كان كيرستن كاتبا وناقدا في نيويورك، وكان يعمل علي عدد من المشاريع التي شملت إطلاق فرقة باليه في ديسمبر 1941، لكن عند قصف قاعدة «بيرل هاربر» علق المفكر خططه وانضم الي الجيش لكن لم ينته به الأمر وهو يحارب بالأسلحة.

وكلف المفكر حين كان في عمر السادسة والثلاثين بمهمة خاصة في أوروبا باعتباره واحدا من رجال الآثار، طلب منه العمل علي تجنب دمار كنوز أوروبا الثقافية، أنشأ قادة الحلفاء قسم الآثار والفنون الجميلة والأرشيف.. لكن تلك المهمة كانت تشوبها الفوضي، وصل كيرستن الي الأراضي الأوروبية في يونيو 1944 وكان يتوق الي المشاركة في مهمة فاعلة ومحددة بوضوح لكنه اكتشف هناك أن أحدا لم يسمع بوحدته ولم تخصص أي مؤن للمركبات والآلات الكاتبة والإذاعات والخرائط أو حتي ما يكفي من أوراق والأقلام، قام كيرستن بمبادراته الخاصة واتكل علي معارفه الشخصية لينجح في الوصول الي فرنسا حيث قابل الملازم چيمس چ روريمر، مكان هذا الخبير بزمن القرون الوسطي وأمين المكتبة في متحف المتروبوليتان للفنون ينفذ مهمة شخصية ضد الديكتاتور الألماني أدولف هتلر منذ اختفاء تمثال العذراء للفنان مايكل انجلو في بروج ولوحة «تقديس الحمل» حين تسني له أن يذهب الي أوروبا مع رجال الآثار لإنقاذ حضارة العالم.. والسؤال الآن: متي سنقدم نحن فيلما عن إنقاذ آثارنا.

الوفد المصرية في

12.02.2014

 

تشارك في تحكيم جائزة «أول فيلم»

غولينو: أنوثتي مقعّرة والمخرجون يأكلون أدمغتهم ليلاً

برلين - ابراهيم توتنجي 

منطقي جداً، أن تكون الممثلة والمخرجة الإيطالية فاليريا غولينو، واحدة من ثلاثة محكمين لاختيار جائزة "فيلم أول لمخرج" التي يمنحها "برلين السينمائي" منذ العام 2006، لكي يعطي المجال لمخرجين شباب، أن يخترقوا الأقسام الرئيسية لبرامج الأفلام، بأعمالهم الأولى، جنبا إلى جنب مع مخضرمين.

ومنذ بدايتها في العام 1984، وظهورها في الفيلم الأميركي الشهير "رجل المطر" لباري ليفنسون، يندر أن تخرج فاليريا من مهرجان، من دون جائزة او شهادة تكريم، رغم قلة أفلامها. لقد نالت في السنوات الأخيرة جوائز وتقديرات من "البندقية" و"كان" و" برلين"، وعملت إلى جانب مخرجين مهمين مثل شين بين وغابرييل سالفاتوريس وسيلفيو سولديني.

إلى أن قررت أن تصنع فيلمها "العسل" الذي أثار حفيظة "الفاتيكان" في إيطاليا لموضوعه الشائك.

من "رجل المطر" إلى "ريسبيرو"، مروروا بـ" هوت شوت"، رسخت فاليريا مهنتها السينمائية في المحافل الأوروبية والعالمية. "البيان" تسلط الضوء على هذه الفنانة الجدلية في هذه المقابلة، التي أشارت فيها إلى الإيطاليين لم يعودوا يكترثون، وأنها تنتمي ، إلى "الأنوثة المقعرة"، معتقدة أن المخرجين في الليل يأكلون أدمغتهم.

قصة وفاة

إلى جانب كونك ممثلة في السينما الإيطالية والأوروبية، وأيضا العالمية، أنت أيضا مخرجة. العام الماضي قدمت فيلم "العسل" الذي عرض ضمن تظاهرة "نظرة ما" في "كان السينمائي" ونال أيضا جوائز في مهرجانات أخرى. هل صحيح أن ما شجعك على اخراج الفيلم موت والدك؟

إلى حد ما، الفيلم يتحدث عن سيدة تعمل في جمعية تعنى بتهيئة المرضى الميؤوسة حالتهم على تقبل الموت، والتواصل معهم في مراحل حياتهم الأخيرة. ثم تكتشف أن أحد المرضى بصحة جيدة تماما، وأنه يعاني من الاكتئاب، وترفض أن تشترك في قراره بالانتحار وتحاول منعه. بالطبع، قصة وفاة والدي مختلفة. لكنني رافقته في مراحله الأخيرة واكتشفت صعوبة التواصل مع إنسان في هذه المرحلة. لم ارد أن أصنع فيلما يشكل "سيرة ذاتية" بمقدار ما رغبت بفيلم يمسني، يشبهني إلى حد ما.

الواقعية والاحترام

هناك ثلاثة مشاهد لثلاثة أشخاص مختلفين يغادرون الحياة في الفيلم. المشاهد بدت قاسية، وهادئة وأليمة في الوقت ذاته. قال لي مخرجون كثر أنهم يعانون عادة من حالة كئيبة لدى تصويرهم مشهد موت فيلم. انت صورت ثلاثة مرة واحدة، كيف كانت الحالة؟

كان الأمر مؤلما جدا خلال التصوير. كان يشغلني أمر واحد: على المخرج، في هكذا أوضاع الا يكون "حقيقيا"، بقدر ما أن يكون "محترما". عليك أن تتعامل باحترام مع تصوير قصة شخص يفارق الحياة. اننا معتادون على رؤية الموت كل يوم، في كل مكان، ولكن اظهار شخص يموت ببساطة وبهدوء، هذا أمر صعب. لذلك، صورت آنذاك المشاهد الثلاثة دفعة واحدة، بعد أن أكملت تصوير مشاهد الفيلم كاملة. أردت أن أعيش، وطاقم الفيلم، في حالة "قدسية" جامحة، تجعلنا قادرين على التصوير مرة واحدة، ولا تؤثر علينا في مشاهد من نوع آخر.

أزمة مع الفاتيكان

عرض فيلمك في العام ذاته الذي قدم فيه المخرج الفرنسي ستيفان بريزي فيلمه "ساعات قليلة في الربيع"، الذي تناول أيضا قصة أم تقرر أن تنهي حياتها عبر اللجوء الى جمعية تساعد في هذا الأمر. في دول أوروبية كثيرة، لا يزال موضوع انهاء الحياة اختياريا، من دون دواعي مرضية، يحيط به جدل كبير، لا تنفصل عنه الكنيسة والآراء الأخرى. فيلمك أيضا أثار حفيظة الفاتيكان.

أوافق أن هذا الموضوع يطرح بكثرة في السينما الأوروبية في محاولة لنشر الوعي حوله. "الفاتيكان" عبر عن عدم راحته من فيلمي، وأنا أفهم ذلك تماما، فهذه الموضوعات ليست المفضلة لدى الفاتيكان. لكن، بالحديث عن الجدل، أجد أن هذا الأمر صحي، وارغب أن يعود إلى بلدي إيطاليا "جدل الأفكار". لم نعد نعيش هذا الأمر، كما في أزمنة سابقة، لم يعد أحد يكترث، حتى للفضائح!

ملاك الموت

لماذا اخترت الممثلة جاسمين ترينسا للقيام بدور ملاك الموت في فيلمك. نعرف أيضا أنها المفضلة لدى المخرج ناني موريتي؟

جاسمين بالنسبة اليّ تشكل نموذج المرأة المعاصرة. بقصة شعرها الذكورية، تعكس أنوثة أسميها " الأنوثة المحدبة". أنا انتمي، لا زلت، إلى "الأنوثة المقعرة"، التقليدية، الأقرب الى الأنثى المرتبطة بوظيفة الأم بشكل رئيسي.

توم الرائع

في تجربة الإخراج لديك فيلم قصير، وفيلم طويل. ما الذي يضيفه الإخراج إلى ممثل؟

انها تجربة مختلفة تماما. انك تهدي ثلاث سنوات من حياتك الى فيلم واحد. يؤرقك طوال الوقت ان تكون في أفضل حالاتك. في الليل، أن تكون مخرجا، يعني أن تأكل دماغك، تقتات منه ليلا!

رجل المطر

عن تجربتها الأميركية في "رجل المطر" (1989) مع الرائعين داستن هوفمان وتوم كروز، تتذكر فاليريا غولينو عن هذا الفيلم ، قائلة : كانت هي المرة الأولى التي أمثل فيها خارج إيطاليا.

كنت في الثانية والعشرين من عمري. تستطيع القول أنني كحصان جامح، متحمسة، لا أعرف الكثير، أتجّول في الاستوديو ويديّ في جيوبي. أذكر أن المخرج باري ليفنسون قال لي:" حسنا، أيتها الجميلة، الآن ، حان وقت العمل، ومنذ ذلك الحين، لا أذكر أنني توقفت عن العمل. أتذكر العملاق داستان هوفمان، لكن بالطبع العمل مع توم كروز كان "سوبر" .

itoutanjipress@gmail.com

البيان الإماراتية في

12.02.2014

 

المصرية فيولا شفيق تنشر «عطر الثورة» في برلين

برلين - ابراهيم توتنجي 

تغوص مشروعات المصرية فيولا شفيق عميقا في الأرض. أفلامها، كما مشاريعها الابداعية، بالإمكان وصفها دوما بأنها متعددة الطبقات، وتحتاج، كما الأشياء ذات الأبعاد المختلفة.. إلى الحفر. وبرلين، كما مهرجانها، ليسا غريبين عن صاحبة "رحلة ملك" (2003)، اذ هي تترد على المدينة بصفة شخصية ومهنية أكثر من مرة في السنة.

هذا العام، يعرض لها "المنتدى الممتد " فيلم "عطر الثورة" الذي حدثت عنه "البيان" بالقول:" انه تحية إلى الأقصر، إلى طيبة الفرعونية". وعبر تصوير أربع شخصيات مرتبطة بالتاريخ السياسي والاجتماعي لمصر الممتد من عهد مبارك، وصولا إلى حركة التمرد، مرورا بالثورة، تقدم فيولا فيلما "يحرض على الاكتشاف في خضم التحولات التي أثرت على الشعب المصري".

أرشيف ثمين

إحدى الشخصيات هي مصور فوتوغرافي بحوزته ارشيف ثمين عن حياة مدينة الأقصر المصرية:" اكتشفت المصور عطية جرجس قبل عشر سنوات حين كنت اصور فيلمي رحلة ملك عن رحلة قطعة أثرية من مصر إلى ألمانيا، وقد تعلقت منذ ذلك الوقت بفكرة أصالة هذا الرجل وكونه شاهدا من مصر على أكثر المدن انفتاحا على السواح وشهرة، وفي ذات الوقت هي المدينة التي تعرضت إلى الخراب بسبب الفساد".

وتشير المخرجة إلى أن مشروع تحويل الأقصر إلى مدينة على شكلي متحف مفتوح في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، أدى إلى تدمير الكثير من المباني السكنية والتاريخية، "وهذا الموضوع آلمني واردت التحدث عنه". وتفعل فيوليت ذلك عبر شخصية المحامي القبطي الذي يلتزم بهذا الملف مدافعا عن مبان لها طابع مسيحي وأخرى لها طابع إسلامي.

خط ثوري

أيضا في الفيلم شخصية الفتاة المسلمة التي تمثل "ثورة يناير"، والتي لا يمنعها حجابها من كونها منفتحة على جميع الأفكار، وتضعها المخرجة في الفيلم في خط مواجه أو مواز لخط ثوري من جيل سابق، يمثل الروائي علاء الديب صاحب كتاب "زهر الليمون"، الذي يظهر في الفيلم ليرد على نقاش الثورة بين عبد الناصر ويناير!

وعن سبب اختيارها الأقصر مجددا موضوعا لعملها، وما إذا كانت "طيبة" القديمة هي بمثابة بديل عن "القاهرة" اليوم الغارقة في تحولاتها وفوضاها، ترد:" أعتقد أن القاهرة فاجأت أهلها وأهل مصر أنفسهم خلال ثورة يناير، اذ اكتشف الجميع فجأة في ميدان التحرير تنوعا هائلا على المستوى الاجتماعي والفكري والطبقي، وتحول هذا الميدان الى بوتقة تصهر الجميع. لقد بزغ الأمل مجددا بأهمية العودة إلى اكتشاف الهامشي والمهمش وجره إلى المركز، وقد قام الكثير من الشباب بإنتاج أعمال فنية وابداعية ضمن هذا التوجه، من وحي آمال الميدان، ومن هنا، لم يكن بالنسبة لي مستغربا العودة إلى الصعيد المهمش بشكل غير عادي".

وراء الشمس

يعرض فيلم فيولا اليوم، الثاني عشر من فبراير، في "المنتدى الممتد" الذي يعرض فيه فنانون شباب أعمالا خارج المنافسة، إلى جانب فيلم «من خلف الآثار» للمخرجة ياسمينة متولي، و«مشروع الشيخ إمام» للمخرج اللبناني غيث الأمين، و«نص خطوة» للبناني جو نعمي، و«مونديال» للمخرج اللبناني روي ديب، والفيلم الكويتي «وراء الشمس».

«القاهرة السينمائي».. بداية جديدة لمهرجان عريق

أصدر مهرجان القاهرة السينمائي الذي ستعقد دورته الجديدة في شهر أكتوبر المقبل بيانًا الأحد الماضي ، كشف فيه أنه، لأول مرة يتم نشر إعلان صفحة كاملة عن مهرجان القاهرة في المجلات الثلاث الكبرى لصناعة السينما في العالم، والتي تصدر ملاحق خاصة فى مهرجان برلين، وهي "فارايتي" و"هوليود ريبورتر" و"سكرين إنترناشيونال"، حيث نشر الإعلان في العدد الأول من "فارايتي" والعدد الثاني من "سكرين إنترناشيونال" والعدد الثالث من "هوليود ريبورتر".

ونشر الإعلان تحت شعار "بداية جديدة لمهرجان عريق"، وتضمن أقسام المهرجان العشرة الجديدة، وأن ضيف الشرف السينما الكردية، فضلاً عن تنظيم معرض عن المخرج هنري بركات بمناسبة مرور مئة عام على ميلاده عام 2014، وتنظيم حلقة بحث بعنوان "المهرجانات السينمائية الدولية في العالم العربي".

itoutanjipress@gmail.com

البيان الإماراتية في

12.02.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)