عقود من النجومية والشهرة العالمية
...
ورحلت الشحرورة صباح
إيلاف- متابعة
فقد
لبنان اليوم الشحرورة صباح، سفيرته إلى المسارح العالمية، التي وافتها
المنية عن 87 عامًا، تاركة إرثًا فنيًا كبيرًا.
بيروت: توفيت
فجر اليوم الأربعاء الفنانة اللبنانية صباح، عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد
مسيرة من الشهرة والاضواء استمرت عقودًا طويلة. وصباح، التي كانت تعتبر
سفيرة للبنان على المسارح العالمية، عاشت أيامها الأخيرة وسط محبيها،
وفارقت الحياة في مقر إقامتها.
وأوردت الوكالة الوطنية للاعلام خبر وفاة صباح فجرًا من دون
أن تورد أي تفاصيل اضافية عن ظروف وفاة الفنانة، التي نعتها وسائل الاعلام
المحلية.
وكانت شائعات سرت عن وفاة صباح، لكن صفحتها في موقع فايسبوك
نفتها، وطمأنت الجميع بأنها بخير. وبعد أقل من 48 ساعة، أعلن وفاة الشحرورة.
من لبنان إلى العالم
ولدت جانيت فغالي، وهو الاسم الحقيقي لصباح، في بلدة بدادون
اللبنانية شرق بيروت، في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1927، وكانت الثالثة بين
اخوتها.
احبت الغناء والتمثيل منذ طفولتها، واكتشف عمها موهبتها
وعذوبة صوتها الجبلي. وبدأت مسيرتها الفنية من لبنان، واستطاعت أن تتميز
فلفتت أنظار المنتجة السينمائية اللبنانية آسيا داغر، التي كانت تعمل في
القاهرة، فساهمت في انطلاقة الشحرورة صباح في مصر، وانطلقت الى العالمية من
خلال أعمالها السينمائية.
تزوجت تسعة رجال
تزوجت "الصبوحة"، كما كانوا يسمونها، من تسعة رجال، أولهم
نجيب شماس، والد ابنها الدكتور البكر صباح، وقضت معه 5 أعوام. وبعد طلاقها،
تزوجت الأمير خالد بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود لأشهر فقط، ثم تزوجت عازف
الكمان المصري أنور منسى أربعة أعوام، أنجبت منه ابنتها هويدا. ثم تزوجت
المذيع المصري أحمد فراج.
وبعد 3 أعوام، تزوجت الممثل المصري رشدي أباظة لخمسة أشهر
فقط، وبعده الفنان يوسف شعبان لشهر واحد، ثم النائب اللبناني يوسف حمود
لعامين، ثم الفنان اللبناني وسيم طبارة لأربعة أعوام.
زوجها الأخير كان الفنان اللبناني فادي لبنان، الذي قضت معه
17 عامًا.
إرثها الكبير
تركت صباح وراءها 83 فيلمًا، بين مصري ولبناني، و27 مسرحية
لبنانية، وما يزيد على 3000 أغنية مصرية ولبنانية. وتعتبر ثاني فنانة عربية
بعد أم كلثوم في أواخر الستينات تغني على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة
روميو لحود الاستعراضية، في منتصف سبعينيات القرن العشرين.
من أغانيها، اشتهرت أغنيات "ساعات" و"يانا يانا" و"ألو
بيروت" و"عالضيعة" و"عاشقة وغلبانة" و"مرحبتين" و"يا لبنان دخل ترابك"
و"الندى الندى" و"تسلم يا عسكر لبنان".
من أعمالها المسرحية "موسم العز" و"دواليب الهوا" و"القلعة"
و"ست الكل" و"فينيقيا" و"شهر العسل"، وغيرها من المسرحيات، آخرها "كنز
الأسطورة".
لم يفها حقها
في العام 2012، جسدت الفنانة اللبنانية كارول سماحة حياة
"صباح" من خلال مسلسل "الشحرورة"، فلاقى شهرة واسعة، لكنه تعرض لانتقادات
كثيرة. اعتبره البعض أنه لم يعطِ "الشحرورة" حقها بل ركز على حياتها
الشخصية وزيجاتها المتعددة.
وتحمل الفنانة صباح عددًا كبيرًا من الأوسمة اللبنانية
والعربية والعالمية، كرّمها بها قادة ورؤساء العالم.
نعي بـ "فرح"
ونعت نقابة الفنانين وعائلة الشحرورة رحيلها بـ"فرحٍ كبير"
تنفيذاً لرغبتها، حيث طلبت أن تصدح أغنياتها ويهلل الناس بالدبكة في
يوم رحيلها لتنشر الفرح بوفاتها كما في حياتها لأنها أرادت أن تُفرِح الناس
دوماً. ونقلت
عنها إبنة شقيقتها كلود وصيتها قائلة:
لقد أوصتني بأن أقول لكم "الصبوحة اليوم راجعة على ضيعتا
عالأرض اللي حبّتا وحبّتا
الصبوحة اليوم راحت عالسما عند الرب الكبير راحت عند اهلا
واخوتا اللي اشتاقتلن كتير
صباح الحياة صباح الفرح صباح الابتسامة المشرقة دايما صباح
الضحكة المرسومة باصعب الأوقات
بتودعكن وبتقلكن ما تبكو وما تزعلوا عليي وهيدي وصيتي الكن
قالتلي قوليلن يحطو دبكة ويرقصوا بدي ياه يوم فرح مش يوم
حزن
بدي ياهن دايما فرحانين بوجودي وبرحيلي متل ما كنت دايما
فرّحن
وقالتلي قلكن انه بتحبكن كتير وانو ضلوا تذكروها وحبوها
دايماً".
نجمة حتى الرمق الاخير
وكانت "الشحرورة" قد قاومت مرحلة الشيخوخة بالغناء والحفاظ
على أناقتها واستمرارية حضورها الإعلامي حتى الرمق الأخير، وذلك بعد أن
طبعت أغنياتها وأعمالها المسرحية والسينمائية تاريخ الفن اللبناني والعربي
على مدى أكثر من ستين عاماً.
وارتبط اسمها بغناء المواويل والميجانا والعتابا والأغنيات
البلدية الفولكلورية، وفي سجلها أكثر من ثلاثة آلاف اغنية. فقد غنت التراث
اللبناني والحب والوطن لكبار الشعراء والملحنين في العالم العربي، بينهم
محمد عبد الوهاب وزكي ناصيف والأخوان رحباني وتوفيق الباشا وبليغ حمدي
وجمال سلامة وسواهم.
ومن اغنياتها المعروفة التي لا يزال يرددها الكبار والصغار
"تعلى وتتعمر يا دار" و"دخل عيونك حاكينا" و"جيب المجوز يا عبود" و"ساعات
ساعات" و"عالضيعة". ومن آخر اغنياتها "شو فيها الدني" التي تم تصويرها
بطريقة الفيديو كليب.
وصباح التي لقبت بـ"الشحرورة" و"الاسطورة"، هي أول فنانة
لبنانية غنت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية
في منتصف السبعينات. كما اعتلت خشبة مسارح عالمية أخرى كأرناغري في
نيويورك، ودار الأوبرا في سيدني، وقصر الفنون في بلجيكا، وألبرت هول في
لندن، وغنت على مسارح لاس فيغاس في الولايات المتحدة.
وبفضل المنتجة اللبنانية الأصل آسيا داغر، دخلت صباح
السينما المصرية في العام 1943 وأطلت في فيلم عنوانه "القلب له واحد"
للمخرج هنري بركات. ثم توالت بطولات صباح السينمائية حتى شاركت في نحو 85
فيلمًا مع كبار الممثلين، بينهم رشدي أباظة الذي تزوجته لفترة وجيزة، وأحمد
مظهر، ومحمد فوزي، وفريد الأطرش. وكانت تعتبر ان افضل ادوارها
السينمائية هو فيلم "الأيادي الناعمة".
وأطلت صباح في 27 مسرحية بينها "موسم العز" و"دواليب الهوا"
و"القلعة" و"الشلال" و"فينيقيا" و"شهر العسل" و"ست الكل" و"وادي شمسين"،
أما "كنز الأسطورة" فهي آخر مسرحية قدمتها مع زوجها السابق فادي لبنان.
علاقات رفيعة المستوى جرأة و"كرم"
وحملت صباح، إضافةً إلى الجنسية اللبنانية، ثلاث جنسيات
أخرى هي المصرية والأردنية والأميركية. وكانت على صلة وثيقة بعدد من
الرؤساء والملوك العرب الذين قدروا فنها. وكانت صديقة لأسرة عاهل الأردن
الراحل الملك حسين.
ولم تتوانَ وهي التي عُرِفَت بشخصيتها الصادقة والجريئة، عن
الاعتراف في حديثٍ تلفزيوني أنها خانت معظم أزواجها مع رجال آخرين لأنهم
كانوا يخونونها أيضاً. ورأت أن غالبية أزواجها كانوا يستغلون شهرتها
وثروتها لمصالحهم.
عُرِفَت بكرمها، وكانت تنفق المال بسخاء على من تحب وتساعد
من يحتاج، لذلك كان يطلق المقربون منها عليها لقب"مدام بنك". واتسمت
علاقتها بابنتها بشيء من التوتر. واعترفت صباح بأن شهرتها عذبت ابنتها، وان
تجربتها مع أزواجها أثنت هويدا عن الزواج. وحين أصيبت هويدا بأزمة صحية
نتيجة إدمانها في العام 2006 باعت صباح منزلها، واقامت في فندق وادخلت
ابنتها الى مصح في كاليفورنيا حتى تماثلت للشفاء.
أناقة وتكريم
وكانت صباح رمزاً للأناقة، وتميّزت بشعرها الأشقر الغزير
المتدلي على كتفيها حتى ارتبطت تسريحتها باسمها، وكانت تردد "أتمنى اذا
خسرت ثروتي الا أخسر جمالي وأناقتي". فرغم تقدمها في السن، رفضت أن تشيخ
وان تعتزل الغناء، واستمرت في إجراء المقابلات والمشاركة في الإحتفالات
الفنية. وكانت قد عبّرت عن سعادتها لحصولها على جوائز تكريمية عدة خلال
سنوات حياتها الأخيرة، حيث كرّمها رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال
سليمان بتقليدها وسام الأرز الوطني برتبة ضابط أكبر ضمن مهرجانات بيت الدين
2011. علماً أنه في العام نفسه كان قد عُرِضَ في العام نفسه مسلسل "صباح"
الذي أثار جدلاً حول دقة سرده لمحطات معينة.
موعد الدفن والتعازي
وفي انتظار حضور ولديها من السفر، تحدد موعد الدفن يوم
الأحد المقبل في 30 من الشهر الجاري، حيث سيحتفل بالصلاة لراحة نفسها
الساعة الثانية من بعد الظهر في كتدرائية مارجرجس المارونية- وسط بيروت،
على أن يوارى جثمانها الثرى في مسقط رأسها بدادون.
هذا وتُقبَل التعازي يوم الوداع الأحد، وفي 1و2 من الشهر المقبل
ديسمبر(كانون الأول) في صالون الكتدرائية من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر
ولغاية السادسة مساءً. |