“الشحرورة” تصمت عن الغناء
رحيل صباح . .ووصيتها للجمهور “افرحوا وتذكروني”
بيروت - "الخليج":
بعد مسيرة فنية حافلة بالإنجازات، تضمنت 83 فيلماً وأكثر من
3 آلاف أغنية و27 مسرحية، غيّب الموت أمس الفنانة اللبنانية صباح عن 87
عاماً، وتقرر أن يقام مأتم لها يوم الأحد المقبل في كاتدرائية مار جرجس
المارونية وسط بيروت على أن توارى الثرى في بدادون في قضاء عاليه
.
وصباح هو اسم الشهرة لجانيت جرجس الفغالي التي ولدت في 10
أكتوبر ،1927 في وادي شحرور في قضاء عاليه . تعلمت في مدرسة القلب الأقدس
في الجميزة، بدايتها الفنية كانت في صغرها في لبنان، واستطاعت أن تتميز
بشهرتها المحلية، حتى استطاعت لفت انتباه المنتجة السينمائية اللبنانية
الأصل آسيا داغر، التي كانت تعمل في القاهرة، فأوعزت إلى وكيلها في لبنان
قيصر يونس إلى عقد اتفاق معها لثلاثة أفلام دفعة واحد، وكان الاتفاق بأن
تتقاضى 150 جنيهاً مصرياً عن الفيلم الأول ويرتفع السعر تدريجياً
.
سافرت إلى أسيوط في مصر برفقه والدها ووالدتها، ونزلوا
ضيوفاً على آسيا داغر في منزلها في القاهرة، وتم تكليف الملحن رياض
السنباطي بتدريبها فنياً ووضع الألحان التي ستغنيها في الفيلم، وفي تلك
الفترة اختفى اسم "جانيت الشحرورة"، وحل مكانه اسم "صباح" في فيلم القلب له
واحد، ويقال إن السنباطي لاقى صعوبة كبيرة في تطويع صوتها وتلقينها أصول
الغناء، لأن صوتها الجبلي كان ما زال معتاداً على الأغاني البلدية المتسمة
بالطابع الفولكلوري الخاص بلبنان وسوريا، وهي شقيقة الممثلة لمياء فغالي
.
شاركت في السينما المصرية، ولها عدد كبير من الأفلام التي
تُعد هي إحدى نجماتها، إضافة إلى عدد كبير من الأغاني، ولها 83 فيلماً بين
مصري ولبناني، و27 مسرحية لبنانية، وما يزيد على 3000 أغنية . وتعتبر ثانية
فنانة عربية بعد أم كلثوم في أواخر الستينات، تغني على مسرح الأولمبيا في
باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية، وذلك في منتصف سبعينات القرن
العشرين
.
تزوجت صباح من نجيب شماس (والد ابنها الدكتور صباح شماس)
وقضت معه خمس سنوات، وخالد بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود قضت معه عدة أشهر
وحصل الطلاق بسبب ضغط من عائلته لتطليقه منها، وأنور منسي (عازف كمان مصري
ووالد ابنتها هويدا) وقضت معه أربع سنوات، وأحمد فراج (مذيع مصري) وقضت معه
ثلاث سنوات، والفنان رشدي أباظة وقضت معه خمسة أشهر، والفنان يوسف شعبان
واستمر الزواج شهراً واحداً، والنائب يوسف حمود وقضت معه سنتين، والفنان
وسيم طبارة وقضت معه أربع سنوات، والفنان فادي لبنان وقضت معه سبع عشرة سنة
. تم إعداد مسلسل عن قصة حياتها اسمه الشحرورة عرض في رمضان عام ،2011
وجسدت كارول سماحة دورها
.
وفور الإعلان عن وفاتها نعى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام
صباح، وقال في بيان أمس: "خسر لبنان والعالم العربي قيمة فنية سامية وقامة
إنسانية شامخة برحيل صباح، التي غادرت دنيانا وطوت معها صفحة خالدة ومشرقة
من صفحات تاريخنا الثقافي"
.
وقال رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الموجود في روما،
في تصريح أمس: "تبلغت النبأ الحزين بوفاة صباح . وآلمني هذا النبأ كما آلم
زوجتي وفاء التي تعرفت إليها وكانت تكنّ لها كل التقدير"
.
واعتبر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عبر "تويتر" أنه
برحيل صباح يطوي لبنان صفحة مشرقة، ويودع رمزاً من رموزه الفنية الأصيلة
.
واعتبر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط عبر
"تويتر"، أن رحيل الفنانة صباح "خبر محزن"، لافتاً إلى أنه "مع رحيلها رحل
قسم كبير من ماضي لبنان الجميل"، وقال: "صباح كانت فنانة قديرة من الزمن
الذي عاصرته وهي أسطورة لن تتكرر"
.
ورأى وزير الإعلام رمزي جريج في تصريح تلفزيوني، أن رحيل
الشحرورة صباح خسارة كبيرة للبنان والفن، وقال: "شهرتها تجاوزت حدود لبنان،
فكانت فنانة عربية غزت كل الدول العربية لاسيما مصر، وكان لها دور كبير في
نهضة فن الغناء والفولكلور اللبناني"
.
كما قال النائب سليمان فرنجية إن جزءاً من تاريخ لبنان
الحلو رحل
.
وقال الملحن روميو لحود: "أنا حزين لأنني فقدت صديقة أحبها
كثيراً، وسيحكي عنها الكثير، فهي كانت فعلاً "ستار"، ولا أحد يعرف كم أحبت
صباح لبنان"
.
ولم تقتصر عبارات الوداع على اللبنانيين من محبي صباح، بل
إن سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، أنجيلينا إيخورست، بثت على حسابها
"تويتر" أغنية "عالبساطة"، وكتبت: "أغنيتي المفضلة على الإطلاق، نجمة كبيرة
رحلت"
.
ورغم تقدمها في السن، رفضت أن تعتزل الغناء، واستمرت في
إجراء المقابلات والمشاركة في الاحتفالات الفنية، ومن آخر أغنياتها "شو
فيها الدني" التي تم تصويرها بطريقة الفيديو كليب
.
وتحمل صباح الجنسيات المصرية والأردنية والأمريكية إلى جانب جنسيتها
اللبنانية
.
وذكرت صحيفة "النهار" اللبنانية أن كلودا عقل، ابنة شقيقة
صباح، نقلت للجماهير وصية الشحرورة، قائلة إنها تودعهم وتوصيهم بعدم
البكاء، وإنها تمنت أن يكون يوم وفاتها فرحاً وليس حزناً
.
كما كتبت عقل أن الشحرورة أوصتها بأن تقول لجمهورها إنها
تحبهم وتطلب منهم أن يظلوا يتذكرونها ويحبونها . وأضافت أن الشحرورة رحلت
بجسدها ولكنها سوف تظل في القلوب
.
نجمة حتى الرمق الأخير
استمرت صباح تقاوم الشيخوخة بالغناء والحفاظ على أناقتها
واستمرارية حضورها الإعلامي، حتى الرمق الأخير، وذلك بعد أن طبعت أغنياتها
وأعمالها المسرحية والسينمائية تاريخ الفن اللبناني والعربي
.
وغنت صباح التراث اللبناني والحب والوطن لكبار الشعراء
والملحنين في العالم العربي
.
ومن أغنياتها المعروفة التي لا يزال يرددها الكبار والصغار
"تعلى وتتعمر يا دار" و"دخل عيونك حاكينا" و"جيب المجوز يا عبود" و"ساعات
ساعات" و"عالضيعة"
.
وأفاد تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية بأن صباح عرفت
بكرمها، وكانت تنفق المال بسخاء على من تحب وتساعد من يحتاج، لذلك كان يطلق
المقربون منها عليها لقب "مدام بنك"
.
واتسمت علاقتها بابنتها بشيء من التوتر . ولم تتوان صباح عن
القول إن شهرتها عذبت ابنتها، وأن تجربتها مع أزواجها أثنت هويدا عن الزواج
.
وكانت صباح رمزاً للاناقة، وعرفت بشعرها الأشقر الغزير
المتدلي على كتفيها حتى ارتبطت تسريحتها باسمها، وكانت تردد "أتمنى إذا
خسرت ثروتي ألا أخسر جمالي وأناقتي"
. |