جسد في أدواره قضايا المجتمع
نور الشريف.. تاريخ من التمرد والعطاء
سعيد ياسين (القاهرة)
نور الشريف.. «حبيبي دائماً، آخر الرجال المحترمين،
غريب في بيتي، لن أعيش في جلباب أبي، الرجل الآخر، العطار والسبع
بنات، حضرة المتهم أبي».. كلها أعمال أكدت أن الراحل نور الشريف
سجل تاريخاً حافلاً بالتمرد والعطاء الفني ليعد واحداً من أهم
وأكبر النجوم العرب الذين أثروا الساحة بعشرات الأعمال المتميزة
والتجارب المهمة سواء على صعيد السينما أو المسرح أو التليفزيون،
ومن القلائل الذين اهتموا بقضايا الوطن، وتعد أعماله الفنية بمثابة
مرآة حقيقية لواقع مؤلم، ونموذج لصورة فنية ملهمة، وتاريخ لفنان
متمرد من أجل بقاء ينبض إبداعاً، ولم يكن يكتفي بالتفسير السطحي
للشخصيات والأعمال الدرامية، لكنه كان يجتهد في البحث حولها، ويضيف
إليها من مخزونه العامر من ملاحظاته اليومية للحياة والبشر.
عواطف متناقضة
وتقمص نور الشريف جميع الأدوار بمهارة واقتدار ومن
بينها الشاب المستهتر، والرجل الرومانسي، والمتظاهر الثائر،
والسارق المنتقم، والأستاذ الجامعي، والمصور الصحفي، ولاعب الكرة،
والأب الملتزم، والرجل العصامي وغيرها، والمتتبع لأعماله سواء من
الجمهور أو النقاد يكتشف ببساطة أنه كان مدرسة مستقلة في الأداء
التمثيلي، فبجانب ملامحه المألوفة التي جعلت طلته محببة على
الشاشة، تميز أداؤه بالبساطة الشديدة والدقة في نفس الوقت، حيث
حملت شخصيته على سبيل المثال في فيلم «الأخوة الأعداء» كتلة من
العواطف المتناقضة مثلت الصراعات الأساسية في النفس البشرية، وكانت
مثالاً للتمرد العقلي لمواجهة الإنسان مع قدره عندما يتردد بين
الشك والإيمان، وتقمص ببراعة شخصية «يوسف كمال» في «البحث عن سيد
مرزوق»، وكان بمثابة قراءة شديدة العمق لواقع سياسي واجتماعي دون
خطابة أو مباشرة، وتفوق على نفسه في شخصية طالب الطب «إسماعيل»
التي جسدها في فيلم «الكرنك» الذي أدان النظام السياسي في استخدامه
لكل أنواع التنكيل والقهر ضد من يخالفه الفكر والرأي السياسي،
وأجاد أداء شخصية «عزيز» الثري في «جري الوحوش» مثلما أبدع في
تجسيد شخصية «كمال» في «العار»، والشاب المولع بجمع صور النساء
العاريات في «زوجتي والكلب»، والمدرس الذي اكتشف خيانة صديقه له في
«مع سبق الإصرار»، وقدم شخصية الحاج «عبد الغفور البرعي» في مسلسل
«لن أعيش في جلباب أبي» بنفس بساطة لاعب كرة القدم «شحاتة أبو كف»
في فيلم «غريب في بيتي».
نضج فني
ولم يكن نور من الممثلين الذين حصروا أنفسهم في
نوعية معينة من الأدوار، حيث قدم واحداً من أنضج الأعمال
الرومانسية في فيلم «حبيبي دائماً» أمام زوجته بوسي، وقدم التشويق
والإثارة في فيلم «ليلة ساخنة» من إخراج عاطف الطيب، والكوميديا
الهادفة في «غريب في بيتي» أمام سعاد حسني، والإنسانية في «آخر
الرجال المحترمين» الذي تناول خطف الأطفال، وقضية الصم والبكم في
«الصرخة»، وسرقة الأعضاء البشرية في «الحقونا» وتصدى لبعض الأحداث
السياسية والقضايا الفكرية، كما في فيلميه «ناجي العلي» و«المصير»،
وقدم شخصية الإرهابي الذي يسعى لتنفيذ إحدى عملياته في ليلة رأس
السنة في «ليلة البيبي دول».
وقام ببطولة العديد من المسلسلات الاجتماعية
الهادفة، ومن بينها «القاهرة والناس»، و«لسه بحلم بيوم»، و«لن أعيش
في جلباب أبي»، و«الرجل الآخر»، و«العطار والسبع بنات»، و«حضرة
المتهم أبي»، كما قدم العديد من الأعمال التاريخية والدينية ودراما
السير الذاتية ومنها يوسف شاهين في «حدوتة مصرية»، وشخصية الفيلسوف
ابن رشد التي جسدها في فيلم «المصير» من إخراج يوسف شاهين، وعمرو
بن العاص في مسلسل «رجل الأقدار» إلى جانب شخصيتي هارون الرشيد
وعمر بن عبد العزيز في مسلسلين بنفس الاسم من تأليف عبد السلام
أمين وإخراج أحمد توفيق، وكان للهجة الصعيدية نصيب من أعماله، ما
حدث في «مارد الجبل» و«الرحايا.. حجر القلوب»، كما جرب حظه في
الدراما الاستخباراتية من خلال مسلسل «الثعلب» للمخرج أحمد خضر.
شهادات أبناء جيله: رمز الفن الأصيل
أجمع جميع الفنانين والفنانات من زملاء درب نور
الشريف، أو الذين يكبرونه أو يصغرونه بسنوات قليلة، على أنه كان
إنساناً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ جميلة، وأنه كان يحرص على
مشاركة الجميع في أفراحهم وأحزانهم، أما على المستوى الفني فأجمعوا
على أنه يمثل مدرسة فنية مستقلة بذاتها، ورمزاً فنياً أصيلاً.
وقال الفنان محمود ياسين: التقيت بنور الذي كانت
شهرته تغطي حي السيدة زينب قبل دخوله معهد الفنون المسرحية،
واتفقنا في الرؤى، وكان لكلينا تجربة واحدة على المستوى الفني
والإنساني تحديداً، ونحن أكثر اثنين احتفينا بالمواهب الجديدة،
وتلاقينا مع الأجيال من النجوم في مختلف الأعمار، وهذا الأمر أوجد
بيننا نوعاً من التآخي والوئام.
وقالت ميرفت أمين: تعاونت معه في 25 فيلماً منها
«الأبرياء»، و«البيوت أسرار»، و«السلم الخلفي»، و«مدرسة
المشاغبين»، و«السكرية»، و«الإخوة الأعداء»، و«الحفيد»، و«أبناء
الصمت»، و«الأنثى والذئاب»، و«لقاء مع الماضي»، و«دائرة الانتقام»،
و«الدموع الساخنة»، و«مع سبق الإصرار»، و«الحب وحده لا يكفي»،
و«سواق الأتوبيس»، و«أولى ثانوي»، وكان آخرها العام الماضي «بتوقيت
القاهرة»، كما شاركته عام 1999 بطولة مسلسل «الرجل الآخر»، وكنت
عندما أنظر إليه لا أشعر بمرور الزمن، وأعتبر أحب فيلم لي معه
«الحفيد»، والفيلم الأقرب لقلبي هو «سواق الأتوبيس»، وعن نفسي لم
أكن أستطيع مشاهدة أعمالي، ونور هو الذي أجبرني على مشاهدة «بتوقيت
القاهرة» في مهرجان دبي.
أما شهيرة التي شاركته بطولة ثلاثة من أهم أفلامها
السينمائية، وهي «ضاع العمر يا ولدي»، و«وصمة عار»، و«الخونة»،
فقالت: فقدنا برحيله قامة فنية ورمزاً من رموز الفن الأصيل الراقي،
وإنساناً بكل المعاني الجميلة، وأفلامي التي تعاونت معه فيها كانت
مهمة جداً بالنسبة إليَّ في تاريخ الفن، ودائماً كان يقول لي:
ستحصلين على جائزة أفضل ممثلة.
أما نادية لطفي، فقالت: التقيته أواخر الستينيات من
القرن الماضي، عندما كان شاباً صغيراً ورشحه المخرج حسن الإمام
للمشاركة في فيلم «قصر الشوق» عن رائعة نجيب محفوظ وبطولتي إلى
جانب يحيى شاهين، ورغم صعوبة الشخصية التي جسدها، لأنها امتازت
بالعمق والبساطة، فقد برع في تقديمها، ولي العديد من الذكريات معه.
وقالت هالة صدقي التي تعاونت معه في فيلم «قلب
الليل» من إخراج عاطف الطيب، ومسلسل «عرفة البحر» للمخرج أحمد
مدحت: كان نور فناناً نادراً وكبيراً، وهو من الفنانين القليلين
الذين كانوا يحبون الممثل الذي يقف أمامهم، لدرجة أنه كان من
الممكن أن يوقف التصوير أكثر من مرة إذا وجد أن الممثل الذي أمامه
يخطئ، ويظهر للجميع أنه هو سبب الخطأ، حتى يؤدي الممثل دوره بصورة
أفضل.
وقال أحمد ماهر: كان واجهة للسينما المصرية أمام
العالم، ويعد حقاً فيلسوف السينما المصرية، وهو اقتحم أدواراً
سينمائية لم يقدم عليها فنّان غيره»، وكان لديه بعد نظر وقدرة على
انتقاء أدواره، كما اعتمد على تقديم رسالة حقيقية في جميع أعماله.
اكتشاف الموهوبين في التأليف والإخراج
تعاون نور خلال مشواره الفني مع العديد من المدارس
الإخراجية المتميزة سواء من جيل الكبار أو الشباب الذين كان يتحمس
لهم، وكان صاحب الفضل في الدفع بالعديد من المخرجين الجدد في
تجاربهم الأولى، وأصبحوا نجوماً في الإخراج بعد ذلك، كما حدث مع
عاطف الطيب وسمير سيف، ومحمد خان، وداوود عبد السيد، ومحمد النجار،
وهو ما تكرر مع العديد من المؤلفين، كما حدث مع مجدي صابر، ووليد
يوسف، وعبد الرحيم كمال.
وقال المخرج سمير سيف: نور الشريف أثر في صناعة
السينما، كما أثر فيها أنور وجدي، وفريد شوقي، وكان يتمتع برؤية
شاملة وثقافة واسعة، وعندما ينظر للعمل الفني لا ينظر لحجم دوره أو
تأثيره فقط، ولكنه ينظر للرسالة والهدف الموجه من العمل ككل،
والتأثير الذي قد يحدثه هذا العمل في المجتمع، وعلى أساس ذلك يوافق
على تنفيذه.
وأكد المخرج محمد خان على أن نور لعب دوراً مهماً
في تاريخ السينما المصرية بأعماله الفنية المميزة، وأسلوبه وأدائه
الاحترافي لمختلف الشخصيات التي جسدها، وقال: هو لم يكن فقط
ممثلاً، بل صاحب نظرة ثاقبة في الحكم على الناس.
وقال المؤلف بشير الديك الذي تعاون مع نور في عدد
كبير من أفلامه، منها: «مع سبق الإصرار»، و«سواق الأتوبيس»، و«ضربة
معلم»، و«ناجي العلي»، و«الرغبة»، و«ليلة ساخنة»: كان نور رجل
صناعة من الطراز الأول، حيث كان يفهم في الإنتاج والإخراج
والتمثيل، وكان دائماً ما يقف مع المخرجين الجدد.
أما المؤلف فيصل ندا، فقال: تعاونّا كثيراً في
أفلام ومسلسلات، وكان نموذجاً للفنان الذي أتمنى أن يظهر مثله في
شباب الفنانين.
أبرز ما قاله في جمل وعبارات
* أكثر ما يزعجني تركيز الإعلام على الإشاعات،
وخصوصاً المتعلقة بالوفاة، وأسرتي عانت كثيراً من كثرة الشائعات
حول وفاتي.
* عشت أياماً صعبة كثيرة طوال حياتي، ولكن أيام
المرض هي الأصعب، وأعتبر تجربة المرض معلماً كبيراً، تعلمت من
خلالها الصبر، وتغيرت نظرتي لأشياء كثيرة، لكنها في الوقت نفسه
أكدت لي أن الإنسان عندما يخلص لفنه ويجتهد في عمله، يحجز لنفسه
مكاناً ثابتاً في قلوب ملايين الناس.
* الرئيس أنور السادات كان وراء الموافقة على عرض
فيلم «أهل القمة»، حيث اتصلت به وطلبت منه إجازة الفيلم، فقرر
مشاهدته أولاً، وبعدما شاهده لم يحذف إلا مشهد واحد فقط يحصل فيه
ضابط شرطة على رشوة.
* لم أقدم في بيروت أفلاما سيئة السمعة، رغم
الإغراءات المالية احتراماً لمبادئي، فالفن مسؤولية، ولو عاد بي
الزمن للوراء ما قدمت فيلمي «ألوو أنا القطة» و«بنت من البنات».
* لم أشعر يوماً بالغيرة من أحد من زملائي، وما
قدمه أحمد زكي أقل بكثير من موهبته، أما عادل إمام فيمتاز عني في
الكوميديا وإضحاك الناس.
* مستعد لاعتزال الفن في حال موافقة الأزهر على
تجسيدي لشخصية حفيد رسول الله صلى الله وعليه وسلم «الحسين» رضي
الله عنه في عمل فني.
* أكثر شخصية درامية أصابتني بالاكتئاب هي رجل
الأعمال الفاقد للذاكرة «مختار العزيزي» في مسلسل «الرجل الآخر».
* أكسبني تجسيد شخصية خامس الخلفاء الراشدين في
مسلسل «عمر بن عبد العزيز» الهدوء النفسي والسماحة.
* أصابني يحيى الفخراني في مسلسل «الخواجة عبد
القادر» بالذهول، لدرجة أنني كلمته لثلاثة أيام متتالية لأبدي
إعجابي بالمسلسل.
* مررت بأصعب تجربة في حياتي، وهي مرض ابنتي «سارة»
ولم أغضب لعدم انجابي ولداً، وأعشق ابنتي سارة ومي، وربما جاء
الولد ولم يكن صالحاً ويدمر اسمي ويسيء لسمعتي.
* ربطتني علاقة عقلانية موضوعية بعيدة عن أي تحيز
بالرئيس محمد حسني مبارك، وجمعتني به جلسات عديدة في وجود
الموسيقار عمار الشريعي، وهو كان ضد توريث ابنه جمال للحكم، وعرض
عليَّ ذات مرة تولي وزارة الثقافة، ولكنني رفضت لإيماني بأنني
فنان.
* المسلسل التاريخي «عمر بن عبد العزيز» يعتبر أهم
عمل أديته في حياتي، والمشهد الأخير في المسلسل به لحظة تنوير
رباني، وأتمنى عرضه يوم وفاتي، وأذكر أنه لم يتحمس أحد لإنتاج
المسلسل، إلى أن أقنعت صفوت الشريف بضرورة إنتاجه، وأكدت له أنه
أصدق نموذج للدفاع عن الإسلام فوافق.
* أنا مع الرقابة التي تمنع الانحلال وتتصدى لتجار
الدين والجنس، ولكن لا تقيد المبدع.
* أنتجت 9 أفلام كسبت في 7 منها وخسرت في 2،
والغريب أن الفيلمين اللذين خسرت فيهما هما «ناجي العلي» و«آخر
الرجال المحترمين».
* كنت أرغب منذ قدمت «الحاج متولي» أن تعرض أعمالي
خارج السباق الرمضاني، وذلك في ظل التنافس غير المفهوم بالنسبة لي.
محطات في حياته
* 28 أبريل من 1946، ولد محمد جابر في القاهرة،
وأطلق عليه اسم نور جده لوالده، عند ولادته.
* عام واحد، كان عمره حين توفى والده في سن مبكرة
عن 26 عاماً، وتكفل عمه «إسماعيل» بتربيته وشقيقته «عواطف» بعد
زواج والدته من آخر.
* 16 عاماً كان عمره حين ضحى بكرة القدم، حيث كان
يلعب في فريق أشبال نادي الزمالك، وكان عليه الاختيار بين الكرة
والتمثيل الذي فضل دراسته والتفرغ له.
* 150 جنيهاً مصرياً كان قيمة أول عقد وقعه في
حياته.
* 9 أشهر قضاها عاطلاً بعد مشاركته في فيلم «قصر
الشوق»، حيث تعرض لهجوم شديد من النقاد، لدرجة أنهم قالوا إن أسوأ
ما قدمه المخرج حسن الإمام في الفيلم هو الوجه الجديد نور الشريف.
* 6 أشهر أشهر سيئة عاشها خلال الهجوم الشرس على
فيلم «ناجي العلي» وعلى شخصه، حيث اتهمه حتى من لم يشاهدوا الفيلم
اتهامات قاسية، وفكر وقتها في الهجرة إلى إنجلترا للعمل مذيعاً، أو
الكتابة في الصحافة العربية الصادرة من لندن ليستطيع العيش هو
وأسرته.
* 5 مرات تقدم فيها للأزهر طالباً التصريح له
بتجسيد شخصية «الحسين» في عمل مسرحي، خصوصاً أن الشخصية تمثل أحد
أهم أحلامه الفنية، إلا أن الأزهر دائماً كان يرفض السماح له، وهو
كان يرى أن تجسيد مثل هذه الشخصيات أمراً مهماً للأجيال الجديدة،
والتي لا تقرأ التاريخ باستمرار، إلى جانب أنها محاولات ستسهم في
إبراز التاريخ الإسلامي وثقافته وحضارته العريقة.
* 7 من أفلامه اختيرت ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في
السينما المصرية، ليحتل المركز الثاني بفارق فيلم عن شكري سرحان،
والأفلام هي «زوجتي والكلب»، و«أبناء الصمت»، و«الكرنك»، و«أهل
القمة»، و«حدوتة مصرية»، و«العار»، و«سواق الأتوبيس».
* 8 صباحاً كان الموعد الذي يعرفه المقربون منه أنه
الأنسب للتحدث إليه مباشرة، حيث كان يستيقظ مبكراً، ويقرأ الصحف
ويرد بنفسه على التليفون.
«حبيبي دائماً».. 38 عاماً
تُعد قصَّة زواج نور الشريف من بوسي من أجمل قصص
الحب، ثم الزواج سواء على الصعيد الإنساني أو الفني، وكانت مضرب
الأمثال لما يقرب من خمسين عاماً، وكادت قلوب عشاقهما من الجمهور،
ومحبيهم من الوسط الفني والعاملين فيه تنخلع حين وقع الطلاق عام
2006 بعد زواج وحب دام 38 عاماً، قبل أن يعودا مجدداً قبل شهور
أثناء مرض نور.
وكان نور تزوج من الفنانة بوسي عام 1972، بعد قصة
حب كبيرة عرفها كل الوسط الفني والجمهور، حيث بدأ اللقاء بينهما
أمام مبنى التليفزيون بماسبيرو في أحد أيام عام 1967، حيث وقفت
فتاة صغيرة تدعى صافيناز مصطفى قدري، مع شقيقتها «قدرية»، وهي
الفنانة نورا لاحقاً، تنتظر برنامج «جنَّة الأطفال» في التلفزيون
المصري، ووقتها رآها فنظر إليها طويلاً، ودق قلبه بعنف، وتمنى
الزواج من فتاة مثلها.
وبحسب رواية لبوسي أن والدها رفض فكرة ارتباطها
بنور، لأنه كان يرفض زواج ابنته من ممثل حتى لا تتعرض حياتها
للتقلبات وعدم الاستقرار، خصوصاً وأن نور لم يكن قد حقق نفسه
فنياً.
وأمام إصرار أهلها على زواجها من شاب آخر أقدمت
بوسي على محاولة انتحار، فوافقت والدتها في النهاية على رغبة
ابنتها، وبعد وساطة وتدخل من المخرج عادل صادق وأحد الصحفيين تمت
الخطبة في يوم ميلاد بوسي، ليتشاركا بعد الحياة ونحو عشرة أعمال
فنية خلَّدت اسميهما كواحد من أهم وأنجح الثنائيات الفنية المصرية،
ومن أفلامهما التي قدماها معاً «الضحايا»، و«من دون زواج أفضل»،
و«آخر الرجال المحترمين»، و«كروانة»، و«قطة على نار»، و«حبيبي
دائماً»، و«لعبة الانتقام»، و«ليالي لن تعود»، و«العاشقان»، وأسسا
معاً شركة إنتاج خاصة تجمع الحرفين الأولين من اسميهما، وهي: «إن.
بي فيلم» وانتج من خلالها أفلام «دائرة الانتقام»، و«زمن حاتم
زهران»، و«العاشقان».
نور منتجاً
حرص نور الشريف على تقديم العديد من الأعمال
المأخوذة من أعمال أدبية سواء أكانت قصصا أو روايات، كما حدث مع
نجيب محفوظ الذي كان لنور نصيب الأسد في تقمص العديد من شخصيات
رواياته، حيث لعب في السينما بطولة اثنين من أفلام ثلاثيته، وهما:
«قصر الشوق»، و«السكرية» إلى جانب أفلام «دنيا الله»، و«الشيطان
يعظ»، و«قلب الليل»، و«السراب»، و«الكرنك»، و«أهل القمة» ومسلسل
«السيرة العاشورية» المأخوذ عن رواية «الحرافيش»، ولاحسان عبد
القدوس قدم «لن أعيش في جلباب أبي»، ولتوفيق الحكيم «عصفور الشرق».
وإلى جانب قيامه بالتمثيل والإنتاج قام بإخراج فيلم
«العاشقان» الذي قام ببطولته أمام بوسي، إلى جانب مسرحية «محاكمة
الكاهن» 1994.
«صائد الجوائز»
حصل نور الشريف خلال مشواره الفني على العديد من
الجوائز والتكريمات فلقب بـ «صائد الجوائز»:
. أول أفلامه «قصر الشوق» الذي حاز عن دوره فيه على
شهادة تقدير.
. الجائزة الأولى من هيئة السينما والمسرح
والموسيقى التابعة لوزارة الثقافة عن فيلم «قطة على نار».
. أحسن ممثل أول عن «الكرنك» من جمعية الفيلم 1977
في مهرجان السينما المصرية الثالث.
. أحسن ممثل من الجمعية المصرية لفن السينما عن
دوره في فيلمي «حدوتة مصرية»، و«الطاووس».
. الممثل الأول عن دوره في «مع سبق الإصرار» 1979
في مهرجان جمعية الفيلم للسينما المصرية.
. جائزة التمثيل لدور أول رجال عن «مع سبق الإصرار»
1980 من المركز القومى للسينما.
. جائزة التقدير الذهبية من الجمعية المصرية لكتاب
ونقاد السينما عن «أهل القمة» 1981.
. جائزة أحسن ممثل دور أول عن «عيون الصقر» 1984 في
مهرجان الإسكندرية السينمائي الثامن. . . . أحسن ممثل سينمائي في
عشر سنوات عن مجموع جوائزه في الفترة من 1975 إلى 1992.
. جائزة من مهرجان نيودلهي عن «سواق الأتوبيس».
. أحسن ممثل عن دوره في «ليلة ساخنة»
. أحسن ممثل عن «أولى ثانوي» من مهرجان الإسكندرية
1999.
جوائز عن أدواره في أفلام «يا رب توبة»، و«ضاع
العمر يا ولدي»، و«حبيبي دائماً»، و«الكرنك»، و«العار»، و«أهل
القمة»، و«الشيطان يعظ» الذي حصل عنه على جائزتين.
حكايات ومواقف
* رشح أحمد زكي بدلاً منه للقيام ببطولة فيلم
«البريء»، وأكد للمؤلف وحيد حامد الذي عرض عليه الفيلم أن زكي أنسب
منه للشخصية، وهو ما تحقق لاحقاً.
* عشق التصوير ولم تكن تفارقه الكاميرا، لدرجة أنه
كان يدخل البلاتوه وينظر إلى أماكن وضع مصابيح الإضاءة، ويطلب من
العاملين بعض التعديلات عليها.
* كان يكلف أحد أصدقائه في نقابة المهن السينمائية
بعمل كشف يضم أسماء السينمائيين الذين هم في حاجة إلى الأموال،
خصوصاً في شهر رمضان، ويقوم بإرسال مظروف مغلق يحتوي على مبلغ من
المال لهم دون أن يعلم أحد، كما كان يضع سنوياً مبلغاً في صندوق
المعاشات بنقابة الممثلين المصرية.
* كان ينوي استكمال تصوير مسلسله الذي توقف بعدما
صور منه 5 أيام في بداية 2011 وقبل ثورة 25 يناير مباشرة «قبل
الشوطين» من تأليف عبد الرحيم كمال، كما تعاقد العام الماضي على
بطولة «ولاد منصور التهامي» من تأليف مصطفى محرم وإخراج سميح
النقاش، ولكن مرضه أجل العمل.
* لم يمانع في الظهور عارياً في فيلم «ليلة البيبي
دول» لينقل جحيم سجن أبو غريب كما يجب.
«رهان» على الوجوه الشابة
كسب نور الشريف رهانه على الوجوه الشابة التي منحها
فرصة الوقوف أمامه في العديد من أعماله الفنية، ومن أشهر من دفع
بهم في أعماله الفنانة سوسن بدر التي اختارها، وهي لا تزال طالبة
في المعهد العالي للفنون المسرحية للمشاركة بدور مهم في فيلم
«حبيبي دائماً»، وفي التلفزيون أعطى فرصة كبيرة لعدد من الوجوه
الشابة لتجسيد أدوار مهمة، وفي مقدمتهم حلا شيحة التي جسدت دور
ابنته والفنانة ميرفت أمين في مسلسل «الرجل الآخر».
وكرر الأمر نفسه في العمل ذاته مع أحمد رزق، وأحمد
زاهر، وفي مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي» دفع بمحمد رياض في دور
ابنه «عبد الوهاب»، وشارك في العمل نفسه من الوجوه الشابة حنان
ترك، ووفاء صادق، وإيناس مكي، ومنال سلامة، وفي «عائلة الحاج
متولي» دفع بمصطفى شعبان الذي جسد شخصية ابنه «سعيد»، كما شارك فيه
من الوجوه الشابة سمية الخشاب، ونورهان، ومونيا.
وفي المسرح كان له الفضل في تقديم منى زكي في
مسرحية «يا مسافر وحدك»، وفي «الدالي» قدَّم العديد من الوجوه من
بينهم حسن الرداد، وعمرو يوسف، وأحمد صفوت، وأيتن عامر، ودينا
فؤاد، ومي نور الشريف، وإيناس كامل، و«في حضرة المتهم أبي» قدَّم
زينة، وكريم كوجاك، وشريف سلامة، وسماح السعيد، وإيمان العاصي التي
قدمت شخصية «نجار»، وفي «الرحايا»، و«عرفة البحر» استعان بعدد كبير
من طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية. |