الداعية منتجا سينمائيا، ومشاكل تمويل الأفلام المصرية
بقلم: انتصار دردير
خطف الداعية الاسلامى معز مسعود الأضواء من الجميع بظهوره على
السجادة الحمراء جنبا الى جنب مع المخرج محمد دياب وأبطاله ليلة
العرض الأول للفيلم المصرى «اشتباك»، المشارك فى مسابقة «نظرة ما»
بمهرجان كان السينمائى ضمن دورته الـ69، ولفت الأنظار بصعوده على
خشبة المسرح مع فريق العمل ليفاجأ الحضور أن الداعية الشهير هو أحد
المشاركين فى تمويل الفيلم مع المنتج محمد حفظى وبمشاركة كل من
ألمانيا وفرنسا والامارات العربية المتحدة.
المفاجأة
أذهلت السينمائيين المصريين فى كان والقاهرة، ذلك أنه طوال فترة
التصوير لم يعلن هذا الأمر وأحيط بكتمان متعمد من جانب مجموعة
الفيلم وفوجئ الجميع بتصريحات الداعية على «تويتر» التى قال فيها
«فيلم اشتباك انتاج مشترك بينى وبين عدة منتجين عالميين، وهو
امتداد لتعاونى الفنى مع محمد وخالد دياب بعد برنامج خطوات
الشيطان»، وعبر الداعية عن سعادته بنجاح الفيلم فى المهرجان
والقبول الذى لاقاه.
وبعيدا عن تقييم الفيلم الذى لم نشاهده بعد، والاهتمام الإعلامي
الغربى ونقاد السينما العالميين للعمل، فعلى مدى الأيام الماضية
حصد كما من الكتابات النقدية في أهم الصحف والمطبوعات الدولية،
خصوصا بعد اختيار إدارة المهرجان للمرة الأولى فيلما عربيا لافتتاح
تظاهرة «نظرة ما»، ويتوقع البعض أن يفوز بإحدى الجوائز عند اعلان
النتائج يوم الاحد المقبل.
وبرغم ذلك كله، فإن مشاركة الداعية فى الإنتاج أثارت موجة من الجدل
بين الترحيب والاستنكار والاستغراب، عما شجع معز مسعود لتمويل هذا
الفيلم، وماهى الرسائل التى أرادها من خلاله، وهل سيستمر فى
الانتاج، وهل يستقل بانتاج أفلام بمفرده فيما بعد، وبالطبع جاءت
اجابات الداعية عبر تصريحاته في مهرجان كان لتفتح المجال للتخمينات
وتزيد التساؤلات، حيث قال: «مشاركتي في إنتاج «اشتباك»، جاءت ضمن
مشروعي لتطوير الأدوات التي أعبر بها عن رسالتي الإنسانية، وأنوي
المشاركة في إنتاج أفلام أخرى عالمية تخاطب الغرب مباشرة وأعكف على
التحضير لها منذ فترة»، وقد يتعاطف البعض مع فكرة دخول داعية
اسلامى مستنير تخرج فى الجامعة الأمريكية، ويحظى بقبول لدى قطاعات
من الشباب مجال الانتاج السينمائى، لكن هواجس البعض الآخر حول
«التمويل والأفكار» التي يريد طرحها، تجعل من فيلم «اشتباك» وأي
أعمال أخرى للداعية المنتج في منطقة خطر الرصد والتقييم الديني لا
الفني، وسيرتكز الهجوم عليه من باب علاقة باحث الدكتوراة في قسم
الإلهيات بجامعة كمبريدج بعالم السينما المغاير تماما لعالم الدعاه،
بل ان فئة ابناء مجاله الذين ادخلوا الفن دائرة التحريم المطلق دون
تفرقة بين الغث منه والثمين، هم أول من سيطلقون سهامهم عليه.
إن مشكلة التمويل، هى أكبر المشاكل التى واجهت ولاتزال السينما
المصرية منذ رفعت الدولة ايديها عن الانتاج، وتعثر الدعم الذى
تقدمه وزارة الثقافة لانتاج الأفلام ودخوله فى متاهات اللجان
المختلفة، ثم ذهابه الى أفلام لاتستحق فى أغلب الأحوال، وبالتالي
تراجع حجم الانتاج السينمائى كما وكيفا مع غياب المنتجين الكبار
الذين تركوا الساحة خاوية أمام منتجى الأفلام الهابطة فنا وفكرا،
فقدموا صورة مشوهة للمجتمع، ومن ثم يأتي التساؤل الأهم، لماذا يبقى
الانتاج السينمائى فى مهب الريح، وتبقى السينما مثل أشياء كثيرة فى
بلادنا فى حالة مخاض. يبدو بالفعل أن فيلم «اشتباك» سيكون له نصيب
من اسمه عند عرضه في مصر.
كريستيان مانجو.. تحميل السينما بما لا تحتمل
«كان»
ـ هدى ابراهيم
لا يعتبر كريستيان منجو من المخرجين المكثرين، ففيلمه الجديد
«بكالوريا» شريطه الخامس، وقد ذاع صيته كسينمائي مميز منذ ظهور
عمله الاول «الغرب» (2002) الذي قدم في تظاهرة «اسبوعي المخرجين»
في مهرجان كان السينمائي تلاه فيلمه الاشهر «اربعة اشهر وثلاثة
اسابيع ويومان» الذي نال السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي
عام 2007، تبعها حصول الفيلم على سلسلة قيمة من الجوائز عبر
العالم.
وعاد مانجو الى مهرجان كان مع شريط «فيما وراء التلال» لتنتزع
بطلته جائزة افضل اداء عام 2012.
في تجربته الجديدة الواقعية دائما، يصور مانجو الحياة المبنية على
سلسلة من التنازلات لأب خمسيني، طبيب معروف، ربى ابنته على مبادئ
تنازل عن بعضها هو نفسه، حين طالت ورطة مؤذية، ابنته التي كان
يحاول ان يؤمن لها مستقبلا افضل من مستقبله.
كل شيء كان معدا لان تذهب الابنة الذكية والمتقدمة في الدراسة
للالتحاق بجامعة في بريطانيا، لم يبق سوى امر شكلي لاتمام ذلك،
الحصول على البكالوريا. كيف لا وهي مجتهدة تحصل على ارفع العلامات
طوال العام!
غير ان محاولة الاعتداء عليها عشية الامتحانات تغير من هذا الواقع
وتدفع الأب دفعا نحو تلك التنازلات التي رفضها طوال عمره، بينما
تبدو كل مخططاته الجاهزة مهددة بالنسف جراء حادث خارج عن ارادته.
في محاولته ان يسلك مسارا مختلفا عن المبادئ التي اعتمدها طوال
حياته، تفاديا للخسارة المحتمة التي اصيبت بها ابنته، يخسر الاب
على كل الجبهات وينهار العالم الذي كان يعتقد انه صلب من حوله.
تنازله يفقده الكثير من الاحترام الذي كانت تكنه له ابنته وصورته
الماضية تصبح عندها مهتزة هشة.
الأب المثالي يعود ليقف اعزلا امام محيطه المباشر والاوسع. فما كان
مقبولا منه من زوجته وعشيقته قبل السقوط، لا يعود مقبولا بعده.
من خلال قصة الطبيب وابنته، يصور المخرج كيف ان الانسان داخل
المجتمع الروماني الحديث يصنع لنفسه الشرنقة التي ستنقفل في
النهاية عليه، ينسجها خيطا خيطا مدفوعا بوعيه القلق ومحاولته تغيير
الاشياء. لكن الواقع هنا يبدو مثل بكرة الفيلم، متى انطلقت تصعب
اعادتها.
والمخرج عبر شريطه، يمتحن وعي المواطن الروماني وكمية الفساد
المتفشية في قلب الطبقة المتوسطة التي تمارس نفوذها الكامل للوصول
الى اغراضها في مختلف القطاعات، ولتصبح هذه التقنية الاجتماعية،
بديهة تسير امور البلاد، ومن دونها يتغير الكثير من الاشياء في
حياة الفرد، بل ان المجتمع الذي يولدها يمكن ان ينهار.
في «بكالوريا» كما في افلامه السابقة يتابع مانجو حبك سينماه
الواقعية الاجتماعية، وهو ينتقل هذه المرة الى جيل الآباء، في
الطبقة المتوسطة، ممن غادروا البلاد ايام تشاوشيسكو وعادوا اليها
بعد رحيله. ويكشف الفيلم كيف ان الحياة مبنية في العموم على مجموعة
من الاكاذيب والحيل والتواطؤات والاخفاءات والتلاعبات، بدونها يبدو
الفرد خاسرا وعاريا وهو خاسر في كل الاحوال.
نعم، لأن الكذب يجر الكذب والكذبة تدفع لاختراع اكاذيب اخرى
للتغطية على الكذبة الاصلية، ليس من قبل الطبيب وحده بل من قبل
اصدقائه الذين يتفهمون وضعه ويحاولون مساعدته على تجاوز المشكلة.
هذه الاكاذيب أو التسترات على المستوى العام، تواكبها الاكاذيب على
مستوى الحياة الشخصية وحيث كلما طالت الكذبة كلما صعب التخلص منها،
لكن المخرج، يرمي باكثر من خيط ليبني السيناريو. بعض هذه الخيوط
يبقى معلقا ويضفي على القصة التي تحاول تجسيد الوعي القلق، مزيدا
من البرودة والتعقيد والالتباس ايضا.
والفيلم حين يتكلم عن الفساد الراهن في رومانيا والفشل في بناء
دولة نظيفة في مرحلة ما بعد تشاوشيسكو، يثير قضية الفساد بشكل عام
في كل بقعة من الارض حيث تتشابه الآليات كما تتشابه النتيجة، وحيث
المجتمع يعتبر أكبر متبن وحاضن لهذه الأساليب.
الاب هنا يحاول ان يقرر عن ابنته التي تدعوه اكثر من مرة ليتركها
تأخذ القرار بنفسها لكنه يصر على الاعتقاد بانه أفهم منها فيما
يتطلبه مستقبلها واقدر منها على تصور هذا المستقبل بشكل افضل مما
تتصوره هي. ذلك نابع ايضا من خيباته المهنية وفي الحياة بعد تجاوزه
الخمسين، وحيث لم يعد بامكانه تغيير الشيء الكثير فيما يخصه.
فنيا يصور كريستيان مانجو شريطه بانسجام مع اعماله السابقة
بالاعتماد كثيرا على طريقة التصوير المسرحي التي تقضي بتصوير
المشهد باكمله دفعة واحدة، ليأتي الفيلم بمضمونه وشكله ثقيل الوقع
على المشاهد، الذي قد يلتبس عليه الامر احيانا ضمن محاولات التغطية
المتكررة التي يعمد اليها الطبيب.
اما الممثل الثقيل الحركة لكن الجيد الاداء فيعتبر مرشحا محتملا
لجائزة افضل ممثل، عن هذا الفيلم الكثيف الى درجة اكبر من طاقة
السينما على الاحتمال واكبر من ادواتها.
«بكالوريا»
هو الفيلم الروماني الثاني في المسابقة الرسمية لمهرجان كان
السينمائي التاسع والخمسين، بعد شريط «سيرانيفادا» للمخرج كريستي
بيو، والعملين رغم اختلافهما، يقدمان صورة سوداء عن الواقع في
رومانيا، ويجسدان حضورا مشرفا ومتجددا لهذه السينما في مهرجان كان.
أصغر فرهادي في «البائع».. رهافة الحكي والفيلم الأحق بالسعفة
«كان»
ـ هدى ابراهيم
«البائع»،
الفيلم ما قبل الأخير في السباق الى السعفة الذهبية لمهرجان كان
السينمائي في دورته الـ 69، والذي كان آخر فيلم يتم الاعلان عن
مشاركته في المسابقة، بعد المؤتمر الصحفي التقليدي للمهرجان،
وسيكون آخر فيلم يعرض في هذه الدورة وسيقدم عرضه الاحتفالي بحضور
نجوم العمل وسائر النجوم مساء اليوم.
وكشفت مصادر مقربة من الإنتاج الفرنسي لهذا الفيلم «مومنتو» ان
اختياره للمهرجان جاء اثر ضغوطات مارسها المنتج، بهدف تقديم آخر
انجازات مخرج نال كل الجوائز ولم يبق له الا السعفة الذهبية
لمهرجان كان لقطفها.
وسبق
لأصغر فرهادي الحصول على جوائز الأسد الذهبي في البندقية، الدب
الذهبي في برلين، عن «انفصال» الذي حصل اكثر من 70 جائزة رفيعة
بينها الأوسكار والسيزار والغولدن غلوب.
هناك اذن، ما يدعو للتفاؤل في هذا المعطى بحد ذاته، اذ درجت لجان
التحكيم في السنوات الاخيرة، معظم الوقت، على منح السعفة لفيلم عرض
في اليومين الأخيرين من المهرجان.
لكن قد لا يكون الأمر كذلك، خاصة، اذا عدنا لمقولة الكاتبة
الفرنسية مارغريت دوراس التي اعتبرت في مقالة لها عن المهرجان في
السبعينات، ان الامر في لجان التحكيم الادبية والسينمائية عبارة عن
«عمليات تنازلات».
واوردت دوراس حرفيا في نص استعادته «المجلة الادبية» بخصوص لجنة
التحكيم في مهرجان كان: «ليس الفيلم الجديد، الخاص، هو الذي يحصل
على اغلبية الاصوات (في لجنة التحكيم)، وانما هو ما اسميه الفيلم
الثالث، هذا الفيلم الذي لا يحبه احد ولا يكرهه احد لكن الذي يقبل
به الكل. ما اريد قوله ان هذه الكوميديا تتكرر كل مرة، في جائزة
الغونكور وفي جائزة فيمينا».
ويعتبر البعض انه حان الوقت لكي تحصل ايران على سعفة ثانية من
مهرجان كان السينمائي، ويبدو فرهادي السينمائي الإيراني الاكثر
نجاحا وحيوية في السنوات الاخيرة، والاكثر تقدما وحداثة في جيله
ويبرز خاصة في ظل تراجع اعمال محسن مخملباف وغياب كياروستامي بسبب
المرض واحتكار مهرجان برلين لأعمال جعفر بنهي.
في كل الأحوال فإن فيلم «البائع» الذي اقتبس عنوانه عن مسرحية
للكاتب المسرحي آرثر ميلر والذي أراد فرهادي من خلاله تقديم تحية
للمسرح الذي درسه وسجل فيه بداياته الفنية، يقدم مستوى عال من
الرقي والحرفة في صناعة العمل السينمائي كما يأتي خاصا ومختلفا في
قوته ورشاقته ورهافته في حكاية القصة، التي لا تغيب عنها المعاني
الانسانية والتي تتيح ايضا مستويات قراءة متعددة.
منذ اللحظة الاولى يأسر فرهادي مشاهده ويأخذه الى امكنة لا يتوقعها
ويدخل معه الى المسرح ليلحق بعماد ورنا، هذين الزوجين الشابين، في
حياتهما أو الناشطين في المجال المسرحي. يقوم بأدائهما «تهاني علي
دوستي، شهاب حسيني» اللذين عملا مع المخرج الايراني في السابق.
مرة جديدة يدخل فرهادي الى قلب الأسرة الايرانية في المكان
المديني، يعالج مشاكلها، واقعها، ايمانها وشكها، وتقلبات مزاجها.
وينتمي الشابان الزوجان الى الطبقة الوسطى في المجتمع الايراني،
وهما من المثقفين.
يحدث ان يقلب تهديد انهيار البناء الذي يعيشان فيه بسقوط المبنى
حيث بيتهما، بسبب الفساد المستشري في طهران، ما يدفعهم للبحث عن
سكن آخر، في مكان آخر يأتي لهم بالمفاجآت.
الملفت في الفيلم، هو هذه اللغة البسيطة دائما لدى فرهادي، لكن
المشغولة ببراعة حكّاء من الطراز الرفيع، يرسم بالصورة والكلمة،
علامات منمنة فارسية قديمة، مشغولة بأناقة وتظل جذابة مهما كانت
صورتها بسيطة
بل ان في اعمال فرهادي جاذبية مغناطيسية، تجعل المشاهد يدخل الى
قلب الفيلم ويخوض بنفسه نوعا من تحقيق بوليسي من بداية الفيلم الى
نهايته، ولعل هذا ما يجعل من اعماله السينمائية تجارب آسرة.
من منظور الأسرة، يعود فرهادي لمناقشة أفكار وقيم مثل الخطأ
والصواب، الثواب والعقاب، البراءة والاتهام، الاثم والطهارة،
التسامح والعفو أو الانتقام. كل هذه القضايا يثيرها الفيلم بعد
حادثة تتعرض لها المرأة. وفي حين تبدو المرأة الضحية أقرب الى
الصفح يبدو الرجل مائلا اكثر للانتقام والثأر.
ويكون من شأن الحادث أن يسلط الضوء على ابعاد في شخصية كل من
الزوجين كانت مجهولة منهما، خصوصا لجهة التركيبة النفسية، ما يربك
العلاقة بينهما ويضعها تحت تهديد الانتهاء.
وقوفهما أمام الأزمة يكشف عن جوانب في شخصياتهم، كانا يجهلانها،
حين كانا يعيشان حياة من دون مشاكل، والفيلم يوسع حدود المتاح في
ايران، حيث يستمع الزوجان للموسيقى على العشاء، أو تكشف المرأة عن
شعرها قبل النوم..
مرة جديدة، يعالج فرهادي موضوعا يحاول تصوير تعدد وتعقيدات المشاعر
الانسانية وبالتالي العلاقات، وهي ليست دائما بيضاء أو سوداء. حين
ينوي عماد الزوج الانتقام من الرجل الذي حاول اغتصاب زوجته، يسجنه
في البيت ويقفل عليه، لكن مع بوادر الأزمة القلبية التي يعاني
منها، يركض مثل المجنون لجلب الدواء له.
كل هذه المشاعر، تبدو نائمة، حتى يأتي ما يستفزها ويحركها، والمخرج
يترك الامور معلقة، نحن لا نعرف في نهاية الفيلم ان كان البائع
المتجول قد مات، أم بقي على قيد الحياة، وبناء عليه لا نعرف ان كان
الزوجان استمرا في العلاقة أو انتهيا الى الطلاق، كل ذلك يتركه
الفيلم معلقا، لكن الموت الحقيقي للبائع كان سيكون امام عائلته لو
اكتشفت محاولته ان يغتصب رنا، وهو ما كان زوجها عماد ينوي القيام
به.
ويرتبط الفيلم كثيرا بالمكان، العاصمة طهران، التي تتحول بشكل
عشوائي سريع الى درجة تدفع عماد للقول: «لو كان بمقدوري هدم هذه
المدينة تماما واعادة بنائها كنت فعلت». المدينة التي تصبح مرادفة
لحياة سكانها الذين يعيشون ضمن هذه الفوضى.
واذا كان البيت في أعمال فرهادي التي تتناول شأن العائلة يلعب دورا
محوريا، فان المدينة هنا، في تحولاتها المستمرة والمتسارعة تلعب
هذا الدور ايضا، وتحولاتها هذه كانت السبب في كل ما جرى: في ولادة
حكاية الفيلم.
كل شيء قديم في طهران تتم إزالته، المباني والحدائق العامة لتتحول
المدينة الى غابة فوضوية من ابراج الباطون، تأخذ معها الروح والقيم
التي كانت تسكن المكان، ليبدو الكل مصابا بفقدان البوصلة.
سيناريو الفيلم يتوالى، محكما، بضربات المعلم الصغيرة والكثير من
اللا متوقع: «المسرح لعب دورا مهما في حياتي وانا بدأت تطوير
القصة انطلاقا من حياة شخصيات المسرحية، عن كيف يعيش الممثل حياته
وما هي الصعوبات التي تعترضه» يكشف فرهادي.
وبعد اليست الحياة بحد ذاتها مسرحا دائما للامعقول!
«البائع»
لاصغر فرهادي من الأفلام الجديرة بانتزاع السعفة الذهبية هذا
العام، معه عاد المخرج للألق الذي عرفه مع فيلمه ما قبل السابق
«انفصال» والذي تلاه فيلم «الماضي» الذي بدا اقل أفلام المخرج جودة
واكثرها افتعالا. هنا عودة للسينما المسترسلة التلقائية، الى درجة
ننسى معها السينما.
الفيلم يملك تاريخا للخروج الى الصالات في فرنسا وسيخرج في الثامن
من تشرين الثاني، نوفمبر المقبل. هذا الفيلم يأتي بعد شريط
«الماضي» الذي قدم قبل عامين في مهرجان كان السينمائي، ونال عنه
جائزة الاخراج، وحكى قصة فرنسية تماما، لكنه بدا اضعف أفلامه،
والمثير في الأمر أن فرهادي صرح بأن فيلمه الذي صوره في ايران
انجزه بانتظار تمام انتاج فيلم كتب السيناريو له قبل «البائع»
وسيصوره قريبا في اسبانيا.
جائزة لجنة التحكيم الكنسية في «كان» للمخرج الكندي كزافييه دولان
«كان»
ـ سينماتوغراف: هدى ابراهيم
تم منذ قليل، اعلان جائزة لجنة التحكيم الكنسية التي منحت جائزتها
في الدورة الـ69 لمهرجان كان السينمائي للمخرج الكندي كزافييه
دولان عن فيلمه «إنها
فقط نهاية العالم»، والذي استند إلى مسرحية كتبها جان ـ لوك لاغارس
الذي توفي جراء مرض الايدز عام 1995 بعمر 38 عاما، أي أكثر بأربع
سنوات من عمر بطل مسرحيته التي أعدها دولان الى السينما.
وتدور أحداث الفيلم حول كاتب يعود الى عائلته بعد غياب نحو 12 عام
من أجل أن يعلن لهم عن اقتراب رحيله عن العالم جراء اصابته بمرض
عضال، ولم يحدد الايدز الذي توفي بسببه مؤلف المسرحية نفسه.
وتعد تلك المحاولة الثانية بين أفلام دولان الروائية الستة
للاعتماد على نص مسرحي ونقله الى الشاشة، اذ سبق أن اعتمد على نص
كاتب كندي آخر هو ميشيل مارك بوشار في فيلمه «توم في المزرعة» عام
2013.
«طوني
آدرمان» و«دوغز» و«غريڤ» يحصدون جوائز «فيبريسي» لـ«كان 69»
«كان»
ـ سينماتوغراف: هدى ابراهيم
تم منذ قليل، اعلان جائزة النقاد الدوليين «فيبريسي»، للدورة الـ69
لمهرجان كان السينمائي، وكانت كما يلي: في المسابقة الرسمية ذهبت
الجائزة للفيلم الالماني «طوني آدرمان» من اخراج مارين آدي، في
نظرة ما للفيلم الروماني «دوغز» لبوغدان ميريسا، وفي اسبوع النقاد
لفيلم «غريڤ» من اخراج الفرنسية جوليا ديكورنو.
وفيلم
«Toni Erdmann»
للمخرج مارين ادى، من بطولة ساندرا هولر، بيتر سيمونيشيك، لوسى
راسل، وتدور أحداثه حول وينفريد الذى يعمل مدرسًا للموسيقى، ويبلغ
من العمر 65 عاما، ويعيش فى سلام مع كلبه، بينما تسافر ابنته إينيس
حول العالم تبعًا لظروف عملها، وهو ما يجعلهما يقفان على طرفى
نقيض، وبعد موت كلبه، يقرر وينفريد أن يبدأ زيارة ابنته التى لم
يكن يزورها فى السابق.
أما الفيلم الروماني «كلاب» فهو الفيلم الأول للمخرج بوغدان
ميريسا، الذي يصور كيف يعود شاب من المدينة الى القرية الأصلية
التي ينتمي إليها والتي تقع في منطقة نائية، لكي يبيع قطعة الأرض
التي ورثها مؤخرا عن جده، وبينما يبذل جهده لبيع قطعة الأرض، يشهد
الشاب الكثير من الأحداث الغريبة التي تقع من حوله، ثم يجد نفسه
أيضا عرضة للتهديد، ويصبح كل هدفه بالتالي هو النجاة بأقل خسائر
ممكنة.
وفيلم
«Grave»
الفرنسي لفت انتباه جميع الأشخاص غير النباتيين، فهو فيلم دموي
بشكل مثير يروي انتباه امراة شابة لاحتياجاتها الجسدية وتوظيف كل
حواسها من اجل ذلك، خلال مذبحة تكساس التي صورها الفيلم بشكل عاطفي
وشاعري.
المخرج الإيراني أصغر فرهادي:
السينما شكل من أشكال المقاومة
«كان»
الوكالات ـ سينماتوغراف
قال المخرج الإيراني أصغر فرهادي المرشح للفوز بجائزة السعفة
الذهبية بمهرجان كان السينمائي عن فيلمه «سيلزمان ـ البائع» إنه
يرى الفن شكلا من أشكال المقاومة. ويركز الفيلم على زوجين يجدان
الحياة الفكرية للطبقة المتوسطة المنتميان إليها تتمزق بعد تعرض
الزوجة لهجوم في منزلها في طهران. ويحاول الاثنان مواصلة الحياة.
وبعد «سيبريشن ـ انفصال» الذي فاز بجائزة أفضل فيلم أجنبي في
أوسكار 2012 غاص فرهادي في الحياة اليومية في طهران التي تعاني من
المضاربات في العقارات.
وقال فرهادي في مقابلة قبل عرض الفيلم مساء اليوم السبت في مهرجان
كان «أكبر وأقدم علاقة في تاريخ البشرية هي العلاقة بين زوجين.
علاقة الحب بين رجل وامرأة».
وأضاف قائلا «لكن رغم كونها (علاقة) قديمة وكلاسيكية ما زلنا نشعر
بأن الكثير فيها لم يكتشف بعد لأنه بمجرد اجتماع رجل وامرأة تظهر
كل المشكلات والصعاب من البداية وكأن أحدا لم يتعلم الدرس مما حدث
في السابق».
وقال فرهادي «بسبب هذه الصعاب أشعر بأنها (العلاقة الزوجية) أثرى
علاقة يمكن العمل عليها واستخلاص قصص منها».
وتعرض هذه الموضوعات وسيلة للمقاومة.
وقال «السينما واحدة من أكثر الظواهر المدهشة وغير المتوقعة في
المجتمع الإيراني. وبالنظر للضغوط التي يعيشها الشعب الإيراني فلا
شيء يمكن أن يقاوم مثل السينما والفن لأن الوضع كان سيحتم القضاء
عليه بشكل أو بآخر».
وأضاف «لكن ما حدث كان العكس تماما وكان هذا ردا مبدعا على الضغوط
والقمع».
«أسعد
يوم فى حياة أولى ماكى» يفوز بـ«نظرة ما» في مهرجان كان
«كان»
ـ سينماتوغراف
اعلنت لجنة تحكيم مسابقة «نظر ما» في مهرجان كان السينمائي الـ69
جوائزها لعام 2016، حيث تسابق 18 فيلما من 20 دوله، وكانت سبعة من
تلك الأعمال أفلاما أولى لمخرجيها، وكان فيلم الافتتاح لتلك
المسابقة هو الفيلم المصري «اشتباك» للمخرج محمد دياب والذي خرج
خالي الوفاض من أي جوائز، وتألفت لجنة تحكيم المسابقة من مارت كيلر
(ممثلة – سويسرا)، رئيسا، وعضوية كل من، دييغو لونا (ممثل ومخرج
ومنتج – المكسيك)، روبن اوستلوند (مدير – السويد) وسيلين سالتي (
الممثلة – فرنسا)، ولخصت اللجنة رؤيتها للافلام التي جاءت غنية
بالاكتشافات السينمائية والرؤى عن عالمنا، ومعالجة موضوعات الأسرة
والسياسة واختلاف الثقافات. وكانت الجوائز كما يلي:
فاز بجائزة القسم فيلم «أسعد يوم فى حياة أولى ماكى
The Happiest Day in the Life of Olli Maki»
للمخرج
Juho Kuosmanen
، فيما نال جائزة أفضل مخرج «مات روس» عن فيلمه
Captain Fantastic
الكابتن المذهل.
أما جائزة لجنة التحكيم فكانت من نصيب فيلم
Harmonium
للمخرج
Koji Fukada
وجائزة أفضل سيناريو ذهبت الي فيلم
The Stopover،
بينما جاءت جائزة لجنة التحكيم الخاصة من نصيب فيلم
The Red Turtle
للمخرج
Michael Dudok de Wit. |