نجمات «كان» على الشاشة وخارجها.. الحياة بحلوها ومرها
رسالة «كان» ــ خالد محمود:
•
الدورة 69 أنهت سيطرة الرجال.. والنساء لم يخذلن المهرجان
•
كريستين ستيوارت وساندرا هولر وسنية براجا الأبرز.. وجاكلين خوسيه
المفاجأة الكبرى
•
فتيات يصطففن يدعونك لقبلة مقابل دعوة لحضور أحد الأفلام تشارليز
ثيرون.. أداء رائع فى فيلم باهت
شكل الوجود النسائى فى مهرجان «كان» السينمائى الدولى، الذى اختتم
دورته الـ69، قبل أيام، مشهدا لافتا، سواء كان على شاشة المهرجان،
حيث كانت حاضرة بأدوار قوية ملهمة، موجعة، صادمة، مبهجة، تعكس
الحياة بحلوها ومرها، أو خارج الشاشة أمام قصر المهرجانات والشوارع
المحيطة، حيث تحار عيناك بين فتيات جميلات ترتدين أجمل ثياب
السواريه والشمس مازالت تشرق بوجهها تحتضن المكان للتاسعة مساء،
وعطرهن يفوح بنسيم هو كل الحياة، يصطففن يدعونك لقبلة مقابل دعوة
لحضور أحد الافلام، وهكذا الأمر يوميا.
انفجرت المرأة ابداعا وهى تتقمص شخصيات داخل صالة العرض، كما توهجت
بريقا وحياة خارجها، ليبقى الرهان النسائى فى المهرجان هذا العام
حالة خاصة.
منحت أفلام المسابقة الرسمية العديد من الفرص للظهور النسائى، وهو
ما لم يكن يحدث كثيرا من قبل حيث كانت هناك شكوى دائمة من أن معظم
الأفلام الكبيرة هى سينما خاصة أكثر بالرجل، وقد اشتكت نجمات
السينما طويلا، من أن السينما فى شكل عام والسينما الأمريكية فى
شكل خاص، لا تعطى المرأة الكثير من الأدوار القوية على الشاشة.
لكن «كان» قلب الآية وبعدما حظيت أدوار النساء بالاعجاب.. كسب
المهرجان الرهان، ليس فقط بتقديمة أسماء حضرت بقوة من المخرجات مثل
البريطانية أندريا أرنولد بفيلم
American Hone
والتى استحقت عن جدارة الفوز بجائزة لجنة التحكيم، والمخرجة
والممثلة الفرنسية نيكول جارسيا بفيلمها «من الارض للسماء»From
The Land of The Moon،
والمخرجة الامانين مارين آدى صاحبة فيلم
Toni Erdman،
ولكن من الممثلات ايضا اللاتى أخذن فرصة كبيرة وملئوا الشاشة بريقا
وتميزا.
من بين هؤلاء النجمة كريستين ستيوارت فى فيلم «متسوق شخصى»
Personal Shopper
الذى تدور أحداثه فى إطار أقرب لدراما الرعب، حيث جسدت ستيوارت
شحصية فتاة تواجه توترات نفسية كبيرة والتى تعمل كمتسوقة شخصية
لاحد الشخصيات الشهيرة فى فرنسا، لكنها تفاجأ بظهور شبح أخيها الذى
توفى فى شبابه لاصابته بمرض فى القلب وتظل فى التحدث مع شبح اخيها
طوال أحداث الفيلم.
ولم يكن عدم فوزها بجائزة يقلل من حجم إجادتها وبراعتها، فدائما
تذهب جائزة المهرجان لشخصية واحدة فى ظل منافسة كبيرة.. كريستين
قالت إنها تعلمت الكثير من النجمة جوليت بينوش أثناء عملهما معا فى
فيلم «سيلس ماريا» وقد استدعت تلك الدروس وبحثت بجدية قبل أن تصور
فيلمها الجديد مع أوليفيه اسايس.
الممثلة الألمانية سندرا هولر كشفت عن توهج كبير فى فيلم «طونى
ايردمان» مع المخرجة كارين ادى، ولعبت بلغة أداء متناغم المشاعر
دور «ايناس» الموظفة التى تعمل كمستشارة فى شركة ألمانية ببوخارست،
وتضحى بكل شىء لأجل مهنتها وطموحها، حديدية «متوترة لا شىء يثنيها
عن هدفها، لا اللهو ولا العائل ولا وقت للحب أو الترويح عن النفس،
ولا للصدق. كل ما هو خارج عن العمل زائد وزائف، تنتمى وتتحرك
بمفردات العولمة الكبيرة والتى تريد أن تعيش حياتها ونجاحها
الاجتماعى دون أن يعرقلها أبوها الذى يلاحقها فى كل مكان، ليثبت
لها ان الحياة بدون لحظة سعادة لا قيمة لها، تنتهى كل ليلة مع
تناول بعض الكوكايين وبعض الجنس السادى.
ونرى تلك العلاقة المعقدة والمشوقة بين والد وابنته، وقد صفقت قاعة
العرض فى مشهد النهاية الكبير لسندرا والتى كانت به أكثر جرأة
عندما نظمت البطلة إيناس «حفلة عارية» يوم عيد ميلادها كصورة كاشفة
للشخصية من الداخل اكثر منها خارجيا.
سندرا هولر سبق لها أن نالت عام 2006 جائزة الدب الفضى فى مهرجان
برلين. وقالت، فى المؤتمر الصحفى عقب عرض الفيلم، إن الأصعب فى هذا
الفيلم كان كيف تولد مشاهد مضحكة رغم المواجهة مع الأب، وهو ما
تطلب أن أمثل بعمق أكبر ومشاعر دفينة ووصفت مهمة الجمع بين الفكاهة
والتراجيديا فى الفيلم بالـ«خطيرة لكن ناجحة».
أيضا شاهدنا الممثلة المفاجأة والمدهشة جاكلين خوسيه، التى جسدت
الدور الرئيسى فى فيلم «ما روزا»
MaRosa
للفيليبينى بريانتى مندوزا، والتى توجها المهرجان بجائزة أفضل
ممثلة لما فجرته من مشاعر إنسانية فى أدائها لشخصية أم مجتهدة
لأربعة أولاد «روزا» تدير ــ بجانب زوحها المتكاسل ــ متجرا صغيرا
فى منطقة فقيرة بمانيلا وتلجأ لبيع المخدرات بشكل سرى فى منطقة
أخرى للوفاء باحتياجات أسرتها من حلوى وحليب وأرز من أجل البقاء،
ويتم القبض عليها لتظهر ــ عبر مجموعة مواقف ــ قدرتها على مواجهة
الظلم من قبل رجال الشرطة الفاسدين، وقد تعاطفنا كثيرا مع البطلة
طوال الوقت، وسط هذا الحجم من الفساد والظلم داخل الشرطة وقد
تستسلم أنت بأن روزا لم يكن لديها سوى هذا الطريق فى هذه الدراما
العائلية السياسية بواقعيتها المفرطة وقد توغلت فى أعماق الشخصية
فى عدة مشاهد بالاضافة إلى المشهد الأخير الذى صفق له الجمهور
طويلا، وتستحق به الجائزة الكبرى.
فى منحه الصورة الكاملة للمرأة كشفت شاشة المهرجان عن موهبة أخرى
كبيرة هى الممثلة ساشا لان، التى قامت ببطولة فيلم «العسل
الأمريكى» للمخرجة اندريا آرنولد، وجسدت شخصية «ستار» الفتاة
الهاربة مع مجموعة من باعة اشتراكات المجلات، ساشا ظهرت بشكل جديد،
وقد تألقت فى تقمصها للشخصية وعبرت بحق عن فكر المخرجة فى كشف
دراما الحياة الجديدة فى أمريكا.
ممثلة أخرى توجتها شاشة المهرجان بطلة قديرة بل وأطلق عليها «امرأة
الفيلم البرازيلى» «أكواريوس»
Aquarius
للمخرج كليبر ميندونسا فيليو، سنية براجا التى قدمت دور السيدة «كلارا»
التى تجاوزت الستين من العمر والتى ترفض بشدة الاستسلام لبيع
منزلها من اجل قيام شركة استثمار عقارى تشييد مشروع، مبنى كبير،
وبالفعل لم تتمكن من هدم المنزل الذى بدا وكأنه يشكل مجتمعا خاصا
من خلال حياة كلارا، التى بواقعيتها تكشف كيف تحول المجتمع
البرازيلى بشدة متأرجا بين نمو وتراجع اقتصادى.
تلك التحولات، التى قال عنها مينوزا، إنها قضت على أجمل ما فى
المدن البرازيلية من عمران لتحل محله ما وصفه بالغابات العملاقة
ومعها أسلوب الحياة المختلف الذى يتماشى وطبيعتها فى اطار موجة
الاسثمارات العقارية الطاغية، فكلارا كانت الصامدة فى وجه شركة
التطوير العقارى للحفاظ على الشقة التى قضت فيها عمرها، حيث باع
الجيران منازلهم إلا كلارا التى تواجه بمفردها بطش مستثمر عقارى
يسعى للاستحواذ على بناية أكواريوس التى شيدت عام 1940.
وعكست بأدائها البارع تلك النظرة التى بلا رحمة على أزمات البرازيل
وعن سنوات من الفساد تتراكم وتتوارى عن الأنظار فى مخازن الأرشيف،
نجحت كلارا أن تهمس بوجداننا ان المنازل تشبه سكانها، وإذا هدمتها
هدمت أشياء كثيرة عبرت عنها، فهى تتماسك بمنزلها وكأنه تاريخها
وذكرياتها هى وأبناؤها والتى حاصرتها العمارات الشاهقة وتقول انها
لن تتركه الا مع الرحيل من الحياة.
وقد توقع لها العديد بجائزة التمثيل فى هذه الدورة.
وهناك الممثلة أديل هاينل، التى عشنا معها كيف نشعر عندما تتأزم
الحياة فى فيلم الاخوين داردين «فتاة مجهولة»، حيث جسدت شخصية
الطبيبة «جينى» التى تعانى ندما وحزنا، بعدما شعرت انها تخاذلت عن
مد يد العون إلى فتاة مجهولة ستجدها ميتة صباح اليوم التالى،
والفيلم ــ عبر بطلته ــ قصة إنسانية تحاول فيها الطبيبة الكشف عن
هوية وحكاية المريضة التى توفيت بعد أن رفضت خضوعها للعلاج.
ايضا كان هناك ظهور خاص للنجمة تشارليز ثيرون على شاشة المهرجان
الاهم عالميا، وذلك من خلال فيلم «الوجه الآخر» اخراج شون بين،
والتى كانت محور احداثه، بتجسيدها شخصية ورين، مديرة من وكالة
المساعدات الدولية فى أفريقيا تلتقى بطبيب مساعدات الإغاثة جون
فاربر (خافيير بارديم) وسط ثورة سياسية واجتماعية، وجنبا إلى جنب
يواجهان خيارات صعبة لحياة انسانية فى ظل وجود الاضطرابات فى
المدينة.
قدمت تشارليز دورا مليئا بالانفعالات التى تضعها فى مكانة مختلفة
إلى حد ما عن التيمة التجارية المعهودة، حتى وان كان العمل يبدو
كفيلم باهت ككل لا يرتقى لمكانة افلام اخرى داخل مسابقة المهرجان.
وكذلك ظهرت الممثلة هايلى سكويرس فى فيلم كين لوتش «انا دانيال
بلايك». |