كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"حب الرجال" و"مصطفى زد" و"شرش".. جواهر السينما التونسية في قرطاج

أحمد شوقي

أيام قرطاج السينمائية

الدورة الثامنة العشرون

   
 
 
 
 

حتى أيام ماضية قبل انطلاق أيام قرطاج السينمائية كانت قناعتي الراسخة أن السينما التونسية ـ كنظيرتها المصرية ـ مرت بعام أقل توفيقاً من العام السابق فائق النجاح 2016، والذي أطلقنا عليه من قبلعام السينما التونسية"، لما فيه من نجاحات حققتها أفلام تونسية على رأسها "نحبك هادي" المتوج بجائزتين في برلين و"آخر واحد فينا" صاحب جائزة أحسن عمل أول في فينيسيا. بينما لم تحقق الأفلام التونسية نجاحاً يذكر في 2017 سوى مشاركة "على كف عفريت" لكوثر بن هنية في قسم نظرة ما بمهرجان كان.

الأمر ذكرنا بالسينما المصرية التي افتتحت نظرة ما العام الماضي بفيلم "اشتباك" وتواجدت في مسابقات لوكارنو بفيلمين وفي مسابقة دبي بخمسة أفلام دفعة واحدة شكلت أكثر من ربع المسابقة، بينما جاء الحضور هذا العام هزيلاً جداً بالغياب شبه الكامل عن التواجد الدولي باستثناء فيلمين الأول هو "شيخ جاكسون" فيلم ختام عروض تورنتو الخاصة، و"زهرة الصبار" الفيلم الصغير الذي عُرض في روتردام مطلع العام، واختاره دبي كعمل مصري وحيد في مسابقته، في رقم يكشف الفارق بين عام مزدهر وآخر لم يجد مهرجان القاهرة فيه عملاً يتفق الجميع على مشاركته في المسابقة.

غير أن يومين فقط في تونس كانا كافيين لتعديل هذا التصور المتعلق بالسينما التونسية، وإن كانت المهرجانات الكبرى لم تختر سوى فيلم بن هنية، فإن تواجد الأفلام التونسية ـ كماً وكيفاً ـ في أيام قرطاج السينمائية يؤكد أن المشاركة في المهرجانات هي فقط أحد المعايير، وأن تونس تعيش طفرة حقيقية على المستوى السينمائي خرج فيها صناع الأفلام من الركود النسبي بعد ثورة 14 يناير لرحابة الاستفادة من حرية التعبير ودعم المركز السينمائي الوطني واهتمام العالم بالسينما الآتية من المنطقة، ليرتفع عدد الأفلام المنتجة ومستواها بشكل عام.

37 فيلماً طويلاً أنتجتها تونس خلال العام الحالي. رقم مدهش حقاً خاصة لو علمنا أن مصر صاحبة التاريخ العريق أنتجت 44 فيلماً تم عرضها تجارياً حتى يومنا هذا (بحساب أربعة أفلام عُرضت بشكل محدود في سينما زاوية). أما على صعيد المستوى ـ وهو الأهم ـ فإن ثلاثة أفلام تونسية شاهدناها في أيام المهرجان الأولى أعلنت بوضوح عن سينما نشطة تعيش حالة حراك، تنتج أفلاماً عصرية متباينة الأنواع والأطياف، حتى لو لم يتم اختيارها لـ "كان" أو برلين. وفي هذا المقال سنتعرض للأفلام الثلاثة المقصودة.

حب الرجال - مهدي بن عطية

واحد من خمسة أفلام روائية طويلة عُرضت ضمن قسم "نظرة على السينما التونسية"، بالإضافة لثلاثة أفلام في المسابقة وفيلمين عروض خاصة بمجموع عشرة أفلام روائية طويلة حديثة يعرضها المهرجان. فيلم جريء شكلاً ومضموناً، أخبرني أحد الأصدقاء التونسيين إنه أول فيلم لمخرجه يُعرض داخل تونس؛ فأفلام بن عطية السابقة التي تتناول عادة موضوعات تتعلق بالمثلية الجنسية وتحتفي بها المهرجانات المهتمة بالموضوع لم تجد فرصة سابقة للعرض في الصالات المحلية. معلومة تحتاج لتحقق لكن ما يهمنا فيها هي أن المخرج المعروف بتناول هذه الموضوعات تحديداً لم يعترض أحد على مشاركته في المهرجان أو يطالب بمنعه أو يتهمه بإفساد الشباب كما يمكن أن نتصور إذ ما تعلق الأمر بالعرض في مصر على سبيل المثال.

"حب الرجال" لا يتناول المثلية الجنسية وإن مر عليها بشكل عابر، لكنه فيلم جنساني بامتياز، يطرح في حكايته البسيطة أبعاد الجنسانية كلها (الجنس، الهوية النوع-إجتماعية socio-gender identity، التوجه الجنسي، الإيروتيكية)، عبر حكاية مصورة شابة يموت زوجها فيرعاها والده الذي لا يبدو دعمه لها خالياً من الانجذاب الجسدي، لتبدأ مشروعها في تصوير رجال الشوارع خلال شعورهم بالإثارة الجنسية. حكاية يمكن بالقليل من الخيال أن تصير خطاً درامياً يناسب فيلماً من أفلام البورنو، لكن المخرج يتعامل معها بحذر وحنكة، ليطرح من خلالها فكرة عن موضع المرأة في المجتمع الشرقي، سواء على مستوى تعامل الرجال معها لاسيما عندما تلوح لهم بأفكار جنسية تهدف لإثارتهم، أو على مستوى الفارق المالي الذي يجعلها تسيطر على من تقوم بتصويرهم عبر الدفع لهم، بينما يمكن ببساطة تصور تعرضها للاغتصاب مالم يتدخل البعد الطبقي في العلاقة.

بطلة الفيلم (حفصية حرزي في أداء يتراوح بين الجودة والجمود، وإن استفاد المخرج من صورتها الجنسية في مخيلة المشاهد) امرأة تحمل كل تعقد مشاعر النساء، وقدرتهم على القفز من حالة للأخرى، تدفع الرجال للتعري أمامها بالمعنيين الحرفي والمجازي، فهم يخلعون ملابسهم بالفعل من أجل التصوير، ويخلعون معها جمودهم وتماسكهم ليكشفوا عن حقيقة كون الرجال مهما اختلفوا مجرد صغار يمكن التحكم فيهم بواسطة امرأة قوية وذكية ومغرية.

مصطفى زد - نضال شطا

مذيع راديو أربعيني تعيس، تتداعى حياته ذات صباح. يشك في خيانة زوجته، يحتقره ابنه الوحيد، يُطرد من عمله، يشرخ علاقته بوالدته، ناهيك عن وجع الأسنان الذي يحيل حياته جحيماً. باختصار، يصير على شفا الانفجار الذي لابد وأن يأتي درامياً، ليتخذ موقفاً يحوله بين عشية وضحاها لصاحبة قضية رأي عام في آخر ليلة تريد الدولة فيها ظهور أي قضية: عشية الانتخابات الرئاسية التونسية بين السبسي والمرزوقي!

فيلم جماهيري الطابع يمزج بين القيمة والإمتاع، يذكرنا بحالة "البطل / المجرم بالصدفة" التي نذكرها في "الإرهاب والكباب" على سبيل المثال. يمكن اعتباره نموذجاً للفيلم الكلاسيكي الجيد: سيناريو جيد ومتماسك، إخراج مقتصد يتفهم طبيعة الحدث ومأزق الشخصية، وحكاية متصاعدة يبرع فيها بطل عبد المنعم شويات المتوج بجائزة أحسن ممثل في المهرجان في قيادة فريق رائع من الممثلين (فاطمة ناصر في دور يبدأ صغيراً وتظهر قيمته في نصف الفيلم الثاني، المخضرم توفيق البحري والممثل الصاعد صبري خيري). التمثيل هنا عنصر رئيسي لا يمكن التهاون فيه، فالعمل كلاسيكي كما ذكرنا، والحكاية يحملها شويات ومن معه للمشاهدين، ولو لم يتمكن المخرج نضال شطا من ضبط بوصلة الأداء ونبرة العمل التي تسير بحذر شديد بين الجدية والمواقف ذات الحس الساخر، لفقد "مصطفى زد" الكثير من جودته.

الحقيقة أن مشكلة النبرة ظهرت جزئياً في النصف الأول من الفيلم، وبالتحديد حتى وصول البطل للحظة الانفجار واتخاذه قرار التمرد. قبل هذه النقطة ترنح الفيلم قليلاً بين الجدية والهزل حتى أمسك بنبرته السليمة التي تمزج بين العنصرين، ومن بعدها صار من الصعب أن تخرج من فكاك طرافة ما تراه على الشاشة، والربط بين موقف البطل الذي يحركه شكل الحياة في المجتمع التونسي المتظاهر بالتنفيذ الحرفي لقوانين لا يلتزم بها أحد، بنفس قدر تأثير حياته الشخصية على تصعيد رد فعله، وبين الكثير من تفاصيل حياتك اليومية بغض النظر عن المجتمع الذي تنتمي له، طالما كان أحد بلدان هذه البقعة من العالم.

شرش - وليد مطار

الفائز الأكثر تتويجاً في نهاية المهرجان بحصده أربعة جوائز اثنتين للعمل الأول ومثلهما للسيناريو. تتويج السيناريو هنا أمر منطقي في ظل كون النص الذي كتبه المخرج بصحبة ليلى بوزيد وكلود لوباب هو نقطة الثقل الرئيسية في الفيلم

النص هنا حداثي لا علاقة له بكلاسيكية "مصطفى زد". "شرش" هو اللفظ العامي التونسي المقابل لمصطلح "ريح الشمال" الآتية من أوروبا. والمقصود هو العلاقة بين أفراد الطبقة العاملة في تونس وفرنسا، وكيف يمكن اعتبارهما ـ على اختلاف الظروف ـ وجهين لعملة واحدة اسمها المعاناة. هيرفي عامل في مصنع فرنسي يتم تسريح موظفيه كي ينتقل المصنع لدولة أقل في التكاليف هي تونس، ليعمل الشاب التونسي فؤاد على الماكينة نفسها بعد نقلها

بين حلم هيرفي أن يصير صيّاداً وتطلع فؤاد في النجاح المهني كي يتزوج زميلته في العمل، يسير الفيلم كقضبان القطار، متوازيان لا يتقاطعان ـ إلا في لحظة واحدة عابرة ذات دلالة ـ لكنهما يقصدان اتجاهاً واحداً يسير إليه هيرفي وفؤاد رغماً عنهما. اتجاه يحدده عالم يرفض الأحلام الصغيرة بالسعادة، ويضغط بالنظم والقوانين الاقتصادية والاجتماعية والدينية على حيوات لديها بالفعل ما يكفي من المشكلات ولا تحتمل المزيد.

سيناريو "شرش" يجيد رسم شخصيتيه الرئيسيتين، بالتحديد في كون كل منهما بعيداً عن الصورة النمطية للعامل الفقير المظلوم، فلكلا البطلين نقاط جاذبيته وعيوبه الواضحة المرتبطة بمسار خطه الدرامي. مع نجاح المخرج وليد مطار في تجربته الأولى في التعبير عن إيقاع العمل اليدوي اليومي الذي لا ينتهي إلى الشاشة، دون ملل أو تباطؤ، بل بكثير من الطرافة وخفة الظل أحياناً. في عمل لا يعيبه سوى هيئة شخصية العاملة المغوية التي يحبها فؤاد والتي جسدتها الممثلة عبير بناني. الممثلة مناسبة جسدياً وشكلياً للشخصية، لكنها بدت أكثر أناقة في الملبس وطريقة الحركة من مجرد عاملة فقيرة في مصنع، حتى لو كانت ماهرة في جذب الرجال والإيقاع بهم.

في النهاية يمكن القول باطمئنان كامل أن أيام قرطاج السينمائية أثبتت خطأ تصور التراجع في السينما التونسية، بل على العكس هناك حراك دائم وإنتاج لا يتوقف، يقدم سنوياً عدد كبير من الأفلام المتباينة الموضوعات والمدارس والأشكال، أفلام تضع تونس البلد الصغير كل عام في مكان أفضل في عالم السينما العالمية.

موقع "في الفن" في

12.11.2017

 
 

'قطار ملح وسكر' يعود إلى موزمبيق بالتانيت الذهبي

العرب/ صابر بن عامر

توج فيلم “قطار ملح وسكر” للمخرج الموزمبيقي ليسينيو أزيفيدو بجائزة التانيت الذهبي لأفضل فيلم روائي طويل، في ختام الدورة 28 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية بتونس السبت، إضافة إلى جائزة أفضل تصوير بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة للمهرجان.

تونس - في أجواء احتفالية غير عادية سبقت حفل اختتام أيام قرطاج السينمائية الـ28 المنتهية السبت، كان الجمهور التونسي منتشيا، وهو يستقبل ضيوف تونس والمهرجان وهم يمرون على السجادة الحمراء في طريقهم إلى المسرح البلدي للعاصمة تونس، الفضاء الحاضن لحفل الاختتام.

وانتشاء الجماهير التونسية ليلة توزيع “تانيتات” المهرجان مردّه الترشّح التاريخي لـ”نسور قرطاج” لمونديال روسيا 2018، حيث تم التأكّد من الترشح الخامس في تاريخ تونس لمونديال كرة القدم، نصف ساعة قبل انطلاق فعاليات حفل الاختتام، حين تعادل المنتخب التونسي مع نظيره الليبي بنتيجة صفر لمثله، الأمر الذي ضمن للنسور بطاقة العبور للمونديال الروسي، فخرجت الجماهير التونسية إلى الشارع الرئيسي للعاصمة للاحتفاء بـ”الأولاد” ولتحيّة ضيوف المهرجان.

وحضر حفل الاختتام عدد من النجوم السينمائيين التونسيين على غرار الممثّل ظافر عابدين والمُخرج فريد بوغدير والممثّلة فاطمة سعيدان ورشا بن معاوية وفاطمة ناصر وعبير بناني وغيرهم من الممثلين والمخرجين، فيما غاب كليّا النجوم العرب عن حفل الاختتام.

الأعمال التونسية يطغى عليها الطابع الاجتماعي، وتتكرر فيها مواضيع مثل الهجرة والتطرف الديني وقضايا الفساد

عودة أفريقية

حاز فيلم “قطار الملح والسكر” للمخرج ليسينيو أزيفيدو من الموزمبيق على جائزة التانيت الذهبي لمهرجان أيام قرطاج السينمائية، عن فئة الأفلام الروائية الطويلة، وحصل فيلم “المتعلمون” من جنوب أفريقيا على جائزة التانيت الفضي لأفضل فيلم روائي طويل، في حين ذهبت جائزة التانيت البرونزي لفيلم “وليلي” من المغرب.

ويصوّر فيلم “قطار الملح والسكر” المتوّج بكبرى جوائز المهرجان، رحلة قطار يشق طريقه من الموزمبيق إلى مالاوي لتبادل الملح والسكر، وأثناء مروره بالأحراش يتعرض القطار لإطلاق نار من قبل مسلحين متمردين، كما يتعرض ركابه لمضايقات من جنود غير منضبطين في وقت كان يفترض حمايتهم.

ومخرج الفيلم ليسينيو أزيفيدو، هو صانع أفلام وكاتب برازيلي مستقر في الموزمبيق، حيث شارك في تجارب التدريب على صناعة الأفلام بالمعهد الوطني للأفلام بالموزمبيق.

وفي فئة الفيلم الروائي القصير ذهبت جائزة “التانيت الذهبي” لأفضل فيلم روائي قصير للفيلم التونسي “آية” للمخرجة مفيدة فضيلة، فيما حصل فيلم “دام دام” من السنغال على جائزة “التانيت الفضي”، وحصل الفيلم المصري “ونس” على “التانيت البرونزي.

ويحكي فيلم “آية” قصة صبية صغيرة تونسية اسمها آية، وهي فتاة ذكية وحركية تعيش مع والديها السلفيين، ولكن في أحد الأيام يحدث موقف مفاجئ يزلزل حياة هذه الأسرة.

وفي فئة الفيلم الوثائقي الطويل ذهبت جائزة التانيت الذهبي للمسابقة لفيلم “باكورو” من بوركينا فاسو، والفضي لفيلم “كيميتو الشيخ انتا” من الكونغو، وحصل فيلم “في الظل” من تونس على التانيت البرونزي. كما ذهبت “التانيت الذهبي” لأفضل فيلم وثائقي قصير لفيلم “جاكنسون” من النيجر، في حين نال فيلم “لا مرافئ للقوارب الصغيرة” من العراق على “الفضي”، وفيلم “غزة بعيونهنّ” من فلسطين على البرونزي.

أما جوائز “الطاهر شريعة” للعمل الأول و”قناة 5 العالم” و”أحسن سيناريو” فكانت من نصيب وليد مطار عن فيلمه “شرش”، وأحرز فيلم “على كف عفريت” للمخرجة كوثر بن هنية على جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل لأفضل سيناريو للأفلام التونسية الروائية.

أما جائزة أحسن ممثل فكانت من نصيب التونسي عبدالمنعم شويات بطل فيلم “مصطفى زاد”، في حين أحرزت السنغالية فيرو شالدا بايا على جائزة أحسن ممثلة عن فيلم “فيليسيتي”، كما حصل نفس الفيلم على جائزة أحسن موسيقى.

رقم قياسي تونسي

في المحصلة تمكّنت تونس من حصد ستّ جوائز دفعة واحدة، دون اعتبار جائزة أفضل ممثل التي ذهبت للتونسي عبدالمنعم شويات، حيث فاز وليد مطار وحده بثلاث جوائز عن فيلمه “شرش”.

فيما تحصلت كل من مفيدة فضيلة وكوثر بن هنية وندى مازني حفيظ على تانيت لكل منهن، في حين تحصلت كل من مصر والعراق وفلسطين والمغرب على تانيت لكل منها، ما يثبت أن دورة هذا العام كانت أفريقية عن جدارة، إذ تفوقت السينما الأفريقية على نظيرتيها المشرقية والمغاربية في حصولها على الجوائز الأولى الكبرى للمهرجان في فئتي الروائي الطويل والوثائقي بنوعيه الطويل والقصير، فيما خرج الفيلم اللبناني المثير للجدل “القضية رقم 23” لزياد دويري خالي الوفاض من أي جائزة، شأنه في ذلك شأن الفيلم المصري “الشيخ جاكسون” لعمرو سلامة.

وشهدت الدورة الثامنة والعشرون من أيام قرطاج السينمائية لهذه السنة إنتاجا تونسيا غير مسبوق، حيث بلغ عدد الأفلام المقدمة 37 فيلما طويلا و41 قصيرا، في مؤشّر على “مناخ الحرية” السائد منذ العام 2011، بحسب المنظمين.

وقالت المندوبة العامة لأيام قرطاج السينمائية، لمياء بالقايد، إن لجنة الاختيار الخاصة بالسينما التونسية شاهدت 37 فيلما تونسيا طويلا بينها 18 فيلما روائيا والباقي من نوع الوثائقي، بينما شاهدت اللجنة 41 فيلما قصيرا.

ومن بين هذه الأفلام ثلاثة شاركت في مسابقة الأفلام الروائية، وثلاثة أخرى في مسابقة الأفلام الوثائقية، ومثلها في مسابقة الفيلم القصير، وخصصت للسينما التونسية أيضا بانوراما “نظرة على الأفلام التونسية” تضمّنت 12 فيلما روائيا ووثائقيا.

وقالت المندوبة العامة لمهرجان قرطاج، لمياء بالقايد، في تصريح سابق إن هذا الرقم القياسي وغير المسبوق للإنتاج السينمائي التونسي يأتي نتيجة مجموعة من العوامل التي طرأت على المجتمع التونسي منذ العام 2011، منها مناخ الحرية السائد، وولادة مدارس ومرافق لتدريس فن السينما، والدفع الرسمي باتجاه زيادة الإنتاج.

ويقول المركز الوطني لدعم السينما والصورة في تونس إنه “تم دعم 90 بالمئة من المشاريع التي تقدمت بطلب” على مدى العامين الماضيين، بينما توكل القطاع الخاص بإنتاج 10 بالمئة من الأفلام التي تم إنجازها في هذه المدة نفسها.

ويتجلّى في الكثير من الأفلام التونسية المشاركة في الأيام التي انطلقت في الرابع من نوفمبر الجاري وانتهت السبت 11 من الشهر نفسه، رفض العنف والقمع وطلب الحرية، في أعمال يطغى عليها الطابع الاجتماعي، وتتكرّر فيها مواضيع مثل الهجرة السرية والتطرف الديني وقضايا الفساد.

وتظهر الاستفادة من مناخ الحرية واضحة في الكثير من الأعمال التي تتطرّق للقضايا الممنوعة، مثل فيلم “على كفّ عفريت” لكوثر بن هنية الذي يتحدّث عن علاقة المواطن بالسلطة القمعية من خلال قضية اغتصاب، أو الفيلم الوثائقي الذي يتناول نشاط جمعية “فيمن” المدافعة عن المرأة.

وإضافة إلى تزايد الإنتاج السينمائي في تونس، يشير الفاعلون في هذا القطاع إلى الحضور المتزايد للمرأة في هذه الأعمال التي تتسم معظمهما بالصبغة الواقعية، حيث إن من ضمن كل الأفلام التونسية المشاركة في المهرجان، وعددها 78 فيلما تحضر المرأة المخرجة في 15 فيلما منها.

العرب اللندنية في

13.11.2017

 
 

«قطار الملح والسكر» يحوز جائزة قرطاج الكبرى

سجلت عودة قوية للسينما الأفريقية

تونس: المنجي السعيداني

توج الفيلم الروائي «قطار الملح والسكر» من موزمبيق للمخرج ليسينيو أزيفيدو بالتأنيت الذهبي للمسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، وهي الجائزة الكبرى والأهم في الدورة 28 من هذه التظاهر السينمائية الهامة التي اختتمت فعالياتها ليلة السبت. ونال نفس الفيلم جائزة أفضل صورة، فيما فاز «شريط المتعلمون» من جنوب أفريقيا بالتأنيت الفضي للمسابقة وآل التأنيت البرونزي لفيلم «وليلي» من المغرب.

ونالت السينما التونسية تسع جوائز في مختلف مسابقات المهرجان وسجّلت هذه الدورة الجديدة من أيام قرطاج السينمائية حضور 10 أشرطة سينمائية تونسية من إجمالي 51 شريطاً مشاركاً في مختلف مسابقات المهرجان، وهو رقم قياسي لم تبلغه السينما التونسية في الدورات السابقة. وكان الامتياز لفيلم «شرش»، للمخرج التونسي وليد مطار الذي نال جائزة أفضل سيناريو في مسابقة الشريط الروائي الطويل كما حصل على جائزة «الطاهر شريعة» (مؤسس مهرجان قرطاج)، للعمل الفني الأول وتناول من خلاله مشكلات البطالة في حياة الشباب.

وخلال هذه الدورة عادت السينما الأفريقية بقوة ونالت عدداً مهماً من الجوائز، فبالإضافة إلى فيلم «قطار الملح والسكر» الذي حاز الجائزة الكبرى، فقد حصل فيلم «كورودي باكورا» للمخرج سمبليس قانو هرمان من بوركينا فاسو على التأنيت الذهبي في مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل، وتمكن فيلم «جاكنسون» للمخرجين ليندا ليلى دياتي وجون مارك بوتو من النيجر على جائزة التأنيت الذهبي في مسابقة الفيلم الوثائقي القصير.

وفي تقييم أولي للدورة 28 من أيام قرطاج السينمائية، قال نجيب عياد مدير المهرجان، إنّ الحفاظ على شعلته تدعونا إلى التعرف على النقائص والهنات التي تخلّلت هذه التظاهرة مباشرة إثر اختتام الدورة.

وكانت هيئة تنظيم هذه المظاهرة السينمائية العريقة قد أعلنت عن فوز فيلم «قطار الملح والسكر»، بجائزتين في الأقسام الموازية للمهرجان: الجائزة الأولى هي «جائزة لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقاد السينما: جائزة النقاد الدوليين»، والثانية «جائزة النقد الأفريقية بولان سومانو فيارا».

وتدور أحداث فيلم «قطار الملح والسكر» لمدة 93 دقيقة، على متن قطار انطلقت رحلته من الأراضي الموزمبيقية نحو دولة مالاوي لتبادل أكياس قليلة من الملح والسكر في مشاهد تظهر جمال الأرض والبشر والطبيعة وتخفي مظاهر العنف والفقر والحاجة والدمار نتيجة الاضطراب السياسي.

وأثناء مرور القطار بالمناطق الجبلية يتعرض القطار إلى إطلاق نار من قبل مسلحين متمردين وإلى عقبات كثيرة، كما يتعرّض ركابه إلى مضايقات من قبل جنود غير منضبطين كان يفترض بهم حماية المسافرين في الرحلة. وأبدع المخرج في التقاط صور ومشاهد سينمائية خلابة سواء تعلق الأمر بالطبيعة في موزمبيق أو أحذية العسكر والجنود. وقد اقتبس مخرج فيلم «قطار الملح والسكر» هذا العمل عن قصّة واقعية حدثت في موزمبيق سنة 1989، محاولا من خلالها لفت الانتباه إلى الأوضاع الإنسانية المتدهورة في هذا البلد الأفريقي الذي مزّقته الحرب الأهلية لسنوات، وذلك بتوجيه الكاميرا نحو مشاهد الدمار التي لحقت بالبلد.

ولكن مخرج الفيلم حاول الإشارة إلى بصيص من الأمل من خلال تأكيده على القطار الذي جعل منه رمزا للأمل والحياة من خلال مشاهد رائعة لسحر الطبيعة ومشهد ولادة إحدى المسافرات، بالإضافة إلى روح الوطنية العالية للجنود والتضحية في سبيل الوطن.

وانتهت أحداث الفيلم بمشهد سكك حديدية متفرعة إلى أكثر من اتجاه، وهي دلالة على الاختلاف والتنوع الديني التي كان قد ترجمها في لحمة، فريق قيادة القطار بمعتقداتهم المختلفة.

الشرق الأوسط في

13.11.2017

 
 

مصر فى (قرطاج) خاوية الوفاض... إلا قليلا!!

طارق الشناوي

قال لى سمير غانم إنه فى عشرات الأفلام التى كان يُقدمها مع سعيد صالح، والتى كانت الصحافة تطلق عليها سينما (المقاولات) وشكلت جزءا كبيرا من خريطة الثمانينيات، وذلك لتردى مستواها حيث كانت تُقدم على عجالة ومن أجل تعبئتها على شريط فيديو والهدف الوحيد هو سرعة الإنجاز، واكب هذه الأفلام ظهور عدد من المخرجين والمنتجين العشوائيين، وعلاقتهم بالممثلين، تكمن فى قدرتهم على اقتناص أى مبلغ من أجورهم.

أسماء لا بأس بها من الفنانين الكوميديين، وليس فقط سعيد صالح وسمير غانم ويونس شلبى، كانوا قد تورطوا فى تقديم عشرات من تلك الأفلام، إلا أن الراحل سعيد صالح قد حدد موقفه تماما وطبق عليه قاعدة (أبجنى تجدنى) ينتظر فقط الحصول على القسط، يأتى إلى موقع التصوير فى موعده تماما ينهى التصوير فى موعده تماما أيضا، بمجرد أن يسلمه مدير الإنتاج المبلغ المتفق عليه يغادر الاستوديو قائلا إن شاء الله فيلم ناجح وح يكسر الدنيا، أما إذا تعثر المنتج فى اليوم التالى وأرجأ دفع القسط يغادر الاستوديو قائلا (فيلم فاشل بإذن الله).

صورة كما تبدو ساخرة ولكن أيا ما كان نصيبها من الصحة ربما حملت فى طياتها قدرا من المبالغة، إلا أنها من الممكن أن تجد لها العديد من التنويعات، البعض يقيس الأمور كلها مثل سعيد صالح، ما الذى حصلت عليه؟، بل هناك من يحدد رأيه فى المهرجانات طبقا لذات المؤشر، فهى بالنسبة له حسبة (برجماتية) مباشرة.

لظرف خاص لم أستطع الانتظار حتى تنتهى فعاليات مهرجان قرطاج، وعدت للقاهرة قبل أن تعلن النتائج بـ٤٨ ساعة، وتُسدل الستائر عن تلك الدورة من عمر المهرجان، والتى تحمل رقم ٢٨، وفى العديد من دول العالم العربى الكل ينتظر أن تتوج الدولة المضيف بالجائزة الكبرى، خاصة فى مجال الفيلم الروائى الذى هو دائما بمثابة العنوان الرسمى للمهرجانات، ولكن الجائزة الذهبية كانت من نصيب الفيلم الموزمبيقى (قطار الملح والسكر)، وهو بالفعل من أهم أفلام المهرجان ويستحقها عن جدارة، سبق لى مشاهدته فى مهرجان القاهرة العام الماضى.

لم تخرج تونس خاوية الوفاض تماما، بل حصلت على عدة جوائز أهمها فى مسابقة الفيلم القصير (التانيت) الذهبى لفيلم (آية) للمخرجة مفيدة فضيلة، مصر أيضا خرجت خاوية الوفاض من الجوائز، إلا قليلا، بفيلم (ونس) الروائى القصير للمخرج أحمد جلال، وهو بالطبع غير المخرج المعروف أحمد نادر جلال الذى بدأ فى الأعوام الأخيرة يوقع اسمه ثلاثيا منعا للبس، كما حصلنا على جائزة للمركز الوطنى للصورة (بلد مين) لمحمد صيام.

برغم توفر ثلاث من عضوات التحكيم فى ثلاث مسابقات رئيسية: كاملة أبوذكرى فى الروائى بشقيه الطويل والقصير، وجيهان الطاهرى فى التسجيلى الطويل والقصير، وهالة لطفى فى مسابقة العمل الأول التى تحمل اسم الناقد التونسى الراحل (الطاهر شريعة).

من المؤكد أن المخرجات المصريات الثلاث لم يفكرن فى أنهن بصدد معركة لإثبات الحب والانحياز للوطن، وهو ما حدث أيضا مع العضوة التونسية ربيعة بن عبدالله فى القسم الروائى، فلم تحظ تونس بالجائزة الكبرى مثلا، ولكن بجائزة وعن استحقاق للممثل البارع الذى أدى دور (مصطفى زادا) فى الفيلم الذى يحمل نفس اسم البطل، وأدى دوره عبدالمنعم شويات، والفيلم الفائز بالتانيت الذهبى تنافس مثلا مع الفيلم التونسى (على كف عفريت) للمخرجة كوثر بن هنية، الذى سبق أن شارك فى قسم نطرة ما بمهرجان (كان)، وكان كُثر قبل المهرجان يرشحونه للجائزة الكبرى.

الفيلم الموزمبيقى (قطار الملح والسكر) للمخرج ليسيتيو أزيفيدو كان هو الأفضل والمستحق للجائزة بلا جدال، بينما خرج (الشيخ جاكسون) مجددا بلا جوائز بعد (الجونة).

الجوائز فى المهرجانات والمسابقات تختلف أو تتفق معها ولكنها فى النهاية تعبر عن قناعات تلك اللجان، ولا يقاس نجاح المهرجان أبدا بعدد الجوائز التى يحصل عليها البلد المضيف، فالأمر يتجاوز تلك المحددات ولكن بأهمية الأفلام والفعاليات والضيوف وبالمردود الذى تحققه سوق المهرجان، ولهذا فلا يمكن أن يتابع البعض المهرجان مثلما يتابعون دورى كرة القدم، لو كان فريقك لايزال فى الميدان فأنت لاتزال تتابع المهرجان، ولو تعثر فسوف تعتبر نفسك خارج نطاق الخدمة.

مثلا السينما المصرية غير متواجدة على خريطة مهرجان القاهرة هذه الدورة، لأنها كما أكد كل المسؤولين لم يتواجد الفيلم اللائق والجدير بتمثيلها، فقررت إدارة المهرجان اللجوء لأبغض الحلال السينمائى وهو عدم التواجد أصلا.

الجوائز لا تذهب بالضرورة لمن يستحقها، ولكن لمن تقرر لجان التحكيم فقط أنه يستحقها.

وحرصت على مشاهدة الفيلم المصرى القصير (ونس) لأحمد جلال، وهو يُقدم لمحة إنسانية دافئة.

(ونس) يقدم علاقة بين زوجين عجوزين يقتربان من الوصول للشاطئ الآخر ويقضيان معا ما تبقى لهما من أيام.

الفيلم لا يحمل ابتكارا شاهدنا عشرات من الأفلام فى نفس الدائرة، ولكنه قدم نقطة بداية مشاغبة ونهاية شجية، يبدأ بعبدالرحمن أبوزهرة وهو يحاول العودة بالسنين للخلف دُر مع زوجته رجاء حسين ولكنها مشغولة بمتابعة فيلم (الخيط الرفيع) ومستلقية على السرير، ثم تأتى هزيمته فى اللحظة الأخيرة بأن يطلب منها مساعدته فى الاستحمام بعد أن فقد القدرة فى السيطرة على نفسه.

بين اللقطتين كان من الممكن أن يشحن المخرج فيلمه بالعديد من التفاصيل والإيحاءات لكنه افتقر للخيال، فى كل الأحوال هى تجربته الأولى تجعلنا ننتظر القادم للمخرج الشاب أحمد جلال.

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

13.11.2017

 
 

التطبيع مع إسرائيل يشعل «القضية رقم 23»

ريهام عبد الوهاب

حاز فيلم «القضية رقم 23» للمخرج اللبناني زياد دويري، خلال الأشهر الماضية، على شهرة كبيرة وضعته في دائرة الضوء، عقب مشاركته في العديد من المحافل الدولية والعربية؛ من بينها مهرجان البندقية السينمائي ومهرجان «تيلوريد» بالولايات المتحدة الأمريكية، ومهرجان تورنتو الدولي، بالإضافة إلى مهرجان الجونة، وأخيرا، اختير لتمثيل لبنان في «أوسكار 2018» عن فئة أفضل فيلم أجنبي.

ولم تشفع كل هذه الحفاوة التي استقبل بها الفيلم وصناعه في مختلف دول العالم، للمخرج اللبناني زياد دويري في فلسطين وتونس؛ ففي أكتوبر الماضي، منع القائمون على مهرجان أيام سينمائية في فلسطين عرض «القضية رقم 23» ضمن الفعاليات؛ بسبب الاحتجاجات الواسعة من قبل الشعب الفلسطيني الذي رفض استضافة الفيلم ومخرجه المتهم بالتطبيع مع إسرائيل.

وبالفعل، استجاب المسؤولون في مدينة رام الله بالضفة الغربية، وتم رفع الفيلم من دور العرض، حتى جاء مهرجان قرطاج السينمائي الذي اختتم فعالياته يوم السبت الماضي، حيث حاولت إحدى المنظمات التونسية المناهضة (الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني)، منع الفيلم من العرض والمشاركة الرسمية، وقالت في بيان لها: «عرض الفيلم يتضارب مع الثوابت الشعبية والوطنية والقومية المضمنة بالدستور»، وشددت على أن مخرج الفيلم يدعو للتطبيع مع دولة الكيان الإسرائيلي.

وفى يوم الأربعاء الماضي، تجمهر عدد من الجالية الفلسطينية في تونس أمام سينما «كوليزي»؛ من أجل الضغط على إدارة «قرطاج» لسحب الفيلم، إلا أن قوات الأمن التونسية التفت حول السينما أثناء عرض «القضية رقم 23»، خوفًا من وقوع أي مشادات بين الحضور والمحتجين، وبالفعل عرض الفيلم.

وتعود أسباب الأزمات التي واجهت عرض الفيلم في فلسطين وتونس إلى مخرج العمل، الذي اتهم بالتطبيع مع إسرائيل، منذ عام 2013، بعدما قدم فيلما بعنوان «الصدمة» تم تصويره في تل أبيب، وسجل خلالها مع عدد من الممثلين الإسرائيليين، وظل هناك عدة أشهر حتى انتهى من الفيلم، وخلال تلك الفترة، تعاون مع منتجين إسرائيليين والإعلام الصهيوني الذي وصفه بـ«الإنسان المتسامح».

وسبب الفيلم حالة بلبلة في لبنان وفلسطين والدول العربية، واتهم القائمون عليه بالتطبيع مع إسرائيل، الأمر الذي رفضه المخرج، ورغم مرور 4 أعوام على الفيلم، إلا أنه في سبتمبر الماضي، تم إيقاف زياد دويري في مطار بيروت الدولي وإحالته إلى القضاء العسكري، وتم اتهامه بالتعامل مع إسرائيل.

ويتناول فيلم «القضية رقم 23» الحرب الأهلية في لبنان والانتماء الديني، ويبرز قيمة العدالة من خلال المحكمة التي تقام بين الطرفين، وتجري أحداث الفيلم في بيروت، وتبدأ الرحلة من وقوع مشادة بين «طوني» وهو لبناني مسيحي و«ياسر» وهو فلسطيني مسلم يعيش في إحدى مخيمات لبنان، بسبب سقوط مياه متسخة من ماسورة الصرف على رأس الثاني، وتبادلا الشتائم، إلى أن وصل الأمر بالأول إلى رفع قضية في المحكمة لشعوره بالإهانة.

ويبدو الأمر حدثًا عابرًا، لكن الأشياء الصغيرة في بعض الأوقات تتسبب في فتح باب لا يمكن إغلاقه، فبعدما علم «طوني» من لهجة «ياسر» أنه فلسطيني، قاله له «يا ليت شارون أمحاكم عن بكرة أبيكم».. تلك الجملة التي كان لها أثر بالغ على الفلسطيني، ليصل الأمر إلى المحكمة، وتتحول إلى قضية رأي عام يتابعها الآلاف.

ويصل التضخيم الإعلامي للقضية إلى جعل لبنان تقترب من انفجار اجتماعي، ما يدفع طوني وياسر إلى إعادة النظر في أفكارهما المسبقة طوال مسيرة حياتهما، والفيلم يجمع مشاعر مركبة بين الجانب الإنساني والسياسي بلغة فنية سينمائية، كما يسلط الضوء على الحرب الأهلية في لبنان، ويبرز قيمة العدالة من خلال المحكمة التي تقام بين الطرفين.

«القضية رقم 23» من بطولة عادل كرم، ريتا حايك، كميل سلامة، كريستين شويري، والممثل الفلسطيني كامل الباشا، الذي حاز جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية السينمائي في دورته الأخيرة.

يذكر أن المخرج زياد دويري من مواليد بيروت عام ١٩٦٣، ونشأ إبان الحرب الأهلية، وسافر إلى أمريكا لاستكمال دراسته، وشارك في عدد من الأفلام كمساعد تصوير، إلى أن أخرج فيلمه الطويل الأول «غرب بيروت»، الذي نال شهرة واسعة وإعجاب النقاد وكثيرًا من الجوائز في مهرجانات حول العالم، أتبعه بفيلم «هكذا قالت ليلا».

البديل المصرية في

13.11.2017

 
 

أفلام ما بعد الثورة: نهضة تونسية

إفريقيا نجمة «أيام قرطاج السينمائية»

علي وجيه

أول من أمس، أُسدلت الستارة على الدورة 28 من المهرجان التونسي العريق، مانحة التانيت الذهبي لشريط عن الحرب الأهلية هو «قطار الملح والسكر» لليسينيو أزيفيدو. في مقابل تراجع الفن السابع المصري، برزت الصناعة التونسية ضمن موجة ما بعد الثورة، فاتكةً عشر جوائز في المهرجان

قرطاجتحيل جوائز الدورة 28 من «أيام قرطاج السينمائية»، التي اختتمت مساء السبت الفائت، على حال عدد من السينمات العربيّة. استمرار توهّج السينما التونسيّة في إطار موجة ما بعد الثورة (10 جوائز)، متفوّقةً بنحو ملحوظ على سواها في المغرب العربي. تراجع السينما المصريّة، بعد تألّق لافت عام 2016.

الحصيلة جائزتان فقط، فيما لم يسجّل «شيخ جاكسون» للمصري عمرو سلامة أي نقطة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، رغم جودة كثير من مفاصله. «قضيّة رقم 23» لزياد دويري خرج بخُفَّي حنين. الشريط المثير للجدل أثار حماسة معظم النقاد والمتابعين لأسباب سينمائية صرف (بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى)، ولكن يبدو أنّ لجنة التحكيم برئاسة السينمائي الفلسطيني المعروف ميشال خليفي آثرت الهدوء وعدم استفزاز أحد. الأفلام السوريّة في ثلاث مسابقات مختلفة تمخّضت عن لا شيء. وحدها سؤدد كعدان نالت ثلاثاً من جوائز ورشة «تكميل» لدعم مشاريع الأفلام العربيّة والأفريقيّة في مرحلة ما بعد الإنتاج، لإنهاء فيلمها الروائي الأوّل «يوم أضعت ظلي»، الذي انتهت من تصويره أخيراً في لبنان. لا غرابة في ذلك، بما أنّ البروباغندا والشعارات تلطّخ العدسة السوريّة كالغبار السام. الحكّام الفعليون لـ «المؤسسة العامة للسينما» ما زالوا يكابرون. يهربون إلى الأمام. يفكرون في المؤامرات والمناصب، على حساب المواكبة ومعالجة جبال من الكوارث المتراكمة. في المقابل، تستمر بعض وثائقيات المعارضة في طرح انتقامي أحادي فارغ، على حساب اللحظة السينمائيّة وحساسية التقاطها. كذلك، تزداد القارّة السمراء تطوّراً سنةً تلو الأخرى. شاهدنا أفلاماً محكمةً من موزمبيق وجنوب أفريقيا وبوركينا فاسو والغابون والسنغال، التي تصدّر تحديداً مستوى لافتاً في أكثر من عنوان.

بكلّ تجرّد، يمكن القول إنّ هذه الدورة من «أيّام قرطاج» أوفت بوعودها. الآتي من أجل الأفلام، رجع إلى بيته راضياً. من يهمّه تفاصيل التنظيم، ونوعيّة الطعام، ونجوم السجادة الحمراء، فليبقَ في أروقة الفنادق، ومقاهي شارع الحبيب بورقيبة. الجمهور التونسي مبهر كالعادة. ازدحام مبهج حتى على الوثائقيات القصيرة والتظاهرات الموازية. تبقى مشكلة ترجمة الأفلام إلى الإنكليزيّة بحاجة إلى حل خلال الدورة القادمة، فليس كل الضيوف يجيدون الفرنسية.

«شرش» يقترح مقاربة بالغة الذكاء لواقع الطبقة العاملة في تونس وفرنسا

أيضاً، لا بدّ من الإشادة بتطبيق مهرجان قرطاج أحد أهم جوانب جوهر السينما: الانفتاح. جلب أفلام من قارات أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبيّة، في عودة إلى الثوابت والجذور. برمجة أفلام سوريّة من مختلف الأطراف والتوجّهات. هذا نموذج ينبغي التمسّك به والبناء عليه، بعيداً عن أصحاب الرؤوس الحامية، وتشنّج الانعزاليّين. عرض عناوين إشكاليّة، بغضّ النظر عن أي اعتبارات أخرى، مثل «قضيّة رقم 23» لزياد دويري. لا إلغاء. لا حذف. تنوّع يشبه تونس نفسها.

نعود إلى الجوائز. في الأفلام الروائيّة الطويلة، ذهب التانيت الذهبي إلى الموزمبيقي «قطار الملح والسكر» لليسينيو أزيفيدو. شريط مظلم عن الحرب الأهليّة، التي مزّقت موزمبيق في الثمانينيات. مفاجئ خروج عمل محكم كهذا، في بلد ما زالت صناعة السينما فيه تحبو بحذر. الفيلم استحق أيضاً جائزة أفضل سينماتوغرافيا لفدريك سيرف. التانيت الفضي راح إلى «المتعلمون» لجون ترينجوف من جنوب أفريقيا. المغربي فوزي بن سعيدي خطف التانيت البرونزي عن «وليلي». أمر مفاجئ نوعاً ما، نظراً إلى وجود أفلام أعلى سويّة وأكثر نضجاً في المسابقة، مثل المصريّ «شيخ جاكسون» لعمرو سلامة، والتونسي «مصطفى زد» لنضال شطّا. عن هذا الأخير، نال عبد المنعم شويات جائزة أفضل ممثّل بجدارة، فيما ظفرت فيرو شاندا بيامبوتو بتتويج أفضل ممثّلة عن «فليسيتيه». أداء خلّاب في فيلم سنغالي لا يقلّ رفعةً واشتغالاً، إذ فاز بجائزة أفضل موسيقى أيضاً. توماس مارشان حصد جائزة أفضل توليف عن الجزائري «طبيعة الحال» لكريم موساوي. الضعف النسبي لهذا الشريط مباغت بالفعل، لكونه آتياً من قسم «نظرة ما» في مهرجان كان، كذلك في سجل صاحبه شريط ساحر متوسط الطول بعنوان «الأيام الماضية» (2013). جائزة السيناريو توزّعت على كتّاب «شرش» للتونسي وليد مطّار: ليلى بوزيد وكلود لوباب ووليد مطّار. نصّ يقترح مقاربة بالغة الذكاء لواقع الطبقة العاملة في تونس وفرنسا. يبني منظوراً مختلفاً لتيمات عدّة. النضج. انسداد الأفق أمام الشباب. الهجرة غير الشرعيّة. مهلاً، أوروبا ليست أرض الأحلام أيها المخدوعون. إنّها تختنق. تطحن أبناءها. تتحمّل جزءاً من مسؤولية انحدار الحال في مجتمعات أخرى. «شرش» خرج أيضاً بجائزتي الطاهر شريعة للعمل الأول، وقناة TV5 Monde لأحسن فيلم أول.

جوائز المهرجان

- جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل (أفضل سيناريو فيلم تونسي): «على كف عفريت» لكوثر بن هنية، مع تنويه خاص لكتّاب «مصطفى زد» لنضال شطّا.

- جائزة الصورة للمركز الوطني للسينما والصورة (جائزة علي بن عبد الله): «بلد مين؟» لمحمد صيام (مصر).

جوائز الأفلام التسجيلية القصيرة:

- تنويه خاص من لجنة التحكيم بفيلم «صوت الشارع» لمنال الخاطري (تونس).

- التانيت البرونزي لفيلم «غزة بعيونهن» لمي العدة وريهام الغزالي (فلسطين).

- التانيت الفضي لفيلم «لا مرافئ للقوارب الصغيرة» لجويل أبو شبكة (لبنان).

- التانيت الذهبي لفيلم «جاكنسون.. من طفل شوارع لبطل» لليندا ليلي ديانا وجون مارك بوتو (النيجر).

جوائز الأفلام التسجيلية الطويلة:

- تنويه خاص من لجنة التحكيم بفيلم «اصطياد أشباح» لرائد أنضوني (فلسطين).

- التانيت البرونزي لفيلم «في الظل» للمخرجة ندى مازني حفيظ (تونس).

- التانيت الفضي لفيلم «كيميتو - الشيخ أنتا» لعصمان وليام مباي (السنغال).

- التانيت الذهبي لفيلم «كورو دو باكورو» لسمبليس جانو هيرمان (بوركينا فاسو).

جوائز الأفلام الروائية القصيرة:

- تنويه خاص من لجنة التحكيم بفيلم «أسرار الريح» لإيمان الناصري (تونس).

- التانيت البرونزي لفيلم «ونس» لأحمد نادر (مصر).

- التانيت الفضي لفيلم «ديم ديم» للوبي بابي بونامي وكريستوف رولان ومارك ريكيا (السنغال).

- التانيت الذهبي لفيلم «آية» لمفيدة فضيلة (تونس).

الأخبار اللبنانية في

13.11.2017

 
 

«قطار الملح والسكر» من موزمبيق يحصد الجائزة الكبرى في أيام قرطاج السينمائية

دول افريقيا هيمنت على جوائز الدورة 28 وإنتاج تونسي غير مسبوق بلغ 37 فيلما طويلا و41 قصيرا

تونس – «القدس العربي»:

حصد فيلم «قطار ملح وسكر» من موزنبيق جائزة «التانيت الذهبي» لأفضل فيلم روائي طويل، في ختام الدورة 28 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، الذي أنهى فعالياته في تونس العاصمة.

ويروي هذا الفيلم الطويل من توقيع المخرج البرازيلي ليسينيو أزيفيدو المقيم في موزمبيق رحلة خطرة يقوم بها موكب لمقايضة الملح بالسكر تعبر في مناطق المتمردين سنة 1989 عندما كانت الحرب تمزق البلد. 

ونال فيلم «المتعلمون» من جنوب إفريقيا جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم روائي طويل في حين كانت جائزة «التانيت البرونزي» لفيلم «وليلي» من المغرب. 

فيما ذهبت جائزة «التانيت الذهبي» لأفضل فيلم روائي قصير للفيلم التونسي « آية». وحصل فيلم «دام دام» من السنغال على جائزة «التانيت الفضي». 

وكما فاز الفيلم المصري «ونس» بـ»التانيت البرونزي» 

وكانت «التانيت الذهبي» لأفضل فيلم وثائقي طويل، من نصيب فيلم «باكورو» من بوركينا فاسو، والفضي لفيلم «كيميتو الشيخ انتا» من الكونغو، وحصل فيلم «في الظل» من تونس على «البرونزي». 

وذهبت «التانيت الذهبي» لأفضل فيلم وثائقي قصير لفيلم جاكنسون من النيجر، في حين نال فيلم «لا مرافئ للقوارب الصغيرة» من العراق على «الفضي»، وفيلم «غزة بعيونهن» من فلسطين فحقق «البرونزي». 

أما جوائز « الطاهر شريعة» للعمل الأول و» قناة 5 عالم « و»أحسن سيناريو»فكانت من نصيب وليد مطار عن فيلمه«شرش».  

واحرز فيلم «على كف عفريت» للمخرجة كوثر بن هنية على جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل لأفضل سيناريو للافلام التونسية الروائية. 

أما جائزة أحسن ممثل فكانت من نصيب التونسي بطل فيلم «مصطفى زاد» عبد المنعم شويات. 

وحصل فيلم «فيليسيتي «من السنغال على جائزة أحسن موسيقى في حين أحرزت فيرو شالدا بايا على جائزة احسن ممثلة. 

وانطلق المهرجان يوم 4 الشهر الحالي بمشاركة 180 فيلما تونسيا وعربيا وأجنبيا. وقال نجيب عياد مدير المهرجان على هامش الحفل إنّ «الحضور القياسي للجمهور طيلة ايام هذه الدورة يعتبر ظاهرة فريدة من نوعها». 

وأضاف أن «هذا المهرجان شهد بعض الهنات المتمثلة في الفوضى والاكتظاظ». وحضر الحفل عدد من النجوم السينمائيين منهم الممثّل ظافر عابدين والمُخرج فريد بوغدير والممثّلة فاطمة سعيدان وغيرهم.

وشهدت الدورة الثامنة والعشرون من أيام قرطاج السينمائية لهذه السنة على إنتاج تونسي غير مسبوق بلغ 37 فيلما طويلا و41 قصيرا، في مؤشّر على «مناخ الحرية» السائد منذ العام 2011، حسب المنظمين.

ويأتي هذا التقدم التونسي في ظل تراجع أو ركود في الإنتاج السينمائي في المنطقة. 

وشارك في مسابقة المهرجان 15 فيلما قصيرا و14 فيلما طويلا، إلى جانب مشاركة 14 فيلما وثائقيا طويلا و8 أفلام وثائقية قصيرة. 

القدس العربي اللندنية في

13.11.2017

 
 

كاملة أبو ذكرى لمخرج فيلم "مطر حمص": "فيلم اللمبي برقبتك"

كتب: نورهان نصرالله

هاجمت المخرجة كاملة أبو ذكرى الفيلم السوري "مطر حمص" للمخرج جود سعيد، والذي شارك في المسابقة الرسمية للدورة 28 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، والذي اختتم فعالياته مساء السبت الماضي، والتي كانت تشارك كاملة في عضو لجنة التحكيم مسابقة الأفلام الطويلة ضمن فعاليات المهرجان.

وقالت كاملة عبر حسابها على "فيس بوك": "النظام السوري عامل فيلم اسمه مطر حمص عمل فيلم ويدخلوه مهرجانات، ويأخد جوايز بقى ويقولك فيلم مهم، فيلم كاذب يريد أن يعميك عن دم الأطفال ودم العائلات عن دم شعب أخوك، ربنا يجيب لسوريا العدل والآمان، ونرجع نروح سوريا إللي روحتها كتير، وعشقت شوارعها وناسها، كلمة أخيرة من مخرجة لمخرج أرخص أنواع الفن هو فيلمك، تعمل فيلم كذاب لتجمل نظام وحشي، يقتل في شعبك وبلدك، فيلم اللمبي براقبتك".

ويروي الفيلم حكاية عائلة عاشت الحرب في حمص القديمة وتم حصارها من قبل الإرهابيين، وهو من تأليف وإخراج جود سعيد، بطولة محمد الأحمد ولمى الحكيم وبشار إسماعيل ووسيم قزق وحسين عباس.

الوطن المصرية في

14.11.2017

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)