سباق السعفة الذهبية (3): ظهور أندرو جارفيلد
وسبايك لي.. وفيلم كوري يدخل المنافسة بقوة
أحمد شوقي
قبل ثلاثة أيام على ختام المهرجان وإعلان الفائزين
بأهم جوائز سنوية في عالم السينما، تستمر المنافسة في مسابقة
مهرجان كان الحادي والسبعين الدولية في الاحتدام بين مجموعة من
أفضل أفلام العالم. ونواصل تحليلنا لجميع أفلام المسابقة بأحدث
خمسة أفلام تم عرضها، ومن بينها فيلمين أمريكيين منتظرين وآخر كوري
رائع.
أساكو 1و2
Asako I & II –
اليابان
في العام الماضي تضمن مسابقة مهرجان كان فيلمًا
بعنوان "الحبيب المزدوج" للمخرج فرانسوا أوزون، عن امرأة تحب رجلًا
ثم تقابل آخر تطابق ملامحه مع حبيبها. الغريب أن تتكرر نفس القصة
بحذافيراها في مسابقة العام التالي من خلال فيلم المخرج الياباني
ريوسوكي هاماجوتشي، الذي عرفه العالم قبل ثلاث سنوات من فيلمه
الرومانسي ذي الثلاث ساعات "ساعة سعيدة".
إلا أن فارق جوهري يفصل بين فيلم هاماجوتشي السابق
وبين "أساكو 1و2"، وحتى بين الفيلم الجديد وبين فيلم أوزون، هو أن
الفيلم الياباني الثاني في المسابقة ـ بعد رائعة كوريدا "سارقو
المتاجر" ـ يتعثر من بدايته لنهايته في خلق علاقة حقيقية يمكن
للجمهور أن يؤمن بحتميتها، وهذا أمر ضروري في حالة الحكايات
الرومانسية: أن نشعر بأن الشخصيات ليس أمامها سوى أن تتصرف بهذه
الطريقة مهما كلفها الأمر.
الفيلم يبدأ بقبلة دون مقدمات تتم بين فتاة وشاب
تتطور لعلاقة حب مشتعلة، وإن لم يقنعنا هذا الشاب بأنه البوهيمي
الذي يمكن أن يفعل أي شيء وأن يختفى فجأة من حياة حبيبته كما حدث.
لتنتقل الفتاة إلى طوكيو وهناك تقابل شابًا آخر يحمل الملامح
ذاتها، لكنه أكثر انضباطًا يعمل في شركة، يقع في حبها ويستعد لفعل
كل شيء من أجلها، وبعد خمس سنوات من العلاقة يظهر حبيبها السابق
كموديل وممثل شهير لتجد نفسها تنجذب إليه مجددًا.
كون الفيلم مأخوذًا عن رواية ربما يبرر هذا النقص
الشديد في التفهم لخصوصية العلاقتين ودوافع البطلة (لا سيما عندما
توضع على محك الاختيار بين الرجلين)، فهناك قدر كبير من المحافظة
وعدم القدرة على إيصال ما يفترض أن يكون جاذبية جسدية وحسيّة تجذب
البطلة لحبيبها القديم حتى بعد أن تركها ورحل. لا نشعر بفارق كبير
بين العلاقتين، بل ولا بين الرجلين الذين يلعبهما بالطبع نفس
الممثل، دون تغيير كبير في طريقة الأداء أو روح الشخصية، اللهم إلا
تغيير طريقة تصفيف الشعر.
النتيجة فيلم اعتيادي، متوقع، لا يحملك على التفاعل
مع شخصياته ولا يقدم مفاجأة أو انعطاف درامي مُشبع. وفي ظل وجود
فيلم هوريكازو كوريدا الرائع وصدارته لتقييمات الجميع بين أفلام
المسابقة حتى الآن، يبدو أن مشاركة هاماجوتشي في مسابقة كان هي
أبعد ما يمكن أن يصل إليه بهذا الفيلم.
التقييم: ** ونصف من خمس نجمات
بلاكككلانسمان
BlacKkKlansman –
الولايات المتحدة
بعد سنوات طويلة من الغياب عن مسابقة كان يعود
الأمريكي سبايك لي، المخرج والكاتب والناشط في مجال حقوق الملونين،
إلى مسابقة كان بواحد من أفضل أفلامه الحديثة، وإن كان من الظلم
مقارنته بأعماله الأولى المتميزة في نهاية الثمانينيات وبداية
التسعينيات. فيلم خفيف الظل، لاذع النبرة والنقد، لكنه آمن ومتوقع
ولا يحمل عناصر راديكالية (اللهم إلا الربط بين الملونين واليهود
كفئات مضطهدة داخل أمريكا السبعينيات، الأمر الذي يحتاج لمراجعة
ربما).
يلعب جون دافيد واشنطون (ابن النجم دانزيل واشنطون
أحد نجوم أفلام سبايك لي الدائمين، بحضور يقل كثيرًا عن والده) دور
رون ستالوورث، أول ضابط أسود ينضم لمكتب شرطة كلورادو، ليدخل
سريعًا واحدة من أغرب العمليات في تاريخ الشرطة الأمريكية: أن
يتسلل إلى منظمة الكلو كلوكس كلان العنصرية ويصبح واحدًا من
أعضائها، مستغلًا قدرته على التلاعب الصوتي ليقنعهم تليفونيًا بأنه
أبيض عنصري يريد التخلص من الملونين.
عندما يتطور الأمر ويصير عليه أن يقابلهم، يستعين
رون بزميله المحقق الأبيض (آدم درايفر في أداء مميز كالمعتاد)،
ليصير الوضع كالآتي: أكثر من المنظمات العنصرية تطرفًا في التاريخ
الأمريكي تضم عضوًا يؤديه صوتيًا محقق أسود، وجسديًا محقق يهودي!
الطريف أن القصة حقيقية مع بعض التصرف الدرامي
بالطبع، وأن المخرج المشاغب لا يجعلها منعزلة عن العصر الحالي، بل
يربطها به عبر جمل ونكات ذكية مفادها هو أن عنصرية المجتمع هي ما
أدت في النهاية لوصول ترامب إلى المكتب البيضاوي. تعليقات نالت
بالطبع إعجاب الحاضرين خلال العرض الصحفي وضحكاتهم.
إلا أن طرافة الحكاية وقيمتها تتراجع في الفصل
الأخير الأشبه بأفلام التشويق التجارية (بشكل عام هو أكثر أفلام
سبايك لي الأخيرة مخاطبة للجمهور العريض)، بالتحول نحو مسار درامي
متوقع وإن كان بالطبع يحمل إثارة وخفة ظل لا يمكن إنكارها.
إجمالًا، فيلم "بلاكككلانسمان" ممتع للمشاهدة، لكنه
سريع التطاير لن يبقى في الذاكرة طويلًا. وإن كان موضوعه واسم
مخرجه ومحتواه النقدي، يجعلانه من الأفلام المرشحة بقوة لنيل إحدى
الجوائز الفرعية في ختام المهرجان.
التقييم: *** من خمس نجمات
في حرب
At War –
فرنسا
قبل ثلاث سنوات جاء المخرج ستيفان بريزيه إلى كان
بصحبة ممثله المفضل فنسنت ليندو بفيلمهما "قياس رجل"، لينتزع ليندو
بأداء دور رجل من الطبقة العاملة جائزة أحسن ممثل في المهرجان. هذا
العام يبدو تكرار الأمر بعيدًا عن التحقيق، في ظل كون فيلم بريزيه
الجديد "في حرب"، والذي يلعب ليندون فيه دور زعيم عمّالي أيضًا، من
أقل أفلام مسابقة كان 71 إثارة للاهتمام.
الموضوع مهم بالطبع، مصنع في جنوب فرنسا تقرر
المجموعة الألمانية المالكة له أن تُغلقه وتسرّح 1100 شخصًا هم
عماله، بعد عامين فقط من اتفاق أبرمه العمال مع إدارة المصنع
بالاستغناء عن الزيادات السنوية وأجر ساعات العمل الإضافية مقابل
ضمان استمرار المصنع نشطًا لخمس سنوات إضافية. الإدارة تتراجع عن
اتفاقها، والعمال ليس أمامهم سوى الرضا بمبلغ تعويض أو الاعتصام
وتحدي النظام القانوني الذي تعلم الإدارة تفاصيله جيدًا.
ساعتين من الاعتصامات العمالية والحوارات الصاخبة
والمصادمات مع الإدارة والأمن وحتى بين العمال وبعضهم البعض.
ساعتين يتعمد المخرج فيهما ألا يقدم الكثير ـ أو حتى القليل ـ عن
شخصياته ومن ضمنهم البطل، القائد العمالي الذي يصمم على أن يستمر
رفاقه على موقفهم ويصعّدون المواجهة مهما كلفهم ذلك من ثمن، ومهما
تكبد هو شخصيًا وفق النهاية الغريبة جدًا وفقًا للقليل الذي عرفناه
عنه.
بريزيه ماهر في إحكام الإيقاع، يتمكن من الحفاظ على
حد مقبول من الجاذبية في حكاية قد تبدو أنسب لصفحات الجرائد منها
لشاشة السينما، لكنه رغم ذلك يقدم عملًا صالحًا للمشاهدة وإن كان
لا يترك أثرًا كبيرًا. وحتى ليندو الذي يعد مرشحًا دائمًا لجوائز
التمثيل في أي مسابقة، لم ينل القدر الكاف من المادة الدرامية التي
يمكنه من خلالها تجسيد الدور بصورة ملفتة، وإن كان قلة الأدوار
الرجالية المؤثرة في أفلام المسابقة حتى الآن، تجعل اسمه يظل
مطروحًا للنهاية.
التقييم: ** ونصف من خمس نجمات
تحت البحيرة الفضية
Under The Silver Lake –
الولايات المتحدة
أحد أكثر الأفلام المرتقبة في مسابقة كان يأتي
بنتيجة تقل بكثير عن المأمول. الأمريكي دافيد روبرت ميتشيل الذي
شغل العالم قبل أعوام بفيلمه السابق
"It Follows"
يصنع فيلمًا بميزانية كبيرة وحرية أكبر، يستعرض فيه عضلاته كمخرج
كبير قادر على رسم عالم فيلمي متكامل يمتص المشاهد، لكنه يرهق
الفيلم بعشرات الأفكار والتفاصيل الذي تجعل زمنه يطول جدًا، دون
مكافأة حقيقية للجمهور.
من غير المتوقع أن ينال فيلم كهذا نجاح عالمي كبير
بالرغم من لعب النجم أندرو جارفيلد لدور البطولة، وبالرغم من النوع
الذي يمزج بين الجريمة التشويقية وفيلم النوار الجديد
neo-noir
عبر حكاية شاب عاطل يعيش في لوس أنجلوس، تختفي فتاة أعجب بها بشكل
مفاجئ، فيبدأ في تتبع أثرها ليقطع رحلة في عالم الفنون الأدائية
والموسيقى، ومجلات الكوميكس والأغاني التي تحمل رسائل خفية داخلها
لا يفهمها سوى من يعرف بوجودها.
هناك قصدية واضحة في أن يحوز الفيلم على إعجاب جيل
البوب آرت، وكأن ميتشل يصنع فيلمه وهو يتمنى أن يتحول إلى
"Pulp Fiction"
جديد. عشرات الإحالات المتناثرة من السينما والموسيقى والرسوم
المتحركة وكل ما يمكن تصوره من أشكال الفنون الشعبية التي "تُصنع
كي نرميها مثل الكلينيكس"، كما يقولها فنان عجوز غامض يلتقيه البطل
خلال رحلة بحثه، ليكشف له عن كونه من قام بتأليف كافة الأغاني
المشهورة والمحبوبة خلال النصف قرن الأخير!
متاهة يخوضها البطل ونخوضها معه، مع الكثير من
الجميلات العاريات كما يمكن أن نتوقع من فيلم يدور في العالم
السفلي لصناعة الترفيه في لوس أنجلوس. متاهة لدرجة أن الفيلم يفقد
البوصلة فعلًا فنصل لدرجة لا نفهم عندها سبب رغبة ميتشل في تقديم
هذه الحكاية وما الذي انتهى إليه فعلًا كل هذا الزحام من الرسائل
الخفية والمنظمات السرية والأثرياء الذين يعيشون في ممرات سرية تحت
الأرض.
لكن يبقى "تحت البحيرة الفضية" أحد أفضل أفلام
مسابقة كان على صعيد الحرفة. فيلمٌ مشغولٌ عليه بحق على مستوى
الصورة والموسيقى وتصميم الإنتاج وكافة العناصر الفيلمية بما فيها
كيفية تنفيذ المخرج لكل مشهد على حدة. لكن تبقى المحصلة النهائية
أقل بكثير من مجموع عناصرها، ويظل فيلم ميتشيل السابق هو درة
أعماله، وإن كان جديده لم يعدم بعد المعجبين المتحمسين لفيلم يكرّم
ـ بشكل ما ـ ثقافة أثرت في الملايين.
التقييم: *** من خمس نجمات
احتراق
Burning –
كوريا الجنوبية
عنوان آخر يدخل بقوة لمنافسة السعفة الذهبية أو أحد
جوائزها الفرعية، وربما جوائز التمثيل كذلك. المخضرم لي تشانج
دونج، المخرج والروائي ووزير الثقافة الكوري الأسبق، وحامل جائزة
السيناريو في كان 2010 عن فيلمه السابق "شعر"، يعود بعمل جديد
يحتاج الكثير من الصبر في مشاهدته، لكنه يقدم في المقابل ما يستحق
هذا الصبر.
قصة قصيرة للأديب الشهير هاروكي موراكامي يصيغها
تشانج دونج في فيلم مدته ساعتين ونصف، لا يعترف بفضيلة الإيجاز،
ولا يكترث لامتداد مشهد حواري إلى عدة دقائق يتخللها مساحات من
الصمت، لكنه هنا صمت مشحون بالأفكار والمشاعر التي لا تتوقف عن
التدافع في عقل من يشاهد الفيلم بالقدر الكافي من التركيز.
شاب بسيط يحلم أن يكون كاتبًا بعد إنهاء الخدمة
العسكرية، يقابل جارة قديمة تتعرف عليه لتبدأ بينها صداقة بها توتر
الحب، قبل أن تسافر الفتاة في رحلة وتعهد له برعاية قطتها، لتعود
ومعها منافس مستحيل: شاب ثري يركب بورش حديثة ويعيش في شقة فاخرة
ويمتلك كل ما يجعل من البطل خيارًا غير مؤهل بالنسبة للفتاة.
من هذه الحكاية الأشبه بالأفلام القديمة يصيغ
المخرج الكبير رواية سينمائية، ليس فقط عن صراع الطبقات في كوريا
وتبعات الفروق الطبقة على العلاقات، ولكن الأهم هو كونها رواية
سينمائية عن الحيرة وعن الحب، أو عن الحب عندما يكون محيّرًا، وعن
البحث الدائم عن سعادة لا نبلغها أبدًا.
مستو راق من التنفيذ سواء في اختيار مواقع التصوير
من قلب المدينة إلى أقصى الريف الشمالي حيث يمكن التقاط إذاعات
بيونج يانج الدعائية، وتصميم الإنتاج الذي يمنح كل منزل من المواقع
الثلاثة الرئيسية (بيوت الفتاة والشابين) طابعًا ملهمًا مرتبطًا
بالدراما بشكل عضوي لا يمكن الاستغناء عنه، وأداء تمثيلي لا تشوبه
شائبة من الممثلين الثلاثة الذين تقوم نصف قوة الفيلم على أكتافهم.
"احتراق"،
أو بالأحرى احتراق بطئ، لا ينتمي لنوعية الأفلام التي تصلح لمخاطبة
جمهور عريض، هو مناسب لمحبي السينما التأملية الأقل انشغالًا
بالحبكات المثيرة (وإن كان النصف الثاني يحتوي على واحدة). لكنه في
الوقت نفسه يخاطب هؤلاء المحبين بلغة راقية قد تنال رضا لجنة كيت
بلانشيت فنجدها متوّجة في نهاية كان.
التقييم: ***ونصف من خمس نجمات
####
رسالة كان- الفيلم اللبناني "كفرناحوم".. محاكمة
خيالية للآباء وتجربة شخصية للبطلة
أمل مجدي
"طفلة
كان الجميلة"، هكذا وصف الناقد والمؤرخ الفرنسي فيليب روير،
المخرجة اللبنانية نادين لبكي، أثناء المؤتمر الصحفي الخاص بفيلمها
"كفرناحوم" المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي
الدولي في دورته الـ71.
فقد بدأت المخرجة اللبنانية رحلتها مع المهرجان
الفرنسي منذ عام 2005، عندما شاركت بسيناريو فيلمها "سكر بنات"
وعملت على تطويره ليرى النور بعد عامين، ويعرض ضمن تظاهرة نصف شهر
المخرجين. عادت بعدها في عام 2011 مشاركة بفيلم "هلأ لوين؟" في
مسابقة نظرة ما، ثم وقع الاختيار عليها في عام 2015 لتكون عضو لجنة
تحكيم في المسابقة. وأخيرا تنافس حاليا نادين لبكي على السفعة
الذهبية مع 20 فيلما آخر يشاركون ضمن المسابقة الرسمية.
الفيلم تدور أحداثه حول طفل متورط في جناية يدخل
السجن، ويقرر إقامة دعوى قضائية ضد والديه لأنهما أنجباه ليعيش
حياة بائسة معهما دون الحق في هوية شخصية، أو قدرة على توفير
احتياجاته الإنسانية، أو تعليمه. يتطرق الفيلم لعدد من القضايا
المهمة المتعلقة بأطفال الشوارع والزواج المبكر ومعاناة المهاجرين
والعبودية الحديثة، لكن من خلال رحلة طفلين أحدهما رضيع في شوارع
لبنان.
يتضمن فريق عمل مجموعة من الممثلين الهواة يقفون
أمام الكاميرا لأول مرة، يجسد الفيلم أجزاء من حياتهم الشخصية
ومعاناتهم اليومية. ليكون أشبه بعمل سينمائي خيالي ينقل تفاصيل
واقعية وصورة صادقة عمن يعيشون على هامش المدينة.
ونستعرض خلال السطور التالية، أبرز ما جاء في
المؤتمر الصحفي لفيلم "كفرناحوم":
الدافع وراء الفيلم
قالت نادين لبكي إنها أردت من خلال الفيلم الحديث
عن النظام الذي لا يسير على نحو جيد، وخلال البحث وجدت مجموعة من
البشر يعانون خارج هذا النظام بسبب أوراق الهوية.
وأضافت: "كنت أعلم أن التصوير سيستغرق وقتا طويلا
لذلك بحثت عن أشخاص سيبذلون كل ما في وسعهم لإنجاز هذا العمل"،
مشيرة إلى أن مرحلة التصوير استمرت 6 أشهر، تم خلالها إعادة تصوير
مشاهدة كثيرة حتى تصل لقدر عال من المصداقية والواقعية.
وأكدت على عدم وجود قصة حقيقية بعينها دفعتها
لصناعة الفيلم، وإنما عدد من الأِشخاص الذين تعرفت عليهم خلال
مرحلة البحث في الشوارع والسجن وملفات المنظمات الحقوقية.
وحول فكرة إقامة دعوى ضد الآباء، أوضحت أن أكثر من
90% من الأطفال الذين التقت بهم أكدوا أنهم يشعرون بالتعاسة ولا
يعرفون لماذا أنجبهم آبائهم دون القدرة على توفير حياة كريمة لهم.
وشددت على أن القانون الحالي لا يسمح للأطفال برفع دعوات ضد
المسؤولين عن العناية بهم، لافتة إلى أن فكرة المحاكمة من خيالها.
اختيار الطفلين
"مهمة
مستحيلة" هكذا تحدثت نادين عن مرحلة البحث عن الطفل زين الذي جسد
دور البطولة في الفيلم، لأنها كانت ترغب في أن يكون بطلها متمتع
بالذكاء والوسامة ولديه حزن في عينيه ووعي بما يحدث حوله. وأشارت
إلى أنهم عثروا على زين خلال اختبارات أداء أجريت في الشارع.
وحول الطفل الرضيع يونس، قالت أنها فتاة في الحقيقة
تحمل اسم "كنز" وهي كانت بمثابة الكنز في الفيلم لأنها قدمت كل
ردود الأفعال المطلوبة ببراعة.
وفيما يخص التعامل مع طفلين أحدهما طفل رضيع لا
يتجاوز عمره عاما والآخر طفل يبلغ من العمر 12 سنة، قالت لبكي "كان
علينا التكيف مع وضع الطفلين لأنهما لا يمثلان بل يتصرفان على
طبيعتهما".
ونوهت إلى أنها محظوظة بفريق العمل الذي تعاونت معه
في الفيلم نظرًا لتمتعهم بالصبر في وقت التصوير.
في المقابل، تحدث الطفل زين الرفاعي، مؤكدا أنه لم
يجد أي صعوبة في التمثيل ، فقد كان يفعل ما تطلبه منه المخرجة سواء
مشاعر حزن أو فرح ببساطة شديدة.
تجربة شخصية
انهارت الممثلة الإثيوبية يوردانوس شيفيرا، باكية
فور شروعها في الحديث، نظرًا لأن الفيلم جسد معاناتها الحقيقية خلف
الكاميرات.
وقالت الممثلة التي سافرت إلى لبنان في عمر 20
عامًا، "أشكر نادين لأنها اتاحت الفرصة أمام الناس ليعرفوا
الحقيقة، هذه حياتي بالضبط، الفرق الوحيد أنني ليس لدي طفل رضيع
كما جاء في الفيلم".
وذكرت أنها كانت تبكي كثيرا خلال العمل على
مشاهدها، لافتة إلى أن قوات الشرطة ألقت القبض عليها في مرحلة
التصوير وظلت بالحجز 3 أيام حتى تمكن كاتب السيناريو والمؤلف
الموسيقي خالد مزنر من استخراج بطاقة هوية لها.
فيلم من البيت
وصف السيناريست خالد مزنر، زوج نادين لبكي، صناعة
الفيلم تمت في منزلهما وقد كان فريق العمل أشبه بأسرة واحدة.
وشدد على أن نادين كانت تعيد المشاهد أكثر من مرة
كي تصل إلى الحالة المثالية التي تطمح لها.
فيما اختتمت نادين كلمتها بأنها تؤمن بأهمية الفن
ودوره في إحداث تغيير، خاصة في منطقة مثل الشرق الأوسط تعاني من
مشاكل عديدة. |