·
الترشيحات من نصيب "بيضة الديناصور والقفاز".. والنقاد:
"الدب الذهبي" صيني أو ألماني
مضي من عمر مهرجان برلين السينمائي الدولي الـ69. سبعة
أيام. ازدحمت بعروض الأفلام والمؤتمرات. وفعاليات في كل مكان من برلين.
فاليوم يبدأ من الثامنة والنصف وينتهي تقريبا في منتصف اليوم. الأمر الذي
يجعلك في حيرة. لكن أهمها علي الإطلاق المسابقة الرسمية وفيها يتنافس
مخرجون كبار قدموا للسينما أعمالاً متميزة. ومخرجون شباب يقدمون أعمالاً
أيضاً مبهرة. ولكن حينما تجد أن الكبار من المخرجين يخرجون عما تعودناه
منهم ويثيرون الجدل ضدهم. هنا يكون الاختيار واضحاً ويصعب غض النظر عنه.
فلقد انقسمت الآراء خلال الأيام السابقة حول فيلمين في المسابقة الرسمية
لمهرجان برلين السينمائي الدولي الـ69 " 17-7 فبراير 2019". بين مؤيد
ومعارض. الفيلم الأول هو ¢أوندوج¢ أو ¢بيضة¢ ويقصد هنا بيضة الديناصور.
للمخرج الصيني وانج كوانان الحاصل من قبل علي الدب الفضي افضل سيناريو من
مهرجان برلين عام 2010 عن فيلمه ¢إلي جانب بعض¢. وكذلك عام 2007 فاز بالدب
الذهبي عن فيلمه ¢زواج تويا¢. ويجده البعض مملاً وباهتاً ويستعرض قصة غير
مفهومة لشخصيات غريبة الأطوار. والبعض الآخر يجده فيلماً يعيد النظر في
الطبيعة والحياة وفكرة التكاثر من أجل البقاء.
وفيه يعود إلي سهوب مانغوليا وحياة سكانها. مع بعض الحكايات
الغريبة. وحسب حديث المخرج خلال المؤتمر الصحفي فإنه لا يعكس فقط طريقة
تعايشهم مع الطبيعة وسط الحقول والخيول والتعالب. ولكن ينقل أيضاً البساطة
وطريقة تعبيرهم عن الحب. ومحاولاتهم للبقاء. حتي أن بعض الجمل التي نطقت
علي لسان أحد أبطال الفيلم. أنه من سلالة الديناصور. ويجب الاستمرار في
التكاثر من خلال تكوين ¢أوندوج¢ أو ¢بيضة¢ أو بمفهومنا إنجاب طفل. وهو هنا
يوضح من خلال السيناريو الذي كتبه فكرة محاولة البقاء والاستمرار في
الحياة.
ولكن الحقيقة لم يستطع الكثيرون فهم ما وراء صورة المخرج
وانج كوانان. واتضح ذلك خلال المؤتمر الصحفي. حينما سمعنا حديثه عن الطبيعة
والجمال والحب. وأن فيلمه يرمز لكل هذه الأشياء. فكثرت علامات التعجب بين
الصحفيين خاصة المعترضين منهم لطريقته في عرض فكرته.
ويري وانج أن وقتنا الحالي مفتقد لهذه الأشياء. ويحاول
بفيلمه استرجاعها. ومن خلال هذه الشخصيات البسيطة جدا في حياتها. وفي
فكرها. وأن الحياة عامة لا يحدث فيها الكثير لفترات طويلة تصبح رتيبة ومملة
وروتينية إلا إذا حدث شيء جديد يغير حالة سكون الحياة وذلك فمولود يولد. أو
شخصية موت. أو تعيش حالة حب. وهكذا يتضح سبب الايقاع البطيء والمشاهد
الطويلة التي بلا حدث أو جمل حوارية. فإنها مقصودة وبفعل المخرج.
الفيلم الثاني هو ¢القفاز الذهبي¢ للمخرج الألماني فاتح
اكين الذي حصل علي جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين عام 2004 عن فيلمه
¢رأسك فوق¢ وجائزة النقاد الدوليين "الفيبريسي" عن نفس الفيلم في نفس
العام. فيري البعض أن فاتح اكين أخذ قراراً متهوراً باختياره قصة حقيقية
حدثت بالفعل لينقلها إلي الشاشة عن السفاح الألماني الشهير ¢فريتز هونكا¢
الذي قتل فوق الخمسة سيدات كبار في السن. ومن وجهة نظرهم أنه أساء
الاختيار. وأخرج فيلماً مقززاً. لتصويره أدق التفاصيل لهذه الشخصية المعقدة
نفسياً. والبعض الآخر يري أنها جرأة من أكين أن يختار هذه القصة. وأن
يستطيع بكل براعة أن ينقل صورة طبق الأصل من السفاح. ومحيطه. وحتي اختياره
للممثلين. حرص علي أن يكون الشبه قريباً بينهم وبين الشخصيات الحقيقية.
واتضح ذلك في نهاية الفيلم ومع نزول ¢التيتر¢ استعرض اكين صور الضحايا
وصورة ¢فريتز¢. والمنزل المقيم به.
الجدير بالذكر أن فيلم ¢القفاز الذهبي¢ سيناريو وإخراح فاتح
اكين. ومأخوذ عن قصة الكاتب هاينز سترانك. وهو الكتاب الأكثر مبيعا في
العالم.
والقصة تبدأ من 1970. ونتعرف علي ¢هونكا¢ من خلال أول عملية
قتل لامرأة عجوز. في شقة قديمة جدا. قذرة. ومحاولاته للتخلص من الجثة ويبدو
علي وجهه الخوف. ولم يستطع التخلص منها إلا بتقطيعها. لا نري أي شيء ولكن
نسمع فقط صوت المنشار الذي استخدمه. ثم تخلصه من بعض أجزائها في الشارع
وأجزاء أخري وضعها في ¢سندرة¢. ثم ينقلنا بعد أربع سنوات إلي مرحلة أخري من
حياة ¢هونكا¢ فنعتقد أن الأمر انتهي. ولكن نكتشف أنه مستمر. وأصبح القتل
عادة.
ركز اكين علي بشاعة الفعل أكثرمن أي شيء. ومدنا بكل العناصر
التي توصل إلي حالة الاشمئزاز والنفور. فمثلاً في أحد المشاهد يظهر ¢فليتز¢
السفاح مصطحباً إحدي ضحاياه امرأة عجوز. التي تقوم بمسك أنفها من بشاعة
الرائحة. فمجرد التعبير جعلنا كمشاهدين نشعر نفس الإحساس.
لم يهتم اكين بالجانب النفسي. فلم نعرف حتي نهاية الفيلم
لماذا يستخدم السفاح ¢هونكا¢ كل هذا العنف. ما هي عقدته. ولكن نستنتج من
بعض الحوارات أنه دائما مرفوض من قبل الجنس الآخر. ربما هذا لشعور بالرفض
حوله إلي إنسان مريض. لا يجد طريقة لارضاء رغباته الجنسية غير جذب السيدات
المسنات وممارسة الجنس معهن بشكل عنيف ومقزز. ومن تعترض يقوم بقتلها
ببشاعة.
لكنه اهتم بالجانب التمثيلي الذي كان أكثر من رائع من قبل
كل الفريق خاصة بطل الشخصية الرئيسية الشاب جون داسلر "23 عاما". وطبعا
الماكياج الذي حوله إلي رجل في الثلاثينيات من عمره. قبيح. عيون داسلر
زرقاء. عيون ¢هونكا¢ سوداء جاحظة. يمشي متهدلاً بخطوات. |