كان 2019| من الأقرب للفوز بالسعفة الذهبية؟
هيثم مفيد
يسدل الستار مساء اليوم السبت، على فعاليات مهرجان كان
السينمائي الذي يختتم عروض دورته الـ72 بفيلم الدراما الفرنسي
"The Specials"
للمخرجين أوليفر ناكاتشي وإيريك توليدانو.
دورة العام الحالي نجحت في جذب أنظار المريدين من عشاق
السينما على مدار 10 أيام ببرنامج متنوع وثري، ضم في مسابقته الرسمية 22
فيلمًا من مختلف أنحاء العالم وكان من بينهم الفيلم الفلسطيني "لا بد أن
تكون هى الجنة" للمخرج إيليا سليمان، وغيرها من الأفلام العربية، الموزعة
بين أقسام المهرجان المختلفة.
وسيطرت عدد من الموضوعات الشائكة، التي تثير قلق صانعي
السينما حول العالم، على تشكيلة أفلام المسابقة الرسمية وجاء في مقدمتها
قضايا الهجرة والتطرف والركود الاقتصادي وما يترتب عليه من إشكاليات
اجتماعية، كما حازت بعض الأفلام على مراجعات إيجايبة جعلتها الأقرب لحصد
جائزة "السعفة الذهبية" المرموقة، وهى ما سنحاول أن نلقي نظرة عليها خلال
التقرير التالي.
المخرج الإنجليزي كين لوتش، قدم لنا في فيلم
"Sorry We Missed You"
محاكاة لحياة البسطاء والمهمشين في المجتمع، من خلال حياة أسرة بريطانية،
تجد نفسها بين فكي كماشة العمل المضني اليومي ومتطلبات الحياة المادية، إلى
أن يقرر يوما رب الأسرة الدخول في مشروع جديد. كانت البداية صعبة في
التأقلم مع ظروف العمل، إذ ظل رب الأسرة يكد كل يوم على الرغم من الصعاب،
ويحاول أن يتجاوز العراقيل التي تعترضه، إلا أن ذلك أثر سلبًا على حياته
الإجتماعية والأسرية.
أراد "لوتش" أن يعري الوجه المتوحش لتوجهات اقتصادية لحكومة
بلاده، التي توهم الطبقة العاملة طول الوقت بخلق مشاريع ذاتية، لكنها مجرد
مناورات سياسية يراد منها استعباد طبقة معينة، مثل بطل الفيلم، تكون مجبرة
على الكد صباحًا ومساءً دون أن يكون لذلك أي تأثير إيجابي على حياتها
الاجتماعية.
ويسلط المخرج الفرنسي لادج لي الضوء على الأوضاع الصعبة في
الأحياء الشعبية الفرنسية من خلال فيلم
"Les Miserables"،
الذي لخص كل الأمراض التي تنخر جسد هذه الأحياء بداية من العنف مرورا
بالبطالة ووصولا إلى انتشار الأصولية الإسلامية وتوظيفها سياسيًا.
اختيار المخرج لعنوان الفيلم يحمل إسقاطًا عمديًا على رواية
"البؤساء" للكاتب الفرنسي فيكتور هوجو، التي كتبها قبل أكثر من 150 عاما
وكان أحد الأحياء الشعبية مسرحا لجزء منها، حتى يقول إن الأوضاع في الأحياء
الهامشية لباريس هي نفسها، ولم تتغير على الرغم من توالي السنوات تلو
الأخرى.
أما فيلم
"Bacurau"
فقدم قصة سكان قرية تم عزلها، ولم يعد يصلها حتى ماء الشرب، بل أن شاحنة
نقل هذه المياه إليهم تستهدف بالرصاص الحي من قبل عصابات في منطقة، أصبحت
فيها القوة والعنف هي من يفصل في كل شيء.
المخرجان كشفا عن القلق الذي يسكنهما حول مستقبل البرازيل
جراء العنف وتوحش الرأسمالية، خاصة مع التغيرات السياسية المثيرة للقلق
التي حصلت في بلادهما بوصول اليمين المتطرف للحكم.
المخرج الكوري الجنوبي الشهير بونج جون هو، الذي شارك في
مهرجان "كان" قبل عامين بفيلمه الشهير
"Okja"
الذي سلط خلاله الضوء على أثر مخلفات المصانع على الخلل البيئي، يعود هذه
المرة بفيلم
"Parasite"
الذي يعكس صورة المجتمع الكوري الحالي من وجهة نظر اجتماعية واقتصادية
وسياسية.
ومن بين صانعي الأفلام المرموقين في "كان" هذا العام، كان
المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار، الذي قدم ميلودراما جديدة تحمل اسم
"Pain & Glory"
ويعتبر هذا العمل الذي لقى صدى واسعًا بين جمهور المهرجان أحد أفضل أفلام
"ألمودوفار" منذ سنوات ويحتل المرتبة الأولى بين رواد المنافسة.
وتدور أحداث الفيلم الذي يقوم ببطولته أنطونيو بانديراس
وبينلوبي كروز، حول مخرج يمرّ بفترة محبطة، حيث تتم استعادة طفولته، ومحطات
مختلفة من حياته، في واحدة من أكثر تجاربه السينمائية شخصية.
وضرب جمهور "كان" موعدًا هذه الدورة مع أجدد أفلام الأخوين
البلجيكيين جان بيير ولوك داردين، الذين سبق لهما أن فازا بسعفتين ذهبيتين،
وحمل أسم
"Young Ahmed"،
ويأتي في سياق انكباب السينما بشكل عام على ظاهرة التطرف والإرهاب الذي
استطاع أن يتسرب إلى عائلات أوروبية عجزت عن التصدي له على الرغم من مساعدة
الدولة لها. ويظهر الفيلم شابا في سن المراهقة، يخرج عن سيطرة الأسرة،
ويتحول لدمية بين يدي إمام كل همه الدفع به أكثر فأكثر نحو التطرف إلى أن
ينتهي الفيلم بعمل كارثي.
ويتناول فيلم الدراما
"Atlantique"،
الذي يُعد العمل الروائي الطويل الأول للمخرجة الفرنسية السنغالية ماتي
ديوب، التداعيات التي يعانيها المهاجرون وعائلاتهم بسبب رحلات هجرتهم
القسرية.
وتطرق المخرج الأمريكي الشهير تيرانس ماليك، الذي يعود
لأحضان "كان" بعد 11 عامًا، إلى معالجة لقصة من قصص الحرب العالمية الثانية
بعنوان
"A Hidden Life"،
تدور أحداثه خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية، وتستند قصته
الحقيقية على حياة المزارع النمساوي فرانز جاجرستاتر (أوجست ديل)، وزوجته
فاني (فاليري باشنر)، وبناتهم الثلاث الصغار في مزرعة بالقرب من قرية سانت
راديجند الجبلية التي تسودها البهجة والسعادة والمحبة.
هذه الحياة الهادئة التي تحضتنها جبال الألب بمناظرها
الخلابة، سرعان ما تتبدد بعد أن نسمع صوت الطائرات الحربية تسود المنطقة
وإعلان قيام الحرب، التي يرفض فرانز أن يكون جزءًا منها بأي شكل من الأشكال
ويقرر مواصلة زراعة البطاطس والقش؛ لكن زملاؤه القرويون الخائفون من جحيم
هتلر وعصابته يشجعوه على الانضمام إلى الجيش، وتتطور تكتيكاتهم من الإقناع
الودي إلى الإقناع غير الودي، ويتم تجنيده، ويخبر السلطات العسكرية النازية
أنه لن يساعد الجيش بأي شكل من الأشكال، ليتم إعدامه من جانب الجيش النازي
رميًا بالرصاص في مقاطعة براندنبريج الألمانية في 9 أغسطس 1943 ويصبح فرانز
من وقتها إلى الآن رمزًا من رموز المقاومة السلمية.
وحظي فيلم الكوميديا والجريمة المنتظر
"Once Upon a Time in Hollywood"
للمخرج كوينتين تارانتينو، بردود فعل إيجابية من جانب النقاد والجمهور عقب
عرضه العالمي الأول الأسبوع الماضي.
ويعيد الفيلم، الذي يُعد أخر أعمال "تارانتينو"، النظر في
الجريمة البشعة التي ارتكبها تشارلز مانسن ورفاقه في عام 1969 بحق الممثلة
شارون تيت وجنينها بالإضافة إلى 3 أصدقاء آخرين.
كما ألقى الفيلم أيضًا، نظرة على العصر الذهبي في هوليوود،
وشوارع لوس أنجلوس الساحرة والمليئة بالحياة والحيوية خلال حقبة الستينيات،
بجانب إعادة تصوير عدد من المشاهد لنجوم السينما العالمية أمثال بروس لي.
ولم تخلو المسابقة الرسمية من التمثيل العربي، حيث شارك
المخرج الفلسطيني بفيلم "لا بد أن تكون هى الجنة" وتدور أحداثه في إطار
كوميدي حول المخرج إيليا سليمان الذي يسافر إلى مدن مختلفة ويجد أوجه تشابه
غير متوقعة في وطنه فلسطين. كما نافس المخرج الفرنسي – التونسي عبداللطيف
كشيش، بفيلمه المثير للجدل
"Mektoub،
My Love: Intermezzo"
ويُعد تتمة لجزء أول قدم في دورة العام 2017 من مهرجان فينيسيا السينمائي
تحت عنوان
"Mektoub،
My Love". |