المدى في مهرجان كان السينمائي 72:
السعفة الذهبية إلى الكوري الجنوبي بونغ جوو-هو.. وإقصاء
مخرجين كبار عن منصّة الجوائز
عرفان رشيد - مهرجان (كان) السينمائي الدولي
كما توقّعت في الكتابة السابقة التي نُشرت في «المدى» أمس،
ومنذ اللحظة التالية لإنارة أضواء قاعة «ديبوسي» في مهرجان «كان»، عَقِبَ
عرض فيلم «طفيليون» للكوري الجنوبي بونغ جوو-هو، فقد حلّقت سعفة المهرجان
الذهبية الى جنوب شرقي آسيا، لتتجاور مع السعفة التي فاز بها في العام
الماضي الياباني هيروكازو كوري إيدا عن فيلمه الجميل «سارقو المتاجر».
ونال بونغ جوو-هو، سعفته عن فيلم أبهر الجميع، ولم يندهش
أحدٌ لقرار لجنة التحكيم الدولية التي ترأسها المخرج المكسيكي آليخاندرو
غونزاليس إينيارّيتو، كما لم يُعرب أيٌ من مشجّعي الأعمال الأخرى أيّ
احتجاج، وذلك لأنّ فيلم «طفيليون» ومخرجه وفريق عمله نالوا الجائزة عن
استحقاق كامل.
وعلى الرغم من أنّ لجنة إينيارّتو أرضت بجوائزها تسعة من
مجموع واحدٍ وعشرين فيلماً شارك مخرجوها في المسابقة الرسمية، فقد بقيت
اسماء كبيرة خارج منصة الجوائز ما كان فوزها ليثير أي جدل، ومن بين هؤلاء
أُشير الى المخرج البريطاني الكبير كين لوتش الذي قدّم بعمله «عذراً، جئنا
ولم نجدك» قراءة أخرى من قراءاته لطبيعة الرأسمالية الحديثة وعن جورها
واستعبادها للبشر، حتى في زمان انهيار الايديولوجيّات؛ ونأى عن منصة
الجوائز أيضاً المخرج الأمريكي تيرينس مالك الذي عرض شريطه «الحياة
الخفيّة»، والأمريكي كينتين تارانتينو الذي أدّى بطولة فيلمه «كان يا كان
في هوليوود» كلٌ من ليوناردو دي كابريو وبراد پيت، وأُقصي عمن منصّة
الجوائز أيضاً المخرج الأمريكي جيم جارموش والايطالي الكبير ماركو
بيلّوكّيو الذي قدّم بشريطه «الخائن» قراءة خاصة للغاية لشخصية العراب
المافيوي «النادم» تومّازو بوشّيتّا، الذي وجّه باعترافاته التي أدلى بها
إلى القاضي جوفاني فالكوني ضربة موجعة إلى مافيا كوزا نوسترا الصقليّة، وما
كان للدولة الإيطالية ان تتواجه مع المافيا دون تلك الإسهامة.
ولم يحظَ عمل المخرج الفرنسي ( تونسي الأصول) عبداللطيف
كشّيش «مكتوب: إنتر ميتزو» بإعجاب لجنة التحكيم، وعلى ما يبدو، لم يتمكن
الفيلم من إقناع رئيس لجنة التحكيم أو استمالته الى جانبه. إلاّ أنّ كشيش
الحاصل على سعفة «كان» الذهبية في عام 2015 عن فيلمة «حياة آديل»، تمكّن
عبر فيلمه المشاكس، إثارة جدل كبير ومواقف متضاربة ومتباينة ما بين النقاد،
ويُتوقّع أن يستمر هذا الجدل إذا ما عُرضَ الفيلم في الصالات دون أيّ
اقتطاع، وذلك لجرأته الجسورة.
ومنحت لجنة التحكيم الى المخرج الفلسطيني إيليا سليمان
«إشادة خاصة»، عن شريطه «لا بد أنّه الفردوس». وفيما نال النجم الإسباني
آنتونيو بانديراس جائزة أفضل ممثل عن أدائه دور «الأنا الأخرى» في فيلم «
ألمٌ وزهو» لصديقه بيدور آلمودوڤار، فقد نالت النجمة إيميلي بيشام جائزة
أفضل أداء نسوي عن دورها في شريط «جو الصغير» من إخراج النمساوية جيسّيكا
هاوسنر.
ونالت المخرجة وكاتبة السيناريو الفرنسية سيلين شمّا جائزة
أفضل سيناريو لفيلم «بورتريت سيّدة فوق شعلة نار»، وكانت ممثلتها آديل
هانيل منافسة قوية للفوز بحائزة التمثيل النسائي.
وتُظهر النتائج التي قرّرتها لجنة التحكيم برئاسة آليخاندرو
غونزاليس إينيّارّيتو وزوملاؤه مالوا صوب تفضيل السينما الكلاسيكية، وما
جائزة أفضل إخراج التي مُنحت الى الأخوين داردان عن فيلمهما «أحمد الصغير»،
إلاّ دليلاً على ذلك، إذْ ركّز الفيلم جُلّ اهتمامه على قص الحدث اليومي
والمعاش، وجاء العمل كنموذج عن « السهل الممتنع»، أي رواية المُعاش اليومي
بأدوات ومفردات ذات اليومي والمعاش، وقد أشبع المخرجان الفيلم بالإيقاع
السريع والحيوي واستفادا من يفاعة عمر البطل أحمد الصغير (إيدّير بن عدّي)
الذي بدا وكأنه قد دخل في سباق مع الزمن لبلوغ المنعطف الأخطر والأكثر
تراجيديّة في حياته، وهو منعطف مفتوح على احتمالين: القتل والموت، أو
النكوص عن القتل والتنعّم بالحياة". ولم يكن لأحمد أن يختار ما اختار في
النهاية "لولا حدوث معجزة ما“.
وكانت لجنة التحكيم الدولية لمسابقة «نظرة ما» في الدورة
الثانية والسبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي قد أعلنت مساء الجمعة عن
منح جائزتها الأولى الى فيلم «الحياة الخفية ليوريديتشي كوزمانوفيتش»
للمخرج البرازيلي كريم عينوز.
وعُرضت في هذه المسابقة21 فيلماً، كانت تسعة من بينها هي
العمل الروائي الطويل الأول لمخرجيها، فيما ضمّت القائمة أعمال مخرجين
مؤسّسين ومخضرمين كالفرنسيّين برونو دومون وآلبيرت سيرّ.
وضمّت هذه المسابقة ثلاثة أعمال لمخرجات عربيات كالمغربية
مريم الوزاني بفيلمها «آدم» والجزائرية مُنية مدّور، ابنة المخرج الجزائري
الراحل عزالدين مدّور التي قدّمت فيلم «پاپيشا»، فيما منح المدير الفني
لمهرجان صولجان الافتتاح الى المخرجة منيا شكري التي قدّمت شريط «إمرأة أخي».
وكانت رئاسة لجنة التحكيم في هذا البرنامج قد أنيطت الى
المخرجة والممثلة اللبنانية المعروفة نادين لبكي التي نالت في العام الماضي
جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلمها « كفر ناحوم»، وضمّت اللجنة كلاً من
الممثلة الفرنسية مارينا فوس المنتجة الألمانية نورهان سيكيري-بورست
والمخرج الأرجنتيني ليساندرو ألونسو والمخرج البلجيكي لوكاس دونت
. |