أيام قرطاج السينمائية تواصل مسيرتها على خطى مديرها الراحل نجيب
عياد
المهرجان يقدم 44 فيلما تتنافس على جوائز "التانيت" يتابع الجمهور
من خلاله 14 فيلما تعرض لأول مرة.
كان خبر رحيل مدير أيام قرطاج السينمائية الناقد والمنتج السينمائي
التونسي نجيب عياد، خبرا صادما لكل المهتمين بالشأن السينمائي.
رحيل مفاجئ قبل أسابيع قليلة من انطلاق دورة جديدة من المهرجان،
وإن كان التأثر نال من جميع المشاركين في لجنة التنظيم، فإنه لم
ينل من عزيمتهم على إنجاح هذه الدورة التي أهديت إلى روح الفقيد
وتحمل اسمه.
تونس
- تزينت
مدينة الثقافة في تونس العاصمة لتستقبل نجوم وصناع السينما من معظم
أنحاء العالم، احتفالا بافتتاح الدورة الثلاثين من أيام قرطاج
السينمائية مساء السبت.
وكرّم المهرجان في الافتتاح اسم الناقد والمنتج نجيب عياد، الذي
تولى إدارة الدورتين السابقتين ورحل في أغسطس الماضي، بينما كان
يجهز برنامج هذه الدورة.
وعرضت إدارة المهرجان فيلما قصيرا يحكي مسيرة عياد ومساهمته في
تطوير صناعة الأفلام في تونس ومهرجان أيام قرطاج السينمائية عندما
تولى إدارته في 2017 و2018. وتسلمت عائلته التكريم.
وقالت شيراز العتيري، المديرة العامة للمركز الوطني للسينما
والصورة بهذه المناسبة، “هو من رسم ملامح هذه الدورة وخط مسارها،
هو من وضع أسس فقراتها، وهو من أحب هذا المهرجان وحوّل هذا العشق
والولع إلى فريق المهرجان، لكن شاءت الأقدار أن يغادرنا جسدا لكن
روحه الجميلة حاضرة بيننا، لأن الحياة تتواصل ولأن الفنان لا يموت
يبقى نجيب عياد باقيا بيننا وفينا”.
كما عرض شريط آخر يكرّم المخرج التونسي الراحل شوقي الماجري وعددا
من الأسماء العربية والأفريقية التي فقدتها الساحة السينمائية
مؤخرا، ومنهم الممثل المصري فاروق الفيشاوي والمخرجة اللبنانية
جوسلين صعب والممثل المغربي عزيز موهوب والمخرج الموريتاني محمد
هندو.
أفلام ولجان
يتضمن المهرجان أربع مسابقات رسمية، للأفلام الروائية الطويلة وتضم
12 فيلما، والأفلام الروائية القصيرة وتضم 12 فيلما، والأفلام
الوثائقية الطويلة وتضم 12 فيلما كذلك، والأفلام الوثائقية القصيرة
وتضم ثمانية أفلام.
ومن بين 44 فيلما تتنافس على جوائز “التانيت” يتابع جمهور المهرجان
14 فيلما تعرض لأول مرة.
وفي ختام حفل الافتتاح عرض المهرجان فيلم “عرايس الخوف” للمخرج
التونسي نوري بوزيد، الحائز على الجائزة الخاصة بحقوق الإنسان في
مهرجان البندقية.
وتضم لجان التحكيم المسابقات الرسمية في عضويتها 15 سينمائيا من
منتجين ومخرجين وكتّاب سيناريو وممثلين.
ويترأس المخرج السينغالي الفرنسي آلان غوميز لجنة التحكيم الكبرى،
وإلى جانبه المخرج الياباني فوكادا كودجي والممثل الجزائري حسان
كشاش والمخرج التونسي محمود بن محمود والمخرجة المغربية مريم بن
مبارك والسينمائية الزمبابوية تسيتسي دنغارمبغا والمخرجة اللبنانية
ياسمين خياط.
بينما يترأس المخرج الأميريكي جيروم غاري لجنة تحكيم الأفلام
الوثائقية، التي تضم في عضويتها الصحافية والناقدة السينمائية
الكونغولية دجيا ممبو والناقد السينمائي الكامروني جون ماري تينو
والكاتب المسرحي التونسي محمد المديوني ومدير التصوير والمخرج
المصري محمد صيام.
أما لجنة تحكيم العمل الأول “جائزة الطاهر الشريعة”، فيترأسها
المنتج الفلسطيني السويدي ومدير مهرجان مالمو للسينما العربية محمد
قبلاوي، ويشاركه التحكيم كل من الممثلة والمنتجة التونسية أنيسة
داوود والسينمائي الرواندي جويل كاركازي.
وتواصل الأيام انفتاحها على فضاءات أخرى أهمها تنظيم الأيام في
السجون، وهي بادرة أطلقها المخرج إبراهيم اللطيف سنة 2015 حين تولى
إدارة المهرجان، وشدت هذه الفعالية المهتمين بالشأن الفني والثقافي
ومكونات المجتمع مدني لخصوصية التجربة واستثنائيتها.
وفي نسختها الخامسة تقدم هذه الفقرة من المهرجان 6 أفلام في 6
وحدات سجنية مختلفة، حيث تَعد فقرة “أيام قرطاح السينمائية في
السجون” في دورة نجيب عياد هذا العام بأن تكون فرصة لقاء بين صناع
الفن السابع والمساجين للنقاش والتفاعل حول الأثر السينمائي
إيمانا بحق نشر الثقافة السينمائية، التي هي حلم وطموح وتفكّر.
سينماءات من العالم
في إطار فلسفة أيام قرطاج السينمائية الداعمة للثوابت وبعد نجاح
فكرة استضافة سينماءات جنوب آسيا وأميركا ضمن قائمة ضيوف الشرف إلى
جانب بلد إفريقي وآخر عربي في دورتي 2017 و2018، تواصل أيام قرطاج
السينمائية 2019 هذه التجربة المثمرة، والتي تستضيف في هذه الدورة
كلا من نيجيريا عن إفريقيا، لبنان عن المنطقة العربية، اليابان عن
آسيا، والتشيلي عن أميركا اللاتينية. وبالتالي ترسخ أيام قرطاج
السينمائية هويتها الأفريقية والعربية وتنفتح في الآن نفسه على
سينماءات جديدة، فيكون بذلك مهرجانا ثلاثي الأبعاد كما يصفه الراحل
نجيب عياد.
وكان المدير العام لأيام قرطاج السينمائية 2019 الراحل نجيب عياد
قد أكد في الندوة الصحفية لـ”الأيام”، على هامش مهرجان كان
السينمائي في دورته 72، تميّز سينماءات البلدان المختارة ضمن
فعاليات سينما تحت المجهر وثراء تجربتها ورصيدها السينمائي.
وتعد السينما اللبنانية الحاضرة في فعاليات “تحت المجهر” من أقدم
السينماءات العربية، فقد عرفت بيروت الفن السابع منذ فتراته
الصامتة. ويعتبر فيلمي “بياعة الورد” و”كوكب أميرة الصحراء” لعلي
العريس النواة الأولى لمشروع سينمائي لبناني لم تكتمل ملامحه إلا
بقدوم جورج نصر؛ أول مخرج يقدم سينما بلاده للعالم بفيلم “إلى أين؟”.
السينما اللبنانية، التي كانت في بداياتها منافسا شديدا للتجربة
المصرية من منطلق دورها في تشكيل مرحلة مهمة من سينما “هوليود
الشرق” على المستوى الفني والتقني، إلا أن مرحلة الحرب كانت
المنعرج الذي غيّر توجهات السينما اللبنانية.
وفي أيام قرطاج السينمائية تحضر سينما لبنان تحت المجهر بـ16 فيلما
(10 أفلام طويلة و6 أفلام قصيرة)، ومن بينها “غود مورنينغ” لبهيج
حجيج، “طيف المدينة” لجان شمعون، “حروب صغيرة” لمارون البغدادي،
“سكر بنات” لنادين لبكي و”موجة 98″ لإيلي داغر، فيما يكون
الافتتاح بفيلم “1982” لوليد مؤنس مرشح لبنان لمسابقة أفضل فيلم
أجنبي أوسكار 2020، إلى جانب المعرض التكريمي في الافتتاح، والذي
يعرض صور أفلام كلاسيكية لبنانية جمعها الفنان عبود أبوجودة.
أمّا الضيف الأفريقي في فعاليات سينما تحت المجهر لأيام قرطاج
السينمائية 2019 (دورة نجيب عياد) فسيكون “نوليوود” أو السينما
النيجرية في مسماها التقليدي، هذه التجربة الاستثنائية، التي تمكنت
من خلال مضامينها الفنية عن واقع القارة السمراء وقضاياها من إحداث
حراك سينمائي لافت مكنها من احتلال المرتبة الثانية عالميا على
مستوى إنتاج الأفلام بعد “بوليوود”.
ومن نيجيريا تشارك 9 أفلام منها فيلم الافتتاح “موكاليك ” وهو آخر
إنتاجات كونلي أفولايان، غرين وايت غرين” للمخرج وكاتب السيناريو
أبا تي ماكاما، “إزرا” لنيوتن اي أدواكا وغيرها.
ولا يمكن الحديث عن سينما أميركا اللاتينية ومشاهدة أفلامها دون أن
تكون التجربة التشيلية في مقدمة خيارات محبي السينما والشغوفين بفن
سابع مغاير وبديل وفي سينما تحت المجهر، اختار المهرجان 6 أفلام من
التشيلي تعكس الحراك العميق عبر أجيال من المخرجين وصناع السينما.
وتقترح هذه الفعالية على جمهور “الأيام” ضمن برمجتها فيلم “كابروس
دي ميردا” لغنزالو جستنيانو في افتتاح الفعالية، وسيكون المخرج
حاضرا لتقديم فيلمه. كما تضم برمجة سينما التشيلي تحت المجهر
“إلموسيتو” لمارسيلا سعيد، وهو فيلم وثائقي طويل إنتاج سنة 2012،
وسبق وتوج بجائزة الأفق لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان دوك في
ميونيخ. ويصور المخرج التشيلي راوول رويز في فيلم
“Miroirs de Tunis”
حوارا بين قصائد الشاعر التونسي عبدالوهاب المؤدب ومدينة مولده
تونس العتيقة.
ويقودنا وصف السينما اليابانية إلى عالم سحري تتماهى فيه الفنون
البصرية ومفردات الحكي والخرافة. فالسينما اليابانية لها مكانة
خاصة بين التجارب العالمية المؤثرة في الفن السابع.
وضمن فاعلية السينما اليابانية تحت المجهر، تقترح أيام قرطاج
السينمائية 8 أفلام لأجيال مختلفة من صناع السينما، من أشهرهم
وأكثرهم تأُثيرا كينجي ميزوغوشي أو كما يصفه محبّو الفن السابع
بمؤسس السينما اليابانية، وذلك بعرض فيلمه “أوجستو”
(Ugetsu Monogatari )
إنتاج سنة 1953 والمتوج بالأسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي.
ولا يمكن برمجة أفلام يابانية في أيام قرطاج السينمائية دون المخرج
الياباني الأكثر شعبية في العالم وفيلمه “رجال الساموراي السبعة”،
فتأثُير أكيرا كوروساوا في صناعة السينما تجاوز اليابان وحلّق
بعيدا بأعمال على غرار “راشمون”و”ران”. |