دعم مشاريع السيناريو.. خطوة هامة لإنقاذ صناعة السينما
كتب: ضحى
محمد
أحلام فكرية تحولت إلى مشاريع سيناريو، يحاول أصحابها أن
يُخرجوها للنور بدلاً من أن تظل حبيسة الأدراج، ليحفروا أولى خطواتهم
الفنية فى طريق الشهرة والوصول إلى دعم من شركات الإنتاج، والنظر إلى
موهبتهم باعتبارها من الممكن أن تفتح الطريق أمام خروج مشروع سينمائى
متكامل.. بالفعل مدّت المهرجانات المصرية والدولية يد العون وفتحت الطريق
أمام الشباب بدعم مشاريع السيناريو، سواء بمبلغ مادى أو مساعدتهم فى
الاستعانة بخبراء فى ذلك المجال من أجل تطوير مشاريعهم، أو السفر إلى أماكن
خاصة لسهولة استكمال المشروع والبدء فى تصويره، وتوافر ذلك خلال مهرجان
الجونة السينمائى والقاهرة السينمائى الدولى والأقصر للسينما الأفريقية
ومسابقة ممدوح الليثى لكُتّاب السيناريو بمهرجان الإسكندرية السينمائى، وفى
طريقها لدخول مهرجان أسوان الدولى لسينما المرأة، ذلك بجانب دعم مؤسسة
ساويرس للتنمية الاجتماعية بعض مشاريع السيناريو بدعم مادى دون الوقوف على
تفاصيل استكمال المشروع، لكن لتشجيع الشباب على الإبداع واستمرارية تقديم
سيناريوهات تكون بمثابة نواة صالحة لتكون فيلماً سينمائياً.
المهرجانات السينمائية الأمل الوحيد لشباب السينمائيين
يقول الناقد أحمد شوقى، نائب المدير الفنى لمهرجان القاهرة
السينمائى الدولى، إن المهرجانات والمنصات تتعامل مع صناعة أى فيلم على أنه
مقسم لـ3 مراحل، أولها التطوير ثم التصوير ثم مرحلة ما بعد الإنتاج، (منها
المونتاج والتصوير والتلوين)، تلك المراحل تعطى منحاً للمشاريع ولكنها تكون
غير متساوية، ففى مرحلة الإنتاج يحتاج المشروع لدعم كبير، وهذه المشاريع
مقتصرة على المهرجانات التى تملك صناديق مادية كبيرة، ففى مهرجان القاهرة
لم يكن لدينا الإمكانية الكافية لأن نغطى مشاريع فى مرحلة الإنتاج لأنها
تحتاج إلى ميزانية كبيرة، لكننا نمنح فى مرحلتَى التطوير وما بعد الإنتاج
نظراً لقلة الميزانية، ووصلت جوائزنا العام الماضى إلى 120 ألف دولار.
"شوقى": "القاهرة" لا يعطى منحة للسيناريو فقط بل لمشروع
متكامل
وأضاف «شوقى»: نحن لا نعطى منحة لسيناريو فقط، ولكن المنحة
لمشروع ما زال فى مرحلة التطوير، ولا بد أن يكون الفيلم على رؤية واضحة
بوجود منتج ومخرج وميزانية معينة، فهم ما زالوا فى بداية الطريق ولكنهم
يحتاجون دفعة من أجل استكمال المشروع، وهذا الدعم لم يكن كبيراً، وأقصى
قيمة من الممكن أن تعطى 5 آلاف دولار، وهو مبلغ لدعم المشروع بأن يذهب
لورشة أو يستعين بخبير يعمل عليه أو يقدم بحثاً، ومن المفهوم أن أعمار تلك
المشاريع من أجل خروجها للنور طويلة قد تصل إلى 4 أو 5 سنوات، وأحياناً تقف
تلك المشاريع دون استكمالها وخروجها للنور، لكن فى النهاية رغم أن تلك
الماديات صغيرة نسيباً فإنها تساهم فى خروج المشروع للنور.
وتابع حديثه: على سبيل المثال منذ نحو 4 سنوات كنت ضمن لجنة
تحكيم اختيار أفلام صندوق الدعم بمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، وهو
صندوق فقير، وقيمة الدعم التى يعطيها تقدر بـ1000 دولار فقط، واخترنا وقتها
مشروعاً من دولة رواندا تحت اسم «عدالة الغابة»، وهذا المشروع فى عام 2018
كان يُعرض للمرة الأولى بمهرجان تورونتو السينمائى الدولى، وقابلت مخرج
الفيلم وتحدثت معه بشأن أن المبلغ كان صغيراً، إلا أنه أكد لى أن المبلغ
ساهم بشكل كبير فى خروج الفيلم للنور، وأن اختياره ضمن مهرجان الأقصر أعطى
ثقة كبيرة لبعض المنتجين وساعدهم على استكمال المشروع.
"رمسيس": منصات التطوير هدفها مساندة الشباب.. وجائزة
ساويرس تركز على "الورق"
وأكد أمير رمسيس، المدير الفنى لمهرجان الجونة السينمائى،
أن هناك معايير خاصة لدعم مشاريع السيناريو، فالمهرجان ولجنة التحكيم
يحرصون على أن يتلقوا ملف المشروع بأكمله وليس السيناريو فقط، فلا يوجد
مهرجان يعطى دعماً بناء على سيناريو فقط، فمنصات التطوير هدفها الأساسى
مساندة الشباب ومساعدتهم على استكمال مشاريعهم، مثلما حدث مع فيلم «يوم
الدين» الذى حصل على دعم من أكثر من منصة.
وأضاف لـ«الوطن»: نحن نحتاج لمنصات أكثر تدعم مشاريع
السيناريو حتى اكتمالها كمشاريع سينمائية، ولكننا نحتاج إلى خبرة أو دراسة
جادة بشأن اختيار تلك الأفلام من حيث جدية تنفيذ المشاريع، والأمر فى منصات
التطوير فى الجونة أو فى القاهرة والإسكندرية مربوط بعقود لها علاقة
بالتنفيذ، بأنك إذا لم تنفذ هذا المشروع فى فترة معينة تكون مطالباً
قانونياً بأن تعيد قيمة الدعم.
وتابع: هناك جوائز ممنوحة لسيناريوهات لا ترتبط بالتنفيذ
إطلاقاً، ولكنها تمُنح لسيناريو متميز وهى جائزة ساويرس، فهى مربوطة فقط
بأن تُمنح لسيناريو متميز وليس لمشروع فيلم، وليس لها الاعتبارات الأخرى
التى تدقق فيها المهرجانات.
يوضح الناقد عصام زكريا، رئيس مهرجان الإسماعيلية للأفلام
التسجيلية والقصيرة، أن المنح الخاصة بتطوير السيناريو تعطيها المهرجانات
لمشروع فنى متكامل، حيث يحصل كاتب السيناريو على منحة تطوير السيناريو،
وغالباً لا تكون بشكل مادى، فمن الممكن أن يسافر صاحبها إلى مكان يساعده فى
العمل، أو مقابلة خبراء يعملون معه من خارج مصر على تطوير السيناريو، أو
توفير إقامة فى مكان حتى يعمل على السيناريو، أما بخصوص المنح الأخرى
الخاصة بالمشاريع فتكون خاصة بمشاريع تحت التصوير أو جار تصويرها ومعظمها
لأعمال بدأ بها العمل فعلياً بوجود شركة إنتاج حتى وإن كانت صغيرة ومخرج
للعمل حتى تكون أعمالاً جادة، ويحصلون على المنحة كبداية للعمل فى مشروع.
وأضاف أن «الجائزة الوحيدة التى تُمنح للسيناريو بغض النظر
عن اكتمال المشروع أم لا هى جائزة ساويرس، وتذهب تلك الجائزة للمؤلف
كمكافأة له على تقديمه عملاً جيداً بغض النظر عن خروج العمل للنور أم لا،
وإننى أرى ذلك وأشجع المهرجانات على القيام بذلك لأنها تشجع صناعة السينما،
بأن ينظر المنتجون لأصحاب تلك المشاريع ويحاولوا دعمهم لأن هناك مشاريع
وأفكاراً تستحق الدعم».
"الشناوى": أغلب المشاريع الفائزة بجوائز غير تقليدية لكنها
تفتقر إلى "مسلمات السوق"
ويؤكد الناقد طارق الشناوى أن أعظم الأشياء التى يمكن أن
تقدم هى أن ندعم سيناريوهات المبتدئين كمشاريع، لأن هناك سيناريوهات كثيرة
لا يتم تنفيذها لأن منتجيها يخشون من تنفيذها، ولكن إذا توافرت مؤسسة داعمة
للسيناريو فمن الممكن أن يحمس ذلك شركات الإنتاج لأن تقدم الفيلم، وعن فكرة
توقف بعض المشاريع وعدم ظهورها إلى النور بعد الدعم، أوضح أن أغلب شركات
الإنتاج والمنتجين لا يفكرون فى الأمر بصورة جدية وليس لديهم طموح بأن
يغامروا بعمل فنى غير تقليدى.
وتابع: أغلب مشاريع السيناريو التى تفوز بجوائز فى
المهرجانات تكون غير تقليدية وأفكارها صالحة، لكنها تفتقر إلى مسلمات
السوق، وبالتالى تواجه السيناريوهات معوقات، لكن ليس معنى ذلك أن نوقفها،
فإنها فكرة غير صائبة، وإن كانت تواجه معوقات فمن الممكن أن تزول تدريجياً
ويتم خروج مشروع إلى النور من خلال تلك المهرجانات وقائم على أساس الدعم.
حسن أبوالعلا: الدعم لا يغطى التكلفة لكنه يساهم فى خروج
مشاريع جادة إلى النور
بينما قال حسن أبوالعلا، مدير مهرجان أسوان لسينما المرأة،
إن دعم السيناريوهات لا يغطى تكلفة أى فيلم، لكنه يساهم إلى حد كبير فى
خروج مشاريع جادة إلى النور، بخاصة الأفلام القصيرة لأنها تواجه مشكلات عدة
بشأن التمويل، فإذا وجد السيناريو دعماً يكون ذلك دفعة كبيرة حتى يستطيع
صاحب الفيلم أن يقدمه، ولدينا نماذج فى السينما المصرية تحديداً بتقديم
مخرجين كبار مشاريع بجزء من تمويل الأفلام من مهرجانات عربية مثل مهرجان
دبى، وكان ذلك يأتى مقابل أن تكون الأفلام التى تحصل على دعم «عرض أول» فى
دبى، فهذا شىء مشروع تحكمه الإمكانيات.
وأضاف لـ«الوطن»: نتمى أن نقدم ذلك من خلال مهرجان أسوان،
وكان هناك تفاهم مع بعض الجهات الداعمة حتى نقدم ذلك، لكنها لم ترتق حتى
الآن إلى مرحلة التنفيذ، وهناك أفلام بدأت بهذه الطريقة، منها فيلم «على
معزة وإبراهيم» للمخرج شريف البندارى، حيث فاز السيناريو بدعم صندوق دعم
الإنتاج السينمائى فى العالم، بعدما تم اختياره من قبَل لجنة الصندوق فى
ديسمبر 2015، ضمن 13 مشروعاً سينمائياً من 10 دول.
وأوضح الإعلامى عمرو الليثى أن مسابقة ممدوح الليثى ضمن
مهرجان الإسكندرية والتى تختص بالموهوبين فى مجال كتابة السيناريو، تهدف
لتشجيع كتّاب السيناريو الجدد من الشباب فى مصر، كما تهدف لتوثيق العلاقة
بين المبدعين الشباب وبين الوسط السينمائى فى مصر، وتحاول أسرة الكاتب
الكبير ممدوح الليثى توفير جوائز مالية تساعد فى دعم تلك المشاريع، وذلك
بعد أن تُقرأ من لجنة تحكيم لاختيار الأفضل بينها. |